أسامة شحادة (المصريون) 23-06-2011
استوقفني الأسبوع الماضي موقف د.عبدالله الأشعل، المرشح لرئاسة مصر، في مقابلته مع د.وسام عبد الوراث على قناة الحكمة يوم 15/6/2011 من خطر السياحة الدينية التي تضغط إيران بوسائل متعددة للاتفاق عليها مع مصر بأسرع وقت، ولذلك كان من العروض الإيرانية لدعم الثورة المصرية التي قدمت للوفد الشعبي المصري الذي زار طهران مؤخراً، تشجيع الإيرانيين على السياحة الدينية في مصر.
وهذا الموقف المتساهل من الأطماع والخطط الإيرانية يشترك فيه عدد من المرشحين لمنصب الرئاسة مثل: د.محمد العوا، د.مصطفى الفقي، حمدين صباحي، وقد يكون بعد مصر عن إيران سبباً في ضعف معرفتهم بحقيقة السياسات الإيرانية، فلذلك أحببت أن أشرح للمهتمين جانب من حقيقة السياسات الإيرانية والمتعلق بالسياحة الدينية.
والسياحة الدينية مع مصر مطلب إيراني قديم ومتكرر، فقد أُعلن في 13/10/2010 عن توقيع مذكرة تفاهم بالأحرف الأولى بين رئيس هيئة الطيران المدني المصرية ومساعد رئيس الشركة الوطنية الإيرانية للطيران المدني لإعادة الرحلات الجوية بين القاهرة وطهران بواقع 28 رحلة أسبوعياً!! وحضر مراسم التوقيع وزير الطيران المدني المصري أحمد شفيق ونائب الرئيس الإيراني ورئيس منظمة السياحة حميد باغاي، ولم يتم التنفيذ.
وقبل أن نستعرض تجارب السياحة الدينية الإيرانية وأخطارها على الدول العربية، دعونا نقرأ الخبر الذي بثته وكالة التقريب الإيرانية يوم 11/6/2011 عن التصورات الإيرانية للسياحة الدينية في مصر، يقول الخبر: قال هشام زعزوع، مساعد وزير السياحة المصري في تصريح له بالقاهرة إن وزارة السياحة المصرية تهدف إلى فتح أسواق جديدة للمقصد السياحي المصري، ولكنه نوه إلى أن ملف السياحة الإيرانية له وضع خاص، قائلا إن الملف موزع بين وزارة الخارجية وأجهزة الأمن، ووفقا للرؤية المشتركة يتم اتخاذ قرار في ذلك الشأن.
من جهته أشار سامي محمود، رئيس قطاع السياحة الدولية بهيئة تنشيط السياحة المصرية، أن الهيئة لديها دراسات حول السوق الإيراني تشير تقديراتها المبدئية إلى أن السوق الإيراني يمكنه مد مصر بنصف مليون سائح في السنة الأولى إلى جانب أن متوسط الليالي للسائح الإيراني يبلغ من ٥-٦ ليالي وبمتوسط ٣٠ مليون ليلة سياحية.
من جانبه قال أبو العزايم إنه تقدم خلال لقاءاته مع الوفد الشعبي المصري بإيران، باقتراح للمسؤولين الإيرانيين لتوجيه أفواج من السائحين الإيرانيين نحو مصر، وأضاف أن الدكتور علي رضا ذاكر، محافظ أصفهان، وعد بتوجيه ٣ ملايين إيراني سنويا لمصر في حالة موافقة الحكومة المصرية على مشروع تعاون في مجال السياحة الدينية.
وتابع أن ١٠ شركات إيرانية أكدت أن الإيرانيين متشوقون لزيارة مراقد آل البيت بمصر، وأنها تستطيع عمل وفود مكونة من ١٠٠ ألف إيراني شهريا. أ.ه ( ).
ونلاحظ في الخبر الإيراني أن هذا اقتراح مصري من خلال أبو العزائم وهو أحد القيادات الصوفية المعروفة بعلاقاتها الإيرانية على المستوى التجاري والفكري، مما يتوجب معه البحث في خفايا الاقتراح وما يمكن أن يمهد له مستقبلاً من علاقات وصلات، خاصة مع طموح أبو العزائم زعيم الطريقة العزمية الصوفية في السيطرة على المجلس الصوفي الأعلى والحصول على منصب شيخ مشايخ الصوفية، وهو ما يذكّر بتصريحات الشيخ يوسف القرضاوى من قيام إيران بنشر التشيع في مصر عبر الطرق الصوفية!!
ومن الواضح في الخبر أن الحكومة الإيرانية هي التي تتحكم بعملية السياحة وليست الرغبة الشعبية الفردية، مما يؤكد أن هذه الأفواج التي قد تبلغ 100 ألف إيراني شهرياً هي أفواج مسيّرة لغايات سياسية وليست لغايات سياحية فحسب!!
وحتى تتضح الصورة دعونا نستعرض بعض النماذج من السياحة الدينية الإيرانية، حتى ندرك شيئاً من حقيقة هذه السياحة وأنها في الحقيقة استراتيجية معتمدة من النظام الإيراني ومؤسساته الشيعية لاختراق المجتمعات والدول العربية.
1- نموذج رحلات الحج والعمرة:
الجميع يعلم كيف استغلت إيران الحجاج الإيرانيين والشيعة في أعوام 1986، 1987، 1989م، لتدس فيهم عناصر الحرس الثوري وأعضاء حزب الله الكويتي وبين أمتعتهم المتفجرات والقنابل.
ثم محاولة الخميني لتحويل الحج إلى مناسبة سياسية لخدمة أجندته الدعائية باسم "مسيرة البراءة من المشركين".
وفيما بعد تخلت إيران عن التفجيرات، وركزت على جعل مخيمات الحج في منى والفنادق في مكة والمدينة التي يقيم بها الإيرانيون بؤراً للالتقاء بالشيعة السعوديين والشيعة من مختلف دول العالم، ويكفي أن تطالع في موسم الحج المواقع الشخصية للمراجع الشيعة والإيرانيين وتتابع لقاءاته في موسم الحج لتعرف حجم النشاط الذي يقوم به من خلال السياحة الدينية!!
كما أن هناك تعليمات وتوجيهات لأعضاء بعثات الحج والعمرة بالقيام بنشاطات لبث التشيع من خلال الاتصال بالحجاج والمعتمرين وتوزيع الكتب والنشرات عليهم وزيارة مخيماتهم، من خلال مقراتهم الخاصة والتي تجهز بما يلزم للقيام بتلك النشاطات، وكان موقع مفكرة الإسلام في موسم حج عام 1427هـ/2006م قد نشر تقريراً مفصلاً عن ذلك بعنوان "مخطط إيراني لاستغلال الحج في الدعوة للتشيع"، بعد حصولها على كتاب بالفارسية من إصدار "إدارة أمور الدعـاة" ببعثة الزعامة الإيرانيـة، وزع على الحجاج الإيرانيين بعنوان "أهداف الحج في هذا العام".
2- نموذج السياحة الدينية في سوريا:
لم تعرف دمشق حتى سنة 1981 إلا حوزتين شيعيتين هما: حوزة السيدة زينب عام 1976 وحوزة الامام الخميني عام 1981، لكن تطور العلاقات الإيرانية السورية سنة 1988 وانتقالها لمجالات جديدة جعل إيران تطلب السماح لها برعاية وترميم بعض المقامات في سوريا والسماح بقيام الإيرانيين بزيارات سياحية دينية لسوريا، فتمت الموافقة، وكانت البداية من مقام عمار بن ياسر بمدينة الرقة، فتحول القبر إلى مركز شيعي كبير استولى على المقبرة السنية لسكان المدينة وطردهم وطرد موتاهم !! واستمر المسلسل بالبحث عن أي مقام قد يكون له صلة بالتاريخ الشيعي والاستيلاء عليه، وفي عام 1999 شيد مقام للسيدة سكينة في مدينة داريا، ومقام السيدة رقية في حي العمار الجوانية، ومن ثم تم الاستيلاء بالكامل على مقام السيدة زينب بدمشق بعد أن بدأ المشوار بالحوزة الزينبية سنة 1976 على يد حسن الشيرازي.
فتحولت منطقة السيدة زينب إلى مستعمرة شيعية أو قم الصغري، وخاصة بعد قدوم العراقيين الشيعة لسوريا في التسعينيات!! فانتشرت فيها الحوزات الشيعية سنة 1995 حيث شهدت نشأة خمس حوزات جديدة وجمعيات شيعية ثقافية ومكاتب سياحة دينية وفنادق مخصصة للزوار الشيعة ومطاعم شيعية وأسواق توفر مستلزمات الزوار الشيعة، وأصبحت اللغة الفارسية مسموعة في المنطقة وتظهر على لوحات المحال التجارية!! ونتج عن هذا تشييع قطاعات سورية بسبب الاحتكاك والعمل المشترك والولائم والدعوات والمناسبات التي تستقطب الفضوليين.
3- نموذج السياحة الدينية في العراق:
فتحْت غطاء السياحة الدينية للعتبات المقدسة بالنجف وكربلاء تم دخول آلاف العناصر من الحرس الثوري الإيرانى للعراق، للقيام بالعديد من الأنشطة العسكرية والسياسية التي مكنت إيران من السيطرة على العراق من تحت أرجل القوات الأمريكية.
وقد شهد بداية عام 2011 صدور قرار لوزارة الداخلية العراقية بالسماح للشركات الإيرانية العامة في مجال الحماية بمرافقة قوافل السياحة الدينية لتكون غطاءً قانونياً لوجود المسلحين الإيرانيين علناً في العراق!!
4- نموذج السياحة الدينية في الأردن:
رغم المحاولات الإيرانية المتكررة لفتح الباب أمام السياحة الدينية الشيعية في الأردن، إلا أن السلطات الأردنية لا تزال ترفض ذلك، لعدم توفر هذه السياحة في الأردن، الذي يخلو من مقامات لآل البيت.
لكن حين تواجد آلاف العراقيين الشيعة في الأردن في حقبة التسعينيات، تفتقت العبقرية الشيعية عن محاولة استغلال قبر جعفر بن أبي طالب بمنطقة المزار بمحافظة الكرك لجعله نقطة تجمع لهم، وفعلا أصبح موسم عاشوراء يشهد تجمعاً شيعياً عراقياً ينمو مع الأعوام، وبدأ يكبر ويستقطب بعض الشيعة الأردنيين من أصول لبنانية، وبعض الفضوليين، وبدأ يستوطن بعض الشيعة العراقيين حول المكان!!
وبدأ نوع من التأثير يظهر على سكان المنطقة المحيطة من خلال الاحتكاك مع الشيعة، لكن احتلال العراق بدّل مذهب العراقيين المتواجدين في الأردن، فأصبح غالبية العراقيين بعد الاحتلال من السنة بعد أن كانوا من الشيعة، وخمد موسم عاشوراء في الكرك.
وبعد:
فهذه نماذج من تجارب السياحة الدينية الإيرانية، والتي تتميز بـ:
1- السيطرة الحكومية عليها، لنشر الهيمنة الإيرانية عبر القيام بأنشطة عسكرية أو تجسسية بفضل هذا الغطاء القانوني والضخم (100 ألف سائح شهرياً) والذي يخفي في طياته الكثير.
2- القيام بالتبشير الشيعي من خلال الاحتكاك بالناس وتوزيع المنشورات عليهم، ودعم المتشيعين المحليين من خلال تشغيلهم في المرافق اللازمة للسياحة، والتي يحرصون على أن تكون خاصة بهم كالفنادق، والمطاعم والمحال التجارية الأساسية (حلاقة، كي، نقل...).
3- ايجاد نقطة انطلاق للتوسع منها مستقبلاً، مثل ترميم البُهرة لقبر الحسين زمن جمال عبد الناصر وثم مسجد الحاكم بأمر الله ومن ثم السكن في المسجد والسيطرة على الحي المجاور وهكذا.
وأختم بمقارنة بين حرص الإيرانيين على السياحة في مصر، وبين استقبال إيران للوفد الشعبي المصري مؤخراً، لنعرف حقيقة العقلية الإيرانية السياحية!!
تقول نشوى الحوفي عضوة الوفد الشعبي والصحفية بجريدة المصري اليوم في 5/6/2011: "وصلنا المطار وطلب مرافقونا من رجال الأمن جوازات السفر لإنهاء إجراءات حجز الغرف، وهو ما تم فى دقائق لكن دون عودة جوازات السفر إلينا. وحين طلبناها قيل لنا إنها ستظل بالفندق لحين انتهاء رحلتنا، وهو ما أثار دهشتنا جميعاً، وتساءلنا: كيف نتنقل فى بلد غريب دون إثباتات هوية، فاصطحبونا لغرفة فى الفندق تم تصويرنا فيها كما يحدث عندما نتوجه لاستخراج الرقم القومي، ثم منحونا بطاقات عليها صورتنا واسم كل منا وطلبوا منا ألا نخرج دونها.
ورغم تعب الرحلة إلا أن فكرة الاحتفاظ بجواز السفر أثارت داخلي إحساس الدولة المخابراتية، التى يسيطر الإحساس الأمني فيها على كل شيء وكل فرد، حتى لو كنا ضيوفاً ضمن وفد شعبي مصري يزور طهران للمرة الأولى.
لا أخفي سراً أنني عند دخولي غرفتي انتابني إحساس يراودني حين أشاهد مسلسلات الجاسوسية التى دأبنا على مشاهدتها صغارا مثل «رأفت الهجان» و«دموع فى عيون وقحة». وإذا كانوا أخذوا منا جوازات السفر فلماذا لا تكون بالغرف عدسات مراقبة، خاصة أن أفراد الأمن المصاحبين لنا كانت لهم غرف فى نفس الفندق بجوارنا.. يا الله ما أوسع خيال الإنسان ويا لكثرة هواجسه!".
ولا تعليق على التقاليد العريقة للسياحة الإيرانية مع وفد شعبي يزور إيران بهدف تطبيع العلاقات!!
استوقفني الأسبوع الماضي موقف د.عبدالله الأشعل، المرشح لرئاسة مصر، في مقابلته مع د.وسام عبد الوراث على قناة الحكمة يوم 15/6/2011 من خطر السياحة الدينية التي تضغط إيران بوسائل متعددة للاتفاق عليها مع مصر بأسرع وقت، ولذلك كان من العروض الإيرانية لدعم الثورة المصرية التي قدمت للوفد الشعبي المصري الذي زار طهران مؤخراً، تشجيع الإيرانيين على السياحة الدينية في مصر.
وهذا الموقف المتساهل من الأطماع والخطط الإيرانية يشترك فيه عدد من المرشحين لمنصب الرئاسة مثل: د.محمد العوا، د.مصطفى الفقي، حمدين صباحي، وقد يكون بعد مصر عن إيران سبباً في ضعف معرفتهم بحقيقة السياسات الإيرانية، فلذلك أحببت أن أشرح للمهتمين جانب من حقيقة السياسات الإيرانية والمتعلق بالسياحة الدينية.
والسياحة الدينية مع مصر مطلب إيراني قديم ومتكرر، فقد أُعلن في 13/10/2010 عن توقيع مذكرة تفاهم بالأحرف الأولى بين رئيس هيئة الطيران المدني المصرية ومساعد رئيس الشركة الوطنية الإيرانية للطيران المدني لإعادة الرحلات الجوية بين القاهرة وطهران بواقع 28 رحلة أسبوعياً!! وحضر مراسم التوقيع وزير الطيران المدني المصري أحمد شفيق ونائب الرئيس الإيراني ورئيس منظمة السياحة حميد باغاي، ولم يتم التنفيذ.
وقبل أن نستعرض تجارب السياحة الدينية الإيرانية وأخطارها على الدول العربية، دعونا نقرأ الخبر الذي بثته وكالة التقريب الإيرانية يوم 11/6/2011 عن التصورات الإيرانية للسياحة الدينية في مصر، يقول الخبر: قال هشام زعزوع، مساعد وزير السياحة المصري في تصريح له بالقاهرة إن وزارة السياحة المصرية تهدف إلى فتح أسواق جديدة للمقصد السياحي المصري، ولكنه نوه إلى أن ملف السياحة الإيرانية له وضع خاص، قائلا إن الملف موزع بين وزارة الخارجية وأجهزة الأمن، ووفقا للرؤية المشتركة يتم اتخاذ قرار في ذلك الشأن.
من جهته أشار سامي محمود، رئيس قطاع السياحة الدولية بهيئة تنشيط السياحة المصرية، أن الهيئة لديها دراسات حول السوق الإيراني تشير تقديراتها المبدئية إلى أن السوق الإيراني يمكنه مد مصر بنصف مليون سائح في السنة الأولى إلى جانب أن متوسط الليالي للسائح الإيراني يبلغ من ٥-٦ ليالي وبمتوسط ٣٠ مليون ليلة سياحية.
من جانبه قال أبو العزايم إنه تقدم خلال لقاءاته مع الوفد الشعبي المصري بإيران، باقتراح للمسؤولين الإيرانيين لتوجيه أفواج من السائحين الإيرانيين نحو مصر، وأضاف أن الدكتور علي رضا ذاكر، محافظ أصفهان، وعد بتوجيه ٣ ملايين إيراني سنويا لمصر في حالة موافقة الحكومة المصرية على مشروع تعاون في مجال السياحة الدينية.
وتابع أن ١٠ شركات إيرانية أكدت أن الإيرانيين متشوقون لزيارة مراقد آل البيت بمصر، وأنها تستطيع عمل وفود مكونة من ١٠٠ ألف إيراني شهريا. أ.ه ( ).
ونلاحظ في الخبر الإيراني أن هذا اقتراح مصري من خلال أبو العزائم وهو أحد القيادات الصوفية المعروفة بعلاقاتها الإيرانية على المستوى التجاري والفكري، مما يتوجب معه البحث في خفايا الاقتراح وما يمكن أن يمهد له مستقبلاً من علاقات وصلات، خاصة مع طموح أبو العزائم زعيم الطريقة العزمية الصوفية في السيطرة على المجلس الصوفي الأعلى والحصول على منصب شيخ مشايخ الصوفية، وهو ما يذكّر بتصريحات الشيخ يوسف القرضاوى من قيام إيران بنشر التشيع في مصر عبر الطرق الصوفية!!
ومن الواضح في الخبر أن الحكومة الإيرانية هي التي تتحكم بعملية السياحة وليست الرغبة الشعبية الفردية، مما يؤكد أن هذه الأفواج التي قد تبلغ 100 ألف إيراني شهرياً هي أفواج مسيّرة لغايات سياسية وليست لغايات سياحية فحسب!!
وحتى تتضح الصورة دعونا نستعرض بعض النماذج من السياحة الدينية الإيرانية، حتى ندرك شيئاً من حقيقة هذه السياحة وأنها في الحقيقة استراتيجية معتمدة من النظام الإيراني ومؤسساته الشيعية لاختراق المجتمعات والدول العربية.
1- نموذج رحلات الحج والعمرة:
الجميع يعلم كيف استغلت إيران الحجاج الإيرانيين والشيعة في أعوام 1986، 1987، 1989م، لتدس فيهم عناصر الحرس الثوري وأعضاء حزب الله الكويتي وبين أمتعتهم المتفجرات والقنابل.
ثم محاولة الخميني لتحويل الحج إلى مناسبة سياسية لخدمة أجندته الدعائية باسم "مسيرة البراءة من المشركين".
وفيما بعد تخلت إيران عن التفجيرات، وركزت على جعل مخيمات الحج في منى والفنادق في مكة والمدينة التي يقيم بها الإيرانيون بؤراً للالتقاء بالشيعة السعوديين والشيعة من مختلف دول العالم، ويكفي أن تطالع في موسم الحج المواقع الشخصية للمراجع الشيعة والإيرانيين وتتابع لقاءاته في موسم الحج لتعرف حجم النشاط الذي يقوم به من خلال السياحة الدينية!!
كما أن هناك تعليمات وتوجيهات لأعضاء بعثات الحج والعمرة بالقيام بنشاطات لبث التشيع من خلال الاتصال بالحجاج والمعتمرين وتوزيع الكتب والنشرات عليهم وزيارة مخيماتهم، من خلال مقراتهم الخاصة والتي تجهز بما يلزم للقيام بتلك النشاطات، وكان موقع مفكرة الإسلام في موسم حج عام 1427هـ/2006م قد نشر تقريراً مفصلاً عن ذلك بعنوان "مخطط إيراني لاستغلال الحج في الدعوة للتشيع"، بعد حصولها على كتاب بالفارسية من إصدار "إدارة أمور الدعـاة" ببعثة الزعامة الإيرانيـة، وزع على الحجاج الإيرانيين بعنوان "أهداف الحج في هذا العام".
2- نموذج السياحة الدينية في سوريا:
لم تعرف دمشق حتى سنة 1981 إلا حوزتين شيعيتين هما: حوزة السيدة زينب عام 1976 وحوزة الامام الخميني عام 1981، لكن تطور العلاقات الإيرانية السورية سنة 1988 وانتقالها لمجالات جديدة جعل إيران تطلب السماح لها برعاية وترميم بعض المقامات في سوريا والسماح بقيام الإيرانيين بزيارات سياحية دينية لسوريا، فتمت الموافقة، وكانت البداية من مقام عمار بن ياسر بمدينة الرقة، فتحول القبر إلى مركز شيعي كبير استولى على المقبرة السنية لسكان المدينة وطردهم وطرد موتاهم !! واستمر المسلسل بالبحث عن أي مقام قد يكون له صلة بالتاريخ الشيعي والاستيلاء عليه، وفي عام 1999 شيد مقام للسيدة سكينة في مدينة داريا، ومقام السيدة رقية في حي العمار الجوانية، ومن ثم تم الاستيلاء بالكامل على مقام السيدة زينب بدمشق بعد أن بدأ المشوار بالحوزة الزينبية سنة 1976 على يد حسن الشيرازي.
فتحولت منطقة السيدة زينب إلى مستعمرة شيعية أو قم الصغري، وخاصة بعد قدوم العراقيين الشيعة لسوريا في التسعينيات!! فانتشرت فيها الحوزات الشيعية سنة 1995 حيث شهدت نشأة خمس حوزات جديدة وجمعيات شيعية ثقافية ومكاتب سياحة دينية وفنادق مخصصة للزوار الشيعة ومطاعم شيعية وأسواق توفر مستلزمات الزوار الشيعة، وأصبحت اللغة الفارسية مسموعة في المنطقة وتظهر على لوحات المحال التجارية!! ونتج عن هذا تشييع قطاعات سورية بسبب الاحتكاك والعمل المشترك والولائم والدعوات والمناسبات التي تستقطب الفضوليين.
3- نموذج السياحة الدينية في العراق:
فتحْت غطاء السياحة الدينية للعتبات المقدسة بالنجف وكربلاء تم دخول آلاف العناصر من الحرس الثوري الإيرانى للعراق، للقيام بالعديد من الأنشطة العسكرية والسياسية التي مكنت إيران من السيطرة على العراق من تحت أرجل القوات الأمريكية.
وقد شهد بداية عام 2011 صدور قرار لوزارة الداخلية العراقية بالسماح للشركات الإيرانية العامة في مجال الحماية بمرافقة قوافل السياحة الدينية لتكون غطاءً قانونياً لوجود المسلحين الإيرانيين علناً في العراق!!
4- نموذج السياحة الدينية في الأردن:
رغم المحاولات الإيرانية المتكررة لفتح الباب أمام السياحة الدينية الشيعية في الأردن، إلا أن السلطات الأردنية لا تزال ترفض ذلك، لعدم توفر هذه السياحة في الأردن، الذي يخلو من مقامات لآل البيت.
لكن حين تواجد آلاف العراقيين الشيعة في الأردن في حقبة التسعينيات، تفتقت العبقرية الشيعية عن محاولة استغلال قبر جعفر بن أبي طالب بمنطقة المزار بمحافظة الكرك لجعله نقطة تجمع لهم، وفعلا أصبح موسم عاشوراء يشهد تجمعاً شيعياً عراقياً ينمو مع الأعوام، وبدأ يكبر ويستقطب بعض الشيعة الأردنيين من أصول لبنانية، وبعض الفضوليين، وبدأ يستوطن بعض الشيعة العراقيين حول المكان!!
وبدأ نوع من التأثير يظهر على سكان المنطقة المحيطة من خلال الاحتكاك مع الشيعة، لكن احتلال العراق بدّل مذهب العراقيين المتواجدين في الأردن، فأصبح غالبية العراقيين بعد الاحتلال من السنة بعد أن كانوا من الشيعة، وخمد موسم عاشوراء في الكرك.
وبعد:
فهذه نماذج من تجارب السياحة الدينية الإيرانية، والتي تتميز بـ:
1- السيطرة الحكومية عليها، لنشر الهيمنة الإيرانية عبر القيام بأنشطة عسكرية أو تجسسية بفضل هذا الغطاء القانوني والضخم (100 ألف سائح شهرياً) والذي يخفي في طياته الكثير.
2- القيام بالتبشير الشيعي من خلال الاحتكاك بالناس وتوزيع المنشورات عليهم، ودعم المتشيعين المحليين من خلال تشغيلهم في المرافق اللازمة للسياحة، والتي يحرصون على أن تكون خاصة بهم كالفنادق، والمطاعم والمحال التجارية الأساسية (حلاقة، كي، نقل...).
3- ايجاد نقطة انطلاق للتوسع منها مستقبلاً، مثل ترميم البُهرة لقبر الحسين زمن جمال عبد الناصر وثم مسجد الحاكم بأمر الله ومن ثم السكن في المسجد والسيطرة على الحي المجاور وهكذا.
وأختم بمقارنة بين حرص الإيرانيين على السياحة في مصر، وبين استقبال إيران للوفد الشعبي المصري مؤخراً، لنعرف حقيقة العقلية الإيرانية السياحية!!
تقول نشوى الحوفي عضوة الوفد الشعبي والصحفية بجريدة المصري اليوم في 5/6/2011: "وصلنا المطار وطلب مرافقونا من رجال الأمن جوازات السفر لإنهاء إجراءات حجز الغرف، وهو ما تم فى دقائق لكن دون عودة جوازات السفر إلينا. وحين طلبناها قيل لنا إنها ستظل بالفندق لحين انتهاء رحلتنا، وهو ما أثار دهشتنا جميعاً، وتساءلنا: كيف نتنقل فى بلد غريب دون إثباتات هوية، فاصطحبونا لغرفة فى الفندق تم تصويرنا فيها كما يحدث عندما نتوجه لاستخراج الرقم القومي، ثم منحونا بطاقات عليها صورتنا واسم كل منا وطلبوا منا ألا نخرج دونها.
ورغم تعب الرحلة إلا أن فكرة الاحتفاظ بجواز السفر أثارت داخلي إحساس الدولة المخابراتية، التى يسيطر الإحساس الأمني فيها على كل شيء وكل فرد، حتى لو كنا ضيوفاً ضمن وفد شعبي مصري يزور طهران للمرة الأولى.
لا أخفي سراً أنني عند دخولي غرفتي انتابني إحساس يراودني حين أشاهد مسلسلات الجاسوسية التى دأبنا على مشاهدتها صغارا مثل «رأفت الهجان» و«دموع فى عيون وقحة». وإذا كانوا أخذوا منا جوازات السفر فلماذا لا تكون بالغرف عدسات مراقبة، خاصة أن أفراد الأمن المصاحبين لنا كانت لهم غرف فى نفس الفندق بجوارنا.. يا الله ما أوسع خيال الإنسان ويا لكثرة هواجسه!".
ولا تعليق على التقاليد العريقة للسياحة الإيرانية مع وفد شعبي يزور إيران بهدف تطبيع العلاقات!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق