الأحد، 25 ديسمبر 2011
الجمعة، 23 ديسمبر 2011
ميدان التحرير وشعراء الصوفية !
/ بقلم عبدالواحد محمد
déc21
2011 نقلا عن التقدمية
2011 نقلا عن التقدمية
وحد بي الكون فأجفانه تلبس أجفاني. وحد بي الكون بحريتي فأينا يبتكر الثاني . الشاعر أودنيس
سوف يظل شعراء الصوفية الذين خرجوا من رحم الإبداع العربي الحقيقي رمزا خالدا بفضل عطائهم الدءوب والمتأصل في الذات والوجود بفلسفة قوامها الوعي كمرادف اجتماعي يكشف لنا عن الكثير من قضايانا السياسية والاقتصادية والروحية والفكرية والثورية بمنهجية أهل التفكير لا الدراويش والمجاذيب ومن رواد الصوفية الكبار الذين كتبوا رسالة كل الأجيال بحروف من نور وفيها متعة للبحث والتنقيب الذي يدفعنا للتساؤل؟ من هم ولمن كانوا يعيشون؟ ! رغم كل نداءات ومتاع الدنيا التي لم يسلم من شهواتها الكثير والكثير حكاما ومحكومين بتعاقب الزمن والعقود فنجد من بين هؤلاء المبدعين الذين ارتدوا ثوب الصوفية وهم الكبار في كل العصور الحلاج . بن عربي. بن الفارض.رابعة العدوية . وغيرهم لتصحيح مسار عالمنا الاجتماعي بمنطق لا يعترف بغير الولاء للوطن واللجوء للحكمة عند اشتداد الأزمات ونبذ الفتن والمؤامرات والحروب فكانت دعوتهم السلام وحب البشر والعمل البناء والأخذ بأساليب العصر تطورا فعليا لا نقلا وترجمة وهذا ما نبحث عنه في زماننا العولمي لكي نري جيل وأجيال بلا عقد ونعول عليها الكثير بعد ثورة 25 يناير المجيدة والتي جاءت من رحم شعراء الصوفية العظماء و الذين لم يغادروا ميدان التحرير طوال 18 يوما حتى سقط النظام البائد وهم يعزفون علي أوتارنا بشعر صوفي عذب النغمات رغم سقوط العديد من الشهداء والجرحى والمفقودين كما عزفه من قبل دعاة الإبداع والخروج من ظلمات الأفكار المريضة .
وليس غريبا علينا أن يعبر شاعرنا المعاصر عن تجربته الذاتية من خلال أصوات صوفية تبعث علي المضي نحو طريق فيه كل النداءات الملهمة لعالم وآخر ونضرب هنا مثلا بالشاعر الكبير ( أدونيس ) وهو يفسرلنا سر ارتباطه بالموروث الصوفي كواقع مرئي في سطوره وهو يؤكد في رسالته بقوله ما يلي ( لئن كان الإبداع لدي أسلافنا لا يتجاوز الحدود الإنسانية الواقعية فهو اليوم يقودنا إلي عوالم ثانية إلي الممكن وما وراءه خارج الحياة اليومية في مناجاة الأحلام والأفراح والحسرات والمشاعر والرؤي الفارقة في قرارة الروح وهذا ما يفسر اتصالي بالصوفية النسم المبثون في العالم حيث التجربة انبثاق كوني طوفان يغسل الواقع ويشيع الحياة والحلم في المادة فتصرخ الأشياء وتتآخي .. هكذا تؤلف الرؤيا الشعرية بين الأطراف وترد الكثرة إلي الوحدة فتتمازج أشياء العالم ويتوحد أي شئ مع أي شئ )
ولقد كان شعر أدونيس حقيقة في مجمله تعبيرا عن هذا النزوع إلي الاتحاد الحميم بكل مظاهر وزخرف الكون .
وحد بي الكون فأجفانه تلبس أجفاني
وحد بي الكون بحريتي فأينا يبتكر الثاني
كما لم يكن شاعرنا أدونيس هو الذي أنخرط في الصوفية شعرا بل نجد الشاعر صلاح عبد الصبور هو الآخر الذي جذبته وانعكس ذلك علي شعره وهذا يبدو جليا في قصيدته ( أغنية ولاء ) التي يصور فيها رحلته في سبيل الشعر مستغلا الجو الصوفي ومفردات الرحلة الصوفية في سبيل الوصول للحقيقة التي يؤمن بها فالشعر في القصيدة هو محبوب الشاعر الذي يتبتل إليه ويطهر ذاته ليستطيع الوصول إليه فهو يناجي الشعر في ضراعة صوفية شفافة .
خرجت لك
علي أوافي محملك
كمثلما ولدت غير شملة الإحرام وقد خرجت لك
( ومن أراد أن يعيش فليمت شهيد عشق
معذبي يا أيها الحبيب
أليس لي في المجلس الني حبوه التبيع
فإنني مطيع
وخادم سميع
فإن أذنت إنني النديم بالأسمار الخ
ومن بين الشعرا ء التي جذبتهم الصوفية في قصائدهم الشاعر ( بشر فارس ) الذي استغل معطيات التراث الصوفي في الإيحاء ببعض المعاني المبهمة التي تنم عن متناول الحس وقد ساعده علي ذلك أن تجربته في استبطان المحسوس تشبه في مثاليتها وما تقتضيه من مكابدة فلسفة التجربة الصوفية لديه وهذا ما نراه في قصيدته المعنونة ( إلي فتاة ) كنموذج لهذا المزج الفني بين الجانبين فهي محاولة للوصول إلي وراء المحسوس بوسائل المتصوفة .
بصريني يا وضوح ثورة القطب الخطير
أنا في وهج الفتوح يقظ لكن حسير
خف بي كشف طموح وكبا فهم كسير
فوضوح رمز الروح الهادية إلي عالم المجردات المحضة والقطب والفتوح والكشف رموز يستغل الشاعر ما فيها من إشعاعات صوفية للإيحاء بجو يشبه ما يعانيه المتصوف من شوق إلي الوصول وعجز عن الإدراك العقلي الواضح لما من شأنه الغموض وما يكتفي فيه باللمحة المبهمة عن الشرح والتقرير ويعد لا مراء الشاعر بشر الفارس أحد رواد الرمزية الصوفية بلا منازع مثل كثيرين من شعراء الصوفية فلم يستخدموا من التراث الصوفي سوي المعجم والجو الصوفي العالم أما استعارة شخصيات من التراث الصوفي للتعبير من خلالها عن بعض جوانب تجربة شاعرنا المعاصر فذلك أمر لم يشع في شعرنا العربي إلا مع مطلع الستينيات من القرن العشريني المنصرف .
لكن ما نود البحث والتنقيب عنه هو الوصول إلي مرادفات صوفية في شعرنا العربي بعد أحداث ثورة 25 يناير وما يعقبها من متغيرات كيفية ونوعية في الفكر والإبداع الذي يقوم علي أسس تكمن في خلق القصيدة الملهمة للعامة وليست للخاصة أو النخبة المثقفة التي تستوعب كثير من الفلسفات المبنية علي فلسفة ومنطق وهذا هو ما يجب البحث والتنقيب عنه وخاصة أن ميدان التحرير كان محركا للعقول والقلوب معا من خلال رسالة الشاعر الشعبي والفطري الذي تحمل عناء البرد والجوع والصبر علي تحقيق هدفه وهدف شعب يسعي لفك كل القصائد التي لم تكن صوفية في أدني صورها بل كانت مفككة من الوزن والمعني كأنها ترقص علي قدم واحدة ؟ وهذا سر سقطوط نظام هرم لم يستوعب فن القصيدة التي تحقق تواصله مع الآخر فسقطوا دون رجعة وبقي الشعر رسالة والشعراء عليهم دور لن ينتهي حتي نستعيد عافية الإبداع العربي في كل مؤسسات عواصمنا العربية لأن ثورة 25 يناير المصرية لم تكن ثورتنا بل كانت ثورة ملهمة لكل ما هو عربي يكتب القصيدة بلسان فصيح وهذا ما بلوره برؤيته الشاعر العراقي الكبير عبدا لوهاب البياتي في قصائد بعنوان ( عذاب الحلاج ) والربط بين محنة الحلاج الصوفي الكبير والسيد المسيح في الموروث المسيحي ونجده يستعير بعض من ملامح المسيح للحلاج فهو حين يصور مطاردة قوي البغي له ولأتباعه ولأ فكاره يستغل ملمحا من ملامح المسيح وهو العشاء الأخير الذي تناول ه المسيح مع تلاميذه وحواريه قبل القبض عليه فيقول في قصائده
والنار أصبحت رمادا هامدا .. من أين لي يامغلق الأبواب
والعقم واليباب
مائدتي .. عشائي الأخير في وليمة الحياة
وهو أخيرا يعطي حادث صلب الحلاج نفس الدلالة التي أخذها صلب المسيح في شعرنا المعاصر وهي البعث من خلال الموت وميلاد الحياة الجديدة من أشلائه
أوصال جسمي أصبحت سماد
في غابة الرماد
ستكبر الغابة يا معانقي
وعاشقي
ستكبر الأشجار
أما الجانب الآخر والمهم وهو البعد السياسي لمحنة الحلاج فهو أشد وضوحا لدي البياتي بل أنه المحور الأساسي الذي تدور حوله القصيدة كلها فهو يتكلم باسم الفقراء الذين منحوه الأسمال التي يلبسها وهذه الأقوال التي يتفوه بها وهو في مشهد ( محاكمة الحلاج ) ويلخص سبب محاكمته البياتي في كلمتين
بحت بكلمتين للسلطان
قلت له جبان
أما مسرحية ( مأساة الحلاج ) للشاعر صلاح عبدالصبور فحملت تلك الإرهاصات الصوفية في سطورها التي خاطبت الوجدان من خلال صورة فيها كل مشاهد الحلاج الداخلية التي تنم عن شعوره بالظلم البين
إلي إلي ياغرباء .. يافقراء .. يامرضي
كسيري القلب والأعضاء قد أنزلت مائدتي إلي إلي
لنطعم كسرة من خبز مولانا وسيدنا
إلي إلي أهديكم إلي ربي وما يرضي ربي
أما البعد السياسي لمحنة الحلاج فهو بدوره واحد من المحاور الأساسية للمسرحية حيث حاول الشاعر صلاح عبدالصبور في المسرحية أن يصور من خلال الحلاج موقف صاحب الكلمة من المجتمع ومن السلطة أو علي حد ما يقول الشاعر القت المسرحية دور الفنان في المجتمع وكانت إجابة الحلاج هي أن يتكلم ويموت كان عذاب الحلاج طرحا لعذاب المفكرين في معظم المجتمعات الحديثة وحيرتهم بين السيف والكلمة بعد أن يرفضوا أن يكون خلاصهم الشخصي بطرح العديد من المشكلات الكونية والإنسانية علي كواهلهم وهنا لابد من الإشادة بالدور الصوفي في مؤازرة العقل والنفس المتطلعة للتغير كما حدث عندما خرجت الجموع الشعبية عن بكرة أبيها يوم 25 يناير ومن قلب ميدان التحرير الصوفي أيضا مطالبة بالتغير والعدالة الاجتماعية بعدما تحولت العقول الحاكمة إلي عقول جامدة لا حلم لها غير أن تمكث مائة عام في السلطة ؟!
. وما بين الحقيقة والحقيقة شواهد عندما نسترجع دور شعراء الصوفية عبر التاريخ ونحن نقرأ ألفيتنا الثالثة ونرصدها بعين لاتري غير الإبداع حرا وخاليا من من كل المحسنات الذليلة التي دفعنا ثمنها كثيرا حتي تاهت القصيدة العربية ولم تعد تلقي قبولا رائجا من صناع كل قرار وكنا وكانوا من قضية لم يحسموها من قبل أن التغير لن يطرأ علي القصيدة العربية بقبضة السلاح والعسكر وكتبة التقارير المفبركة لإجهاض أي ثورة تنشد التغيير فخرجوا من المعادلة وبقت مصر حاضنة لأكبر ثورة شعبية عرفها التاريخ المعاصر في ظل وسائط تكنولوجية أبرزها الانترنت والنقال والفضائيات التي مهدت لكسر كل القضبان الحديدية ..
بقلم
عبدالواحد محمد
كاتب وصحفي مصري
abdelwahedmohaned@yahoo.com
نشرت في مجلة الثقافة الجديدة المصرية عدد أكتوبر 2011
الجمعة، 16 ديسمبر 2011
سري للغاية : تفاقم الخلاف القطري السعودي
نقلا عن التقدمية
سما سوريا ـ غسان بن جدو :.. وأمير قطر لقادة دبي لفلفوا القضية وإحنا جاهزين..: تصاعد الخلاف القطري السعودي في الآونة الأخيرة بشكل غير مسبوق................
حتى وصل حد التهديد بقطع العلاقات بينهما, مما قد يتسبب هذا الخلاف من انفراط عقد مجلس التعاون الخليجي. مصادر إعلامية أوضحت لسما سورية أن خيوط الخلاف بدأت تتكشف بعد برامج أذاعتها قناة الجزيرة انترناشونال القطرية والتي تبث باللغة الانكليزية, والتي اعتبرتها الرياض إهانات لها، وعلى خلفية تلك البرامج أوضح أمير سعودي رفيع المستوى أن قطر انعطفت في مسارها الإقليمي أخيراً بفعل الضغوط السعودية عليها حتى أن المسؤولين السعوديين هددوا نظراءهم القطريين بإحتلال دولتهم إذا لم ـ يكوّعوا ـ . وأوضحت المصادر لـ”سما سورية” والتي رفضت الكشف عن اسم الأمير السعودي بناء على طلبه بعدم الكشف عن اسمه خوفا من محاولة اغتياله وخاصة أن حكام قطر اعتمدوا في الاونة الاخيرة على تصفية من يعارضهم وكان آخر من قامت القيادة القطرية باغتياله لمساعدة اسرائيل هو القيادي في حركة حماس ”محمود المبحوح” اذا يكشف الأمير السعودي تفاصيل بسيطة عن قضية اغتيال المبحوح وطريقة تعامل شرطة دبي معها وانتهاء التحقيق فيها عندما قام أمير قطر بزيارة إمارة دبي/ يوم الخميس 25 / شباط / 2010 اذا ان هذه الزيارة لم تكن زيارة اخوية او زيارة استجمام بل كانت ذات أهداف واضحة لها علاقة باغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح.
الأمير القطري بحسب كلام المصادر السعودية أدهش مستقبليه بطلبات وعروض تتضمن التالي :
رجاء وإلحاح من قبل قطر أن يتوقف مسلسل كشف حقائق قضية اغتيال المبحوح وعدم تصعيد القضية قضائياً وإعلامياً. طلبه هذا مدعوم برغبة إسرائيلية في محاولة للحد من الخسائر التي قد تطيح بقيادات “عبرية اسرائيلية واخرى قطرية” كثيرة جراء هذه العملية التي هزت العالم إعلامياً وسياسياً عبر اكتشافها رغم تعقيدها، ثم تتالي المعلومات من خلال سلسلة بيانات طالت دولاً وعواصم كثيرة في العالم مصحوبة ببيانات بنكية وأرقام هواتف خلوية.
ثم عرض أمير قطر بشكل مباشر في دعم اقتصاد دبي ملمحاً أن لديه فوائض للقيام بهده المهمة الكبيرة في سعي لاستغلال الأزمة التي جعلت من دبي مادة اقتصادية دسمة في وسائل الإعلام العالمية.
ويؤكد الامير السعودي ان المملكة العربية السعودية رأت أن موقف قطر من تل أبيب يدفع إسرائيل لاحتلال البلدان العربية بلد تلو الآخر ليصل الأمر بالمملكة, كما يقلل من شأن الجهود التي تبذلها السعودية لإنهاء المشكلة الفلسطينية حيث انتقدت الرياض لقاء وزير الخارجية القطري بالقادة الإسرائيليين وزياراته السرية المتكررة لتل أبيب .
منوهين بأن الصحافة السعودية انتقدت بشدة وزير خارجية قطر, ووصفته ( بـ النعجة الضائعة ) الذي يحاول أن يجعل لبلاده قيمة. وقالت إنه يسعى لـدخول التاريخ ولكن من الباب الخطأ!, كما اتهمته بتحويل الدوحة إلى قاعدة للاستخبارات الإسرائيلية, للتجسس على دول الخليج!؟.
وبمقابل ذلك أشهرت قطر سلاح قناة الجزيرة، إذ قامت الفضائية المثيرة للكثير من الجدل بعرض فيلم وثائقي باللغة الانكليزية على القناة التي يشاهدها الاوربيين والامريكيين عن مؤسس السعودية الملك عبد العزيز آل سعود, والتي اعتبرته الرياض فيلما مهيناً.
ثم عرضت القناة برامج حوارية لمنشقين سعوديين هاجموا فيه العائلة الحاكمة السعودية كما بثت القناة مظاهرات عن البحرين بناءً على طلب بعض الشركات الاوربية والتي كانت تحاول ابرام عقود نفطية مع حكومية البحرين وهو الامر الذي اعتبرته السعودية مخالفاً للاتفاق الذي ابرمته مع قطر بشأن البحرين .
وعلى خلفية ذلك شهدت العلاقات بين البلدين تدهورا إلى درجة أن الرياض أحجمت عن توجيه دعوة إلى وزير خارجية قطر, حين أعلن الشيخ حمد بن جاسم أنه يرغب في زيارة الرياض, لإعادة المياه إلى مجاريها.
ويرجع الخبراء جذور ـ التنافس ـ السعودي القطري إلى عام 1995 عندما انقلب حمد بن خليفة آل الثاني على ابيه, بدلاً من أبيه الشيخ خليفة بن حمد ليبدأ مرحلة جديدة, كان من الواضح أنها تتضمن إخراج قطر, إذا جاز التعبير, من تحت عباءة السعودية, وتحويلها إلى قوة مهمة في الخليج.
ولأن الإمارة الصغيرة, التي لا تتجاوز مساحتها 11 ألف كيلومتر مربع, وعدد سكانها 600 ألف نسمة، ثلثهم فقط من القطريين, كانت تريد الوثوب بسرعة لأعلى القمم في الخليج, فقد اعتمدت سياسة إعلامية مفتوحة, لتصبح مركز إعلاميا يستفيد من كل وسائل تكنولوجيا الفضائيات والانترنيت, وكانت الحصيلة الأبرز لهذه السياسة قناة الجزيرة التي تفوقت على مختلف القنوات الفضائية العربية.
أما النقطة الأخرى الحساسة, التي بدأت قطر تنافس فيها السعودية, فكانت “التنافس” حول استضافة “الوجود العسكري الأمريكي” في الخليج, خصوصا مع تصاعد الرفض الشعبي الخليجي, في السعودية لوجود القوات الأمريكية في جزيرة العرب, وظهور مواقف سعودية غير رسمية, تتحدث عن رغبة المملكة في رحيل القوات الأمريكية عن أراضيها.
ويرى خبراء في الشؤون الخليجية أن السبب الظاهر للخلاف بين البلدين هو ما تبثه قناة الجزيرة عن المملكة السعودية, وتعمد نقلها لآراء بعض الساسة والصحافيين الأمريكان بشأن ما سمي “الفساد” و”الصراع على السلطة” في المملكة العتيدة, مع ما تحمله هذه البرامج من آراء تبدو أشبه بالإهانات لأعضاء في الأسرة السعودية الحاكمة، لكن السبب الحقيقي للخلاف, في ما يرى الخبراء, هو “الوجود الأجنبي” في الخليج.
ويذهب أولئك الخبراء إلى أن قطر, بسبب محدودية حجمها وقوتها, تحتاج إلى حماية القوات الأمريكية. وسبق للدوحة أن أعلنت ذلك بوضوح على لسان وزير خارجيتها. كما أن هذا الارتباط الوثيق بأقوى دولة في العالم يوفر لقطر فرصة لتقوية موقعها المستقبلي, ونفوذها في المنطقة, خصوصا أنها الأقل حجما وسكانا بين دول الخليج.
ووفقا لموقف قطر من المملكة العربية السعودية واعتمادها على الامريكيين فقد استذكرت صحيفة “السفير” اللبنانية في مقال افتتاحي يوم الاثنين 5 / 12 / 2011, واقعة أبطالها الشيخ ” حمد “أمير قطر، والملك السعودي ….
فعندما وقع الخلاف بين إمارة قطر والمملكة العربية السعودية حول منطقة العيديد، قبل خمس عشرة سنة أو يزيد قليلاً، لم يلجأ الشيخ حمد بن خليفة، حاكم قطر إلى الجامعة العربية لفض الخلاف … بل إنه قال ما يفيد أنه حاول استدراج إيران لتهديد السعودية بها فرفضت طهران، ثم حاول الاستعانة بصدام حسين، مفترضاً أن الأميركيين سيتدخلون مع الرياض لمصلحته فيتم فض النزاع بالتفاوض فرفضت بغداد هذه المهمة المستحيلة.. وبالفعل جاءه اتصال من واشنطن مفاده : إن بوابتنا هي إسرائيل فاعترف بها نبادر فوراً إلى التدخل ووقف السعودية عند حدها. ولا يخجل الشيخ حمد بن خليفة من القول إنه قد أوفد وزيره الشيخ حمد بن جاسم ذاته إلى واشنطن للقاء وزير الخارجية الإسرائيلية آنذاك شيمون بيريز، معترفا بإسرائيل فعلاً، ثم أعطى العيديد لتقيم عليها الولايات المتحدة الأميركية أكبر قواعدها في الأرض العربية.
ولم يلجأ الشيخ حمد يومها إلى الجامعة العربية، وذهب إلى واشنطن من بوابة إسرائيل. لكنه اليوم وقد بات القيّم على الجامعة العربية ودولها صار أكثر إيماناً بالجامعة بوصفها المعبر الشرعي إلى التدويل على الطريقة القطرية. وبالنظر إلى النوايا الأمريكية العدائية المعلنة ضد الحكم السعودي, خصوصا بعد أحداث 11 أيلول ( سبتمبر ), وبعد الحملة الأمريكية علي العراق فقد تراءى لحكام قطر أن دورهم سيتعاظم في المنطقة لكنهم لم يستطيعوا تحقيق رؤياهم لان القوة لا تأتي من قوة المال الذي تملكه قطر، وعندها استيقظوا ولم يشاهدوا سوى السراب
حرب العراق بالأرقام
تسحب الولايات المتحدة آخر دفعة من قواتها في العراق ليشكِّل الانسحاب المرحلة الأخيرة من العملية العسكرية في تلك البلاد، والتي دامت ثماني سنوات وكلَّفت مليارات الدولارات وآلاف الأرواح.
ويقع الآن عبء ضمان أمن العراق وإعادة إعماره على عاتق قادة وزعماء تلك البلاد التي دمَّرتها الحرب.
وكل رقم له علاقة بتلك الحرب هو من الأمور المتنازع عليها، وإن كان ليس هنالك من رقم يُثار الخلاف بشأنه أكثر من الرقم الذي يشير إلى عدد القتلى في العراق.
ونورد فيما يلي ملخَّصا لبعض الأرقام الأساسية المتعلِّقة بتلك الحرب، ونعرض لأهم ما يُثار حولها من جدل وخلاف:
مستوى عدد القوات
لقد قادت القوات الأمريكية عملية غزو العراق في شهر مارس/آذار من عام 2003، وذلك على رأس تحالف دولي ضم بريطانيا ودولا أخرى.
وتراوح عدد القوات الأمريكية العاملة على الأرض في العراق ما بين 100 و150 ألف عسكري، إذا ما استثنينا فترة صعود موجة المسلَّحين في تلك البلاد في عام 2007.
لقد قضت خطة الرئيس الأمريكي حينذاك، جورج دبليو بوش، والتي رمت إلى تحسين الأمن في البلاد، وخصوصا في العاصمة بغداد، بإرسال 30 ألف عسكري إضافي إلى العراق.
لكن السناتور الديمقراطي باراك أوباما جعل من قضية الانسحاب من العراق التعهُّد الرئيسي في حملته للانتخابات الرئاسية في عام 2008، وهكذا انخفض عدد القوات باضطِّراد منذ وصوله إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني من عام 2009.
وفي التاسع عشر من أغسطس/آب 2010، غادر آخر تشكيل أمريكي مقاتل العراق، تاركا وراءه 50 ألف عنصر من العسكريين المشاركين بالعملية الانتقالية التي كانت تشهدها البلاد.
أمَّا القوات البريطانية في العراق، فقد وصل عددها خلال فترة الغزو إلى 46 ألف عسكري، ليأخذ العدد بعدها بالتناقص التدريجي عاما بعد عام، حيث وصل العدد في شهر مايو/أيار من عام 2009 إلى 4100 عسكري، وذلك عندما سحبت بريطانيا رسميا قواتها من تلك البلاد.
لكن القوات البحرية الملكية البريطانية واصلت تدريب القوات البحرية العراقية حتى مايو/أيار 2011.
والتواجد البريطاني في العراق هو الآن مجرَّد جزء من بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو) التدريبية، وقد أسهمت بريطانيا بتلك البعثة بـ 44 عنصرا عسكريا، بما في ذلك وحدة متواجدة في الأكاديمية العسكرية العراقية.
الخسائر وفقا لآخر أرقام وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، فقدت الولايات المتحدة 4487 عنصرا في العراق منذ غزو تلك البلاد في ما بات يُعرف بـ "عملية حرية العراق" في التاسع عشر من شهر مارس/آذار من عام 2003.
وفي 31 أغسطس/آب من عام 2010، أي مع انسحاب آخر من دفعة من القوات الأمريكية القتالية من العرق، بلغ عدد القتلى في صفوف القوات الأمريكية 4421 عسكريا، قضى 3492 منهم خلال مشاركتهم في الأعمال القتالية، بينما بلغ عدد الذين أُصيبوا جرَّاء العمليات 32000 شخص.
وقُتل منذئذٍ 66 عسكريا، قضى منهم 38 خلال مشاركتهم في الأعمال القتالية خلال مشاركتهم في ما بات يُعرف بـ "عملية الفجر الجديد".
أمَّا عدد من أُصيبوا خلال مشاركتهم بالأعمال القتالية منذ الأول من شهر سبتمبر/أيلول 2010، فقد بلغ 305 شخصا.
وفقدت بريطانيا 179 من عسكرييها، من رجال ونساء في العراق، قضى منهم 136 خلال مشاركتهم في الأعمال القتالية، بينما قُتل 139 عنصرا من قوات الدول الأخرى المشاركة بالتحالف الدولي، حسب موقع آي كاجولتيز (icasualties).
وبينما نلاحظ أنه قد جرى التوثيق بشكل معقول للضحايا الذين سقطوا في صفوف القوات للدول الأخرى المشاركة في التحالف، نرى أنه من الصعوبة بمكان رصد عدد من سقطوا من بين المدنيين والعسكريين العراقيين، وذلك نظرا لغياب الأرقام الرسمية التي يمكن الاعتماد عليها. فهنالك ثمَّة خلاف شديد بشأن كافة الرويات والتقديرات المتعلِّقة بعدد الضحايا في العراق.
وقد دأبت "هيئة إحصاء القتلى العراقيين" خلال الفترة الماضية على جمع وتدقيق وتمحيص أعداد القتلى المدنيين، مستخدمة بذلك أسوبا يعتمد على مقاطعة المعلومات الواردة في العديد من التقارير الإعلامية والأرقام الأخرى الصادرة عن جهات مثل سجلاَّت المشارح.
فوفقا للهيئة المذكورة، فإن عدد القتلى العراقيين الذين سقطوا في العراق حتى شهر يوليو/حزيران من عام 2010 يتراوح ما بين 97461 و106348 شخصا.
وكان الشهر الذي وقه فيه غزو العراق، أي مارس/آذار من عام 2003، أكثر الفترات دموية، وذلك إذا ما أخذنا بالاعتبار عدد القتلى في صفوف المدنيين، إذ تقول "هيئة إحصاء القتلى العراقيين" إن 3977 مواطنا عراقيا عاديا قضوا في ذلك الشهر، و3437 قُتلوا في شهر أبريل/نيسان من ذلك العام.
وتقول الهيئة إن الفرق بين أعلى وأدنى الأرقام الصادرة عنها بشأن عدد القتلى في العراق مردّه التناقضات الواردة في التقارير المتعلِّقة بعدد القتلى الذين سقطوا جرََّاء أحداث معيَّنة، سواء كان أولئك الضحايا مدنيين أم عسكريين.
وقد أدَّى بعض التقارير والاستطلاعات إلى وجود طيف واسع من التخمينات والتقديرات المتعلِّقة بعدد القتلى الذين سقطوا في العراق، فقد قدَّر "استطلاع صحَّة الأسرة العراقية"، الذي دعمته الأمم المتحدة، عدد من قضوا في العراق جرَّاء أعمال عنف في الفترة الممتدة ما بين شهري مارس/آذار من عام 2003 ويونيو/حزيران من عام 2006 بـ 150 ألف شخص.
ّأمَّا مجلَّة "لانسيت" الطبية، فقد نشرت في عام 2006 دراسة قدَّرت عدد العراقيين الذين قضوا جرَّاء الحرب بـ 654965 قتيلا، منهم 601027 قُتلوا نتيجة أعمال العنف في البلاد.
وتضمَّن كل من "استطلاع صحَّة الأسرة العراقية" ودراسة "لانسيت" إحصائيات للقتلى الذين سقطوا في صفوف المدنيين والعسكريين والمقاتلين.
وقد لقي عدد غير معروف من المقاولين المدنيين في العراق حتفهم، إذ ينشر موقع "آي كاجولتيز" ما يصفها بقائمة جزئية لأولئك الضحايا، ضمَّنها أسماء 467 متعاقدا.
الكلفة الكلفة المالية للحرب هي منطقة أخرى جرى التطرُّق إليها وتحليلها على نطاق واسع.
فقد قدَّرت وحدة البحوث في الكونغرس الأمريكي، وهي هيئة بحثية مرموقة وتتجاوز الأحزاب، أن تكون الولايات المتحدة قد أنفقت مع نهاية العام المالي 2011 مبلغا قدره 802 مليار دولار أمريكي على تمويل الحرب، وقد جرى بالفعل تخصيص 747.6 مليار دولار منها.
إلاَّ أن كلاًّ من الاقتصادي الأمريكي جوزيف ستيغليتز، الفائز بجائزة نوبل للاقتصاد لعام 2001، وليندا جي بيلميز، كبيرة المحاضرين في شؤون السياسة العامة والتمويل والموازنات في جامعة هارفارد الأمريكية، يعتقدان أن تكون الكلفة الحقيقية لحرب العراق قد بلغت ثلاثة تريليونات مليار دولار، وذلك في إذا ما أخذنا بالاعتبار الآثار الإضافية لتلك الحرب على الميزانية والاقتصاد الأمريكيين.
وقد موَّلت بريطانيا حصَّتها من تكلفة الحرب من صندوق احتياطيي الخزينة، وتلك المبالغ هي أموال إضافية تُخصَّص لدعم الميزانية العادية لوزارة الدفاع.
فوفقا للأرقام الصادرة عن مقر رئاسة الحكومة البريطانية في شهر يونيو/حزيران من عام 2010، فإن تكلفة المشاركة البريطانية في حرب العراق بلغت 14.32 مليار دولار، ذهب معظمها لتمويل العمليات العسكرية، وأُنفق مبلغ 861 مليون دولار على المساعدات.
وفي شهر يناير/كانون الثاني من عام 2010، قُدِّم للجنة التحقيق البريطانية في الحرب على العراق ملخَّص يظهر كيفية تمويل الحرب على العراق.
المُهجَّرون: بدأت أعمال العنف الطائفي في العراق بالتصاعد منذ أوائل عام 2005. إلاَّ أن تفجير مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء، والمقدَّسين لدى الشيعة، في شهر فبراير/شباط من عام 2006 تسبب بتصاعد موجة الهجمات المتبادلة بين السنة والشيعة على نحو متزايد.
وقد أرغم ذلك العديد من الأسر العراقية على هجر منازلهم والانتقال إلى مناطق أخرى في البلاد، أو ببساطة هربوا إلى الخارج.
من جانبها، تقدِّر المنظمة العالمية للهجرة، والتي ترصد أعداد الأسر المهجَّرة، أن حوالي 1.6 مليون عراقي أُبعدوا عن ديارهم داخل العراق في الفترة الممتدة ما بين عامي 2006 و2010، ويشكِّل هذا العدد 5.5 في المئة من عدد سكان البلاد.
وقد عاد حوالي 400 ألف من أولئك المهجَّرين إلى ديارهم حتى أواسط عام 2010، إذ عاد معظمهم إلى العاصمة بغداد ومحافظات ديالى ونينوى والأنبار، وفقا للمنظمة المذكورة.
ويقع الآن عبء ضمان أمن العراق وإعادة إعماره على عاتق قادة وزعماء تلك البلاد التي دمَّرتها الحرب.
وكل رقم له علاقة بتلك الحرب هو من الأمور المتنازع عليها، وإن كان ليس هنالك من رقم يُثار الخلاف بشأنه أكثر من الرقم الذي يشير إلى عدد القتلى في العراق.
ونورد فيما يلي ملخَّصا لبعض الأرقام الأساسية المتعلِّقة بتلك الحرب، ونعرض لأهم ما يُثار حولها من جدل وخلاف:
مستوى عدد القوات
لقد قادت القوات الأمريكية عملية غزو العراق في شهر مارس/آذار من عام 2003، وذلك على رأس تحالف دولي ضم بريطانيا ودولا أخرى.
وتراوح عدد القوات الأمريكية العاملة على الأرض في العراق ما بين 100 و150 ألف عسكري، إذا ما استثنينا فترة صعود موجة المسلَّحين في تلك البلاد في عام 2007.
لقد قضت خطة الرئيس الأمريكي حينذاك، جورج دبليو بوش، والتي رمت إلى تحسين الأمن في البلاد، وخصوصا في العاصمة بغداد، بإرسال 30 ألف عسكري إضافي إلى العراق.
لكن السناتور الديمقراطي باراك أوباما جعل من قضية الانسحاب من العراق التعهُّد الرئيسي في حملته للانتخابات الرئاسية في عام 2008، وهكذا انخفض عدد القوات باضطِّراد منذ وصوله إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني من عام 2009.
وفي التاسع عشر من أغسطس/آب 2010، غادر آخر تشكيل أمريكي مقاتل العراق، تاركا وراءه 50 ألف عنصر من العسكريين المشاركين بالعملية الانتقالية التي كانت تشهدها البلاد.
أمَّا القوات البريطانية في العراق، فقد وصل عددها خلال فترة الغزو إلى 46 ألف عسكري، ليأخذ العدد بعدها بالتناقص التدريجي عاما بعد عام، حيث وصل العدد في شهر مايو/أيار من عام 2009 إلى 4100 عسكري، وذلك عندما سحبت بريطانيا رسميا قواتها من تلك البلاد.
لكن القوات البحرية الملكية البريطانية واصلت تدريب القوات البحرية العراقية حتى مايو/أيار 2011.
والتواجد البريطاني في العراق هو الآن مجرَّد جزء من بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو) التدريبية، وقد أسهمت بريطانيا بتلك البعثة بـ 44 عنصرا عسكريا، بما في ذلك وحدة متواجدة في الأكاديمية العسكرية العراقية.
الخسائر وفقا لآخر أرقام وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، فقدت الولايات المتحدة 4487 عنصرا في العراق منذ غزو تلك البلاد في ما بات يُعرف بـ "عملية حرية العراق" في التاسع عشر من شهر مارس/آذار من عام 2003.
وفي 31 أغسطس/آب من عام 2010، أي مع انسحاب آخر من دفعة من القوات الأمريكية القتالية من العرق، بلغ عدد القتلى في صفوف القوات الأمريكية 4421 عسكريا، قضى 3492 منهم خلال مشاركتهم في الأعمال القتالية، بينما بلغ عدد الذين أُصيبوا جرَّاء العمليات 32000 شخص.
وقُتل منذئذٍ 66 عسكريا، قضى منهم 38 خلال مشاركتهم في الأعمال القتالية خلال مشاركتهم في ما بات يُعرف بـ "عملية الفجر الجديد".
أمَّا عدد من أُصيبوا خلال مشاركتهم بالأعمال القتالية منذ الأول من شهر سبتمبر/أيلول 2010، فقد بلغ 305 شخصا.
وفقدت بريطانيا 179 من عسكرييها، من رجال ونساء في العراق، قضى منهم 136 خلال مشاركتهم في الأعمال القتالية، بينما قُتل 139 عنصرا من قوات الدول الأخرى المشاركة بالتحالف الدولي، حسب موقع آي كاجولتيز (icasualties).
وبينما نلاحظ أنه قد جرى التوثيق بشكل معقول للضحايا الذين سقطوا في صفوف القوات للدول الأخرى المشاركة في التحالف، نرى أنه من الصعوبة بمكان رصد عدد من سقطوا من بين المدنيين والعسكريين العراقيين، وذلك نظرا لغياب الأرقام الرسمية التي يمكن الاعتماد عليها. فهنالك ثمَّة خلاف شديد بشأن كافة الرويات والتقديرات المتعلِّقة بعدد الضحايا في العراق.
وقد دأبت "هيئة إحصاء القتلى العراقيين" خلال الفترة الماضية على جمع وتدقيق وتمحيص أعداد القتلى المدنيين، مستخدمة بذلك أسوبا يعتمد على مقاطعة المعلومات الواردة في العديد من التقارير الإعلامية والأرقام الأخرى الصادرة عن جهات مثل سجلاَّت المشارح.
فوفقا للهيئة المذكورة، فإن عدد القتلى العراقيين الذين سقطوا في العراق حتى شهر يوليو/حزيران من عام 2010 يتراوح ما بين 97461 و106348 شخصا.
وكان الشهر الذي وقه فيه غزو العراق، أي مارس/آذار من عام 2003، أكثر الفترات دموية، وذلك إذا ما أخذنا بالاعتبار عدد القتلى في صفوف المدنيين، إذ تقول "هيئة إحصاء القتلى العراقيين" إن 3977 مواطنا عراقيا عاديا قضوا في ذلك الشهر، و3437 قُتلوا في شهر أبريل/نيسان من ذلك العام.
وتقول الهيئة إن الفرق بين أعلى وأدنى الأرقام الصادرة عنها بشأن عدد القتلى في العراق مردّه التناقضات الواردة في التقارير المتعلِّقة بعدد القتلى الذين سقطوا جرََّاء أحداث معيَّنة، سواء كان أولئك الضحايا مدنيين أم عسكريين.
وقد أدَّى بعض التقارير والاستطلاعات إلى وجود طيف واسع من التخمينات والتقديرات المتعلِّقة بعدد القتلى الذين سقطوا في العراق، فقد قدَّر "استطلاع صحَّة الأسرة العراقية"، الذي دعمته الأمم المتحدة، عدد من قضوا في العراق جرَّاء أعمال عنف في الفترة الممتدة ما بين شهري مارس/آذار من عام 2003 ويونيو/حزيران من عام 2006 بـ 150 ألف شخص.
ّأمَّا مجلَّة "لانسيت" الطبية، فقد نشرت في عام 2006 دراسة قدَّرت عدد العراقيين الذين قضوا جرَّاء الحرب بـ 654965 قتيلا، منهم 601027 قُتلوا نتيجة أعمال العنف في البلاد.
وتضمَّن كل من "استطلاع صحَّة الأسرة العراقية" ودراسة "لانسيت" إحصائيات للقتلى الذين سقطوا في صفوف المدنيين والعسكريين والمقاتلين.
وقد لقي عدد غير معروف من المقاولين المدنيين في العراق حتفهم، إذ ينشر موقع "آي كاجولتيز" ما يصفها بقائمة جزئية لأولئك الضحايا، ضمَّنها أسماء 467 متعاقدا.
الكلفة الكلفة المالية للحرب هي منطقة أخرى جرى التطرُّق إليها وتحليلها على نطاق واسع.
فقد قدَّرت وحدة البحوث في الكونغرس الأمريكي، وهي هيئة بحثية مرموقة وتتجاوز الأحزاب، أن تكون الولايات المتحدة قد أنفقت مع نهاية العام المالي 2011 مبلغا قدره 802 مليار دولار أمريكي على تمويل الحرب، وقد جرى بالفعل تخصيص 747.6 مليار دولار منها.
إلاَّ أن كلاًّ من الاقتصادي الأمريكي جوزيف ستيغليتز، الفائز بجائزة نوبل للاقتصاد لعام 2001، وليندا جي بيلميز، كبيرة المحاضرين في شؤون السياسة العامة والتمويل والموازنات في جامعة هارفارد الأمريكية، يعتقدان أن تكون الكلفة الحقيقية لحرب العراق قد بلغت ثلاثة تريليونات مليار دولار، وذلك في إذا ما أخذنا بالاعتبار الآثار الإضافية لتلك الحرب على الميزانية والاقتصاد الأمريكيين.
وقد موَّلت بريطانيا حصَّتها من تكلفة الحرب من صندوق احتياطيي الخزينة، وتلك المبالغ هي أموال إضافية تُخصَّص لدعم الميزانية العادية لوزارة الدفاع.
فوفقا للأرقام الصادرة عن مقر رئاسة الحكومة البريطانية في شهر يونيو/حزيران من عام 2010، فإن تكلفة المشاركة البريطانية في حرب العراق بلغت 14.32 مليار دولار، ذهب معظمها لتمويل العمليات العسكرية، وأُنفق مبلغ 861 مليون دولار على المساعدات.
وفي شهر يناير/كانون الثاني من عام 2010، قُدِّم للجنة التحقيق البريطانية في الحرب على العراق ملخَّص يظهر كيفية تمويل الحرب على العراق.
المُهجَّرون: بدأت أعمال العنف الطائفي في العراق بالتصاعد منذ أوائل عام 2005. إلاَّ أن تفجير مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء، والمقدَّسين لدى الشيعة، في شهر فبراير/شباط من عام 2006 تسبب بتصاعد موجة الهجمات المتبادلة بين السنة والشيعة على نحو متزايد.
وقد أرغم ذلك العديد من الأسر العراقية على هجر منازلهم والانتقال إلى مناطق أخرى في البلاد، أو ببساطة هربوا إلى الخارج.
من جانبها، تقدِّر المنظمة العالمية للهجرة، والتي ترصد أعداد الأسر المهجَّرة، أن حوالي 1.6 مليون عراقي أُبعدوا عن ديارهم داخل العراق في الفترة الممتدة ما بين عامي 2006 و2010، ويشكِّل هذا العدد 5.5 في المئة من عدد سكان البلاد.
وقد عاد حوالي 400 ألف من أولئك المهجَّرين إلى ديارهم حتى أواسط عام 2010، إذ عاد معظمهم إلى العاصمة بغداد ومحافظات ديالى ونينوى والأنبار، وفقا للمنظمة المذكورة.
الثلاثاء، 13 ديسمبر 2011
الصحافة العربية الورقية في عصر القمع.. والإنترنت
يقدم هذا الكتاب صورة واضحة بين ما يشكل تاريخا صحافيا، وما يشكل حراكا يوميا عن قضايا وإشكالات ما زلنا، في عالمنا العربي، ننقل أولى خطواتنا في التأسيس لها، سيما بيئة التشريع والتأسيس القانوني الذي يمهد الأرضية الملائمة لصحافة حرة تعمل في مناخات سليمة بعيدة عن القمع والمبررات المفبركة المتعلقة بالأمن القومي، وحماية المجتمع والأخلاق وغيرها من المبررات التي حولت ميدان الصحافة إلى ساحة للتهريج والنفاق، والصحافي إلى ألعوبة وكراكوز.
يقوم المؤلف بدراسة التراث النظري لتقارير المنظمات الدولية والعربية ومواثيقها ليمدنا بتصور واضح عن المساعي التي تبذل لتوحيد الجهود من أجل جعل الصراع حول الحريات يتخذ طابعا شموليا، مما يسمح للمدافعين المحليين ببناء تصورات عن الطريقة التي يمكن بموجبها أن ينطلقوا إلى آفاق جديدة في كفاحهم من أجل صحافة حرة.
من المؤكد أن الصحافة والعمل الصحافي لا يقتصران على البحث عن الأخبار ونقلها للجمهور دون النظر إلى ماهية تلك الأخبار ووقعها على المتلقي، لأن الخبر ليس مجرد واقعة تصاغ بكلمات بأسلوب لفظي أو كتابي ينشر أو يبث بين الناس، بل هو أكبر بكثير من مفهوم اللغة والصورة: إنه حقيقة تعني أفرادا ومجتمعات ويؤثر فيهم بطريقة أو بأخرى ويرتبط ارتباطا وثيقا بمصداقية الصحافي وبطريقة اتصاله مع الجمهور، لأن إبداء الحقائق والمعلومات يعتمد على البنية القيمية للصحافي القائم بنقلها للجمهور، وعلى طبيعة النظام الاجتماعي والسياسي السائد في البلد الذي تُنشر فيه تلك الحقائق الخبرية، وعلى مدى مهنية الصحافي ومسؤوليته الأخلاقية والاجتماعية تجاه جمهوره، ومدى التزامه بنشر الأخبار التي لا تتعارض مع القيم الأخلاقية والاجتماعية، ولا تحرض على الضغائن والكراهية وتقود المجتمع على التردي فكرا وأداء.
غير أن ما يجري على أرض الواقع يختلف تماما عن أساسيات العمل الصحافي، فقد أثبتت مجريات الأحداث أن وسائل الإعلام تتعرض يوميا لضغوط مباشرة من قبل أشخاص مؤثرين أو مؤسسات ذات سيادة يهمهم عدم نشر أخبار قد تؤثر على وضعهم الاجتماعي أو الاقتصادي فتختلط المعلومة وتتشوش، وضغوط غير مباشرة وذلك بحجب الإعلانات عن وسيلة الإعلام أو قطع المساعدات المالية، وذلك بالتأكيد ما يجعل المؤسسة الإعلامية تضطرب وتهتز ويهدد مستقبلها. لذلك قرر الصحافيون في مختلف البلدان تأسيس النقابات والجمعيات المهنية وسن العهود والمواثيق التي تُعنى بحقوق الصحافة والصحافيين، وتُحدد الأعراف والشروط المنوطة بالمؤسسات والنظم السياسية المسيطرة على مقاليد الأمور في تلك الدول التي تعمل بها المؤسسات.
يرى المؤلف أن الالتزام بأخلاقيات المهنة هو الأمر الوحيد الذي يحتم على المسؤولين احترام هذه المهنة، ويضع ما يسمى بأدلة السلوك أو مواثيق الشرف الصحافية، لأن حرية الصحافة والصحافيين تلعب دورا أساسيا وفاعلا في خلق وإرساء أسس الديمقراطية في أي بلد من البلدان، وبالتأكيد لا وجود لبلد حر من دون صحافة حرة. ورغم أن هنالك الكثير من الأبحاث والدراسات التي تناولت العمل الإعلامي فما زال الميدان الصحافي بحاجة إلى بحوث ودراسات في ميدان حقوق التعبير عن الرأي، وكذلك في تعريف الصحافيين بعضهم ببعض، وبالمؤسسات العاملة في الدفاع عن قضاياهم المشتركة، لأن معظم الدراسات الصحافية الموجودة انصبت على التركيز حول ما يسمى الهيمنة الإعلامية والاحتكار الثقافي، ومحاولة الفصل بين المؤسسات الصحافية، ووضع الفوارق والحواجز التي تعيق العمل المشترك والتضامن، متجاهلة الدور الموضوعي والأخلاقي للصحافي، الذي يستند أساسا إلى معرفة الحقيقة وإيصالها للجمهور.
كما يرى أن الحقيقة أينما كانت هي أكبر من أن تؤطر بحدود أو جنسيات، لذلك فإن ناشديها سوف يقصدونها حيثما حلت، ويُعرفون الناس بها وعنها بسائر الطرق والوسائل المدنية، وبالتأكيد لن يتورع الصحافي عن إيصال حقيقة في بلد ما، كونه لا يحمل جنسية ذلك البلد الذي وقع فيه الحدث، وفي الوقت نفسه لا يمكن أن ينظر إلى الصحافي من خلال النظام السياسي أو الديني السائد في بلده، لأن الحقيقة هي الوطن الحقيقي للصحافي، والمصداقية هي جواز سفره.
ومهما اختلفت لغة الصحافي أو المؤسسة الصحافية الناقلة للأخبار، فستبقى أساسيات العمل الصحافي واحدة، لأن الاختلاف يكمن في المتلقي الذي يتميز بالتنوع والتباين الكبير في الآراء والمفاهيم والمعتقدات، خلافا للصحافي الذي مهما كانت هويته وانتماؤه السياسي والعرقي أو الديني فسيبقى هدفه كشف الحقيقة وإيصالها للجمهور. من هنا أصبح لزاما على الصحافيين الاتصال بنظرائهم في بلدان تختلف عن بلدانهم كليا، من حيث اللغة والدين والتقاليد، والتعامل معهم كشركاء حقيقيين في رحلة البحث عن الحقيقة.
إن عالم اليوم أكبر بكثير من عوالم العزلات الثقافية والسياسية، إنه عالم تجاوز الكثير من الحدود التقليدية: المادية والمعنوية وجاء بمفهوم «القرية الكونية» في متناول وسائل الإعلام العالمي للأحداث والقضايا الاجتماعية والإنسانية، ليقرب المسافات بين البشر ويجعلهم يتعاملون مع بعضهم البعض كأنهم أفراد ينتمون إلى عالم واحد أكبر من حدود اللون والجنس واللغة وباقي الفروقات والحواجز التي كانت تقف حدا لمعرفة وسماع صوت ما يراد له أن يُسمع.
لقد تلاشت إلى حد كبير معظم تلك الحواجز أمام ثورة الاتصالات والمعلومات التي عاشها العالم خلال العقدين الماضيين، والتي تمثلت في حدوث عملية اندماج تكنولوجية بين أقوام كانت في الماضي تشكل كيانات مستقلة، تفصلها عن بعضها البعض حدود سياسية أو عرقية أو دينية واضحة. وبفعل التكنولوجيا الرقمية التي اجتاحت المشهد الإعلامي والاتصالي منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي أضحت وسائل الإعلام أكثر تفاعلية وأكثر تناغما في إطار ما يسمى التزاوج التكنولوجي، الذي اندمجت من خلاله ثلاث صناعات عملاقة هي صناعة الاتصالات والحاسبات والإعلام. وقد يؤخذ على المشهد الإعلامي العربي التباطؤ في دخول عالم الإنترنت، ولكن على الرغم من قصر الفترة الزمنية هنالك علامات مبشرة وواعدة على مستقبل مشرق لصحافة الإنترنت، بناء على ما تم إطلاقه من بوابات إخبارية وصحف إلكترونية، ومدونات إعلامية باللغة العربية باتت تشكل نواة حقيقية لصحافة إنترنت صارت تنافس الصحافة التقليدية وتجذب أعدادا كبيرة من المستخدمين، ممن لهم القدرة على النفاذ للشبكة العنكبوتية.
ولعل من تأثيرات هذا الاتجاه ما برز من جدل حول المخاطر التي تهدد مستقبل الصحافة الورقية، في ضوء ارتفاع التكاليف الإنتاجية وتكاليف التوزيع وتناقص الموارد الإعلانية التي تستمد منها الصحف أسباب بقائها وازدهارها. إن ظهور تقنيات الاتصال الحديثة جعلت من التغطية الإعلامية للشؤون المحلية والدولية شاملة وفورية، واضعة صاحب القرار وجها لوجه أمام تحديات فعلية تتطلب ردودا سريعة. لذلك فإن إنشاء وتقوية الصحافة المستقلة هما شرطان لازمان من أجل تقدم الأفراد والمجتمعات، لأنهما سيكونان بمثابة رسول الحقيقة للجماهير لمساعدتهم في اتخاذ المبادرات والقرارات المثلى لتحسين أوضاعهم الخاصة: التعليم، مكافحة الفقر، التضامن مع أصحاب المصير نفسه، التأثير على سياسة الحكومات، مكافحة الفساد والاستغلال. إن وجود إعلام مستقل وصادق سيسهم بشكل أساسي وفعال في تقدم المجتمعات. ومن أجل تحقيق ذلك، على الخدمات المعلوماتية والصحافة والعملية الديمقراطية أن تعمل معا من أجل الارتقاء بالمجتمع وبنائه بالطرق العلمية والعملية، وتعريف الجمهور بصورة حقيقية وفاعلة بما يدور في مجتمعاتهم والعالم.
يرى المؤلف أن تطور الوسيلة الإعلامية ما هو إلا محاولة جاءت لتضييق الهوة التي أوجدتها الحكومات والأنظمة التقليدية لتحول بين الصحافي والوصول إلى الحقيقة أينما كانت. فالصحافة قديمة قدم العصور والأزمان وكانت مهمتها نشر المعلومات التي تهم الناس ولا تزال.
ففي المجتمعات البشرية الأولى كانت وسائل الإعلام تلبي بعض الحاجات الدينية عند الإنسان. وكان الفراعنة يكتبون مراسيمهم ويرسلونها إلى كل مكان، ويأمرون بحفر هذه المراسيم على جدران المعابد ليقرأها الناس ويكونوا على علم بها. وفي الصين وبلاد الإغريق وروما وعند العرب لم يقتصر الإعلام على نشر المراسيم بل تعداه إلى الأخبار العسكرية والرياضية والمسرحية. وكان شائعا عند الإغريق إذاعة الأخبار في الميادين والساحات العامة.
واستخدم البابليون كاتبا لتسجيل أهم الأحداث اليومية ليتعرف عليها الناس. كذلك كان الصينيون، فقد كانت لهم طوال 1500 سنة جريدة رسمية عرفت باسم «إمبراطورية الشمس».
وفي أوائل القرن السادس عشر، وبعد اختراع الطباعة، بدأت صناعة الأخبار التي كانت تضم معلومات عما يدور في الأوساط الرسمية، وكان هناك مجال للإعلانات. وتشير المصادر إلى أن أول صحيفة مطبوعة في العالم هي صحيفة «ريلايشن» وكانت تنشر من قبل شخص اسمه جوهان كارلوس وكان يحصل على الأخبار من شبكة من المراسلين المأجورين. وفي القرنين السابع عشر والثامن عشر أخذت الصحافة الدورية بالانتشار في أوروبا وأميركا، وأصبح هناك من يمتهن الصحافة كمهنة يرتزق منها. وقد كانت الثورة الفرنسية حافزا لظهور الصحافة الحديثة، كما كانت لندن مهدا لذلك. وأصبحت الصحافة السلطة الرابعة لأنها تسهل «حق المعرفة».
يفرد المؤلف فصلا خاصا يعرض فيه نصوص هيئات ومنظمات الصحافة العالمية والعربية مثل الاتحاد الدولي للصحافيين، وميثاق منظمة مراسلون بلا حدود، والشبكة الدولية لتبادل المعلومات، ورابطة النساء الصحافيات، والاتحاد الأوروبي للصحافيين، والمجلس العالمي للصحافة، ونشطاء الإنترنت العرب، والمنظمة العربية الحرة للصحافة، واتحاد الصحافيين العرب وغيرها من الهيئات المعنية.
يقوم المؤلف بدراسة التراث النظري لتقارير المنظمات الدولية والعربية ومواثيقها ليمدنا بتصور واضح عن المساعي التي تبذل لتوحيد الجهود من أجل جعل الصراع حول الحريات يتخذ طابعا شموليا، مما يسمح للمدافعين المحليين ببناء تصورات عن الطريقة التي يمكن بموجبها أن ينطلقوا إلى آفاق جديدة في كفاحهم من أجل صحافة حرة.
من المؤكد أن الصحافة والعمل الصحافي لا يقتصران على البحث عن الأخبار ونقلها للجمهور دون النظر إلى ماهية تلك الأخبار ووقعها على المتلقي، لأن الخبر ليس مجرد واقعة تصاغ بكلمات بأسلوب لفظي أو كتابي ينشر أو يبث بين الناس، بل هو أكبر بكثير من مفهوم اللغة والصورة: إنه حقيقة تعني أفرادا ومجتمعات ويؤثر فيهم بطريقة أو بأخرى ويرتبط ارتباطا وثيقا بمصداقية الصحافي وبطريقة اتصاله مع الجمهور، لأن إبداء الحقائق والمعلومات يعتمد على البنية القيمية للصحافي القائم بنقلها للجمهور، وعلى طبيعة النظام الاجتماعي والسياسي السائد في البلد الذي تُنشر فيه تلك الحقائق الخبرية، وعلى مدى مهنية الصحافي ومسؤوليته الأخلاقية والاجتماعية تجاه جمهوره، ومدى التزامه بنشر الأخبار التي لا تتعارض مع القيم الأخلاقية والاجتماعية، ولا تحرض على الضغائن والكراهية وتقود المجتمع على التردي فكرا وأداء.
غير أن ما يجري على أرض الواقع يختلف تماما عن أساسيات العمل الصحافي، فقد أثبتت مجريات الأحداث أن وسائل الإعلام تتعرض يوميا لضغوط مباشرة من قبل أشخاص مؤثرين أو مؤسسات ذات سيادة يهمهم عدم نشر أخبار قد تؤثر على وضعهم الاجتماعي أو الاقتصادي فتختلط المعلومة وتتشوش، وضغوط غير مباشرة وذلك بحجب الإعلانات عن وسيلة الإعلام أو قطع المساعدات المالية، وذلك بالتأكيد ما يجعل المؤسسة الإعلامية تضطرب وتهتز ويهدد مستقبلها. لذلك قرر الصحافيون في مختلف البلدان تأسيس النقابات والجمعيات المهنية وسن العهود والمواثيق التي تُعنى بحقوق الصحافة والصحافيين، وتُحدد الأعراف والشروط المنوطة بالمؤسسات والنظم السياسية المسيطرة على مقاليد الأمور في تلك الدول التي تعمل بها المؤسسات.
يرى المؤلف أن الالتزام بأخلاقيات المهنة هو الأمر الوحيد الذي يحتم على المسؤولين احترام هذه المهنة، ويضع ما يسمى بأدلة السلوك أو مواثيق الشرف الصحافية، لأن حرية الصحافة والصحافيين تلعب دورا أساسيا وفاعلا في خلق وإرساء أسس الديمقراطية في أي بلد من البلدان، وبالتأكيد لا وجود لبلد حر من دون صحافة حرة. ورغم أن هنالك الكثير من الأبحاث والدراسات التي تناولت العمل الإعلامي فما زال الميدان الصحافي بحاجة إلى بحوث ودراسات في ميدان حقوق التعبير عن الرأي، وكذلك في تعريف الصحافيين بعضهم ببعض، وبالمؤسسات العاملة في الدفاع عن قضاياهم المشتركة، لأن معظم الدراسات الصحافية الموجودة انصبت على التركيز حول ما يسمى الهيمنة الإعلامية والاحتكار الثقافي، ومحاولة الفصل بين المؤسسات الصحافية، ووضع الفوارق والحواجز التي تعيق العمل المشترك والتضامن، متجاهلة الدور الموضوعي والأخلاقي للصحافي، الذي يستند أساسا إلى معرفة الحقيقة وإيصالها للجمهور.
كما يرى أن الحقيقة أينما كانت هي أكبر من أن تؤطر بحدود أو جنسيات، لذلك فإن ناشديها سوف يقصدونها حيثما حلت، ويُعرفون الناس بها وعنها بسائر الطرق والوسائل المدنية، وبالتأكيد لن يتورع الصحافي عن إيصال حقيقة في بلد ما، كونه لا يحمل جنسية ذلك البلد الذي وقع فيه الحدث، وفي الوقت نفسه لا يمكن أن ينظر إلى الصحافي من خلال النظام السياسي أو الديني السائد في بلده، لأن الحقيقة هي الوطن الحقيقي للصحافي، والمصداقية هي جواز سفره.
ومهما اختلفت لغة الصحافي أو المؤسسة الصحافية الناقلة للأخبار، فستبقى أساسيات العمل الصحافي واحدة، لأن الاختلاف يكمن في المتلقي الذي يتميز بالتنوع والتباين الكبير في الآراء والمفاهيم والمعتقدات، خلافا للصحافي الذي مهما كانت هويته وانتماؤه السياسي والعرقي أو الديني فسيبقى هدفه كشف الحقيقة وإيصالها للجمهور. من هنا أصبح لزاما على الصحافيين الاتصال بنظرائهم في بلدان تختلف عن بلدانهم كليا، من حيث اللغة والدين والتقاليد، والتعامل معهم كشركاء حقيقيين في رحلة البحث عن الحقيقة.
إن عالم اليوم أكبر بكثير من عوالم العزلات الثقافية والسياسية، إنه عالم تجاوز الكثير من الحدود التقليدية: المادية والمعنوية وجاء بمفهوم «القرية الكونية» في متناول وسائل الإعلام العالمي للأحداث والقضايا الاجتماعية والإنسانية، ليقرب المسافات بين البشر ويجعلهم يتعاملون مع بعضهم البعض كأنهم أفراد ينتمون إلى عالم واحد أكبر من حدود اللون والجنس واللغة وباقي الفروقات والحواجز التي كانت تقف حدا لمعرفة وسماع صوت ما يراد له أن يُسمع.
لقد تلاشت إلى حد كبير معظم تلك الحواجز أمام ثورة الاتصالات والمعلومات التي عاشها العالم خلال العقدين الماضيين، والتي تمثلت في حدوث عملية اندماج تكنولوجية بين أقوام كانت في الماضي تشكل كيانات مستقلة، تفصلها عن بعضها البعض حدود سياسية أو عرقية أو دينية واضحة. وبفعل التكنولوجيا الرقمية التي اجتاحت المشهد الإعلامي والاتصالي منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي أضحت وسائل الإعلام أكثر تفاعلية وأكثر تناغما في إطار ما يسمى التزاوج التكنولوجي، الذي اندمجت من خلاله ثلاث صناعات عملاقة هي صناعة الاتصالات والحاسبات والإعلام. وقد يؤخذ على المشهد الإعلامي العربي التباطؤ في دخول عالم الإنترنت، ولكن على الرغم من قصر الفترة الزمنية هنالك علامات مبشرة وواعدة على مستقبل مشرق لصحافة الإنترنت، بناء على ما تم إطلاقه من بوابات إخبارية وصحف إلكترونية، ومدونات إعلامية باللغة العربية باتت تشكل نواة حقيقية لصحافة إنترنت صارت تنافس الصحافة التقليدية وتجذب أعدادا كبيرة من المستخدمين، ممن لهم القدرة على النفاذ للشبكة العنكبوتية.
ولعل من تأثيرات هذا الاتجاه ما برز من جدل حول المخاطر التي تهدد مستقبل الصحافة الورقية، في ضوء ارتفاع التكاليف الإنتاجية وتكاليف التوزيع وتناقص الموارد الإعلانية التي تستمد منها الصحف أسباب بقائها وازدهارها. إن ظهور تقنيات الاتصال الحديثة جعلت من التغطية الإعلامية للشؤون المحلية والدولية شاملة وفورية، واضعة صاحب القرار وجها لوجه أمام تحديات فعلية تتطلب ردودا سريعة. لذلك فإن إنشاء وتقوية الصحافة المستقلة هما شرطان لازمان من أجل تقدم الأفراد والمجتمعات، لأنهما سيكونان بمثابة رسول الحقيقة للجماهير لمساعدتهم في اتخاذ المبادرات والقرارات المثلى لتحسين أوضاعهم الخاصة: التعليم، مكافحة الفقر، التضامن مع أصحاب المصير نفسه، التأثير على سياسة الحكومات، مكافحة الفساد والاستغلال. إن وجود إعلام مستقل وصادق سيسهم بشكل أساسي وفعال في تقدم المجتمعات. ومن أجل تحقيق ذلك، على الخدمات المعلوماتية والصحافة والعملية الديمقراطية أن تعمل معا من أجل الارتقاء بالمجتمع وبنائه بالطرق العلمية والعملية، وتعريف الجمهور بصورة حقيقية وفاعلة بما يدور في مجتمعاتهم والعالم.
يرى المؤلف أن تطور الوسيلة الإعلامية ما هو إلا محاولة جاءت لتضييق الهوة التي أوجدتها الحكومات والأنظمة التقليدية لتحول بين الصحافي والوصول إلى الحقيقة أينما كانت. فالصحافة قديمة قدم العصور والأزمان وكانت مهمتها نشر المعلومات التي تهم الناس ولا تزال.
ففي المجتمعات البشرية الأولى كانت وسائل الإعلام تلبي بعض الحاجات الدينية عند الإنسان. وكان الفراعنة يكتبون مراسيمهم ويرسلونها إلى كل مكان، ويأمرون بحفر هذه المراسيم على جدران المعابد ليقرأها الناس ويكونوا على علم بها. وفي الصين وبلاد الإغريق وروما وعند العرب لم يقتصر الإعلام على نشر المراسيم بل تعداه إلى الأخبار العسكرية والرياضية والمسرحية. وكان شائعا عند الإغريق إذاعة الأخبار في الميادين والساحات العامة.
واستخدم البابليون كاتبا لتسجيل أهم الأحداث اليومية ليتعرف عليها الناس. كذلك كان الصينيون، فقد كانت لهم طوال 1500 سنة جريدة رسمية عرفت باسم «إمبراطورية الشمس».
وفي أوائل القرن السادس عشر، وبعد اختراع الطباعة، بدأت صناعة الأخبار التي كانت تضم معلومات عما يدور في الأوساط الرسمية، وكان هناك مجال للإعلانات. وتشير المصادر إلى أن أول صحيفة مطبوعة في العالم هي صحيفة «ريلايشن» وكانت تنشر من قبل شخص اسمه جوهان كارلوس وكان يحصل على الأخبار من شبكة من المراسلين المأجورين. وفي القرنين السابع عشر والثامن عشر أخذت الصحافة الدورية بالانتشار في أوروبا وأميركا، وأصبح هناك من يمتهن الصحافة كمهنة يرتزق منها. وقد كانت الثورة الفرنسية حافزا لظهور الصحافة الحديثة، كما كانت لندن مهدا لذلك. وأصبحت الصحافة السلطة الرابعة لأنها تسهل «حق المعرفة».
يفرد المؤلف فصلا خاصا يعرض فيه نصوص هيئات ومنظمات الصحافة العالمية والعربية مثل الاتحاد الدولي للصحافيين، وميثاق منظمة مراسلون بلا حدود، والشبكة الدولية لتبادل المعلومات، ورابطة النساء الصحافيات، والاتحاد الأوروبي للصحافيين، والمجلس العالمي للصحافة، ونشطاء الإنترنت العرب، والمنظمة العربية الحرة للصحافة، واتحاد الصحافيين العرب وغيرها من الهيئات المعنية.
السبت، 10 ديسمبر 2011
كتاب: عمر سليمان .. جلاد تعذيب دولي
الاحد 6 فبراير 2011 9:35:39 م
أشار الصحفي البريطاني ستيفن غراي الحائز على جوائز دولية في الصحافة الاستقصائية إلى جرائم عمر سليمان التي أوردها في كتابه " الطائرة الشبح" Ghost Plane الذي يتربع على رأس أكثر الكتب مبيعا حول العالم ، وذلك خلال حديث شخصي معه قبل يومين من لندن من قبل صحفي سوري معارض. يشير نزار نيوف بالقول: "عمر سليمان كان ولم يزل الطرف المصري الأساسي في التعامل مع وكالة المخابرات المركزية الأميركية ، والقناة الأساسية للتواصل بين الإدارة الأميركية ومبارك حتى في قضايا لا علاقة لها بالاستخبارات والأمن".
ويشير غراي في الكتاب إلى أن اختيار مصر مبارك كمحطة لتعذيب المختطفين لم يأتي بمحض المصادفة، فههنا تراث من التعذيب وأقبية التعذيب يعودا في عصرهما الحديث إلى اليوم الذي ساق فيه عبد الناصر مناضلي الشعب المصري إلى زنازين أبو زعبل وليمان طرة. أما الميزة الأخرى فهي وجود ضابط دموي جلاد على رأس المخابرات العامة يدعى عمر سليمان يهوى رؤية القتل والتصفيات الجسدية بعينيه ، بل وحتى ممارستها بيديه!
يتابع غراي بالقول، في 21 حزيران / يونيو 1995 ، وقّع الرئيس الأميركي بيل كلينتون توجيهه الرئاسي لاختطاف وتعذيب كل مشتبه به بممارسة الإرهاب حول العالم . ولم يكن على ساندي بيرغر ( مستشاره لشؤون الأمن القومي) سوى أن يطلق عملاءه عبر العالم . كان الأول الذي أطلقه بيرغر ضابطا مصريا يدعى عمر سليمان. وما إن تلقى إشارة واشنطن حتى مد رجاله مع رفاقه الأميركيين إلى كرواتيا في 13 أيلول / سبتمبر 1995 ليخطفوا طلعت فؤاد قاسم إلى سجن أبو زعبل شرقي القاهرة ، ومن ثم تصفيته هناك ، ولكن بعد زيارة " ودية" إلى أقبية عمر سليمان في المخابرات العامة!
أما المعتقل الأسترالي السابق ممدوح حبيب، الذي تولى عمر سليمان أيضا تعذيبه شخصيا في القاهرة وفقا لغراي، فنقلته إحدى طائرات الشبح تلك من باكستان إلى أقبية مخابرات مبارك . وهناك فشل سليمان في إرغامه على الاعتراف ، فلم يكن أمام سيادة نائب الرئيس سوى أن يقتل زميله التركمانستاني أمام عينيه كما لو أنه يفسخ دجاجة!
للمرة الأولي، يكشف كتاب عن قصة السجون السرية حول العالم، وتورط المخابرات المركزية الأمريكية في عمليات اعتقال وتعذيب مارستها عبر عملائها ضد عناصر متهمة بالإرهاب.
واعتمد ستيفن جراي مؤلف كتاب «الطائرة الشبح» علي اتصالات دقيقة بالحكومة الأمريكية،
وأكد في كتابه تورط إدارة بوش في برنامج الترحيل القسري لسجناء حول العالم أطلق عليه «القصة الحقيقية لبرنامج التعذيب المنظم للمخابرات الأمريكية»،
مثيراً الشكوك في مصداقية تصريحات كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية حول طبيعة هذا البرنامج وأهدافه.
ورصد جراي إقلاع وهبوط الطائرات المستخدمة في نقل السجناء المتهمين بالإرهاب أعدتها المخابرات الأمريكية، كما سجل ووثق العشرات من حالات التعذيب حول العالم بصورة غير شرعية.
وخصص جراي فصولاً عديدة في كتابه لدول عربية مثل الأردن وسوريا واليمن مارست وقائع تعذيب لسجناء متهمين بالإرهاب،
كما رصد ٤٨ رحلة طيران بين مطارات مصرية أبرزها القاهرة والأقصر وشرم الشيخ لنقل السجناء في الفترة من ١٨ يناير ٢٠٠١ إلي ٢ أغسطس ٢٠٠٥.
وأوضح أن أول حالة ترحيل قسري إلي مصر كانت واقعة ترحيل أحمد عجيزة ومحمد الذري المتهمين بانضمامهما للجناح العسكري لتنظيم الجهاد المصري، وتم ترحيلهما من السويد إلي مصر يوم ١٨ ديسمبر ٢٠٠١ علي متن طائرة طراز (N٣٧٩P) مسجلة في سلطة نيويورك للطيران تحت اسم «جولف ستريم».
وقال: «إن القياديين يحملان الجنسية السويدية، واشترطت سلطات السويد علي السلطات المصرية حسن معاملتهما، لكن دبلوماسيي السويد لم يتمكنوا من مقابلة السجينين إلا بعد شهر من وصولهما إلي القاهرة،
واكتشفوا أنهما تعرضا للتعذيب بالصعق الكهربائي لانتزاع معلومات حول
علاقتهما بتنظيم القاعدة».
وأضاف جراي:
«إن الجزء الأصعب في عملية الاستجواب بالإنابة هو ضمان المعاملة الجيدة، وهو أمر مستحيل في مصر وبالغ التعقيد».
وأوضح جراي، نقلاً عن تقرير لـ«هيومان رايتس ووتش» صدر في ٢٠٠٥، اعتراف مصر باستقبال ٦٠ أو ٧٠ سجيناً علي أراضيها متهمين بالإرهاب، وقال إن لديه معلومات عن تلقي مصر أعداداً أكبر من جنسيات أفريقية وآسيوية وعربية.
وذكر جراي تفاصيل ترحيل الباكستاني محمد سعد إقبال الذي تم القبض عليه في جاكرتا منتصف نوفمبر ٢٠٠١، ونقل علي متن طائر أمريكية إلي أفغانستان، ومنها إلي جوانتانامو، وقال إنه في يوم ٩ يناير ٢٠٠٢، أقلعت طائرة من الطراز نفسه من مطار دالاس الأمريكي إلي القاهرة وصعد إليها مسؤولون مصريون، وغادرت بهم إلي جاكرتا ثم عادت مرة أخري إلي القاهرة في ١٥ يناير ٢٠٠٢.
وعن واقعة اختطاف عبدالسلام الحلة في القاهرة في ٢٨ سبتمبر ٢٠٠٢، قال جراي إن رجل الأعمال اليمني نقل من القاهرة إلي أفغانستان مباشرة، والصليب الأحمر الدولي نقل رسائل بخط يده من العاصمة الأفغانية كابول لتسليمها إلي أسرته.
أما واقعة اختطاف أبوعمر المصري إمام مسجد ميلانو فقد استخدمت فيها طائرة نقل عسكرية تحمل اسم «سبير ٩٢» نقلته إلي ألمانيا، ثم تم ترحيله إلي مصر علي متن طائرة «جولف ستريم» في ١٧ فبراير ٢٠٠٣.
أنا تُحدّثتُ عن الأداءِ أولاً مِن قِبل رجل الذي أصبح رئيسَ وكالة المخابرات المركزيةِ، بورتر Goss. كَانَ عضو كونجرس ورئيس لجنة المخابرات التابعة لمجلس النوابِ. وهو أخبرَني -- سَألتُه سواء هم يَجِدونَ طريقه لأَسْر بن لادن، و قالَ , “ أوه، هذا يُدْعَى أداءَ. هَلْ تَعْرفُ ما هذا؟ ” و قُلتُ , “ لا، أنا مَا سَمعتُ عنه.
” قالَ , “ هو طريق جَلْب ناسِ إلى نوع مِنْ عدالةِ. ” والذي وَضعَني حقاً على الأثرِ لكَشْف هذه الشبكةِ الكاملةِ لحجزِ السجينِ في السِرِّعندما معسكر خليجِ Guantanamo فُتِحَ في كوبا، ونحن رَأينَا كُلّ تلك صورِ أولئك السجناءِ هناك، سَألتُ عن هذا، وبَعْض الناسِ الذين قريبون من وكالة المخابرات المركزيةِ أخبرني , “ نظرة، هذا البيان الصحفي. هذا الذي يُريدونَك أَنْ تَرى , أين يَأْخذونَ آلاتَ التصوير هذه؟.
لَكنَّك يَجِبُ أَنْ تَعْرفَ ان هناك نظام أوسع كثير مِنْ الحجزِ، هناك معسكراتِ حول العالمِ حيث ناسِ يُؤْخَذونَ. ” والذي ألهمَني حقاً هو محاوله ابعادي عن الحقيقه حيث كان هم جميعاً كَانوا والذي يَحْدثُ إليهم.
وفي الحقيقة،ً بعد ذلك -- ، بضعة شهور -- في الحقيقة بَعْدَ سَنَة، عندما ماهر Arar ، هو كَانَ واحد من أوّل ضحايا الأداءِ يُبرمجونَ للخُرُوج. وهو وَصفَ لي بشكل مُثير الذي حَدثَ إليه وكَيفَ هو أُخِذَ في هذه طائرةِ Gulfstream، هذه طائرةِ المدراء، التي بَدتْ غريبةً، طارَ عبر الأطلسي مِنْ أمريكا إلى سوريا، ووَصفَ التعذيبَ الفظيعَ الذي واجهَ.
الذي ألهمَني أيضاً تماماً إلى نوعِ البحثِ الخارجي الذي حَدث إلى الآخرون. ، وكما تعرف، ان إستعمالِ هذه الخططِ أثبت لِي فكرة بالنسبة إلى كيف نحن يُمْكِنُ أَنْ نَفْتحَ هذه الفضيحةِ الكاملةِ.
إنّ الصّنداي تايمزَ لندن مؤخراً ذَكرَت بأنّ وكالات المخابرات الأمريكيةِ تَستعملُ جدولِ الخليجِ 5 طائراتَ لاستجواب المحجوزين:
بوب بير مشارك وكالة المخابرات المركزيةِ سابقِ في الشرق الأوسطِ، قالَ: “ إذا تُريدُ إستجواب جدّي تُرسلُ سجين إلى الأردن.
إذا تُريدُهم أَنْ يُعذّبوك تُرسلُهم إلى سوريا. إذا تُريدُ شخص ما أَنْ يَختفي. . . تُرسلُه إلى مصر. ”
و هناك سجناء أُرسلوا مِن قِبل أمريكا الي أوزبكستان , حليف مقرّب دكتاتورية التي شرطتها السرية المشهورة بطرقِ إستجوابِهم، يضمن ذلك الغلي المزعومِ للسجناءِ.
جَعلَ جدول الخليج على الأقل سبع رحلات إلى العاصمةِ الأوزبكيةِ.
الآن الواشنطن بوست تُديرُ القصّةَ. يَقُولونَ بأنّ وكالة المخابرات المركزيةَ تَدْعو الي هذا النشاطِ "أداء،" ومُلاحظة بأنّ المنظمة العالمية لحقوقِ الإنسان تعمل على التحديات القانونيةِ، لأن نَقْل الأسرى إلى البلدانِ التي تَستعملُ طرقَ الإستجوابِ القاسيةِ غير الشرعية في الولايات المتّحدةِ ممنوعةُ بإتفاقيةِ الأُمم المتّحدةَ للتعزيب.
المصادر:
http://www.democracynow.org/article..../10/19/1347246
http://firedoglake.blogspot.com/2004...ost-plane.html
الخميس، 8 ديسمبر 2011
الأربعاء، 7 ديسمبر 2011
الاثنين، 5 ديسمبر 2011
ثلاث مقالات عن : الثورة المضادة فى السعودية
- المقالة الأولى -
يوم 11 آذار/ مارس 2011، سيسجله التاريخ الحديث يوماً مفصلياً في تاريخ المملكة العربية السعودية. لكن في أي اتجاه؟ هذا ما سوف نراه! إذ قبل ذلك بفترة، أنشئت صفحة مشبوهة ــ مجهولة المصدر ــ على موقع فايسبوك، تدعو إلى ثورة على نظام الحكم في السعودية، للأسف، تعامل النظام معها بانفعال، في مناخ الثورات العربية. من مظاهر ذلك التعامل إطلاق العلماء فتاوى لتحريم التظاهرات، وتحريم الدعوة إلى الإصلاح، وتحريم الخروج على الحاكم، مهما كانت الأسباب. يؤكد ذلك المشكلة الثقافية (الفكرية) ــ الاجتماعية التي تعانيها المؤسسة الدينية في السعودية.
تحرك مجلس الشورى، من جهته، في اتجاه انفعالي مماثل، وأعتقد أنّها المرة الأولى التي يتوجه فيها المجلس ببيان إلى الشعب، وهو اتجاه محمود، والأجدى أن يعمل أعضاء المجلس على تحويله إلى سلطة تشريعية كاملة، عبر المطالبة بحق الانتخاب وسلطات الرقابة والتشريع والمحاسبة.
جاء يوم 11 آذار/ مارس، يوم ما سمي ثورة «حنين» ولم يتظاهر أحد ضد النظام، باستثناء أفراد. في ذلك اليوم، تحوّلت بعض الميادين إلى ثكن عسكرية. وهذا تعامل انفعالي آخر، إذ إنّ أغلب العارفين بالمشهد السعودي لم يتوقع تظاهر المواطنين لإسقاط النظام.
قبل اليوم المحدد للثورة بنحو أسبوع، زار الأمير عبد العزيز بن فهد (وزير الدولة ـــــ رئيس ديوان مجلس الوزراء) الشيخ سعد الشثري (عضو هيئة كبار العلماء المقال في أكتوبر/ تشرين الاول 2009)، بناءً على دعوة الأخير. سأل أحد الحاضرين ـــــ الذين ناهزوا الأربعين عالماً وداعية، أغلبهم تقليديون ـــــ الأمير عبد العزيز عن توقعاته بخصوص ثورة حنين. أجاب الأمير: «نحن نثق في شعبنا». في تلك الليلة، أدان أحد الدعاة ـــــ وأيّده أغلب الحاضرين، إن لم يكن جميعهم ـــــ بيان «دولة الحقوق والمؤسسات» الذي رفعه الشيخ سلمان العودة، مع مجموعة من الناشطين إلى خادم الحرمين، متضمناً مطالب إصلاحية. من تلك المطالب: أن يكون مجلس الشورى منتخباً كله، فصل رئاسة الوزراء عن الملك، العمل على استقلالية القضاء وإصلاحه وتطويره، محاربة الفساد المالي والإداري بكل صرامة، الإسراع بحل مشكلات الشباب، إطلاق حرية التعبير المسؤولة، تشجيع إنشاء مؤسسات المجتمع المدني، والإفراج عن مساجين الرأي وتفعيل الأنظمة العدلية. جرى تصوير البيان في عيون أصحاب القرار آنذاك على أنّه تأييد مبطن للثورة، وأنّه يحظى بتأييد القيادات الدينية من وعّاظ وعلماء دين ودعمهم. لكن الدعاة في بيت الشثري، أكدوا وقوفهم في صف النظام، ورفضهم للثورة بل وتصديهم لها، ورفضهم لبيان الشيخ سلمان العودة، وأوصلوا مطالبهم إلى الأمير. يمكن تلخيص المطالب في ما يأتي: العمل على استقلال القضاء وتطويره وإصلاحه، حماية المال العام والحرب على الفساد المالي والإداري، وإصلاح الصحافة بحيث تتحقق حماية المفتي وأعضاء هيئة كبار العلماء والوعاظ من نقدها. يبدو واضحاً أنّ مطالب تلك المجموعة التقليدية (منهم: عائض القرني، سعد البريك، محمد السعيدي، عبد العزيز محمد أمين قاسم، خالد الشايع، يوسف الغفيص)، تحمل بعض التقاطعات مع بيان الشيخ سلمان العودة ورفاقه، لكن تلك المجموعة لها طريقة مختلفة في إبداء الآراء، وإيصالها إلى أصحاب القرار.
عاد الملك السعودي إلى أرض الوطن بعد رحلته العلاجية في 23 شباط/ فبراير 2011. كانت الشائعات تسبق عودة الملك، ومنها الحديث عن إصلاحات جذرية سياسية واقتصادية، بالإضافة إلى التشكيل الوزاري الجديد (بدأت ولاية الحكومة الحالية في آذار/ مارس 2011، ومدة الولاية هي أربع سنوات، وإلى اللحظة لم يُعلن التشكيل الجديد!). أعلن الملك سلسلة من القرارات: دعم رأس مال صندوق التنمية العقارية بـ40 مليار ريال، وإعفاء المتوفين من أقساط القروض؛ رفع رأس مال البنك السعودي للتسليف والادخار بـ20 مليار ريال، إضافة إلى الوديعة السابقة (10 مليارات ريال)، مع إعفاء المتوفين من أقساط القروض؛ دعم الميزانية العامة للإسكان بـ15 مليار ريال؛ ضم الطلبة الذين يدرسون على حسابهم الخاص ـــــ خار ج المملكة ـــــ إلى برنامج الابتعاث الحكومي؛ تثبيت بدل الغلاء ضمن الراتب الأساسي لموظفي الدولة؛ استحداث 1200 وظيفة في المرافق الحكومية المختلفة؛ دعم مالي للأندية الرياضية والأدبية والجمعيات المهنية المرخصة بمبلغ يراوح بين 2 مليون ريال و10 ملايين ريال. كذلك نال الضمان الاجتماعي قرارات مالية مهمة، وغيرها من إجراءات.
استقبل الشعب السعودي الملك بالحبور والراحة، وفي الوقت نفسه، رفعت النخب الفكرية في المملكة مطالب عدّة إلى الملك، تفاعلاً مع التطورات التي تشهدها المنطقة. فبالإضافة إلى بيان «دولة الحقوق والمؤسسات»، رفعت مجموعة من الشباب رسالة عرفت باسم «رسالة 23 فبراير» إلى الملك ــــ أوصلها مشكوراً الأمير طلال بن عبد العزيز ـــــ تضمنت المطالب التالية: مراجعة النظام الأساسي للحكم ونظام الشورى ونظام المناطق ونظام مجلس الوزراء على أساس مكافحة الفساد، وإصلاح القضاء، وتعزيز قيم المواطنة والحريّة والعدالة وسيادة القانون والتنوع والمساواة بين المواطنين، واحترام حقوق الفرْد، وتمكين المرأة من حقوقها كاملة، وتأسيس محكمة نظامية عليا تحمي النظام الأساسي من أي تجاوز أو انتهاك، وإعادة تأليف الحكومة ومجلس الشورى ومجالس المناطق ليكون الشباب هم الشريحة الأغلب فيها، وتطبيق توصيات الحوار الوطني الثاني ومن أهمها الفصل بين السلطات وتوسيع المشاركة الشعبية عبر الانتخاب وحماية المال العام وتحقيق التنمية المتوازنة.
كذلك وجه مثقفون سعوديون بيان «إعلان وطني للإصلاح» إلى القيادة السياسية، تضمن مطالبة النظام بالالتزام بالتحوّل الجاد إلى نظام ملكي دستوري. ولتحقيق ذلك طالبوا بالتالي: تطوير النظام الأساسي للحكم إلى دستور متكامل، اعتماد الانتخاب العام والمباشر محوراً رئيساً في الحياة السياسية، تأكيد مبدأ سيادة القانون ووحدته، إقرار مبدأ اللامركزية الإدارية، استقلال السلطة القضائية، التعجيل بإصدار نظام الجمعيات الأهلية الذي أقره مجلس الشورى، تمكين المرأة من حقوقها كاملة، إصدار قانون يحرم التمييز بين المواطنين، إلغاء القيود الحكومية التي تكبل جمعية حقوق الإنسان (الأهلية) وهيئة حقوق الإنسان (الحكومية)، العمل على معالجة مشاكل البطالة والإسكان وتحسين المعيشة، حماية المال العام وإخضاع كل الدوائر الحكومية للرقابة والمحاسبة، وإعادة النظر في أسس خطط التنمية. وطالب المثقفون بأربعة إجراءات فورية: صدور إعلان ملكي يؤكد التزام الحكومة ببرنامج الإصلاح السياسي، الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين، إلغاء أوامر حظر السفر التي فرضت على عدد من أصحاب الرأي، ورفع القيود المفروضة على حرية النشر والتعبير. في 7 آذار/ مارس 2011، صدر بيان شبابي آخر موجّه إلى الملك بعنوان «مطالب الشباب من أجل مستقبل الوطن»، من أبرز مطالبه: القضاء العاجل على مشكلة البطالة، حل مشكلة الفقر، محاربة كل أشكال الفساد المالي والإداري، تجريم كلّ أشكال المحسوبية والتمييز بين المواطنين، إيقاف كل أشكال التمييز ضد المرأة، تكريس مفهوم المواطنة، إلغاء الوصاية الدينية على المجتمع، اعتبار العمل الثقافي جزءاً عضوياً في حياة المواطن، تفعيل دور الفنون في تطوير الحياة الثقافية في المجتمع، وإفساح المجال للشباب في كل مؤسسات صنع القرار. ورأى الشباب أنّ ثمة مطالب لا بد من تنفيذها فوراً وهي: تطوير النظام الأساسي للحكم ليؤسس لملكية دستورية، إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإلغاء حظر السفر الذي صدر بحق بعض دعاة الإصلاح. من خلال تلك البيانات والمطالب، نستطيع أن نفهم لماذا لم يخرج السعوديون يوم 11 آذار/ مارس، خصوصاً أنّ البيانات تمثل شرائح فكرية وعمرية متنوعة وواسعة، ربما تعبّر في مجموعها عن المزاج السعودي العام. مزاج اتضح أنّ من أهم ملامحه:
* السعوديون يثقون في ملكهم عبد الله بن عبد العزيز الذي يتمتع بشعبية حقيقية بينهم.
* السعوديون لا يريدون الثورة على النظام، بل إصلاحه وتطويره والتغيير من داخله، وهذا الإصلاح لا بد أن يتبنى تغيير الأشخاص والسياسات.
* إنّ هاجس الإصلاح الذي يشغل بال النخبة في المملكة، أصبح يتمدد أفقياً ليعمّ طبقات واسعة من الجنسين.
* إنّ الثقافة الليبرالية أزاحت الفكر المحافظ جانباً. فبعدما كان عدد الموقعين على تلك البيانات والمطالب لا يتجاوز المئات، بدا واضحاً إقبال الآلاف على تأييد مطالب الإصلاح الليبرالية.
* إنّ التحفظات الشعبية على بعض الأفكار الإصلاحية، كالتحوّل إلى ملكية دستورية وتمكين المرأة، بدأت تتحرك في مساحة تتراوح بين التفهم والاستيعاب الواعي والقبول إلى الضرورة والمطالبة (ولا يزال مطلوباً إزالة اللبس بين الإصلاحيين وبين النظام، في ما يختص بالملكية الدستورية، لكون بعض النافذين في السلطة يعتقد أنّ المقصود تجريد الملك من كلّ صلاحياته على غرار النموذج البريطاني، وهذا غير صحيح).
* إنّ فكرة الإصلاح التقليدية التي ترسخت في الفكر الحكومي زمناً، والمتمثلة في تحسين الخدمات وإغداق الأموال على المواطنين، لم تعد تتواءم مع المناخات السائدة والحقوق المشروعة والحراك الذي يعيشه المجتمع.
* بعض مسلّمات الفكر الحكومي أصبحت عبئاً على التنمية، كالمركزية الإدارية. والحديث عن قدرة الحكومة على احتكار زمام المبادرة لم يعد منطقياً، وأصبح يقابَل بالدعوة إلى المجتمع المدني. ويعزز هذا التحليل تنامي ظاهرة العمل التطوعي في المملكة.
* إنّ الإجراءات التعسفية، كالاعتقالات السياسية ومنع السفر والقيود على حرية التعبير، فضلاً عن عدم شرعيتها، لم تعد مستساغة أو يمكن السكوت عنها، وأن تمتع وزارة الداخلية بنفوذ استثنائي لا يخضع لحساب أو عقاب أصبح مشكلة لا بد من معالجتها.
* إنّ التعامل الأمني مع القضايا السياسية، على غرار التعامل مع الأقليات والناشطين السياسيين أثبت فشله.
* اتفقت جميع البيانات على ضرورة إصلاح القضاء، وهذا يعني اضطراب ميزان العدل في أرض الواقع وخصوصاً في القضايا السياسية وقضايا المتهمين بالإرهاب. كذلك اتفقت البيانات على محاربة الفساد الذي أصبحت سطوته تنهش أجهزة الدولة، إضافة إلى حماية المال العام والتنمية المتوازنة.
* مفهوم «الرعايا» سقط إلى الأبد، وبدأت المواطنة تتقدم، وكذلك مبدأ وجود حقوق وواجبات واضحة ومتساوية في إطار سيادة القانون ـــــ لا الفتوى ـــــ واحترام حقوق الإنسان والانطلاق نحو الديموقراطية دون تمييز أو عنصرية باسم الجنس أو الطائفة أو المناطق.
* هناك ملامح لحياة سياسية حيوية وجادة وواعدة بدأت في التكوّن، خصوصاً من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وعبر تحركات الناشطين وطروحات المثقفين. لذلك، فإنّ تعبير السعوديين عن مطالبهم وأفكارهم عبر بيانات ورسائل موجهة إلى أصحاب القرار لن يطول (وقد بدأت سيدات سعوديات حملة للشروع في ممارسة المرأة لقيادة السيارة، دون انتظار موافقة أو استئذان من أحد، وازداد التعاطف الاجتماعي مع هؤلاء السيدات ومطلبهن، بعد اعتقال الناشطة منال الشريف في المنطقة الشرقية)، وعليه فإنّ النظام مطالب بتشريعات واضحة تكفل ممارسة سياسية ناضجة وسليمة، تضمن حق الناس في الدعوة إلى التغيير وتنفيذه، وتحقق التجدد والحيوية للحياة السياسية.
* الوصاية الدينية على المجتمع تآكلت إلى حد كبير، وأصبحت عبئاً على القيادة السياسية، بل إنّ التيارات الإسلاموية نفسها تتغير وتتطور. والوصاية من أي نوع ـــــ حتى لو كانت سياسية ـــــ لم تعد مقبولة هي الأخرى.
مرّت ثورة حنين في 11 آذار/ مارس من دون أن تتحقق، وأصدر الديوان الملكي في 17 آذار/ مارس بياناً يعلن أنّ الملك سيلقي خطاباً إلى المواطنين في اليوم التالي. وهنا، ارتفعت الآمال بأنّ ثمة حكومة جديدة ستعبّر عن السعودية المأمولة، وأنّ الملك سيصدر قرارات تاريخية تعزز موقعه بوصفه مؤسساً ثالثاً (بعد الملك عبد العزيز، ثم الملك فيصل) للدولة السعودية. وما عزز هذا الانطباع ـــــ إضافة إلى أجواء «الربيع العربي» ـــــ إصدار المجلس التنفيذي للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في 15 آذار/ مارس (هي الجمعية الأهلية الوحيدة المرخصة في مجال حقوق الإنسان، وقد تأسست بإيحاء حكومي) بياناً تناول رؤية الجمعية للوضع الداخلي، ومطالبها لتمتين الأمن والاستقرار، وهي: الاستمرار في مشروع الملك للإصلاح السياسي بما يضمن المشاركة الشعبية، ضرورة الحرص على بث روح المواطنة، وضع استراتيجية وطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، تعزيز استقلال القضاء، تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني، تفعيل نظام الإجراءات الجزائية، تمكين المرأة والطفل والمسنّين من حقوقهم الشرعية والنظامية، ضمان الحق في العمل والسكن والتعليم والصحة لكل المواطنين، تأكيد أهمية الحوار، ومعالجة وضع الأشخاص الذين لا يحملون أوراقاً ثبوتية.
أصدر الملك قراراته في 18 آذار/ مارس. قرارات معيشية لم تقترب من الإصلاح أو من إعادة تأليف الحكومة، وهي: صرف راتب شهرين لجميع موظفي الدولة والطلبة الجامعيين، صرف معونة شهرية (2000 ريال) للباحثين عن عمل، اعتماد 3000 ريال حداً أدنى لرواتب العاملين في كل قطاعات الدولة وتثبيت بدل غلاء المعيشة ضمن الراتب الأساسي لموظفي الدولة، اعتماد بناء نصف مليون وحدة سكنية لمواجهة أزمة الإسكان، رفع الحد الأعلى للقرض السكني في صندوق التنمية العقارية، تأسيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وتعيين الأستاذ محمد الشريف رئيساً لها، اعتماد 16 مليار ريال لوزارة الصحة لتأسيس 5 مدن طبية، رفع الحد الأعلى في برنامج تمويل المستشفيات الخاصة، إحداث 60 ألف وظيفة عسكرية في وزارة الداخلية، تعديل نظام النشر لحماية المفتي وهيئة كبار العلماء من الإساءة أو النقد، تخصيص نصف مليار ريال لترميم المساجد والجوامع في كل أنحاء المملكة، دعم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بـ200 مليون ريال لاستكمال بناء فروع لها في كلّ أنحاء المملكة، تأسيس المجمع الفقهي السعودي، اعتماد 200 مليون ريال لعمل فروع لإدارة البحوث والإفتاء في كلّ مناطق المملكة، دعم جمعيات تحفيظ القرآن بـ200 مليون ريال، دعم مكاتب الدعوة والإرشاد بـ300 مليون ريال، إحداث 500 وظيفة لوزارة التجارة والصناعة لتعزيز جهودها الرقابية، بالإضافة إلى قرارات تخص المؤسسة العسكرية.
وهنا بدا لبعض المتابعين أنّ القيادة السياسية ارتكزت في مجموع قراراتها على معطيات عدّة، منها:
* أنّ مشروع الإصلاح السياسي لا يزال مؤجلاً، رغم المطالب الشعبية، في مقابل تحسين الخدمات وإغداق الأموال على المواطنين.
* تجاهل مطالب الإصلاح السياسي أكد تقدم فكر النخبة ـــــ الذي حظي بتأييد شرائح واسعة من المواطنين ـــــ على الفكر الرسمي، على عكس تصريح الأمير سعود الفيصل ـــــ غير الموفق ـــــ في صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، في 2003، حين قال: «إنّ الحكومة تغلي من أجل الإصلاح، لكن الشعب هو الذي يعرقل ذلك».
* أنّ الحكومة لا تزال مصممة على احتكار زمام المبادرة. فتأسيس هيئة مكافحة الفساد عكس حرص الإرادة السياسية على ظاهرة الفساد، وهو توجّه محمود وإيجابي، إلا أنّه أكد تمسك الفكر الرسمي بفكرة بالية، وهي مراقبة الحكومة لنفسها. وما يدل على فشل هذا المبدأ أنّ تأسيس «هيئة مكافحة الفساد» يعني فشل جهاز حكومي آخر هو «ديوان المراقبة العامة»!
* الاعتراف بالمسائل المعيشية في المطالب الإصلاحية، دون غيرها، عزز ـــــ بقصد أو من دون قصد ـــــ الدور الرعائي والأبوي للدولة الذي تجاوزته المرحلة.
* بدا الإصرار على تجاهل الاستحقاق الوزاري ـــــ وهو أدنى مظاهر الإصلاح السياسي ـــــ تمسّكاً بالأشخاص. وهذا يعني أنّ شريحة الشباب لن يفتح لها المجال للمشاركة في الحكم وصنع القرار ومسيرة التنمية، وكذلك أنّ الشريحة الأقدر على نقل حراك المجتمع وتحولاته وتحدياته لا تزال مستبعدة (في المستقبل القريب على الأقل) في ظل حكومة، مبررات تغييرها أكثر من مبررات بقائها.
* بدا أنّ تحولات المجتمع السعودي لا تصل بدقّة إلى القيادة السياسية. فالحرص على دعم الأجهزة الدينية بمبالغ عالية جداً، وفرض حصانة إعلامية ـــــ ليس لها أي سابقة في كل التاريخ الإسلامي، ولا يمكن تبريرها ـــــ على المفتي وأعضاء هيئة كبار العلماء، يدل على إصرار الفكر الرسمي على وسم المجتمع السعودي بالمحافظة. في ذلك الوقت، تتآكل الوصاية الدينية داخل المجتمع، ولا تحظى بالقبول. وكأنّ الفكر الرسمي لا يعرف هذا التحوّل، أو لا يعترف به.
* بدا أنّ هذا الإغداق على الأجهزة الدينية منح المؤسسة الدينية والتيار الإسلاموي ـــــ لا جموع المواطنين ـــــ الدور الأبرز في إفشال ثورة حنين.
* بدا أنّ الفكر الرسمي لا يزال متشبثاً بالاعتماد على التحالف مع المؤسسة الدينية والتيار الإسلاموي، بدل الاعتماد على رضا السواد الأعظم (المتحقق) من المواطنين، وهو الركيزة الأهم لأيّ نظام سياسي، حين نتحدث عن الشرعية السياسية.
* بدا أنّ تخصيص كم كبير من الوظائف العسكرية لوزارة الداخلية يعني تعزيز التعاطي الأمني مع القضايا السياسية كجناح ثان للشرعية. كذلك فإنّ استحداث هذا الكم الهائل من الوظائف الحكومية يجافي المدارس الإدارية الحديثة التي اعتمِدت عالمياً بتقليص حجم الأجهزة الحكومية لحماية موارد الدولة المالية من الاستنزاف فيما لا طائل من ورائه.
* ظهر أنّ إصدار القرارات الأخيرة بعد فشل الثورة، بالتوازي مع دعم كبير وواضح للجهاز الأمني والأجهزة الدينية وفكرها، والتعامل الإعلامي الانفعالي مع الثورة في تصريحات العلماء، وبيان مجلس الشورى، قد توحي بسذاجة الشعب السعودي الذي يمكن أن يستجيب لدعوة متطرفة مجهولة المصدر، وهذا غير صحيح. ويوحي كذلك بضعف نظام لا يحظى بالتأييد والقبول، وهذا أيضاً غير صحيح.
كان واضحاً أنّ ثورة حنين ـــــ في ظل تحولات المجتمع التي اتضحت من خلال البيانات الإصلاحية ـــــ لن تنجح. فالحديث عن مطالب الثورة لناحية حماية المرأة من التغريب وتعزيز وصاية العلماء، ثم تأييد المنشق سعد الفقيه بخطابه السياسي الرديء المعتل بالنعرتين القبلية والسلفية، لن يتناغم مع مجتمع تكرست، أو بدأت تتكرس فيه الروح الليبرالية وقيم التنوير والوعي.
لكن ما جرى بعد ثورة حنين ثم قرارات 18 آذار/ مارس، أشار إلى ضباب ثقيل يعكّر الأفق مستهدفاً مشروع الملك الإصلاحي، مما أسبغ الريبة على الحاضر، وضرّج المستقبل بالمخاوف والتوجسات.
-المقالة الثانية -
الثورة المضادة في السعودية: مستقبل وزارة الداخلية [2/3]
أحمد عدنان
صحافي سعودي
المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية، ٨ حزيران ٢٠١١
الثورة المضادة في السعودية: مستقبل وزارة الداخلية [2/3]
أحمد عدنان
صحافي سعودي
المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية، ٨ حزيران ٢٠١١
- المقالة الثالثة -
الثورة المضادّة في السعوديّة: عودة جهيمان إلى أرض الحرمين [3/3]
أحمد عدنان
صحافي سعودي
المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية، ٩ حزيران ٢٠١١
الثورة المضادّة في السعوديّة: عودة جهيمان إلى أرض الحرمين [3/3]
أحمد عدنان
صحافي سعودي
المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية، ٩ حزيران ٢٠١١
- انتهى
قوائم الشركة
|
|
السبت، 3 ديسمبر 2011
مصر: إمكانية تصفية الثورة بالديمقراطية! بقلم محمد عبد الحكم دياب
تسونامي بشري ضرب تسع محافظات مصرية يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين. وقد يكون النزوع إلى الموضوعية، في ظرف
سيطرت فيه العواطف والمشاعر الجياشة صعبا إن لم يكن مستحيلا. فذلك التسونامي ولد لحظة عاطفية كبرى سيطرت على الغالبية العظمى من المواطنين، الذين بدوا غير مصدقين ما هم فيه. شاهدت عيونا ترقرقت بالدمع ورجالا يبكون بشدة من جلال اللحظة وعظمتها؛ لحظة لم يتصوروها بعد مهرجانات الدم والعذاب التي تتجدد مع كل مليونية يخرج فيها الثوار احتجاجا أو غيرة على ثورة مختطفة. مقعدون تحدوا ظروفهم، وتحملوا آلامهم؛ ليعيشوا تلك اللحظة، ومن جاء على كرسيه المتحرك ليؤدي واجبه الانتخابي لأول مرة وجد سلوكا وروحا جديدة من الحنو والترحيب، وعجزة وكبار في السن شعت براءة الأطفال من عيونهم وكأنهم في يوم عيد، ولو كانوا يتوقعون أن كل تلك الجموع تشاركهم لارتدوا أجمل ملابسهم، ولتزينوا لذلك العرس الفريد.. الكل أصر على المشاركة والإدلاء بصوته. مشهد توقف عنده الزمن ومن الصعب أن يتكرر بسهولة. قالوا لأنفسهم عَمَلها المصريون؛ يصفون أنفسهم بلهجتهم الدارجة اعتزازا بالنفس في لحظة تاريخية فارقة.. وسبق وعملوها من قبل خلال المئتي عاما الماضية، لكنها هذه المرة جاءت بعد توقف عقارب الساعة لأربعة عقود، ورغم السوابق فإن المشهد بعد ثورة 25 يناير 2011 حمل معاني تؤكد الثقة فى الحاضر والمستقبل.. بعد يأس قاتل وبعد ملحمة انتصار على الصمت والانتظار، فأطاحوا بأسوأ حاكم فاسد وتابع وذليل هو حسني مبارك، في أعقاب هروب حاكم آخر في تونس هو زين العابدين بن علي.
تولت ثورة 25 يناير ترميم الذاكرة الوطنية والقومية، ليعرف الشعب أن التاريخ وإن توقف إنما ليستأنف حركته من جديد، والأمة وإن تعطلت إنما لكي تبحث عن المخرج المناسب.
وأنا ابن جيل أرضعوه مبدأ ‘الشعب المعلم’، والشعب بالنسبة لجيلنا يعني نسيج وطن ممتد من الخليج إلى المحيط. وإن كان تكوينه منا كأفراد تشغلهم الحسابات الضيقة والمصالح الخاصة والذاتية، فإن الشعب بالمعنى الجمعي والجماعي إذا ما اجتمع على قلب رجل واحد صنع المعجزة تلو المعجزة، وسما بنفسه فوق الأنانية والفردية، وبعد عن المصالح الذاتية الضيقة، وهذا هو الفرق بين حركة الفرد وقيامة الشعب.
وما حدث جاء في ظرف تواجه فيه مصر تلفيقا لا يتناسب مع جلال الثورة؛ تعمل فيه السلطات جاهدة على التشويش على الثورة؛ بالخلط المتعمد بين الثورة والثورة المضادة؛ وهيأت لشباب الفلول، و’أولاد مبارك’، وجماعة ‘أسفين ياريس’ موقعا في منطقة العباسية؛ بالقرب من وزارة الدفاع.. دون أي اعتبار للدماء التي أريقت والأرواح التي أزهقت في تلك المعركة، وبذلك يتصورون أن استطاعوا مواجهة اعتصام التحرير وتشويهه. وفرض المساواة بين المجرم والثائر.
والدعوى أن ‘الكل مصريون’ ويطلب الإعلام الرسمي من الناس أن تساوي بينهم في النظرة وفي القيمة، فيدعون أن الديمقراطية هكذا، تعطي الحق المتساوي للصالح والطالح، ودعوى ‘الكل مصريون’ ارتفعت لتخلط المحسن بالمسيء، وتوحد التحريريين (نسبة إلى ميدان التحرير كعبة الثورة والعباسيين نسبة إلى منطقة العباسية موطن الثورة المضادة)، وشتان بين الثرى والثريا، وبين الثورة والثورة المضادة.. ثورة مضادة تهتف دون حياء ‘آسفين ياريس’، ويبدو المجلس الأعلى للقوات المسلحة داعما لها، وثورة تصر على تصفية تركة ونفايات وبقايا حكم مبارك، وهي ضخمة وعفنة.
وإذا كان ‘الكل مصريين’ تعني الوطنية فهي نقطة فراق وصراع. أما إذا كانت تعني حيزا جغرافيا يجمع من لا مبدأ ولا ولاء له. هنا تفقد الجغرافيا معناها كوطن وبلد، وتختزل إلى مستوى الفندق والحانة.. أي مكان للنوم والعربدة، والأوطان غير ذلك، وإن كانت حيزا جغرافيا إلا أنه يحمل قيما تاريخية وثقافية وحضارية؛ حولت الغابة إلى مستقر، والأرض إلى وطن، وبغير ذلك تبقى مساحة صماء بلا عقل ولا روح.
وعلي أن أنتزع نفسي من هذا الجو العاطفي من أجل محاولة موضوعية للتعرف على بعض ما حدث.. ولسوف أجد أن ما تم متميز فريد؛ من ناحية الشكل.. بدقة التنظيم، وتوفر الأمن، وضبط الأوضاع، هذا يحسب للسلطات المسؤولة، أما الشعب فكان مثلا للانضباط والجدية والصبر والانتظار في طوابير طويلة بالساعات، وهذا هو الذي صنع عرسا حقيقيا؛ أثلج الصدور وأمتع النفوس. وعلينا الفصل بين الإقبال منقطع النظير، وهو يمثل الشكل الذي ظهرت به الانتخابات، وبين المضمون والمؤشرات المبدئية للنتيجة، وإن بدت متوقعة فيما يخص الإخوان المسلمين، فقد كانت غير ذلك بالنسبة لغيرهم من جماعات الإسلام السياسي، وجاء حصول السلفيين على ما لم يحصل عليه صناع الثورة ووقودها مفاجأة غير طبيعية علينا التوقف عندها.
المؤشرات تقول بتقدم تيارين التحقا بالثورة.. أحدهما متردد.. تائه بين غواية الحكم وإغرائه وتكاليف الثورة وأعبائها. والآخر مندفع نحو الغنيمة بلا حساب، ولا اعتبار لمن ضحى واستشهد، وبذلك حل البديل مكان الأصيل، وإن كان الإخوان المسلمون قد التحقوا بالثورة بعد اندلاعها في 25 يناير، فإن السلفيين ما زالوا رافضين لها، وإن كانت فتاوى بعضهم تقول بـ’قبول الضرورة’ وحاجة المضطر، ويرى البعض أن ذلك قد يعني نهاية الثورة، فمن ثار وضحى ليس غير من حصد، وهذه من أزمات الثورة المصرية.
لا ينكر أحد أن الإخوان اضطهدوا، وإن لم يكونوا وحدهم المضطهدين، وقد يرضى كثيرون بنصيبهم الذى يبدو أنهم سيحصلون عليه، أما المشكلة جمهور واسع إلى السلفيين؛ بعدما عاشوا عصرهم الذهبي متعاونين مع جهاز مباحث أمن الدولة الرهيب، يبتز بهم باقي فرق الإسلام السياسي الجهادية والراديكالية.
والمؤشرات لم تكن مبشرة لائتلافات الثورة الشابة.. من صغار السن.. قليلي الخبرة.. المضطهدة من قبل الأمن.. والمحاصرة من قِبَل المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
ونفهم أن يتقدم الإخوان في المرحلة الأولى كشيء متوقع، وأسبابه معروفة.. الجهد التنظيمي الواضح.. والعمل الدؤوب.. تعبئة الطاقات البشرية والمادية.. القدرة العالية على الحشد.. المستوى الكبير من الانتشار.. وتوفير الخدمات والمقابل العيني في مجتمع مأزوم يرتفع فيه معدل الفقر. بالإضافة إلى أنهم معروفون للناس، وكما يقول المثل ‘إللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش’، والقلق تجاههم قلق نسبي يخفف منه انخراط شبابهم في الثورة من لحظتها الأولى. على غير رضا من مكتب الإرشاد والحرس القديم.
وما يزيد القلق من تقدم السلفيين هو وجود قناعة عامة بأن دخولهم المعترك السياسي ليس من طبائعهم، وهناك من يرى أنهم رصيد للتشدد السعودي والنفوذ القطري والإماراتي والكويتي والباكستاني، وعنوان للتشدد الطائفي والمذهبي (الوهابي تحديدا)، وأثبتوا قوتهم حين نجحوا في الضغط على الإخوان لرفض الدولة المدنية، واستجاب الإخوان فتخلوا عن دعوتهم السابقة إليها، وكانوا قد أقروها في وثائق وقعوها مع القوى السياسية الأخرى، وانحازوا إلى الدولة الدينية، التي لم يعرفها الإسلام يوما، ومن لا يوافقني أرجوه الاطلاع على ‘الصحيفة’ التي كتبها الرسول (ص) مع أهل مكة من غير المسلمين.
وإن انتهت نتائج هذه الانتخابات على هذا النحو فإنها تقول ان الخيار الديمقراطي أتى على حساب الثورة، وكان من المفترض أن ثورة بحجم وعمق تأثير ثورة 25 يناير تأتي بالعكس، وهذا أقلق الثوار قلقا شديدا، وهو قلق مشروع.. إذن ما هو الموقف؟
المتوقع من تداعي الأوضاع بعد الانتخابات أن تجد مصر نفسها بين خيارات كابوسية، إذا لم تتنبه. منها خيار الإمارات الإسلامية المتناحرة، التي تهدد البلد بالتفتيت والتقسيم، أو تفاجأ بظهور أتاتورك مصري يخرج من قلب القوات المسلحة بدعوى الحفاظ على وحدة الدولة وحمايتها من خطر التقسيم المذهبي والانشطار الطائفي، وقد تدخل في دوامة الانقلابات العسكرية على الطريقة السورية فيما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى ستينات القرن الماضي.
ومع ذلك يجب أن تنطلق مواجهة هذه الاحتمالات باحترام إرادة الشعب، والقبول باختياره، والرضا بالنتيجة أيا كانت، وفتح قنوات الحوار والتعاون المسدودة بهدف حماية الثورة وعدم إجهاضها، وإحياء فرصة كتابة عقد اجتماعي جديد التي ضاعت بسبب الأولويات الخطأ، التي وُضعت من لجنة تعديل الدستور واستجابة المجلس العسكري لها وتشجيع الإخوان المسلمين له، وتعزيز التوجهات الديمقراطية على قاعدة ‘كما أن الديمقراطية هي لك اليوم فقد تكون عليك غدا’ إذا ما بقي الاحتكام إلى الشعب، وفي هذا مكسب للجميع، والدعوة لتنقية الإسلام السياسي من التشدد والتمذهب، وتشجيع جماعاته على الانخراط في الجماعة الوطنية، ومساعدتهم على أن يكون معبرين عن روح الشعب واعتداله وتسامحه ومرونته.
بالإضافة إلى أن الواجب الأخلاقي والسياسي يقضي بقبول النتيجة التي نأمل أن تنتهي متوازنة، لأن أساس التعاقد الشفهي الراهن هو الاحتكام إلى صندوق الاقتراع، دون تراجع مع السعي لتقليل الأضرار، ولتكن هذه فرصة يتعلم فيها المصريون من أخطائهم وتجاربهم؛ بما يُرشد تجربتهم الديمقراطية الوليدة، كي تصحح نفسها بنفسها. ولدينا ضمانة مؤكدة هي الشعب، فليس سهلا على شعب هزم أعتى وأشرس منظومة أمنية وبوليسية في العالم؛ فاق عددها مليون وسبعمئة ألف شرطي وضابط.. منهم أمن مركزى يقدر بأكثر من أربعمئة ألف مجند، ويتساوى عدده مع الحجم الإجمالي للقوات المسلحة كاملة، وباقي المنظومة موزع على الأمن السياسي والحراسات وقوات مقاومة الشغب، والأمن الجنائي والجوازات، والمرور والنقل (عام وخاص وسكك حديدية وطيران وسفن) والمسطحات المائية والحرس الجامعي.. إلخ، بينما يقدر عدد قوات الشرطة والأمن الصينية، التي تسهر على توفير الأمن لمليار وثلاثمئة مليون نسمة؛ يقدر بمليون ونصف المليون فرد، كما نشرت صحيفة الإندبندت البريطانية عام 2009، هذا الشعب الذي انتصر ولم يبخل بدمه وهو يتصدى لتلك القوة العاتية قادر على الوقوف في وجه من يخرج عن طوعه ويهدد وجوده ويصادر على مستقبله. وهو ما يجعلنا نؤكد أن الثورة لن تقتلها الديمقراطية مادام هناك شعب يقظ، وثوار مستعدون للتضحية، بما لا يسمح بعودة عقارب الساعة إلى الوراء، وفوق كل هذا وذاك فهناك ميدان التحرير، وكل ميادين الثورة المنتشرة في أنحاء البلاد
الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011
الحرية أم الاستقرار.. الفوضى أم الاستبداد؟ زياد بهاء الدين
أكتب هذه السطور صباح يوم الاثنين من على قطار متجه إلى القاهرة من أسيوط حيث قضيت الأسابيع الأخيرة. معلوماتى عما يحدث فى ميدان التحرير محدودة ومقتصرة عما يأتى من خلال الإعلام والإنترنت والتواصل مع الأصدقاء، ولكن كلها تؤكد لى شيئا واحدا، أن الساعات القليلة المقبلة سوف تحدد مصير البلد، وأن الصراع لم يعد يتعلق بوثيقة السلمى، أو بمدنية الدولة، أو بالانتخابات، أو حتى بتسليم السلطة لحكم مدنى، وإنما أنه تعبير شامل عن حالة الاحتقان المتراكمة عبر الأسابيع والأشهر الماضية. هذه حالة تسبب فيها القلق من عدم تحقيق الثورة لمكاسبها السياسية والاجتماعية، والتقاتل بين الأحزاب والقوى السياسية على كل صغيرة وكبيرة، وحالة الحشد الإعلامى التى لا تدع فرصة للتفكير فى أى موضوع، وتدهور الأوضاع المعيشية والسياسات الحكومية العاجزة عن التعامل معها إلا بأسلوب التأجيل وأنصاف الحلول والوعد بما لا يمكن تحقيقه، والتوتر الطائفى، واستمرار الانفلات الأمنى، وأخيرا وليس آخرا عودة مظاهر الاستبداد التى لم يعد الناس يقبلونها والشعور بأن لا شىء حقيقيا قد تغير فى مصر سوى الوجوه التى تشغل المناصب.
فى ظل هذه الظروف فإنه من الأكيد أن يعود الأمر إلى حيث بدأ: إلى ميدان التحرير مرة أخرى، وإلى الرصاص المطاطى، وقنابل الغاز، والمستشفيات الميدانية. ولكن شتان ما بين يناير ونوفمبر. فبينما كان الوطن فى يناير وفبراير مجتمعا على ضرورة التغيير وعلى مطالب بسيطة وواضحة لا خلاف عليها، عبرت عنها شعارات تطالب بتغيير النظام وبالحرية والعدالة الاجتماعية، فإنه اليوم منقسم أشد الانقسام على كل شىء تقريبا. الدولة مدنية أم دينية، الدستور أولا أم ثانيا، الحكم عسكرى أم مدنى، مبادئ فوق دستورية أم انتخابات مباشرة، قانون للعزل السياسى أم لا، واستقطاب بين الدينى والمدنى صار يفرق بين الناس ويحدد اختياراتهم وفقا لهذا المعيار وحده.
ولكن الأهم والأخطر من ذلك بكثير هو الانقسام بين الاستقرار والأمان وعودة النشاط الاقتصادى من جهة، وبين الحرية والديمقراطية وحقوق التظاهر والإضراب والتعبير من جهة أخرى، وهذا الانقسام فى رأيى يمثل الخديعة الكبرى التى وقع فيها الشعب المصرى. فى كل مكان وفى كل مناسبة صار الناس يقرنون سوء الأحوال المعيشية وتدهور الحالة الاقتصادية بالفوضى التى سببتها الثورة ويربطون غياب الأمن والاستقرار باستمرار المطالبة بتحقيق مكاسبها. لماذا أعتبر هذا الانقسام خديعة كبرى؟ لأن المسئولين عن البلد والإعلام المصرى أخذوا منذ فترة ليست بقصيرة يروجون لفكرة أن علينا الاختيار بين الأمرين، بين الاستقرار والحرية، بين الأمن والديمقراطية، بين حرية التعبير وبين سلامة أفراد الأسرة، بين النقابات المستقلة وبين النشاط الاقتصادى، بين انتخابات حرة ونزيهة وبين حكومة تحسن إدارة البلاد، وبين تطهير البلاد من الفساد وبين تشجيع الاستثمار. هذه خديعة كبرى لأن كل هذه اختيارات ومفاضلات غير حقيقية وغير مطلوبة وعلينا أن نرفض الانسياق وراءها. الأفكار التى كانت رائجة فى الستينيات والسبعينيات بأن استقرار البلاد وأمنها يتطلبان حكما مستبدا أو أن التنمية الاقتصادية فى العالم الثالث تتعارض مع الديمقراطية، لم تعد مقبولة فى أى مكان فى العالم ويجب علينا رفضها فى مصر. غير صحيح أننا ملزمون بالاختيار بين الديمقراطية وبين الاستقرار، بل لنا أن نطالب بالأمرين معا، وأن نتمسك بهما بنفس القدر، وأن نرفض أن يتم وضعنا أمام حتمية هذا الاختيار من الأصل.
والإصرار على وضع المجتمع أمام مفترق طرق هو ما يهدد وحدته وسلامته، بينما الحقيقة أن الضمان الوحيد على المدى الطويل للاستقرار وللنشاط الاقتصادى ولتشجيع الاستثمار هو أن يكون المواطن حرا وأن يكون الحكم ديمقراطيا. هذا ما يجب أن نكون قد تعلمناه من درس الخامس والعشرين من يناير، والرجوع مرة أخرى لمنطق المفاضلة بين الاستقرار والنمو الاقتصادى وبين الحرية هو أبلغ تعبير عن أننا قد فشلنا فى التعلم من دروس الماضى القريب. كنت ــ وما زلت ــ ممن يطالبون باتخاذ الإجراءات والسياسات اللازمة لإعادة عجلة الاقتصاد للدوران، ولعدم إهمال متطلبات الإنتاج والتنمية والاستقرار المالى وتشجيع الاستثمار، ولكن أرفض تماما أن تتحول هذه الدعوة إلى مدخل خلفى لوأد الديمقراطية الناشئة ولدفع الناس إلى الاختيار بينها وبين حقها المشروع والمعطل منذ سنوات طويلة فى الحرية. كلنا يرغب فى أن يتحقق الاستقرار فى مصر، وأن يسود الأمن فى الشوارع، وأن تعود السياحة للنشاط، وأن ينهض قطاع المقاولات، وأن تزيد الاستثمارات الأجنبية، وأن يسود الشعور بأن القانون هو وسيلة تنظيم المجتمع، ولكن إن كان ثمن كل هذا أن تعود مصر لما كانت عليه من استبداد فلا أتصور أن هذا ثمن يقبله الناس. لذلك فإن الاختيار فى حد ذاته ليس مقبولا ولا التضحية بواحد من أجل الآخر.
ما يعطل اقتصادنا ويمنع الاستقرار ويشيع الفوضى فى الشوارع ليس ما يطالب به المعتصمون فى التحرير من ضمانات لحرية التعبير وعدالة المحاكمات ومدنية الحكم، بل ما يعطل كل ذلك هو التخبط فى السياسات الحكومية وعدم وضوح خريطة الطريق لتحقيق انتقال ديمقراطى للسلطة وعودة مظاهر الاستبداد التى اعتقد المجتمع أنها صارت من الماضى. سلامة المسار السياسى واكتمال عملية التحول الديمقراطى هى السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية الاقتصادية، لذلك فعلينا ألا نختار بينهما وألا نكون قد عدنا لنقطة البداية مرة أخرى.
فى ظل هذه الظروف فإنه من الأكيد أن يعود الأمر إلى حيث بدأ: إلى ميدان التحرير مرة أخرى، وإلى الرصاص المطاطى، وقنابل الغاز، والمستشفيات الميدانية. ولكن شتان ما بين يناير ونوفمبر. فبينما كان الوطن فى يناير وفبراير مجتمعا على ضرورة التغيير وعلى مطالب بسيطة وواضحة لا خلاف عليها، عبرت عنها شعارات تطالب بتغيير النظام وبالحرية والعدالة الاجتماعية، فإنه اليوم منقسم أشد الانقسام على كل شىء تقريبا. الدولة مدنية أم دينية، الدستور أولا أم ثانيا، الحكم عسكرى أم مدنى، مبادئ فوق دستورية أم انتخابات مباشرة، قانون للعزل السياسى أم لا، واستقطاب بين الدينى والمدنى صار يفرق بين الناس ويحدد اختياراتهم وفقا لهذا المعيار وحده.
ولكن الأهم والأخطر من ذلك بكثير هو الانقسام بين الاستقرار والأمان وعودة النشاط الاقتصادى من جهة، وبين الحرية والديمقراطية وحقوق التظاهر والإضراب والتعبير من جهة أخرى، وهذا الانقسام فى رأيى يمثل الخديعة الكبرى التى وقع فيها الشعب المصرى. فى كل مكان وفى كل مناسبة صار الناس يقرنون سوء الأحوال المعيشية وتدهور الحالة الاقتصادية بالفوضى التى سببتها الثورة ويربطون غياب الأمن والاستقرار باستمرار المطالبة بتحقيق مكاسبها. لماذا أعتبر هذا الانقسام خديعة كبرى؟ لأن المسئولين عن البلد والإعلام المصرى أخذوا منذ فترة ليست بقصيرة يروجون لفكرة أن علينا الاختيار بين الأمرين، بين الاستقرار والحرية، بين الأمن والديمقراطية، بين حرية التعبير وبين سلامة أفراد الأسرة، بين النقابات المستقلة وبين النشاط الاقتصادى، بين انتخابات حرة ونزيهة وبين حكومة تحسن إدارة البلاد، وبين تطهير البلاد من الفساد وبين تشجيع الاستثمار. هذه خديعة كبرى لأن كل هذه اختيارات ومفاضلات غير حقيقية وغير مطلوبة وعلينا أن نرفض الانسياق وراءها. الأفكار التى كانت رائجة فى الستينيات والسبعينيات بأن استقرار البلاد وأمنها يتطلبان حكما مستبدا أو أن التنمية الاقتصادية فى العالم الثالث تتعارض مع الديمقراطية، لم تعد مقبولة فى أى مكان فى العالم ويجب علينا رفضها فى مصر. غير صحيح أننا ملزمون بالاختيار بين الديمقراطية وبين الاستقرار، بل لنا أن نطالب بالأمرين معا، وأن نتمسك بهما بنفس القدر، وأن نرفض أن يتم وضعنا أمام حتمية هذا الاختيار من الأصل.
والإصرار على وضع المجتمع أمام مفترق طرق هو ما يهدد وحدته وسلامته، بينما الحقيقة أن الضمان الوحيد على المدى الطويل للاستقرار وللنشاط الاقتصادى ولتشجيع الاستثمار هو أن يكون المواطن حرا وأن يكون الحكم ديمقراطيا. هذا ما يجب أن نكون قد تعلمناه من درس الخامس والعشرين من يناير، والرجوع مرة أخرى لمنطق المفاضلة بين الاستقرار والنمو الاقتصادى وبين الحرية هو أبلغ تعبير عن أننا قد فشلنا فى التعلم من دروس الماضى القريب. كنت ــ وما زلت ــ ممن يطالبون باتخاذ الإجراءات والسياسات اللازمة لإعادة عجلة الاقتصاد للدوران، ولعدم إهمال متطلبات الإنتاج والتنمية والاستقرار المالى وتشجيع الاستثمار، ولكن أرفض تماما أن تتحول هذه الدعوة إلى مدخل خلفى لوأد الديمقراطية الناشئة ولدفع الناس إلى الاختيار بينها وبين حقها المشروع والمعطل منذ سنوات طويلة فى الحرية. كلنا يرغب فى أن يتحقق الاستقرار فى مصر، وأن يسود الأمن فى الشوارع، وأن تعود السياحة للنشاط، وأن ينهض قطاع المقاولات، وأن تزيد الاستثمارات الأجنبية، وأن يسود الشعور بأن القانون هو وسيلة تنظيم المجتمع، ولكن إن كان ثمن كل هذا أن تعود مصر لما كانت عليه من استبداد فلا أتصور أن هذا ثمن يقبله الناس. لذلك فإن الاختيار فى حد ذاته ليس مقبولا ولا التضحية بواحد من أجل الآخر.
ما يعطل اقتصادنا ويمنع الاستقرار ويشيع الفوضى فى الشوارع ليس ما يطالب به المعتصمون فى التحرير من ضمانات لحرية التعبير وعدالة المحاكمات ومدنية الحكم، بل ما يعطل كل ذلك هو التخبط فى السياسات الحكومية وعدم وضوح خريطة الطريق لتحقيق انتقال ديمقراطى للسلطة وعودة مظاهر الاستبداد التى اعتقد المجتمع أنها صارت من الماضى. سلامة المسار السياسى واكتمال عملية التحول الديمقراطى هى السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية الاقتصادية، لذلك فعلينا ألا نختار بينهما وألا نكون قد عدنا لنقطة البداية مرة أخرى.
تقارير غربية: المجلس العسكري يدرك أنه سيلقى مصير مبارك إذا فقد السيطرة على ميدان التحرير
نقلا عن جريدة المصريين
| 22-11-2011 14:19
سيطرت أصداء التظاهرات الدموية التي شهدتها مصر خلال اليومين الماضيين على اهتمام الصحافة الغربية بشكل واسع النطاق ، حيث اهتمت بنقل وقائعها لحظة بلحظة واصفة إياها بأنها "المرحلة الثانية في الثورة المصرية".
فقالت صحيفة الكريستيان ساينس مونيتور الأمريكية أن الاشتباكات العنيفة التي تشهدها مصر الآن لم يسبق لها أي مثيل في كثافتها و تواصلها منذ أيام الثورة التي أطاحت بالرئيس مبارك، مضيفة بأن أي حسن نية من المتظاهرين تجاه الجيش قد تحطمت تماماً.
و أشارت إلى مخاوف العديد من أن تؤدي أعمال العنف إلى تأخير الانتخابات البرلمانية و ترسيخ الحكم العسكري، حيث أنه من غير الواضح كيف يخطط المجلس العسكري لوضع حد للعنف الجاري.
و هي المخاوف التي تبنتها صحيفة الجارديان البريطانية و التي قالت بأن الثورة المصرية دخلت مرحلة خطيرة من المواجهات بعد الهجوم على آلاف المتظاهرين المناهضين للحكم العسكري في ميدان التحرير، مما يضع شكوك خطيرة حول جدوى إجراء الانتخابات البرلمانية الوشيكة.
و أضافت بأن آفاق الإنتخابات البرلمانية المتوقع انطلاقها الاسبوع المقبل أصبحت غير واضحة، حيث يرى النقاد بأنه لن يكون لها أي معنى إذا لم يحدد المجلس العسكري موعداً لتسليم السلطة للمدنيين.
و لكنها أيضاً أبدت تخوفات من المطالب المتصاعدة بتكوين حكومة إنتقال مدنية لانتزاع البلاد من سيطرة المجلس العسكري، محذرة من أن هذه الخطوة ستلقي بمصر في حالة غير مسبوقة من الارتباك بوجود اثنان من الكيانات السياسية المتنافسة كل منهما يعلن نفسه حاكماً شرعياً للبلاد و هو ما سيؤدي لتأجيل الإنتخابات بكل تأكيد.
أما صحيفة التليجراف البريطانية فترى بأن عدد المتظاهرين كان أقل بكثير مما كان عليه في اوج الثورة المصرية إلا أن ضراوة العنف و السرعة التي انتشر بها إلى الاسكندرية السويس و مدن أخرى كانت في طليعة الثورة، يشير إلى الوضع المتقلب الخطير التي قد تجد مصر نفسها فيه مرة أخرى.
و قالت بأن النفور من القيادة العسكرية التي تدير البلاد منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك لم يسبق و أن وصل للقدر الذي هو عليه الآن، مشيرة إلى أنه للمرة الأولى منذ الثورة يتم نشر قوات الأمن المركزي بهذا الشكل المكثف و هو ما ساعد في تفاقم الوضع بدلاً من التخفيف من حدة التوترات، كونها أحد أبرز أدوات القمع التي كان يستخدمها الرئيس المخلوع.
و أشارت إلى أن الاجواء في ميدان التحرير توترت بشكل كبير خاصة بعد اكتشاف المتظاهرين أن قوات الشرطة تستخدم عبوات غاز مسيل للدموع تحمل علامات أمريكية و عبرية، تماماً كما فعلت أثناء الثورة.
و لفتت الصحفية إلى أن قوات الأمن لم تنسحب مطلقاً من ميدان التحرير و إنما كانت تتفرق بشكل مؤقت ثم تعود لتجميع صفوفها مرة أخرى، مضيفة بأنها بدت مدربة على عدم الاستسلام مطلقاً، و هو ما قالت الصحيفة بأنه يدل على أن المجلس العسكري وعى الدرس جيداً فهو يعلم أنه عندما فقد مبارك السيطرة على ميدان التحرير أصبح سقوطه أمر لا مفر منه، و هو المصير الذي تحرص السلطة العسكرية على ألا تواجهه.
من جانبها قالت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية أن الثورة الجديدة ضد الحكم العسكري تبدو أكثر عفوية و أقل تنظيماً من الثورة الأصلية، ولا يوجد أي علامات على وجود قادة لها كما أن حضور القوى السياسية في الساحة ضعيف للغاية و هو ما يجعل من الصعب التصور مع من قد يستطيع أن يتفاوض الجيش إذا أختار أن يقوم بتسليم السلطة.
| 22-11-2011 14:19
سيطرت أصداء التظاهرات الدموية التي شهدتها مصر خلال اليومين الماضيين على اهتمام الصحافة الغربية بشكل واسع النطاق ، حيث اهتمت بنقل وقائعها لحظة بلحظة واصفة إياها بأنها "المرحلة الثانية في الثورة المصرية".
فقالت صحيفة الكريستيان ساينس مونيتور الأمريكية أن الاشتباكات العنيفة التي تشهدها مصر الآن لم يسبق لها أي مثيل في كثافتها و تواصلها منذ أيام الثورة التي أطاحت بالرئيس مبارك، مضيفة بأن أي حسن نية من المتظاهرين تجاه الجيش قد تحطمت تماماً.
و أشارت إلى مخاوف العديد من أن تؤدي أعمال العنف إلى تأخير الانتخابات البرلمانية و ترسيخ الحكم العسكري، حيث أنه من غير الواضح كيف يخطط المجلس العسكري لوضع حد للعنف الجاري.
و هي المخاوف التي تبنتها صحيفة الجارديان البريطانية و التي قالت بأن الثورة المصرية دخلت مرحلة خطيرة من المواجهات بعد الهجوم على آلاف المتظاهرين المناهضين للحكم العسكري في ميدان التحرير، مما يضع شكوك خطيرة حول جدوى إجراء الانتخابات البرلمانية الوشيكة.
و أضافت بأن آفاق الإنتخابات البرلمانية المتوقع انطلاقها الاسبوع المقبل أصبحت غير واضحة، حيث يرى النقاد بأنه لن يكون لها أي معنى إذا لم يحدد المجلس العسكري موعداً لتسليم السلطة للمدنيين.
و لكنها أيضاً أبدت تخوفات من المطالب المتصاعدة بتكوين حكومة إنتقال مدنية لانتزاع البلاد من سيطرة المجلس العسكري، محذرة من أن هذه الخطوة ستلقي بمصر في حالة غير مسبوقة من الارتباك بوجود اثنان من الكيانات السياسية المتنافسة كل منهما يعلن نفسه حاكماً شرعياً للبلاد و هو ما سيؤدي لتأجيل الإنتخابات بكل تأكيد.
أما صحيفة التليجراف البريطانية فترى بأن عدد المتظاهرين كان أقل بكثير مما كان عليه في اوج الثورة المصرية إلا أن ضراوة العنف و السرعة التي انتشر بها إلى الاسكندرية السويس و مدن أخرى كانت في طليعة الثورة، يشير إلى الوضع المتقلب الخطير التي قد تجد مصر نفسها فيه مرة أخرى.
و قالت بأن النفور من القيادة العسكرية التي تدير البلاد منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك لم يسبق و أن وصل للقدر الذي هو عليه الآن، مشيرة إلى أنه للمرة الأولى منذ الثورة يتم نشر قوات الأمن المركزي بهذا الشكل المكثف و هو ما ساعد في تفاقم الوضع بدلاً من التخفيف من حدة التوترات، كونها أحد أبرز أدوات القمع التي كان يستخدمها الرئيس المخلوع.
و أشارت إلى أن الاجواء في ميدان التحرير توترت بشكل كبير خاصة بعد اكتشاف المتظاهرين أن قوات الشرطة تستخدم عبوات غاز مسيل للدموع تحمل علامات أمريكية و عبرية، تماماً كما فعلت أثناء الثورة.
و لفتت الصحفية إلى أن قوات الأمن لم تنسحب مطلقاً من ميدان التحرير و إنما كانت تتفرق بشكل مؤقت ثم تعود لتجميع صفوفها مرة أخرى، مضيفة بأنها بدت مدربة على عدم الاستسلام مطلقاً، و هو ما قالت الصحيفة بأنه يدل على أن المجلس العسكري وعى الدرس جيداً فهو يعلم أنه عندما فقد مبارك السيطرة على ميدان التحرير أصبح سقوطه أمر لا مفر منه، و هو المصير الذي تحرص السلطة العسكرية على ألا تواجهه.
من جانبها قالت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية أن الثورة الجديدة ضد الحكم العسكري تبدو أكثر عفوية و أقل تنظيماً من الثورة الأصلية، ولا يوجد أي علامات على وجود قادة لها كما أن حضور القوى السياسية في الساحة ضعيف للغاية و هو ما يجعل من الصعب التصور مع من قد يستطيع أن يتفاوض الجيش إذا أختار أن يقوم بتسليم السلطة.
الاثنين، 21 نوفمبر 2011
الأحد، 20 نوفمبر 2011
لا لحصار سوريا.. لا لتدويل أزمتها
د. فايز رشيد
حصار عربي على سوريا... بهذا يمكن تلخيص ما جرى مؤخرا في الجامعة العربية حول هذا البلد العربي. الحصار في مضمونه وشكله يشبه الحصار الغربي- الأمريكي عليها فما يدور حالياً في المنطقة العربية شبيه بما جرى قبيل العدوان الأمريكي- الغربي على العراق، فمن التهديدات الإسرائيلية- الأمريكية للبرنامج النووي الإيراني، إلى إمكانية قيام الولايات المتحدة ودول الناتو بتكرار ما حصل في ليبيا على سوريا، فقرار الجامعة العربية "بتوفير الحماية للمدنيين السوريين، وذلك بالاتصال الفوري بالمنظمات العربية المعنية، وفي حال عدم توقف أعمال العنف والقتل يقوم الأمين العام بالاتصال بالمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان بما فيها الأمم المتحدة"، هذا القرار استكمله الأمين العام للجامعة نبيل العربي بتصريحات قال فيها: بأن الجامعة ستطلب حماية دولية للمدنيين السوريين.
العقوبات العربية لسوريا لم تقتصر على التدويل فقط، بل امتدت إلى سحب السفراء العرب من دمشق، والاعتراف الرسمي بالمعارضة السورية كبديل للنظام، والتهديد بممارسة الحصارعليها... وفوق كل ذلك: تعليق عضويتها في الجامعة العربية، وإمهالها أربعة أيام "فقط" لقبول "للانصياع" القرار العربي.
كنا نتمنى لو اتجهت الجامعة العربية فعليا لمحاولة الحل الموضوعي للأزمة السورية دون الاستعانة بالحماية الدولية، فتجربة كل من العراق وليبيا أثبتت وتثبت بما لا يقبل مجالاً للشك: أن الولايات المتحدة ودول الناتو لا تتدخل من أجل حماية المدنيين العرب، وإنما من أجل مصالحها ومن أجل قطف ثمار الثورات العربية، فمن يريد حماية المدنيين لا يدوس رقابهم ببساطير الجنود، كما كان المشهد في العراق، ولا يتسبب بقتل مئات المدنيين كما حدث ذلك في ليبيا، الولايات المتحدة ورغم انسحابها المقرر من العراق قبل نهاية العام الحالي، ستبقي قوات كبيرة لها في هذا البلد العربي تحت مسميات مختلفة، هذا عدا عن القواعد العسكرية المتبقية في العراق. في ليبيا حازت العواصم الغربية وبدعم من واشنطن وبمقاسمتها للحصص، على معظم صادرات النفط الليبي. هذه العواصم ليست حريصة على بناء الديمقراطية في أقطار العالم العربي، فالديمقراطية العربية لا تناسب هذه الدول، انطلاقاً من حرصها على الحليف الإسرائيلي.
نفهم أن هناك تعثرا في تطبيق بنود المبادرة العربية السابقة في سوريا، فالأزمة أكبر من إمكانية احتوائها ببضعة أيام، وسوريا قبلت المبادرة وقبلت بزيارة اللجنة الوزارية العربية لها مع من تريد اصطحابهم من منظمات حقوقية وإعلامية وإشرافية وغيرها، لكننا لا نفهم مطلقا "لأن من الصعب ذلك" اللجوء إلى الحصار العربي لسوريا وإلى تهديدها بالحل الدولي، الذي هو في الأساس حل أمريكي- غربي بفعل موازين القوى السائدة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ودول المنظومة الاشتراكية، وتحكم القطب الواحد في عالم اليوم.
لا يقبل مطلقا، عربيا، بالحل الأمني في التعامل مع الأزمة في أي بلد عربي وفي سوريا أيضا، فالحل الأمني كان فاشلاً ويظل فاشلاً وسيكون ويبقى فاشلاً. الطريق الوحيد لحل الأزمة السورية هو الحوار والحوار فقط بين المعارضة بمعظم أطيافها والحكم في سوريا، حوار يقوم على قاعدة الاستجابة لمطالب الجماهير العربية السورية في الإصلاح والديمقراطية واحترام حرية الفرد وحقه في إبداء رأيه بنظام بلده السياسي، وما يجري فيه من تطورات بمختلف مناحيها من خلال انتخابات ديمقراطية حقيقية بعيدة عن التزييف، وبإشراف لجنة من الجامعة العربية على هذه الانتخابات. في نفس السياق نود القول عن جزء من المعارضة السورية التي تطالب بتدخل أجنبي في دولتها، بأنها تقامر بمصير بلدها ولا تستحق أن يطلق عليها كلمة معارضة.
نعم، نرفض الحصار على سوريا، وندين تدويل الأزمة، لحساسية الظروف الراهنة أيضا انطلاقاً من: الأوضاع المتوترة في المنطقة بشكل عام، وانطلاقاً من حساسية الوضع السوري، وسوريا بلد مجاورلفلسطين المحتلة، وما تزال أجزاء من أرضها محتلة وهي هضبة الجولان من قبل العدو الصهيوني، الذي ضّم هذا الجزء من الأرض العربية السورية بقرار من الكنيست واعتبره أراضي إسرائيلية، ونعم، تبقى سوريا كما كانت، وستظل، دولة ممانعة للمخططات الأمريكية- الصهيونية- الغربية للهيمنة على المنطقة، وانطلاقاً أيضاً من حساسية الصراع الفلسطيني العربي- الصهيوني في هذه المرحلة تحديداً، وفي إسرائيل حكومة فاشية يمينية ترفض الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية، والحقوق الوطنية لسوريا ولبنان في أراضيهما المحتلة.
منذ زمن تهدد إسرائيل بشن الحرب في المنطقة: إمّا على إيران أو على قطاع غزة أو على لبنان أو سوريا أو على كل هذه الأطراف مجتمعة، وذلك من أجل القضاء عل معسكر المقاومة والممانعة في المنطقة ونحن مع هذه القوى قلبا وقالبا.
انطلاقاً من كل هذه التقديرات والمواقف وانطلاقاً من العلاقات التحالفية العضوية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ندعو إلى الحل السريع للأزمة في سوريا على قاعدة الحوار الديمقراطي وتحقيق الإصلاحات المرجوة وعدم التدخل في الشأن السوري ورفض التدويل، وبخاصة أيضا أن الــنوايا تتـجه لإنـشــاء منطقة عازلة على الحدود التركية السورية، بما يعنيه ذلك من تهديد لوحدة الأراضي السورية، وهذه حلقة من حلقات المؤامرة التي تستهدف سوريا وطنا وشعبا وموقفا.
الولايات المتحدة ليست حريصة على حقوق الإنسان في العالم العربي لا في سوريا ولا في فلسطين ولا في غيرهما من الأقطار العربية، فبالأمس القريب كان مشهد صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، حين رحبّت واشنطن وكل العواصم الغربية بتحرير الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليط، وانزعجت واشنطن وحليفاتها الغربيات من تحرير الأسرى الفلسطينيين، واعتبرته مضراً بالسلام في المنطقة!
وبالأمس فقط وقفت الولايات المتحدة ضد قبول عضوية فلسطين في اليونسكو، ولما نجح القرار رغماً عن إرادتها، أوقفت مساعدتها السنوية لمنظمة اليونسكو. الولايات المتحدة تضغط أيضاً على العديد من دول العالم من أجل تغيير مواقفها من قبول عضوية فلسطين في الأمم المتحدة. بماذا يشي هذا؟ هذه المواقف تؤشر إلى: أن حقوق الإنسان العربي ليست أولوية بالنسبة لواشنطن وحليفاتها، بل الأولوية لمصالحها وإسرائيل. هذه المواقف تؤشر أيضاً إلى أن هذه الدول لا تحترم الديمقراطية، فلو كان العكس، لاحترمت واشنطن وحليفاتها قراراً صوتت عليه غالبية دول العالم، ولكن ازدواجية المقاييس هي شرع واشنطن!، وللأسف انتقلت هذه الازدواجية إلى الجامعة العربية فلم ولا ولن يجري التعامل مع النظام في البحرين ولا مع النظام اليمني بنفس مقياس التعامل مع النظام السوري.
بالتالي، فهل الإدارة الأمريكية والعواصم الغربية حريصة على حقوق الإنسان في سوريا؟ لا نعتقد ذلك، ولتفهم جامعتنا العربية الموقرة، ذلك. تفاءلنا، وعكسنا الأمر كتابة، بمرحلة جديدة من عمل الجامعة بسبب من تسلم نبيل العربي لأمانتها العامة، ولكن فترة بسيطة مرت على تسلمه منصبه، أثبتت بما لا يقبل مجالا للشك، أن الجامعة ليست أكثر من حلقة لتهيئة الظروف والأجواء لتدويل بعض الأزمات العربية، كما يجري الآن مع سوريا!!.
حصار عربي على سوريا... بهذا يمكن تلخيص ما جرى مؤخرا في الجامعة العربية حول هذا البلد العربي. الحصار في مضمونه وشكله يشبه الحصار الغربي- الأمريكي عليها فما يدور حالياً في المنطقة العربية شبيه بما جرى قبيل العدوان الأمريكي- الغربي على العراق، فمن التهديدات الإسرائيلية- الأمريكية للبرنامج النووي الإيراني، إلى إمكانية قيام الولايات المتحدة ودول الناتو بتكرار ما حصل في ليبيا على سوريا، فقرار الجامعة العربية "بتوفير الحماية للمدنيين السوريين، وذلك بالاتصال الفوري بالمنظمات العربية المعنية، وفي حال عدم توقف أعمال العنف والقتل يقوم الأمين العام بالاتصال بالمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان بما فيها الأمم المتحدة"، هذا القرار استكمله الأمين العام للجامعة نبيل العربي بتصريحات قال فيها: بأن الجامعة ستطلب حماية دولية للمدنيين السوريين.
العقوبات العربية لسوريا لم تقتصر على التدويل فقط، بل امتدت إلى سحب السفراء العرب من دمشق، والاعتراف الرسمي بالمعارضة السورية كبديل للنظام، والتهديد بممارسة الحصارعليها... وفوق كل ذلك: تعليق عضويتها في الجامعة العربية، وإمهالها أربعة أيام "فقط" لقبول "للانصياع" القرار العربي.
كنا نتمنى لو اتجهت الجامعة العربية فعليا لمحاولة الحل الموضوعي للأزمة السورية دون الاستعانة بالحماية الدولية، فتجربة كل من العراق وليبيا أثبتت وتثبت بما لا يقبل مجالاً للشك: أن الولايات المتحدة ودول الناتو لا تتدخل من أجل حماية المدنيين العرب، وإنما من أجل مصالحها ومن أجل قطف ثمار الثورات العربية، فمن يريد حماية المدنيين لا يدوس رقابهم ببساطير الجنود، كما كان المشهد في العراق، ولا يتسبب بقتل مئات المدنيين كما حدث ذلك في ليبيا، الولايات المتحدة ورغم انسحابها المقرر من العراق قبل نهاية العام الحالي، ستبقي قوات كبيرة لها في هذا البلد العربي تحت مسميات مختلفة، هذا عدا عن القواعد العسكرية المتبقية في العراق. في ليبيا حازت العواصم الغربية وبدعم من واشنطن وبمقاسمتها للحصص، على معظم صادرات النفط الليبي. هذه العواصم ليست حريصة على بناء الديمقراطية في أقطار العالم العربي، فالديمقراطية العربية لا تناسب هذه الدول، انطلاقاً من حرصها على الحليف الإسرائيلي.
نفهم أن هناك تعثرا في تطبيق بنود المبادرة العربية السابقة في سوريا، فالأزمة أكبر من إمكانية احتوائها ببضعة أيام، وسوريا قبلت المبادرة وقبلت بزيارة اللجنة الوزارية العربية لها مع من تريد اصطحابهم من منظمات حقوقية وإعلامية وإشرافية وغيرها، لكننا لا نفهم مطلقا "لأن من الصعب ذلك" اللجوء إلى الحصار العربي لسوريا وإلى تهديدها بالحل الدولي، الذي هو في الأساس حل أمريكي- غربي بفعل موازين القوى السائدة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ودول المنظومة الاشتراكية، وتحكم القطب الواحد في عالم اليوم.
لا يقبل مطلقا، عربيا، بالحل الأمني في التعامل مع الأزمة في أي بلد عربي وفي سوريا أيضا، فالحل الأمني كان فاشلاً ويظل فاشلاً وسيكون ويبقى فاشلاً. الطريق الوحيد لحل الأزمة السورية هو الحوار والحوار فقط بين المعارضة بمعظم أطيافها والحكم في سوريا، حوار يقوم على قاعدة الاستجابة لمطالب الجماهير العربية السورية في الإصلاح والديمقراطية واحترام حرية الفرد وحقه في إبداء رأيه بنظام بلده السياسي، وما يجري فيه من تطورات بمختلف مناحيها من خلال انتخابات ديمقراطية حقيقية بعيدة عن التزييف، وبإشراف لجنة من الجامعة العربية على هذه الانتخابات. في نفس السياق نود القول عن جزء من المعارضة السورية التي تطالب بتدخل أجنبي في دولتها، بأنها تقامر بمصير بلدها ولا تستحق أن يطلق عليها كلمة معارضة.
نعم، نرفض الحصار على سوريا، وندين تدويل الأزمة، لحساسية الظروف الراهنة أيضا انطلاقاً من: الأوضاع المتوترة في المنطقة بشكل عام، وانطلاقاً من حساسية الوضع السوري، وسوريا بلد مجاورلفلسطين المحتلة، وما تزال أجزاء من أرضها محتلة وهي هضبة الجولان من قبل العدو الصهيوني، الذي ضّم هذا الجزء من الأرض العربية السورية بقرار من الكنيست واعتبره أراضي إسرائيلية، ونعم، تبقى سوريا كما كانت، وستظل، دولة ممانعة للمخططات الأمريكية- الصهيونية- الغربية للهيمنة على المنطقة، وانطلاقاً أيضاً من حساسية الصراع الفلسطيني العربي- الصهيوني في هذه المرحلة تحديداً، وفي إسرائيل حكومة فاشية يمينية ترفض الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية، والحقوق الوطنية لسوريا ولبنان في أراضيهما المحتلة.
منذ زمن تهدد إسرائيل بشن الحرب في المنطقة: إمّا على إيران أو على قطاع غزة أو على لبنان أو سوريا أو على كل هذه الأطراف مجتمعة، وذلك من أجل القضاء عل معسكر المقاومة والممانعة في المنطقة ونحن مع هذه القوى قلبا وقالبا.
انطلاقاً من كل هذه التقديرات والمواقف وانطلاقاً من العلاقات التحالفية العضوية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ندعو إلى الحل السريع للأزمة في سوريا على قاعدة الحوار الديمقراطي وتحقيق الإصلاحات المرجوة وعدم التدخل في الشأن السوري ورفض التدويل، وبخاصة أيضا أن الــنوايا تتـجه لإنـشــاء منطقة عازلة على الحدود التركية السورية، بما يعنيه ذلك من تهديد لوحدة الأراضي السورية، وهذه حلقة من حلقات المؤامرة التي تستهدف سوريا وطنا وشعبا وموقفا.
الولايات المتحدة ليست حريصة على حقوق الإنسان في العالم العربي لا في سوريا ولا في فلسطين ولا في غيرهما من الأقطار العربية، فبالأمس القريب كان مشهد صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، حين رحبّت واشنطن وكل العواصم الغربية بتحرير الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليط، وانزعجت واشنطن وحليفاتها الغربيات من تحرير الأسرى الفلسطينيين، واعتبرته مضراً بالسلام في المنطقة!
وبالأمس فقط وقفت الولايات المتحدة ضد قبول عضوية فلسطين في اليونسكو، ولما نجح القرار رغماً عن إرادتها، أوقفت مساعدتها السنوية لمنظمة اليونسكو. الولايات المتحدة تضغط أيضاً على العديد من دول العالم من أجل تغيير مواقفها من قبول عضوية فلسطين في الأمم المتحدة. بماذا يشي هذا؟ هذه المواقف تؤشر إلى: أن حقوق الإنسان العربي ليست أولوية بالنسبة لواشنطن وحليفاتها، بل الأولوية لمصالحها وإسرائيل. هذه المواقف تؤشر أيضاً إلى أن هذه الدول لا تحترم الديمقراطية، فلو كان العكس، لاحترمت واشنطن وحليفاتها قراراً صوتت عليه غالبية دول العالم، ولكن ازدواجية المقاييس هي شرع واشنطن!، وللأسف انتقلت هذه الازدواجية إلى الجامعة العربية فلم ولا ولن يجري التعامل مع النظام في البحرين ولا مع النظام اليمني بنفس مقياس التعامل مع النظام السوري.
بالتالي، فهل الإدارة الأمريكية والعواصم الغربية حريصة على حقوق الإنسان في سوريا؟ لا نعتقد ذلك، ولتفهم جامعتنا العربية الموقرة، ذلك. تفاءلنا، وعكسنا الأمر كتابة، بمرحلة جديدة من عمل الجامعة بسبب من تسلم نبيل العربي لأمانتها العامة، ولكن فترة بسيطة مرت على تسلمه منصبه، أثبتت بما لا يقبل مجالا للشك، أن الجامعة ليست أكثر من حلقة لتهيئة الظروف والأجواء لتدويل بعض الأزمات العربية، كما يجري الآن مع سوريا!!.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
التسميات
- اخبار (15)
- اشغال يدوية (22)
- اعادة تدوير للاشياء (10)
- الاعيب المجلس العسكرى (3)
- بسرعة (1)
- تخفيض الوزن والحمية (4)
- تعليم كروشيه (4)
- دين وسياسة (2)
- رسم على الزجاج (2)
- رسم على السيراميك (1)
- سكارف (3)
- صور اعجبتنى (3)
- قالات (1)
- مصر واسرائيل (1)
- مقالات (16)
- موسيقى واغانى (3)