المسكوت عنه في المملكة العربية السعودية
الإثنين، 26 يناير 2015 01:42 م
المسكوت عنه في المملكة العربية السعودية
الإثنين، 26 يناير 2015 01:42 م
الأضواء المسلطة اليوم على السعودية بسبب رحيل الملك عبد الله، قد تمثل فرصة نادرة للتذكير بالمعلوم المسكوت عنه في المملكة قبل أن تخبو الأضواء أو تنتقل إلى قضايا وملفات أخرى في الواقع العربي والإقليمي الممتد والمعقد.
***
لا يقتصر دور الملوك في السعودية على خدمة الحرمين الشريفين، بل إن من أهم أدوارهم قبل ذلك وبعده، هو إبقاء الحكم داخل آل سعود، وحماية مكانة وثروات العائلة من طمع العوام من الشعب السعودي، ومن حسد وحقد الشعوب العربية الفقيرة.
وهم يعيشون في هذا الترف البالغ وسط عالم عربي يموج بالفقر الذى سببته عقود طويلة من الاستعمار ونهب الثروات والتقسيم والتجزئة. وهم ينأون بأنفسهم عن مشاكله واحتياجاته وقضاياه وصراعاته الرئيسية، إلا في حدود حفظ ماء الوجه.
بل إنهم يقيمون جدارا عازلا حديديا حول بلادهم، في مواجهة المواطنين العرب الحالمين بعقد عمل هناك قد يحقق لهم طفرة مالية واجتماعية. فإن منحوهم تأشيرات للعمل، فإنهم يفعلونها وكأنها يمنحونهم صكوكا لدخول الجنة. ويعكس نظام الكفيل المطبق في السعودية والخليج حجم الخوف والعنصرية والاستعباد التي تسيطر عليهم تجاه باقي الشعوب العربية.
إنهم من ألد أعداء كل أشكال ومشروعات التضامن أو الوحدة العربية، لأنهم يخشون مشاركة ثرواتهم مع باقي الشعوب العربية الفقيرة الجائعة بدعوى العروبة أو الإسلام .
إن الذين يؤمنون بوحدة الأمة العربية وبوحدة الشعب والأرض والإمكانيات، ينظرون إلى استئثار العائلات المالكة الحاكمة في السعودية والخليج دونا عن باقي الشعوب العربية، على أنها أخطر وأعمق ظاهرة استغلال وصراع طبقي في المجتمع العربي.
***
وبسبب خوفهم الشديد على الحكم والعرش و الثروة، وخوفهم من الجيران والطامعين وخوفهم من كل ما هو جديد أو ثوري أو حتى اصطلاحي، عملت العائلة على مر العقود على تفريغ موسم الحج من أهم وظائفه؛ فالحج الذي كان يمكن أن يكون بمثابة مؤتمرات سنوية للمسلمين من كافة شعوب الأرض يتداولون خلالها في شئون حياتهم وبلادهم وقضاياهم، ويمثلون اكبر جماعة ضغط في العالم...الخ، قاموا بتفريغه من أي مضمون وحدوي أو تضامني أو تفاعلي.
وفي ذات المقام، ورغم أن الجزيرة العربية هي مهبط الرسالة، وموطن الرسول صلى الله عليه وسلم، وحاملة راية الإسلام إلى كل شعوب الأرض منذ 14 قرن، إلا انه لا يوجد دور يذكر للمملكة منذ تأسيسها في مجال الاجتهاد والإنتاج والإبداع الفكري الإسلامي، بل إنها تحتضن نخبة من أكثر المشايخ محافظة وأكثر الأفكار رجعية، مع خالص تقديرنا واحترامنا لعديد من العلماء والمفكرين هناك.
***
والنظام العائلي الملكي الحاكم في السعودية يعادى حتى النخاع كل ما يتعلق بالحرية والديمقراطية والعمل السياسي وتداول السلطة والمؤسسات والانتخابات والمشاركة الشعبية في الحكم وأبسط حقوق الإنسان، من حيث هى بدع ضارة! وهل يوجد بلد آخر في العالم تمنع المرأة من قيادة السيارات؟
وبخلاف باقي المجتمعات الطبيعية، لا تنشأ الصراعات داخل العائلة، على أساس أيديولوجي أو سياسي مثل الإصلاح والجذرية، أو اليمين واليسار، أو الإسلامي والعلماني أو العسكري والمدني...الخ، بل إن الصراعات الرئيسية هناك، وفقا لبعض المراقبين، تدور بين الأبناء الأشقاء لأحدى زوجات الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، في مواجهة أبناء "ضرتها"، مثل جناح أبناء "حصة السديري" والدة الملك الجديد سلمان والملك فهد والأمير تركي الثاني والأمير نايف أو جناح أبناء "فهدة آل رشيد" والدة الملك الراحل عبد الله. أو جناح أبناء "الجوهرة بنت الأمير مساعد آل سعود" والدة الملك خالد. أو أبناء "ضحى بنت محمد الحسين العريعر" والدة الملك سعود و الأمير تركي الأول وهكذا.
***
والعائلة المالكة هي أيضا خادمة أمينة للمصالح الغربية منذ زمن بعيد، منذ بدايات الحرب العالمية الأولى تحت رعاية بريطانيا العظمى، ثم الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية. ويذهب بعض المؤرخين أن الأمير عبد العزيز آل سعود، كان يتقاضى راتبا شهريا من بريطانيا إبان الحرب العالمية الأولى وما بعدها، مقابل دعمه لها في الحرب وتفويضه للإمبراطورية في كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية للجزيرة العربية وفقا للمنصوص عليه صراحة في معاهدة "دارين" الموقعة بينهما في 26 ديسمبر 1915.
والمملكة مثلها كل إمارات الخليج تتمتع منذ ذلك الحين بالحماية والدعم والرعاية الأمريكية والغربية الكاملة للعرش ولحكم العائلة ولأمنها وامتيازاتها ونظامها.
وتحتكر شركات النفط الأمريكية بترول السعودية على امتداد ثلاثة أرباع قرن. كما تقوم المملكة بدور رجل أمريكا الأول داخل منظمة أوبك، فتمكنها من التحكم في السوق العالمي، لبسط نفوذها على الحلفاء أو فرض حصارها على الأعداء والمنافسين.
وربما كان الاستثناء الوحيد، هو توظيف النفط كسلاح عربي في حرب 1973. والذى لم يدم لأكثر من أسابيع قليلة، وهي الخطوة التي علق عليها أحد المسؤولين الأمريكان بما معناه انه "ليس من الحكمة أن تتباهى الحملان بحلاوة لحمها أمام الذئاب"!
وهو ما كان تاريخا فاصلا بين عصر الصراع العربي الصهيوني وبين عصر السلام مع إسرائيل. أو بين يسمى عصر الثورة العربية وبين عصر الثروة العربية والبترو دولار. وانتقال قيادة الوطن العربي من مصر إلى السعودية والخليج.
بالإضافة إلى ذلك يأتي تعمير المصارف والبنوك الغربية بالثروات الطائلة للعائلة المالكة النابعة من عوائد النفط. والتي تقدر بأكثر من تريليون دولار. وهو ما يفوق الناتج المحلي الإجمالي للسعودية.
ويتصف الاقتصاد السعودي خاصة والخليجي عامة بكونه اقتصاد ريعي غير منتج. بالإضافة إلى ما يشاع عن قطاع كبير من مواطنيهم من كرههم للعمل والإنتاج كقيمة إنسانية فطرية، ما جعل بعض الخبراء يتنبؤون بمستقبل شديد البؤس لهذه المجتمعات بعد نفاذ ثروتها النفطية.
كما تقدم المملكة دعما إضافية للاقتصاد الغربي من حيث إنها واحدة من أكبر الأسواق الاستهلاكية للسلع الغربية بالغة الترف والرفاهية مثل الطائرات الخاصة واليخوت والسيارات الفارهة. وهو ما ينطبق أيضا على صفقات السلاح بالمليارات التي تكهن بالمخازن ولا تستخدمها المملكة، فهي تترك مهمة حماية امنها القومي للولايات المتحدة الأمريكية.
وما يرتبط بذلك من حجبها لكل هذه الإمكانيات المالية والمادية الهائلة عن القيام بأي دور حقيقي في دعم قضايا العرب القومية والتحررية في مواجهة الانحياز والدعم الغربي الكامل لإسرائيل.
***
وتساهم السعودية مع دول الخليج في دعم الوجود الأمريكي في المنطقة بفتحها أراضيها للقواعد الأمريكية. وقدمت خدمات ومساعدات لا حصر لها لتسهيل مهمة قواتها في احتلال الخليج 1991 وغزو العراق 2003 وما بينهما وما بعدهما وحتى الآن.
والسعودية هي صاحبة مبادرة السلام التي اعتمدتها جامعة الدول العربية في 2002 في بيروت، والتي تضمنت لأول مرة التزاما عربيا بالاعتراف بإسرائيل إن هي انسحبت إلى حدود 1967.
ولقد كان للملكة بالمشاركة مع القادة الدوليين والإقليميين دورا كبيرا في تغيير بوصلة الصراع في المنطقة من صراع عربي صهيوني إلى صراع سنى شيعي. كما أنها من أهم الرعاة الرسميين والأساسيين لكل صراع طائفي في المنطقة، في لبنان أو العراق أو سوريا.
ولقد قامت السعودية أيضا بحكم المصالح والتداخلات، بدور كبير في تعويق وإفشال الجهود العربية الشعبية والرسمية لمقاطعة البضائع الأمريكية والأوروبية في اطار دعم فلسطين.
بل ظهر مؤخرا قيامها بنسج علاقات خاصة ومستترة مع إسرائيل في مواجهة عدوهما المشترك المتمثل في التطرف والإرهاب و المقاومة، كما شهد بذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الخارجية الأمريكي.
***
كما كانت المملكة رأس حربة إقليمي ضد الربيع العربي. وقامت بدور مركزي في إسقاط أو احتواء أو إفساد غالبية الثورات العربية.
ونجحت بإصرار وعناد لا يلين في إنقاذ الرئيس المصري محمد حسنى مبارك من أيدى الثورة المصرية وفي انتزاع البراءة له هو وعائلته ورجاله من كل التهم الموجهة اليهم، ووضعت ذلك على رأس شروطها لدعم نظام السيسي.
***
وللمملكة مساحات كبيرة من السيطرة والنفوذ في السياسات الداخلية والخارجية لعديد من الأقطار العربية الفقيرة، باستخدام المنح والمعونات والقروض في تناغم وتنسيق تام مع مؤسسات الإقراض الدولي تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية.
ولقد استطاع أثرياؤها أن يخترقوا العديد من الأسواق العربية، والحصول مع نظرائهم من دول الخليج على امتيازات اقتصادية خاصة شاركت مع رؤوس الأموال الغربية في ضرب الاقتصاديات الوطنية للشعوب العربية.
***
ورغم الموقف المعادي للمملكة من الفكر والثقافة والإبداع والتقدم، إلا أن أمراءها وأغنياءها استطاعوا رغم ذلك من فرض الاستحواذ على الحصة الرئيسية في الإعلام العربي الفضائي و الورقي، وتصدير رسائل إعلامية تابعة ومهادنة ومضللة ومتدنية. واستقطاب الآلاف من النخبة الإعلامية العربية. ورسم الخطوط الحمراء والخضراء لما يقال وما يحظر. وإبراز أو حجب ما يريدوه من الشخصيات والقوى ومن الملفات والقضايا ومن الأفكار والرؤى والمواقف.
***
لا يقتصر دور الملوك في السعودية على خدمة الحرمين الشريفين، بل إن من أهم أدوارهم قبل ذلك وبعده، هو إبقاء الحكم داخل آل سعود، وحماية مكانة وثروات العائلة من طمع العوام من الشعب السعودي، ومن حسد وحقد الشعوب العربية الفقيرة.
وهم يعيشون في هذا الترف البالغ وسط عالم عربي يموج بالفقر الذى سببته عقود طويلة من الاستعمار ونهب الثروات والتقسيم والتجزئة. وهم ينأون بأنفسهم عن مشاكله واحتياجاته وقضاياه وصراعاته الرئيسية، إلا في حدود حفظ ماء الوجه.
بل إنهم يقيمون جدارا عازلا حديديا حول بلادهم، في مواجهة المواطنين العرب الحالمين بعقد عمل هناك قد يحقق لهم طفرة مالية واجتماعية. فإن منحوهم تأشيرات للعمل، فإنهم يفعلونها وكأنها يمنحونهم صكوكا لدخول الجنة. ويعكس نظام الكفيل المطبق في السعودية والخليج حجم الخوف والعنصرية والاستعباد التي تسيطر عليهم تجاه باقي الشعوب العربية.
إنهم من ألد أعداء كل أشكال ومشروعات التضامن أو الوحدة العربية، لأنهم يخشون مشاركة ثرواتهم مع باقي الشعوب العربية الفقيرة الجائعة بدعوى العروبة أو الإسلام .
إن الذين يؤمنون بوحدة الأمة العربية وبوحدة الشعب والأرض والإمكانيات، ينظرون إلى استئثار العائلات المالكة الحاكمة في السعودية والخليج دونا عن باقي الشعوب العربية، على أنها أخطر وأعمق ظاهرة استغلال وصراع طبقي في المجتمع العربي.
***
وبسبب خوفهم الشديد على الحكم والعرش و الثروة، وخوفهم من الجيران والطامعين وخوفهم من كل ما هو جديد أو ثوري أو حتى اصطلاحي، عملت العائلة على مر العقود على تفريغ موسم الحج من أهم وظائفه؛ فالحج الذي كان يمكن أن يكون بمثابة مؤتمرات سنوية للمسلمين من كافة شعوب الأرض يتداولون خلالها في شئون حياتهم وبلادهم وقضاياهم، ويمثلون اكبر جماعة ضغط في العالم...الخ، قاموا بتفريغه من أي مضمون وحدوي أو تضامني أو تفاعلي.
وفي ذات المقام، ورغم أن الجزيرة العربية هي مهبط الرسالة، وموطن الرسول صلى الله عليه وسلم، وحاملة راية الإسلام إلى كل شعوب الأرض منذ 14 قرن، إلا انه لا يوجد دور يذكر للمملكة منذ تأسيسها في مجال الاجتهاد والإنتاج والإبداع الفكري الإسلامي، بل إنها تحتضن نخبة من أكثر المشايخ محافظة وأكثر الأفكار رجعية، مع خالص تقديرنا واحترامنا لعديد من العلماء والمفكرين هناك.
***
والنظام العائلي الملكي الحاكم في السعودية يعادى حتى النخاع كل ما يتعلق بالحرية والديمقراطية والعمل السياسي وتداول السلطة والمؤسسات والانتخابات والمشاركة الشعبية في الحكم وأبسط حقوق الإنسان، من حيث هى بدع ضارة! وهل يوجد بلد آخر في العالم تمنع المرأة من قيادة السيارات؟
وبخلاف باقي المجتمعات الطبيعية، لا تنشأ الصراعات داخل العائلة، على أساس أيديولوجي أو سياسي مثل الإصلاح والجذرية، أو اليمين واليسار، أو الإسلامي والعلماني أو العسكري والمدني...الخ، بل إن الصراعات الرئيسية هناك، وفقا لبعض المراقبين، تدور بين الأبناء الأشقاء لأحدى زوجات الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، في مواجهة أبناء "ضرتها"، مثل جناح أبناء "حصة السديري" والدة الملك الجديد سلمان والملك فهد والأمير تركي الثاني والأمير نايف أو جناح أبناء "فهدة آل رشيد" والدة الملك الراحل عبد الله. أو جناح أبناء "الجوهرة بنت الأمير مساعد آل سعود" والدة الملك خالد. أو أبناء "ضحى بنت محمد الحسين العريعر" والدة الملك سعود و الأمير تركي الأول وهكذا.
***
والعائلة المالكة هي أيضا خادمة أمينة للمصالح الغربية منذ زمن بعيد، منذ بدايات الحرب العالمية الأولى تحت رعاية بريطانيا العظمى، ثم الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية. ويذهب بعض المؤرخين أن الأمير عبد العزيز آل سعود، كان يتقاضى راتبا شهريا من بريطانيا إبان الحرب العالمية الأولى وما بعدها، مقابل دعمه لها في الحرب وتفويضه للإمبراطورية في كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية للجزيرة العربية وفقا للمنصوص عليه صراحة في معاهدة "دارين" الموقعة بينهما في 26 ديسمبر 1915.
والمملكة مثلها كل إمارات الخليج تتمتع منذ ذلك الحين بالحماية والدعم والرعاية الأمريكية والغربية الكاملة للعرش ولحكم العائلة ولأمنها وامتيازاتها ونظامها.
وتحتكر شركات النفط الأمريكية بترول السعودية على امتداد ثلاثة أرباع قرن. كما تقوم المملكة بدور رجل أمريكا الأول داخل منظمة أوبك، فتمكنها من التحكم في السوق العالمي، لبسط نفوذها على الحلفاء أو فرض حصارها على الأعداء والمنافسين.
وربما كان الاستثناء الوحيد، هو توظيف النفط كسلاح عربي في حرب 1973. والذى لم يدم لأكثر من أسابيع قليلة، وهي الخطوة التي علق عليها أحد المسؤولين الأمريكان بما معناه انه "ليس من الحكمة أن تتباهى الحملان بحلاوة لحمها أمام الذئاب"!
وهو ما كان تاريخا فاصلا بين عصر الصراع العربي الصهيوني وبين عصر السلام مع إسرائيل. أو بين يسمى عصر الثورة العربية وبين عصر الثروة العربية والبترو دولار. وانتقال قيادة الوطن العربي من مصر إلى السعودية والخليج.
بالإضافة إلى ذلك يأتي تعمير المصارف والبنوك الغربية بالثروات الطائلة للعائلة المالكة النابعة من عوائد النفط. والتي تقدر بأكثر من تريليون دولار. وهو ما يفوق الناتج المحلي الإجمالي للسعودية.
ويتصف الاقتصاد السعودي خاصة والخليجي عامة بكونه اقتصاد ريعي غير منتج. بالإضافة إلى ما يشاع عن قطاع كبير من مواطنيهم من كرههم للعمل والإنتاج كقيمة إنسانية فطرية، ما جعل بعض الخبراء يتنبؤون بمستقبل شديد البؤس لهذه المجتمعات بعد نفاذ ثروتها النفطية.
كما تقدم المملكة دعما إضافية للاقتصاد الغربي من حيث إنها واحدة من أكبر الأسواق الاستهلاكية للسلع الغربية بالغة الترف والرفاهية مثل الطائرات الخاصة واليخوت والسيارات الفارهة. وهو ما ينطبق أيضا على صفقات السلاح بالمليارات التي تكهن بالمخازن ولا تستخدمها المملكة، فهي تترك مهمة حماية امنها القومي للولايات المتحدة الأمريكية.
وما يرتبط بذلك من حجبها لكل هذه الإمكانيات المالية والمادية الهائلة عن القيام بأي دور حقيقي في دعم قضايا العرب القومية والتحررية في مواجهة الانحياز والدعم الغربي الكامل لإسرائيل.
***
وتساهم السعودية مع دول الخليج في دعم الوجود الأمريكي في المنطقة بفتحها أراضيها للقواعد الأمريكية. وقدمت خدمات ومساعدات لا حصر لها لتسهيل مهمة قواتها في احتلال الخليج 1991 وغزو العراق 2003 وما بينهما وما بعدهما وحتى الآن.
والسعودية هي صاحبة مبادرة السلام التي اعتمدتها جامعة الدول العربية في 2002 في بيروت، والتي تضمنت لأول مرة التزاما عربيا بالاعتراف بإسرائيل إن هي انسحبت إلى حدود 1967.
ولقد كان للملكة بالمشاركة مع القادة الدوليين والإقليميين دورا كبيرا في تغيير بوصلة الصراع في المنطقة من صراع عربي صهيوني إلى صراع سنى شيعي. كما أنها من أهم الرعاة الرسميين والأساسيين لكل صراع طائفي في المنطقة، في لبنان أو العراق أو سوريا.
ولقد قامت السعودية أيضا بحكم المصالح والتداخلات، بدور كبير في تعويق وإفشال الجهود العربية الشعبية والرسمية لمقاطعة البضائع الأمريكية والأوروبية في اطار دعم فلسطين.
بل ظهر مؤخرا قيامها بنسج علاقات خاصة ومستترة مع إسرائيل في مواجهة عدوهما المشترك المتمثل في التطرف والإرهاب و المقاومة، كما شهد بذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الخارجية الأمريكي.
***
كما كانت المملكة رأس حربة إقليمي ضد الربيع العربي. وقامت بدور مركزي في إسقاط أو احتواء أو إفساد غالبية الثورات العربية.
ونجحت بإصرار وعناد لا يلين في إنقاذ الرئيس المصري محمد حسنى مبارك من أيدى الثورة المصرية وفي انتزاع البراءة له هو وعائلته ورجاله من كل التهم الموجهة اليهم، ووضعت ذلك على رأس شروطها لدعم نظام السيسي.
***
وللمملكة مساحات كبيرة من السيطرة والنفوذ في السياسات الداخلية والخارجية لعديد من الأقطار العربية الفقيرة، باستخدام المنح والمعونات والقروض في تناغم وتنسيق تام مع مؤسسات الإقراض الدولي تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية.
ولقد استطاع أثرياؤها أن يخترقوا العديد من الأسواق العربية، والحصول مع نظرائهم من دول الخليج على امتيازات اقتصادية خاصة شاركت مع رؤوس الأموال الغربية في ضرب الاقتصاديات الوطنية للشعوب العربية.
***
ورغم الموقف المعادي للمملكة من الفكر والثقافة والإبداع والتقدم، إلا أن أمراءها وأغنياءها استطاعوا رغم ذلك من فرض الاستحواذ على الحصة الرئيسية في الإعلام العربي الفضائي و الورقي، وتصدير رسائل إعلامية تابعة ومهادنة ومضللة ومتدنية. واستقطاب الآلاف من النخبة الإعلامية العربية. ورسم الخطوط الحمراء والخضراء لما يقال وما يحظر. وإبراز أو حجب ما يريدوه من الشخصيات والقوى ومن الملفات والقضايا ومن الأفكار والرؤى والمواقف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق