الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015




هل يصلح تحالف الحضارات ما أفسدته مؤامرة هانتنجتون والمحافظين الجدد؟





صورة أرشيفيةReuters Yannis Behrakisصورة أرشيفية
بعد تفكك الاتحاد السوفيتي بعدة سنوات، اكتسبت مقولات المفكر الأمريكي صامويل هانتنجتون حول "صدام الحضارات" زخما مضاعفا لتتحول إلى مولد للطاقة لدى المحافظين الجدد.
لم يعلن أي سياسي في العالم عن موافقته على أفكار هانتجتون حول "صدام الحضارات" التي قسمها المفكر الأمريكي إلى سبع حضارات سوف تتصادم في ما بينها. وعلى الرغم من أن هذه الأفكار ظلت في إطار الأبحاث والقراءات المختلفة لكتاب هانتنجتون، وبين جدران المراكز البحثية، وربما في أروقة بنايات استخبارات الدول المختلفة، إلا أن ما طرحه المفكر الأمريكي تحقق على يد المحافظين الجدد في الولايات المتحدة بنسب كبيرة، يعاني منها العالم اليوم.
وفي المقابل سعى العديد من الدول ، والمؤسسات والهيئات الدولية، إلى طرح أشكال متعددة لمواجهة ليس فقط أفكار المفكر الأمريكي، بل وأيضا لمواجهة نتائج طروحاته وما أسفرت عنه مغامرات المحافظين الجدد في العديد من دول العالم، وتأجيج الكراهية بين الطوائف والقوميات، واستخدام التناقضات الدينية والإثنية لا للبحث عن تسويات، وإنما لصب الزيت على النار.
ظهرت منظمات تحت اسم "حوار الثقافات"، واخرى باسم "حوار الحضارات". وأقيمت معاهد وجامعات ومراكز أبحاث تحت مسميات كثيرة في العديد من دول العالم، بما فيها روسيا، وعقدت المؤتمرات الإقليمية والدولية شهريا وسنويا لمواجهة التطرف وكراهية الآخر. غير أن التحولات الاجتماعية والاقتصادية في العديد من الدول، وعمليات الاستقطاب السياسي والعقائدي، وإجبار العالم على مسار واحد ووحيد أشار إليه المفكر الأمريكي فرانسيس فوكوياما بـ "الليبرالية الجديدة"، وما لبث أن تراجع عنه بعد عدة سنوات، كل ذلك دفع العالم إلى موجات عنف وصدامات جديدة، يظهر منها الطائفي والعرقي، ويختفي الاجتماعي والاقتصادي والجيوسياسي.
في هذا السياق، استقبلت موسكو، الممثل الأعلى للأمين العام للأمم المتحدة لـ "تحالف الحضارات" ناصر عبد العزيز النصر الذي أكد، خلال لقائه مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن روسيا تلعب دورا مهما على الساحة الدولية في مجال التصدي للتطرف، معتبرا أن زيارته إلى روسيا مهمة للغاية بالنسبة لتطوير العلاقات بينها وبين "تحالف الحضارات".
وزير الخارجية سيرغي لافروف أعرب عن ثقته بأن زيارة الممثل الأعلى للأمين العام للأمم المتحدة ستسهم في تعزيز التعاون بين روسيا و"تحالف الحضارات"، لافتا إلى أن روسيا كانت في بدايات هذه الحركة ولا تزال تساهم في الوقت الحاضر، في تحقيق الأهداف القائمة أمام التحالف. وشدد على أهمية نشاطات التحالف في الوقت الراهن، حيث يحاول البعض إثارة الكراهية بين الأديان في أجزاء مختلفة من العالم، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك في محاولة لاستخدام العامل الديني والحضاري لتحقيق مصالح سياسية.
لقد التقى وفد "تحالف الحضارات" بعلماء وباحثي معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية. وفي الوقت الذي وقع فيه الجانبان مذكرة تفاهم حول التعاون، استعرض الممثل الأعلى للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون "تحالف الحضارات" أهداف التحالف، وإمكانياته، وأسباب الزيارة إلى روسيا. وأشار إلى أن هناك أربعة مجالات يعمل التحالف في إطارها، وهي التعليم والإعلام والهجرة والشباب. وتحت هذه العناوين العامة تندرج مهمات أخرى تفصيلية، مثل مكافحة الإرهاب والتطرف والتمييز، ونشر قيم التسامح، ومواجهة الهجرة غير الشرعية، وتطوير الثقافات، والعمل مع الأجيال الشابة وفق مفاهيم إنسانية عامة وشاملة.
الجانب الروسي، أعرب عن تفاؤله وترحيبه على مستوى وزارة الخارجية، بل وعين ممثلا عن وزير الخارجية للتواصل بين العلماء والجهات البحثية الروسية، وبين "تحالف الحضارات" التابع للأمم المتحدة. غير أن معهد الاستشراق، الذي يعد أحد أهم المراكز البحثية الروسية، طرح العديد من الأفكار والمشروعات العملية، مثل منظومة لتطوير الأمم المتحدة ونشاطاتها في مجال العمل في أوساط الشباب والأجيال المقبلة، والبدء في التعاون مع الجامعة الروسية المفتوحة لـ "حوار الحضارات"، بل وأن تعمل هذه الجامعة تحت إشراف ورعاية هذا التحالف الأممي الذي يضم أكثر من 100 دولة، ولا يعتبر مؤسسة حكومية، بل مؤسسة للعمل باستخدام القوى الناعمة من خلال الأمم المتحدة.
أشرف الصباغ

السبت، 10 أكتوبر 2015

الفن العربي عسكر الوطنية وانسحب إلى مقاعد الجماهير
  • يسجّل الفن العربي تراجعا على مستوى الفعل السياسي وتحمّل الدور الوطني والقومي، ما فتح المجال أمام القوى الخارجية الباحثة عن موطئ قدم في العمق العربي، وخصوصا تركيا وإيران، اللتين نجحتا في أن تصنعا من الفنون القوّة الناعمة التي فتحتا بها أبواب المشرق لتنفذا منها وتحقّقا خططهما السياسية.
العرب سارة محمد [نُشر في 10/10/2015، العدد: 10062، ص(6)]
الزمن تجمد لدى المصريين عند 6 أكتوبر
القاهرة - مرت هذا الأسبوع الذكرى الـ42 لحرب العبور (6 أكتوبر 1973)؛ وككلّ سنة، قامت الفضائيات العربية بواجبها “الوطني”، فأخرجت من أدراج أرشيفها مجموعة الأغاني الوطنية التي تعرض في كل مناسبة مماثلة، وبضعة أفلام تحدّثت عن حرب أكتوبر، وهي أعمال اكتشف الجمهور، بعد أن فقدت بريقها الذي رافقها إبان صدورها حيث الشعوب العربية منتشية بفرحة الانتصار بعد هزيمة 67، أنها خدعة و”صدى حرب لا صوت الحرب”.
“الوفاء العظيم”، “الرصاصة لا تزال في جيبي”، “حتى آخر العمر”، “قم يا مصري”، “يا حبيبتي يا مصر”، “فدائي”، نشيد “الله أكبر”… وغيرها كثير من الأعمال الفنية التي تجمّد عندها زمن الإبداع الفني والعسكري المصري، بل والعربي عموما، والذي يتجاوز الجانب السياسي ليطال أيضا الجانب الديني، فهو بدوره ليس أفضل حالا؛ ففي الوقت الذي تغزو فيه أفلام داعش الهوليودية الشبكة العنكبوتية، توقّف التاريخ الإسلامي عند الفنانين العرب عند أفلام “الرسالة” و“رابعة العدوية” و“واسلاماه”؛ ليلحق بها مسلسل “الفاروق” الذي أنتج منذ حوالي ست سنوات، وأصبح بدوره جزءا من منظومة الأعمال التي تجترها كل الفضائيات العربية، دون استثناء، في كل مناسبة دينية.
إن دلّ هذا التكرار الجامد على شيء فهو يدلّ فعلا على الميل العربي لتمجيد الماضي، والثقافة العربية من أكثر الثقافات وقوفا على الأطلال واحتفاء بالأمجاد الغابرة والأيام الخوالي. وإذا كانت الفنون هي المرآة التي تعكس تطور الشعوب والتغيرات التي تطرأ عليها والفكر الذي تعبر عنه، فإن الفن العربي يجسد بحق حقيقة الأوضاع العربية.
مظاهر كثيرة جعلت الفنون العربية تنضم إلى جدول الهزائم الأخرى التي يعيشها العالم العربي وسط معركة الحداثة وفي زمن خرج عن المألوف حتى في طرق صناعة الفن وتذوقه؛ وبينما حوّلته تركيا وإيران، إلى سلاح قومي، فإنه، على المستوى العربي، استقال من دوره الوطني منذ زمن.
من 6 أكتوبر 1973 إلى 6 أكتوبر 2015، تغيّرت أحوال كثيرة في مصر والعالم العربي، وانقلبت الأوضاع وكثرت الهزائم، لكن يبدو أن الزمن تجمّد لدى المصريين عند تلك الانتصارات التي اعتبرها العرب من المحيط إلى الخليج أحد أغرّ أيامهم في التاريخ الحديث، لكن لم تنصفها حتى الأعمال التي أنتجت في ذلك الوقت.
"الوفاء العظيم".. من الأعمال الفنية التي تجمّد عندها زمن الإبداع الفني والعسكري المصري
ولولا أهمية الفن، وخصوصا الفن السابع، الذي أسر العقول وأبهر العالم واستطاع تمرير الكثير من المفاهيم والقيم لما سيطر رأس المال اليهودي على صناعة السينما والإعلام في العالم. وما تغييب حرب أكتوبر المقصود عن الأعمال الإسرائيلية إلا أكبر دليل على أهمية السينما والفنون في كشف الحقائق، فالإسرائيليون الذين أنتجوا العشرات من الأفلام عن حرب 67 واخترعوا عديد القصص السينمائية عن بطولاتهم الوهمية، لا يكاد يذكر لهم عمل واحد عن حرب أكتوبر التي ثأرت في ستّ ساعات لهزيمة حرب الأيام الستة.
إثر حرب 1967 التي مني فيها العرب بهزيمة مذلّة ظهرت مجموعة من الأفلام الإسرائيلية التي صوّرت بطولات وهمية أسطورية عن “جيش إسرائيل الذي لا يقهر”، أما الغنانون العرب، فماذا قدّموا لأبطالهم غير قصص الحب الخيالية التي تم تركيبها على انتصارات الحرب؟
ماذا كان الردّ العربي، فنا وإعلاما، على صيف لبنان 2006 وشتاء غزة 2009، وما هو الردّ اليوم على العراق الذي دُمّر وسوريا التي “شيّعت” واليمن الذي أحيا العزيمة العسكرية العربية مرة أخرى عبر عاصفة الحزم، لكن لوم تواكبه عزيمة فنية.
ما ردّ الفن والإعلام العربي على انتشار الفكر المتشدّد وثقافة والتكفير، وما الردّ العربي المماثل على الأفلام الإيرانية والأعمال التركية التي تتناول التاريخ الإسلامي المشترك من زاويتها؛ غير الصراخ والكلام الخالي من التأثير، في منابر إعلامية لكلّ منها أجندتها.
الجيش الإيراني كسر القاعدة، مؤخّرا، ولجأ إلى ما يصفه رجال الدين المتنفّذون في إيران، إلى “الفنون الشريرة” ليروّجوا للاتفاق النووي مع الولايات المتحدة، حين قرّر الاستعانة بمغني راب مثير للجدل ليقدم أغنية حمّلت عنوان “الطاقة النووية”.
قد لا يضر العرب ما فعله الجيش الإيراني إذا كان الجمهور المستهدف هو الشباب الإيراني، لكن يضرّهم كثيرا ويتحول الأمر إلى مساس بالأمن القومي، حين تجنّد إيران وتركيا ميزانيات ضخمة وأسطولا إعلاميا يفوق الخيال لتقديم مادة خاصة موجّهة أساسا للمشاهد العربي. ويضرّهم أكثر أن يصدر فنان إيراني، في مثل هذا الوقت والأحداث التي تموج بها المنطقة، أغنية، تعكس بشكل كبير بواطن السياسية الإيرانية، حين يكون عنوانها “اقتل عربيا”، وتحقق نسب مشاهدة عالية وتأييدا شعبيا داخليا كبيرا.
وظفت السياسة الإيرانية كثيرا الفن، في اتجاهين، اتجاه طائفي موجّه للشيعة الإيرانيين والعرب، واتجاه موجّه للعرب السنّة، الذين أعجبوا بمسلسل يوسف الصدّيق لدرجة أنهم تناسوا القصة الأصلية كما ذكرها القرآن وأصبحوا يتّخذون المسلسل الإيراني مرجعا.
لميس جابر: حقبة الستينات لم تكن حافلة بالريادة، كما يتصور البعض
وفي خطوة استفزازية جديدة، وبعد أيام قليلة من صدور أغنية “اقتل عربيا” الطائفية، جاء الحديث عن الفيلم الإيراني الجديد “محمّد رسول الله” الذي يجسد لأول مرة شخصية الرسول الأكرم، للمخرج مجيد مجيدي؛ في خطوة أكّد خبراء أنها لا تنفصل عن الصراع بين السعودية وإيران.
والمتابع لسير الدراما التركية، على الساحة العربية، يلحظ تمشّيا خطيرا ومتسلسلا بدأ بالتأثير الاجتماعي ليصل في الأخير إلى الهدف السياسي الأساسي؛ فـ“مهنّد” التركي حين عزا الشاشة العربية أشعل نيران فتنة اجتماعية خطيرة، ووصلت إلى حد تسجيل نسب طلاق عالية، استنفرت في العالم العربي محاكم الأسرة ومراكز اجتماعية ونفسية.
وبعد النجاح الساحق الذي حققه أول مسلسل تركي، يعرض بدبلجة عربية، توالت العشرات من الأعمال الفنية التركية، ثم جاء دور الفضائية الناطقة بالعربية، (وقد سارت أيضا إيران على نفس الدرب)، لتعبّد الطريق أمام رجب طيب أردوغان ليحوّل دفة تركيا نحو الماضي الإسلامي بعد أن انقطعت بها السبل نحو اكتساب الهوية الأوروبية. وكانت مجلة فورين بوليسي الأميركية ذكرت أن الدراما التركية أثبتت أن كسب قلوب من يعيش في العالم الإسلامي ليست مهمة مستحيلة.
تراجع الفن المصري
تقول إحدى وثائق “ويكيليكس” إن تأثير المسلسلات الأميركية، التي تعرضها الفضائيات العربية، كان أنجع في ترسيخ الثقافة الغربية من مئات ملايين الدولارات التي أنفقت على دعايات وحملات لهذا الغرض.
ما جاء في الوثيقة يعكس بشكل كبير الدور الخطير الذي بات يلعبه الفن والإعلام اليوم في حرب الهيمنة والسيادة؛ بل إن بعض المختصين صنّفوا هذا السلاح ضمن أسلحة الدمار الشامل، الذي يشكل اتجاها قويا لخدمة بعض الحروب السياسية والعسكرية وخطورته تأتي من كونه قوّة ناعمة، تتسلّل بصمت لتنفّد الأجندات الاستراتيجية القومية.
والعالم العربي ليس بمعزل عن هذه التجربة، حيث لعب الفن على وتر السياسة، وأبرز مثال يطرح عند الحديث عن شراكة الفن والسياسة جمال عبدالناصر الذي استعان بالفن للمساهمة في نشر الانتمائية القومية عندما طلب من أم كلثوم وعبدالحليم وكبار فناني الخمسينات والستينات أن ويحفزوا الشعب من خلال تقديم الأغاني الحماسية وتمجيد ثورة يوليو ثم حرب أكتوبر.
ولم يختلف الأمر كثيرا، في الأقطار العربية الأخرى، خصوصا في لبنان وسوريا، حيث لم ينفصل الفن عن السياسة وكانت أغاني الرحابنة وأعمال محمد الماغوط وغيرهما كثر، تواكب وتنقد وتؤثّر وتقلب الموازين.
تأثير المسلسلات الأميركية، التي تعرضها الفضائيات العربية، كان أنجع في ترسيخ الثقافة الغربية من مئات ملايين الدولارات أنفقت على دعايات لهذا الغرض
لكن، عندما غابت الانتصارات العسكرية غاب الإبداع الفني وانتكس على مستوى الجوهر والقيمة، لدرجة أنه عجز، عن مواكبة التطورات السياسية الراهنة. ليتأكّد ما يذهب إليه الخبراء والناقدون الفنيون العرب حين قالوا إن أزمة الفن العربي ليس قضاء وقدرا بل محنة من صنع أيدينا، وحيث لا فن حقيقي فلا حياة، فهل هناك أمل بعودة الفن والحياة للعالم العربي؟
بعض المختصين، أجابوا “العرب” عن هذا السؤال قائلين إن هناك رغبة في النهوض بالفن، لكن المشكلة أن الأدوات غير ناضجة، وأن مرحلة التجريف التي عصفت بمصر على مدار الأربعين عاما الماضية، لا تزال آثارها باقية حتى الآن، ناهيك عن أن العاملين بالحقل الفني، لا تتوافر عندهم الرغبة الصادقة في القيام بدور يخدم الفن المصري، لأن مصالحهم الشخصية تبدو طاغية.
في هذا السياق، قال الناقد أحمد يوسف لـ“العرب” إن أوضاع الفن حاليا تعكس الفقر في أمور عديدة، مثل عدم وجود البنية التحتة التي تمثل دورا مهما في الصناعة والرغبة السياسية في استنهاض الهمم الفنية. وهناك جزء خاص بالإبداع، فمع الأسف معظم العاملين في الحقل الفني يعيشون في دائرة مغلقة، معتقدين أنهم يقدمون أفضل ما لديهم، فهم لا يتطلعون إلى ما يحدث في العالم من طفرات كبيرة.
وأكد يوسف أن مصر بحاجة لأدوات علمية لدراسة الأزمة الفنية، فهل يعقل أن نظل نطلق لفظ “أزمة” على صناعة السينما، وهناك الكثير من الدول التي كانت تعيش أوضاعنا منذ فترة قريبة، لكن استعادت قوتها، مثل البرازيل، التي كانت تنتج في العام ثلاثة أو أربعة أفلام، وصلت حاليا إلى مئة فيلم في العام الواحد؟
بدروه، يؤكّد الفنان التشكيلي العراقي عقيل خريف إلى أن الفنان يلعب دورا مهما في كل المجتمعات التي تمر بصراعات وحروب؛ ويضيف قائلا لـ”العرب” إن “الوضع في العراق أشبه بالمياه الآسنة وعلى الجميع أن يضع حجرا قرب حجر لكي نعبر على الضفة الثانية، فالطبيب يضع حجرا والعامل يضع حجرا والمعلم يضع حجرا والفنان له الحجر الأكبر، فالأمم المتقدمة تقاس بمبدعيها”.
مصر بحاجة لأدوات علمية لدراسة الأزمة الفنية، فهل يعقل أن نظل نطلق لفظ "أزمة" على صناعة السينما
دور الحكومة
الكاتبة لميس جابر، التي تقف موقفا سلبيا من فترة حكم الرئيس عبدالناصر، قالت لـ”العرب” إن حقبة الستينات لم تكن حافلة بالريادة، كما يتصور البعض، وأن صدى التنوير الثقافي الذي عاشته مصر في مرحلة الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، ظهرت نتائجه بعدها بعشر سنوات، ولم تكن (في تقديرها) هناك حرية رأي خلال هذه المرحلة، حتى أن أفلاما بعينها (فيلم شيء من الخوف) منعت حتى يراها الرئيس جمال عبدالناصر. وقالت جابر إنها تتوقع حدوث طفرة في المجال الإعلامي المصري خلال الفترة المقبلة، كإنشاء محطة فضائية إخبارية قوية، الأمر الذي يعتبر أكثر أهمية من الدراما.
بدوره، أكد بشير الديك، الكاتب والسيناريست لـ”العرب” أن الفن المصري مخلص على الدوام لقضايا وطنه بنسبة كبيرة، لاسيما في أوقات المحن والأزمات، لكن الحكومة عندما تخلت عن دورها في الإنتاج، أصبح الأمر في قبضة القطاع الخاص، الذي يهدف بالأساس إلى الربح.
وأوضح الديك أن الانهيار الكبير بدأ عام 1974 عندما بدأ الرئيس الراحل أنور السادات تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي، التي أطاحت بكثير من القيم الأدبية والفنية.
ولا يخالف رأي المخرج محمد فاضل ما سبق، حيث قال إن “الخطابات السياسية ليست الحل”، مشيرا إلى أن الدولة المصرية ليس لديها مستشار ثقافي على سبيل المثال، رغم أن صناعة السينما والدراما مربحة كثيراً ولها أهمية كبرى، ودورها في حكم الأدوار الإستراتيجية، التي لا غنى عنها لأي بلد طامح للصعود. وتساءل المخرج الكبير عن عدم استثمار مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي الذي أقيم في مارس الماضي في الدفع بعجلة الإنتاج فنيا.
وأشار إلى أنه توقع حدوث انتفاضة شاملة على مستوى الثقافة والفن والإعلام خلال الفترة الماضية، لكن شيئا من ذلك لم يحدث، منوها إلى أن ريادة مصر في الستينات، صاحبتها خطوات عملية، مثل إنشاء المعاهد الفنية، وقصور الثقافة، وإصدار الدولة لكتب عن روائع المسرح العالمي، مع تأسيس الكثير من الفرق المسرحية، بين العالمي والكوميدي والتراجيدي، وإرسال البعثات للدول الأوروبية، وهذه أولى خطوات النهضة الفنية، فالكلام وحده لن يجدي ما لم يكن مصحوبا بتصرفات فنية حقيقية على الأرض. لذلك إذا “كنا مدافعين فاشلين عن القضية، فالأجدر بنا أن نغيّر المدافعين، لا أن نغيّر القضية”، مثلما قال غسان كنفاني.

الخميس، 1 أكتوبر 2015

'رجولة' ليست بالمعايير السائدة
كان هائما على وجه الأرض بحثا عن زوجته التي غادرت المنزل قبل نحو عامين بعد أن أصيبت بمرض عقلي، وهو يلحق أثرها عند أضرحة الأولياء.
العرب سعيد ناشيد [نُشر في 10/09/2015، العدد: 10034، ص(24)]
“الذكورات المنبوذة”، مفهوم جديد أو هكذا يُفترض، عملت الأستاذة رجاء بن سلامة على نحته واقتراحه كأرضية للنقاش في إحدى المناسبات الثقافية. لعله كشف مثير ومميّز. لكن المفاهيم تحتاج لبعض الوقت قبل أن تحمل أوجها معلومة. فما هي الأوجه التي قد يحتملها هذا المفهوم؟
لعل زوايا النظر المتاحة متباعدة، ونماذج الأجوبة الممكنة متعددة، وواضح في الأخير أننا أمام مفهوم يندرج ضمن مجال اللاّمفكر فيه. فحين نتكلم عن المرأة فإننا نتكلم عن موضوع مفكر فيه أدبيا أوّلا، ثم سياسيا في التالي، والباقي معارك حقوقية وقانونية وثقافية وتربوية.
حين نتكلم عن المثلية الجنسية فإننا نتكلم عن موضوع مفكر فيه أيضا، أدبيا في الأول، ثم سياسيا في التالي. لكن التفكير في الهوامش المنسية، الهوامش اللامفكر فيها، فإن هذا هو المعنى الأصيل لفعل التفكير.
كيف نقارب هذا المفهوم الجديد؟ كنت أفكر في بعض النماذج التي قد تضيء الموضوع، فإذا بي أصادف حالة معبرة.
في طريق وعر وسط الجبال والأدغال، كان الصباح باكرا، وكنت أخوض مغامرة التسكع بمفردي وسط صقيع برد قارس يلسع جلدي. وما إن بلغت منحدر إحدى الشعاب حتى كنت قد لحقتُ برجل هرم يجرّ خطواته المثقلة مستعينا بعصا غليظة.
وبعد تبادل السلام سألني عن ضريح ولي في إحدى القرى المجاورة. ومن خلال الكلام فهمت بأنه غريب عن المنطقة. ثم سألته عن مقصوده، فكانت الإجابة حكاية تستحق أن تروى: كان هائما على وجه الأرض بحثا عن زوجته التي غادرت المنزل قبل نحو عامين بعد أن أصيبت بمرض عقلي، وهو يلحق أثرها عند أضرحة الأولياء، لا يبلغ مزارا إلا ويخبروه بأن امرأة بالمواصفات المذكورة كانت هناك قبل أسابيع أو أيام.
أشفقت لحاله، فقلت له: عامان من الترحال وأنت فقير الحال، هذا يكفي الآن لكي تعود إلى بيتك. أجابني قائلا: في كل مرة أوشك فيها على العود إلى البيت أفكر فيها تمشي حافية القدمين، أفكر فيها تقتات الفضلات، أفكر فيها بلا سقف يأويها خلال أيام البرد القارس، فيتقطع قلبي ألما وأواصل الطريق، لا لن أعود دونها حتى ولو أفنيت عمري بحثا عنها.
قلت له: وإذا عثرت عليها في أحد الأضرحة ثم رفضت العودة معك إما بسبب مزاجها وإما بسبب مرضها فماذا ستفعل؟
أجابني: سأمكث معها حيث تمكث؛ لا أستطيع أن أتركها، فوالله لو كان عقلها سليما لتركتها لاختيارها، أما وأنها في هذه الحالة فلن أستطيع أن أتركها. ثم ودّعني وانصرف. ناديته: لحظة سيدي ألا تحتاج لمساعدة؟ أجابني: دعواتك تكفي. تلعثمت دون أن أعرف ما أقول له. ولعلي أردت أن أقول له: هذه هي “الرجولة” يا سيدي، لكنها ليست بالمعايير السائدة.

الاثنين، 14 سبتمبر 2015

على من تتباهى؟
ليف تولستوي. press photo
بين أن يَحسب الإنسان أنه يخدم أخاه الإنسان ويسير إلى الله عبر خدمة الناس، أي البشرية عموما- فكل إنسان يمثل البشرية جمعاء مهما بدا سلوك البعض منفرا، وكل سلوك تجاه أي فرد سلوك تجاه البشرية كلية، وإلا فإننا نكون أمام مفاضلة بين فعل وفعل، وفقا للمصلحة، ومن فعل شيئا لمصلحة شخصية فلا خير فيه-  وأن يفعل المرء شيئا إرضاء لنفسه وتباهيا بقدراته أو منازلة لذاته، في خفاء متوهم عن مسامع الآخرين وأبصارهم، ففي ذلك استغفال للآخرين وخداع للنفس. في أن تخدم الإنسان طريق يوصلك إلى الله، وفي أن تدّعي ذلك بينما أنت تخدم نفسك، مستغلا حاجات الناس، خدمة لقيم التكبر والاستعلاء والتظاهر بل للشيطان كما تصوره الأديان. هذه فحوى قصة "الأب سيرغي" للكاتب الروسي ليف تولستوي، كما أرها.
قصة "الأب سيرغي"، قصة شاب ذكي جميل مجتهد طموح، ولكن قصووي، أي متطرف في كل شيء، على مبدأ "لنا الصدر دون العالمين أو القبر"، تعيبه قراراته الانفعالية، أو التي تبدو للآخرين انفعالية والتي تغيّر مجرى حياته بحدة مفاجئة للجميع.
الأب سيرغي هو نفسه الفتى ستيبان كاساتسكي الذي أتيحت له فرصة عن أبيه للدراسة فيمدرسة "الكاديت" العسكرية القيصرية، والعيش في وسط مقرب من القيصر نيقولاي الأول الذي عرف كاساتسكي لتميزه، فيما أحب طالب الكاديت ثم الضابط الشاب كاساتسكي القيصر أيما حب.
kinopisk.ru
تخرج كاساتسكي ضابطا في عمر الثامنة عشرة وخدم في فوج الحرس الارستقراطي، وعمل كل ما من شأنه أن يعجب القيصر، وبعد حصوله على وسام قيصري يؤهله التواجد في أوساط البلاط، رأى أن ما ينقصه لبلوغ درجة أعلى في سلّم طموحاته هو الزواج من فتاة من الطبقة الأرستقراطية، تنقله دفعة واحدة إلى الصف الأول، وكان أن تودد لفتاة حسناء من هذه الطبقة وطلب يدها فقبلت به، فراح يخطط لما هو أعلى. وإذا به قبل شهر من الزواج، ينفصل عنها ويستقيل من الحرس الارستقراطي القيصري ويلتحق بدير للرهبان، تاركا أمه في حيرة وأخته التي تفهمت قراره، دون أن يعلله لها أو لسواها من البشر.
فهل يكفي لتفسير خطوة كاساتسكي المصيرية مصارحة خطيبته الفاتنة، الكونتيسة كوروتكوفا، له بأنها كانت عشيقة حبيبه، أي القيصر نيقولاي الأول؟
المسألة ليست هنا إنما في معاناة الراهب كاساتسكي في حياته الكنسية صراعا مريرا مع جذره البشري، وربما صح القول كيميائه البشرية، وانتصار طبيعته البشرية على ادعاءاته في نهاية المطاف، ثم لجوئه، بعد هربه من الكنيسة إلى أبسط الناس، إلى براسكوفيا ميخائيلوفنا المرأة البسيطة التي كان وصحبه يسخرون من سذاجتها بل ضعف مقدراتها الذهنية في طفولتهم المشتركة. لجأ كاساتسكي إلي براسكوفيا لتعلّمه الحياة. ذلك أنه رأى في شقائها نحو اللقمة وإعالتها لأسرتها ومن استطاعت خارجها، طريقا إلى الله أضمن من طريق الصلوات والصراع مع الطبيعة البشرية الذي تدعو إليه الأديان.
عاش كاساتسكي، الذي اكتسب اسم الأب سيرغي صراعا ممضا في خدمة الرهبنة والكنيسة، وقد لا يكون أصعب فصول صراعه مقاومته إغواء المرأة المطلقة الجميلة ماكوفكينا، وبتره لإصبعه بالبلطة عقابا لنفسه على رغبته فيها أو قطعا لطريق ضعفه نحوها، ولا حتى استسلامه لشهوته مع ماريا ابنة التاجر التي خاطبت فيه جذره الذكوري فاستسلم لها، وبنتيجة ذلك هجر الكنيسة إلى غير رجعة. 
معاناة الأب سيرغي، والأصح كاساتسكي، كانت في عدم تمكنه من التغلب على حب الظهور، وبمعنى ما التفرد بما ينطوي عليه من استعلاء وتكبر مغلّف بتواضع مصطنع. كان الأب سيرغي يكتشف ذلك يوميا ويقاومه دون جدوى بالصلوات، أو لتقل بصلوات تفيد لأمد قصير، مؤدية وظيفة التخدير.
فإذا بكاساتسكي الكائن البشري العامر بالطاقة والرغبة في التميز والنجاح ينتصر، مع كل ما فيه من تناقضات، على الأب سيرغي الوحيد اللون والعابق برائحة القدسية الرسمية.
انتصر الإنسان كاساتسكي على الأب سيرغي، بصورة حاسمة بعد أن التقى براسكوفيا ميخائيلوفنا، التي كانت في أيام الطفولة تدعى تحببا باشينكا وكان يدعى ستيوبا، فرأى أن العبادة في أن تكون إنسانا مع كل ما في هذا الكائن من ضعف، وأن تفعل ما تستطيعه كإنسان، لا أكثر ولا أقل، خدمة للحياة بما هي قيمة عظمى، لحياة الآخرين وحياتك، وليس لمجدك الشخصي. وبالنتيجة، توسل كاساتسكي تعاليم الحياة عند المرأة التي كانت يوما تلك " الفتاة النحيلة ذات العينين الكبيرتين الطيبتين والوجه الخجول المثير للشفقة. باشينكا التي كانوا يأتون بها إلى شلة الصبيان ليلعبوا معها. وكان يجب اللعب معها، لكن اللعب معها ممل. وينتهي الأمر بأن يضحكوا عليها، يجبرونها أن تريهم كيف تجيد السباحة، فتستلقي على الأرض الجافة وتسبح. فيقهقهون ويجعلون منها بلهاء". جاء كاساتسكي إليها، راجيا:" ظننت أنني أعرف كل شيء، أنا الذي علّمت الآخرين كيف يعيشون، لا أعرف شيئا، فأرجوك علّميني".
كن ذاتك، بسيطا على فطرتك، كريما بما تملك، عفويا كالماء ينهمر دون تمييز، فيرتوي منه العطشان وينتعش، ويتقيه من به علّه، إن لم تكن العلة في الماء نفسه حين يكثر فوق الحد، فالطوفان ماء والسيل ماء أيضا.
تَبيّن الحدود ولكن لا تغالي فيها، الحدود التي ترسمها طبيعتك، بما أنت إنسان من جسد وروح، بما أنت تخم بين شيئين، وبين وجودين، إلهي وشيطاني، تكون بهما معا أو لا يكون لك وجود بشري، فلا تدعِ الملائكية، تصبح مضحكا أو معتوها بعين من يرونك بمنظار الواقع ويشككون بتماسكك وتوازنك.
فإذا بك محط اختبار قد تسقط فيه كما سقط الأب سيرغي، وعاد إلى كاساتسكي الذي هجره سنوات.
كن إنسانا، لا أكثر ولا أقل، فلا تحقّر نفسك ولا تُعلي من شأن تجاربك على نفسك، نحو إلغاء بشريتك. إنسانيتك، في بشريتك لا خارجها. أنت من جنس محدد، فكن أفضل ما تستطيع في حدود هذا الجنس، ولا تُضع وقتك بأوهام تجاوزه، لأن التجاوز يكون ضمنه لا خارجه، وكل تجاوز خارجه موت جسدي أو معنوي. فلا تفصل نفسك بمنشار وتقتل بعضا منك لا يكون البعض الآخر من دونه، ولا تمسخ نصفك من أجل أن يظهر نصفك الآخر أكبر من حقيقته، لأن ما تمسخه سيعود للتعبير عن نفسه، ولكن في وقت لا يناسبك وبطريقة صاخبة فاضحة ومشوهة. وما زلت، في حديثي، مع قراءتي لقصة "الأب سيرغي" لليف تولستوي.  

الثلاثاء، 1 سبتمبر 2015


البلاستيك .. خطر دائم على الكائنات البحرية

يتسبب البلاستيك المستخدم في صناعة البضائع في تلوث البيئة البحرية، إذ أن الكثير من النفايات البلاستيكية ينتهي بها الحال في وسط البحار والمحيطات، ما يؤثر على الحيتان والطيور والسلاحف ويضر بالأسماك التي تتغذى عليها.
Plastikmüll am Strand


بين تقرير علمي نشره فريق من معهد الأبحاث الصناعية والعلمية الأسترالي أن عدداً كبيراً من الحيوانات يعاني من تأثير النفايات البلاستيكية على نظامه الغذائي، والتي تضر بصحته وتؤدي إلى نفوقه. ووفقاً للتقرير الذي نشرته مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم، فإن 99 في المائة من الطيور البحرية معرضة لابتلاع جزيئات البلاستيك جنباً إلى جنب مع الغذاء حتى عام 2050. واعتمد الباحثون في تقييمهم على دراسات كانت قد نُشرت مابين 1962 و2012 وشملت 186 نوعاً من الطيور، حسب ما جاء في موقع "تسايت أونلاين" الألماني.
وذكر التقرير أيضاً أن ثلثي الطيور البحرية ابتلعت جزيئات البلاستيك جنباً إلى جنب مع الغذاء، وقال كريس ويلكوكس من فريق الباحثين: "هذه النسبة العالية تشير إلى مدى تلوث المحيطات بالبلاستيك". وجاء في موقع "تسايت أونلاين" أيضاً أن نسبة الطيور المتضررة من نفايات البلاستيك لم تتعدى في ستينيات القرن المنصرم خمسة في المائة. أما خلال الخمسين سنة الأخيرة، فقد وصلت هذه النسبة إلى 80 في المائة. ويُرجع العلماء تراجع أعداد أنواع كثيرة من الطيور في جنوب المحيط بالقرب من أستراليا إلى تلوث المحيطات بكمية كبيرة من جزيئات البلاستيك.
ومن أجل وقف تلوث المحيطات، ينصح خبراء البيئة باتباع استراتيجية للوقاية من النفايات تتمثل في خفض نسبة القمامة البلاستيكية بشكل كبير جداً. كذلك يجب العمل على إعادة تدوير أكياس البلاستيك اللينة التي تستخدم في الأسواق التجارية وتملأ شوارع ومقالب القمامة. كما أن مبادرة فرز القمامة في كيسين منفصلين، أولهما للقمامة العضوية والثاني للأشياء التي يمكن إعادة تدويرها مثل البلاستيك والورق المقوى، تبقى المبادرة الأكثر رفقاً بالصحة والبيئة وبالطيور البحرية.
ع.اع/ ي.أ (DW)

الاثنين، 31 أغسطس 2015


السعودية – نعم للمساعدات...لا لاستقبال اللاجئين!

تعد المملكة العربية السعودية من أكبر الدول المانحة للمساعدات التي يستفيد منها اللاجئون، غير أنها لا تفتح أبوابها لاستقبال النازحين. فما هي الأسباب خلف هذا الموقف؟ ولماذا التغاضي عن خيارات هؤلاء للهجرة باتجاه أوروبا؟
Syrien Flüchtlinge Al Zaatri Kamp in Jordanien
في منتصف شهر أغسطس/آب، أشادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بجهود "الحملة الوطنية السعودية لنصرة الأشقاء في سوريا"، ومنها تقديم التمور لأكثر من 20 ألف عائلة من اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري شمال الأردن. ونشرت عدة صحف سعودية هذا الخبر المفرح، مشيرة إلى أن منسق المفوضية في المخيم، هوفيك آتيميزان، أكد أن الحملة السعودية كان لها الأثر البالغ في تحسين الأوضاع المعيشية للسوريين في المخيم من خلال الجهود المقدمة للاجئين السوريين. وقال: "إن المفوضية وشركاءها يثمنون هذا العطاء الكبير الذي تقدمه الحملة خلال برامجها المتنوعة في سبيل تحسين الأوضاع المعيشية للاجئين في مخيمات اللجوء".

تعود أنشطة التبرع السعودية إلى عهد مؤسس الدولة، الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود (1880-1953)، الذي أنشأ أول مؤسسة خيرية في الدولة الناشئة آنذاك، معتبرا أنها تنطلق من "منهج إسلامي مستوحى من القرآن، يخدم الإسلام والمسلمين"، حسبما ذكرت بذلك جريدة الرياض مطلع هذا العام. ونظراً للهوية الإسلامية للمؤسسة الخيرية، فهي تنشط بشكل أكبر خلال المناسبات الدينية، حيث قامت بتوزيع وجبات إفطار على النازحين السوريين في مدينة صيدا اللبنانية، بما يبلغ قدره نحو 3 ملايين دولار أمريكي.
واحدة من أكبر الدول المانحة
إلى جانب هذه اللمحات الإنسانية الرمزية التي تلقى إعجاباً كبيراً واهتمامأً من الرأي العام، تدعم المملكة العربية السعودية اللاجئين بطرق مختلفة، فقد شاركت المملكة في مؤتمر الكويت للمانحين في يناير/كانون الأول 2013 بمبلغ 213 مليون دولار، لتصبح الدولة الثانية بعد الكويت التي شاركت بـ325 مليون دولار. وكانت لها نفس المشاركة أيضاً في مؤتمر المانحين الثاني في مايو/آيار 2014، بنحو 18 مليون دولار.
يد سخية وتوزيع وجبات إفطار على النازحين السوريين ولكن خارج السعودية!
وارتفع مستوى هذا المبلغ عام 2014 مرة أخرى، حيث تبرعت السعودية ب 755 مليون دولار، ليس فقط لفائدة الاجئين السوريين، بل أيضا لخدمات إنسانية في بلدان أخرى، لتصبح بذلك سادس دولة مانحة على مستوى العالم، بحسب تقرير "المساعدة الإنسانية العالمية" الذي تقوم بإعداده منظمات عالمية للتنمية.
لا مكان للاجئين داخل السعودية
لكن السعودية لم تستقبل حتى يومنا هذا لاجئا سوريا واحدا، وعوض القيام بذلك تتكهم يخوضون معركة الطريق الخطر باتجاه أوروبا. وقد انتقدت منظمة العفو الدولي الموقف السعودي هذا، حيث ذكرت في تقريرها في ديسمبر/كانون الثاني 2014 أنه "من المخزي أن نرى دول الخليج تمتنع تماماً عن توفير فرص إعادة توطين اللاجئين؛ ومن خلفية الروابط اللغوية والدينية ينبغي على دول الخليج أن تعرض مأوى آمنة للاجئين الفارين من الاضطهاد وجرائم الحرب في سوريا"، واعتبرت المنظمة أنه لا يمكن للدول "أن تريح ضمائرها من خلال تقديم المساعدات المالية فقط".
وبدت هذه السياسة السعودية منتقدة حتى في ألمانيا، فجريدة "هاندلزبلات" اتهمت السعودية بالتهرب من المسؤولية، حيث كتبت تقول: "كان من الواجب أن تقوم المملكة السعودية العربية ودول الخليج ذات الثراء الفاحش بالتزاماتها الأخلاقية تجاه اللاجئين في المنطقة، خاصة وأن هؤلاء من الدول الأقرب لمناطق الحرب".
لكن ما الذي يمنع السعودية من استقبال اللاجئين؟ علماً بأن نسبة الأجانب في دول الخليج مرتفعة جداً، فمن بين 29 مليون سعودي، هناك ستة ملايين أجنبي يعملون بشكل رسمي في المملكة، معظمهم من دول آسيا والدول الإسلامية الأخرى. وفي الكويت، تبلغ نسبة الأجانب 60 بالمائة، بينما تبلغ في قطر 90 بالمائة من من مجموع السكان، وفي الإمارات 80 بالمائة. ويبدو أن قلق تلك الدول من تبعيات استقبال المزيد من الأجانب أكبر من رغبتها في توفير المساعدة للسوريين والعراقيين. ويزيد من هذا القلق التعقيدات المرتبطة بطرد اللاجئين من البلاد، مقارنة بالقوى العاملة الأجنبية، التي يمكن طردها من البلاد في أي وقت، كما حدث ذلك عام 2014 عندما قامت السلطات السعودية بطرد 370 ألف عامل، رغبة منها في توفير مزيد من فرص العمل للمواطنين السعوديين. وفي حال قيام المملكة السعودية باستقبال لاجئين، فقد يصبح موضوع طردهم مشكلة أخلاقية كبيرة، وبالتالي فهي تفضل عدم استقبالهم منذ البداية.
تخوفات من الأفكار الليبراليية التي قد يأتي بها اللاجئون؟
نظرة سلبية للربيع العربي
يضاف إلى ذلك أن السوريين الفارين، غادروا بلدهم بسبب ثورة ينظر لها الجانب السعودي منذ بدايتها نظرة متشككة. فما أطلق عليه تسمية "الربيع العربي" عام 2011 لم يلق أي ترحيب من طرف النظام السعودي المحافظ. وقد استطاع النظام السعودي تهدئة مواطنيه الذين بدأوا أيضاً بالمطالبة بالعدالة الاجتماعية والحرية السياسية والثقافية، وسيادة دولة القانون، وذلك من خلال الزيادة في المساعدات الاجتماعية.
وفي حال استقبال لاجئين سوريين، فقد يزيد عدد المطالبين بتلك الحقوق، ما قد يهدد النظام السعودي القائم، كما أن مواقف بعض اللاجئين الليبرالية قد تصطدم بالإسلام الوهابي المنتشر في البلاد. ويبدو أن تلك الأسباب هي التي تدفع بالسعودية بشكل قوي لعدم الترحيب باللاجئين.

الاثنين، 24 أغسطس 2015

العصر الرقمي لن يُعوّض القلم والكتابة اليدوية


بقلم سوزان مسيكا- جنيف



انظر لغات أخرى 9
قد تفرض حاجة الإنسان إلى تحقيق أقصى قدر من الجدوى والفعالية والنجاح إلى حالة من التعايش بين العالم الإفتراضي والعالم التماثلي، أو بين الأجهزة الرقمية والوسائل الحسية التقليدية. (Keystone)
قد تفرض حاجة الإنسان إلى تحقيق أقصى قدر من الجدوى والفعالية والنجاح إلى حالة من التعايش بين العالم الإفتراضي والعالم التماثلي، أو بين الأجهزة الرقمية والوسائل الحسية التقليدية.
(Keystone)

في كل يوم، ينتج مصنع كاران داش ما يكفي من أقلام الرصاص لسد الحاجة من جنيف إلى روما. ولكن، إلى أي حد تبدو هذه الشركة التي تنتج أقلاما (جافة، وملوّنة، ورصاص) والتي تحتفل هذه السنة بمرور مائة عام على تأسيسها، مُهيّئة لمواجهة متطلبات المرحلة الرقمية التي يتسع مجالها مع مرور الوقت؟ 

ردّت كارول هوبشير، رئيسة شركة كان داش، وهي تبتسم، عن سؤال توجهتُ به إليها بشأن القلم البلاستيكي الأحمر الرخيص الذي كان بحوزتي فأجابت: "هو قلم كأنه أُلتقط على عجل من فوق مكتب أحد الزملاء". 
ليس هذا هو الموضوع الذي كان يشغلني في الحقيقة، وأنا على متن القطار في الطريق إلى جنيف، حيث يوجد مقّر هذا المصنع المتخصص في انتاج ادوات الرسم والكتابة منذ عام 1915. ومنذ ذلك الحين، حدثت تغييرات كبيرة في أنماط التواصل بين البشر. ومع ذلك، تقول هوبشير: "أنا لا أعرف أي شخص لا يحمل معه قلما أو قلم رصاص". 
يعمل في هذا المصنع الواقع في ضاحية تونيكس (Thônex) القريبة من جنيف، والمحاذية للحدود السويسرية الفرنسية، نحو 280 عامل. وخارج البوابة، تتراءى للزائر مدرّجات نُصِب عليها قلم أحمر اللون. كان هذا الصنف من الأقلام أوّل ما ابتكره هذا المصنع، لكن هذه المنتجات أضحت اليوم أكثر تنوعا لتشمل أقلام الحبر، والمداد، والرصاص، والأقلام الملوّنة، وأدوات مكتبية أخرى. 
أما في الداخل، فيباشر العمال في فصل الصيف عملهم اليومي مبكّرا، لتجنّب الحرارة في فترة ما بعد الظهر. ورغم أن الساعة لم تتجاوز التاسعة والنصف صباحا، لكن الغرفة التي يجري داخلها إعداد الأسطوانات المعدنية الأساسية، حارة جدا بالفعل. 

اختبار قلم رصاص

تقوم آلات زيتية بصقل أنابيب صغيرة على هيئة قلم سداسي الشكل. وفي وقت لاحق، قد ترصّع هذه الأخيرة بنقاط من الألماس أو بالليزر- وبواسطة اليد أو عن طريق الحاسوب - بحسب النتيجة المرجوة. والبعض منها يضاف إليه طلاء المينا. وتثبّت عليها دبابيس، ولكن فقط بعد اجتياز اختبار المرونة. وبالنسبة لأقلام الحبر، لابد أن يجتاز المداد "اختبار المائة متر" بنجاح، وقد انقطع هذا الإختبار بمجرد انحنائي قريبا من الجهاز عن غير قصد . ولحسن الحظّ، اكتفت مرافقتي بإطلاق إبتسامة خفيفة. 

كاران داش: ما الذي يحدث في خلفية المشهد

00:3200:32
360p
720p
spaceplay / pause
 
qunload | stop
 
ffullscreen
shift + slower / faster (latest Chrome and Safari)
volume
 
mmute
seek
 
 . seek to previous
126 seek to 10%, 20%, …60%
شيفرة التضمين
(Caran d'Ache, swissinfo.ch)
في ناحية أخرى من هذا المصنع، يتم تمرير حاوية لما يشبه السباغيتي الأرجواني المتبقية من تجربة تهدف إلى التوصّل إلى صناعة قلم ملوّن جديد. وبمجرّد الإنتهاء منه، تبدأ عملية الإستنساخ بكفاءة عالية. وخلال زيارة swissinfo.ch إلى المصنع، كان العاملون فيه بصدد تصنيع دفعة كبيرة من الجير الأخضر ستكون كافية لتغطية الحاجة لصناعة أقلام رصاص لسنوات لاحقا. 
وعقب تصنيعها، يمكن لأقلام الرصاص نفسها أن تستمر لسنوات، حتى لو أُلقي بها من الطابق الخامس. وفي هذا الصدد، تُولي هوبشير- وهي أم لثلاثة أطفال – أهميّة خاصة لخاصية المتانة، ومحدودية تكلفة الإنتاج. 
وتقول: "عند الدخول المدرسي، بدلا من اشتراء علبة أقلام ملوّنة جديدة بالكامل، يمكن استبدال الألوان المفقودة فقط أو تلك التي تآكلت بسبب الإستخدام المفرط. في كاران داش، لا شيء يُرمى في النهاية".
وتضيف رئيسة هذه الشركة: "عندما يكون لديك قلم جميل استعملته لسنوات عديدة، يمكنك أن ترسله إلى هنا، فتعاد صيانته وتنظيفه، وبالتالي تمريره إلى الجيل القادم". وفي كل عام، يستفيد من خدمة الصيانة هذه حوالي 5000 شخص. بل إن عمر بعض الأقلام يمتد لعقود مديدة. 

الامر يتجاوز مجرد لعب اطفال

ولكن أليس القلم والورق أقلّ قيمة وأهميةّ من الكمبيوتر اللوحي ومن الهاتف الذكّي؟ يرى يورين جوريون، وهو مراسل وخبير في مجال التصميم يعمل في زيورخ: "ربما يكتب الاشخاص حاليا باليد أقلّ مما كانوا يفعلون من قبل، ولكن بالنسبة للذين لا يزالون يفعلون ذلك، فإن توفّر أداة للكتابة أمر ضروري جدا. إنها متعة لليد وللقلب". قبل أن يضيف بأن الأشخاص يختارون الكلمات بعناية أكبر عند الكتابة باليد. أما دنيس بسّان، المعالج النفسي في برن فيؤكد على أن "الكتابة والرسم أمران ضروريان بالنسبة للأطفال". 
وبحسب بسّان الذي يُساعد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين أربع وثماني سنوات على تحسين مهاراتهم الحركية الدقيقة، فإن "هؤلاء الصغار يجب أن يكونوا قادرين على استخدام القلم والورق عند ولوجهم إلى المدارس. بعض هؤلاء لا يقدرون بعدُ على ارتداء ملابسهم بأنفسهم، ناهيك عن التعامل مع الأقلام الملوّنة". وهذا الأمر قد يتحوّل إلى مشكلة أكاديمية تعيق عملية التعلّم حيث أنه "إذا كان الطفل لا يُحسن الكتابة بشكل جيّد، فإنّه سيركّز اهتمامه وجهده على الجانب المادي لعملية تدوين الملاحظات، مما سيجعل من الصعب عليه استيعاب المواد موضوع التدريس". 
بدوره، يعتقد أوسكار جينّي، مدير مركز تنمية الطفل بالمستشفى الجامعي بزيورخ، أن "الأطفال الذين تتراوح اعمارهم بين عامين وثماتنية أعوام لا يزال يُتاح لهم ما يكفي من الوقت لممارسة الرسم في رياض الأطفال وفي دور الرعاية النهارية وهو أمر جيّد"، بحسب رأيه. 
ويشدد هذا الخبير على أنه "من المهمّ أن يتعلّم الاطفال الرسم والكتابة لأنها عملية تمكّن الطفل من وضع أفكاره وتصوّراته على الورق. عملية التفكير المعقّدة هذه لا يمكن القيام بها ببساطة عن طريق الاجهزة الإلكترونية"، مضيفا بأن "للأطفال ميل طبيعي للقيام بذلك حتى لو كان ذلك على شاكلة خربشات على الرمال بواسطة عصا". 
ووفقا لدراسة أنجزها جينّي مؤخرا، فإن تكنولوجيا المعلوماتية لم تُؤثر على طريقة الأطفال في الرسم. فقد قام صحبة فريق الباحثين العامل معه بإجراء مقارنة بين الأشكال التي يصوّرها الاطفال ابتداءً من عام 1980 وحتى سنة 2010، ولم يسجّلوا أي اختلاف جوهري على مستوى هذه الملكة.
بيكاسو وجاك كوال (Succesion Picasso)
بيكاسو وجاك كوال
(Succesion Picasso)

 شخبطات مهنية

"مثلما تشاهدين، لا تزال أقلام الرصاص مُستخدمة على نطاق واسع"، يقول روبرت لزيكار، وهو يشير مبتسما إلى العمل اليدوي الذي يظهر على شاشة بجامعة الفنون في العاصمة برن. إنه رئيس قسم الماجستير في تصميم الإتصالات، وهو عمل يمزج بين رسوم تُنجز يدويا وأخرى تُعدّ بواسطة الأجهزة الرقمية. 
ويشير لزيكار إلى أن الطلاب "لا يفصلون بين ما هو تماثلي، وما هو افتراضي". وبدلا من ذلك، يقومون بالجمع بين أساليب العمل المختلفة التي تبدو لهم مناسبة. 
ويستمر لزيكار قائلا: "أعرف مُصمّم ملصقات جيّد، يستخدم قلم الرصاص في مرحلة من مراحل مشروعه، ثم المداد، وبعد ذلك المسح الإلكتروني، ثم يلتجأ إلى برنامج الفوتوشوب للتلوين لانها التقنية الأسرع، وهكذا يحصل على مزيج من الجمال. هذه ميزة العصر الذي نمرّ به اليوم". 
ويتفق أنسالم شتالدر، رئيس قسم الفنون الجميلة بجامعة برن مع ما سبق ويقول: "أنا لا أعتقد أن هناك ازدواجية بالمرة بين ما يسمّى أدوات قديمة من جهة وتقنيات رقمية من جهة أخرى". بل بدلا من ذلك، يحدو الفنانين "ميل قوي للوصول إلى نتيجة معيّنة، قابلة إلى أن توجّه وتناقش مع عامة الجمهور. إن بلوغ هذه الغاية يتوقّف بشكل أقل على الأدوات المستخدمة، وبشكل أكبر على سلوك المُبدع وعلى قدرته على فهم "التيمة الفنية". 
وفي السياق، يعتقد لزيكار أن اختراع قلم الرصاص الإلكتروني شكّل إضافة مهمة جدا بالنسبة لمُصمّمي الغرافيك، ويقول: "قبل ذلك كان الشخص مُجبرا على استخدام الفأرة، والنقر عليها، ولكن العلاقة بين اليد والعقل هي مختلفة تماما. ثم جاءت هذه اللوحة فتحوّل الوضع إلى ما هو أحسن بالتدريج". 

الكتابة على الجدار؟ 

من الصعب التنبؤ بالكيفية التي ستكون عليها شركة كاران داش خلال المائة سنة المقبلة. وباعتبارها شركة خاصة، فهي لا تنشر أي أرقام عن مبيعاتها. لكن هوبشير تظل متفائلة عندما تُسأل عن الإبتكارات المنتظرة، وتشير إلى أن واحدة من هذه الإبتكارات أي قلم RNX.316 المتعدد الأغراض، المصمّم أيضا للإستخدام على شاشة الكمبيوتر اللوحي أو الهاتف الذكي. 
رئيسة شركة كان داش لا تبدو منزعجة أو قلقة لإمكانية تخلى عموم الجمهور عن الكتابة اليدوية. وتقول هوبشير: "أنا مقتنعة بأن الناس سوف يستخدمون الأقلام وأقلام الرصاص في كل الأوقات. وسوف يستمرون في الإبتكار. أعتقد أن هناك جزء من البشر سيقولون: الآن أحتاج بعض الوقت للإفلات من قبضة هذه الآلات، وأن أقوم بالأشياء بمفردي". 
أما فان رويجن، فلا يتصوّر بدوره حالة من الصدام مع العصر الرقمي، ويقول: "أتوقّع أن يأتي يوم ما، ويشعر فيه المُدمنون حاليا على الأدوات الرقمية بالضجر من الشاشات والمتع الإفتراضية، فيرجعون إلى الأساليب القديمة (ما قبل العصر الرقمي). الكتابة بخط اليد، سوف تصبح شيئا نادرا، لا شك، لكنها لن تفقد حضورها وأهميتها، وسوف تشهد انتعاشة من جديد". 

Locations of Site Visitors
Powered By Blogger