حلبة ملاكمة.. هكذا صار المسرح السياسي في مصر.. ووسط الحلبة يتقاتل فريقان.. مبارك وشلته ورموز عهده، والفريق الثاني هم الذين يحكمون البلاد حاليا
خلال الاسابيع الماضية وقعت بين الفريقين جولتان.. في الأولي حقق الفريق الثاني نصرا ساحقا وساق مبارك وأسرته ورموز عهده إلي السجون للتحقيق معهم في تهم مالية وجنائية.
وفي الجولة الثانية انتصر فريق مبارك.. وتجسد انتصاره في توالي الإفراج عن كبار المتهمين بالفساد والإفساد.. وتراجع نبرة المحاكمات ورفع لواء المصالحة والعفو.
والآن بدأت الجولة الثالثة.. والمفاجأة أن مبارك ورجاله بدأوا الجولة وهم أكثر قوة من ذي قبل بينما بدأها المسئولون الحاليون وهم خائفون من شيء ما.
حينما أصدرت جهات التحقيق قرارا بالإفراج عن رئيس مجلس الشعب السابق د. فتحي سرور بكفالة 100 ألف جنيه في قضية تضخم ثروته، لم يتوقف الكثيرون أمام القرار علي إعتبار أن »سرور« سيظل رهن الحبس علي ذمة قضيه أخري وهي قضية قتل المتظاهرين المعروفة بموقعة الجمل.
ولكن ما حدث بعد ذلك قذف بالدهشة في قلوب ملايين المصريين والقي بالرعب في قلوب ملايين أخري.
فبعد ساعات قليلة من الافراج عن د. سرور أصدرت جهات التحقيق قرارين بالإفراج عن رئيس ديوان رئيس الجمهورية د. زكريا عزمي بكفالة 200 ألف جنيه وعن سوزان ثابت زوجة حسني مبارك بدون أي ضمال مالي .. وعندها فقط شعر ملايين المصريين ان شيئا خطيرا يحدث خلف الكواليس، وبدأ المصريون يتبادلون رسائل علي الفيس بوك أغلبها، إن لم يكن كلها، تدور في فلك التوقعات بتوالي صدور قرارات الإفراج عن رموز النظام السابق وقال البعض ساخرا ان »الثورة ترجع للخلف والشلة تخرج من الحبس وتوقع الكثيرون ان تشهد الأيام القادمة الإفراج عن عدد كبير من رموز النظام السابق في مقدمتهم صفوت الشريف وجمال وعلاء مبارك ثم مبارك نفسه«!.
ودعا كثير من شباب الثورة - عبر مواقعهم الالكترونية علي شبكة الإنترنت إلي سرعة تنظيم مظاهرة مليونية لإجهاض ما أسموه أية محاولة للإفراج عن رموز النظام السابق.. وفي بيان حاد وحاسم حذرت اللجنة التنسيقية لجماهير ثورة 25 يناير من أية خطوة في اتجاه العفو عن الرئيس المخلوع وأيا من رموز النظام السابق الملوثة أياديهم بدماء الشعب كما قال البيان:»وأكد البيان أن أية مصالحة مع رموز النظام السابق ستشعل الثورة من جديد في ربوع مصر كلها وقال أية مصالحة سوف تدفع أبناء مصر للخروج إلي الشوارع والميادين حتي يجرفوا كل من يعبث بثورتهم«.
وأكدت اللجنة التي تضم »إئتلاف شباب الثورة« و»الإخوان المسلمين« و»مجلس أمناء الثورة« و»تحالف ثوار مصر« و»الأكاديميون المستقلون« وإئتلاف مصر الحرة - رفضها القاطع لاية مصالحة من رموز النظام السابق وقالت أنها ستحاكم كل من ارتكب جرائم جنائية أو سياسية مهما كانت النتائج والتضحيات وأنها ستستكمل الثورة ضد كل من يقف أمام إرادة الشعب ومهما كانت التضحيات.
واضافت أن جماهير مصر التي خرجت حاملة أرواحها علي أكفها وسقط منها شهداء في سبيل تحرير مصر من الطغيان والفساد ترفض كل اشكال الخداع التي تقودها بعض القوي الحليفة للنظام السابق.
وفي عبارات ملتهبة حذرت اللجنة رموز النظام السابق وقالت »كانت ثورة المصريين سلمية، وليست دموية وكانت حريصة علي إجراء محاكمات عادلة وعاجلة ومنجزه لكل رموز الفساد حتي يكونوا عبرة لكل من يحكم مصر في المستقبل فنحن نحاكم نظاما ولا نحاكم اشخاصا، إلا انه في ظل أوضاع تتحدث عن احتمالات صدور عفو عن بعض رموز النظام السابق فإن هذا ما لن يقبله المصريون وإذا حدث فستكون كل الخيارات مفتوحة.
ومن جانبه اعلن اتحاد شباب الثورة انه سيخرج في مظاهرة مليونية يوم 27 مايو للمطالبة باختيار مجلس رئاسي مدني لتنفيذ اهداف الثورة وتطهير الشرطة والقضاء والاعلام ومحاكمة كل الفاسدين واستعادة كل الاموال المنهوبة ويبدو أن حالة الغضب التي غطت شوارع مصر بسبب توالي قرارات الإفراج عن بعض رموز النظام السابق وتردد انباء العفو عن بعضهم، قد وصلت بسرعة للمجلس العسكري، ولهذا سارع هو الآخر بإصدار رسالته رقم 54 علي صفحته بـ »الفيس بوك« قال فيها ان المجلس لا يتدخل بصورة أو بأخري في الإجراءات القانونية الخاصة بمحاسبة رموز النظام السابق وأن هذه الإجراءات خاضعة للقضاء المصري العظيم.
ونفي المجلس في رسالته وجود اتجاه للعفو عن حسني مبارك وقال ما نشرته بعض وسائل الاعلام عن وجود اتجاه داخل المجلس للعفو عن الرئيس السابق حسني مبارك وأسرته غير صحيح وما نشر في هذا الشأن لا علاقة له بالمجلس الأعلي للقوات المسلحة.
وشدد المجلس علي أهمية الحذر من الأخبار والشائعات التي تهدف إلي إحداث انقسام ووقيعة بين الشعب المصري ودرعه - في إشارة للقوات المسلحة - وقال إن الشعب ودرعه لا يمكن فصلهما أبدا.
وإذا كان تبادل البيانات والرسائل بين الثوار والمجلس العسكري يعكس وجود حالة من القلق بدأت تسري في أوصال كل المصريين مما قد تحمله الأيام القادمة، إلا انه يكشف أيضا ان الثوار والمجلس العسكري حريصون وبشدة علي ان تظل بينهما علاقة أكثر قوة ومتانة من شعرة معاوية.
الحليم حيران
والحقيقة أن تحذيرات الثوار وتطمينات المجلس العسكري لم تنجح في محاصرة سيل الاسئلة التي تتوالي علي رؤوس المصريين وهي بكل المقاييس تساؤلات تجعل الحليم حيران.. فزكريا عزمي الذي قدرت تحريات نيابة الأموال العامة ثروته بمبلغ 10 مليارات جنيه متمثلة في 22 قصرا وشقة وقطعة أرض بخلاف فندق ولنش بحري ومزرعة للفواكه وعدد كبير من سيارات المرسيدس والمئات من ساعات الألماظ التي يصل ثمن الواحدة منها نصف مليون جنيه، بالاضافة إلي كميات ضخمة من الجنيهات الذهبية وبعض المقتنيات التي حصل عليها كهدايا من شخصيات عربية ومصرية.
د. زكريا عزمي الذي يمتلك كل هذا يتم إخلاء سبيله بضمان مالي قدره 200 ألف جنيه فقط يعني بمبلغ أقل من قيمة ساعة واحدة من بين مئات الساعات التي يمتلكها.. أليس هذا غريبًا!
وأيضا د. فتحي سرور الذي قالت تحريات نيابة الأموال العامة أنه يمتلك وزوجته 28 قصرا وفيلا وشقة و3 شركات تعمل في مجال الاستثمار السياحي والعقاري وتطوير البرمجيات، والتصدير والاستيراد، وتمتلك ابنته الكبري فيلا علي مساحة 800 متر في منتجع الغردقة وقطعة أرض مساحتها 15 كيلو مترًا مربعًا وسيارة بي أم دبليو، أما ابنته الثانية فتمتلك فيلا وشقتين وقطعة أرض وسيارة مرسيدس في حين يمتلك ابنه الوحيد شقتين وصالة ألعاب وثلاث قطع أراض.
وفوق هذا كله تمتلك الأسرة مجتمعة 3 فيلات بالإسكندرية والساحل الشمالي.. وعندما يتم التحقيق مع د. سرور بسبب تضخم ثروته يتم اطلاق سراحه بكفالة 100 ألف جنيه.. أليس هذا مريبًا!
يبقي عجب العجاب وهو ما حدث مع سوزان مبارك فالتحريات قالت إنها لم ترث عن أسرتها سوي فدانين اثنين من الأراضي بمحافظة المنيا وأنها لم يكن لها مصدر دخل سوي ما يمنحه لها زوجها من مرتبه الشهري ورغم ذلك فإن رصيدها في البنوك المصرية بلغ 4 ملايين جنيه كما أنها تمتلك فيلا بمصر الجديدة وأكدت مصادر أن خديجة الجمال زوجة جمال مبارك قالت أمام جهاز الكسب غير المشروع إن سوزان مبارك تمتلك حسابات سرية في بنوك سويسرية مسجلة ببصمة الصوت.
وكشفت تحريات الأموال العامة أن سوزان مبارك استولت علي 143 مليون دولار تبرعت بها جهات خارجية لمكتبة الإسكندرية واستولت علي 5 ملايين دولار تبرع بها العقيد الليبي معمر القذافي لهيئة الكتاب وعلي 51 مليون جنيه تبرعت بها وزارات التعليم والثقافة والإعلام والبترول لمكتبة الأسرة واستولت أيضا علي 100 مليون جنيه تبرع بها عدد من رجال الأعمال لحركة سوزان مبارك للسلام، وخارجيا أكدت صحف أمريكية أن سوزان مبارك دخلت نادي المليونيرات منذ عام 2000 حيث تمتلك أرصدة بنكية وعقارات في أوروبا وأمريكا تزيد قيمتها علي مليار دولار.. وعندما يتم التحقيق معها بتهمة تضخم ثروتها وتقرر جهات التحقيق حبسها احتياطيا لمدة 15 يوما بسبب وتعلن ذات الجهات أن يتعذر نقلها إلي سجن القناطر بسبب اصابتها بأزمة قلبية وبعد 24 ساعة تعلن جهات التحقيق نفسها نه تم إخلاء سبيل سوزان مبارك بعدما تنازلت عن كل ممتلكاتها للدولة ونفاجأ بأن ما تنازلت عنه سوزان مبارك لا تتجاوز قيمته 24 مليون جنيه فقط لا غير ونفاجأ للمرة الثانية أنها بصحة جيدة وأنها لم تكن تعاني أية أزمات قلبية!
وبعفوية شديدة تساءل كثير من المصريين وقالوا لو أن لصا سطا علي بنك وسرق كل ما فيه ثم ألقي القبض عليه فهل تتركه جهات التحقيق وتخلي سبيله لمجرد أن يقول خذوا كل الأموال التي سرقتها واتركوني لحال سبيلي؟!.
الاجابة: طبعا لا.. إذن لماذا أطلقوا سراح سوزان مبارك لمجرد أنها تنازلت عن جزء مما استولت عليه من المال العام؟!
رجل الشارع البسيط طرح هذا السؤال فلم يجد أحدا في مصر يجيبه ولكن اجابة السؤال جاءت من أمريكا! وتحديدا من العقيد عمر عفيفي الذي هاجر للولايات المتحدة منذ سنوات فارا بعمره من مطاردات حبيب العادلي ورجاله.
كلمة السر منير ثابت
أكد العقيد عمر عفيفي أن الافراج عن سوزان مبارك لم يكن أمرا عاديا ولا علاقة له بقوانين أو تحقيقات وإنما له علاقة بـ منير ثابت شقيق سوزان مبارك!؟
ومنير ثابت ليس فقط شقيق زوجة مبارك، ولكنه أيضا أحد كبار رجال البيزنس طوال الثلاثين عامًا الأخيرة وكان علي رأس الذين طاردتهم اتهامات الفساد وتلقي النائب العام العديد من البلاغات التي تتهم منير ثابت بالاستيلاء علي 2 مليار جنيه من المال العام وإهدار 143 مليون جنيه من المال العام أيضا وقال البلاغ الذي قدمه د. سمير صبري ود. صلاح جودة المحاميان - للنائب العام إن منير ثابت ترك الخدمة بالقوات الجوية عام 1980 واتجه للأعمال الحرة مستغلا صداقته بحسني مبارك باعتباره شقيقا لزوجة الرئيس أسس عام 1983 شركتين أولاهما شركة خدمات ملاحية باشرت نشاطها وعملها في مطار القاهرة وحققت أرباحا فلكية في سنوات قليلة أما الشركة الثانية فاشترك في تأسيسها رجل الأعمال حسين سالم وتم تسجيلها في الولايات المتحدة وتمكنت هذه الشركة من أن تقوم بنقل جميع ما تمنحه أمريكا من معونات اقتصادية وعسكرية لمصر.
وأوضح البلاغ أن نشاط منير ثابت تنوع بعد ذلك حيث كان علي رأس المساهمين في شركة تخصصت في بيع ديون مصر كما قامت بالترويج محليا وعالميا لشركات قطاع الأعمال.. وقال البلاغ أن منير ثابت الذي تولي رئاسة اللجنة الأوليمبية المصرية تلقي رشاوي بلغت 41 مليون جنيه من عدد من رجال الأعمال الروس مقابل تخصيص أراض لهم بمحافظة البحر الأحمر، كما استولي لنفسه علي قطعة أرض كبيرة فضلا عن استيلائه هو وحسين سالم علي معظم الأراضي المميزة بمحافظة جنوب سيناء وهو ما حقق له ثروة لا تقل عن 2 مليار جنيه.
ويبدو أن النائب العام »عبدالمجيد محمود« وجد في الاتهامات الموجهة لمنير ثابت ما يستوجب منعه من السفر، فأصدر قرارا بهذا المعني ولكن ما حدث بعد ذلك كان غريبا.. اختفي »ثابت« وقيل أنه هرب خارج البلاد عبر مطار طابا.
أما عن علاقة منير ثابت بإخلاء سبيل سوزان ثابت فيؤكد العقيد عمر عفيفي أن »منير« هرب خارج مصر حاملا معه مستندات وأوراقًا رسمية تدين شخصية سيادية كبيرة مازالت في الحكم.. ويقول »عفيفي« مبارك أجري اتصالا تليفونيا مع هذا المسئول وهدده بتسريب مستندات لوسائل إعلام عالمية تكشف تورطه في ارتكاب مخالفات مالية وتحقيق ثروة ضخمة بطرق غير مشروعة.
واضاف عفيفي أن مبارك قال للمسئول الكبير إذا نقلتوا »سوزان« للسجن فاستعد لنشر كل فضايحك في الصحف العالمية »ولازم كمان تشوفوا حل توقفوا به التحقيقات معايا ومع أسرتي وإلا »منير« يقصد منير ثابت بره ومعاه مستندات خطيرة ومنتظر مني اشارة لنشرها وساعتها مش هتلاقي حد في مصر يسلم عليك.
كلام العقيد عمر عفيفي يعني أن كواليس الحكم في مصر تشهد حاليا صراعا دمويا، وربما تكون المعركة الأخيرة بين رموز عصر ماض يمتلكون مستندات تؤكد تورط مسئولين يتصدرون المسرح السياسي في جرائم من ذات النوعية التي يحُاكم عليها مبارك ورموز عصره.
الجولة الثالثة
وإذا كان منير ثابت لديه- بالفعل- مستندات تؤكد تورط هؤلاء في جرائم فساد، فمن المتوقع أيضا أن يكون حسين سالم الصديق المقرب لحسني مبارك لديه هو الآخر مستندات من هذا النوع، وبالتالي فإن المعركة القادمة ستكون علنية ودموية ونتائجها مروعة وربما تحدث انقلابا في المشهد السياسي كله.
وهذه المعركة الفاصلة هي الجولة الثالثة من صراع رموز الماضي مع مسئولين يتصدرون المسرح السياسي حاليا. وفي الجولة الأولي من الصراع حقق الفريق الثاني نصرا ساحقا علي رموز الماضي وساقوا كبيرهم حسني مبارك ومعه كبار رجال عصره إلي السجون، ولكن هؤلاء لم يستسلموا وبدأوا جولة ثانية استعانوا فيها بكل الحيل.. مؤامرات.. دسائس.. طلب مساعدة الأصدقاء.. وأخيرا تهديدات بفضح خطايا مسئولين حاليين، والواضح ان فريق الماضي حقق نصرا واضحا في الجولة الثانية بدليل تراجع نبرة المحاكمات وتسريب معلومات عن مصالحات وعفو عن رموز الماضي ثم توالي الافراج عن رموز عصر مبارك.. د. فتحي سرور ثم د. زكريا عزمي وربما قريبا صفوت الشريف وباقي شلة مزرعة طرة.
والآن بدأت الجولة الثالثة والأخيرة.. بدأها مبارك ورجاله بالتهديد بفضح مسئولين كبار حاليين إذا لم يتم وقف المحاكمات وربما يطلبون السماح لهم بالسفر خارج مصر، وبقي علي هؤلاء المسئولين ان يردوا بشكل عملي وليس أمامهم سوي حل من ثلاثة ان يستجيبوا للتهديدات فينفذوها أو يردوا بقوة وحسم بأن يحيلوا مبارك وأسرته ورجاله لمحاكمات عاجلة ليؤكدوا بشكل عملي أن كل ما يتردد عن تورطهم في قضايا فساد هو كلام فارغ وطلقات فشنك، أما الحل الثالث فهو أن ينسحبوا من المسرح السياسي مفضلين شعار »لا لهم ولا عليهم«.
الكلمة للشعب
وأيا كانت نتيجة الصراع بين رموز الماضي ومسئولي الحاضر فإن الكلمة النهائية لن تكون للمنتصر في هذا الصراع وإنما ستكون للشعب.. ويقول د. أيمن عبده منسق حركة »كلنا واحد«: »انتهي عصر السلبية.. والشعب المصري الذي خرج يوم 25 يناير طالبا الحرية وإسقاط الطغاة لن يقبل ان يتلاعب أحد بأحلامه ومطالبه«.
ويضيف »كنا نتوقع أن نصل إلي ما نحن فيه الآن فبعد الثورة حدث تباطؤ في تقديم الفاسدين للمحاكمة ولولا توالي المظاهرات المليونية ما تمت محاكمة أحد ولهذا توقع البعض ان تكون تلك المحاكمات كمسرحية هدفها امتصاص الغضب الشعبي لفترة من الزمن وبعدها يتم اطلاق سراح جميع الفاسدين ويعودون للحياة كأن شيئا لم يكن وهو ما تحقق بالفعل وتمثل بشكل فج في اخلاء سبيل زكريا عزمي رئيس ديوان فساد حسني مبارك الذي تم اخلاء سبيله بكفالة هزيلة ايه يعني 200 ألف جنيه بالنسبة لرجل ثروته 10 مليارات جنيه!.. وكيف يتم اخلاء سبيله ولا يحاكم في اتهامات خطيرة تلاحقه مثل دوره في تهريب صاحب عبارة الموت ممدوح إسماعيل، ودوره في الإفساد السياسي الذي عاشته مصر لمدة 30 عاما ودوره في قتل المتظاهرين خاصة أن حبيب العادلي قال في التحقيقات ان زكريا عزمي هو الذي أبلغه بأن مبارك يطلب منه اطلاق الرصاص علي المتظاهرين.. وفوق هذا تقول غرفة المشورة بمحكمة جنح مستأنف مدينة نصر التي أخلت سبيل زكريا عزمي انها راعت كبر سن المتهم الذي يبلغ »72 عاما« فضلا عن مرضه واحتياجه لتناول الأدوية والرعاية المستمرة وهذه العبارة تفتح الباب واسعا لاطلاق سراح صفوت الشريف وكثير من المتهمين بالفساد.
وواصل د. أحمد عبده، بماذا نسمي ذلك كله؟.. وبماذا نسمي إخلاء سبيل سوزان مبارك بدعوي انها تنازلت عن ممتلكاتها.. ودي كانت عندها ممتلكات منين أساسا؟.. دي كلها فلوس الدولة يعني مال عام.. ثم هل نحن صرنا وطنا يطلق سراح اللصوص لانهم تنازلوا عن بعض ما سرقوه؟.. أليس هذا إهانة لمصر؟.
وفي ذات الاتجاه يؤكد أحمد صفي الدين رئيس جمعية شباب 25 يناير أن ثوار مصر بدأوا يحشدون أنفسهم لمظاهرات مليونية جديدة.. وقال ما يحدث في مصر الآن مسرحية هزلية هابطة فلن يقبل ثوار مصر أن يختطف أحد ثورتهم ويجهض حلمهم في مستقبل أفضل ليس به فساد ولا مفسدون وإذا كانت جهات التحقيق أخلت سبيل سوزان وزكريا عزمي وفتحي سرور، فإن للثوار كلمتهم التي سيقولونها في مليونية قريبا جدا بميدان التحرير فلقد سئمنا المماطلة والتسويف وسياسة مسك العصا من المنتصف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق