الإخوان سرقوا الصندوق وأضاعوا مفتاحه
أحمد عثمان أحمد++++
حكومة الإخوان تواجه مشاكل اقتصادية وأمنية عديدة، نتجت عن عدم رغبتها في التراجع عن الخطة التي رسمتها للسيطرة على مفاصل الدولة المصرية جاء الحكم الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ قرار الرئيس مرسي بدعوة الناخبين لانتخابات مجلس النواب الشهر القادم، ليمثل نكسة لجماعة الإخوان المسلمين وبداية النهاية لمشروعها للاستلاء على الحكم في مصر. ورغم تظاهر الإخوان بالموافقة على قرار المحكمة، فإن الجماعة تبحث الآن عن أية وسيلة تمكنها من الالتفاف على قرار المحكمة العليا، كي تتمكن من إجراء الانتخابات في أقرب فرصة ممكنة. ذلك أن حكومة الإخوان تواجه مشاكل اقتصادية وأمنية عديدة، نتجت عن عدم رغبتها في التراجع عن الخطة التي رسمتها للسيطرة على مفاصل الدولة المصرية، ورفضها الاستجابة لمطالب الجماهير بتغيير الحكومة وتعديل الدستور. ولما كان الإخوان يعتقدون أن وجود مرسي على رأس الدولة هي فرصتهم الوحيدة لفرض مشروعهم السياسي، بإقامة دولة إسلامية تمهد لإعلان عودة الخلافة في القاهرة. فهم ليسوا على استعداد لقبول مشاركة التيارات المدنية معهم في الحكم، ولا في تعديل الدستور الذي وضعوه ليمكنهم من إعلان مصر جمهورية إسلامية. ورغم أن الشارع المصري يغلي غاضبا من تصرفات الحكومة والرئيس مرسي منذ حوالي شهر ونصف، ورغم عودة شباب الثورة للاعتصام في ميدان التحرير وإعلان مدينة بورسعيد العصيان المدني، وخروج المحلة والمنصورة والإسكندرية في احتجاجات يومية لا تتوقف، فإن الرئيس مرسي وحكومته يتجاهلان كل هذا وكأنه يحدث في بلد آخر، ويكتفيان بتكليف الشرطة بمواجهة المعارضين، الذين يعتبرهم مرسي من البلطجية والخارجين عن القانون. وفي وقت يرفض فيه تحالف الأحزاب المعارضة في جبهة الإنقاذ – ومعه تنظيمات شباب الثورة – المشاركة في الانتخابات البرلمانية، قبل تغيير حكومة هشام قنديل ووضع ضمان لنزاهة التصويت، تسارع حكومة الإخوان في الإعداد لهذه الانتخابات، غيرعابئة باعتراض المعترضين. والسبب الذي تقدمه حكومة الإخوان لتبرير هذا التجاهل، هو أن الرئيس مرسي قد وصل إلى السطة عن طريق الأغلبية التي حصل عليها في صندوق الانتخابات، ولهذا فهو الوحيد الذي يملك الشرعية، ويحق له اتخاذ ما يراه من قرارات. يعلن الرئيس مرسي عن رغبته في التفاوض مع المعارضين، ويدعوهم كل يوم للحضور إلى قصره، كما يسمح لهم بإبداء أي رأي لهم دون معارضة منه، إلا أنه يقول منذ البداية إنه لن يلتزم بأي من هذه الآراء وسوف يتخذ ما يراه هو ضروريا من قرارات، لأنه يملك الصندوق الذي جاء به إلى السلطة، وهم ليست لديهم صناديق. ويتحدى الرئيس مرسي معارضيه في ثقة بالغة: تعالوا نحتكم إلى الصندوق ونجري انتخابات البرلمان، وإذا فزتم يصبح القرار لكم. فرغم انخفاض شعبية الإخوان المسلمين مؤخرا إلى درجة كبيرة – كما ظهر بوضوح من نتائج انتخابات اتحادات الطلاب حيث لم يتجاوز نصيبهم 25 ٪ – فالرئيس مرسي واثق من نجاح جماعته في الانتخابات البرلمانية القادمة، حيث أنه أعد لها عدته. فإلى جانب تعيين حوالي 13 ألف شخص من أنصار الجماعة في غالبية المراكز الـرئيسية التي تتحكم في عملية الانتخابات وفرز الأصوات، قام مجلس الشورى بإعادة تقسم الدوائر الانتخابية بحيث يحصل الإخوان على أغلبية المقاعد في كل الأحوال. فقد خصص مجلس الشورى للمناطق المؤيدة للإخوان عددا أكبر من المقـاعد، تزيد بكثير عن تلك التي تؤيد القوى المعارضة لهم. فبينما يحتاج المرشح إلى 50 ألف صوت للنجاح في مناطق الإخوان، يجب على المرشح المعارض الحصول على 250 ألف صوت، وهذا هو أحد أسباب اعتراض محكمة القضاء الإداري على قانون الانتخابات. فمع إن الإخوان وحلفاءهم من دعاة الإسلام السياسي تمكنوا في الانتخابات البرلمانية السابقة من الحصول على حوالي 70 ٪، فقد انخفضت شعبيتهم بعد ذلك، ولم يتمكن محمد مرسي مرشحهم للرئاسة من النجاح إلا بعد أن حصل على حوالي ستة ملايين صوت من التيارات المدنية التي ساندته. ومع هذا ورغم تأييد حمدين صباحي و6 أبريل له، لم يتمكن محمد مرسي من التفوق على منافسه أحمد شفيق، إلا بأغلبية لا تزيد على 882 ألفا و751 صوتا، حيث حصل على 51 ٪ من أصوات الناخبين. وعلى هذا فالصندوق الذي يعتمد عليه مرسي لفرض سيطرته على شعب مصر، لم يوافق عليه سوى نصف الناخبين. ورغم أن مرسي وجماعته يسيطران على الوضع في مصر عن طريق مواجهة الشرطة للمعارضين، فإنهم في حاجة ماسة إلى إجراء انتخابات سريعة لمجلس النواب حتى لا ينهار حكمهم. ففي ظل تفاقم الوضع الاقتصادي الحالي وانخفاض الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي، لم يعد في استطاعة الحكومة استيراد ما تحتاجه البلاد من ضرورات رئيسية سوى لمدة أقصاها ثلاثة أشهر، تنتهي مع بداية شهر يونيو "حزيران" القادم. ولما كان صندوق النقد الدولي يطالب بموافقة الشعب المصري على إجراءات التقشف شرطا للموافقة على قرض بحوالي 5 مليار دولار، فإن الحكومة تريد أن يقوم برلمان الإخوان الجديد بالموافقة على هذه الشروط باعتباره ممثلا للشعب. وبينما تمكنت الحكومة من السيطرة على الوضع في مصر حتى الآن عن طريق رجال الشرطة، فإن إطالة المدة قبل الانتخابات ستؤدي إلى انهيار جهاز الشرطة قبل موعد الانتخابات، كما حدث قبل سقوط الرئيس مبارك. عندئذ سينزل الجيش إلى الشارع ليتولى حماية المنشآت العامة، لكنه لن يواجه المحتجين لن يقمع ثورتهم. وبالفعل فقد بدأت الآن عمليات التمرد والعصيان تمتد إلى جهاز الأمن، حيث تم إغلاق عدد من مراكز الشرطة وطالب ضباط وأفراد الشرطة بعزل محمد إبراهيم – وزير الداخلية الذي ورطهم في المعركة بين الشعب وحكومة الإخوان. كما أن انتخاب برلمان جديد يسيطر عليه الإخوان وحلفاؤهم من تيار الإسلام السياسي، سوف يمكنهم من استخدام القانون لفرض شرعيتهم بالقوة، حيث يصبح من حق البرلمان إصدار قوانين تجرم قادة المعارضة باعتبارهم محرضين ضد الحكومة الشرعية، وفرض قانون التظاهر الذي يفرض الحصول على موافقة الشرطة قبل التظاهر.وبما أن القضاء ملزم بتطبيق القوانين التي يصدرها البرلمان، يصبح معارضو الحكومة من شباب الثورة، خارجين على القانون يتم وضعهم في السجون. من أجل الإسراع بإجراء الانتخابات البرلمانية، أدركت جماعة الإخوان المسلمين أن قانون الانتخابات الحالي، سوف ترفضه المحكمة الدستورية بسبب العوار القانوني الذي أصابه، كما يتأخر صدور قرار المحكمة النهائي – وبالتالي تتأخر انتخابات البرلمان – لعدة أشهر، مما يعرض مرسي وحكومته لأخطار لن يكون في وسعهم مواجهتها. ولما كانت المحكمة الإدارية قد أحالت هذا القانون إلى المحكمة الدستورية لدراسته بسبب عوار في الشكل، فهم يفضلون تفادي العوار الشكلي دون السماح للمحكمة الدستورية بالبحث في مواد القانون نفسه. وفي محاولة منه للالتفاف على قرار المحكمة، قرر مجلس الشورى عدم انتظار قرار المحكمة الدستورية، واعتبار القانون الذي وافق عليه مرسي من قبل كأن لم يكن. على أن يبدأ المجلس فورا بوضع قانون جديد يعرضه على محكمة القضاء الإداري، كي يفوت على المحكمة الدستورية فرصة النظر في شرعية القانون نفسه. ومهما قام الإخوان بألاعيب للتهرب من حكم القضاء، فإن قرار المحكمة الإدارية بإلغاء دعوة الرئيس لإجراء الانتخابات البرلمانية في 22 أبريل "نيسان" القادم، قد حرم مرسي وجماعة الإخوان من شرعية الصندوق المزور الذي يعدون له، وأصبح عليهم الآن البحث عن مفتاح جديد لإخراجهم من الورطة التي وضعوا أنفسهم فيها، بعد أن عرضوا الدولة المصرية نفسها للانهيار. |
الجمعة، 22 مارس 2013
ثقافة الاستبداد تجدد رموزها في العالم العربي
فاروق يوسف
من المؤكد أن سقوط أنظمة الاستبداد هو حدث مدو لايُستهان بقيمته التاريخية غير أن ذلك الحدث في حد ذاته لا يكفي لفتح الأبواب على الحرية. ثقافة الاستبداد أكثر خطورة من الأنظمة التي تنتجها والتي تستمد شرعيتها منها. النظام السياسي، أي نظام، مهما كان قويا ومتيقظا ووقائيا فإن زواله ممكن في أية لحظة. أما ثقافته فإنها لا تمحى من النفوس والعقول والذاكرة بيسر.
وفي مجتمعات ترسخت فيها ثقافة الاستبداد بسبب عوامل تاريخية واجتماعية ودينية مثل المجتمعات العربية فإن هذا الأمر يبدو مركبا ومعقدا وأكثر عسرا مما هو عليه في مجتمعات أخرى. يكفي أن يُلقي المرء نظرة سريعة على التحولات الديمقراطية السريعة والراسخة التي شهدتها بلدان أوروبا الشرقية بعد انهيار الأنظمة الشيوعية الشمولية فيها ليدرك الفجوة التي تفصل مجتمعاتنا عن العالم. ففي دول الربيع العربي سقط الطغاة غير أن الشعوب ذهبت إلى الفوضى.
أزيلت أسماء الطغاة من الشوارع، هُدمت تماثيلهم في الساحات، أحرقت الكتب التي تذكر بهم. مُزقت الصفحات التي تحمل صورهم في الدفاتر المدرسية. غيرت الأعلام التي كانت تضلل رؤوسهم ومشيتهم العسكرية. غير أن ذلك كله لا ينتمي إلى الحقيقة التي أنتجتهم. كل ما محاه العراقيون مثلا لا ينتسب إلى فكرة الاستبداد القابعة في أعماق نفوسهم. لقد محوا جزءا من صورة مستبد واحد مر بتاريخهم الغاص بالمستبدين. وهو التاريخ الذي أنتج ثقافة يمكنها في أية لحظة أن تنتج مستبدا جديدا. وهو ما نراه في سلوك محمد مرسي، الرجل الذي انتخبه المصريون رئيسا بأسلوب ديمقراطي فصار بعد أشهر سجين قصره، من غير أن يمتد بصره إلى المدن المصرية الثائرة التي صار نزول أبنائها إلى الشوارع بمثابة تصويت رافض لشرعية استمراره رئيسا.
وإذا ما كان ما شهده العراق من إعادة إنتاج لرموز الاستبداد مسكوتا عنه إعلاميا، بسبب سطوة الولايات المتحدة على الإعلام العالمي فإن واقع الحال في دول الربيع العربي لم يبخل على وسائل الإعلام بالصور والمعلومات والحقائق التي تؤكد أن الثورات التي قامت بها شعوب تلك الدول قد تم احتواؤها من قبل طبقات سياسية جديدة كان هاجسها النضالي الوحيد أن تحل محل الطبقات السياسية القديمة، أن يحل دورها في الاستيلاء على المغانم.
الأدهى من ذلك أن أية مقارنة منصفة بين الطرفين لابد أن تذهب نتيجتها إيجابيا لصالح المستبد القديم. ولإثبات ذلك يمكننا أن نتخذ من الوقائع التي شهدها العراق خلال العشر سنوات الماضية دليلا على ذلك. إن عملية واحدة من عمليات الفساد التي شهدها العراق الجديد "اختفت ذات يوم تسعة مليارات دولار من غير أن يتم العثور عليها" تعادل إذا لم تفوق كل عمليات الفساد التي شهدها النظام الذي تم إسقاطه بعد الغزو الأميركي عام 2003، بالرغم من أن ذلك النظام كان قد حكم دولة ثرية طوال 35 سنة وتسلط منفردا على مقدراتها ومصير شعبها.
يحدث كل هذا الفساد مدعوما بثقافة لا ترى في الانتقال من استبداد إلى استبداد آخر قد يفوقه قسوة وبطشا وتفردا إلا نوعا من الاستحقاق الموضوعي. ولن نبالغ إذا ما قلنا إن هناك من يعتقد أن مجتمعاتنا لا يمكن أن تدار أو تحكم إلا عن طريق الاستبداد، ومن هنا تحضر بين حين وآخر على السنة بعض مفكرينا وسياسينا فكرة اللجوء إلى المستبد العادل الذي يكون قادرا على تصريف شؤوننا، بحزم لا يخطيء طريقه إلى العدالة. وهي فكرة ظلامية تنسف مفهوم العدالة، القائم على حرية الشعب في اختيار من يحكمه ومن يمثله ومن تعهد إليه الأمانة.
لقد جرى تسويق فكرة المستبد العادل من قبل جماعات سياسية شتى، تختلف في توجهاتها الفكرية غير أن فكرتها عن الحكم تصدر من تراث ثقافي واحد، جوهره الإيمان بالاستبداد.
وكما اتضح أن تلك الجماعات كانت تسوق تلك الفكرة بين الناس في انتظار اللحظة التي تقفز فيها إلى السلطة. ما يجري في مصر، في تونس، في اليمن، في ليبيا وفي العراق من قبل، ما هو إلا استعادة لمفردات ثقافة الاستبداد التي تجدد رموزها في استمرار.
من المؤكد أن سقوط أنظمة الاستبداد هو حدث مدو لايُستهان بقيمته التاريخية غير أن ذلك الحدث في حد ذاته لا يكفي لفتح الأبواب على الحرية. ثقافة الاستبداد أكثر خطورة من الأنظمة التي تنتجها والتي تستمد شرعيتها منها. النظام السياسي، أي نظام، مهما كان قويا ومتيقظا ووقائيا فإن زواله ممكن في أية لحظة. أما ثقافته فإنها لا تمحى من النفوس والعقول والذاكرة بيسر.
وفي مجتمعات ترسخت فيها ثقافة الاستبداد بسبب عوامل تاريخية واجتماعية ودينية مثل المجتمعات العربية فإن هذا الأمر يبدو مركبا ومعقدا وأكثر عسرا مما هو عليه في مجتمعات أخرى. يكفي أن يُلقي المرء نظرة سريعة على التحولات الديمقراطية السريعة والراسخة التي شهدتها بلدان أوروبا الشرقية بعد انهيار الأنظمة الشيوعية الشمولية فيها ليدرك الفجوة التي تفصل مجتمعاتنا عن العالم. ففي دول الربيع العربي سقط الطغاة غير أن الشعوب ذهبت إلى الفوضى.
أزيلت أسماء الطغاة من الشوارع، هُدمت تماثيلهم في الساحات، أحرقت الكتب التي تذكر بهم. مُزقت الصفحات التي تحمل صورهم في الدفاتر المدرسية. غيرت الأعلام التي كانت تضلل رؤوسهم ومشيتهم العسكرية. غير أن ذلك كله لا ينتمي إلى الحقيقة التي أنتجتهم. كل ما محاه العراقيون مثلا لا ينتسب إلى فكرة الاستبداد القابعة في أعماق نفوسهم. لقد محوا جزءا من صورة مستبد واحد مر بتاريخهم الغاص بالمستبدين. وهو التاريخ الذي أنتج ثقافة يمكنها في أية لحظة أن تنتج مستبدا جديدا. وهو ما نراه في سلوك محمد مرسي، الرجل الذي انتخبه المصريون رئيسا بأسلوب ديمقراطي فصار بعد أشهر سجين قصره، من غير أن يمتد بصره إلى المدن المصرية الثائرة التي صار نزول أبنائها إلى الشوارع بمثابة تصويت رافض لشرعية استمراره رئيسا.
وإذا ما كان ما شهده العراق من إعادة إنتاج لرموز الاستبداد مسكوتا عنه إعلاميا، بسبب سطوة الولايات المتحدة على الإعلام العالمي فإن واقع الحال في دول الربيع العربي لم يبخل على وسائل الإعلام بالصور والمعلومات والحقائق التي تؤكد أن الثورات التي قامت بها شعوب تلك الدول قد تم احتواؤها من قبل طبقات سياسية جديدة كان هاجسها النضالي الوحيد أن تحل محل الطبقات السياسية القديمة، أن يحل دورها في الاستيلاء على المغانم.
الأدهى من ذلك أن أية مقارنة منصفة بين الطرفين لابد أن تذهب نتيجتها إيجابيا لصالح المستبد القديم. ولإثبات ذلك يمكننا أن نتخذ من الوقائع التي شهدها العراق خلال العشر سنوات الماضية دليلا على ذلك. إن عملية واحدة من عمليات الفساد التي شهدها العراق الجديد "اختفت ذات يوم تسعة مليارات دولار من غير أن يتم العثور عليها" تعادل إذا لم تفوق كل عمليات الفساد التي شهدها النظام الذي تم إسقاطه بعد الغزو الأميركي عام 2003، بالرغم من أن ذلك النظام كان قد حكم دولة ثرية طوال 35 سنة وتسلط منفردا على مقدراتها ومصير شعبها.
يحدث كل هذا الفساد مدعوما بثقافة لا ترى في الانتقال من استبداد إلى استبداد آخر قد يفوقه قسوة وبطشا وتفردا إلا نوعا من الاستحقاق الموضوعي. ولن نبالغ إذا ما قلنا إن هناك من يعتقد أن مجتمعاتنا لا يمكن أن تدار أو تحكم إلا عن طريق الاستبداد، ومن هنا تحضر بين حين وآخر على السنة بعض مفكرينا وسياسينا فكرة اللجوء إلى المستبد العادل الذي يكون قادرا على تصريف شؤوننا، بحزم لا يخطيء طريقه إلى العدالة. وهي فكرة ظلامية تنسف مفهوم العدالة، القائم على حرية الشعب في اختيار من يحكمه ومن يمثله ومن تعهد إليه الأمانة.
لقد جرى تسويق فكرة المستبد العادل من قبل جماعات سياسية شتى، تختلف في توجهاتها الفكرية غير أن فكرتها عن الحكم تصدر من تراث ثقافي واحد، جوهره الإيمان بالاستبداد.
وكما اتضح أن تلك الجماعات كانت تسوق تلك الفكرة بين الناس في انتظار اللحظة التي تقفز فيها إلى السلطة. ما يجري في مصر، في تونس، في اليمن، في ليبيا وفي العراق من قبل، ما هو إلا استعادة لمفردات ثقافة الاستبداد التي تجدد رموزها في استمرار.
الأربعاء، 20 مارس 2013
الثلاثاء، 19 مارس 2013
على ماذا اختلفت دول العالم في "وثيقة وقف العنف ضد المرأة "؟
اتحدت عشر دول في اعتراضها على وثيقة الأمم المتحدة "وثيقة وقف العنف ضد المرأة" دون عرقلة لإقرار نصها بالإجماع أمس الأول الجمعة ضمن أجواء من التحذير والتخويف من عواقبها.
وتختلف أسباب الاعتراض بين دولة وأخرى بين الدول العشر المعترضة على "وثيقة وقف العنف ضد المرأة" والتي تم إقرارها في 15 آذار/ مارس الجاري وهذه الدول هي: روسيا والفاتيكان ومصر والسعودية والسودان وقطر وليبيا وايران ونيجيريا وهندوراس.
فاتفقت ايران وروسيا والفاتيكان في اعتراضها بسبب مخاوفها من الإشارة إلى عمليات منع الحمل والإجهاض وعلاج الأمراض التي تنتقل بالطرق الجنسية إضافة لحماية حقوق المثليين. في حين رحبت الولايات المتحدة بالإعلان لكنها أبدت أسفها لعدم تضمنه إشارة إلى المثليات والمتحولات جنسيا.
وأخفق تعديل اقترحته مصر بأن يتم تنفيذ الوثيقة طبقا للتشريعات والقوانين الخاصة بكل دولة على حدة لكون هذا البند قادراً على نسف كل ما تضمنته الوثيقة من بنود.
وحذرت جماعة "الإخوان المسلمين" من أن إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق المرأة قد يدمر المجتمع بالسماح لها بأن تسافر وتعمل وتستخدم وسيلة لمنع الحمل بدون موافقة زوجها وإعطاء حرية جنسية كاملة للفتيات.
وقال "الإخوان المسلمون" إن الإعلان سيعطي الزوجات حقوقا كاملة في اقامة دعاوى قانونية ضد أزواجهن باتهامهم بالاغتصاب أو التحرش الجنسي وهو ما يلزم السلطات المختصة بإنزال عقوبات بالأزواج مماثلة لتلك التي ينص عليها القانون في حالة اغتصاب امرأة غريبة او التحرش بها.
وكشفت صحيفة "اليوم السابع " أن الأزهر الشريف منهمك بإعداد وثيقة المرأة منذ أواخر العام الفائت ليواجه الأفكار التغريبية العلمانية وفي نفس الوقت وبنفس الشدة يواجه الفكر المتشدد الذى لا يعطى للمرأة حقوقها، من مشاركة سياسية وخلافة، وستكون الوثيقة مفاجأة للفكر العلماني التغريبي والمتشدد في نفس الوقت.
يذكر أن "وثيقة وقف العنف ضد المرأة" تتكون من 18 صفحة وتدعو الوثيقة الى تشجيع التربية الجنسية للأطفال بالمدارس، وخلق نظام للرعاية الطارئة لضحايا العنف، إضافة لتشديد عقوبة القتل بدافع التحييز ضد المرأة، وتم إقرار الوثيقة في 15 آذار/مارس الجاري بموافقة جميع الدول المشاركة في الدورة 57 للجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة، بعد إخفاق المحاولة الأولى لإقرار وثيقة تحمي حقوق المرأة في العالم في عام 2003، وذلك لاختلاف الدول حول بنودها المتعلقة بالتربية الجنسية والسماح بالإجهاض وتفوق حقوق المرأة على التقاليد والمعايير الدينية.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
التسميات
- اخبار (15)
- اشغال يدوية (22)
- اعادة تدوير للاشياء (10)
- الاعيب المجلس العسكرى (3)
- بسرعة (1)
- تخفيض الوزن والحمية (4)
- تعليم كروشيه (4)
- دين وسياسة (2)
- رسم على الزجاج (2)
- رسم على السيراميك (1)
- سكارف (3)
- صور اعجبتنى (3)
- قالات (1)
- مصر واسرائيل (1)
- مقالات (16)
- موسيقى واغانى (3)