تسود حالة من الغضب بين المصريين بسبب إصدار مرسوم قانون يقضي بتجريم التظاهرات، حيث قال عضو ائتلاف ثورة 25 يناير لـ "إيلاف" إن هذا المرسوم يعود بمصر إلى "عهد الإستبداد والقمع" مؤكداً أن الثورة إندلعت من أجل الحرية والقضاء على الفساد.
القاهرة: تنتاب حالة غضب شديدة الشعب المصري بسبب إصدار مرسوم قانون يقضي بتجريم التظاهرات، وفض عدة إعتصامات بالقوة، منها إعتصام طلاب كلية الإعلام في جامعة القاهرة، وإعتصام 20 في سجن ليمان طرة.
ووفقاً لمرسوم القانون فإنه يعاقب بالحبس أو الغرامة التي لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من قام أثناء سريان حالة الطوارئ بوقفة احتجاجية أو اعتصام أو تجمهر أو شارك في ذلك، بحيث عاقت أو عطلت هذه الأفعال العمل بجهات العمل الخاصة أو العامة، ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبالغرامة التي لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تتجاوز 500ألف جنيه إذا استخدم العنف أثناء الوقفة أو الاعتصام أو التجمهر، ويعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 30 ألف جنيه ولا تتجاوز 50 ألف جنيه كل من حرض أو دعا أو روج بالقول أو الكتابة أو بأي طريقة أخرى للإعتصامات.
وقال وائل جمال عضو ائتلاف ثورة 25 يناير لـ "إيلاف" إن "ذلك المرسوم يعود بمصر إلى عهد الإستبداد والقمع، مشيراً إلى أن الثورة إندلعت من أجل الحرية والقضاء على الفساد وإصلاح أحوال المجتمع، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقابل المظاهرات السلمية لعمال المصانع والعاملين في المؤسسات المختلفة الذين يعانون من ظلم فاحش منذ ثلاثين عاماً بالسجن لمدة عام والغرامة التي تصل إلى نصف مليون جنيه"، لافتاً إلى أن "النظام السابق سمح لهذه الفئة في آخر أيامه بالتظاهر السلمي في المصانع والشركات، بل وأمام مقر مجلس الوزراء ومجلس الشعب والشورى، وحققت الكثير من المكاسب في تلك الفترة. معتبراً أن منعها في المرحلة الحالية يعتبر إنقلاباً على الثورة المصرية التي قام بها هؤلاء أنفسهم، ومن حقهم أن يحصدوا ثمار نضالهم".
ووفقاً لرئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية عمار على حسن فان "السلطة الحالية في مصر قد ضاقت بالحرية التي إكتسبها الشعب المصري من خلال ثورته العظيمة"، وقال "إن قمع إعتصام طلاب كلية الإعلام وإجبارهم على فضه بالقوة غير مقبول"، مشيراً إلى أن مرسوم قانون منع التظاهر، "يصلح للعمل في العهد البائد، حيث كان القمع هو العنوان الأكبر في سياساته تجاه المواطنين، بل إن هذا القانون حاول النظام السابق تمريره في مجلس الشعب، لكنه تعرض لمعارضة شديدة، فلم ير النور"، متسائلاَ بدهشة: "كيف يخرج للنور بعد ثورة 25 يناير التي إنتفضت أنتصارا لحرية الرأي والتعبير"؟
وحسب حافظ أبو سعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان فإن الحق في التظاهر السلمي كان أحد أهم مكتسبات ثورة 25 يناير، مشيراً إلى الحكومة الحالية استمدت شرعيتها من اعتصامات ميدان التحرير، واصفاً القانون بأنه "انتكاسة للديمقراطية وعودة لسياسة تكميم الأفواه التي كانت تتبع في زمن النظام السابق".
وأضاف أن اللجوء لسياسة العقاب بدلاً من سياسة التفاهم والإقناع والتواصل وإقامة جسور مع الطبقات المهمشة والقطاعات المظلومة ومعرفة أسباب اتجاههم إلى الاعتصام، أمر غير قبول، وطالب أبو سعدة الحكومة بالتراجع عن هذا القانون، لاسيما وأنه لا يتفق مع طبيعة المرحلة الراهنة في ضوء الحديث عن الحريات والحقوق، منوهاً بأنه ينسجم أكثر مع مرحلة ما قبل الثورة، حيث ترسانة القوانين التي تقيد الحق في التجمع السلمي، ومنها قانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914 وقانون الاجتماعات والمظاهرات رقم 14 لسنة 1923.
وهاجمت العديد من المنظمات الحقوقية والتيارات السياسية ذلك القانون الذي أصدره المجلس العسكري، معتبرين إياه "إنقلاب على متكسبات الثورة، وعودة إلى عصر الإستبداد والقهر". وحسب المنظمة المصرية لحقوق الإنسان فإن المرسوم يعتبر انتهاكاً للحق في التظاهر وحرية الرأي والتعبير المكفول بمقتضى الدستور والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان التي صدقت عليها الحكومة المصرية وأصبحت نافذة قانونيا فيها. وطالبت المنظمة المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالتحقيق الفوري في فض إعتصام طلاب كلية الإعلام بالقوة وسرعة محاسبة مرتكبيها وإعلان نتائج التحقيق للرأي العام.
فيما وصفت عشرة منظمات أخرى في بيان لها حصلت "إيلاف" على نسخة منه المرسوم بأنه " يمثل تدعيماً للبنية التشريعية الاستبدادية بما يخالف كل الحقوق والحريات الراسخة بموجب المواثيق الدولية التي التزمت بها مصر. وإعتبرت أن فض إعتصام طلاب كلية الإعلام بالقوة "انقلاب على المبادىء الأساسية التي أرستها الثورة المصرية".
وأضافت أن استخدام العنف في التعامل مع الاحتجاجات يعود بمصر إلى أيام الحرس الجامعي وسيطرة أمن الدولة على المناحي المختلفة للحياة الجامعية، ويهدر كافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تكفل حرية التعبير عن الرأي وحقي التظاهر والاعتصام، كما يشكل إهدارا لعشرات الأحكام القضائية التي أكدت على حرية النشاط الطلابي وحرية التعبير عن الرأي، وعدم شرعية وجود قوات أمنية داخل الجامعة.
و إتهمت حركة 6 أبريل من وصفتهم بـ "بقايا نظام الرئيس السابق بالوقوف وراء الإعتصامات الفئوية، لإحداث فتنة بين الشعب وإسقاط شرعية الثورة"، وأكدت أن هناك وسائل عدة يمكن استخدامها لمنع المظاهرات، واحتواء أصحابها عبر فتح حديث مباشر مع العمال أو الموظفين.
وأشارت إلى أن المطالبة بحرية التعبير عن الرأي كانت احد اهم أسباب الإنتفاضة المصرية في 25 يناير، ولا يمكن بأي حال من الاحوال منع تلك المظاهرات مهما كانت أسبابها ومهما كان من يقف خلفها، وأكدت أنه يمكن إيقاف الثورة المضادة بسهولة، وبالتنسيق مع كل القوي السياسية الإجتماعية الموجودة لإحتواء المطالب الإجتماعية ووضع خطة لتحقيقها.
ومن جانبها، دافعت حكومة عصام شرف عن المرسوم، وقال مجدي راضي المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء لـ"إيلاف" القانون ليس ضد حرية الرأي والتعبير، مشيراً إلى أنه موجه ضد الإعتصامات والإحتجاجات التي من شأنها تعطيل سير العمل في المؤسسات العامة أو الخاصة، بما يؤثر بالسلب على الإقتصاد المصري، ويعطي إنطباعاً لدي المستثمرين يفيد بأن مصر ما زالت تعاني من الإضطربات.
إلى ذلك، كشفت المنظمة المصرية عن تعرض نحو 20 في سجن ليمان طرة للضرب والإعتداء البدني بقسوة، إجبارهم على فض إضرابهم عن الطعام الذي دخلوه منذ 22 من شهر مارس الجاري، ووضعهم في الحبس الانفرادي ومنع الزيارة عنهم.
وقالت المنظمة في تقرير لها، إن السجناء المضربين عن الطعام امضوا أكثر من ثلاثة أرباع مدة العقوبة المقررة بشأنهم، ونظرا لقيام الحكومة المصرية بالإفراج عن عدد كبير من السجناء في أعقاب ثورة 25 يناير، تقدم هؤلاء النزلاء بالعديد من الالتماسات للإفراج عنهم، إلا انه لم يتم الاستجابة لمطالبهم، مما دفعهم إلى الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام بتاريخ 22 مارس 2011، لكنهم فوجئوا اليوم الخميس بقوات أمن سجن ليمان طره تفض اعتصامهم بالقوة، وتعتدي عليهم بالعصي، وطالبت المنظمة النائب العام بالتحقيق في الواقعة، معتبرة أن ما حدث يتنافي مع نص المادة العشرة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي ينص على أن " يعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني".
نقلا عن ايلاف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق