جمال سلطان (المصريون) 10-08-2011
لا أعرف سببا مفهوما لتصريحات الدكتور علي السلمي ، عضو حزب الوفد ، ونائب رئيس وزراء حكومة تسيير الأعمال التي قال فيها أن الحكومة سوف تصدر وثيقة حاكمة للدستور في منتصف الشهر الجاري ، ولا أفهم فعلا ، هل يتحدث علي السلمي بوصفه عضوا في حزب الوفد أم بوصفه نائبا لرئيس الوزراء ، أم بصفته الشخصية ككاتب ومفكر سياسي أو أكاديمي ، لأن الأمور أصبحت مختلطة جدا هذه الأيام ، ومثلما يفعل كل مواطن ما يريد في الطريق والشارع بسيارته ، يبدو أن كل عضو في الحكومة المؤقتة الآن أصبح يتصرف بنفس تصرفات سائقي الميكروباص في شوارع القاهرة .
الناس بدأت تنسى قصة المبادئ الحاكمة ، والمبادئ فوق الدستورية ، والدستور أولا وثانيا وثالثا ، وبدأ الرأي العام المصري يتجه إلى الحوار واستعادة وحدة إرادة الثورة وروحها ، والبحث عن استراحة ثورية وفترة هدوء تتيح للحكومة أن تنجز أولويات المرحلة ، خاصة بعد القلق الزائد من مليونية الإسلاميين في 29 يوليو الماضي ، وبينما الحديث الرسمي يتجه الآن نحو الانتخابات واستحقاقاتها وترتيباتها واستعادة الأمن وتحريك قاطرة الاقتصاد ، إذا بنا نفاجأ بعلي السلمي يخرج على الناس بتصريحات مستفزة جدا ، وبدون أي سبب ولا معنى ولا مبرر ولا اضطرار ، يصرف فيها الأنظار تماما عن التوجه الوطني العام ، كما يفجر فيها روح الغضب من جديد في الشارع ، وكأنه يحرض ملايين المصريين على النزول إلى الشوارع والميادين من جديد ، لأن كلامه ليس له أي معنى ـ واقعيا ـ إلا ذلك .
إن الحكومة الحالية ، وهي حكومة تسيير أعمال لا يحق لها سياسيا ولا أخلاقيا أن تصدر قوانين تحجر على سلوكيات وإرادة الحكومة الشرعية المنتخبة المقبلة نهاية العام الجاري ، أو تتخذ من القرارات ما يغل يد الحكومة المقبلة لعدة سنوات ، فكيف يتصور علي السلمي أن يكون من حق حكومة لا تملك حتى هذا الحد الأدنى من "السيادة" أو السلطة ، أن تقرر دستورا للبلاد ، أو مبادئ دستورية تفرض بها وصايتها على القوانين والدولة وجميع القوى السياسية وعلى الشعب كله وعلى جميع مؤسساته لسنوات طويلة مقبلة ، من منحه هذا الحق ، ومن أي مرجعية ديمقراطية فهم علي السلمي ، ابن الحزب الليبرالي ، أن من حقه أن يقول للمصريين ، هذا هو دستوركم ، وعليهم أن يطيعوا جنابه ويسمعوا له ويطيعوا .
أرجو أن يتواضع الدكتور علي السلمي قليلا ، لأن المصادفة التي أتت به في هذا المنصب ، لا تملك سوى شهرين فقط للبقاء في موقعه ، سيعود بعدها لمكانه المحدد في عضوية حزب معارض يعرف أنه لن يحصل على أكثر من خمسة في المائة من مقاعد البرلمان ، إلا إذا تحالف مع قوى أخرى يسعى إليها الآن ، وأتمنى أن يراجع المجلس العسكري والدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء تصريحات وزراء تسيير الأعمال ، لأن معظمهم حديث عهد بسلطة ومسؤولية ، ولأن بعض كلامهم أو مواقفهم تعتبر تحريضا مباشرا على تهييج الشارع وإثارة الملايين ودعوتهم للنزول بكل غضبهم إلى الشوارع والميادين ، وهو عكس ما يبحث عنه ويطالب به المجلس العسكري ورئيس الحكومة ذاتها ، والوزير الذي يريد أن يكون له موقفه الخاص ورأيه الخاص ، عليه أن يترك منصبه لمن هو أكثر انضباطا ومسؤولية ، وله بعد ذلك الحق في أن يقول ما شاء | |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق