في حواره الصادم لـ «روزاليوسف»
في الجزء الأول من حواره «الصادم» الذي كشف من خلاله د. «يسري أبوشادي» العديد من كواليس صنع القرار داخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية لكونه شغل موقع كبير مفتشين بالوكالة ورئيس قسم الضمانات بها، وفضح سيطرة المخابرات المركزية الأمريكية CIA علي العديد من التقارير الصادرة عنها .. وأن هذه السيطرة كانت تخدم أهدافاً سياسية واستراتيجية للولايات المتحدة بمنطقة الشرق الأوسط علي وجه الخصوص.ورغم أن هذه التقارير كانت في الأغلب «كاذبة» إلا أنها كانت تجد دعماً من مدراء الوكالة المختلفين ومنهم د. «محمد البرادعي» - مديرها السابق - الذي سمح بتمرير عدد من هذه التقارير ضد مصر! في الجزء الثاني من حواره معنا يكشف أبوشادي عن الآليات التي تم من خلالها تمرير مثل هذه التقارير لإدانة العديد من الدول، وكيف كان لمثل هذه التصرفات انعكاسات مربكة علي المستوي الدولي أدت إلي صعود قوي نووية جديدة مثل كوريا الشمالية وغيرها، وكيف أن العالم أصبح بفضل هذه الممارسات يجلس علي صندوق حجيم يحمل 25 ألف رأس نووية تكفي لتدمير العالم عشرات المرات.
بعد انتقادك للبرادعي.. ماذا كان رد فعل بعض التيارات الاحتجاجية التي كانت تؤيده.. خاصة بعد كشفك عن التقارير المسيسة التي كان يسمح بمرورها داخل الوكالة؟
ـ هذا الموقف يحزنني جداً.. فالعديد من هذه التيارات فضلاً عن بعض الصحف الخاصة تغيرت تجاهي 180 درجة.. من النقيض إلي النقيض.. بعد أن تم طرح مسألة ترشيح البرادعي للرئاسة. ويكفي أن أقول أن بعض رموز المعارضة المصرية كانوا يمارسون ضغوطاً ويدفعونني من أجل كشف ما يجري داخل الوكالة خاصة فيما يتعلق بملفات سوريا والعراق ومصر، لدرجة أن أحد الأحزاب استضافني في ديسمبر 2008 ونظم مؤتمراً صحفياً حاشداً قمت خلاله بكشف كل الأمور المتعلقة بتورط الوكالة في تمرير تقارير المخابرات الأمريكية، وقمت بالتركيز علي الملف السوري في ذلك الوقت والذي كان موضع الخلاف الحاد بيني وبين الوكالة.. ومن ثم البرادعي.. وأعتقد أن في هذا التاريخ لم يكن البرادعي مطروحاً للترشيح ولم يكن أحد يتخيل أن يحدث ذلك خصوصاً أنا، لأنني أعلم جيداً من هو البرادعي.
ولكنني فوجئت في الفترة الأخيرة وبعد الحملة التي يتبناها بعض الأشخاص ممن أطلق عليهم «دراويش البرادعي» بتحول غريب، وأصبحت الصحف المستقلة والمعارضة التي كانت تطاردني لأخذ تصريحات عما يحدث داخل الوكالة تتجاهلني تماماً.. وفوجئت بأنها اتخذت نفس خط دراويش البرادعي وأصبحت تتبني وجهة نظر واحدة دون النظر إلي وجهة النظر الأخري التي كانت تتبناها في وقت سابق عندما كانت تنتقد البرادعي لأن الحكومة المصرية في وقت من الأوقات كانت تعتبره رمزاً وفخراً للمصريين.
ما أكثر الانتقادات التي يوجهها لك البعض خاصة أن منهم من قال لنا هل كان أبوشادي سينتقد البرادعي لو لم يكن مطروحاً كمرشح للرئاسة؟
ـ أولاً أنا لم أنتقد البرادعي بصفته الشخصية رغم أنني أعرفه شخصياً بشكل جيد، لكني انتقدته كمدير عام للوكالة الدولية للطاقة الذرية وتفاديت الحديث عن شخصيته تماماً.. وأثناء عملي في الوكالة اختلفت مع البرادعي ومع غيره من المسئولين الذين كانوا يسلكون نفس الطريق، وهو الانحياز إلي أمريكا والغرب وتمرير تقارير مغلوطة ضد الدول التي تختلف معها.
أما السبب الثاني فهو أنني لا أنتقد البرادعي لأسباب سياسية وإنما انتقادي سواء كان للوكالة أو لمدرائها بمن فيهم البرادعي كان لأسباب فنية.. أما عن التوقيت فأنصح كل من يردد هذا الكلام بأن يدخل علي الإنترنت ويبحث عن أحاديثي السابقة، والتي بدأت في ديسمبر 2008 بعدما استفزني تقرير المخابرات الأمريكية الكاذب عن سوريا.. وقلت في ذلك الوقت أنني عندي تحفظات ضد البرادعي وضد الوكالة، ولكنني لن أستطيع أن أعلنها في ذلك الوقت لأنني كنت أعمل بالوكالة.
البعض ردد أنك بدأت في انتقاد الوكالة بعدما خرجت منها.. فلماذا صمت لمدة 25 عاماً شغلت خلالها عدداً من المناصب القيادية؟
ـ نعم عملت بالوكالة كل هذه الفترة.. هذا صحيح.. لكنني لم استسلم لأي نوع من الضغوط التي كانت تمارس من أجل تغيير موقفي من بعض الملفات أثناء هذه الفترة.. مثل الملف النووي لكوريا الشمالية.
وكنت دائم الخلاف معهم لدرجة أنني تقدمت باستقالتي في 2008 عندما وصلت الأمور إلي حدود غير مقبولة، وأعلنت رفضي لتقارير المخابرات الأمريكية، ومنذ ذلك الوقت وأنا أعتبر نفسي حراً في انتقادي لهم، خاصة أن البرادعي لم يقبل استقالتي.
ووصل الخلاف معي إلي حد تحويلي إلي الشئون القانونية بالوكالة في أعقاب ظهوري في الإعلام وانتقاد موقف الوكالة والمخابرات الأمريكية من الملف النووي السوري والموقف من إسرائيل التي ذكرت اسمها في أكثر من تقرير.. لكن للأسف كان يتم حذف أي شيء عن إسرائيل من هذه التقارير قبل صدورها في التقرير النهائي.
وماذا كان موقف البرادعي من إسرائيل خاصة أننا سمعنا أنه زار اسرائيل للتفتيش؟
ـ في التقارير التي كنت أقوم بإعدادها كنت حريصاً علي إدراج اسم إسرائيل والتأكيد علي ضرورة خضوعها للتفتيش من جانب الوكالة، لكن للأسف هذا الجزء من التقارير كان يتم تنقيته في المراحل المختلفة.. ومرة واحدة فقط وصل هذا الجزء إلي التقرير قبل النهائي.. لكن تم حذفه من جانب المدير العام للوكالة لذلك لم يتم ذكرها في التقرير النهائي.
والبرادعي فعلاً ذهب إلي إسرائيل أكثر من مرة لكنه زار مفاعلين صغيرين ورفضوا رفضاً قاطعاً زيارته لمفاعل ديمونة.. وعرفنا بعد ذلك أنه اكتفي بجولة بالطائرة فوق المفاعل لكن للحق نقول أن البرادعي لم يكن لديه أي صلاحيات للتفتيش النووي داخل إسرائيل، وذلك كما قلنا سابقاً لأنها لم توقع علي اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية.. واختلافي معه كان بسبب عدم ذكر أي شيء حول الملف النووي الإسرائيلي وخاصة مع وجود سند قانوني وهو قرار الجمعية العامة للوكالة بخضوع المنشآت النووية الإسرائيلية للتفتيش من جانب الوكالة الذي صدر في سبتمبر .2009
ورغم أن البرادعي كانت لديه الفرصة في استغلال هذا القرار بمخاطبة إسرائيل، وفي حال رفضها، يقوم بعرض الأمر علي مجلس المحافظين في الوكالة وإصدار قرار ضدها كما هو الحال بشأن إيران والعراق لكن للأسف ذلك لم يحدث!
ذكرت أنك تعرضت لضغوط لتغيير تقاريرك عن أكثر من ملف أهمها الملف الكوري الشمالي.. فماذا حدث بالنسبة لهذا الملف؟
ـ كنت مسئولاً عن التفتيش في كوريا الشمالية في وقت من الأوقات قبل أن يقوم بالانسحاب من الاتفاقية الدولية لحظر انتشار الأسلحة النووية والذي كانت أمريكا سبباً فيه لأهداف سياسية، لأن المخابرات الأمريكية أعدت تقريراً في ذلك الوقت ذكرت فيه أن كوريا الشمالية سرقت يورانيوم من أحد المفاعلات التابعة لها لأهداف غير شرعية.
وكنت موجوداً هناك.. وكانت عندي الدلائل الفنية الأكيدة أن كوريا الشمالية لم تسرق وقود المفاعل، لكن للأسف كان هناك اتجاه قوي تفرضة أمريكا.. وبالتالي الوكالة.. لإثارة مشاكل ضد كوريا الشمالية، وهو ما أدي إلي انسحابها وامتلاكها للسلاح النووي بشكل فعلي، وأعتقد أن ذلك كان بتخطيط أمريكي من أجل خلق دولة نووية في هذه المنطقة لإزعاج باقي الدول التي بدأت تنمو بشكل مخيف بالنسبة لأمريكا مثل الصين واليابان وروسيا.
علي أي أساس يتم اختيار العاملين بالوكالة؟ وكم كان عدد المصريين في فترة تواجدك هناك؟
ـ كان يتم التعيين علي أساس الترشيحات ثم يتم الاختيار من بينها.. وكانت هناك نسب معينة لكل دولة من حيث عدد العاملين بالوكالة لايمكن أن تتخطاها.. لكن مصر هي الدولة الوحيدة التي تخطت هذه النسبة، وبلغ عدد العاملين في الأقسام المختلفة للوكالة أكثر من 12 مصرياً معظمهم من العلماء البارزين، بالإضافة إلي اثنين من أساتذة القانون مثل البرادعي واثنين آخرين في قسم اللغة العربية.. وبالمناسبة كان ذلك قبل أن يتولي البرادعي إدارة الوكالة.
ولماذا سمح لمصر بتعيين هذا العدد؟
ـ وفقاً لمعيار الكفاءة.. فالمصريون يجيدون العمل بهذا المجال خصوصاً أن مصر كان بها أول قسم للهندسة النووية في المنطقة وكانت سبباً في تخريج مهندسين نووين مؤهلين بشكل جيد. وللحقيقة الموضوع لم يكن له أي دخل بوجود البرادعي لأنه طوال فترة وجوده بالوكالة لم يضر مصرياً ولم يساعد آخر يعني «مافيش حد مننا استفاد من وجوده» كمدير للوكالة.. فأنا مثلاً وصلت إلي درجة كبير مفتشين ونائب رئيس قسم الضمانات قبل أن يتول البرادعي إدارة الوكالة، وكان معروفاً أني «مش هوصل» لأكثر من ذلك بحكم السن ووجود مسئولين مصريين في مراكز مهمة.. أقول هذا حتي لايفسر البعض الأمر بأنه خلاف شخصي بيني وبين البرادعي.
من من المصريين الذين عملت معهم تري أنه كان نموذجاً مشرفاً للعلماء بالوكالة؟
ـ الدكتور علي الصعيدي.. وهو شغل موقع مدير قسم التعاون الفني في الوكالة.. وعندما تم تعيينه وزيراً للكهرباء في مصر تم إبلاغه بالخبر وكان وقتها يتناول الغداء معنا بالوكالة.
وكذلك المرحوم الدكتور مجدي نوفل، وشغل منصب مدير قسم النظائر المشعة، بالإضافة إلي الدكتور محمد سلطان الذي يعتبر من أوائل من التحقوا بالعمل بالوكالة قبل توقيع مصر علي اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، لكن بعد توقيع مصر تم فتح الباب أمام عدد كبير من المصريين للعمل بالوكالة.
هل استفدنا داخلياً من هذا العدد من العلماء المصريين العاملين بالوكالة!
ـ لابد أن نعرف أولاً أن هذا العدد لايقارن بالأعداد الكبيرة من العلماء المصريين البارزين في هذا المجال سواء خارج مصر خاصة في أمريكا وأوروبا وكندا أو داخلها.. لكن بالنسبة للعلماء المصريين الذين كانوا يعملون بالوكالة نظراً لعدم وجود مفاعلات نووية في مصر.. فبعضهم كان يعمل في وظائف إدارية في هيئة الطاقة الذرية أو الأمان النووي أو التدريس في كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية.
وبعض هؤلاء العلماء اتجه إلي مجال الصناعة والمشروعات الخاصة، والبعض الآخر تقوقع وجلس في المنزل منتظراً أن يستشيرهم أحد والاستفادة من خبراتهم.
هل موقع مدير الوكالة يخضع لمعايير سياسية؟
ـ بالطبع.. والدليل علي ذلك أن معظم المدراء الذين عاصرتهم أثناء فترة وجودي في الوكالة وهي ليست فترة قصيرة كانوا غير فنيين.. بمعني أنهم ليسوا متخصصين في الهندسة النووية أو المجال النووي مثل هانز بلكس المدير الذي سبق البرادعي، وكان وزير خارجية السويد، وكذلك البرادعي فهو أستاذ في القانون وكان يشغل موقعاً إداريا في الوكالة ونفس الأمر بالنسبة للمدير الحالي «أمانو» وهو يسير علي نفس خطي البرادعي.
وإن كان يفضل أن يكون مدير الوكالة فنياً بحيث يستطيع تقييم التقارير من الناحية الفنية كما حدث مع البرادعي قبل اللجوء للمستشارين والمعاونين، والذين قد لا يكونون علي قدر المستوي من حيث الأمانة العلمية كما حدث مع بعض التقارير الخاطئة مثل التقرير بخصوص مصر.
وهل كانت تختلف طريقة إدارة الوكالة باختلاف المدراء؟
ـ أؤكد مرة أخري أن مدير الوكالة منصب سياسي أي أن من يتم تعيينهم يعملون بنفس الطريقة ونفس الخط الواضح. يعني مثلاً هناك أكثر من ملف مفتوح باستمرار مثل إيران والعراق وسوريا وكوريا الشمالية ومصر «أحيانا».
فهذه الدول كانت دائمة الوجود في التقارير الدورية للوكالة مع اختلافات بسيطة في الوقت الذي لايتم فيه التعرض لإسرائيل مثلاً، والدليل علي ذلك أن هذه الدول تتفق في شيء واحد هو اختلاف مصالحها مع المصالح الأمريكية.
وماذا عن علاقتك بالتفتيش في إيران؟
ـ لم أكن مسئولاً عن التفتيش في إيران.. فقد كان هناك دائماً اتجاه لإبعادي عن مثل هذه الملفات، لكنني كنت أتابع هذا الموضوع عن قرب.. بحكم أنني كنت في وقت من الأوقات مسئولاً عن مراجعة التقارير التي ترد إلي الوكالة عن كل أنحاء العالم.
يعني كانت عندي معلومات وهذا كان سبباً في مشكلة أخري مع الشخص المسئول عن الملف الإيراني.. هذا الشخص حصل علي تقارير المخابرات الأمريكية وعقد مؤتمرا صحفيا وروج للأمر باعتباره صادرا عن الوكالة، وأنا قمت بالاعتراض علي الملأ.. حدث هذا علنا، وقلت إن هذا الأسلوب مرفوض.. وفوجئت بعدها بمستشار البرادعي يأتي إلي مكتبي وسألني: إنت زعلان ليه هي إيران دي تبعك؟ فقمت بطرده من مكتبي بعدما تأكدت أنه اعتمد علي التقرير المخابراتي الأمريكي، وأن الوكالة ليس لديها دليل واحد علي صحة هذا التقرير، وإلي الآن مازال هذا الاتهام موجها ضد إيران بعمل تجارب في مجال الأسلحة النووية وتعديل في الصواريخ التي تمتلكها، في الوقت الذي ترفض فيه الوكالة إعطاء إيران نسخة من هذا التقرير حتي تتمكن من الرد علي ما جاء به من اتهامات
رغم أن مدير المخابرات الأمريكية نفسه في أواخر 2006 اعترف بكذب تقاريرهم عن إيران بعد 2003 والتي جاء بها أنها في سبيلها لإنتاج أسلحة نووية.
وأنا هنا لا أدافع عن إيران ولا أتحدث عن الموضوع بشكل فني لأنني لم أفتش هناك، لكن اعتراضي كان علي الأسلوب الذي يتم فيه الزج بالوكالة واستخدامها في تأكيد تقارير كاذبة للمخابرات الأمريكية.
تتبني الدعوة لسرعة دخول مصر المجال النووي منذ وقت طويل.. فما تقييمك لحاجة مصر إلي الطاقة النووية ورأيك في موقع الضبعة بالمقارنة بأماكن 400 منشأة نووية قمت بزيارتها في 40 دولة؟
في الحقيقة حزنت كثيرا عندما وصلت مصر ووجدت الشعب المصري مشغولا بقضايا غير ذات قيمة.. ولا يعير أي اهتمام لكارثة حقيقية مقبلة، هي مشكلة الطاقة.. ومن هنا أؤكد أننا إذا لم نبدأ فورا في الحل النووي فسوف نعود إلي مراحل كنا نعاني منها في الماضي من انقطاع الكهرباء وتوقف المصانع، في الوقت الذي نؤكد فيه أن احتياطي مصر من البترول والغاز لا يكفي لأكثر من 20 عاما، وتم إنشاء محطات كهرباء عملاقة بملايين الجنيهات لتعمل بالغاز الطبيعي.
وفي الوقت الحاضر تم تحويلها للعمل بالسولار، وهو ما يهدد بأزمة حادة نتيجة نقص السولار، وأعتقد أن الشعب المصري بدأ يشعر بها خصوصا في فصل الشتاء.
وهنا لابد أن نشير إلي بعض الأرقام المهمة في هذا المجال، وهو أن الزيادة السنوية في استهلاك الكهرباء بلغت 7%، وذلك يعني أننا في حاجة إلي سد عال جديد كل عام لتعويض هذه الزيادة!
أما مسألة اختيار الموقع في مصر التي يثار حولها العديد من النقاشات فبعد عديد من الدراسات المحلية والدولية التي وصلت في النهاية إلي التوصية بمنطقتين: هما منطقة الضبعة والمنطقة الواقعة بين العريش ورفح، التي تم استبعادها لأسباب سياسية.. الضبعة كموقع يقع بعد حوالي 160 كم غرب الإسكندرية ويشغل الموقع المخصص للمحطة النووية والتابع لوزارة الكهرباء مساحة حوالي 60 كم مربع وتتميز المنطقة بوجود مطار يتسع لـ 1500 مسافر يوميا، بالإضافة إلي ميناء بحري قديم.
وتتميز المنطقة كذلك بقربها من مصادر مياه متدفقة وهو مصدر مهم جدا لاستخدامه في تبريد المفاعل، كما أنها منطقة بعيدة عن مركز الزلازل، وتتميز أرضها بخواص فيزيائية ملائمة مثل الصلابة والتماسك.
وما الخطوات المطلوب تنفيذها قبل البدء في البرنامج النووي وكم تبلغ تكلفة إنشاء المفاعل النووي؟
- هناك العديد من الخطوات مثل توفير المعلومات واختيار الموقع وتوفير المؤسسات التعليمية والفنية وتدريب وتأهيل العاملين المنتظرين للمحطات النووية، بالإضافة إلي الدعم المالي، أما عن تكلفة بناء المحطة النووية، فالمحطة التي تبلغ قوتها 1000 ميجاوات من 2000 إلي 3000 مليون دولار، أما تكلفة بناء محطة بقوة 1600 ميجاوات فتبلغ 3000- 4000 مليون دولار.
مع العلم بأن واحد كيلوجرام من اليورانيوم الطبيعي يمكنه توليد طاقة تعادل حوالي 20 ألف مرة الطاقة المولدة من نفس الوزن من البترول والفحم.
بعض الدول تبرر امتلاكها للأسلحة النووية بأن هذه الأسلحة لن تستخدم والأمر يقتصر علي الردع أو التأمين فقط..ما رأيك في ذلك؟
- في الحقيقة أنا أختلف تماما مع هذا الكلام، وعندي الأسباب المنطقية لهذا الاختلاف: أولا العالم الآن يوجد به 25 ألف رأس نووية ما بين رأس نووية تكتيكية واستراتيجية، هذا الرقم من الممكن أن يدمر العالم عشرات المرات.. والدول التي تبرر إنتاج هذه الأسلحة بأنها دول مسالمة أو ليس لديها مشاكل.. تردد كلاما غير منطقي.. فهذه الأسلحة يمكن استخدامها في أي وقت، في هذا العالم نحن معرضون في أي لحظة من اللحظات أن ينتهي المطاف مع عدد من المسئولين المجانين بتدمير العالم، ولكي نكون أكثر صراحة فلو كان صدام يمتلك القنبلة النووية لم يكن سيتردد في استخدامها بعد تعرضه لما حدث في العراق.. أو ضد مَنْ من الدول.. فهو استخدم نصف الصواريخ التي يمتلكها علي إسرائيل والنصف الآخر كان موجها نحو السعودية!
وهذا الكلام يفسر انزعاجنا من التسلح النووي الإسرائيلي ويبرر عدم قبول مبرراتها بأنه لم توقع علي اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، وأنها ليس عندها مشاكل نووية مثل دول أخري مثل العراق أو سوريا، وكلنا يعرف أن إسرائيل الآن أصبحت مصدرا للماء الثقيل في العالم، ورفعت مستوي القوة في مفاعل ديمونة لمعدلات كبيرة جدا وإنتاجها من البلوتونيوم زاد جدا وعملت معالجة لفصل البلوتونيوم من الوقود، وكل هذه الأشياء تدعو إلي الخوف والقلق من إمكانات إسرائيل النووية في المنطقة.
- من المعروف أن قرارات الجمعية العامة للوكالة تتم بالتصويت، لكن هل هناك ضغوط معينة تمارسها أمريكا أو غيرها من أجل إصدار قرارات معينة أو عدم إصدار قرارات أخري؟
- في الحقيقة أن كل مرة يتم فيها التصويت علي أي قرار داخل الجمعية العمومية للوكالة تكون أمريكا مستعدة جيدا لهذا التصويت.. وتقوم بحساب عدد الأصوات بشكل دقيق جدا، وبالتالي يمكنها أن تتدخل في كل مرة للتحكم في مصير هذه القرارات، وهذا الأمر في الحقيقة هو ما جعلني أندهش بشكل شخصي من تمرير القرار الخاص بالتفتيش علي المنشآت النووية الإسرائيلية الذي يتم اتخاذه في سبتمبر الماضي.. وبصراحة وعلي المستوي الشخصي فشلت في معرفة أسباب تمرير هذا القرار رغم عدم استخدامه حتي الآن، ولا أعرف هل أمريكا لم تحسب عدد الأصوات بشكل جيد، أم كانت هناك أسباب سياسية أخري!
أبوشادى.. فى سطور
الاسم: دكتور مهندس/ يسرى السيد محمد أبوشادى
تاريخ الميلاد: 20 مايو 1948 مصرى
الشهادات: بكالوريوس - ماجستير - دكتوراه فى الهندسة النووية وتصميم المفاعلات الذرية من جامعة الإسكندرية وفرنسا - الأول فى البكالوريوس بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف عام .1971
الوظائف: كبير مفتشين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية ورئيس قسم الضمانات حتى نهاية مايو 2009 «البداية منذ 25 عاما».
أستاذ ورئيس قسم الهندسة النووية بجامعة الإسكندرية سابقا.
تقلد العديد من الوظائف فى مجال الطاقة النووية فى فرنسا - بلجيكا - ليبيا - النمسا. الخبرة: الطاقة النووية خاصة حسابات وتصميم المفاعلات.
خبرة عملية فى البرامج النووية لأكثر من 40 دولة.
المؤلفات: عشرات الأبحاث والمنشورات العلمية والمراجع وعدد من الكتب والمقالات.
وضع العديد من البرامج الحسابية المتقدمة والمستخدمة فى العديد من مراكز البحوث والشركات العالمية فى مجال تصميم المفاعلات الذرية.
الجوائز والتقديرات: جائزة نوبل عام 2005 بالمشاركة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
جائزة الوكالة الدولية للامتياز فى العمل .2003
جائزة جامعة الإسكندرية التشجيعية 1981
جوائز ومنح وتقدير من عدد من المؤسسات ومراكز البحوث والجامعات والشركات فى مختلف الدول.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق