التطورات المتسارعة للأوضاع في مصر احتلت العناوين الرئيسية للصحف البريطانية الصادرة صباح الاثنين.
صحيفة الاندبندنت نشرت على صفحتها الرئيسية مقالا لروبرت فيسك من القاهرة تحت عنوان "إلى متى يستطيع مبارك التشبث بالسلطة" ويصاحب المقال صورة كبيرة لنيران تلتهم صورة لمبارك في يد أحد المتظاهرين.
ويستهل الكاتب مقاله بقصة قصيرة لأمرأة عجوز تقف لا يفصل بينها وبين إحدى دبابات الجيش المصري المنتشرة في وسط القاهرة سوى سنتيمترات.
ويقول فيسك إن السيدة العجوز ظلت تراقب الجنود على سطح مركباتهم ثم قالت "إذا أطلقوا النار على الشعب فإن ذلك يعني نهاية مبارك، وإذا لم يفعلوا فإن مبارك قد انتهى".
هكذا أراد فيسك أن يدلل على حكمة الشعب المصري ونظرته للأمور في الوقت الراهن.
وأشار إلى أنه قبل دقائق من غروب شمس القاهرة انشقت السماء عن مقاتلتين من طراز اف 16 حامتا فوق رؤوس المتظاهرين الذين حدقوا فيهما في ذهول للحظات قبل أن تنطلق بعص الهتافات "إنهم إلى جانبنا" وأضاف فيسك إنه يشك في ذلك.
ولكن ما بدد مخاوف فيسك هو اقترابه من أحد ضباط الجيش الذي قال له "لن نطلق النار على أهلنا حتى ولو تلقينا الاوامر بذلك".
ويؤكد الكاتب أنه لاحظ تزايد مشاعر الغضب بين المتظاهرين تجاه الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي يشعر المتظاهرون أنه لايزال يدعم نظام مبارك ولفت انتباه الكاتب لوحه يحملها أحد المتظاهرين كتب عليها "لا يا أوباما، ليس مبارك".
ثم تناول المقال أمثلة عدة لعمليات السلب والنهب التي شهدتها العاصمة على يد مسلحين هاجموا حتى المستشفيات مما دعا المواطنين إلى تشكيل لجان شعبية للدفاع عن ممتلكاتهم وأرواحهم في ظل غياب تام للشرطة.
ضغوط مستمرة
ونشرت صحيفة الفاينانشيال تايمز على صفحتها الأولى موضوعا تحت عنوان " الضغط مستمر على مبارك" ورافق الموضوع صورة كبيرة لمحمد البرادعي وهو يلقي كلمة أمام المتظاهرين المحتشدين في ميدان التحرير بوسط القاهرة.
وتقول الصحيفة إن المتظاهرين في شتى أنحاء مصر يمارسون بشكل مكثف الضغط على الرئيس المصري حسني مبارك ومطالبته بالتنحي عن السلطة رافضين الإعلان عن تعيين رئيس المخابرات عمر سليمان نائبا للرئيس وتشكيل حكومة جديدة برئاسة الفريق أحمد شفيق.
وأشار المتظاهرون إلى أن التعيينات الجديدة ما هي إلا جزء من النظام القديم الذين يريدون إسقاطه.
وأضافت الفاينانشيال أن المحللين يرون أن تعيينات مبارك ما هي إلا مؤشر على تمهيد المؤسسة العسكرية لمرحلة ما بعد مبارك.
وذكرت الصحيفة أن الجيش الذي نشر مركباته وجنوده في المدن فشل حتى الآن في احتواء الفوضى التي عمت البلاد وانتشار عمليات السلب والنهب التي أعقبت اختفاء أفراد الشرطة التام من شوارع العاصمة والمدن الأخرى.
التغيير قادم
صحيفة الجارديان خصصت خمس صفحات للوضع في مصر ونشرت على صفحتها الرئيسية مقالا تحت عنوان " التغيير قادم والولايات المتحدة تدعو إلى انتقال منظم للسلطة".
وذكرت الجارديان أن محمد البرادعي توقع أن يحدث التغيير " في غضون الأيام المقبلة".
وأبرزت الصحيفة مطالبة البرادعي لمبارك بالتنحي عن السلطة ونقلت عنه قوله " إنه بصفته مفوضا من قوى المعارضة السياسية يريد إجراء محادثات مع الجيش بشأن تشكيل حكومة انتقالية جديدة".
وأضاف البرادعي "مطلبنا الأساسي هو رحيل النظام الحالي وبداية مصر جديدة يتمتع فيها المصريون بالكرامة والحرية".
وفي الصفحة ذاتها نشرت الصحيفة مقالا آخر حول حيرة الشعب المصري بشأن الجيش هل هو عدو أم صديق؟.
شكوك
وتتحدث الصحيفة عن الأفكار التي تبادرت إلى أذهان المتظاهرين المحتشدين في ميدان التحرير بوسط القاهرة بعد أن حلقت فوق رؤوسهم طائرتان مقاتلتان من طراز اف 16 تابعتان للجيش.
وترى الجارديان أن الجيش يحاول ترهيب المتظاهرين الذين احتشدوا في الميدان.
وتقول إن الجيش دفع أمس للمرة الأولى بعدد كبير من المركبات والمدرعات الى شوارع المدينة وحاولت بعضها الدخول إلى مقر المتظاهرين الذين تحدوها وجلسوا في طريقها خوفا من أن يقوم الجيش بالسيطرة على الميدان الذي هو رمز لاحتجاجاتهم.
وأضافت الصحيفة أن موقف الجيش وسيطرته أثارت شكوكا لدى المتظاهرين حول نواياه علما بأن الجماهير استقبلت الجيش ورحبت به عقب نزوله إلى شوارع المدن.
وما يزيد من شكوك المتظاهرين الاجتماع الذي تم بين الرئيس مبارك وقادة الجيش لاستعراض الحالة الأمنية التي وصلت إليها البلاد.
وكتب محرر شؤون الشرق الأوسط في الصحيفة ايان بلاك حول هذا الموضوع أيضا مقالا بعنوان "كل الأعين مسلطة على الجيش المصري".
وقال الكاتب إن الرئيس مبارك سعى يوم الأحد لتعزيز صورته المهزوزة كزعيم للبلاد والتباهي بدعم الجيش المصري وقادته الذين يدينون له بالولاء الذي سيحتاجه إذا كان فكر في البقاء في السلطة.
وذكر المقال أن مبارك ظهر على شاشات التلفزيون في زيارة قام بها لمقر مركز عمليات الجيش واستمع إلى شرح قادة الجيش للموقف الحالي وأظهرت الكاميرات مبارك وبجانبه نائبه المعين عمر سليمان ووزير الدفاع حسين طنطاوي.
وأشارت الصحيفة الى أن مبارك لجأ بصورة غريزية للاعتماد على الجيش الذي وصفته الصحيفة "بالعمود الفقري" لنظام الحكم في مصر منذ عام 1952 وجماعة الضباط الأحرار الذين أطاحوا بالملكية.
وأضاف الكاتب أن الجيش منذ أن نزل إلى شوارع المدن وهو يلعب دورا قياديا في إدارة الأوضاع كما أنه سيقوم بدور كبير في تحديد نهاية الأزمة الراهنة.
وذكر أن تعيينات الرئيس مبارك الأخيرة لاثنين من المقربين له في منصبي نائب الرئيس ورئيس الوزراء لم تلق قبولا سواء لدى المصريين أو المتابعين للموقف باعتبارهما وجوه مألوفة للنظام.
ونقلت الصحيفة عن شادي حامد أحد المحللين السياسيين قوله إن "التعيينات التي قام بها مبارك توحي بأن النظام غير جاد في إجراء إصلاحات سياسية".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق