زينب عبداللاه (المصريون) | 16-02-2011 الأن فقط يمكننى أن أعلن عن إحساسى بالشفقة على الرئيس السابق محمد حسنى مبارك , رغم أننى كنت ومنذ بداية الثورة أؤمن أنه لا حل لحماية مصر من الفوضى سوى بتنحيه , ورغم أننى كنت أشعر فى كل لحظة قضيتها فى ميدان التحرير بقدر ما جناه مبارك على شعب مصر المسالم الطيب , كنت أشعر بالغضب والثورة والرغبة فى الثأر للشهداء حين أرى دموع أمهات الشهداء فى الميدان وكل منهن تحتضن صورة فلذة كبدها باكية وهى تجوب الميدان , وحين أرى صور هؤلاء الشهداء الشباب الذين ماتوا غدرا برصاص جبناء من زبانية النظام وكل منهم يهتف قبل أن يسقط قتيلا "سلمية سلمية " , كان يستفزنى كل من يتحدث عن ضرورة إتاحة الفرصة للرئيس ليكمل مدته بحجة أننا إذا كنا تحملناه ثلاثين عاما فلا بأس من أن نتحمله كام شهر حتى يخرج بكرامة من الحكم , أو من يقول أنه ليس معنى أن يخطأ الأب أن نطرده من البيت , كنت أجيب دائما بأن الأب لا يقتل أبناءه .الأن فقط يمكننى أن أقول أننى أشفق على الرئيس السابق مبارك ولا يستطيع أحد أن يتهمنى بالنفاق , فالرجل لم يعد فى منصبه ولا يملك لى ضرا ولانفعا , لكننى أشفق عليه وأنا أتخيل إحساسه وهو يرى كل هذه اللعنات والسباب والإهانات من شعبه الذى طالما صور له مستشاروه وأعضاء حكومته أنه راض عنه ولن يرضى عنه بديلا , وبعد أن كان يسمع معسول الكلام والمديح وقصائد الشعر و مئات الأغانى تمجده وتمدح عهده, فرأى هذا الشعب يرقص فرحا وهو يتخلص من حكمه , أشعر بالشفقة وأنا أرى وأسمع كل من كانوا يمتدحونه ويسبحون بحمده ينقلب موقفهم لينهال كل منهم عليه باللعنات زاعما أنه من أقطاب الثورة ومحركيها رغم أنهم بنفاقهم كانوا من أسباب ما وصلنا إليه , أشعر بالشفقة والأسى وأنا أرى رجلا كان فى بداية حياته من رجال القوات المسلحة و أبطال حرب أكتوبر الذين ندين لهم جميعا بالحرية وإعادة الكرامة والأرض المسلوبة ينهى حياته بهذه الصورة فيتحول إلى سالب للحرية ولكرامة شعبه الذى عانى من القهر والفساد والظلم لسنوات طويلة سواء كان يحدث هذا بعلمه أو بيد من جاء بهم ليتولوا زمام الأمور فاعتبر كل منهم أن البلد عزبته الخاصة , أشعر بالشفقة عليه وأنا أعتقد أنه لو كان يعلم هذه النهاية لما تمنى يوما أن يتولى هذا المنصب , أشعر بالشفقة حين أتذكر صوته وصورته فى خطابه الأخير رغم أننى وقتها كنت أشعر بأقصى درجات الاستفزاز مثل كل من توقعوا أن يعلن عن تنحيه فى هذا الخطاب , لكننى أدرك الأن صعوبة هذا الموقف لرجل دفعه كل من حوله حتى أقرب المقربين إليه لينتهى به المطاف إلى هذه النهاية التى لم يكن يتوقعها يوما فكانت صدمته حين إنفجر فى وجهه بركان الغضب الذى لم يكن يوما يشعر بخطره وبقرب انفجاره وحينها لم تنفعه أية تنازلات أو ندم وقت لا ينفع الندم , أشعر بالشفقة وأنا أرى رجلا فى نهاية عمره وفى لحظات مرضه وضعفه تنصب عليه الألاف من دعوات المظلومين ويتحمل فى رقبته دماء مئات الشهداء الذين سقطوا بيد من إستعان بهم حتى وإن كان هذا قد حدث دون علمه , أشعر بالشفقة وأنا أتذكر تشبثه وإصراره على ألا يخرج بهذه الصورة المهينة لأى رئيس أو مسئول واستعداده لتقديم أية تنازلات حتى يتجنب هذا الموقف ويتجنب أن يذكره التاريخ فى باب الحكام الذين ثارت عليهم شعوبهم لما تعرضوا له من قهر فى عهده , وأظنه لو خير بين ذلك وبين انتهاء حياته قائدا من قادة القوات المسلحة فى حرب 73 لاختار الثانية , أشعر بالشفقة وأنا أسمع أنباء كنت أتوقعها من أنه أغمى عليه مرتين قبل إلقاءه خطابه الأخير,أو أنه دخل فى غيبوبة كاملة بعد تنحيه . أشفق عليه كإحساس أى منا بالشفقة وهو يرى تنفيذ حكم الإعدام على إنسان أيا كان حجم ما إرتكبه , لكل هذه الأسباب أشعر بالشفقة على الرئيس مبارك ولا يتعارض هذا الإحساس مع رفضى لإستمراره فى الحكم , و رأيي فى أنه بعد سقوط شهداء الثورة لم يكن هناك مجال للتفاوض ولم يكن هناك بديل عن تنحيه , أشعر بالشفقة عليه وأتمنى أن نكف عن سبه وإهانته لأنه كان يوما من أبطال حرب أكتوبر وكان على إستعداد للتضحية بحياته من أجل مصر, ولأنها أخلاق الفرسان الذين لا يهينون ولا يتشفون فى إنسان يعيش أقصى لحظات الضعف مهما كانت أخطاءه , أشعر بالشفقة عليه وأتمنى أن تكون حياته وقصته ونهاية عهده عبرة وحكمة لكل الحكام من بعده | |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق