تشرفت بأن ألتقى أو أتحدث تليفونيا مع مجموعة من الأصدقاء المجتهدين فى مجالات العمل المدنى: من جمعية «رسالة» العملاقة، إلى جمعية «بلدنا» المتألقة، إلى أمناء «التيار الرئيسى» الذين يجتهدون فى تفعيله أكثر فى الفترة القادمة. كل الشكر للجميع قطعا، وبارك الله فيكم حرصكم على بلدكم. ولكن نجاحهم لفت نظرى لثلاث مشاكل لابد أن نكون جادين فى مواجهتها حتى لا نقع فريسة لخداع الذات.
أولا: كيف ننقل عقلية إدارة القطاع الخاص وإدارة المجتمع المدنى الناجحة إلى مؤسسات الدولة؟ الفجوة لا شك هائلة بين الطريقة التى تدار بها مؤسسات الدولة سواء الحكومية أو قطاع الأعمال العام الآن وما ينبغى أن يكون. ولو اعتبرنا أن ما ينبغى أن يكون هو نمط الشركات الناجحة فى القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدنى الفعالة، باعتبار أن هؤلاء أيضا منا وتجرى فى عروقهم دماؤنا، إذن السؤال كيف ننقل منطق هؤلاء إلى أولئك؟ هذه معضلة كبيرة لأن الجهاز الحكومى يدار لحد بعيد ليس بمنطق التوظيف فى مقابل أجر، وإنما بمنطق الحشد فى مقابل إعانة بطالة مقنعة فى صورة رواتب هزيلة.
ثانيا: كيف نعيد هيكلة الأجور فى الدولة على النحو الذى يجعلنا قادرين على ربط الدخل بالإنتاجية؟ وهذا يرتبط مباشرة بالسؤال السابق؛ فبمراجعة الأجور الأساسية لمعظم موظفى الدولة نكتشف أنها ضئيلة للغاية، ولكن الدخل النهائى الذى يحصل عليه هؤلاء الموظفون يكون عادة أكبر على نحو غير منطقى من الأجر الأساسى. وباستكشاف هذه الزيادات، نجد أنها حوافز مضمونة (بما يتنافى مع فكرة الحافز الذى هو فقط للمجتهد)، وبدلات عجيبة الشكل يحصل عليها البعض مثل: بدل انتقال، بدل مخاطر، بدل ما يزعل، بدل ما يبلغ عنا، بدل ما يرجع تانى... وهكذا. لابد من التفكير جديا فى تصحيح هذه التشوهات.
رابعا: الجهاز الحكومى ليس فقط ضخما، ولكنه يتضخم مع مرور الوقت، وهناك كم متزايد من المطالب بمزيد من التعيين حتى برواتب زهيدة؛ المهم أن المواطن «يحط رجله» داخل الجهاز الحكومى. والمعضلة أن معظم هذه الوظائف لا تكون منتجة. وهذا يأخذنا إلى معضلة البحث عن مشروعات اقتصادية وطنية كبرى تحول هذه العمالة من العمل المكتبى ومنطق «إعانة البطالة المقنعة» إلى تشغيل حقيقى. منطقة مثل تلك المحيطة بقناة السويس يمكن أن تكون نقطة انطلاق كبرى فى هذا المقام. والحقيقة أنه بالعودة إلى الأرقام الرسمية، يمكن الاستنتاج أن ما أنفق على مشروعات أخرى وصفت بأنها «قومية» ووصفت بأنها «كبرى» لو كانت تركزت فى مشروع واحد كبير وحقيقى وكثيف العمالة وقائم على الاستفادة من موقع مصر الاستراتيجى ويكون موجها نحو قطاعى الصناعات والخدمات، لكانت مصر مختلفة اليوم عما نحن فيه.
هل من أمل؟
قطعا هناك أمل. ولكن قبل الأمل، تعالوا نفكر فى كتيبة المائة أو أكثر. مجموعة من أفضل مائة مواطن مصرى ممن تعلموا فى الداخل والخارج، بغض النظر عن انتماءاتهم الأيديولوجية أو الحزبية، يكونون متخصصين بحكم الدراسة، وأصحاب خبرة بحكم العمل، ومجبولين على النجاح بحكم التكوين، دأبهم الانجاز، وأدبهم التواضع كى يصلوا إلى مفاصل صنع القرار الرئيسية فى مصر: وزراء، محافظين، استشاريين حتى يمكن لهم، كل فى مجاله، أن يرتفع بمستوى العمل العام فيه.
هؤلاء موجودون، وألتقى بهم يوميا، وأتمنى وأجتهد كى يُمّكن لهم. وسأجتهد فى برنامجى التليفزيونى إن شاء الله أن أعرف المجتمع بهم. نحن بحاجة إليهم. لكن أبوس إيد كتيبة أعداء النجاح، كفوا ألسنتكم عنهم، وسيبوا الناس تشتغل لوجه الله. كفاية غل وحقد ورغبة فى تدمير الآخرين.
الاثنين، 22 أغسطس 2011
كتيبة المائة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
التسميات
- اخبار (15)
- اشغال يدوية (22)
- اعادة تدوير للاشياء (10)
- الاعيب المجلس العسكرى (3)
- بسرعة (1)
- تخفيض الوزن والحمية (4)
- تعليم كروشيه (4)
- دين وسياسة (2)
- رسم على الزجاج (2)
- رسم على السيراميك (1)
- سكارف (3)
- صور اعجبتنى (3)
- قالات (1)
- مصر واسرائيل (1)
- مقالات (16)
- موسيقى واغانى (3)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق