ما بين تقارير وتصريحات "الجارديان" البريطانية،والتقارير السرية التي خرجت بها المخابرات الأمريكية الـC.I.A لم يصل أحد لحقيقة أموال الرئيس السابق محمد حسني مبارك للرقم الحقيقي للثرة الرئيس الذي أشعلت أرقام ثروته وعائلته غضب الملايين التي خرجت لترفع لافتة "يا مبارك يا طيار.. منين جبت الـ70 مليار".. تلك اللافتات التي علت في سماء ميدان التحرير طوال الأسابيع القليلة الماضية والتي تحولت مؤخرا لدعاوي قضائية ومطلب جماهيري كلها تريد معرفة حقيقة ثروة الرئيس الذي أشعل النيران في الجسد المصري واصدر الأوامر لوزير داخليته بان يطلق النار علي المتظاهرين الأبرياء العزل من كل شيء إلا الحلم بالعدل والحرية والديمقراطية.
مبارك لم يصدر أمر إطلاق النار فحسب ولم يفتح "مصر" وخزائنها علي مصرعيه لأولاده وأصحاب أولاده، لم يترك صفوت الشريف وزكريا عزمي، لكنه استمر في تقديم مفاجآته من باب "ياما في الجراب يا شعب" فالرجل الذي تعدت ثروته مليارات الدولارات لم يكتف بتحويل أمواله - التي لا يعلم أحد سوي الله كيف جمعها- لكنه أبي ان يترك شعبه دون مفاجأة جديدة أكدتها مستندات جديدة فالرجل الذي جمع أكثر من 620 مليار دولار أوصي بان يتم توزيع ثروته حال وفاته علي الدول الفقيرة ولم يضع مصر التي جمع منها وكانت سببا رئيسا في تكوينها في قائمة الفقراء، وكأنه يريد ان يقول للناس أنها بلد ما زالت غنية ولا تحتاج لمعونة من رئيسها المخلوع.
ثلاثون عاماً مضت من الذل والفقر والجوع وهي بالطبع سنوات لا مثيل لها لم تمر علي أي من شعوب العالم إلا المصريين الذين ولاشك تحملوا بكل قساوتها وشقائها وبؤسها وتعاستها وذاقوا خلالها كل ألوان العذاب تلك الأعوام التي تفحش خلالها الفقر وانخفضت نسبة دخل المواطنين وامتلأت الشوارع بالمتسولين وارتفعت الأسعار حتي رغيف العيش لم يكن الكثير من المصريين قادرين علي الحصول عليه. لكنهم رغم صعوبة الحياة وقسوتها لم يخطر ببال أي منهم يوماً ما أن أموالهم تهرب إلي الخارج وتسرق ويتم استغلالها أسوأ استغلال إلا أن مصطلح «حاميها حراميها» لم يغب عن ألسنتهم كانوا يرددونها في انتظار الأمل الذي طال انتظاره ثلاثين عاماً أملاً في عودة خيرات مصر وثرواتها إلي أبنائها الأصليين. الأمل قد جاء بالفعل مع اندلاع مظاهرات الخامس والعشرين من يناير والتي انتهت بثورة عظيمة عرفنا قيمتها جيداً وستعرف قيمتها أيضاً الأجيال القادمة وبعد الثورة بدأت الأمور تتضح وبدأ الحديث عن الفساد الذي استشري في جميع القطاعات وكشفه بكل السبل وعلي الرغم من كل ما قيل علي الرئيس مبارك وثروته إلا أن غالبية المصريين كانت لديهم قناعة بأنه رجل شريف لم يسرق مصر وشعبها وثرواتها لكن خطأه الوحيد هو أنه سمح لهذه «الشلة» من المنتفعين بالالتفاف حوله وهم وحدهم من فعلوا لك دون علم الرئيس البريء نظيف اليدين. لكن بعض الشائعات التي ترددت أخيراً حول ثروة الرئيس مبارك سواء كانت موثقة أو لا أثبتت عكس ذلك تماماً فقد ذكرت تقارير صحفية بريطانية أن الرئيس السابق وعائلته لديهم ثروة كبيرة تقدر بـ70 مليار دولار موزعة ما بين أرصدة في بنوك سويسرية وبريطانية وعقارات في بريطانيا وأمريكا وقالت التقارير إن مبارك استطاع خلال فترة حكمه لمصر أن يحصل علي أرباح تقدر بملايين الدولارات من خلال صفقات الاستثمار وأن معظم تلك الثروة تم إخراجها من مصر ووضعها في حسابات سرية ببنوك سويسرا وبريطانيا مثل بنك «يو. بي. أس» السويسري وبنك اسكتلندا وأن بعضها تم استثمارها في منازل وفنادق. وتكاثرت الأقاويل حتي أن أحداً لم يستطع تأكيد أو إثبات الأرقام الحقيقية لثروة مبارك وأبنائه فهي أرقام خيالية بالنسبة للمصريين الذين يحلمون فقط بالحصول علي ثمن رغيف العيش «الحاف» فقط بشكل يومي. وحتي الآن لا يعرف أحد حقائق مؤكدة في هذا الشأن لكن ما يهمنا في المقام الأول هو وضع كل ما يرد في هذا الأمر أمام أعين القارئ لعله يدرك حجم الكارثة التي كنا نعانيها ويدرك حجم خيرات بلاده التي سرقت وهربت إلي الخارج دون علمه، وهذا ما ستوضحه المستندات التي وقعت تحت أيدينا والتي نضع أمام أعينكم صورتها حتي لا نكون ممن يلقون بالتهم جزافاً أو ممن يرمون الناس بالباطل. أول تلك المستندات مستند مكتوب باللغة الإنجليزية مدون علي رأسه «نقل ملكية» ويفيد بأن مبارك قام بنقل ملكية مجموعة من أصوله إلي شخص إنجليزي بموجب اتفاق بينهما شهده بنك باركليز في بريطانيا. يقول المستند إن محمد حسني مبارك «المالك» قام بنقل ملكية أصوله علي النحو التالي: الأصول المودعة في بنك باركليز الدولي في لندن الموثق برقم «بي. إل. أس» 170209 c.n والذي يضمنه صندوق النقد الدولي برقم 71180711407011 والتي تقدر بـ620 مليار دولار محمد حسني مبارك مالك السندات قام بنقلها إلي السيد بيتر سكوير المقيم في إنجلترا الذي يحمل جواز سفر رقم 801170699 وعنوانه KyssHouse Hatfild Norton Worcester Worcester WR5 2PZ ولديه هاتف برقم 447817518923+. ويضيف المستند: الأصول المذكورة أعلاه والتي سلمت للسيد بيتر سكوير له الحق في إدارتها تحت مسئوليته الخاصة وفقاً للقوانين الموثقة والمتعارف عليها.. «أنا كمالك للأصول أعين بيتر سكوير لإدارتها ولإدارة السندات الدولية الموجودة في بنك باركليز في إنجلترا والتي يشار إليها في العقد باسم الأصول كما أن السير بيتر سكوير الذي يقوم بهذه المهمة يتمتع بكامل المسئولية والسلطة القانونية ولديه الحق في حيازتها أو نقلها أو رهنها أو استخدامها ومن المتفق عليه طيه أن واحد من الغرض الأساسي لهذه الأصول هو استخدامها لتوليد الأموال والحصول علي الفوائد وما يدور منها من إيرادات علي أن تكون الأموال الأصلية في حالة الوفاة أو غير ذلك للمشروعات الإنسانية في جميع أنحاء العالم علي أن تضمن الحكومة الإنجليزية كل الأصول المملوكة للبنك». وينتهي المستند بتوقيع الرئيس السابق ومذيل بتاريخ 5 ديسمبر 2009 أما توقيع البنك فقد جاء بها أيضاً ولكن بتاريخ 17 ديسمبر 2009. ويوضح المستند أن مبارك قام بنقل أصوله إلي الشخص المدعو بيتر سكوير الذي يعيش في إنجلترا وأنه قام أيضاً بإعطائه جميع الصلاحيات للتعامل في هذه الأصول التي أصبح سكوير له الحق في تحويلها إلي أي شيء دون أدني مسئولية قانونية عليه بصفته مالكها وقد قدرت هذه الأصول والسندات بمبلغ 620 مليار دولار كما أن مبارك قد قرر أنه سيحصل علي فوائد هذه الأصول وعلي كل ما ستدره من أموال كما أنه أشار إلي أنه في حالة وفاته سيتم صرف هذه الأموال لصالح المشروعات الإنسانية في جميع أنحاء العالم دون أن يذكر مصر التي لها الحق الكامل في كل هذه الأصول. عام واحد وشهر كانوا فاصلاً بين نقل مبارك لملكية أصوله وتنحيه أو تخليه عن رئاسة الجمهورية ولا أحد يدري لماذا حدث ذلك علي الرغم من أنه وقتها كان في أوج عظمته وكان قد أعد العدة بالفعل لانتقال السلطة إلي نجله جمال بطريقة قانونية ودستورية 100% لكن تأكيد المستند علي ضمان الحكومة الإنجليزية للأصول أكد أن ذلك كان سبباً في إعلان الحكومة البريطانية تجميد أصوله التي تعلمها وتعلم قيمتها جيداً وتعلم أيضاً أنه قام بنقل ملكيتها كما كان موضحاً في المستند الأول. هذا ما أكده المستند الأول الذي قد يكون الشيء الوحيد المستغرب فيه هو اسم الشخص الذي قام مبارك بنقل ملكية أصوله إليه والذي لاشك تربطه بمبارك علاقة لا يعرف مداها أحد لدرجة جعلته يمنحه كل تلك الأموال لكن مصادر أكدت أن مبارك أخذ كل الضمانات الكافية علي هذا الشخص في مقابل تنازله له عن أصوله في بريطانيا إلا أن هناك وهذا سيناريو قد يكون حقيقياً لكن هناك سيناريو آخر يبدو أنه الأقرب إلي الحقيقة ويؤكد هذا السيناريو أن بيتر سكوير الذي تم نقل الأصول إليه يرتبط بصلة قرابة مع سوزان مبارك من ناحية والدتها الإنجليزية الجنسية والمنشأ وأنه علي الأرجح أحد أقاربها الذين لجأ إليهم مبارك في نقل أصوله وسنداته. أما المستند الثاني فهو غريب بكل المقاييس فهذه المرة ليست المسألة نقل أصول سواء كانت عقارات أو سندات أو أموال هذه المرة الأمر يتعلق بـ«الذهب» حيث يؤكد هذا المستند أن مبارك قام في 11 ديسمبر 1982 أي بعد عام وشهر من توليه رئاسة الجمهورية بعد اغتيال الرئيس السادات بوضع ذهب بلاتيني عيار 99،99 بمضمونيه بمبلغ 16 مليار و800 مليون دولار في بنك «سويزلاند» في سويسرا وهذا هو ما أفاده المستند الثاني المكتوب باللغة الإنجليزية أيضاً وموضوع عليه شعار البنك واسم الرئيس السابق مبارك. نعلم جيداً أنه بعد كشف المستندين أن هناك الكثير والكثير من الأسئلة التي تدور في عقل القارئ وعقلنا أيضاً ولا نعلم لها إجابات محددة لكن ربما تجيب عنها الأيام القادمة.
وبعيدا عن تلك المستندات ومدي صحة الأرقام - التي تقارب وفق شهادات كثيرة - فقد كانت ثروة الرئيس مبارك وعائلته وحجمها مثار تعليقات كثيرين ليس داخل مصر فقط ولكن علي المستوي العربي والدولي وبحسب جريدة "الجارديان" البريطانية فإنه "خلال ثلاثين عاما بوصفه رئيسا للجمهورية ومسؤولا عسكريا رفيعا، استطاع مبارك الحصول علي أرباح تقدر بملايين الدولارات من خلال صفقات الاستثمار، معظمها تم إخراجها من البلاد ووضعها في حسابات سرية ببنوك سويسرية وبريطانية، مثل بنك يو بي أس السويسري وبنك أسكتلندا، واستثمر بعضها في منازل وفنادق".
ونقلت عن الخبير في سياسات الشرق الأوسط البروفيسور كريستوفر ديفدسون من جامعة دورهام البريطانية أن مبارك وزوجته وابنيه تمكنوا من جمع ثروتهم عبر شراكات في مجال الأعمال مع مستثمرين أجانب وشركات.
ووفق جارديان فإنه "ليس مستغربا أن تصل قيمة ثروة أسرة مبارك إلي أكثر من 40 مليار دولار، لأن أغلب الشركات الكبري مفروض عليها أن تقدم 50% من أرباحها السنوية لأحد أفراد الأسرة".
وتقدر الصحيفة ثروة مبارك الشخصية بـ"15 مليار دولار" أغلبها -كما تقول- من "عمولات في صفقات سلاح وصفقات عقارية مشبوهة في القاهرة ومناطق الاستثمار السياحي في الغردقة وشرم الشيخ"، وتشير إلي أن "ثروة مبارك بلغت في العام 2001 نحو عشرة مليارات دولار أغلبها أموال سائلة في بنوك أميركية وسويسرية وبريطانية مثل بنك سكوتلاند الإنجليزي وبنك كريديت سويس السويسري".
وتؤكد مصادر الصحيفة أيضا أن جمال مبارك، الأمين العام المساعد السابق للحزب الوطني الحاكم في مصر، يملك وحده "ثروة تقدر بـ17 مليار دولار موزعة علي عدة مؤسسات مصرفية في سويسرا وألمانيا والولايات المتحدة وبريطانيا".
ووفق المصادر فإن "جمال يملك حسابا جاريا سريا في كل من بنك يو بي أس وآي سي أم وتتوزع ثروته عبر صناديق استثمارية عديدة في الولايات المتحدة وبريطانيا منها مؤسسة بريستول آند ويست العقارية البريطانية، ومؤسسة فايننشال داتا سيرفس، التي تدير صناديق الاستثمار المشترك".
أما سوزان مبارك فتقول الصحيفة نقلا عن "تقرير سري تداولته جهات أجنبية عليا" إن سوزان دخلت نادي المليارديرات منذ العام 2000، "وتتراوح ثروتها بين 3 و5 مليارات دولار معظمها في بنوك أميركية، إلي جانب عقارات في عدة عواصم أوروبية مثل لندن وفرانكفورت ومدريد وباريس ودبي".
وتشير الصحيفة إلي أن قيمة ممتلكات علاء مبارك وأمواله الشخصية داخل وخارج مصر تقدر بنحو 8 مليارات دولار، منها عقارات تعدت قيمتها 2 مليار دولار في شارع روديو درايف بلوس أنجلوس - أحد أرقي شوارع العالم-، وفي ضاحية منهاتن في نيويورك، بالإضافة إلي امتلاكه طائرتين شخصيتين ويخت ملكي تفوق قيمته 60 مليون يورو
موقع وائل الابراشى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق