إلى حين رفع غطائه، كان سلاح الجو الأميركي يقدم دورات تدريبية لضباطه تفيد أن إبادة العدو بالأسلحة النووية في حال نشوب الحرب العالمية الثالثة «واجبًا دينيًا ورد في الإنجيل»، وأن عيسى المسيح نفسه كان «محاربًا عظيمًا».
عيسى المسيح محبّ للقنبلة النووية تبعًا لسلاح الجو الأميركي |
على مدى 20 عامًا ظل القساوسة المقيمون في قاعدة فاندنبيزغ الجوية، في كاليفورنيا، يؤدون مهمة محددة وخاصة. فقد كان عليهم إقناع الطيّارين – رجالاً ونساء – الذين تقع على عاتقهم مسؤولية قصف مكان ما بالقنابل النووية في حال اندلاع الحرب العالمية الثالثة بأن ما يفعلونه ليس صحيحا أخلاقيًا وحسب، وإنما هو مبارك من لدن عيسى المسيح نفسه «لأنه يحب السلاح النووي».
كان هذا البرنامج عبارة عن دورة دراسية متكاملة يخضع لها اولئك الطيارون الذين تصبح مهمتهم استهداف مواقع العدو بالقنابل النووية في حال اندلاع حرب عالمية جديدة. ولغرض تبديد الوازع الأخلاقي و/ أو الديني الذي يمكن ان يردع معظم الناس عن أفعال مثل الإبادة البشرية، فقد كان أولئك القساوسة يفسرون بعض نصوص الكتاب المقدس على أن فيها التبرير الكامل للحرب الذرية.
وكان ضمن الدورة الدورة الدراسية استخدام برمجيات الكمبيوتر وبرامج الـ«سلايد شو» لربط الكتاب المقدس بالتاريخ وربط الاثنين بالحاضر. وكان ضمن ما تحتويه هذه التقديم بالصورة والصوت لشخصيات إنجيلية مثل النبي ابراهيم وجون المعمداني وأحداث مثل مهاجة الغوط الغربيين روما في العام 410 الميلادي.
على سبيل المثال، فقد كان ضمن الأحاديث الدينية التي يستشهد بها القساوسة مقولة القديس أوغسطين: «من الحق الثأر أو تجنب الشر، من أجل حماية الأبرياء واستعادة النظام الأخلاقي والاجتماعي».
كما كان اولئك القساوسة يستشهدون بما ورد في «سفر التكوين» من أن النبي ابراهيم شكّل جيشًا لإنقاذ النبي لوط، وأن أهل العهد القديم دخلوا في حروب بدافع ديني بحت. وقال المعلمون أيضًا إن «سفر القضاة» يورد أن الرب أمر القضاة بالنضال لإنقاذ إسرائيل من الطغاة الأجانب. ويمضي هذا البرنامج التدريبي ليربط بين قادة الرومان العسكريين وعيسى النبي ليخلص إلى أنه أيضًا «محارب عظيم، كما يرد في سفر الرؤيا 19:11» على حد قولهم.
بالطبع فلم يغفل البرنامج التدريبي الاستعانة بأحداث من التاريخ القريب لتعزيز بعده الديني. فقد كان يشير، مثلاً، إلى عالم الصورايخ الألماني فيرنر فون براون الذي قرر الهجرة إلى الولايات المتحدة بعيد الحرب لأن «الواجب الأخلاقي» كان يملي عليه تسليم نوع التكنولوجيا التي كان يتمتع بها للأميركيين «بسبب أنهم شعب يهتدي بالإنجيل».
الحديث عمومًا هنا بصيغة الفعل الماضي لأن سلاح الجو أغلق بالفعل هذه الدورات، التي كانت تحاط بالسرّية، بعدما رفع النقاب عنها موقع إخباري إلكتروني باسم Truthout «تروث اوت» (الحقيقة في العلن). وعُلم، بعد التحقيق في الأمر، أن 31 ضابطا تلقوا تدريبات في القاعدة – من البروتستانت والكاثوليك على حد سواء – رفعوا شكاوى إلى مؤسسة «الحرية الدينية العسكرية» قائلين إن تلك الدورات «تمجد الحرب والإبادة باسم التعاليم المسيحية».
ونقلت وسائل الإعلام عن مايك فاينشتاين مؤسس تلك المنظمة قوله: «عبّر أولئك الضباط عن اشمئزازهم إزاء أن سلاح الجو الأميركي نفسه يروّج للأصولية المسيحية واليمنية المتطرفة، ويستخدم لهذا الغرض تأويله الخاص لإشارات ومعاني وردت في الإنجيل ويعرضها باعتبارها برهانًا على موقفه».
نقلا عن ايلاف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق