جمال سلطان | 14-04-2011 عندما أيقظوني في الصباح على الخبر لم أصدق ، واعتبرت أنها مزحة ، غير أن الإصرار على تأكيد جدية الكلام جعلني أتحقق بنفسي من الفضائيات ومن شبكة الانترنت ، فأصابني الذهول ، كنت في الحقيقة أتأهب لسماع خبر حبس "المعلم" أحمد فتحي سرور ، صاحب اللسان الرخو والطلة المسترخية التي توحي لك بعظم ثقل نظام القهر واستخفافه بكل ما حوله، وتصرفه بمنطق بديهي وهو أن لا وجود لشيء غيره ، ولا سلطة فوق إرادته ، كنت أترقب وأنتظر خبر تشريف سرور لسجن مزرعة طرة ، ففاجأني خبر قرار حبس مبارك وجمال وعلاء فأصابتني حالة غريبة تداخل فيها الضحك بالدمعات بالفرحة والاستغفار وحمد الله تعالى والثناء عليه بما هو أهله ، وهو الحمد الذي أعقب إخبار الله تعالى عن استئصال شأفة المستكبرين وتوقف عنده أهل العلم كثيرا وهم يتأملون آية سورة الأنعام ".. فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين" .
لا يمكن تصور صدور قرار النائب العام بحبس الرئيس السابق حسني مبارك خمسة عشر يوما على ذمة التحقيقات ، وكذلك حبس نجليه جمال وعلاء ، إلا إذا كانت هناك قناعة تامة وواضحة وضوح الشمس بأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة جاد في إطلاق يد العدالة لتأخذ مجراها ، وأن لا أحد فوق المساءلة ولا فوق القانون ، وهل هناك شخص آخر في مصر ـ مع احترامي ـ كان فوق مبارك وأنجاله ، هل كان هناك في أي سلطة أو مؤسسة مصرية من يستطيع مجرد أن ينظر في عين مبارك وهو يحدثه ، الآن مبارك يتم استدعاؤه للتحقيق كمتهم ويطلب منه ممثل النيابة أن يقف أمامه وهو جالس احتراما لهيبة القانون والعدالة ، فيقف حتى يأذن المحقق له بالجلوس ، ثم يصدر القرار بحبس المتهم محمد حسني مبارك خمسة عشر يوما على ذمة التحقيقات ، واليوم يتم ترحيل الشاب المفعم غطرسة وكبرا "جمال مبارك" مكبل اليدين ، ليحل ضيفا على سجن مزرعة طرة ، ومعه شقيقه علاء ، وهو ما يعني أن القوات المسلحة قررت أن يكون التطهير شاملا وتاما ومن الجذور ، وهو ما يؤكد أن الأشهر المقبلة سوف تشهد عملية تطهير مرحلية لمؤسسات الدولة بالكامل ، لأنه لا يوجد في أي مؤسسة منها من هو أكثر خطرا أو قيمة أو حساسية من مبارك وأسرته .
تعظيم سلام للقوات المسلحة ، وتحية من القلب للمجلس الأعلى الذي يضطرنا بشكل يومي تقريبا أن نوجه له الشكر على مفاجآته المتتالية ، التي لا نكاد نلتقط أنفاس البهجة في أحدها حتى نكون في مواجهة الأخرى ، والتي أعترف بأن بعضها لم يكن يخطر لنا على بال ، ولا في الخيال ، ولذلك أجد من الواجب الوطني على كل مصري اليوم أن يشد على يد هؤلاء الرجال ، ويؤازر خطواتهم ، ويدعم مسيرتهم ، ويحمي ظهرهم في كل مؤسسات الوطن السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية وغيرها ، حتى تصل سفينة مصر إلى بر الأمان ، بأول حكومة منتخبة ، وأول رئيس منتخب ، وأول برلمان منتخب وأول دستور يختاره الشعب .
علينا أن نحتشد الآن من أجل وقف أي تحرش نزق وغير مسؤول بالمؤسسة العسكرية ، وفضح أي تطاول أحمق ومستهتر ومدعي للبطولة ضد المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، ليس من أجل المجلس ورجاله ، رغم أنهم بما قدموه حتى الآن يستحقون هذا وأكثر ، ولكن من أجل مصر وثورتها وتلك الإنجازات الرائعة التي تتحقق ، إذ أن أي محاولة لإثارة الإرباك والإحراج الآن تضر بالثورة وتضرب تلك الخطوات ، وتعطل مسارات الإصلاح ، مهما كان نبل مقصدها ، وأنا على يقين من أن أغلبها الآن والأشخاص الذين يقدمون أنفسهم كزعماء وهتيفة في ميدان التحرير حاليا لا صلة لها ولا لهم بالنبل ، وبعضهم كانوا إعلاميين من أصدقاء جمال مبارك وأسرته ، فعلى كل وطني شريف الآن أن يتحلى بأعلى قدر من الإحساس بالمسؤولية تجاه الوطن والثورة .
almesryoongamal@gmail.com | |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق