يسعى بعض الممثلين فى بداية الطريق – وبعضهم يجد نفسه مضطراً – إلى قبول أى دور يعرض عليه لتحقيق مجموعة من الأهداف، من أهمها فرض الوجه على الشارع بأسرع ما يمكن، وبناء قاعدة علاقات حيوية فى الوسط السينمائى بأعرض ما يمكن. وعند نقطة ما، يختلف موقعها من حالة إلى أخرى، يتبدل الحال من الانتشار إلى الاندثار أو إلى الاختيار. بلغة الممثلين هذه، تمر مصر حالياً بمرحلة الانتشار، على أمل أن تصل يوماً ما إلى مرحلة الاختيار وأن تتجنب مصيبة الاندثار.
لاتزال مصر تمر بحالة أشبه بعملية القلب المفتوح فى مشهد درامى تتسلط فيه الأضواء الكاشفة من فوق رؤوس الأطباء والممرضات على جسد ممدد مفتوح الصدر نحو أوعية دموية دقيقة فى القلب تختبئ فى تلافيفها أورام، بعضها حميد وبعضها الآخر خبيث. سيكون من بين المحيطين من ينفطر توسلاً إلى الله عسى أن يأخذ بيد المريض، مثلما سيكون من بينهم من يتلاعب بأسلاك الأجهزة الداعمة، وسيكون من بين الأطباء من يحاول التركيز فى أجواء مضطربة، مثلما سيكون من بينهم من يضطر من حين إلى آخر إلى استخدام أسلوب الصدمات الكهربية.
فى خضم مشهد كهذا، يُتخذ من غرفة العناية المركزة مسرحاً تنتشر فى بقية أرجائه فجأة مجموعات وأفراد وفرق وشيع، بعضها من داخل المستشفى وبعضها الآخر من خارجه، لكنهم جميعاً يدركون كم حاسمة هى هذه اللحظات! بعضها حسن النية، وهو يعلم، بعضها سيئ النية، وهو يعلم. بعضها ينتشر لأول مرة فلا يكاد يرى أمامه، وبعضها ينتشر فى الممرات عثرة فى طريق هؤلاء الذين انتشروا مهرولين بأسطوانات الأكسيجين.
فى خضم مشهد كهذا تنتشر بقية عروق مصر فى كل اتجاه بعد عهد طويل كبيس من الانحباس الإرادى واللا إرادى. سيكون من المفيد، والأمر كذلك، أن نتذكر الفارق بين الطبيعى والاستثنائى، وأن نعلم أن ما نمر به الآن يدخل معظمه من باب الاستثنائى، الذى يفتش شغفاً وانفعالاً عن الطبيعى الجديد. سيكون أيضاً من المريح أن ندرك أن حالة كهذه لا يمكن أن تخلو من ارتباك ومن منحنيات صاعدة تؤدى فجأة إلى منحنيات هابطة. وسيكون من الرائع أن نحتفظ صوب العين بحقيقة أن حالة كهذه لا يمكن أن تستمر إلى الأبد.
«إلى أين إذن من هنا؟».. سؤال جيد، لكنه سؤال يحمّل روح مصر أكثر مما تحتمل الآن. السؤال الأكثر نفعاً فى هذه اللحظات: «هو كيف يمكن أن نبقى الجسد المصرى على قيد الحياة بينما لانزال عاكفين على فصل الخبيث عن الحميد بين أوعية دموية مهترئة؟»، بعبارة أخرى: كيف يمكن أن نمضى على طريق «الانتشار» رغم عثرات كثيرة، بعضها عمدى وبعضها الآخر «صدفى»، دون أن نصطدم فجأة بمرحلة «الاندثار» بينما كنا منشغلين بحلم رفاهية «الاختيار»؟
هذا الحلم الجميل المشروع سيتحقق وحده حين نحرص على ألا تغيب هذه الصورة عن الأذهان.
- أرسل إلىَّ شاب يعمل فى شركة إنترنت كبيرة رسالة مدعومة ببياناته الشخصية يقول فيها إنها كانت مجبرة على التعاون مع جهاز أمن الدولة لإعطائه معلومات عن أرقام تليفونات أناس كانوا يستخدمون الإنترنت عن طريق الشركة، كما أن الشركة اشترت جهازاً جديداً اسمه SEC Cisco 2000 يقوم بالتجسس على الإيميلات والمواقع التى يستخدمها الناس المتعاملون على الشركة، وكان ذلك بأمر مباشر من النظام السابق، وهو يقول بالنص فى رسالته المثيرة للقلق: «ولم يتوقف ذلك بعد زوال النظام، ودلوقتى حالاً يتم تحويل كل العملاء عشان يعدوا على الجهاز ده اللى هو فى رأيى منتهى الانتهاك لحريات مستخدمى الإنترنت»، سأقوم بإيصال هذا الشاب بمن يرغب من ناشطى حقوق الإنسان لكى تتم متابعة هذه القضية وإيقاف أى انتهاكات تتم لحريات مستخدمى الإنترنت، وأتمنى أن تظل جميع الأعين مفتوحة ويقظة فيما يخص تعاملات الأجهزة الأمنية وإن تغيرت أسماؤها وقياداتها لكى لا نصحو ذات يوم ونجد أن كل ما ناضل المصريون من أجله قد ذهب هباء منثوراً لا قدر الله.
- الأستاذ محمد مصطفى لديه صديق طبيب يعمل بالجامعة ويهوى الدخول فى مناظرات دينية، رغم أنه لا ينتمى لأى تيار، وهو يقوم بالدخول على غرف المحادثة (البالتوك) باسم مستعار كى لا يمثل اسمه المسلم حاجزا، وبعد أن قدم نفسه فى إحدى الغرف على أساس أنه قبطى يعيش فى مصر، وبعد مساهمات عديدة له وجد نفسه أمام شخص يحاول تجنيده، فأخذ يسايره وبعد فترة من التعارف بدأ يتحدث معه حول إمكانية أن يتعاون معهم يوم الانتفاضة الفلسطينية الثالثة بأن يخرج فيها ويشجع المتظاهرين على الفوضى وإشعال الحرائق لإظهار المسيرة السلمية بوجه قبيح، وقد قام الطبيب بتسجيل بعض المحادثات وذهب بها إلى مباحث الإنترنت وتم تحويله إلى مساعد الوزير الذى أخذ الموضوع باهتمام وبدأت متابعة الموضوع وأتمنى أن تكون قد توصلت إلى شىء.
أتمنى أن يفكر فى مضمون هذه الرسالة كل الذين سيشاركون فى فعاليات الانتفاضة الفلسطينية الثالثة فى جميع أنحاء البلاد لكى يحذروا من أى عمليات تخريب متعمدة يمكن أن تؤدى لإفساد هدفها النبيل، وأدعو كل الشباب لأن يتمسكوا دائما بشعار (سلمية.. سلمية) وأن يحذروا من تصرفات بعض المنفلتين الذين لا يعلم نواياهم إلا الله والذين لا يكفى أن نتأكد من حسن نواياهم فقط، بل ينبغى أن نتأكد أيضا من رجاحة عقولهم، فحسن النوايا مع غياب العقل قاتل ومدمر، وعلينا جميعا أن نحرص على ألا تنقلب هذه المسيرات من أداة لإرعاب إسرائيل والضغط عليها لمصلحة الشعب الفلسطينى والأمة العربية إلى أداة تخدمها وتحقق أهدافها فى إجهاض الثورة المصرية، وأتمنى على السيد وزير الداخلية أن يخرج على الرأى العام اليوم وفوراً ببيان يكشف فيه ما تم من تحقيقات فى هذه القضية أو ينفى وجود قضية من أصله، لكى يضع النقاط على الحروف.
- هل هى زلة لسان غير مقصودة أم أنها تفصح عن مكنون الصدور؟! سؤال يطرح نفسه بعد قراءة تعليق للمدقق المالى محمد الشافعى وهو يعلق على مداخلة قام بها وزير الصحة الدكتور أشرف حاتم مع الأستاذ إبراهيم عيسى فى برنامج (فى الميدان) على قناة التحرير قال فيها عن جمال مبارك: «الأستاذ جمال مبارك ربنا يفك سجنه؟».
وأكمل الوزير كلامه دون أن يعتذر عن عبارته الصادمة التى تجعلنا نسأل: هل يعرف أن فى مصر ثورة قامت بسبب جمال مبارك ورجاله وسياساته هو وأبيه، يضيف الأستاذ محمد: «أعتقد أن على الوزير أن يبادر بتقديم اعتذار صريح عن زلة اللسان هذه أو أن يقدم استقالته من وزارة الثورة التى لا يقتنع بمشروعيتها أو يكون على سيادة رئيس الوزراء إقالته وبأقصى سرعة هو وكل وزير مثله لا يؤمن بأن هناك ثورة حدثت فى مصر وشهداء سقطوا».
- الأستاذ محمود عبدالرحمن، يعمل مبرمجاً فى شركة بالقاهرة، أرسل يحكى عن واقعة حصلت له يوم الجمعة قبل الماضى، عندما اتصل به على التليفون الأرضى رقم قادم من موبايل، وردّ عليه أخوه فلم يجب، وتوالت الاتصالات من نفس الرقم ولا جديد، فاتصل أخوه بالرقم من موبايله لكى يتأكد من هوية المتصل فلم يجب الرقم، ولكن بعد اتصالهم عاد ذلك الرقم لكى يتصل بهم مرة برقم الموبايل ومرة بالأرضى، ثم تطور الموقف وأرسل رسائل كثيرة على الموبايل منها رسائل فارغة، ومنها رسائل مبهمة مكتوب فيها «مخابرات مصر.. مصر فى خطر..
مخابرات أمريكية أمام مسلمين فرصة إعادة خلافة إسلامية»، وقد كتبت الرسائل بالأخطاء اللغوية الخفيفة التى بها، واستمرت الاتصالات قادمة منه هى والرسائل، حتى ضاق الأمر بالاتصالات الكثيرة والرسائل، فتم الاتصال بشركة موبينيل حتى تمنع اتصال هذا الرقم ولكنها لا تقدم خدمة البلوك، طبقا للأستاذ محمود، ونصحته باللجوء للمباحث، ولم تنقطع الرسائل والاتصالات إلا بعد أن أغلق موبايله وفتح سماعة التليفون الأرضى لفترة، لا يدرى الأستاذ محمود ما هو الهدف من هذه الرسائل والاتصالات لكنه يطرح علامة استفهام، وقد أرسل إلىَّ رقم التليفون الذى كان يتصل به، ورقم تليفونه لمن يهمه الأمر من الجهات المسؤولة.
- الأستاذة نورا محمد، مهندسة معمارية مقيمة مع زوجها فى دولة عربية، قالت فى رسالة إنها بعد وقوع حادث إمبابة كتبت تعليقاً فى موقع الدستور الأصلى على «فيس بوك» يهاجم بعض المنتسبين خطأ للسلفية دون أى سباب أو هجوم، وتقول إن التعليق لقى إستحسان الكثير، ولكنها فوجئت بشخص لا تعرفه يرسل لها رسالة تهديد على «فيس بوك» يهددها فيها بعمل بروفايل باسمها ويهدد بسرقة صورها الشخصية ووضعها فيه، قائلا لها بالحرف (هالففك الفيسبوك عشان تعرفى تتكلمى على أسيادك السلفيين)، تدخل زوجها وحدث شد وجذب بينه وبين الشخص الذى هددها، وفوجئ الإثنان بذلك الشخص يصعِّد ويقوم باختراق البروفايل الذى يحمل اسمها ليصدر منه رسائل بها سباب وتحريض على الأقباط، مدعيا أنه تم التحرش بها فى المظاهرة من الأقباط، ناسيا أنه مكتوب فى البروفايل أنها مقيمة فى مدينة كذا بالدولة العربية، تفكر الأستاذة نورا فى النزول إلى مصر لتقديم بلاغ للكشف عن هذا المجهول الذى يقوم بإثارة الفتنة وسبّ الأقباط.
- الأستاذ إسماعيل رضا أرسل يقول: «أنا للأسف مدخن، وأعانى من نقص نوع السجائر التى أدخنها فى السوق وكان ذلك مفهوما فى بدايات الثورة وفترة فرض حظر التجول، لكن فى هذه الأيام مازالت أسعار السجائر أعلى بكثير من سعرها الحقيقى، عندما عاتبت بائعا واتهمته بالاستغلال، ونفى ذلك وقال لى إن الموزع يبيع له كميات صغيرة وبسعر غالى، عشان فى ناس بتلم السجاير بأى كمية وأى سعر يوميا وبيودوها على رفح لإنها بتتهرب لغزة وتتباع هناك بتلاتين جنيه للعلبة مع إن سعرها الرسمى فى مصر عشرة جنيه، إذا ربطت ده بعواقب فتح معبر رفح والمصالحة الفلسطينية تقدر تاخد فكرة بسيطة بس عن المصالح المادية التى سيحارب من أجلها المنتفعون وسيحاربون الثورة من أجلها بأى شكل، وأرجو من الجهات المسؤولة أن تتابع السلع الأخرى التى تختفى من السوق المصرية أو يرتفع سعرها بلا مبرر، وأعتقد أن هذه المتابعة والمعرفة ستقودنا إلى معرفة أسماء بعض أعداء الثورة».
- الأستاذ بهجت إبراهيم العطار أرسل بريدا إلكترونيا يقول فيه إنه متأكد أن هناك عناصر مشبوهة تقوم بتوريط التيار السلفى الذى ينتمى إليه فى عمليات مخالفة للقانون، وهو يقول إنه تعرض لسرقة حسابات البريد الإلكترونى الخاصة به والتى تحمل عنوان (أنا مسلم الحمد لله) بالإنجليزية على الـ«ياهو» والـ«هوت ميل» والـ«فيس بوك» والـ«جى ميل»، وحدث ذلك فى يوم 2 مايو، ويقول أنه كان يحتفظ بكلمة مرور واحدة لتلك الإيميلات، كانت موجودة على البروفايل الخاص به على حسابه على فيس بوك، علما بأن هناك حساباً آخر لديه راسلنى منه لايزال موجودا على ذات الصفحة، ولكن تم استهداف الحسابات التى تحمل اسم «أنا مسلم» فقط، ويقول إنه حاول إبلاغ الشرطة بالواقعة ولكنه فشل فى تحرير محضر لإثبات الواقعة وإخلاء مسؤوليته عن هذه الحسابات، بدءاً من قسم الشرطة إلى مديرية أمن الإسكندرية. ولدىَّ رقم تليفونه لمن يرغب فى التحقيق فى الواقعة.
ألا هل نشرت.. اللهم فاستر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق