المجال الجيوبوليتيكي- لجهاز المخابرات القطري
خارطة قطر
*كتب: المحامي محمد احمد الروسان
هل تسعى بعض الأطراف العربية, والتي ساندت المعارضة الليبية المسلحة, كطرف ضد الطرف الآخر, لجهة استخدامات, وتوظيفات, وتوليفات, ليبيا المحتلة, كورقة سياسية, شاملة بتداعياتها وآفاقها, لمساومة أطراف المربعات الخارجية:- الولايات المتحدة الأمريكية – فرنسا – بريطانيا – ايطاليا – ألمانيا؟.
هل تقود مسألة توظيفات ليبيا المحتلة, كورقة شاملة, لمساومات إقليمية ودولية, إلى جعل ليبيا المحتلة, تتموضع كدولة تابعة, وغير قادرة, من الناحية الواقعية والعملية, على تدبر شؤون سيادتها- المفروض أنّها مستقلة؟.
هل قادة ليبيا المحتلة الجدد, لديهم بدايات, وعي وإدراك يتبلور, لادراكات سياسية ليبية جديدة, لجهة مرحلة ما بعد, مقتل الزعيم الليبي, البدوي معمّر القذّافي؟ وهل صحيح بالمطلق, أنّ القادة الجدد, في ليبيا المحتلة, هم أكثر اهتماماً, بضرورة إنهاء, دور الأطراف الخارجية, ومن ارتبط بهم, من العربان والغربان؟.
هل مقتل الزعيم, البدوي الليبي القذّافي معمّر, يعني أنّ دور الطرف الخارجي انتهى؟ وما هي نوعية وطبيعة, " سلّة" الشكوك الليبية الجديدة, لدى أنفس قادة ليبيا الجديدة المحتلة, لجهة استمرار دعم, مربعات الأطراف الخارجية, بعدما قامت الأخيرة, بإنهاء القذّافي ونسقه السياسي, والذي استمر لأثنين وأربعين عاماً؟.
لماذا سعت الدوحة, وبشكل غير مبرر, إلى عقد المؤتمر الدولي الخاص بليبيا المحتلة؟ ولماذا دعت إليه رئيس المجلس الانتقالي الليبي, مصطفى عبد الجليل تحديداً؟ ولماذا طالب بقوّة السيد عبد الجليل مصطفى, استمرار فعاليات, ومفاعيل حلف الناتو, قبل أن يحصل, على تفويض واضح, يسمح له, بالذي طالب به لجهة الناتو, من المجلس الانتقالي الليبي؟.
بعض رموز المعارضة الليبية, بادر باتجاه, عزف "سيمفونيات" تحذيرات رأسية وعرضية, في استمرار مربعات الأطراف الخارجية, بل ذهب بعضهم وعلى وجه اليقين, والتحديد, والحصر, إلى التحذير العميق, من الدور القطري, والذي يراد إنتاجه من جديد, ووفق نسخة مستحدثة, وتحت مظلّة الناتو, وأطراف الطرف الخارجي, بالمعنى السياسي, والاقتصادي, والدبلوماسي, والمخابراتي - والأستخباري, كما حذّروا من دور حلف الناتو أيضا, وتقاطعات دور الأخير, مع الدور القطري وذيوله, لجهة ليبيا المحتلة, ولجهة ساحات خارجية عربية, تعتقد الدوحة أنّها, " بالجزيرة" وثروتها الطبيعية – الغاز, ستقلب المشهد السياسي الشامل فيها – والمعني سوريا.
حضور السيد مصطفى عبد الجليل, رئيس المجلس الانتقالي الليبي, للمؤتمر الدولي الخاص, والذي عقد في الدوحة, من أجل ليبيا المحتلة, وإصداره لتصريحات عامودية, لجهة مطالبته, بتمديد ولاية, عمل حلف الناتو, يشي بأمور كثيرة, ومتعددة, وتداعيات, ومعطيات, في غاية الخطورة, على مستقبل ليبيا – المحتلة, وهو أمر, مرفوض, قولاً واحداً , فالمعارضة الليبية, الأفقية والرأسية, لم تفوّض الجليل عبد مصطفى, لجهة القيام بما صرّح وطالب به, وهناك مسألة أخرى تتمثل, في شرعية مصطفى عبد الجليل, والمجلس الانتقالي الليبي, الذي يرأسه, لا تسمح له ولهم بذلك, وأجندتهم تنحصر فقط, في التالي:- العمل على إدارة المرحلة, الانتقالية الليبية الجديدة, إنهاء دور الطرف الخارجي, وإجراء المصالحات الداخلية, وبناء الإجماع الوطني, ومن ثمّ, إجراء تفاهمات, مع دول الجوار الإقليمي العربي.
وهنا نتساءل السؤال الجوهري التالي:- ما هي المؤشرات السياسية, والمخابراتية, والإعلامية, التي قادت بعض رموز المعارضات الليبية, إلى التحذير من الدور القطري, ومصداقيته في المسألة الليبية؟.
في ظني وتقديري أحسب, أنّ السلوك السياسي, والإعلامي, لدولة قطر, من حيث موضوعة, تكثيف الانتقادات السياسية, والإعلام السلبي, ضد سوريا, وعمليات "البروبوغندا" السوداء, في كواليس استوديوهات, قناة "الجزيرة", كذراع استخباراتي- إعلامي, للطرف الخارجي, في المسألة الليبية, والأحداث المحدودة في سوريا, وتضخيم الاحتجاجات السياسية السورية, رغم محدوديات الأخيرة الجغرافية, ثم حرص الدوحة على تفادي تسليط, الأضواء الإعلامية, لجهة فعاليات ومفاعيل, الاحتجاجات البحرينية, والسعودية, والإماراتية, وحتّى الإيرانية.
كذلك جهود الدوحة, في تكثيفات الأعلام السلبي, ضد النسق السياسي اليمني, بزعامة الرئيس صالح, المنتفض شعبويّاً ضده, وفي ذات الوقت والسياق, بقيت قطر أكثر حرصاً, على الاستمرار, في إدارة وتوجيه دفة فعاليات ومفاعيل, الوساطة الخليجية الهادفة, إلى حل الأزمة السياسية اليمنية.
أضف إلى تلك المؤشرات, سعي قطر المستمر, لاستضافة الزعماء الاسرائيليين, وخاصة الثعلب الإسرائيلي – الصهيوني, الرئيس شمعون بيرز, ومعه وزيرة الخارجية السابقة, تسيبي ليفني الموسادية, وذات الخدمات الجنسية العابرة, في إطار الموساد, وكما اعترفت في السابق, في الوقت الذي بقيت الدوحة, تستقبل فيه, رموز حركة حماس الفلسطينية, والجهاد الإسلامي, من خالد مشعل, إلى باقي الأخوة, الكوادر في الحركة الحمساوية, وكذلك استقبال الأخ رمضان شلّح ورفاقه, إن لجهة الزيارات السريّة, وان لجهة العلنية, مع العلم والمعرفة, أنّ زعيم حماس المشعل خالد, وكذلك الأخ رمضان شلّح, لم يسع, لا خالد ولا رمضان, لتوجيه أي انتقادات, أو إبداء أي ملاحظات, على ملفات خط العلاقات القطرية – الإسرائيلية, في حين لو قام أحد أطراف جامعة الدول العربية, بمثل ما قامت به قطر, لأقامت حركة حماس والجهاد الإسلامي, وقادتهما المعمورة ولم يقعدوها!.
.... أليست هذه مفارقة, محزنة مضحكة, لدرجة البكاء, غريبة عجيبة يا قوم؟ هذا تساؤل مشروع, حتّى للسذّج, الذين تمطى رقابهم, من العوام, فكيف بالنخب؟ نريد ايجابات محددة, وصريحة, وكلام واقف, ولو كان مجروحاً, فمن يعلّق الجرس, من بني قومي العرب؟.
هذا وقد شاهد الجميع, ما بثته شبكة سي إن إن الأمريكية, مؤخراً من وقائع الزيارة الخاصة, التي قام بها, سمو أمير دولة قطر, الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني, إلى الكيان العبري – الصهيوني, وتحدثت الشبكة ذاتها, أنّ الغرض من هذه الزيارة, هو افتتاح إحدى المستوطنات اليهودية, والتي بنيت وشيّدت, على حساب دولة قطر, فوق أرض فلسطينية, محتلة منذ عام 1948 م.
هذا وقد قام الثعلب, ابن الثعلب, شمعون بيرس, بزيارة سريّة, إلى قطر وصحبه فيها, حرسه الخاص, ومعه عدد من رجال, الشين بيت والموساد, وقد تجوّل البيرز هذا وصحبه, في الأسواق القطرية العربية, وصافح الناس, ولم تبث قناة "الجزيرة", المتخصصة في كشف الأسرار, والأخبار وقائع هذه الزيارة, وقد بثّت قناة السي إن إن مقاطع منها.
كذلك سعي قطر المحموم, لاستضافة فعاليات ومفاعيل, القيادة العسكرية الأمريكية الوسطى, مع استضافة الساسة العراقيين, المعارضين للاحتلال الانجلو –سكسوني, للعراق المحتل, بعكس دولة الكويت, التي تستضيف قوّات أمريكية, وترفض التعامل, مع العراقيين المقاومين, للاحتلال الأنجلو –سكسوني, للعراق المحتل.
سعي قطر المحموم, في دعم العلاقات الخليجية الدبلوماسية, مع إيران, واستضافة المسؤولين الإيرانيين, وتزامن كل ذلك, في استمرار قطر, بدعم المشروعات الخليجية – الأمريكية – العربية, المعادية لإيران, الدولة المسلمة والجارة, والتي لها مجالاتها الحيوية.
تأسيسا على تلك المؤشرات, انطلقت شكوك ومخاوف, بعض كبار, ورموز المعارضات الليبية, لجهة قطر ودورها, في ليبيا المحتلة ما بعد القذّافي, وبكل بساطة ووضوح, مجرد أن تم, إسقاط النسق السياسي الليبي وقتل زعيمه, أن ينتهي الدور القطري, ومن عمل تحت مظلته, من بعض العرب الآخرين, وان كان بنسب متفاوتة.
لكن هذا الإصرار القطري, على استمرار الدور والوظيفة, في المسألة الليبية, يحفّز العقل البشري – الواعي, غير المصادر, وغير المؤجّر, على التفكير, عصفاً – ذهنيّاً, رأسيّاً وعرضيّاً, وعبر التساؤلات التالية:-
ما هي أهداف الدوحة الباطنيّة, لاستدامة واستمرارية, دورها التدخلي – الوظيفي, في المسألة الليبية وساحتها؟ لمصلحة من, انطلقت فعاليات الدور القطري, المناهض للنسق السياسي الليبي, وزعيمه المقتول البدوي الليبي معمّر؟.
صحيح, أنّ مجلس الأمن الدولي – مجلس الحرب الأممي, قد أنهى التفويض الأممي, لحلف الناتو- عبر قراره الأخير, عبر إلغاء فرض, منطقة حظر الطيران, في ليبيا المحتلة, لكن ذلك القرار الدولي, لم يطالب دول العالم, باحترام سيادة, وحرية ليبيا, والتي ما زالت واقعة, تحت نير احتلال الناتو, والأطراف الخارجية, كذلك لم يطلق سراح الأرصدة, المالية المجمدة, في المصارف الأمريكية, والفرنسية, والبريطانية, وبعض العربية وغيرها.
ومن هنا بالذات, تظهر حقيقة, أبعاد مساعي قطر, لاستمرار دورها الوظيفي, حيث دعت قطر, وبشكل غير منطقي, لعقد المؤتمر الخاص حول ليبيا المحتلة, ودعت إليه رئيس المجلس الانتقالي, حيث طالب الأخير باستمرار, دور حلف الناتو- و"غدده" العسكرية, لجهة مثلث, واشنطن – باريس - لندن.
وتقول المعلومات, إنّ تفويض, مجلس الأمن الدولي – مجلس الحرب, لحلف الناتو, وان كان قد انتهى نظرياً, لكنه من الناحية العملية – الميدانية - الواقعية, يستمر عمله في ليبيا المحتلة, بمجرد أن تطلب منه, ليبيا المحتلة ذلك, وفقاً لاتفاقيات ثنائية, يتم التوصل إليها, بين الحلف وذيوله, والمجلس الانتقالي من جهة أخرى.
وهنا لابد من الإشارة, إلى فعاليات ومفاعيل, اجتماعات وزراء الخارجية العرب, وتكوين اللجنة الوزارية الخماسية, والمحددات الأربعة, والورقة العربية الأخيرة, تهدف في جلّها, إلى إنفاذ مسار الوصول, إلى نتيجة فاشلة, تم الأعداد لها جيداً, والهدف النهائي كما يبدو هو:- إضفاء بعد عربي تدخلي, يتم الاستناد, عليه واليه لاحقاً, من أجل توفير الغطاء الضروري, لتدخل دولي أكبر وأعمق, يفضي إلى احتلال, كامل الدسم لسوريا, وليس منزوع الدسم – كما في الحالة الليبية, وهذا ما يشير إليه, زعماء, وعتاة المحافظين الجدد, في الإدارة الأمريكية الحالية, وفي الحزب الديمقراطي الحاكم, ورموز الايباك, وبعض رموز الصهاينة العرب.
لكن الملاحظة المهمة والغريبة, تكمن في أنّ, فعاليات ومفاعيل, التحركات الدبلوماسية, الوقائية العربية – وهي في حقيقتها هجومية, قد تزامنت وتساوقت, مع اتصالات سورية – تركية, حيث تشير المعطيات والوقائع, إنّ هذا التزامن, يخلق انطباعات, لجهة احتمالين متعاكسين, الاحتمال الأول:- يفترض وجود توزيع أدوار تركية – عربية, والاحتمال الثاني:- يفترض وجود تباين مواقف, بين موقف عربي, أقرب إلى التصعيد الشامل, وموقف تركي, أقرب إلى التهدئة.
في ظني وتقديري أعتقد, أني قد حاولت, الإجابة قدر الإمكان, على معظم التساؤلات السابقة, وان كنت قد أخفقت, فأرجو المعذرة من القارئ.
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية
www.roussanlegal.0pi.com