(المصريون): 17-06-2011 رصدت قراءة تحليلية تناقضات وتحولات حادة في مواقف رجل الأعمال نجيب ساويرس في مرحلة ما قبل الثورة وبعدها، استنادًا إلى وثائق تكشف عن جملة من الآراء والتصريحات التي يكيل فيها عبارات المدح بحق الرئيس السابق حسني مبارك وكبار رموز نظامه مشيدا بنزاهتهم، وخاصة مجموعة الوزراء من رجال الأعمال، والمحبوسين حاليًا على ذمة التحقيقات في اتهامات بالفساد، وحتى بعد اندلاع الثورة الشعبية التي أطاحت بهذا النظام – أظهر - كما يقول صاحب الدراسة- عن عدة وجوه يرى أن الإعلام غض الطرف عنها، وركز بدلاً من ذلك على التخويف من الإسلاميين واستخدامهم "فزاعة" للتخويف من صعود دورهم على الساحة في مصر. كان ذلك خلاصة تحليل مضمون تصريحات صحفية أدلى بها ساويرس على فترات زمنية متباعدة– وغالبها منشور على صحيفة "المصري اليوم" التي يعد من أبرز المساهمين فيها- لينتهي معاذ عليان من خلال دراسته التحليلية، التي نشرها أحد المواقع الإلكترونية إلى أن هناك "وجوه كثيرة ومتناقضة يحملها المهندس نجيب ساويرس في عباءته"، لكن لا أحد يسلط الضوء على ذلك، و"لا نعرف أين دور الإعلام "المدني" الذي يدعي الاعتدال في كشف حقائق هؤلاء"؟، في الوقت الذي يحاول فيه أن يُظهره على أنه رجل معتدل مع الثورة على الرغم من أنه كان مناضا أساسيا لها منذ بدايتها؟! فهو يرى أن ساويرس واحد من محبي الرئيس السابق وكان من أهم المستفيدين من نظامه على مر السنوات السابقة، ودأب على مغازلته كما يكشف بالوثائق، فعندما سألته صحيفة "المصري اليوم"- 17 / 11 / 2009- عن رأيه في البرادعي وأحمد زويل، رد قائلاً: "وأسوأ شيء حدث هو تسفيه رموز الوطن، مثل الدكتور أحمد زويل، والدكتور محمد البرادعى، وعمرو موسى، من قِبَل ضعاف النفوس، فهذه مسألة غير مقبولة وطنيا وتثير الاشمئزاز.. والرئيس مبارك ليس بحاجة إلى "هتيفة" ويمكن أن تحبه دون مجاملات بالنظر إلى محصلة إنجازاته". وعندما سئل عن إطلاق اسم مبارك على ميدان رمسيس قال في ذات الصحيفة - 31 / 8 / 2006- إن "الرئيس أكبر من ذلك، ولا يفكر في إطلاق اسمه علي ميدان لأنه قدم ومازال يقدم الكثير لأبناء الشعب، وإطلاق اسمه علي ميدان رمسيس لا يليق به". لم يتوقف الأمر عند مديح الرئيس السابق، بل كان من أشد المعجبين بحكومة رئيس الوزراء الأسبق الدكتور أحمد نظيف، وأثنى بصورة مبالغة على أدائها رغم السخط الشعبي، فعند سؤاله عنها بصحيفة "المصري اليوم"- 17 / 11 / 2009- وصفها بأنها "أقوى مجموعة اقتصادية في تاريخ مصر هي المجموعة الحالية بإجماع العالم، سواء وزير الاستثمار أو المالية أو التجارة والصناعة أو حتى محافظ البنك المركزي، رغم أنني على خلاف معه، لأنه نجح في تحقيق استقرار لسعر الصرف ومعالجة السياسة النقدية والفائدة، وكل ذلك أداره باقتدار". وكان ساويرس صديقًا حميمًا للدكتور رشيد محمد رشيد الذي يُحاكم الآن وكان من أكثر المستفيدين منه فقد وضعه في رأس مجلس الأعمال المصري الإيطالي لكي يكون رئيساً له (المصري اليوم 19 / 1 / 2006)، كما اختاره نظيف ضمن الأعضاء في إدارة المجلس القومي للشباب (المصري اليوم 21 / 2 / 2006). وفي الوقت الذي كان تثار فيه الشبهات حول الوزراء من رجال الأعمال الذين قدموا مع حكومة الدكتور أحمد نظيف في عام 2004 كان لساويرس رأي آخر، فهو يرى أنهم ضحوا بأعمال وأنفسهم من أجل منصبهم ويحاولون البعد عن الشبهات، قائلاً: "إن وجود مثل هؤلاء من الوزراء في الوزارة قد يؤذيهم في مصالحهم الخاصة، ولا يفيدهم قطعاً، لأنهم يكونون، والحال كذلك، أحرص الناس علي تجنب مواضع الشبهات"، (القناة الأولى، برنامج اتكلم، لميس الحديدي يوم الاثنين 10 / 4 / 2006م). كما أنه كان من المتحمسين بشدة لبرنامج الخصخصة الذي تسبب في تدمير بيوت كثير من الموظفين والعمال في مصر، بعد أن تم التخلص من وحدات القطاع العام في صفقات أثير حولها الكثير من الجدل، وكان ينتقد تباطؤ الحكومة في هذا المجال، مؤكدًا أن السرقة والنهب لا يحدثان إلا في القطاع العام، الذي تحول إلى "خرابة"، وقال إن لم ير في حياته شركة تخسر سنويًا ٥٠٠ مليون جنيه، مثلما حدث في شركة "مصر حلوان للغزل والنسيج"، مشيرًا إلى أن تلك الشركة تستحق أن يتم وضعها في الكتب الجامعية تحت عنوان: "كيف تخسر ٥٠٠ مليون جنيه كل عام؟"، وهو أمر يحتاج إلي معجزة لكي يحدث، وفي المقابل لا يحدث مثل هذا الأمر إطلاقاً في شركات القطاع الخاص" (المصري اليوم 7 / 11 / 2007م). وقبل الثورة بحوالي شهر خرج ساويرس بتصريح يؤكد فيه أن الخصخصة حققت تقدمًا في مصر، قائلا "إن القطاع العام أفلس مصر ومفيش مرة تفتح الجورنال إلا لما تلاقى 15 حرامى كلهم من القطاع العام". (اليوم السابع 18 / 1 / 2001 م). وعلى نقيض موقفه تجاه حكومة نظيف، كان ساويرس معاديا لحكومة الدكتور عاطف عبيد (1999- 2004)، فعندما بدأت تلك الحكومة في بيع شركات الأسمنت المملوكة لقطاع الأعمال خرج ساويرس بفكرة اختصار طرح شركات الأسمنت علي المصريين فقط، ولكن رفض رئيس الوزراء آنذاك الفكرة، لأنه يعرف أن ساويرس يعلم حقيقة ركود السوق المصري في هذا الوقت فعرضها على السوق العالمية ولم يحصل سوى على شركة واحدة فقط، وقام لاحقًا ببيعها لشركة فرنسية. (جريدة الفجر العدد رقم 132). ولم ينس ساويرس هذا الموقف فعندما خرج عاطف عبيد من الحكومة وتشكلت حكومة الدكتور أحمد نظيف، قال في مقابلة مع جريدة "المصري اليوم": "الناس في الحكومة كلها أسماء من عائلات، معروف عنها طيب وحسن السمعة وأولاد ناس، وجميعهم كانوا فرحانين إنهم سيعطون للبلد، فجميعهم كلهم أتوا بنية حسنة، وثانياً جاءوا بعد حكومة أطلق عليها وصف "الدمار الشامل" حيث قضينا أكثر من ٤ أو ٥ سنوات نتقهقر، وعندما تتحدث عن الدكتور أحمد نظيف بأنه رجل قادم من الـ أي تي ، فهذا معناه أن عقله منظم يعتمد علي المعلومات وأنا شخصياً لي تجربة معه عندما كان وزير الاتصالات ورأيت شغله، فاقتنعت أنه رجل ذكي ومنظم التفكير ومنفتح في الاقتصاد". ولدى سؤاله عن تقييمه التجربة يقول "التجربة بكل سيئاتها، الحمد لله جيدة جدًا، طبعًا كانت هتكون أحسن لو الإعلام قلل من انتقاده الدائم، ويحضرني هنا كلمة المهندس رشيد محمد رشيد، عندما قال لسنا في حاجة لأن نكسر في أنفسنا ولا نصدر دائمًا الصورة التشاؤمية.. تصور أنا نفسي عندما أقرأ كل الكلام المكتوب وأنا مقتنع بمصر ومستقبلها بتأثر وبقول الدنيا خربانة" (المصري اليوم 18 / 7 / 2008 م). وعلى الرغم من الليبرالية التي يؤمن بها، إلا أنه لم يخف تحريضه العلني ضد التيار الإسلامي في عهد النظام السابق، فكان دائمًا يطلب من الحزب "الوطني" التحالف مع الأحزاب الأخرى للوقوف ضد ما أسماهم بالمتطرفين ويقصد "الإخوان المسلمين". ففي تصريح له، يدعو ساويرس جميع القوى السياسية والأحزاب للتحالف مع الحكومة والحزب الوطني لمواجهة القوى المتطرفة، وقال إنه أشار إلى حزبي "الوفد" و"الجبهة الديمقراطية"، الذي أنشأه أسامة الغزالي حرب باعتبارهما قوى ليبرالية يمكنها المشاركة مع الحكومة والحزب الوطني وتكوين ائتلاف يمكنه التصدي للتطرف.." (المصري اليوم 24 / 1 2009 م). وبعد اندلاع ثورة 25 يناير، أبدى ساويرس العديد من المواقف التي تعكس رغبته بالإبقاء على الرئيس السابق بالحكم، خلافًا لمطالب الثورة بإسقاطه ومحاسبته، وأظهر ترحيبًا بالمحاولات التي قام بها للنجاة بسفينة النظام من الغرق. فعند خطاب الرئيس السابق الثاني ظهر ساويرس ليقول: "لقد استجاب الرئيس مبارك لمطالب الشباب ويجب أن يكون هناك لحظة هدوء وطالب الرئيس السابق بالتنحي عن الحزب الوطني". (اليوم السابع 6 / 2 / 2011). وعندما تم تعيين اللواء عمر سليمان نائبًا لرئيس الجمهورية ظهر ساويرس مع الإعلامية لميس الحديدي في برنامج "من قلب مصر" ليؤكد أنه يثق في اللواء عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية، ويراهن عليه في الفترة القادمة، وإنه يتوقع أن تجرى انتخابات نزيهة خلال الـ6 أشهر القادمة. (اليوم السابع 6 / 2 / 2011). وعندما تم تعيين الفريق أحمد شفيق رئيسًا للوزراء، خرج ساويرس ليصفه بأنه رجل ذو قدر وكفاءة ويشهد له الجميع، وعندما تم تعيين الدكتور عصام شرف خلفًا له، أكد أنه صاحب قرارات جريئة لم تتخذ منذ 30 عامًا. وقبل تنحيه بأيام ظهر ساويرس على قناة "بي بي سي" ليقول بأن الثوار لا يطالبون بتنحي مبارك وليس من أخلاق الثورة أن تتكلم بهذا الأسلوب عن مبارك الذي خدم البلد، وظهر على قناة "المحور" قبلها وهو يبكي ويقول "لا نفعل هذا مع مبارك"، لكن بعد تنحيه أكد "أن الديمقراطية ستبدأ من الآن وأن تنحي مبارك هو تاريخ حقيقي لمصر وأن شباب التحرير هم شباب مصر"، وبعد أن تم القبض على الرئيس السابق قال "ارحموا مبارك ولا تحاكموه". وهو الأمر ذاته الذي عبر عنه بعد أن تم القبض على وزير الداخلية، قائلاً: عيب نتكلم كده ونبهدل راجل ولا ننسى أنه خدم البلد طوال حياته ! ويجب ألا ننشر أخبار القبض على مثل هؤلاء الرجال ..."، وصرح على قناة "اون تي في" المملوكة له ليقول بأنه يشك أن العادلي مسئول عن ما حدث في جمعة الغضب. | |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق