بعد أيام قليلة من هروب الرئيس التونسى المخلوع زين العابدين بن على فى يناير الماضى، خرج علينا رموز حكومتنا الساقطة وحزبها المحترق بأن حسنى مبارك ليس «بن على».
لكن ثبت أن مصر هى تونس ومبارك هو «بن على» والحزب الوطنى عندنا يساوى حزب التجمع الدستورى المنحل عندهم.
بعد سقوط مبارك خرجت علينا وزيرة سورية لتقول إن بشار الأسد ليس هو حسنى مبارك، وسوريا ليست مصر. نفس الكلام تقريبا قيل فى اليمن والبحرين والأردن والسودان.
والمؤكد أن الأيام المقبلة - طال الزمن أم قصر - سوف نسمع رئيسا عربيا - لم يسقط بعد - يخرج علينا ليقول إنه ليس بشار الأسد أو على عبدالله صالح أو الملك عبدالله الثانى، بعد سقوطهم وتحرر بلدانهم من طغيانهم إن شاء الله.
الرؤساء العرب - معظمهم تقريبا - من نفس العينة أو الطينة وكأنهم إنتاج مصنع واحد متخصص فى صناعة الطغاة والطغيان، مصنع لم يفلح فى تعديل خطوط إنتاجه ليصنع لنا ولو رئيس نصف عادل أو نصف ظالم.
حتى عام 1994 كنت ساذجا كى أصدق أن سوريا وليبيا والعراق هى دول ممانعة وتشكل «جبهة الصمود والتصدى»، وشاءت الأقدار أن أزور هذه البلدان فى أوقات متقاربة فى ذلك الوقت لأكتشف أن حسنى مبارك - بكل ظلمه وطغيانه وفساده - كان أقل جبروتا من رؤساء هذه البلدان.
كثيرون يكادون يتفقون على أن القذافى دمر ليبيا منذ توليه الحكم عام 1969 ويورطها الآن فى كارثة، لكن كثيرين أيضا لا يعرفون أن نظام الحكم فى سوريا أشد بطشا وعدوانا من أى نظام حكم عربى آخر. بعث سوريا أشد دهاء وخبثا من بعث صدام حسين فى العراق، لكنه نجح فى تسويق صورة زائفة لجزء من شعبه وأجزاء من الأمة العربية مفادها أنه يقود المقاومة ضد إسرائيل.
هذا البعث السورى هو الذى تحالف مع الخمينى ضد بلد عربى هو العراق خلال الحرب العراقية الإيرانية من 1980 حتى 1988 وهو الذى يتسول من الإسرائيليين حلا يعيد له الجولان، وكان أقصى أمانيه أن تعيد واشنطن سفيرها إلى دمشق.. ثم إنه النظام المسئول عن جزء كبير من الأزمة الممتدة فى لبنان حتى الآن.
هذا النظام الذى يقول عن نفسه إنه مقاوم للصهيونية والإمبريالية وشعاره «أمة عربية واحدة.. ذات رسالة خالدة» هو فى الحقيقة مجرد حكم عائلى بل أقل من عائلى بعد الخلاف مع عمه رفعت الأسد، ناهيك عن أنه يتحكم باسم الأقلية العلوية فى الأغلبية السنية.
دجل هذا النظام وكذبه انتهى الآن عندما وجه رصاصاته إلى رءوس وصدور المواطنين العزل فى درعا وبقية المدن السورية بعدما ارتكب مجزرة حماة عام 1982.
سقوط النظام العلوى فى دمشق مسألة أيام، والخاسر الأكبر هو إسرائيل...والسبب ان النظام السورى لم يطلق رصاصة واحدة ضد تل أبيب منذ عام 1973، وسقوطه يعنى أن جبهة الجولان قد تشتعل والأهم أن الشعب السورى سينهض.
وإذا أضفنا الخسارة الإستراتيجية التى لحقت بإسرائيل بسقوط حسنى مبارك، سندرك كم ستكون هذه الخسارة أكثر فداحة حينما يسقط نظام الأسد. وكم هى الآمال العظيمة التى تنتظر أمتنا العربية بعد تخلصها من هؤلاء الجزارين.
بقلم
عماد الدين حسين( الشروق)
لكن ثبت أن مصر هى تونس ومبارك هو «بن على» والحزب الوطنى عندنا يساوى حزب التجمع الدستورى المنحل عندهم.
بعد سقوط مبارك خرجت علينا وزيرة سورية لتقول إن بشار الأسد ليس هو حسنى مبارك، وسوريا ليست مصر. نفس الكلام تقريبا قيل فى اليمن والبحرين والأردن والسودان.
والمؤكد أن الأيام المقبلة - طال الزمن أم قصر - سوف نسمع رئيسا عربيا - لم يسقط بعد - يخرج علينا ليقول إنه ليس بشار الأسد أو على عبدالله صالح أو الملك عبدالله الثانى، بعد سقوطهم وتحرر بلدانهم من طغيانهم إن شاء الله.
الرؤساء العرب - معظمهم تقريبا - من نفس العينة أو الطينة وكأنهم إنتاج مصنع واحد متخصص فى صناعة الطغاة والطغيان، مصنع لم يفلح فى تعديل خطوط إنتاجه ليصنع لنا ولو رئيس نصف عادل أو نصف ظالم.
حتى عام 1994 كنت ساذجا كى أصدق أن سوريا وليبيا والعراق هى دول ممانعة وتشكل «جبهة الصمود والتصدى»، وشاءت الأقدار أن أزور هذه البلدان فى أوقات متقاربة فى ذلك الوقت لأكتشف أن حسنى مبارك - بكل ظلمه وطغيانه وفساده - كان أقل جبروتا من رؤساء هذه البلدان.
كثيرون يكادون يتفقون على أن القذافى دمر ليبيا منذ توليه الحكم عام 1969 ويورطها الآن فى كارثة، لكن كثيرين أيضا لا يعرفون أن نظام الحكم فى سوريا أشد بطشا وعدوانا من أى نظام حكم عربى آخر. بعث سوريا أشد دهاء وخبثا من بعث صدام حسين فى العراق، لكنه نجح فى تسويق صورة زائفة لجزء من شعبه وأجزاء من الأمة العربية مفادها أنه يقود المقاومة ضد إسرائيل.
هذا البعث السورى هو الذى تحالف مع الخمينى ضد بلد عربى هو العراق خلال الحرب العراقية الإيرانية من 1980 حتى 1988 وهو الذى يتسول من الإسرائيليين حلا يعيد له الجولان، وكان أقصى أمانيه أن تعيد واشنطن سفيرها إلى دمشق.. ثم إنه النظام المسئول عن جزء كبير من الأزمة الممتدة فى لبنان حتى الآن.
هذا النظام الذى يقول عن نفسه إنه مقاوم للصهيونية والإمبريالية وشعاره «أمة عربية واحدة.. ذات رسالة خالدة» هو فى الحقيقة مجرد حكم عائلى بل أقل من عائلى بعد الخلاف مع عمه رفعت الأسد، ناهيك عن أنه يتحكم باسم الأقلية العلوية فى الأغلبية السنية.
دجل هذا النظام وكذبه انتهى الآن عندما وجه رصاصاته إلى رءوس وصدور المواطنين العزل فى درعا وبقية المدن السورية بعدما ارتكب مجزرة حماة عام 1982.
سقوط النظام العلوى فى دمشق مسألة أيام، والخاسر الأكبر هو إسرائيل...والسبب ان النظام السورى لم يطلق رصاصة واحدة ضد تل أبيب منذ عام 1973، وسقوطه يعنى أن جبهة الجولان قد تشتعل والأهم أن الشعب السورى سينهض.
وإذا أضفنا الخسارة الإستراتيجية التى لحقت بإسرائيل بسقوط حسنى مبارك، سندرك كم ستكون هذه الخسارة أكثر فداحة حينما يسقط نظام الأسد. وكم هى الآمال العظيمة التى تنتظر أمتنا العربية بعد تخلصها من هؤلاء الجزارين.
بقلم
عماد الدين حسين( الشروق)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق