المعارضة المصرية… الدور المطلوب
محمد الحمامصي
لماذا فشلت وسوف تفشل قيادات المعارضة المصرية في الاستمرار على موقف موحد إزاء أية قضية وطنية تعمل عليها في مواجهة تعنت واستبداد وديكتاتورية السلطة؟ لماذا تنقسم وتنقلب على بعضها البعض بمجرد أن تلوح لها أصابع السلطة؟ لماذا تقبل دوما أن تكون ديكوراً في اجتماعات السلطة؟ لماذا لم تتعلم من الدروس التي لقنها إياها النظام السابق برئاسة مبارك وواصلت الزحف الرخيص اللاهث للقاء السلطة مبررة ذلك بالمصالح العليا للوطن؟ لماذا تخيّب آمال الشارع المصري وتصطدمه مرة بعد الأخرى لتزداد قناعاته رسوخاً بكذبها وخراب ذممها؟
الإجابة واضحة، يرى المصريون عياناً بياناً، إنها شهوة السلطة، نعم أغلبية قيادات المعارضة المصرية مصابة بداء الشهوة إلى السلطة، فما أن تلوح في الأفق بادرة ثمرة عطنة أو عفنة ممثلة في كرسي هزيل، حتى تتحلل من مواقفها ومبادئها وتنسى واجباتها الوطنية والأخلاقية والدينية وتلهث خانعة ذليلة ومتخبطة يساراً ويميناً حتى تصل أولا إلى السيد في قصر الاتحادية لتعقد الصفقة وتحصل على الثمرة، هكذا فعلوا مع مبارك ثم مع المجلس العسكري وهكذا يفعلون الآن مع مرسي.
وعلى الرغم من الصفعات التي تلقوها واعترفوا بها لم يرتدعوا.
ذهبوا مستشارين فلم يسمع لهم ولم يعتد بآرائهم وعندما اكتشفوا أنهم مجرد برفانات تحاك من ورائها المؤامرات استقالوا.
ذهبوا للحوار فضرب بما قالوا عرض الحائط ليكتشفوا استخدامهم كأخبار وصور للصحف والمجلات لتمرير أن السيد في قصر الاتحادية دعاهم واحتضنهم بكل الحب وسمع منهم و"عمل اللي عليه".
وهنا أنوه إلى أنني لا أريد ذكر أسماء شخصيات أو أحزاب أو تيارات، فهم أشهر من نار على علم، ولا يزالون يواصلون الظهور على صفحات الجرائد وشاشات القنوات الفضائية في وقاحة يعجنون طحينهم العفن ضاحكين على أنفسهم وعلى الشعب.
طوال ستة أشهر والرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين ونظامه يتلاعبون بالمعارضة ويكيلون لها الضربات المباغتة، ضربة مباغتة تلو الأخرى، بسرعة فاقت كل التوقعات، لقد طورت جماعة الإخوان المسلمين من آليات الضربات التي كان يستخدمها النظام السابق، مدعومة من أنصارها من السلفيين والجهاديين والتكفيريين.
تتمزق المعارضة وتترنح تحت وطأة التفكك والانقسام وأحلام وطموحات السلطة، بعضها يتحالف ويعقد الصفقات وبعضها يعيش الاستسلام والتسليم والقلة تقاوم لكنها تفشل في صد أو وقف أي من ضربات الجماعة ومؤامراتها على الدولة ومفاصلها.
وتمضي الرئاسة ـ سواء في المقطم أو في قصر الاتحادية ـ في حماية ودعم مجلس الشورى واللجنة التأسيسية لكي يواصلا طريقهما، الأول يشتغل على تفتيت واختراق المؤسسات وخلق مؤسسات داعمة للنظام من خلال تشكيلات من أنصاره كالمجلس القومي لحقوق الإنسان والمجلس الأعلى للصحافة، وغيره، والثانية تشتغل على دستور يوطد أركان الدولة الدينية كما يراها المرشد والجماعة، حتى إذا خرج الإعلان الدستوري 22 نوفمبر الذي جعل القرارات الرئاسية نهائية غير قابلة للطعن من أية جهة أخرى "مثلا المحكمة الدستورية" منذ توليه الرئاسة حتى انتخاب مجلس شعب جديد، كانت الضربة التي اهتزت لها أركان المعارضة وجعلتها تفيق من غيبوبتها لتتحالف فيما أطلق عليه جبهة الانقاذ الوطني، ولم تستطع فعل شيء مع الإعلان وتحصن الشورى والتأسيسية وفي ظرف أسبوع أو أكثر من صدوره تم تسليم مسودة دستور دولة الجماعة إلى الرئيس الذي ضرب الضربة الأخيرة إذ حدد موعد الاستفتاء خلال 15 يوما.
لقد كشفت حركة الشارع المصري بدءاً من تظاهرات رفض الإعلان الدستوري عن ضعف هذه المعارضة وعدم التحامها مع الشعب ومن ثم عدم قدرتها على التعبير عن غضبه، ففي الوقت الذي كانت تحاصر فيه يوميا مئات الآلاف ـ تجاوز في كثير من الأيام المليون ـ قصر الاتحادية معلنة سقوط الإعلان الدستوري والدستور بل النظام نفسه وتطالب برحيله، وتعتصم في الاتحادية وميدان التحرير، كانت خطابات المعارضة هشة بائسة ومخيبة للآمال، خطابات ضعف لقيادات ضعيفة تعمل في الغرف والقاعات المغلقة وتنتظر فتات السيد في الاتحادية.
لقد شاركت في كافة تظاهرات الاتحادية، ويقينا لو أن قيادات المعارضة حضرت إلى هناك وأعلنت وسط الآلاف أنها لن ترحل قبل تراجع النظام عن إعلانه ودستوره وإلا عليه أن يرحل، لظلت هذه الآلاف حولها واقفة بإرادة صلبة إلى أن تتحقق المطالب، لكنها ـ قيادات المعارضة ـ لم تفعل بل وجد منها من قبل دعوة قصر الاتحادية للحوار.
والآن تواصل بعض قيادات هذه المعارضة الفشل معلنة عن استعدادها للحوار، أي حوار هذا وهل لا تزال هناك حوارات وقد نفذ السهم في الجسد المصري وشل روحه؟ أي حوار بعد اغتصاب إرادة شعب بالتزوير والإقصاء والجهل والأمية والعنصرية والطائفية، أي حوار ولم تحترم كلماتكم ولا أشخاصكم من قبل ومن بعد؟ بأي وجه ستواجهون السيد في قصر الاتحادية ورجاله إذا كنتم فقدتم وجوهكم؟
إن من سيقبلون أو قبلوا بالحوار بعد كل ما كان وكل ما جرى هم هؤلاء المصابون بداء شهوة السلطة، هذا الداء الذي لا يمكن توصيفه إلا بالداء القذر كونه يدفع الإنسان للتنازل صاغرا عن المبادئ والقيم الإنسانية والوطنية والدينية مقابل صفقة يعلم جيدا أنها لن تمكنه من شيء بل ستنال منه وممن يمثلهم.
إن من ورط المصريين للعيش ثلاثين عاماً تحت الحكم الاستبدادي السابق، هي هذه المعارضة، معارضة الصفقات والبيزنيس التي أدت إلى تآكل دورها وفقدان مصداقيتها، فمتى تتعلم، متى تفيق وتدرك أنها أصبحت مكشوفة ومفضوحة، وأن الشعب المصري يلفظها، وأن خروجه على مدار ثلاثة أسابيع متصلة منذ 22 نوفمبر حتى 15 ديسمبر لم يكن بناء على توجيهاتها أو دعواتها بل كان خروجا يحركه الخوف والقلق على مستقبله ومستقبل أبنائه.
اذهبوا إلى السيد في قصر الاتحادية وصادقوا على ما يملي عليكم واحصلوا على حصتكم من الكعكة فالثورة ستتجاوزكم وتتجاوز رضوخكم واستسلامكم وتسليمكم، كما تجاوزتكم من قبل، وسوف تأكلكم بنيران شبابها الواعد حتى لا يبقى لكم من عنوان في التاريخ إلا "خيانة الأمانة".
اذهبوا واحداً تلو الآخر خلسة أو عياناً بياناً واعقدوا الصفقات ضد مصر والمصريين، فالثورة لن تتنازل عن دستور لكل المصريين، دستور يكفل الحرية والكرامة والعزة والعدالة لكل مصرية ومصري. الثورة لن تتنازل عن إسقاط دستور الطائفية والعنصرية والديكتاتورية.
لماذا فشلت وسوف تفشل قيادات المعارضة المصرية في الاستمرار على موقف موحد إزاء أية قضية وطنية تعمل عليها في مواجهة تعنت واستبداد وديكتاتورية السلطة؟ لماذا تنقسم وتنقلب على بعضها البعض بمجرد أن تلوح لها أصابع السلطة؟ لماذا تقبل دوما أن تكون ديكوراً في اجتماعات السلطة؟ لماذا لم تتعلم من الدروس التي لقنها إياها النظام السابق برئاسة مبارك وواصلت الزحف الرخيص اللاهث للقاء السلطة مبررة ذلك بالمصالح العليا للوطن؟ لماذا تخيّب آمال الشارع المصري وتصطدمه مرة بعد الأخرى لتزداد قناعاته رسوخاً بكذبها وخراب ذممها؟
الإجابة واضحة، يرى المصريون عياناً بياناً، إنها شهوة السلطة، نعم أغلبية قيادات المعارضة المصرية مصابة بداء الشهوة إلى السلطة، فما أن تلوح في الأفق بادرة ثمرة عطنة أو عفنة ممثلة في كرسي هزيل، حتى تتحلل من مواقفها ومبادئها وتنسى واجباتها الوطنية والأخلاقية والدينية وتلهث خانعة ذليلة ومتخبطة يساراً ويميناً حتى تصل أولا إلى السيد في قصر الاتحادية لتعقد الصفقة وتحصل على الثمرة، هكذا فعلوا مع مبارك ثم مع المجلس العسكري وهكذا يفعلون الآن مع مرسي.
وعلى الرغم من الصفعات التي تلقوها واعترفوا بها لم يرتدعوا.
ذهبوا مستشارين فلم يسمع لهم ولم يعتد بآرائهم وعندما اكتشفوا أنهم مجرد برفانات تحاك من ورائها المؤامرات استقالوا.
ذهبوا للحوار فضرب بما قالوا عرض الحائط ليكتشفوا استخدامهم كأخبار وصور للصحف والمجلات لتمرير أن السيد في قصر الاتحادية دعاهم واحتضنهم بكل الحب وسمع منهم و"عمل اللي عليه".
وهنا أنوه إلى أنني لا أريد ذكر أسماء شخصيات أو أحزاب أو تيارات، فهم أشهر من نار على علم، ولا يزالون يواصلون الظهور على صفحات الجرائد وشاشات القنوات الفضائية في وقاحة يعجنون طحينهم العفن ضاحكين على أنفسهم وعلى الشعب.
طوال ستة أشهر والرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين ونظامه يتلاعبون بالمعارضة ويكيلون لها الضربات المباغتة، ضربة مباغتة تلو الأخرى، بسرعة فاقت كل التوقعات، لقد طورت جماعة الإخوان المسلمين من آليات الضربات التي كان يستخدمها النظام السابق، مدعومة من أنصارها من السلفيين والجهاديين والتكفيريين.
تتمزق المعارضة وتترنح تحت وطأة التفكك والانقسام وأحلام وطموحات السلطة، بعضها يتحالف ويعقد الصفقات وبعضها يعيش الاستسلام والتسليم والقلة تقاوم لكنها تفشل في صد أو وقف أي من ضربات الجماعة ومؤامراتها على الدولة ومفاصلها.
وتمضي الرئاسة ـ سواء في المقطم أو في قصر الاتحادية ـ في حماية ودعم مجلس الشورى واللجنة التأسيسية لكي يواصلا طريقهما، الأول يشتغل على تفتيت واختراق المؤسسات وخلق مؤسسات داعمة للنظام من خلال تشكيلات من أنصاره كالمجلس القومي لحقوق الإنسان والمجلس الأعلى للصحافة، وغيره، والثانية تشتغل على دستور يوطد أركان الدولة الدينية كما يراها المرشد والجماعة، حتى إذا خرج الإعلان الدستوري 22 نوفمبر الذي جعل القرارات الرئاسية نهائية غير قابلة للطعن من أية جهة أخرى "مثلا المحكمة الدستورية" منذ توليه الرئاسة حتى انتخاب مجلس شعب جديد، كانت الضربة التي اهتزت لها أركان المعارضة وجعلتها تفيق من غيبوبتها لتتحالف فيما أطلق عليه جبهة الانقاذ الوطني، ولم تستطع فعل شيء مع الإعلان وتحصن الشورى والتأسيسية وفي ظرف أسبوع أو أكثر من صدوره تم تسليم مسودة دستور دولة الجماعة إلى الرئيس الذي ضرب الضربة الأخيرة إذ حدد موعد الاستفتاء خلال 15 يوما.
لقد كشفت حركة الشارع المصري بدءاً من تظاهرات رفض الإعلان الدستوري عن ضعف هذه المعارضة وعدم التحامها مع الشعب ومن ثم عدم قدرتها على التعبير عن غضبه، ففي الوقت الذي كانت تحاصر فيه يوميا مئات الآلاف ـ تجاوز في كثير من الأيام المليون ـ قصر الاتحادية معلنة سقوط الإعلان الدستوري والدستور بل النظام نفسه وتطالب برحيله، وتعتصم في الاتحادية وميدان التحرير، كانت خطابات المعارضة هشة بائسة ومخيبة للآمال، خطابات ضعف لقيادات ضعيفة تعمل في الغرف والقاعات المغلقة وتنتظر فتات السيد في الاتحادية.
لقد شاركت في كافة تظاهرات الاتحادية، ويقينا لو أن قيادات المعارضة حضرت إلى هناك وأعلنت وسط الآلاف أنها لن ترحل قبل تراجع النظام عن إعلانه ودستوره وإلا عليه أن يرحل، لظلت هذه الآلاف حولها واقفة بإرادة صلبة إلى أن تتحقق المطالب، لكنها ـ قيادات المعارضة ـ لم تفعل بل وجد منها من قبل دعوة قصر الاتحادية للحوار.
والآن تواصل بعض قيادات هذه المعارضة الفشل معلنة عن استعدادها للحوار، أي حوار هذا وهل لا تزال هناك حوارات وقد نفذ السهم في الجسد المصري وشل روحه؟ أي حوار بعد اغتصاب إرادة شعب بالتزوير والإقصاء والجهل والأمية والعنصرية والطائفية، أي حوار ولم تحترم كلماتكم ولا أشخاصكم من قبل ومن بعد؟ بأي وجه ستواجهون السيد في قصر الاتحادية ورجاله إذا كنتم فقدتم وجوهكم؟
إن من سيقبلون أو قبلوا بالحوار بعد كل ما كان وكل ما جرى هم هؤلاء المصابون بداء شهوة السلطة، هذا الداء الذي لا يمكن توصيفه إلا بالداء القذر كونه يدفع الإنسان للتنازل صاغرا عن المبادئ والقيم الإنسانية والوطنية والدينية مقابل صفقة يعلم جيدا أنها لن تمكنه من شيء بل ستنال منه وممن يمثلهم.
إن من ورط المصريين للعيش ثلاثين عاماً تحت الحكم الاستبدادي السابق، هي هذه المعارضة، معارضة الصفقات والبيزنيس التي أدت إلى تآكل دورها وفقدان مصداقيتها، فمتى تتعلم، متى تفيق وتدرك أنها أصبحت مكشوفة ومفضوحة، وأن الشعب المصري يلفظها، وأن خروجه على مدار ثلاثة أسابيع متصلة منذ 22 نوفمبر حتى 15 ديسمبر لم يكن بناء على توجيهاتها أو دعواتها بل كان خروجا يحركه الخوف والقلق على مستقبله ومستقبل أبنائه.
اذهبوا إلى السيد في قصر الاتحادية وصادقوا على ما يملي عليكم واحصلوا على حصتكم من الكعكة فالثورة ستتجاوزكم وتتجاوز رضوخكم واستسلامكم وتسليمكم، كما تجاوزتكم من قبل، وسوف تأكلكم بنيران شبابها الواعد حتى لا يبقى لكم من عنوان في التاريخ إلا "خيانة الأمانة".
اذهبوا واحداً تلو الآخر خلسة أو عياناً بياناً واعقدوا الصفقات ضد مصر والمصريين، فالثورة لن تتنازل عن دستور لكل المصريين، دستور يكفل الحرية والكرامة والعزة والعدالة لكل مصرية ومصري. الثورة لن تتنازل عن إسقاط دستور الطائفية والعنصرية والديكتاتورية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق