التاريخ يكتب الآن عن مرحلة حكم مبارك (١٩٨١ – ٢٠١١)، فما الذى يمكن أن يدون فى صفحاته عن هذه المرحلة التاريخية من عمر الوطن؟.. فبعكس الرؤساء السابقون للجمهورية محمد نجيب وعبدالناصر وأنور السادات، الذين ماتوا ولم يطعن أحد فى سمعة أى منهم، رغم المعارك بين مؤيديهم ومعارضيهم لكن التاريخ لا يملك إلا أن يسجل لهم أعمالهم، ولكن ما الذى يسجله التاريخ للرئيس السابق حسنى مبارك؟
يجيب أسامة هيكل في "المصري اليوم"، عن سؤاله، فيقول: "لقد استمر حكم مبارك ٣٠ عاماً متصلة، ولا تلمس أى علامة تاريخية فارقة خلالها.. وأعتقد أن التاريخ سيهتم بالطريقة التى خرج بها مبارك من الحكم أكثر من فترة حكمه نفسها، وسيرجعها لأسبابها الحقيقية، ففى فترة حكم مبارك، حدث تدهور فى الخدمات وارتفعت الأسعار وعادت الدولة البوليسية وعمد الرئيس لتوريث الحكم لابنه رغم أنف الشعب، وزاد الفساد فى المجتمع لدرجة غير مسبوقة، وضاق الحال بالشعب المصرى فقرر خلعه واندلعت ثورة شعبية ضده انتهت بإجباره على التنحى يوم ١١ فبراير ٢٠١١.. وبكل أسف سيذكر التاريخ أن الشعب اكتشف عقب الإطاحة بمبارك أن لديه أرصدة ضخمة فى الخارج أدت لاستفزاز الشعب وطالبوا بمحاكمته واستعادة الأموال المنهوبة.."
الرؤساء السابقون ماتوا، ولم يطعن أحد فى سمعة أى منهم، ومبارك لايزال حيا بعد خروجه يتابع جزءاً من التاريخ الذى سيكتب عنه.. لعلها عبرة للرئيس القادم.
بين الدولة الدينية والمدنية
بعد مرور أسابيع قليلة على قيام ثورة 25 يناير، فؤجئنا بحدوث استقطاب حاد، وغير متوقع، وباعث على القلق، بين فريقين من المصريين. فريق يتكلم فى السياسة، بصورة أو بأخرى باسم الدين، وفريق آخر يؤكد على ضرورة الفصل بين الدين والسياسة، وفي هذا الاطار نقرأ مقارنة طريفة للدكتور جلال أمين في "الشروق" اليوم، حيث يقول: "فى المقارنة بين الدولة الدينية والدولة المدنية، من المفيد في رأيي تأكيد الحقائق الخمس الآتية:
الحقيقة الأولى: هى أن الدولة الدينية يديرها بشر.. نعم إنهم بشر يحكمون باسم الله، ويحاولون بقدر ما تيسر لهم من جهد وفهم، أن يطبقوا شريعته، وأن يجعلوا إرادة الله هى العليا، ولكنهم قد يوفقون أو لا يوفقون... فالحاكم لا يستطيع فى ظل الدولة الدينية أن يطبق إلا فهمه هو لأحكام الدين.."
الحقيقة الثانية: أن الدولة الدينية تواجه بالضرورة ظروفا متغيرة. فالحياة لا تسير على نفس المنوال إلى الأبد، والناس يتغيرون بتغير ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية، وحتى إذا تصوّرنا بقاء المجتمع الإسلامى على حاله، فالمجتمعات التى تحيط به دائمة التغير، والعلاقات الدولية لاتبقى طويلا على نفس الحال، وهو أمر يتطلب تغيير السياسة والتحول من مسلك قديم إلى مسلك جديد، حتى لو بقى الالتزام بالمبادئ الدينية والأخلاقية ثابتا وصارما.
الحقيقة الثالثة: إن معظم الدول، سواء كانت دينية أو مدنية، تقطنها أقليات تعتنق أديانا غير دين الأغلبية وحكومة الدولة الدينية، مهما بلغ تسامحها مع الأقليات الدينية، لابد أن تستند فى تبرير ما تصدره من قوانين وما تتخذه من إجراءات إلى مبادئ الدين الذى تعتنقه الأغلبية.
الحقيقة الرابعة: الدولة المدنية ليست بالضرورة دولة معادية للدين، هذه الحقيقة هى ما نستخلصه من تعريفنا للدولة المدنية... بأنها الدولة التى لا يزعم حكامها أنهم يحكمون باسم الله، وأنهم يطبقون شريعته، بل يزعم حكامها أنهم يحكمون باسم الشعب أو باسم الدكتاتور أو باسم مبادئ سياسية واجتماعية من صنع البشر. هذا التعريف لا يتطلب اتخاذ أى موقف عدائى من الدين، ولا يتعارض البتة مع اتخاذ مواقف إيجابية للغاية إزاء الدين والمتدينين. فالمهمة الأساسية للدولة المدنية هى حفظ الأمن وحماية النظام العام، والنظام العام فى دولة أغلبية سكانها من المتدينين يفرض على الدولة المدنية واجبات كثيرة تتعلق باحترام الدين وصيانته من أى اعتداء ومنع أى إيذاء لمشاعر المتدينين..
الحقيقة الخامسة: إننا اليوم نعيش فى عالم يصعب فيه جدا إن لم يكن المستحيل، أن تعزل أى دولة نفسها عن بقية العالم. فالتكنولوجيا الحديثة فرضت الاعتماد المتبادل فى الاقتصاد، وعرّفت كل أمة بما يجرى فى الأمم الأخرى، فخلقت حاجات جديدة لدى كل أمة لا تستطيع إشباعها بمفردها، كما سهّلت تدخل الدول الأقوى فى شئون الدول الأضعف... فإذ تجد الدولتان نفسيهما مضطرتين للتعامل مع أمم مختلفة الأديان والثقافات وأنماط الحياة، تحاول الدولتان باستمرار التوفيق بين متطلبات هذا التعامل مع أمم مختلفة عنها، وبين الالتزام بقواعد الدين وبالثقافة ونمط الحياة المرتبطين بهذا الدين.. نتوقع أن يكون التوتر الذى يمكن أن ينشأ فى الدولة المدنية أقل حدة وخطورة مما يمكن أن ينشأ فى ظل الدولة الدينية، خاصة إذا اتسمت الدولة الدينية بتسامح أقل من المخالفين فى الرأى ومع أنصار الحداثة..
هل الثورة تحتضر؟
حسب رأي الأستاذ محمد خليفة في "الوفد" فإن الدلائل والمؤشرات تؤكد اصابة ثورة 25 يناير بمرض عضال دخلت علي أثره غرفة الانعاش في محاولة لافاقتها، ويبدو أن المرض الذي اصابها ادخلها في مرحلة الاحتضار، وتبخر حلم الشعب الذي راح يبحث عن المستشفي الذي دخلت فيه الثورة فلم يجدها، فذهب يسأل عنها في ميدان التحرير فعثر علي أشلاء الشهداء مبعثرة علي أرصفة الميدان وهي تنادي عن الحلم الضائع.."
إلا أن الامل في الشفاء مازال يراود أصحابها، فهم يريدون لها النجاة من الكبوة التي أوقعتها.. "فالرئيس السابق مازال حراً طليقاً ينعم بالحرية، والاخوان جمال وعلاء مازالا ينعمان بحريتهما رغم الفساد الذي طال الأخوين، والمثير للدهشة ان الثورة تسأل وتعلن السؤال لماذا لم يحاكم الرئيس مبارك حتي الآن رغم الاعترافات الخطيرة التي جاءت علي لسان حبيب العادلي وزير الدخلية الأسبق بتورط الرئيس السابق في جرائم قتل الثوار بناء علي الأوامر الصادرة منه شخصيا لوزير الداخلية؟! والأخطر من ذلك تجاهل النائب العام لأصوات الشعب المنادية بضرورة محاكمة الرئيس السابق ونجليه، والغريب في الأمر حالة السكوت والصمت القاتل الذي يتبناه المجلس العسكري الحاكم تجاه هذه القضية، فلم يخرج المجلس ببيان أو تصريح صريح يوضح حقيقة الأمر، ما تسبب في إحداث حالة من اليأس والبلبلة في أوساط الشارع المصري، خاصة بعد تضارب الأقوال المحلية والدولية حول ثروة مبارك ومصيرها في البنوك الأوروبية أو العربية إن وجدت، كذلك الناس تتساءل لماذا لم يتم التحقيق مع السيدة سوزان مبارك في قضية أموال مكتبة الاسكندرية..."
حالة الاحتضار التي تعيشها الثورة تحتاج لاعادة لم الشمل مرة اخري وترتيب الأوراق قبل أن تسرق الثورة وتذهب أحلام البسطاء
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية صحف.. ما سيكتبه التاريخ عن مبارك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق