فراج إسماعيل | 11-08-2011
إسرائيل أعلنت أن سيناء أصبحت خارج السيطرة المصرية، وبعد ذلك بساعات نشرت صحيفة اليوم السابع على موقعها الإلكتروني أن جماعات سلفية مسلحة قررت تشكيل لجان للحكم في النزاعات وتنفيذها بالقوة في غيبة الحكومة، وهو خبر تناقلته بعض القنوات الفضائية بنفس الصيغة الخطيرة التي وصفها مشايخ في سيناء بأنها تسريبات من جهاز الموساد لا أساس لها من الصحة.
التوقيت تزامن مع ذكرى حرب العاشر من رمضان التي أعادت تلك الأرض الغالية إلى مصر عام 1973، وذلك أمر مقصود بالطبع، للدلالة على أن أهم الانجازات التاريخية للوطن في سبيله للضياع، فالحديث عن فقد سيطرة الدولة لصالح جماعات مجهولة معناه إن إسرائيل يمكنها اعادة إحتلال سيناء بذريعة الحفاظ على أمنها من مخاطر تأسيس إمارة إسلامية مجاورة.
والغريب أن إعلامنا المنفلت كاليوم السابع هو الذي يروج لتلك النظرية بامتياز فتنقل عنه وسائل الإعلام الدولية. في الوقت الذي تمتلأ فيه بعض مواقع الانترنت بتعليقات ورسائل تنسبها إلى سيناويين يتحدثون عن رغبة الإستقلال عن مصر وتحرير أرضهم من "المصاروة" كما تسمي المصريين!
ذلك خطير للغاية لا يجب استسهاله بأي حال، ففزاعة التيار الإسلامي التي رفعها التيار الليبرالي العلماني منذ عدة شهور تمتد الآن إلى تلك الأرض الطاهرة العزيزة المقدسة التي لا يمكن لأي مصر أن يضحي بشبر واحد منها حتى لو قُتلنا جميعا دونها، فكل الحروب التي خضناها سابقا كانت دفاعا عن سيناء، وحق آلاف المصريين الذين حاربوا وماتوا على رمالها، ومنهم مئات الأسرى الذين دفنهم الصهاينة في مقابر جماعية، معلق في رقابنا إلى يوم القيامة.
السيناريو الذي ترسمه قوى دولية لفصل سيناء ليس جديدا. شهده مؤتمر نظمته إسرائيل في منطقة الحسنة عام 1969 بحضور الولايات المتحدة ودعت إليه كبار مشايخ سيناء لإعلان "الانفصال" على لسانهم، وقد حضروا بالفعل، لكنهم فاجأوا مراسلي وكالات الأنباء والصحف الدولية، بأن سيناء مصرية وستظل مصرية.
إلا أن هذا السيناريو يعود الآن بقوة مستفيدا من فزاعة التيار المصري الليبرالي ومن انشغال أجهزتنا الأمنية بالداخل وبالمليونيات ومنها مليونية "في حب مصر" التي ينوي ذلك التيار اطلاقها على أسس دينية باستغلال الصوفيين كقوة مقابلة لبقية أطياف التيار الإسلامي.
ولا أعرف كيف تكون مليونية في حب مصر مع انكفائها على ميدان التحرير وتمسكها بالتظاهر فيه، بينما سيناء تتعرض لدعاية مغرضة واشاعات بأن العريش في سبيلها للسقوط كعاصمة مرتقبة للدولة الجديدة، لدرجة أن مراسل قناة فضائية عربية أكد من هذه المدينة أمس بأنها صامدة حتى الآن في حرب فعلية ولم تسقط بفضل استبسال مجموعة من قوات الشرطة، وأن القوة الغامضة التي هاجمت قسم ثاني العريش بصواريخ مضادة للدبابات والدروع واستخدمت في تنقلاتها سيارات دفع رباعي حديثة وحملوا معهم أيضا صواريخ مضادة للطائرات، وزعت أول أمس منشورات بأنها تجهز للهجوم على قسم أول.
المطلوب الآن سريعا تقصير الفترة الانتقالية لكي يعود الجيش إلى ثكناته وتعود الأجهزة الأمنية لقضايا الأمن القومي والاهتمام بالحدود، فكل حدودنا الآن من الشرق والغرب والجنوب مفتوحة لدخول أحدث الأسلحة التي تعد لتقسيم وطننا.
وهنا فإننا ننبه التيار الليبرالي والعلماني ومثقفيه وكتابه ووسائل إعلامه بأن وحدة مصر والحفاظ على سيناء أهم من كل الفزاعات، ولن يرحمهم التاريخ ولا الأجيال القادمة لو خسرناها.
والأهم أن تقوم الأجهزة المعنية سريعا بتدعيم قوات الشرطة في سيناء جوا وبحرا دون أي اعتبار للقيود التي تنص عليها اتفاقية كامب ديفيد والتي تجعلها منزوعة السلاح تقريبا.
لقد كانت للسادات طريقته في تلافي هذه القيود بتكثيف قوات مدنية في تلك المناطق خصوصا في العريش ورفح والشيخ زويد. وهناك اقتراح بتشكيل قوة حرس وطني مدنية لحفظ الأمن تتكون من مئات الآلاف خصوصا من بدو المنطقة برواتب عالية ونشرها في سيناء بعد تدريبهم سريعا، ويمكن بذلك الالتفاف على "كامب ديفيد".
هذه الاتفاقية غير مقدسة وتحتاج للتعديل في ضوء المستجدات الجديدة ومن هنا يجب على الحكومة أن تطالب بذلك فورا.
المهم ألا تشغلنا مليونيات الفزاعات عن التصدي لهذه الخطة الخطيرة التي قد تفقدنا ثلث أراضينا في غمضة عين.
arfagy@hotmail.com | |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق