الدوحة – «القدس العربي»: مثل صرعات الموضة العالمية التي تجوب الدول من دون حدود، وتنتشر في كل مكان من دون استئذان، تكتسح الساحة الإعلامية مؤخرا بيانات الحركات الجهادية التي أعلنت مبايعتها لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وتبنت خياراته مؤسسة لمرحلة جديدة من مسار مكافحة الجماعة.
موجة التنظيمات التي خرج بعضها من العدم وأخرى لم يسمع بها من قبل، وهي تتسابق للإعلان عن ولائها لـ»داعش» بدأت تثير مخاوف السكان، والسلطات لخطورة الأمر على حياتهم وسلامتهم، وخشيتهم من العمليات الاستعراضية لهذه التنظيمات غير المعروفة والتي بدأت تتفنن في عمليات الفتك بضحاياها وفق أساليب جديدة ومستنسخة في الوقت نفسه. ووقف العالم مدهوشا ومذهولا من سرعة تنفيذ جماعة «جند الخلافة» الجزائرية والتي أعلنت فجأة ارتباطها بـتنظيم الدولة الإسلامية حكمها بإعدام الرهينة الفرنسي هيرفي غورديل، والذي اختطفته في وقت سابق في منطقة جبلية بشماليالجزائر. وجاء شريط الفيديو تحت عنوان «رسالة دم للحكومة الفرنسية» وبدأ بعرض صور للرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند من المؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه مشاركة بلاده في الحملة التي تستهدف تنظيم الدولة، ثم يظهر بعدها الرهينة جاثيا على ركبتيه محاطا بأربعة مسلحين ووجهه مخفي. هذه التمثيليات أمام الكاميرات وبثها عبر الفضاء الافتراضي ألهبت حماسة المنظمات الجهادية التي بدأت تتسابق في إعلان ولائها لـ»داعش» العلامة التجارية الأكثر رواجا في الوقت الحالي دون أي تنظيم آخر، والتي تحصد اهتمام وسائل الإعلام العالمي، وهي محل متابعة ورصد وتنظير الحكومات الغربية التي تحشد تحالفا دوليا لمحاربته ليتحول إلى العدو رقم واحد لمختلف الدول.
ومن باكستان المعروفة بتموج ساحتها بحركات جهادية متعددة الأشكال والارتباطات والمتداخلة في مستوياتها مع كل الأجهزة والمنظمات، أعلنت حركة «طالبان» المحلية ولاءها لـ «داعش» وأمرت عناصرها في أنحاء المنطقة بمساعدة التنظيم في حملته لإقامة «خلافة» إسلامية. وجاء الإعلان بعدما سمى زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري، في أيلول/سبتمبر القائد السابق في طالبان عاصم عمر «أميراً» للفرع الجديد للقاعدة في جنوب آسيا، والتي دبرت هجمات 11 ايلول/سبتمبر2001 على الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من عدم وجود دليل على تحالف وثيق بين «داعش» وقادة «طالبان» المرتبطين بالقاعدة، فإنه تم رصد نشطاء من التنظيم في الآونة الأخيرة في مدينة بيشاور الباكستانية يوزعون منشورات تشيد بـ «داعش». كما شوهدت أيضا أعلام داعشية في مسيرات في شوارع الجزء الخاضع لسيطرة الهند في كشمير. وتثير هذه التطورات قلقاً بالغاً لدى القوى العالمية التي تحاول جهدها مواجهة التحولات المتسارعة للتطرف الإسلامي على المستوى الدولي. وأكدت طالبان في رسالة بمناسبة عيد الأضحى أنها تؤيد أهداف «داعش» وقال المتحدث باسم طالبان، شهيد الله شهيد، في رسالة أرسلت بالبريد الإلكتروني إلى وسائل الإعلام من مكان غير معلوم «نحن يا إخواننا فخورون بكم وبانتصاراتكم، نحن معكم في أفراحكم وأتراحكم». وناشد جميع التنظيمات الإسلامية المقاتلة تنحية الخلافات جانباً والتحلي بالصبر والثبات.
ومن القارة الآسيوية إلى القارة الإفريقية عبَرَ التنظيم ذهابا وإيابا، وحشد حوله المزيد من الجماعات، وقامت تنظيمات أنصار بيت المقدس داخل سيناء المصرية الواقعة في القارة الأفريقية، وفي قطاع غزة الواقع في القارة الآسيوية بمبايعة تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام استجابة للدعوة التي أطلقها «داعش» بإقامة الخلافة الإسلامية إضافة إلى بروز تلك الجماعات داخل غزة وتبنيها خطف 3 مواطنين إسرائيليين مما يثير قلق حركة حماس التي تفرض سيطرتها على القطاع حال تغلغل تلك التنظيمات وسيطرتها علىغزة. وشجعت هذه البيانات التي تصدر من هنا وهناك كافة التنظيمات التابعة للقاعدة على شن مزيد من العمليات داخل نيجيريا والصومال وأفريقيا جنوب الساحل، والشرق الأوسط ومصر والسودان وشمال افريقيا.
وكانت بعض مساجد درنة في ليبيا شهدت في الأيام الماضية خطبا نارية لدعاة من الخارج حثوا فيها الناس على ضرورة إقامة دولة الخلافة في ليبيا، بعد مبايعة مجلس شورى شباب الإسلام في درنة «داعش». كما ذكرت تقارير إعلامية جزائرية أن عدة كتائب وسرايا مرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغربالإسلامي أعلنت، انشقاقها عن زعيم التنظيم عبد المالك دردوكال المكنى أبو مصعب عبد الودود، ومبايعة من أطلقت عليه وصف «خليفة المسلمين أبو بكر البغدادي».
ومن تونس التي كانت التنظيمات المسلحة محاصرة بدأت تغزو الدولة جماعات متعددة المشارب تتحصن في المناطق المهمشة ومرتفعات الجبال المتاخمة للحدود الجزائرية، وأعلنت مؤخرا مجموعة إسلامية مسلحة تونسية تعرف باسم «كتيبة عقبة بن نافع» تنتمي إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مبايعتها تنظيم الدولة الإسلامية ودعته للتحرك خارج سورياوالعراق. وتأتي مبايعة كتيبة عقبة بن نافع تنظيم داعش بعد أيام من دعوة فرعي القاعدة في المغرب الإسلامي واليمن الجماعات المسلحة في سورياوالعراق إلى الاتحاد ضد التحالف الدولي الذي بادرت واشنطن لتشكيله بهدف القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية. وتذهب بعض القراءات إلى أن التحالف الدولي الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية للقضاء على «داعش» أثار حالة من التلاحم بين التنظيمات الإسلامية، وجعلها في سباق للتضامن مع بعضها وإعلان الولاء للتنظيم، باجتذاب جهاديين من عدة مناطق وتفريخ تنظيمات أخرى بعضها أفلس في وقت سابق، وأخرى ظلت نائمة من دون غطاء حتى لاح لها في الأفق علامة الدولة الإسلامية. وتستدعي التطورات الحالية القائمين على التحالف الدولي لمحاربة «داعش» إعادة النظر في الخطط والاستراتيجيات الموضوعة وتحيينها وفــق معطيات الواقع الذي يشير إلى أن المعركة ستطول وسوف تأخذ أبعادا أعمق من التصريحات التي يطلقها الساسة من كل مكان.
يرى الباحث في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية علي حسين باكير في تصريح خاص لـ»القدس العربي» أنه للقضاء على تنظيم «داعش» أو محاربة الإرهاب عموما فإن العملية تفترض انسجاما مع النفس ومبدئية في التعامل، بحيث «لا يجوز تصنيف بعض الجماعات إرهابية وشن حروب ضدها فيما يتم اعفاء جماعات إرهابية أخرى كتلك التابعة لإيران في سوريا من تبعات أعمالها الاجرامية وغض النظر عن جرائمها لمجرّد أنّها مدعومة من قبل دولة، أو لمجرد أنه هناك حاجة لها كحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الانفصالي الذي سبق له التعامل مع النظام السوري وقمع ثوار عرب وأكراد واشتبك مع المعارضة السورية المسلحة، وإلا فان كل ما سيتم فعله سيفسر على أنه التقاء مع هذه المجموعات الإرهابية في الأهداف وهو الأمر الذي سيعزز من الشعور بالقهر والتآمر ووجود صفقات، على اعتبار أن محاربة طرف واحد هو في حقيقة الأمر إفساح في المجال للطرف الآخر للتسيد عمليا على الأرض». ويضيف ومن دون أخذ هذه العناصر بعين الإعتبار، فان أي عملية عسكرية ضد «داعش» في سوريا ستفشل حتما وإن بعثرت التنظيم وأضعفته على المستوى التكتيكي، إلا أن مفاعيلها الاستراتيجية ستؤدي إلى إنتاج «دواعش» أخرى أكثر توحشا». ويشدد باكير على أن بعض الأمور لا تحتاج الى اختراع، فهناك بديهيات للتعامل معها، ولا شك أنّ محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية لا يحتاج إلى اختراع وصفة، وإنما إلى إرادة سياسية صادقة تبتغي معالجة المرض، وليس تسكين الألم إلا إذا كان الهدف هو وراثة المصاب بالمرض، فيمكن حينها التفنن في إدعاء علاجه وانتظار موته لوراثته». ويعتبر أنه «من هذا المنطلق، لا يمكن القضاء على «داعش» من دون التعامل مع نظام الأسد، فإعطاء «داعش» الأولوية مع تجاهل تام لجرائم الأسد التي تفوق بمئات المرات جرائم «داعش» كما وبشاعة يعطي رسالة خاطئة مفادها أننا نقاتل «داعش» لمصالحنا الخاصة وليس لهدف سام، أو لانقاذ ضحايا «داعش» من وحشية التنظيم». ويشدد على أنه لا «يمكن القضاء على «داعش» إلا من خلال المجتمع السني، وهذا يتطلب بدوره أمرين: الأول، تأمين البيئة المناسبة لإعادة المهجرين والنازحين إلى مناطقهم التي تحوّلت إلى مناطق خالية، مما سرع من عملية سقوطها بيد «داعش» وذلك من خلال التحضير لمناطق آمنة معززة مع تعطيل أو تدمير المطارات أو ما تبقى من الطائرات لدى نظام الأسد أو شل حركتها عبر منطقة حظر طيران حتى تعود الناس وهي آمنة على نفسها. أما الثاني، فهو تسليح المعارضة السورية بما يمكنها كمّا ونوعا من مواجهة الأسد وتنظيم «داعش». وعلى الرغم من أنها عملية صعبة جدا، الا انّ الثوار أثبتوا قدرتهم على الصمود بأسلحة متواضعة جدا في وجه عدة اعداء يفوقونهم قوة دفعة واحدة». ويؤكد أن «داعش» تمتلك أسلحة أمريكية وصينية حديثة وبكميات كبيرة، وهذه لا يمكن مواجهتها إلا بما يقابلها على الأقل من حيث الحداثة كما ونوعا. وفي ظل الفيتو الأمريكي المستمر على تسليح المعارضة بأسلحة نوعيّة وكذلك رفض إقامة منطقة آمنة أو عازلة، فإن المهمّة الأمريكية تبدو بعيدة كل البعد عن أهداف المعارضة السورية والشعب السوري. ويركز الباحث في مقاربته حول محاربة «داعش» إلى أن مواجهة الموارد المالية للتنظيم أمر مهم لكن قصف منشآت النفط وأماكن تخزين القمح لن يضر بالتنظيم فقط، بل سيؤثر على حياة الناس العاديين في المناطق المنكوبة والذين هم في أمس الحاجة إلى الوقود والقمح لاسيما وانّ فصل الشتاء حل، وعمليا سيواجهون ظروفا هي الأصعب على الإطلاق حتى اليوم. ويعتبر باكير أن مفتاح مواجهة التنظيم يمر حتما عبر «تمكين الحكومة السورية المعارضة من ممارسة مهامها داخل سوريا، وتوسيع قدراتها على التمويل الذاتي من خلال تسليمها حقول النفط والمصافي بدلا من تدميرها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المعابر الحدودية، لأن تدمير هذه المصادر الحيوية دون تأمين بديل للشعب المحروم والذي يعاني الجوع في الداخل مع تراجع مساعدات الأمم المتحدة قد يؤدي إلى زيادة نقمة الناس، ليس على «داعش» وإنما على واشنطن والتحالف الدولي، ما يعني أنّ التحالف يقوم عبر هذه الطريقة بتأمين آلية تجنيد جديدة للتنظيم. ويرى الخبير الاستراتيجي أن «الضربات الجوية التي تشنها قوات التحالف الدولي، أمر مهم لإضعاف تنظيم «داعش» لكنّها الآن تفتقد إلى المعلومات الدقيقة، ولذلك فان عددا كبيرا منها أخطأ أهدافه، وهذا يفترض ويتطلب التنسيق مع عناصر بشرية على الأرض للحصول على الإحداثيات المناسبة والدقيقة، وهي المهمة التي يمكن للمعارضة السورية أن تؤديها، خصوصا وأن الضربات الخاطئة أو تلك التي تصيب المدنيين تعزز من حالة النقمة وقد تدفع العديد من الناس الى التحوّل إلى صف «داعش».
موجة التنظيمات التي خرج بعضها من العدم وأخرى لم يسمع بها من قبل، وهي تتسابق للإعلان عن ولائها لـ»داعش» بدأت تثير مخاوف السكان، والسلطات لخطورة الأمر على حياتهم وسلامتهم، وخشيتهم من العمليات الاستعراضية لهذه التنظيمات غير المعروفة والتي بدأت تتفنن في عمليات الفتك بضحاياها وفق أساليب جديدة ومستنسخة في الوقت نفسه. ووقف العالم مدهوشا ومذهولا من سرعة تنفيذ جماعة «جند الخلافة» الجزائرية والتي أعلنت فجأة ارتباطها بـتنظيم الدولة الإسلامية حكمها بإعدام الرهينة الفرنسي هيرفي غورديل، والذي اختطفته في وقت سابق في منطقة جبلية بشماليالجزائر. وجاء شريط الفيديو تحت عنوان «رسالة دم للحكومة الفرنسية» وبدأ بعرض صور للرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند من المؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه مشاركة بلاده في الحملة التي تستهدف تنظيم الدولة، ثم يظهر بعدها الرهينة جاثيا على ركبتيه محاطا بأربعة مسلحين ووجهه مخفي. هذه التمثيليات أمام الكاميرات وبثها عبر الفضاء الافتراضي ألهبت حماسة المنظمات الجهادية التي بدأت تتسابق في إعلان ولائها لـ»داعش» العلامة التجارية الأكثر رواجا في الوقت الحالي دون أي تنظيم آخر، والتي تحصد اهتمام وسائل الإعلام العالمي، وهي محل متابعة ورصد وتنظير الحكومات الغربية التي تحشد تحالفا دوليا لمحاربته ليتحول إلى العدو رقم واحد لمختلف الدول.
ومن باكستان المعروفة بتموج ساحتها بحركات جهادية متعددة الأشكال والارتباطات والمتداخلة في مستوياتها مع كل الأجهزة والمنظمات، أعلنت حركة «طالبان» المحلية ولاءها لـ «داعش» وأمرت عناصرها في أنحاء المنطقة بمساعدة التنظيم في حملته لإقامة «خلافة» إسلامية. وجاء الإعلان بعدما سمى زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري، في أيلول/سبتمبر القائد السابق في طالبان عاصم عمر «أميراً» للفرع الجديد للقاعدة في جنوب آسيا، والتي دبرت هجمات 11 ايلول/سبتمبر2001 على الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من عدم وجود دليل على تحالف وثيق بين «داعش» وقادة «طالبان» المرتبطين بالقاعدة، فإنه تم رصد نشطاء من التنظيم في الآونة الأخيرة في مدينة بيشاور الباكستانية يوزعون منشورات تشيد بـ «داعش». كما شوهدت أيضا أعلام داعشية في مسيرات في شوارع الجزء الخاضع لسيطرة الهند في كشمير. وتثير هذه التطورات قلقاً بالغاً لدى القوى العالمية التي تحاول جهدها مواجهة التحولات المتسارعة للتطرف الإسلامي على المستوى الدولي. وأكدت طالبان في رسالة بمناسبة عيد الأضحى أنها تؤيد أهداف «داعش» وقال المتحدث باسم طالبان، شهيد الله شهيد، في رسالة أرسلت بالبريد الإلكتروني إلى وسائل الإعلام من مكان غير معلوم «نحن يا إخواننا فخورون بكم وبانتصاراتكم، نحن معكم في أفراحكم وأتراحكم». وناشد جميع التنظيمات الإسلامية المقاتلة تنحية الخلافات جانباً والتحلي بالصبر والثبات.
ومن القارة الآسيوية إلى القارة الإفريقية عبَرَ التنظيم ذهابا وإيابا، وحشد حوله المزيد من الجماعات، وقامت تنظيمات أنصار بيت المقدس داخل سيناء المصرية الواقعة في القارة الأفريقية، وفي قطاع غزة الواقع في القارة الآسيوية بمبايعة تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام استجابة للدعوة التي أطلقها «داعش» بإقامة الخلافة الإسلامية إضافة إلى بروز تلك الجماعات داخل غزة وتبنيها خطف 3 مواطنين إسرائيليين مما يثير قلق حركة حماس التي تفرض سيطرتها على القطاع حال تغلغل تلك التنظيمات وسيطرتها علىغزة. وشجعت هذه البيانات التي تصدر من هنا وهناك كافة التنظيمات التابعة للقاعدة على شن مزيد من العمليات داخل نيجيريا والصومال وأفريقيا جنوب الساحل، والشرق الأوسط ومصر والسودان وشمال افريقيا.
وكانت بعض مساجد درنة في ليبيا شهدت في الأيام الماضية خطبا نارية لدعاة من الخارج حثوا فيها الناس على ضرورة إقامة دولة الخلافة في ليبيا، بعد مبايعة مجلس شورى شباب الإسلام في درنة «داعش». كما ذكرت تقارير إعلامية جزائرية أن عدة كتائب وسرايا مرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغربالإسلامي أعلنت، انشقاقها عن زعيم التنظيم عبد المالك دردوكال المكنى أبو مصعب عبد الودود، ومبايعة من أطلقت عليه وصف «خليفة المسلمين أبو بكر البغدادي».
ومن تونس التي كانت التنظيمات المسلحة محاصرة بدأت تغزو الدولة جماعات متعددة المشارب تتحصن في المناطق المهمشة ومرتفعات الجبال المتاخمة للحدود الجزائرية، وأعلنت مؤخرا مجموعة إسلامية مسلحة تونسية تعرف باسم «كتيبة عقبة بن نافع» تنتمي إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مبايعتها تنظيم الدولة الإسلامية ودعته للتحرك خارج سورياوالعراق. وتأتي مبايعة كتيبة عقبة بن نافع تنظيم داعش بعد أيام من دعوة فرعي القاعدة في المغرب الإسلامي واليمن الجماعات المسلحة في سورياوالعراق إلى الاتحاد ضد التحالف الدولي الذي بادرت واشنطن لتشكيله بهدف القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية. وتذهب بعض القراءات إلى أن التحالف الدولي الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية للقضاء على «داعش» أثار حالة من التلاحم بين التنظيمات الإسلامية، وجعلها في سباق للتضامن مع بعضها وإعلان الولاء للتنظيم، باجتذاب جهاديين من عدة مناطق وتفريخ تنظيمات أخرى بعضها أفلس في وقت سابق، وأخرى ظلت نائمة من دون غطاء حتى لاح لها في الأفق علامة الدولة الإسلامية. وتستدعي التطورات الحالية القائمين على التحالف الدولي لمحاربة «داعش» إعادة النظر في الخطط والاستراتيجيات الموضوعة وتحيينها وفــق معطيات الواقع الذي يشير إلى أن المعركة ستطول وسوف تأخذ أبعادا أعمق من التصريحات التي يطلقها الساسة من كل مكان.
يرى الباحث في العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية علي حسين باكير في تصريح خاص لـ»القدس العربي» أنه للقضاء على تنظيم «داعش» أو محاربة الإرهاب عموما فإن العملية تفترض انسجاما مع النفس ومبدئية في التعامل، بحيث «لا يجوز تصنيف بعض الجماعات إرهابية وشن حروب ضدها فيما يتم اعفاء جماعات إرهابية أخرى كتلك التابعة لإيران في سوريا من تبعات أعمالها الاجرامية وغض النظر عن جرائمها لمجرّد أنّها مدعومة من قبل دولة، أو لمجرد أنه هناك حاجة لها كحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الانفصالي الذي سبق له التعامل مع النظام السوري وقمع ثوار عرب وأكراد واشتبك مع المعارضة السورية المسلحة، وإلا فان كل ما سيتم فعله سيفسر على أنه التقاء مع هذه المجموعات الإرهابية في الأهداف وهو الأمر الذي سيعزز من الشعور بالقهر والتآمر ووجود صفقات، على اعتبار أن محاربة طرف واحد هو في حقيقة الأمر إفساح في المجال للطرف الآخر للتسيد عمليا على الأرض». ويضيف ومن دون أخذ هذه العناصر بعين الإعتبار، فان أي عملية عسكرية ضد «داعش» في سوريا ستفشل حتما وإن بعثرت التنظيم وأضعفته على المستوى التكتيكي، إلا أن مفاعيلها الاستراتيجية ستؤدي إلى إنتاج «دواعش» أخرى أكثر توحشا». ويشدد باكير على أن بعض الأمور لا تحتاج الى اختراع، فهناك بديهيات للتعامل معها، ولا شك أنّ محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية لا يحتاج إلى اختراع وصفة، وإنما إلى إرادة سياسية صادقة تبتغي معالجة المرض، وليس تسكين الألم إلا إذا كان الهدف هو وراثة المصاب بالمرض، فيمكن حينها التفنن في إدعاء علاجه وانتظار موته لوراثته». ويعتبر أنه «من هذا المنطلق، لا يمكن القضاء على «داعش» من دون التعامل مع نظام الأسد، فإعطاء «داعش» الأولوية مع تجاهل تام لجرائم الأسد التي تفوق بمئات المرات جرائم «داعش» كما وبشاعة يعطي رسالة خاطئة مفادها أننا نقاتل «داعش» لمصالحنا الخاصة وليس لهدف سام، أو لانقاذ ضحايا «داعش» من وحشية التنظيم». ويشدد على أنه لا «يمكن القضاء على «داعش» إلا من خلال المجتمع السني، وهذا يتطلب بدوره أمرين: الأول، تأمين البيئة المناسبة لإعادة المهجرين والنازحين إلى مناطقهم التي تحوّلت إلى مناطق خالية، مما سرع من عملية سقوطها بيد «داعش» وذلك من خلال التحضير لمناطق آمنة معززة مع تعطيل أو تدمير المطارات أو ما تبقى من الطائرات لدى نظام الأسد أو شل حركتها عبر منطقة حظر طيران حتى تعود الناس وهي آمنة على نفسها. أما الثاني، فهو تسليح المعارضة السورية بما يمكنها كمّا ونوعا من مواجهة الأسد وتنظيم «داعش». وعلى الرغم من أنها عملية صعبة جدا، الا انّ الثوار أثبتوا قدرتهم على الصمود بأسلحة متواضعة جدا في وجه عدة اعداء يفوقونهم قوة دفعة واحدة». ويؤكد أن «داعش» تمتلك أسلحة أمريكية وصينية حديثة وبكميات كبيرة، وهذه لا يمكن مواجهتها إلا بما يقابلها على الأقل من حيث الحداثة كما ونوعا. وفي ظل الفيتو الأمريكي المستمر على تسليح المعارضة بأسلحة نوعيّة وكذلك رفض إقامة منطقة آمنة أو عازلة، فإن المهمّة الأمريكية تبدو بعيدة كل البعد عن أهداف المعارضة السورية والشعب السوري. ويركز الباحث في مقاربته حول محاربة «داعش» إلى أن مواجهة الموارد المالية للتنظيم أمر مهم لكن قصف منشآت النفط وأماكن تخزين القمح لن يضر بالتنظيم فقط، بل سيؤثر على حياة الناس العاديين في المناطق المنكوبة والذين هم في أمس الحاجة إلى الوقود والقمح لاسيما وانّ فصل الشتاء حل، وعمليا سيواجهون ظروفا هي الأصعب على الإطلاق حتى اليوم. ويعتبر باكير أن مفتاح مواجهة التنظيم يمر حتما عبر «تمكين الحكومة السورية المعارضة من ممارسة مهامها داخل سوريا، وتوسيع قدراتها على التمويل الذاتي من خلال تسليمها حقول النفط والمصافي بدلا من تدميرها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المعابر الحدودية، لأن تدمير هذه المصادر الحيوية دون تأمين بديل للشعب المحروم والذي يعاني الجوع في الداخل مع تراجع مساعدات الأمم المتحدة قد يؤدي إلى زيادة نقمة الناس، ليس على «داعش» وإنما على واشنطن والتحالف الدولي، ما يعني أنّ التحالف يقوم عبر هذه الطريقة بتأمين آلية تجنيد جديدة للتنظيم. ويرى الخبير الاستراتيجي أن «الضربات الجوية التي تشنها قوات التحالف الدولي، أمر مهم لإضعاف تنظيم «داعش» لكنّها الآن تفتقد إلى المعلومات الدقيقة، ولذلك فان عددا كبيرا منها أخطأ أهدافه، وهذا يفترض ويتطلب التنسيق مع عناصر بشرية على الأرض للحصول على الإحداثيات المناسبة والدقيقة، وهي المهمة التي يمكن للمعارضة السورية أن تؤديها، خصوصا وأن الضربات الخاطئة أو تلك التي تصيب المدنيين تعزز من حالة النقمة وقد تدفع العديد من الناس الى التحوّل إلى صف «داعش».
سليمان حاج إبراهيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق