غيدو شتاينبرغ: لا يوجد بديل للعائلة المالكة السعودية
السعودية واحدة من بين أكثر الدول السلطوية في العالم، مع ذلك يتملقها الغرب. لماذا يحدث ذلك؟ هذا ما يوضحه الخبير في شؤون الشرق الأوسط غيدو شتاينبرغ في مقابلة مع DW.
:DW الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف وآخرون كثيرون من رؤساء الدول والحكومات، قائمة المعزين في وفاة العاهل السعودي الملك عبد الله تبدو وكأنها مرجع لشخصيات السياسة العالمية، فلماذا السعودية مهمة لهذه الدرجة؟
غيدو شتاينبرغ: أهم نقطة وبفارق كبير هي الثروة النفطية التي تمثل نحو ربع احتياطيات العالم. وهذا النفط الذي يستخرج بتكاليف منخفضة سيزداد أهمية بغض النظر عن كيفية تطور أسواق النفط في السنوات المقبلة. ومع أنه يتم تصديره بكميات صغيرة فقط إلى الولايات المتحدة وأوروبا وإلى شرق آسيا بخاصة، إلا أنه عموما مهم للأسواق. ولو أصبحت السعودية غير مستقرة، مثل سوريا، وغابت أجزاء فقط من صادرات النفط، فسوف يكون لذلك نتائج سلبية على الاقتصاد العالمي.
لماذا يدعم الغرب بيت آل سعود شديد الرجعية؟ فمن هذا المنظور، لا يهم حقا من يحكم، سواء كانت الأسرة الحاكمة الحالية أو غيرها؛ لأن أي حكومة (تأتي) ستقوم ببيع النفط في السوق العالمية.
هذا افتراض خطير لأنه لا يوجد بديل مقبول للحكومة الحالية، إلا عدم الاستقرار المستمر. في السعودية، هناك معارضة سلفية قوية لها صلات بجماعة الإخوان المسلمين. كما أن تنظيم "القاعدة" وتنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابيين لديهما الكثير من الأتباع، وهناك أيضا المعارضة الشيعية القوية في شرق البلاد. ويخشى من أنه إذا فقدت أسرة آل سعود الحاكمة السيطرة على البلاد، فإنه لن تكون هناك حكومة جديدة، وإنما ستتفكك البلد إلى ثلاثة وربما إلى أربعة أجزاء على طول الخطوط الإقليمية والدينية.
أي أنه من الأفضل أن تكون هناك دكتاتورية رجعية بدلا من دولة فاشلة أخرى؟
من الواضح جدا أن هذه هي السياسة. ففي الواقع، ليس هناك في البلد قوة تذكر يمكنها أن تقوم بدور المعارضة بطريقة بناءة. وهذا يرجع إلى سياسات النظام، التي تهدف منذ سنوات إلى منع ظهور بديل سلمي. وهذا لا يغير من حقيقة أنه لو صارت السعودية دولة فاشلة فسيكون ذلك كارثة على مواطني البلد أنفسهم في المقام الأول.
ما هو الدور الذي تقوم به السعودية في السياسة الإقليمية من وجهة النظر الغربية؟
المملكة العربية السعودية حليف موثوق به منذ مدة طويلة. وهناك شيء ثابت في السياسة الأمريكية منذ عام 1979 هو العداء مع إيران. وفي هذا يتفق الأميركيون مع السعوديين. ومنذ أواخر تسعينات القرن العشرين حلت إيران محل الاتحاد السوفيتي كنمط للعدو المشترك. كما أن السعوديين أيضا على استعداد للتعاون في معظم القضايا الرئيسية الأخرى للسياسة الإقليمية، وهذا ينطبق، مثلا على الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا، حيث تشارك السعودية في الضربات الجوية. وفي المقابل، فإن السياسيين الأمريكيين والأوروبيين لا يعتبرون السياسات الداخلية للسعودية بهذه الدرجة من الأهمية. وكذلك السياسة الألمانية، التي أصبحت منذ غيرهارد شرودر أكثر ودا مع السعودية، لم تظهر قط اهتماما كبيرا بهذه المواضيع.
هل هناك إشارة الآن على تغيير في الاتجاه؟ فرأس الدولة لم يكن من بين المعزين وفي الوقت نفسه علقت برلين شحنات أسلحة.
حتى الآن، لا توجد أنباء عن هذا القرار لمجلس الأمن الاتحادي سوى في صحيفة "بيلد آم زونتاغ". وأنا أود الانتظار لأرى ماذا يعني هذا فعلا، وعما إذا كان بالإضافة إلى الأسلحة سيكون هناك أيضا تعليق لمعدات تسليح. لكني اعتقد أنه كان واضحا بالفعل في الأشهر الأخيرة أن هناك في الائتلاف الكبير مقاومة واسعة النطاق لتوريد الأسلحة من جانب الحزب الاشتراكي الديمقراطي. إضافة لذلك تأتي الآن الأخبار عن عقاب وحشي للمدون والناشط رائف بدوي. وهذا أدى إلى تحفظ الحكومة الاتحادية في إرسال شخص (للعزاء). والأمر هنا يتعلق أولا برد فعل الرأي العام على مثل هذه الزيارة. ولا أستطيع حتى الآن رؤية خط جديد تماما.
ما هي السياسة العقلانية تجاه المملكة العربية السعودية؟
لا مفر لنا من وجود علاقات وثيقة مع السعودية. فألمانيا واحدة من أكبر الاقتصادات في العالم، والسعودية هي أهم منتج للنفط. كما أن السعودية لاعب رئيسي في المنطقة المجاورة لنا. فلا بد من علاقات وثيقة ويجب أن يذهب التعاون الأمني (بيننا) إلى أبعد الحدود دون التقيد بتحقيق كل رغبة. ولكن عندما يتم تسليح شريك كهذا يجب أيضا القول بكل وضوح ما هو المتعطل في هذا البلد، وأين الأشياء التي تحتاج إلى تغيير. أما التزويد بالأسلحة فقط على أمل أنه ربما تكون السعودية عامل استقرار فعلي، فهذه ليست سياسة جيدة.
من السعودية، يتم من خلال مليارات الدولارات تمويل نشر الوهابية في جميع أنحاء العالم، التي تسبب مشاكل في العديد من البلدان. إضافة إلى ذلك هناك الدعم للمتمردين الإسلاميين في سوريا بعواقبه المعروفة. أليس هذا قصر نظر، حينما تنظر الحكومة الاتحادية إلى السعودية على أنها "مرسى للاستقرار؟"
السعودية بلد ينطوي على مخاطر استقرار شديدة على الأرجح. ومع ذلك، يجب على المرء بعد ما رأيناه في سوريا وليبيا، والآن في اليمن، إعادة النظر في علاقته الخاصة بالاستقرار في المنطقة. ويجب أن يكون هدف السياسة الأوروبية هو أن يسود استقرار حيوي يسمح بالتغييرات. وعندما تكون هناك دول تريد أن تكون شريكا لنا، فيجب عليهم البدء في هذه التغييرات. وبالنسبة لمكافحة الإرهاب فأنا أرى أن السعودية شريك متعاون للغاية. ويكاد لا يكون هناك بلد يشبه السعودية في كفاحها الحازم ضد "الدولة الإسلامية". والمشكلة هي أن السعوديين لا يرون أن دعم تفسيرهم الرسمي الخاص للإسلام هو في نهاية المطاف تعزيز للتطرف، فهم يعتبرون أن ما يمولونه ويدعمونه على مستوى العالم هو الإسلام الصحيح. بينما نرى نحن فيه التطرف السلفي، وبالتالي واحدا من أسباب ظهور جماعات إرهابية.
ماذا تنتظر من الملك سلمان، خليفة الملك الراحل عبدالله؟
لا شيء على الإطلاق. فسلمان طاعن في السن ومريض. أما الأكثر إثارة للاهتمام فهو (ولي العهد) الأمير مقرن، الخليفة المقبل، الذي لا نعرف عنه الكثير سوى أنه مناهض لإيران على طول الخط. فهو لم يتول منصبا رسميا بارزا، سوى أنه كان مديرا للمخابرات لبضع سنوات فقط. أما الخبر المهم فعلا فهو (تعيين) وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف وليا لولي العهد. فهو (محمد بن نايف) مؤيد لدولة أمنية قوية، لكنه مؤيد أيضا لسياسة داخلية أكثر ذكاء ومؤيد لمكافحة للإرهاب تعتمد على خطوات سياسية. ونحن نعرف الآن من سيحكم ربما السعودية لأطول فترة، فمحمد بن نايف بسنه البالغة 55 عاما يمكن أن يستمر ملكا لثلاثين عاما. والإشارة التي تريد الأسرة (السعودية) الحاكمة إرسالها بذلك هي أنها عازمة على الحفاظ على استقرار البلاد.
غيدو شتاينبرغ خبير في شؤون الشرق الأوسط لدى مركز الدراسات الأمنية والسياسية القريب من الحكومة الألمانية في برلين. وعمل في الفترة بين عامي 2002 و 2005 مستشارا لشؤون الإرهاب الدولي في مكتب المستشارية الاتحادية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق