كتب ماريون سوليتي 25-02-2011 يبدو أن الجولة كانت صعبة على اللاعب الأمريكي الذي وجد نفسه فجأة خارج دائرة الحدث .
فالإدارة الأمريكية وجدت نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما :
فهي إن طالبت بشكل صريح وفي وقت مبكر برحيل الرئيس مبارك فإنها ستدعم حجته القائلة بوجود أياد أجنبية خلف الانتفاضة الشعبية ضد نظام حكمه ،
وهي إن التزمت الصمت اتجاه ما يحدث ، فإنها ستعرض نفسها لموجة من الانتقادات داخليا وخارجيا بسبب نفاقها السياسي ، لأنها من جهة ترفع شعار المناداة بالحرية والديمقراطية ، ومن جهة أخرى تدعم الأنظمة القمعية الحليفة لها في المنطقة .
وفي المحصلة يبدو أن الحذر الأميركي في التعاطي مع أحداث الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة في مصر قد مكن من الحفاظ على واحد من أهم مقومات هذه الثورة وهو مرجعيتها الشعبية ، واستقلاليتها التامة عن أي تأثير خارجي .
المؤكد أن سقوط نظام الرئيس مبارك لم يكن أبدا في حسابات الأجندة الدبلوماسية الأميركية ، التي فشلت جميع مراكز أبحاثها وأجهزتها الاستخباراتية في التنبؤ "بالربيع العربي " وهو ما دفع بالبيت الأبيض إلى السير على الحبال لعدة أيام مترددا بين انتهاج سياسة الحذر والصمت اتجاه حليفه التاريخي ، ومساندة الحركات الديمقراطية المنادية بسقوطه .
وفي محاولة منها لتدارك الإخفاقات السابقة ، تسعى الإدارة الأمريكية اليوم إلى محاولة استباق الأمور، والتنبؤ بمآلات الأحداث داخل وخارج حدود مصر ما بعد مبارك .
وتؤكد صحيفة نيويورك تايمز أن الولايات المتحدة – وخاصة أجهزتها الاستخباراتية القوية – فشلت في تقدير حجم المخاطر الحقيقية التي تتهدد نظام الرئيس مبارك بعد سقوط نظام الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي ، حيث قدرت احتمال تعرض رأس النظام الحاكم في مصر لنفس مصير رأس النظام التونسي السابق بنسبة 20% فقط .
وقد كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما – بحسب نفس الصحيفة – الأكثر اقتناعا باحتمال انتقال عدوى الانتفاضة التونسية لمصر .
واليوم وقد سقط حليفه السابق حسني مبارك يسعى باراك أوباما لاستعادة زمام المبادرة من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه .
وتكشف صحيفة الواشنطن بوست أن الاتصالات قد تكثفت خلال الأيام الأخيرة بين المسئولين الأمريكيين وحلفائهم في المنطقة العربية وهي البلدان التي تشهد "ركودا اقتصاديا ونسبة عالية من الشباب ضمن التعداد العام للسكان ، وحالة من الإحباط المتنامي بخصوص الأوضاع السياسية شبيهة بما كان عليه الحال في كل من تونس ومصر، وهو ما ينذر بتفجر انتفاضة شعبية عارمة قد تؤدي لتغيير سياسي عميق يطال أنظمة الحكم في هذه البلدان ويبعد حلفاء الأمس عن السلطة لصالح حركات سياسية معارضة للنفوذ والمصالح الغربية في المنطقة". وتبقى الوصفة المثالية لمواجهة تنامي ظاهرة الاحتجاجات الشعبية – بحسب الأمريكيين - هي " الإصلاح المؤدي إلى المزيد من الانفتاح داخل المجتمع ".
الموقف الرسمي في المنطقة ينظر بكثير من الريبة وعدم الرضا للموقف الأمريكي الذي انحاز في نهاية المطاف لجانب الحركات الاحتجاجية " وهو ما يتطلب القيام بمساع لتجديد الثقة مع الحلفاء التقليديين في المنطقة ، الذين يرون أننا قد قذفنا بمبارك من النافذة " كما يقول اليوت ابرامز في صحيفة الواشنطن بوست ، وهو مستشار سابق للأمن القومي مختص بقضايا الشرق الأوسط .
ويدرك الخبراء والمحللون السياسيون بشكل جيد الهاجس الحقيقي الذي يؤرق المسئولين الأمريكيين والغربيين بوجه عام : حالة إسرائيل التي تابعت بقلق وتوجس بالغين سقوط واحد من أكثر الأنظمة العربية الحليفة لها في المنطقة .
ولعل ذلك ما يفسر الشعور بالحسرة وخيبة الأمل لدى الدوائر السياسية الأمريكية من كون واشنطن لم يكن لها دور حاسم في سير الأحداث .
ويذهب آيرون ميلر – وهو مسئول سابق في كتابة الدولة للخارجية – لأبعد من ذلك عندما يقول إن على الأمريكيين أن يدركوا حقيقة مؤداها " أن الولايات المتحدة لا تتحكم في العالم ، وربما لم تقم بذلك في الماضي على الإطلاق ".
وحرصا منها على الاستعداد لمواجهة الأحداث اللاحقة تعكف الإدارة الأمريكية على الدراسة الدقيقة لتجارب الثورات الشعبية السابقة التي أدت إلى الإطاحة بأنظمة سياسية ، مع إعطاء عناية خاصة للحالة الاندونيسية – المعروفة بشكل جيد من قبل الرئيس باراك أوباما الذي أمضى جانبا هاما من طفولته في هذا البلد – حيث يرى البيت الأبيض أن الانتقال السلمي نحو الديمقراطية الذي أعقب الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الحكم في اندونيسيا – أكبر بلد إسلامي من حيث تعداد السكان – عام 1998 ، يمثل مصدرا للأمل والتفاؤل . وهو ما يعتبر ردا صريحا على انتقادات المحافظين الذين يحذرون من قيام جمهورية إسلامية على النمط الإيراني في قلب العالم العربي . ترجمة/ سعد بن أحمد (الاسلام اليوم) نقلا عن جريدة المصريون
| |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق