مصر ما بين الدور القطري وموجة جديدة من الثورة
قطر هذه الدول الصغيرة ذات الإمكانيات الاقتصادية الهائلة، بات دورها في دعم ومساندة نظام الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين واضحاً على خلاف ما تشهده علاقات دول الخليج الأخرى مع القاهرة والتي تتسم بالجمود والترقب حول مستقبل السياسة الخارجية المصرية.
© AFP. AL-WATAN DOHA14:52 | 2013 / 01 / 22
14:52 | 2013 / 01 / 22
"أنباء موسكو"
القاهرة ـ أشرف كمال
يأتي هذا في وقت اصبح فيه مستقبل السياسة المصرية الخارجية رهينة تحقيق رغبات مكتب الإرشاد الذي يقود جماعة الإخوان المسلمين.
والمساعدات المالية التي قدمتها قطر إلى مصر بلغت بحسب تصريحات وزير المالية المصري بلغت خمسة مليارات دولار منها مليار دولار منحة و1.5 مليار وديعة و2.5 مليار لشراء سندات مضيفا أن البنك المركزي تلقى بالفعل كل المساعدات القطرية.
في عالم السياسة لا يوجد شيء بلا مقابل، والدول البحاثة عن دور والطامحة في خلق مكان لها بين الكبار، دائما ما تجد في الفراغ السياسي ضالتها للتحكم في البوصلة السياسية الاقتصادية لدول الربيع العربي ومحاولة لفرض اسلوبها في ترتيب أوراق المشهد السياسي.
ومن بين الأوراق المصرية المبعثرة، تعيد قطر ترتيب أولياتها من خلال الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تتعرض لها بلاد الاهرامات، والامتداد بنفوذها وفق خطة ممنهجة وتنفيذ استراتيجية مازالت تثير الجدل.
لا يمكن ان ننكر حق الدول في رسم سياستها ووضع استراتيجيتها وفق ما تقتضيه مصالحها، كما الحق في طرح التساؤلات حول غموض شرط القرض القطري وتوقيته وقيمته التي تعادل قيمة قرض صندوق النقد الدولي، ومكان الاستثمارات القطرية في الأقاليم المصرية، خاصة محيط قناة السويس وشبه جزيرة سيناء.
قال رئيس وزراء قطر في تصريحات خلال زيارته "إن مصر دولة كبرى لا يمكن السيطرة عليها"، هي حقيق يدركها الدبلوماسي النشيط، ولكن مصر التي يتحدث عنها اليوم ليست تلك التي يعرفها العالم، بدورها المؤثر إقليميا ودوليا بسياسة خارجية متوازنة قادرة بالعلم والمعرفة واقتصاد له مقومات جيدة وكفاءة كوادرها.
الاقتصاد المتردي، والانفلات الأمني وتخبط السياسة الداخلية والصراعات السياسية، وغموض توجهات السياسة الخارجية، وغياب خطة واضحة للعبور بالمرحلة الانتقالية وارتباك الحكومة والإدارة المصرية، وغياب الحلول لانتشال البلاد من الغرق في دوامة من الفوضى السياسية والاقتصادية والأمنية عناوين لمصر اليوم والتي تعتبر نتيجة طبيعية لسياسات جماعة الإخوان المسلمين التي تقود البلاد في اتجاه تحقيق مشروعها الخاص.
لقد ابتعدت الادارة المصرية عن تحقيق اهداف الثورة، وركز الرئيس محمد مرسي على تعزيز نفوذ الجماعة في مؤسسات الدولة المصرية، كما كشفت سياسته وممارسات قيادات الجماعة عن الوجه الآخر والحقيقي لما وصف بـ"مشرع النهضة" الذي لم يتجاوز الوعود الانتخابية التي هدفت بالأساس للوصول إلى عرش مصر.
فيما تتراكم القروض والديون على خزينة الدولة الخاوية وتتزايد الأثقال على كاهل الاقتصاد المترهل، ويرتفع سقف الأعباء على كاهل المواطنين ويتصاعد مؤشر البطالة إلى 12.5 بالمائة، ومعدل التضخم الى 4.7 بالمائة إلى جانب ارتفاع أسعار السلع الرئيسية ما بين 20 إلى 30 المائة.
ومازال الفقر ينهش في جسد ما يقرب من 40 بالمائة من الشعب المصري، وتستمر أوجاع الفقر والأمراض، فيما تعهد الرئيس خلال جولاته الانتخابية بتغيير وضع هذه الطبقة وتأمين حياة كريمة، لكن الذي تحقق من الوعود لم يكن سوى وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى القصر الرئاسي حاكمين بعد سنوات من العمل السري.
لا شك أن دولة قطر تسعى جاهدة إلى انقاذ الرئيس محمد مرسي من السقوط، في ظل تعثر الوضع الاقتصادي، لكن الأجواء العامة في بلد الأهرامات ما زالت تتحفظ على الدور القطري، في ظل عدم قدرة الجماعة على تحقيق إنجاز حقيقي على أرض الواقع يتفق وأهداف الثوار الحقيقيون، لكن رغبة الجماعة في السيطرة و الاستحواذ أدركها المصريون بوضوح فبات الشك يقينا أن الجماعة لا تحمل سوى الخير لنفسها، لا ترى غير تحقيق مشرع العالم الإسلامي الكبير الذي ينطلق من مصر.
لم يتجاهل المصريون كلمات الداعي الإسلامي يوسف القرضاوي عشية الاستفتاء على الدستور، والتي تحدث فيها عن استعداد قطر إلى ضخ المليارات من الدولارات للاستثمار في مصر في حال وافق المصريون على الدستور الجديد.
كما لم يتجاهل المصريون ذلك الحماس القطري في مساعدات حزب الله اللبناني في اعاد بناء الجنوب الذي دمر خلال العدان الإسرائيلي، ولكن هذا الحماس ما لبث أن تلاشى إذ تحول حزب الله إلى بعد دعمه النظام السوري الراهن، في تقلب واضح لسياسة مازالت تحمل الكثير من التساؤلات على الأقل لدى الشعب المصري.
ممارسات قيادات الجماعة على أرض الواقع المصري المرير تجاه الداخل، فضلا عن فتح الباب امام قطر للاستثمار في المشرعات الاستراتيجي للمناطق ذات الطبيعة الخاصة للأًمن القومي المصري زاد من مخاوف المصريين تجاه حكم الإخوان، وأسلوب إدارة البلاد في تجاه لم يعرفه تاريخ مصر.
الثورة لم تكتمل، ويظهر ذلك في تمسك المعتصمين في التحرير وأمام قصر الاتحادية الرئاسي باعتصامهم، والثورة لم تحقق أهدافها من "عيش وحرية عدالة اجتماعية وكرامة انسانية" وأن احياء الذكرى الثانية في ميدان التحرير وميادين مصر سيكون برفع شعار رفض الدستور الجديد الذي فرض على المصريين، ورفض سيطرة مكتب الإرشاد على مؤسسات الدولة المصرية وسياسة الأقصاء وتخوين المعارضة، فالأجواء التي تسبق 25 يناير 2013 لا تختلف كثيراً عن تلك التي كانت قبل 25 يناير 2011.
القاهرة ـ أشرف كمال
يأتي هذا في وقت اصبح فيه مستقبل السياسة المصرية الخارجية رهينة تحقيق رغبات مكتب الإرشاد الذي يقود جماعة الإخوان المسلمين.
والمساعدات المالية التي قدمتها قطر إلى مصر بلغت بحسب تصريحات وزير المالية المصري بلغت خمسة مليارات دولار منها مليار دولار منحة و1.5 مليار وديعة و2.5 مليار لشراء سندات مضيفا أن البنك المركزي تلقى بالفعل كل المساعدات القطرية.
في عالم السياسة لا يوجد شيء بلا مقابل، والدول البحاثة عن دور والطامحة في خلق مكان لها بين الكبار، دائما ما تجد في الفراغ السياسي ضالتها للتحكم في البوصلة السياسية الاقتصادية لدول الربيع العربي ومحاولة لفرض اسلوبها في ترتيب أوراق المشهد السياسي.
ومن بين الأوراق المصرية المبعثرة، تعيد قطر ترتيب أولياتها من خلال الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تتعرض لها بلاد الاهرامات، والامتداد بنفوذها وفق خطة ممنهجة وتنفيذ استراتيجية مازالت تثير الجدل.
لا يمكن ان ننكر حق الدول في رسم سياستها ووضع استراتيجيتها وفق ما تقتضيه مصالحها، كما الحق في طرح التساؤلات حول غموض شرط القرض القطري وتوقيته وقيمته التي تعادل قيمة قرض صندوق النقد الدولي، ومكان الاستثمارات القطرية في الأقاليم المصرية، خاصة محيط قناة السويس وشبه جزيرة سيناء.
قال رئيس وزراء قطر في تصريحات خلال زيارته "إن مصر دولة كبرى لا يمكن السيطرة عليها"، هي حقيق يدركها الدبلوماسي النشيط، ولكن مصر التي يتحدث عنها اليوم ليست تلك التي يعرفها العالم، بدورها المؤثر إقليميا ودوليا بسياسة خارجية متوازنة قادرة بالعلم والمعرفة واقتصاد له مقومات جيدة وكفاءة كوادرها.
الاقتصاد المتردي، والانفلات الأمني وتخبط السياسة الداخلية والصراعات السياسية، وغموض توجهات السياسة الخارجية، وغياب خطة واضحة للعبور بالمرحلة الانتقالية وارتباك الحكومة والإدارة المصرية، وغياب الحلول لانتشال البلاد من الغرق في دوامة من الفوضى السياسية والاقتصادية والأمنية عناوين لمصر اليوم والتي تعتبر نتيجة طبيعية لسياسات جماعة الإخوان المسلمين التي تقود البلاد في اتجاه تحقيق مشروعها الخاص.
لقد ابتعدت الادارة المصرية عن تحقيق اهداف الثورة، وركز الرئيس محمد مرسي على تعزيز نفوذ الجماعة في مؤسسات الدولة المصرية، كما كشفت سياسته وممارسات قيادات الجماعة عن الوجه الآخر والحقيقي لما وصف بـ"مشرع النهضة" الذي لم يتجاوز الوعود الانتخابية التي هدفت بالأساس للوصول إلى عرش مصر.
فيما تتراكم القروض والديون على خزينة الدولة الخاوية وتتزايد الأثقال على كاهل الاقتصاد المترهل، ويرتفع سقف الأعباء على كاهل المواطنين ويتصاعد مؤشر البطالة إلى 12.5 بالمائة، ومعدل التضخم الى 4.7 بالمائة إلى جانب ارتفاع أسعار السلع الرئيسية ما بين 20 إلى 30 المائة.
ومازال الفقر ينهش في جسد ما يقرب من 40 بالمائة من الشعب المصري، وتستمر أوجاع الفقر والأمراض، فيما تعهد الرئيس خلال جولاته الانتخابية بتغيير وضع هذه الطبقة وتأمين حياة كريمة، لكن الذي تحقق من الوعود لم يكن سوى وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى القصر الرئاسي حاكمين بعد سنوات من العمل السري.
لا شك أن دولة قطر تسعى جاهدة إلى انقاذ الرئيس محمد مرسي من السقوط، في ظل تعثر الوضع الاقتصادي، لكن الأجواء العامة في بلد الأهرامات ما زالت تتحفظ على الدور القطري، في ظل عدم قدرة الجماعة على تحقيق إنجاز حقيقي على أرض الواقع يتفق وأهداف الثوار الحقيقيون، لكن رغبة الجماعة في السيطرة و الاستحواذ أدركها المصريون بوضوح فبات الشك يقينا أن الجماعة لا تحمل سوى الخير لنفسها، لا ترى غير تحقيق مشرع العالم الإسلامي الكبير الذي ينطلق من مصر.
لم يتجاهل المصريون كلمات الداعي الإسلامي يوسف القرضاوي عشية الاستفتاء على الدستور، والتي تحدث فيها عن استعداد قطر إلى ضخ المليارات من الدولارات للاستثمار في مصر في حال وافق المصريون على الدستور الجديد.
كما لم يتجاهل المصريون ذلك الحماس القطري في مساعدات حزب الله اللبناني في اعاد بناء الجنوب الذي دمر خلال العدان الإسرائيلي، ولكن هذا الحماس ما لبث أن تلاشى إذ تحول حزب الله إلى بعد دعمه النظام السوري الراهن، في تقلب واضح لسياسة مازالت تحمل الكثير من التساؤلات على الأقل لدى الشعب المصري.
ممارسات قيادات الجماعة على أرض الواقع المصري المرير تجاه الداخل، فضلا عن فتح الباب امام قطر للاستثمار في المشرعات الاستراتيجي للمناطق ذات الطبيعة الخاصة للأًمن القومي المصري زاد من مخاوف المصريين تجاه حكم الإخوان، وأسلوب إدارة البلاد في تجاه لم يعرفه تاريخ مصر.
الثورة لم تكتمل، ويظهر ذلك في تمسك المعتصمين في التحرير وأمام قصر الاتحادية الرئاسي باعتصامهم، والثورة لم تحقق أهدافها من "عيش وحرية عدالة اجتماعية وكرامة انسانية" وأن احياء الذكرى الثانية في ميدان التحرير وميادين مصر سيكون برفع شعار رفض الدستور الجديد الذي فرض على المصريين، ورفض سيطرة مكتب الإرشاد على مؤسسات الدولة المصرية وسياسة الأقصاء وتخوين المعارضة، فالأجواء التي تسبق 25 يناير 2013 لا تختلف كثيراً عن تلك التي كانت قبل 25 يناير 2011.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق