بقلم: سلامة أحمد سلامة
16 ابريل 2011
الشعب والجيش يد واحدة»، تحت هذا الشعار حمى الجيش الثورة وحافظ على تعهده بألا يطلق رصاصة واحدة على الحشود الثائرة ومظاهرات الاحتجاج التى غيرت وجه التاريخ فى مصر. ونجحت الثورة فى تحقيق معظم أهدافها ــ وربما ليست كلها ــ فأسقطت النظام الجائر الذى حكم البلاد وأكثر فيها الفساد.
واستمرت المظاهرات المليونية أسبوعا بعد أسبوع فى سجال صحى لم ينقطع. أسهم فى دفع حركة التغيير خطوة خطوة إلى الأمام. وصبر عليه الناس لأنه كان يسبق تحرك المجلس العسكرى ويستجيب لتطلعات الشعب.
ولكن هذه المظاهرات المليونية شهدت ارتدادات مقلقة بعد ذلك، حين بدا التظاهر هدفا فى حد ذاته، تستغله عناصر من المشاغبين والبلطجية والخارجين على القانون. وكان ما حدث يوم الجمعة الماضى مؤشرا إلى حالة من الفوضى التى استغلتها جماعة من البلطجية وانضم إليها حفنة من شباب العسكريين. وحدث اختلاط بين الذين احتضنوهم من شباب الميدان على أنه نوع من الشهامة و«الجدعنة» وبين عناصر شوارعية من الطبقات الشعبية. أصروا على خرق الحظر والمبيت فى الميدان حتى الصباح دون سبب ظاهر.
بعض الذين يدافعون عن هذه التصرفات ويتعاطفون معها، يستهويهم غموض الثورة وسحرها. ويلتمسون الأعذار لما يقع من أخطاء باسم الثورة. مع أن شباب الثورة فى الأغلب برىء منها. وهو ما يؤدى بالضرورة إلى إحداث فجوة، ليس بين الجيش والشعب فقط ولكن أيضا بين الثورة والشعب. فقد أبدى أصحاب الدكاكين والمحال فى الميدان وجموع الناس العاديين ضيقهم من استمرار «وقف الحال» كما يسمونه. وشكا البسطاء من غمار الناس فى الصعيد من أن توقف السياحة وتعطل الأعمال أدى إلى تضييق أبواب الرزق.
دع عنك وقف عجلة الإنتاج فى كثير من المجالات!
ربما كان أكثر ما حفز الجيش على فض الاعتصام الأخير بشىء من الخشونة، وإخلاء ميدان التحرير من البلطجية واعتقال نحو 150 منهم ثم الإفراج عنهم بعد ذلك، هو الحرص الواضح على إبعاد العناصر العسكرية التى تورطت فى التظاهر والإحاطة بهم وإخراجهم من ميدان التحرير أخذا بمبادئ الضبط والربط فى الجيش. ولا يوجد فى العالم جيش يسمح لأفراد منه بالتظاهر بالزى العسكرى.
وهذا ربما ما لم يدركه كثيرون من الذين لاموا مداهمات الشرطة العسكرية لبعض ما وقع من تظاهرات هنا وهناك. أو تعاطفوا مع من ألقى القبض عليهم من البلطجية!
إن الثورة بقدر ما لها من حقوق فى الدفاع عن أهدافها وحماية نفسها من مخاطر الثورة المضادة، عليها واجبات تقتضى الحفاظ على نقاء الثورة وشرعيتها التى أيدها الشعب، واعتبرها جزءا من آماله ومستقبله.
الآن بعد أن فض الجيش الاعتصام الأخير فى ميدان التحرير، وطهره من قنابل المولوتوف المخبأة وساعد الشباب فى إخلائه من الأسلاك الشائكة والمركبات المحروقة والقطع الحديدية والشتائم المتبادلة ومظاهر الانحطاط والفوضى التى لوثت وجه الثورة. وأوشكت أن تصرف أفكار الشعب عنها. فلابد أن تجتمع قوى الشباب على عقل ثورى واحد، وأن تضع ميثاقا لميدان التحرير ينظم الاجتماعات والتظاهرات التى تعقد فيه.. تكون نواة لتحركاتهم المستقبلية فى مواجهة التطورات التى لم تكتمل بعد: سواء فى الانتخابات البرلمانية ثم الرياسية ووضع دستور جديد وتغيير المحافظين.
والآن بعد أن بدأ التحقيق مع الرئيس المخلوع، وصدر قرار بحبس علاء وجمال مبارك للتحقيق معهما، ونقلا إلى سجن طرة مع معظم أركان النظام السابق، وأصبحنا قاب قوسين أو أدنى من إقامة نظام ديمقراطى، فلابد أن يستخدم حق المتظاهر والاحتجاج فى تحقيق أهداف الثورة، وأن يركز الشباب أنظارهم على الخروج من الحاضر الكئيب الذى عشناه إلى آفاق المستقبل الرحبة.
هناك مؤشرات قوية بأن الأوضاع الاقتصادية فى مصر بلغت مرحلة لا تدعو للاطمئنان. وهو ما أشار إليه اللواء إسماعيل عتمان عضو المجلس العسكرى فى تصريحات تليفزيونية، قال فيها إن مصر تواجه تحديات كبيرة. حيث يخسر قطاع السياحة 40 مليون دولار يوميا، وأن عجز الموازنة بلغ 11.8٪ حيث هبط حكم الاحتياطى النقدى من 36 مليارا إلى 30 مليار دولار.
ومعنى ذلك نفاد الاحتياطى النقدى خلال 10 أشهر.. وهذه أرقام مخيفة، لن تفلت الثورة من نتائجها وتداعياتها!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق