لواء دكتور / عادل عفيفي | 20-03-2011 00:45
يعمد الغربيون وأتباعهم من العلمانيين العرب الكارهين للإسلام إلى اتهام الدين الخاتم بأنه نظام ثيوقراطي، يقيم دولته على أساس ديني، وليس على أساس مدني ومن ثم فإنه يؤسس لحكم طبقة رجال الدين .
وقد دعت قيادات النصارى والعلمانيون في مصر إلى رفض التعديلات الدستورية التي يتم الاستفتاء عليها اليوم لأنها ستؤدى إلى قيام دولة دينية، وذلك في مواجهة القوى الوطنية التي تطالب بجعل مصر دولة مدنية ( عكس الدولة العسكرية ) ذات مرجعية إسلامية طبقا لأحكام المادة الثانية من الدستور، التي يطالب المسيحيون و الزنادقة العلمانيون بحذفها .
وهذا استعباط متعمد واستهبال مقصود ومغالطة و شبهة من شبهات أعداء الإسلام التي يخيّلون ويدلّسون بها على الناس ليصرفونهم عن الحقيقة.
فموضوع الفصل بين السياسة والدين لم يخطر على بال علماء الإسلام لا قديمًا ولا حديثًا، ولم تظهر هذه التهمة إلا حديثًا، خصوصًا بعد إلغاء الخلافة؛ لأن القوم يريدون أن يؤسسوا لمبدأ فصل الدين عن السياسة.
فالدولة في الإسلام ليست ثيوقراطية؛ لأن الحاكم في النظام الثيوقراطي سلطته فيه إما من رجال الدين وإما من الحق الإلهي بوصفه ظِلُّ الله في الأرض، بينما سلطة الحاكم في الدولة الإسلامية مستمدة من الناس لا من الله، أي بموجب الرضا والقبول والبيعة.
وإذا كان الهدف الإسلامي الأسمى هو تحكيم الشريعة، فإنه لا يتحقق كما يتصور هؤلاء المرضى والكارهون إلا بأن يتولى الحكم رجال بعينهم بحكم وظائفهم الدينية، أو رجال ينطقون باسم الآلهة، كما كان الحال في أوروبا في العصور الوسطى، ولكن حكم الشريعة يكون من رد الأمر إلى الله وفق ما قررته أحكام، مهما كانت وظيفة وصفة وشكل القائمين على التنفيذ، كما أن الإسلام لا يعطي أبدًا لشخص أو مجموعة أشخاص احتكار تفسير كلام الله ومراده، أو حكم الناس ضد إرادتهم الحرة، فالأمة في الإسلام هي الحاكمة، وهي صاحبة السلطة، وهي التي تختار حاكمها، وهي صاحبة المشورة، وهي التي تنصح له وتعينه، وهي التي تعزله إذا انحرف أو جار، والخليفة في الإسلام ليس نائبًا عن الله، ولا وكيلاً له في الأرض، إنما هو وكيل الأمة ونائب عنها.
إن الغربيين يريدون تصدير أمراضهم إلينا، فالمسلمون لم يعرفوا أبدًا الدولة الدينية الثيوقراطية، وإنما الأوروبيون هم الذين عرفوها وعانوا من ويلاتها، فقد عرفت أوروبا مفهوم "الدولة الدينية" وطبقته طويلاً، واكتوى الناس بناره مئات السنين، ولم يتخلصوا منه إلا مع مقدم عصر التنوير وعصر الإصلاحات الدينية، وجاءت الثورة الفرنسية لتنهي هذا المفهوم تمامًا، وتفصل بين الدين والدولة.
والمؤكد والثابت تاريخيًا أن أوضح ظهور للدولة الدينية كان في أوروبا في العصور الوسطى وعصور التخلف، حيث حكم أوروبا ـ في ذلك الوقت ـ رجال الكنيسة ومارسوا ممارسات غريبة وعدوانية وتسلطية طاردت العلم والعلماء والمفكرين وسيطرت على السلطة والثروة وأدت إلى ثورة ضد هذا النموذج من حكم رجال الدين، ونتيجة لهذا تم فصل الكنيسة عن الدولة.
أما عند المسلمين، فإن فكرة الدولة الدينية بعيدة تمامًا عن ثقافتهم، ورسول الإسلام - صلي الله عليه وسلم – حينما انتقل إلى الرفيق الأعلى وانقطع الوحي جرى التساؤل عن الحكام من بعده، هل هم خلفاء الله على الأرض أم هم خلفاء رسول الله؟ والفارق واضح تمامًا بين الأمرين، ولم يحدث خلاف بين الصحابة حول الأمر، وكان الاتفاق على أن الخلفاء هم خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانطلاقًا من الثقافة الإسلامية المتشربة لأحكام الشريعة، فإن فقهاء ومفكري الأمة يركزون فقط على احترام الشريعة، وأن تكون مبادئها هي المهيمنة، لكنهم لا يرفضون توزيع السلطات بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، كما أنهم يقبلون بأساس المساواة في الحقوق والواجبات بكافة أشكالها، ويؤمنون بالتعددية الفكرية والدينية والسياسية والثقافية، ويؤمنون بتداول السلطة واحترام رأي الناخبين، وينادون بالالتزام بكافة حقوق الإنسان وكل الحريات المقررة قانونًا، كما يرفضون فكرة أن هناك حكم باسم الله، وأن هناك من يمثل إرادة الله ويعبر عنها، وهذا معناه بوضوح شديد أن فكرة الدولة الدينية مرفوضة تمامًا في الوعي والإدراك الإسلامي.
إن الإسلام أعطى للأمة حق اختيار الحاكم بإرادتها الحرة، وعزله إن أخطأ، وهذا يتعارض تمام التعارض مع مفهوم الدولة الدينية التي تقول: إنها تحكم باسم الله. كما أن الإسلام، لا يوافق فقط، على الفصل بين سلطات الدولة، بل يدعو إلى ذلك ويحثُّ عليه، والإسلام أتاح لكل قطاع في المجتمع أن يعبر عن نفسه، وألا تتم مصادرة حقوقه الدينية والفكرية والسياسية، والدول الإسلامية المتعاقبة لم تصادر حقوق الناس وحرياتهم، بل اعتمدت مبدأ التعددية الفكرية والدينية والسياسية والثقافية ... وهذا الذي ذكرناه كله يتناقض تمامًا مع فكرة الحكم الثيوقراطي والدولة الدينية.
وما يتحجج به دعاة فصل الدين عن الدولة من أن جعل مصر دولة إسلامية يعني أنها دولة دينية أمر مرفوض؛ حيث إن الدين الإسلامي يجعل الدولة قائمة على أساس العدالة والمساواة، فلا يفرق بين المسلمين والمسيحيين أو أتباع الأديان الأخرى إلا فيما ليس فيه تقنين عندهم، وفي هذا تجسيد عملي للدولة المدنية، خاصة أن المواطنة مبدأ متأصل في الإسلام، والدليل على ذلك أن المسيحيين واليهود كانوا يتولون مناصب كثيرة في تاريخ الأمة الإسلامية.
فالثيوقراطية أو النظرية الثيوقراطية من المصطلحات السياسية الوافدة. والأصل اللغوي للثيوقراطية مشتق من الكلمة اليونانية Theokratia وتعني حكم الله، ولكن في استعماله الشائع فإن المصطلح يقصد به حكم رجال الدين، أو حكم الكنيسة، وقد جاءت كلمة ثيوقراطية من كلمتين يونانيتين: الأولى كلمة (ثيو) وتعني إله، والثانية كلمة (قراط) وتعني الحكم.
ونظام الحكم الثيوقراطي هو نظام الحكم الذي يعتبر أن الله هو السلطة السياسية العليا، وأن القوانين الإلهية هي القوانين المدنية الواجبة التطبيق، وأن رجال الدين بوصفهم الخبراء بتلك القوانين الإلهية فإنه تتمثل فيهم سلطة الله، والتي يكون لزاماً عليهم تجسيدها من خلال فرض وتطبيق قوانينه السماوية. وقد اعتقد كثير من القدماء أن إلههم، قد سلم القوانين إلى حكوماتهم (نظرية التفويض الإلهي عند الغربيين النصارى) فقد كان يعتقد أن مدونة(قوانين) حمورابي قد نزلت وحياً من السماء.
أما فى الإسلام فإن علماء الدين ليسوا وسطاء بين العبد وربه، فضلاً عن أن الدين الإسلامي نفسه ليس به رجال كهنوت، كما أن العلماء أو الحكومة في الإسلام ليسوا أوصياء من الله على خلقه، فمن يدعي أن الحكم الإسلامي ثيوقراطي يكون قد ظلم الحقيقة، لأن الحاكم المسلم ينتخب من الشعب، وهو يخطئ ويصيب، ويحاسب ويعزل وليس معصوماً، وليس هناك في الإسلام طبقة الكهنوت المشار إليها، وإنما يحكم في الأمة أفضلها بشروط معينة تقدمه الأمة، وتختاره على أساسها لإدارة مصالحها في الدنيا.
ومهمة الحاكم في الإسلام تكاد تكون وظيفة تنفيذية محضة سواء عن طريق التنفيذ الحرفي للنصوص أو التنفيذ الاجتهادي للأمور المرتبطة بالاجتهاد. وليس سلطة الحاكم في الإسلام سلطة مطلقة، وسلطات الخليفة محدودة بالحدود الشرعية، ولا يجوز له أن يتجاوز هذه الحدود، وإنما يقوم بتنفيذ أحكام الشريعة بأمانة وإخلاص وصدق. وقد حدد الماوردي في كتابه (الأحكام السلطانية) وظائف الخليفة، وهي لا تخرج عن كونها أعمالاً تنفيذية، يقوم بها نيابة عن المجتمع لحماية المصالح العامة، والدفاع عن البلاد، وإقامة الأحكام، والفصل في المنازعات، وجباية الأموال، وتوزيعها بين مستحقيها، واختيار الولاة، وتكليفهم بمهماتهم، بالإضافة إلى المهمة الرئيسية التي يقوم بها وهي حماية العقيدة وحفظ الدين وتطبيق مبادئه وأحكامه.
وتعتبر الولاية في نظر الإسلام أمانة، وعلى الحاكم أن يقوم بهذه الأمانة على الوجه الأكمل، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته....) ودخل أبو مسلم الخولاني على معاوية بن أبي سفيان فقال: "السلام عليك أيها الأجير، فقالوا: قل: السلام عليك أيها الأمير، فقال: السلام عليك أيها الأجير، فقالوا: قل أيها الأمير، وأعادها ثلاثاً، ثم قال: إنما أنت أجير استأجرك رب هذه الغنم لرعايتها، فإن أنت هنأت جرباها، وداويت مرضاها، وحبست أولاها عن أخراها، وفّاك سيدك أجرك.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية بعضاً من واجبات الخليفة المتعلقة باختيار ولاته قائلاً : "وليس عليه أن يستعمل إلا الأصلح الموجود، وقد لا يكون في موجوده من هو صالح لتلك الولاية، فيختار الأمثل في كل منصب بحبسه، وإذا فعل ذلك بعد الاجتهاد التام وأخذه للولاية، فقد أدى الأمانة، وقام بالواجب في هذا، وصار في هذا الموضع من أئمة العدل المقسطين".
وليس في الإسلام سلطات مطلقة ممنوحة للحاكم أو الخليفة، وإنما هي واجبات، وعلى الحاكم أن يقوم بهذه الواجبات، وتقتصر مهمته على تنفيذ أحكام الشريعة، ويعتبر كل فرد في المجتمع الإسلامي رقيباً على الحاكم وعلى جميع ولاته ووزرائه، ويحتكم الجميع في النهاية إلى القرآن والسنة، وعلى الجميع أن يتقبلوا حكم الشريعة، دون أن يكون لأحد من الحكام أو من الأفراد الحق في تجاوز تلك الأحكام.
وإذا كان الإسلام قد فرض على الناس الطاعة للحاكم فإن هذه الطاعة مشروطة بألا تكون الأوامر الصادرة من الحاكم مخالفة للشريعة، وعندئذٍ فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (على المرء السمع والطاعة فيما أحب أو كره ما لم يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)
إذاً الثيوقراطية أو ما يسمى بحكومة رجال الدين ليس من الإسلام ولا علاقة له بها، ولطالما حاول أعداء الإسلام والمتجنون عليه أن يصموا حكم المسلمين بمثل هذا الشكل من الحكومات، ويقولون: إنه عفا عليها الزمن لأن أوروبا تركتها بعد الثورة الفرنسية، ونرى بعض مُدّعي الإسلام -وهم منافقون في الواقع- يعارضون حكم الإسلام والدستور الإسلامي بحجة أنه يعني حكم المشايخ أو وزارة الأوقاف، وهم بذلك يفضحون جهلهم بالإسلام وغربتهم عنه أولاً، وثانياً يفضحون مقدار عمالتهم الفكرية حيث يريدون تطبيق المفاهيم اليهودية أو المسيحية على الإسلام. إن الإسلام قد جاء لهدم الحكم الديني الممثل في عصمة رجال الدين، ولكن بعض كتاب المسلمين خلطوا بين هذه الحكومة الدينية كما عرفتها أوروبا في القرون الوسطى حتى الثورة الفرنسية وبين نظام الإسلام. فالحكم في الإسلام ليس حكماً (ثيوقراطياً) لكن جهل أنصاف المتعلمين الذين يقيسون الإسلام بالكنيسة في العصور الوسطى، جعلهم يتوهمون أن الحكم الإسلامي "ثيوقراطي".
هذه هي صيغة الدولة الثيوقراطية التي يخاف منها المتغربون العرب، وهي صيغة لم تظهر في التاريخ الإسلامي، وتتناقض بشكل كامل مع المبادئ الإسلامية.
هي حالة خاصة بالتاريخ اليهودي والروماني والأوروبي، والذين يستخدمون المصطلح من العرب لا يعرفون حقيقته، أو أنهم يعرفونه ويستخدمونه لإثارة الاضطراب ولتحقيق أهداف سادتهم.
كانت الثيوقراطية في الغرب عدو للنهضة، وتسلط رجال الكنيسة، ولكي تحقق أوروبا النهضة كان لابد أن تتخلص من تلك الصيغة، ولذلك قام الفلاسفة الأوروبيون بالهجوم على هذا المصطلح الذي أصبح يحمل دلالات سيئة، من أهمها أنه يرتبط بالتخلف والاستبداد والعبودية والقهر، وكان لابد من تحديد سلطات الملوك، وبالتالي كان لابد من إزالة صفة القداسة عنهم، والتعامل معهم كبشر، وليس كظل الله على الأرض، ولتحقيق ذلك كان لابد من كسر تحالف الملوك مع الكنيسة، ومنع الكنائس من التدخل في شؤون الدولة، وكسر احتكار الكنائس للمعرفة، وفي الوقت نفسه القضاء على الإقطاع لتصعد الطبقة البورجوازية، وتبني المصانع التي قامت عليها النهضة الأوروبية الحديثة ، ولذلك اعتبرت الثيوقراطية في التاريخ الأوروبي العدو الرئيسي للنهضة والتقدم، وهي بالفعل كذلك.
ومصطلح الثيوقراطية يصف حالة تحالف الملك والكنيسة والإقطاع في التاريخ الأوروبي، لذلك لابد أن يستخدم في سياقه التاريخي ليصف تلك الحالة بشكل محدد ودون تزييف أو تلفيق، والدولة الإسلامية ليست دولة ثيوقراطية، ولم تظهر حالة التحالف في التاريخ الإسلامي، ولم يكن هناك أحد يحتكر المعرفة، وليست هناك أسرار أو غموض في تعاليم الإسلام. الإسلام بنى دولة متميزة، ولذلك لا بد من دراستها بمصطلحاتها ومفاهيمها، وفي إطار سياقها الحضاري والتاريخي، وسوف نكتشف أنها دولة تختلف تماماً عن التجارب الرومانية والأوروبية، وأن وصفها بالمفاهيم الأوروبية هو عملية تزييف وتضليل.
وانظر إلى الفارس المسلم ربعي بن عامر عندما عبر عن هذا المعنى بوضوح في رده على كسرى: "إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة". لقد كان ربعي واعياً بتميز الدولة الإسلامية عن الدولة الثيوقراطية الرومانية التي تستخدم الدين في الجور، ولذلك أوضح أن هدف الدولة الإسلامية إخراج العباد من جور الأديان إلى عدل الإسلام. أي كسر حالة الثيوقراطية التي تقوم على التحالف بين الملك والكنيسة والإقطاع.
إن تاريخ الدولة الإسلامية يشهد بأن حالة الثيوقراطية لم تظهر على الإطلاق طوال التاريخ، وكل مسلم يملك الحق في أن يتعلم، وفي أن ينضم للجيش، ويصبح فارساً والبيعة العامة شرط أساسي لاختيار الحاكم، ونظام الدولة الإسلامية يقوم على الشورى التي يمارسها المسلم عبادة لله كما أن كل مسلم عليه واجب هو أن يتعلم العلم ويعلمه عبادة لله، وكان الخلفاء ينشئون المدارس، ويشجعون على نسخ الكتب ونشر المعرفة. ولم يكن هناك احتكار للمعرفة، ولكن كان هناك تشجيع على التعليم، ونشر المعرفة، ونحن نستطيع أن نقول إن المجتمع الإسلامي منذ دولة الرسول في المدينة كان أول مجتمع معرفة في التاريخ، ولم يشهد تاريخ الإسلام أحداً منع تطوير علم من العلوم، بل تطورت كل العلوم في الحضارة الإسلامية، وطور المسلمون المنهج التجريبي الذي شكل أساس النهضة العلمية الحديثة.
لذلك فإن من يستخدم مصطلح الدولة الدينية بدلالة المصطلح الأوروبي الثيوقراطية هو جاهل بتاريخ أوروبا وتاريخ الإسلام، أو يقوم بعملية تزييف وتضليل لمصلحة الاستعمار الغربي، ولمنع المسلمين من تحقيق نهضتهم التي لا يمكن أن تقوم إلا على أساس الإسلام. ويجب أن نفهم الإسلام بمصطلحاته ومفاهيمه بنوايا مخلصة، ولكي تحقق الأمة استقلالها الشامل يجب أن تفهم الإسلام بوعي وثقة وإيمان، وأن ترفض الذين يحاولون أن يزيفوا وعيها. فالمثقف الحقيقي هو الذي ينتمي لأمته، ويعمل لبناء نهضتها .
(المصدر د. عادل عمر ،"الشريعة في مواجهة الحكم الثيوقراطي والدولة الدينية "
منتدى دار العلوم القانونية والإسلامية والإنسانية
http://adel-amer.catsh.info/vb/showthread.php?t=6882
يعمد الغربيون وأتباعهم من العلمانيين العرب الكارهين للإسلام إلى اتهام الدين الخاتم بأنه نظام ثيوقراطي، يقيم دولته على أساس ديني، وليس على أساس مدني ومن ثم فإنه يؤسس لحكم طبقة رجال الدين .
وقد دعت قيادات النصارى والعلمانيون في مصر إلى رفض التعديلات الدستورية التي يتم الاستفتاء عليها اليوم لأنها ستؤدى إلى قيام دولة دينية، وذلك في مواجهة القوى الوطنية التي تطالب بجعل مصر دولة مدنية ( عكس الدولة العسكرية ) ذات مرجعية إسلامية طبقا لأحكام المادة الثانية من الدستور، التي يطالب المسيحيون و الزنادقة العلمانيون بحذفها .
وهذا استعباط متعمد واستهبال مقصود ومغالطة و شبهة من شبهات أعداء الإسلام التي يخيّلون ويدلّسون بها على الناس ليصرفونهم عن الحقيقة.
فموضوع الفصل بين السياسة والدين لم يخطر على بال علماء الإسلام لا قديمًا ولا حديثًا، ولم تظهر هذه التهمة إلا حديثًا، خصوصًا بعد إلغاء الخلافة؛ لأن القوم يريدون أن يؤسسوا لمبدأ فصل الدين عن السياسة.
فالدولة في الإسلام ليست ثيوقراطية؛ لأن الحاكم في النظام الثيوقراطي سلطته فيه إما من رجال الدين وإما من الحق الإلهي بوصفه ظِلُّ الله في الأرض، بينما سلطة الحاكم في الدولة الإسلامية مستمدة من الناس لا من الله، أي بموجب الرضا والقبول والبيعة.
وإذا كان الهدف الإسلامي الأسمى هو تحكيم الشريعة، فإنه لا يتحقق كما يتصور هؤلاء المرضى والكارهون إلا بأن يتولى الحكم رجال بعينهم بحكم وظائفهم الدينية، أو رجال ينطقون باسم الآلهة، كما كان الحال في أوروبا في العصور الوسطى، ولكن حكم الشريعة يكون من رد الأمر إلى الله وفق ما قررته أحكام، مهما كانت وظيفة وصفة وشكل القائمين على التنفيذ، كما أن الإسلام لا يعطي أبدًا لشخص أو مجموعة أشخاص احتكار تفسير كلام الله ومراده، أو حكم الناس ضد إرادتهم الحرة، فالأمة في الإسلام هي الحاكمة، وهي صاحبة السلطة، وهي التي تختار حاكمها، وهي صاحبة المشورة، وهي التي تنصح له وتعينه، وهي التي تعزله إذا انحرف أو جار، والخليفة في الإسلام ليس نائبًا عن الله، ولا وكيلاً له في الأرض، إنما هو وكيل الأمة ونائب عنها.
إن الغربيين يريدون تصدير أمراضهم إلينا، فالمسلمون لم يعرفوا أبدًا الدولة الدينية الثيوقراطية، وإنما الأوروبيون هم الذين عرفوها وعانوا من ويلاتها، فقد عرفت أوروبا مفهوم "الدولة الدينية" وطبقته طويلاً، واكتوى الناس بناره مئات السنين، ولم يتخلصوا منه إلا مع مقدم عصر التنوير وعصر الإصلاحات الدينية، وجاءت الثورة الفرنسية لتنهي هذا المفهوم تمامًا، وتفصل بين الدين والدولة.
والمؤكد والثابت تاريخيًا أن أوضح ظهور للدولة الدينية كان في أوروبا في العصور الوسطى وعصور التخلف، حيث حكم أوروبا ـ في ذلك الوقت ـ رجال الكنيسة ومارسوا ممارسات غريبة وعدوانية وتسلطية طاردت العلم والعلماء والمفكرين وسيطرت على السلطة والثروة وأدت إلى ثورة ضد هذا النموذج من حكم رجال الدين، ونتيجة لهذا تم فصل الكنيسة عن الدولة.
أما عند المسلمين، فإن فكرة الدولة الدينية بعيدة تمامًا عن ثقافتهم، ورسول الإسلام - صلي الله عليه وسلم – حينما انتقل إلى الرفيق الأعلى وانقطع الوحي جرى التساؤل عن الحكام من بعده، هل هم خلفاء الله على الأرض أم هم خلفاء رسول الله؟ والفارق واضح تمامًا بين الأمرين، ولم يحدث خلاف بين الصحابة حول الأمر، وكان الاتفاق على أن الخلفاء هم خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم. وانطلاقًا من الثقافة الإسلامية المتشربة لأحكام الشريعة، فإن فقهاء ومفكري الأمة يركزون فقط على احترام الشريعة، وأن تكون مبادئها هي المهيمنة، لكنهم لا يرفضون توزيع السلطات بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، كما أنهم يقبلون بأساس المساواة في الحقوق والواجبات بكافة أشكالها، ويؤمنون بالتعددية الفكرية والدينية والسياسية والثقافية، ويؤمنون بتداول السلطة واحترام رأي الناخبين، وينادون بالالتزام بكافة حقوق الإنسان وكل الحريات المقررة قانونًا، كما يرفضون فكرة أن هناك حكم باسم الله، وأن هناك من يمثل إرادة الله ويعبر عنها، وهذا معناه بوضوح شديد أن فكرة الدولة الدينية مرفوضة تمامًا في الوعي والإدراك الإسلامي.
إن الإسلام أعطى للأمة حق اختيار الحاكم بإرادتها الحرة، وعزله إن أخطأ، وهذا يتعارض تمام التعارض مع مفهوم الدولة الدينية التي تقول: إنها تحكم باسم الله. كما أن الإسلام، لا يوافق فقط، على الفصل بين سلطات الدولة، بل يدعو إلى ذلك ويحثُّ عليه، والإسلام أتاح لكل قطاع في المجتمع أن يعبر عن نفسه، وألا تتم مصادرة حقوقه الدينية والفكرية والسياسية، والدول الإسلامية المتعاقبة لم تصادر حقوق الناس وحرياتهم، بل اعتمدت مبدأ التعددية الفكرية والدينية والسياسية والثقافية ... وهذا الذي ذكرناه كله يتناقض تمامًا مع فكرة الحكم الثيوقراطي والدولة الدينية.
وما يتحجج به دعاة فصل الدين عن الدولة من أن جعل مصر دولة إسلامية يعني أنها دولة دينية أمر مرفوض؛ حيث إن الدين الإسلامي يجعل الدولة قائمة على أساس العدالة والمساواة، فلا يفرق بين المسلمين والمسيحيين أو أتباع الأديان الأخرى إلا فيما ليس فيه تقنين عندهم، وفي هذا تجسيد عملي للدولة المدنية، خاصة أن المواطنة مبدأ متأصل في الإسلام، والدليل على ذلك أن المسيحيين واليهود كانوا يتولون مناصب كثيرة في تاريخ الأمة الإسلامية.
فالثيوقراطية أو النظرية الثيوقراطية من المصطلحات السياسية الوافدة. والأصل اللغوي للثيوقراطية مشتق من الكلمة اليونانية Theokratia وتعني حكم الله، ولكن في استعماله الشائع فإن المصطلح يقصد به حكم رجال الدين، أو حكم الكنيسة، وقد جاءت كلمة ثيوقراطية من كلمتين يونانيتين: الأولى كلمة (ثيو) وتعني إله، والثانية كلمة (قراط) وتعني الحكم.
ونظام الحكم الثيوقراطي هو نظام الحكم الذي يعتبر أن الله هو السلطة السياسية العليا، وأن القوانين الإلهية هي القوانين المدنية الواجبة التطبيق، وأن رجال الدين بوصفهم الخبراء بتلك القوانين الإلهية فإنه تتمثل فيهم سلطة الله، والتي يكون لزاماً عليهم تجسيدها من خلال فرض وتطبيق قوانينه السماوية. وقد اعتقد كثير من القدماء أن إلههم، قد سلم القوانين إلى حكوماتهم (نظرية التفويض الإلهي عند الغربيين النصارى) فقد كان يعتقد أن مدونة(قوانين) حمورابي قد نزلت وحياً من السماء.
أما فى الإسلام فإن علماء الدين ليسوا وسطاء بين العبد وربه، فضلاً عن أن الدين الإسلامي نفسه ليس به رجال كهنوت، كما أن العلماء أو الحكومة في الإسلام ليسوا أوصياء من الله على خلقه، فمن يدعي أن الحكم الإسلامي ثيوقراطي يكون قد ظلم الحقيقة، لأن الحاكم المسلم ينتخب من الشعب، وهو يخطئ ويصيب، ويحاسب ويعزل وليس معصوماً، وليس هناك في الإسلام طبقة الكهنوت المشار إليها، وإنما يحكم في الأمة أفضلها بشروط معينة تقدمه الأمة، وتختاره على أساسها لإدارة مصالحها في الدنيا.
ومهمة الحاكم في الإسلام تكاد تكون وظيفة تنفيذية محضة سواء عن طريق التنفيذ الحرفي للنصوص أو التنفيذ الاجتهادي للأمور المرتبطة بالاجتهاد. وليس سلطة الحاكم في الإسلام سلطة مطلقة، وسلطات الخليفة محدودة بالحدود الشرعية، ولا يجوز له أن يتجاوز هذه الحدود، وإنما يقوم بتنفيذ أحكام الشريعة بأمانة وإخلاص وصدق. وقد حدد الماوردي في كتابه (الأحكام السلطانية) وظائف الخليفة، وهي لا تخرج عن كونها أعمالاً تنفيذية، يقوم بها نيابة عن المجتمع لحماية المصالح العامة، والدفاع عن البلاد، وإقامة الأحكام، والفصل في المنازعات، وجباية الأموال، وتوزيعها بين مستحقيها، واختيار الولاة، وتكليفهم بمهماتهم، بالإضافة إلى المهمة الرئيسية التي يقوم بها وهي حماية العقيدة وحفظ الدين وتطبيق مبادئه وأحكامه.
وتعتبر الولاية في نظر الإسلام أمانة، وعلى الحاكم أن يقوم بهذه الأمانة على الوجه الأكمل، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته....) ودخل أبو مسلم الخولاني على معاوية بن أبي سفيان فقال: "السلام عليك أيها الأجير، فقالوا: قل: السلام عليك أيها الأمير، فقال: السلام عليك أيها الأجير، فقالوا: قل أيها الأمير، وأعادها ثلاثاً، ثم قال: إنما أنت أجير استأجرك رب هذه الغنم لرعايتها، فإن أنت هنأت جرباها، وداويت مرضاها، وحبست أولاها عن أخراها، وفّاك سيدك أجرك.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية بعضاً من واجبات الخليفة المتعلقة باختيار ولاته قائلاً : "وليس عليه أن يستعمل إلا الأصلح الموجود، وقد لا يكون في موجوده من هو صالح لتلك الولاية، فيختار الأمثل في كل منصب بحبسه، وإذا فعل ذلك بعد الاجتهاد التام وأخذه للولاية، فقد أدى الأمانة، وقام بالواجب في هذا، وصار في هذا الموضع من أئمة العدل المقسطين".
وليس في الإسلام سلطات مطلقة ممنوحة للحاكم أو الخليفة، وإنما هي واجبات، وعلى الحاكم أن يقوم بهذه الواجبات، وتقتصر مهمته على تنفيذ أحكام الشريعة، ويعتبر كل فرد في المجتمع الإسلامي رقيباً على الحاكم وعلى جميع ولاته ووزرائه، ويحتكم الجميع في النهاية إلى القرآن والسنة، وعلى الجميع أن يتقبلوا حكم الشريعة، دون أن يكون لأحد من الحكام أو من الأفراد الحق في تجاوز تلك الأحكام.
وإذا كان الإسلام قد فرض على الناس الطاعة للحاكم فإن هذه الطاعة مشروطة بألا تكون الأوامر الصادرة من الحاكم مخالفة للشريعة، وعندئذٍ فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (على المرء السمع والطاعة فيما أحب أو كره ما لم يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)
إذاً الثيوقراطية أو ما يسمى بحكومة رجال الدين ليس من الإسلام ولا علاقة له بها، ولطالما حاول أعداء الإسلام والمتجنون عليه أن يصموا حكم المسلمين بمثل هذا الشكل من الحكومات، ويقولون: إنه عفا عليها الزمن لأن أوروبا تركتها بعد الثورة الفرنسية، ونرى بعض مُدّعي الإسلام -وهم منافقون في الواقع- يعارضون حكم الإسلام والدستور الإسلامي بحجة أنه يعني حكم المشايخ أو وزارة الأوقاف، وهم بذلك يفضحون جهلهم بالإسلام وغربتهم عنه أولاً، وثانياً يفضحون مقدار عمالتهم الفكرية حيث يريدون تطبيق المفاهيم اليهودية أو المسيحية على الإسلام. إن الإسلام قد جاء لهدم الحكم الديني الممثل في عصمة رجال الدين، ولكن بعض كتاب المسلمين خلطوا بين هذه الحكومة الدينية كما عرفتها أوروبا في القرون الوسطى حتى الثورة الفرنسية وبين نظام الإسلام. فالحكم في الإسلام ليس حكماً (ثيوقراطياً) لكن جهل أنصاف المتعلمين الذين يقيسون الإسلام بالكنيسة في العصور الوسطى، جعلهم يتوهمون أن الحكم الإسلامي "ثيوقراطي".
هذه هي صيغة الدولة الثيوقراطية التي يخاف منها المتغربون العرب، وهي صيغة لم تظهر في التاريخ الإسلامي، وتتناقض بشكل كامل مع المبادئ الإسلامية.
هي حالة خاصة بالتاريخ اليهودي والروماني والأوروبي، والذين يستخدمون المصطلح من العرب لا يعرفون حقيقته، أو أنهم يعرفونه ويستخدمونه لإثارة الاضطراب ولتحقيق أهداف سادتهم.
كانت الثيوقراطية في الغرب عدو للنهضة، وتسلط رجال الكنيسة، ولكي تحقق أوروبا النهضة كان لابد أن تتخلص من تلك الصيغة، ولذلك قام الفلاسفة الأوروبيون بالهجوم على هذا المصطلح الذي أصبح يحمل دلالات سيئة، من أهمها أنه يرتبط بالتخلف والاستبداد والعبودية والقهر، وكان لابد من تحديد سلطات الملوك، وبالتالي كان لابد من إزالة صفة القداسة عنهم، والتعامل معهم كبشر، وليس كظل الله على الأرض، ولتحقيق ذلك كان لابد من كسر تحالف الملوك مع الكنيسة، ومنع الكنائس من التدخل في شؤون الدولة، وكسر احتكار الكنائس للمعرفة، وفي الوقت نفسه القضاء على الإقطاع لتصعد الطبقة البورجوازية، وتبني المصانع التي قامت عليها النهضة الأوروبية الحديثة ، ولذلك اعتبرت الثيوقراطية في التاريخ الأوروبي العدو الرئيسي للنهضة والتقدم، وهي بالفعل كذلك.
ومصطلح الثيوقراطية يصف حالة تحالف الملك والكنيسة والإقطاع في التاريخ الأوروبي، لذلك لابد أن يستخدم في سياقه التاريخي ليصف تلك الحالة بشكل محدد ودون تزييف أو تلفيق، والدولة الإسلامية ليست دولة ثيوقراطية، ولم تظهر حالة التحالف في التاريخ الإسلامي، ولم يكن هناك أحد يحتكر المعرفة، وليست هناك أسرار أو غموض في تعاليم الإسلام. الإسلام بنى دولة متميزة، ولذلك لا بد من دراستها بمصطلحاتها ومفاهيمها، وفي إطار سياقها الحضاري والتاريخي، وسوف نكتشف أنها دولة تختلف تماماً عن التجارب الرومانية والأوروبية، وأن وصفها بالمفاهيم الأوروبية هو عملية تزييف وتضليل.
وانظر إلى الفارس المسلم ربعي بن عامر عندما عبر عن هذا المعنى بوضوح في رده على كسرى: "إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة". لقد كان ربعي واعياً بتميز الدولة الإسلامية عن الدولة الثيوقراطية الرومانية التي تستخدم الدين في الجور، ولذلك أوضح أن هدف الدولة الإسلامية إخراج العباد من جور الأديان إلى عدل الإسلام. أي كسر حالة الثيوقراطية التي تقوم على التحالف بين الملك والكنيسة والإقطاع.
إن تاريخ الدولة الإسلامية يشهد بأن حالة الثيوقراطية لم تظهر على الإطلاق طوال التاريخ، وكل مسلم يملك الحق في أن يتعلم، وفي أن ينضم للجيش، ويصبح فارساً والبيعة العامة شرط أساسي لاختيار الحاكم، ونظام الدولة الإسلامية يقوم على الشورى التي يمارسها المسلم عبادة لله كما أن كل مسلم عليه واجب هو أن يتعلم العلم ويعلمه عبادة لله، وكان الخلفاء ينشئون المدارس، ويشجعون على نسخ الكتب ونشر المعرفة. ولم يكن هناك احتكار للمعرفة، ولكن كان هناك تشجيع على التعليم، ونشر المعرفة، ونحن نستطيع أن نقول إن المجتمع الإسلامي منذ دولة الرسول في المدينة كان أول مجتمع معرفة في التاريخ، ولم يشهد تاريخ الإسلام أحداً منع تطوير علم من العلوم، بل تطورت كل العلوم في الحضارة الإسلامية، وطور المسلمون المنهج التجريبي الذي شكل أساس النهضة العلمية الحديثة.
لذلك فإن من يستخدم مصطلح الدولة الدينية بدلالة المصطلح الأوروبي الثيوقراطية هو جاهل بتاريخ أوروبا وتاريخ الإسلام، أو يقوم بعملية تزييف وتضليل لمصلحة الاستعمار الغربي، ولمنع المسلمين من تحقيق نهضتهم التي لا يمكن أن تقوم إلا على أساس الإسلام. ويجب أن نفهم الإسلام بمصطلحاته ومفاهيمه بنوايا مخلصة، ولكي تحقق الأمة استقلالها الشامل يجب أن تفهم الإسلام بوعي وثقة وإيمان، وأن ترفض الذين يحاولون أن يزيفوا وعيها. فالمثقف الحقيقي هو الذي ينتمي لأمته، ويعمل لبناء نهضتها .
(المصدر د. عادل عمر ،"الشريعة في مواجهة الحكم الثيوقراطي والدولة الدينية "
منتدى دار العلوم القانونية والإسلامية والإنسانية
http://adel-amer.catsh.info/vb/showthread.php?t=6882
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق