2011 الثلائاء 1 فبراير
يؤكد شبان مرابطون بساحة التحرير بالعاصمة المصرية أنّ مطالبهم لا تتعلق فقط باسقاط مبارك بل ايضا رفض الدولة الدينية والعسكرية.القاهرة: كانوا حوالى عشرة شبان جلسوا القرفصاء في وسط ساحة التحرير ليؤكدوا بحماس انهم يمثلون الاكثرية الصامتة التي قررت اليوم اسماع صوتها، ليس فقط لاسقاط نظام حسني مبارك بل ايضا للتأكيد انهم لا يريدون لا دولة دينية ولا دولة عسكرية مكانها.
ميدان التحرير في قلب القاهرة تحول الى ساحة هايد بارك فعلية، توزعت فيها الحلقات التي تخصص بعضها بالهتافات وبعضها الاخر بالنقاشات الهادئة او الحادة حول مستقبل مصر، والمشاركون فيها جميعهم من الطارئين على النقاشات السياسة.
موضوع رحيل الرئيس المصري لا جدال فيه يؤكده الشبان عبر الاصرار بانهم لن يغادروا الساحة قبل ان يتنحى، ولا يحتد النقاش الا لدى مناقشة الخطوات المقبلة.
الجامع المشترك بينهم ان احدا منهم لم ينتم يوما الى حزب، كما لم يشارك اي منهم في اي انتخابات.
محمد على سلامة (27 عاما) حامل ماجستير في الشريعة الاسلامية يريد "دولة مدنية" ولا يريد "دولة يحكمها المشايخ ورجال الدين".
وما اذا كانوا يبحثون عن شخص مثل جمال عبد الناصر يقول محمد وسط تأييد رفاقه "اذا كان المقصود ان يتمتع مسؤول بزعامة وشعبية عبد الناصر، نعم، لكننا نقول لا لسياسته ولا لحكمه العسكري".
محمد صلاح الدين (25 سنة) خبير كومبيوتر يقول "نريد دولة مؤسسات وليس دولة الشخص الواحد" مضيفا "نحو نوافق تماما على الديموقراطية بمفهومها الاوروبي من دون نظرة هذه الديموقراطية الى الدين لاننا نرفض اي قانون يتعارض مع الدين اكان مسلما ام مسيحيا".
وكلما اكدوا على رفضهم لتسلم اسلاميين متشددين السلطة في مصر، يؤكدون بالمقابل على ان "المصريين شعب مؤمن متمسك بدينه من دون ان يكونوا متطرفين".
ومع اتساع المجموعة لتضم عشرات الاشخاص الذين تسابقوا للادلاء بأرائهم، خرج النقاش من دائرة هذه المجموعة من الجامعيين الشبان لتضم اشخاصا لا يبدو انهم منسجمين مع هذه المجموعة.
صرخ شاب كان واقفا حول المجموعة التي كانت جالسة على الارض "الحل هو بالاهتداء بالشيخ محمد حسان"، فكانت ردة الفعل سريعة ورافضة تماما لدور هذا الداعية الاسلامي المصري الذي اشتهر بطلاته التلفزيونية.
كما صاح شاب آخر وهو يتقد حماسة بعد ان دخل بشكل مفاجىء في النقاش "نريد شخصا عسكريا قويا يحكم مصر ليفرض الامن" فقوبل على الفور بصيحات الاستهجان واسكت ما اضطره الى الانسحاب.
محمد صلاح (23 عاما) حامل بكالوريوس تجارة يعقب "قد نقبل بعسكري لفترة محدودة انتقالية فقط".
احمد الشرقاوي محام في الثلاثين من العمر حضر الى ميدان التحرير مع اربعة من رفاقه وحمل كل منهم ورقة كتب عليها مرحلة من المراحل الخمس التي يريدونها للانتقال الى "الدولة المدنية" التي ينشدون.
والمراحل الخمس هي "استقالة مبارك، تعيين نائب للرئيس لفترة انتقالية، انشاء لجنة حكماء برئاسة احمد زويل لتعديل الدستور، حل مجلس الشعب، ثم اجراء انتخابات رئاسية تحت رقابة قضائية وشعبية ودولية".
والملفت ان محمد سمح للمارة بتغيير ما يريدونه، فقام احدهم بزيادة "الغاء حالة الطوارىء" وشطب اخر "الرقابة الدولية" على الانتخابات، في حين اضاف ثالث "حل مجلس الشورى" الى حل مجلس الشعب.
ويشرح احمد الشرقاوي رأيه في التطورات قائلا "انا غير متخوف ابدا من حصول الاسلاميين على اكثرية فالشباب المصري متعلم ومعتدل والناس سيعرفون قوتهم على حقيقتها بعد الانتخابات".
واضاف "قبل الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير (تاريخ بدء التظاهرات) كنت اعتقد ان البديل عن النظام الحالي في حال سقوطه هو التيارات الاسلامية، الا انني بعد ما شاهدته اليوم بت متأكدا بان الاكثرية معتدلة ولا تريد على الاطلاق دولة دينية ولا دولة عسكرية".
لدى سؤال المجموعة عن المعارض احمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية تمتعض الاكثرية في حين يدافع البعض عنه من دون حماس.
يقول احد الشبان "البرادعي لم يعش في مصر ولا يشعر فعلا بمعاناة الشعب المصري".
والوضع يختلف مع احمد زويل حامل جائزة نوبل الذي يحظى باحترام كبير. الا انهم يريدونه عالما وليس سياسيا. يقول احد الشبان "ليبق في العلم فهو ممتاز لماذا يريد الغرق في السياسة؟" في حين يقترح آخر "ان يكون عضوا في مجلس الحكماء" الذي يفترض حسب رايهم ان يتسلم المرحلة الانتقالية في حال رحيل الرئيس المصري.
ولا تزال التظاهرات متواصلة في القاهرة والعديد من المدن المصرية لليوم الثامن على التوالي مطالبة بتنحي الرئيس المصري.
المعارضة المصرية منقسمة ومتنافرة
من جهة اخرى، تنقسم المعارضة المصرية للرئيس حسني مبارك الى قوى متنافرة ومنقسمة ما بين احزاب علمانية وجماعات اسلامية واخرى تنتمي للمجتمع المدني.
- يبلغ عدد الاحزاب العلمانية المعارضة المعترف بها نحو عشرين معظمها ضعيف الوجود في الشارع ويقتصر تمثيلها في البرلمان على نحو 15 مقعدا من مقاعده ال518.
اشهر هذه الاحزاب، حزب "الوفد الجديد" الذي تاسس العام 1978 مرتكزا الى حزب الوفد التاريخي الذي اسسه الزعيم سعد زغلول قائد ثورة 1919 والذي كان لوقت طويل حزب الامة الرئيسي.
من هذه الاحزاب ايضا "الغد" الذي اسسه المعارض ايمن نور الذي خاض الانتخابات الرئاسية ضد الرئيس مبارك العام 2005. اضافة الى عدة احزاب لليسار الاشتراكي او للتيار الناصري.
- التيار الاسلامي وتهمين عليه جماعة الاخوان المسلمين التي شكلها حسن البنا العام 1928. والجماعة محظورة رسميا وهي ليست حزبا سياسيا نظرا لان الدستور لا يسمح بتشكيل احزاب دينية.
الا ان السلطات تغض النظر عن نشاط جماعة الاخوان التي كثيرا ما يتعرض اعضاؤها للاعتقال، والموجودة بقوة في العديد من الجمعيات الخيرية والتنظيمات النقابية.
وكانت الجماعة التي تعتبر اكبر الحركات المعارضة وافضلها تنظيما، حصدت 88 مقعدا في مجلس الشعب، اي 20% من المقاعد في الانتخابات التشريعية التي جرت في 2005. الا انها اختفت من البرلمان الجديد المنبثق عن انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر 2010. وكانت الجماعة قاطعت الجولة الثانية للانتخابات التي جرت في كانون الاول/ديسمبر الماضي بعد عدم حصولها على اي مقعد في الجولة الاولى.
- منظمات المجتمع المدني التي تضم خصوصا الجمعية الوطنية للتغيير المؤيدة للدكتور محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والتي تضم شخصيات وحركات مختلفة تطالب باصلاحات ديموقراطية.
ومن هذه المنظمات ايضا حركة 6 ابريل الشبابية التي تستوحي اسمها من حركة تمرد عمالية في مدينة المحلة الكبرى في نيسان/ابريل 2008. وتنشط هذه المجموعة اساسا على شبكة الانترنت وخاصة عبر موقع الفيسبوك للتواصل الاجتماعي.
وايضا حركة "كفاية" التي اسسها العام 2004 ناشطون معارضون للحكومة والتي اشتهرت بتحركاتها الاحتجاجية خلال انتخابات 2005 لكنها اختفت كثيرا عن الانظار بعد ذلك.
نقلا عن يومية ايلاف الألكترونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق