محمود سلطان -المصريون- | 17-02-2011
كثرت اللجان والأمانات التي تتحدث باسم ثورة 25 يناير.. ولا ندري من صاحب الفكرة وعلى أي أساس يتم اختيار الشخصيات التي "تتحدث" باسم الشعب المصري؟!
هذه ليست "وصاية" فقط على الشعب.. وإنما هي نمط من انماط "الاقصاء" والتهميش الموروث من ثقافة "الشللية" التي يبدو أنها قد انتقلت جيناتها الوراثية من عهد ما قبل مبارك إلى قطاع من الجماعات السياسية التي شرعت في قطف ثمار الثورة بحثا عن الشو الاعلامي والمنظرة والاتشاح بروب الثورة والثوار.
أعلم أن الثورة لها مطالب وكانت محددة وواضحة.. وربما تكون بحاجة إلى ما يشبه الإطار التنظيمي أو المؤسسي الذي يتبنى تلك المطالب ويراقب خطوات انجازها.. غير أن المشكلة في أن هناك من يحاول القفز إلى صدارة المشهد، بدون توكيل من الشعب.. يقول ـ مثلا ـ أنا "الأمانة العامة للثورة"!! ولا ندري من أين استقى هذا "الصك" وهذه "الهوية" ومن الذي منحه كل هذه الصلاحيات وما هي المعايير التي احتكم إليها في ضم هذا الإسم واستبعاد ذاك؟!
هذه الاشكال من تجليات التعبير من المفترض أن تكون نتيجة حوار وطني تشارك فيها كافة القوى السياسية والشخصيات العامة المستقلة وكتاب الرأي والصحفيين والفنانين والمحامين والقضاة والمهنيين "النقابات والروابط المهنية والعمالية" وغيرهم ، تتوافق على رؤى معينة يجري مأسستها بالرضا العام.
اعتقد أن ما يحدث الآن ليس فقط نوعا من الوصاية على خلفية فاشية اقصائية وحسب وإنما أيضا هي عمل تعوزه اللياقة واحترام الآخرين والطيف السياسي والاجتماعي والنقابي والمهني والطبقي أيضا من الشركاء في صنع هذا الحدث التاريخي الكبير.
ولا أدري ما إذا كانت هذه "الكيانات" التي تفرض وصايتها على الجميع، هي نتاج "كسل" عام للقوى السياسية الأخرى والتي ربما آثرت الراحة بعد الاطاحة بمبارك في 11 فبراير .. فتمدد الآخرون ـ من بينهم شخصيات ناضلت من منازلها ـ لشغل هذا الفراغ وانتحال صفة "صناع الثورة"؟!
كثير من الشركاء باتوا يشعرون بالاستفزاز.. وقد اتصل بي العشرات من الشباب والنشطاء والسياسيين من أكثر من محافظة مصرية، وعبروا لي عن غضبهم الشديد وهم يرون ثمرة الدم.. تذهب إلى سماسرة أو على الأقل إلى من لم يقدموا للثورة شيئا تميزوا به على الآخرين.. غير قدرتهم على استثمار الحدث لاشباع شهوة التسمر أمام كاميرات المراسلين والفضائيات على مدار الساعة.
من المدهش أنه ـ ومنذ سقوط مبارك ـ لم نلحظ وجود أي حوار وطني يناقش مسألة "التمثيل" ويؤسس لمتابعة أداء السلطات المصرية في المرحلة الانتقالية، على نحو يراعي الأوزان النسبية للقوى التي شاركت فعلا في الثورة.. وهو الغياب الذي أدى إلى هذه الفوضى في تأسيس تكتلات كل منها يدعي وصلا بليلي.. وليلى لا تقر له بذاك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق