محمود سلطان | 05-06-2011 امضيت ـ يوم أمس ـ ما يقرب من خمس ساعات في مكتب مساعد المدعي العام العسكري، للتحقيق معي حول تقرير كانت "المصريون" نشرته منذ أكثر من شهر. وكان النائب العام العسكري قد استدعاني أنا والأستاذ جمال سلطان للمثول أمامه السبت. أثناء انهاء اجراءات دخولي مقر المحكمة العسكرية في مدينة نصر، شهدت زحاما كبيرا أمام البوابة الرئيسية، ولفت انتباهي أن عددا من المدنيين جاءوا ليتظلموا من النيابة العامة، مطالبين من النيابة العسكرية "انصافهم" مما يعتقدون بأنه "تعسف" من سلطات التحقيق المدنية! وفي مكتب مساعد المدعي العام العسكري، شهدت حالات شديدة الإنسانية، وقبل أن يعرف بوجودي كـ"صحفي".. كان التصرف فيها سريعا وإنسانيا أيضا، بل وجدت محاميا كلف من قبل السلطات القضائية العسكرية بالدفاع "مجانا" ـ بدون مقابل ـ عن متهمين عجزوا لظروفهم المالية الصعبة عن توكيل محامين.. وتحدثت معه بنفسي. مكتب مساعد النائب العام العسكري، كان مكتظا بذوي "المظالم" والحاجات.. ولاحظت قدرا من الحزن على وجوه المدنيين حين عرفوا بأن قضاياهم أحيلت إلى القضاء المدني.. وسمعت ما يشبه العتاب على مثل هذا التصرف، وهي من المشاهد التي أثارت دهشتي، حيث ما انفك الإعلام المصري، يضغط في اتجاه تحييد القضاء العسكري عن النظر في قضايا المدنيين. بادل مساعد المدعي العام العسكري، هذا العتاب بعتاب واشتكى لي ـ في حديث جانبي ـ من الحملة التي قادها عدد من القضاة المدنيين ضد القضاء العسكري فيما اعتبر اساءة له مست من هيبته ومنزلته في مؤسسة العدالة المصرية.. وقال: الضغوط جعلتنا نحيل كل ما يتعلق بقضايا المدنيين إلى القضاء المدني، تفاديا للحرج، رغم أن بعض القضايا والشكاوى لن تستطيع أية جهة في مصر حلها إلا عبر القضاء العسكري بسبب الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد حاليا.. وهي الخطوة التي سيتضرر منها كثير من المواطنين من أصحاب المظالم بحسب رأيه. لاحظت وجود غضب شديد ومرارة في الحلق، جراء الاساءات التي وجهها بعض القضاة المدنيين للقضاء العسكري، فيما اعتبر ذلك نكرانا للجهود الكبيرة التي بذلها القضاء العسكري منذ اندلاع الثورة.. حيث كان القضاة المدنيون في بيوتهم يرفلون في نعيم الراحة، في الوقت الذي تحمل فيه القضاة العسكريون عبئا مضاعفا حرمهم من النوم و الأجازات والراحات.. ما كان خصما من حقوق عائلاتهم وأسرهم عليهم. ويبدو لي أن القضاء العسكري، كان يميل إلى تسوية بعض الملفات التي تتسم بظروف إنسانية محضة، وهو المنحى الذى لاقى استحسانا ممن تعاملوا معه من المدنيين منذ أن تولى المجلس العسكري إدارة البلاد بعد ثورة 25 يناير.. غير أن الحملات الإعلامية ضده، حملته مؤخرا على التخلى عن هذا الخيار، وقرر التخفف من هذا العبء الذي فرض عليه فرضا، في تلك الظروف الاستثنائية.. ويبدو لي أيضا أن كثيرا من المدنيين قد تضرروا كثيرا من ذلك دون أن يشعر بمآسيهم أصحاب الأصوات العالية والباحثين عن بطولات زائفة على فضائيات الفتن السياسية. almesryoonmahmod@gmail.com | |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق