الثلاثاء، 18 ديسمبر 2012

حين تكون السياسة إبداعاً وليست لعبة كراسى
                                            - 2012 / 12 / 16 - 10:24                                        
                             

 
د.نوال السعداوى

متى ينتصر الإبداع على السياسة؟ متى تتشكل الحكومات من المبدعين والمبدعات بدلاً من محترفى اللعب السياسية والانتخابية والاستفتائية؟

الإبداع ليس سهلا، قد تدفع حياتك ثمن الإبداع، أى ثمن الصدق والحرية والعدل والكرامة.

تتشابه أهداف الإبداع مع أهداف الثورة العظيمة أو السياسة النظيفة التى لا تلعب ولا تتلاعب، وتتمسك فى دستورها بمبادئ العدل والحرية والكرامة والمساواة للجميع دون تمييز على أساس الجنس أو الطبقة أو الدين أو غيرها.

السياسة النظيفة مثل الإبداع بسيطة مباشرة واضحة لا تتسربل فى غموض الألفاظ وغياهب الشرائع وأدغال المراوغات، قد تدفع حياتك ثمن الإبداع كما تدفع حياتك فى الثورة ضد العبودية.

ليس سهلاً تحرير العبيد (نساء ورجالاً) من القهر الاقتصادى والجنسى الذى وقع عليهم منذ نشوء التاريخ المكتوب، رغم ثورات العبيد والنساء المتكررة عبر القرون وما حصلوا عليه من حقوق تتزايد مع تكرار حركات التحرير فى كل بلد، إلا أن جوهر العبودية لايزال قائماً حتى اليوم، فى البلد الذى خاض أعنف المعارك لتحرير العبيد، وهو الولايات المتحدة الأمريكية، إذ تشهد حركة تحريرية تتجسد اليوم فى انتفاضة الـ٩٩٪ من الشعب ضد طبقة الـ١٪ الذين يملكون كل شىء.

قرأت منذ سنين بعيدة عن حياة إبراهام لينكولن وكيف دفع حياته لوقوفه فى صف تحرير العبيد فى أمريكا خلال الستينيات من القرن التاسع عشر، لكنى لم أنتبه إلى المعركة العنيفة التى خاضها لينكولن والتى أودت بحياته إلا بعد أن شاهدت فيلماً منذ أيام بعنوان «لينكولن» أخرجه ستيفن سبيلبرج، وكتب السيناريو تونى كوشنر، وقام بدور «لينكولن» الممثل المبدع ديى ليويس.

أحياناً يتفوق إبداع الممثل على إبداع المخرج وكاتب السيناريو، تتجسد الأفكار عبر جسد الممثل وحركته وصوته وصمته، تصبح لحظة الصمت أكثر تعبيراً من الكلام، وحركة العين أو الجفن أو الأصبع أكثر وقعاً ونبضاً من خطبة سياسية طويلة.

هذا الفيلم المبدع أعاد إلى إبراهام لينكولن حقه التاريخى رائداً من رواد تحرير الزنوج فى أمريكا، يصنع الفيلم الجيد فى ساعة ونصف الساعة ما تعجز عنه عشرات الكتب والمجلدات من آلاف الصفحات.

القاعة فى ميشيجين كأنما لا نفس فيها، الأنفاس كلها توقفت فى استغراق عميق أشبه بالموت، نشهد الصراع الرهيب بين الفريقين، فريق لينكولن الذى يصوت لمساواة الزنوج بذوى البشرة البيضاء، فى التعديل الشهير ١٣ بالبرلمان الأمريكى، والفريق الآخر متصلب متشنج يتمسك بتطبيق شريعة الله، الذى خلق الناس طبقات ودرجات ولم يخلق البشر متساوين، والمدافعون عن العدل والمساواة فى نظرهم كفرة وملاحدة ويستحقون القتل؟

انطلقت الرصاصة فى صدر إبراهام لينكولن، الإنسان فارع القامة نبيل الأخلاق منخفض الصوت، يناقش بهدوء وعقل، يؤكد أن المساواة بين البشر تتغلب على التفرقة لأى سبب، وإن كان لون البشرة أو الجنس، اقتنع الطفل بهذه الفكرة البديهية البسيطة، لم يقتنع بها رجال كالبغال يقهرون زوجاتهم باسم الشرع ويتاجرون بالزنوج فى سوق العبودية.

الأموال تصيب العقول والقلوب بالعمى والجهل؟ كل لحظة فى الفيلم شعرنا فيها بأن هذا الإنسان طويل القامة محنى الظهر، من شدة الألم أو شدة التواضع، يتحرك مثل خيال، ليس له لحم، روح هائمة فى سماء الإبداع والعدل والحرية، يمشى الليل وحده دون حرس، مفكراً حزيناً، كل خطوة نتوقع اغتياله.. وتم اغتياله غدراً، كما يحدث للعظماء فى التاريخ، الذين اعتبروا السياسة إبداعا للعدل والحرية والكرامة، وليس لعبة لتبادل الكراسى.                                   

طريق واحد أمام الأنظمة الملكية العربية

عماد عبدالله عياصرة

في ظل الربيع العربي ثبت عملياً –على الأقل إلى الآن- مدى فعالية الأنظمة الملكية في البقاء على قيد الحياة مقارنة بالأنظمة الجمهورية. وما زالت الحكومات الغربية تعمد إلى تسويق هذه الحالة على شكل مبدأ "الاستثنائية من السقوط" من أجل الحفاظ على مصالحها مع تلك الأنظمة؛ ابتداءً من النفط والغاز وصفقات السلاح، وانتهاءً بأبعاد سياسية عسكرية دينية تتعلق بدول الشرق الأوسط ككل.

ربما يجب على تلك الأنظمة عدم الاعتماد على الدعم الغربي في هذا السياق، ففي نهاية المطاف تبقى الشعوب في تلك الممالك هي من يحدد الصورة النهائية لنظام الحكم. وإذا كانت الأنظمة الملكية العربية بصورتها الحالية ما زالت تلقى قبولاً في المجتمعات العربية وحتى المجتمع الدولي، فإن ذلك يرجع إلى قبول فكرة توريث السلطة، كأحد قواعد الحكم الملكي، وليس لأن تلك الممالك أفضل حالاً من الجمهوريات التي سقطت. ففي تلك الجمهوريات حاول القادة تكريس فكرة الأبدية والتوريث في نظام سياسي لا يمكن أن يقبل تلك الفكرة بأي شكل، فبقيت شعوب تلك الجمهوريات تنظر الى الحاكم بوصفه معتدياً على النظام السياسي وليس جزءاً منه. ولهذا عندما سنحت الفرصة سارعت إلى اسقاط زعماء تلك الجمهوريات.

لقد أخذت شرعية الأنظمة الملكية من عدمها جدلاً واسعاً بين الناس منذ مئات السنين. لكن في نهاية المطاف لا يوجد فكرة تثبت الشرعية بالمطلق أو تسقطها. في المقابل يمكن بسهولة ادراك أن الشعب هو المعيار الوحيد ذو الفعالية في معادلة الدولة؛ فإذا بحثنا في جميع الأنظمة السياسية سنجد أنها أخذت شكلها ونوعها وطريقة عملها من فكرة اعادة ترتيب أولويات الأدوار بين أفراد الشعب.

ابان فترة العصور الوسطى في اوروبا استمد الملوك شرعيتهم وأحقيتهم في السلطة المطلقة من الله، وبذلك اعتبر كل من يخالفهم يخالف الله بالنتيجة. فكرة هذه الشرعية –وليس بالضرورة السلطة المطلقة- لا تزال حاضرة في العديد من الممالك العربية، فنرى السلالات الحاكمة في تلك الممالك تقدِّم نفسها على أنها تستمد شرعيتها من أبعاد دينية.

اللافت أن مفهوم الشرعية الإلهية للملوك انتهى في اوروبا عقب ما يعرف بـ "إعلان الحقوق" الذي صدر عن البرلمان الانجليزي بعد الثورة المجيدة بعام واحد أي عام 1689. في ذلك الوقت تضمّن الاعلان أخطاء الملك جيمس الثاني في حق الشعب واشترط على الملك الجديد عدم تكرار تلك الأخطاء وعدم القيام بأي عمل ينتقص من حقوق الشعب. إن الظلم الذي مارسه الملك جيمس الثاني على الشعب وفّر البيئة المناسبة للثورة التي قادها ويليام الثالث حاكم هولندا آنذاك والذي أصبح ملكاً على المملكة المتحدة بعد خلع جيمس الثاني.

نرى أن الثورة الانجليزية حافظت على الملكية كنظام حكم سياسي منذ قيامها إلى اليوم، فالملكية بحد ذاتها ليست عائقاً أمام الديمقراطية، شرط أن تستمر في التجاوب مع متطلبات الشعب. على العكس من ذلك، فالفرنسيون أرادوا انهاء الملكية؛ بدأ ذلك منذ عام 1774 وحتى عام 1792 والتي هي سنوات حكم لويس السادس عشر، حيث قام خلالها بسلسلة من الأخطاء الاقتصادية والسياسية والتي أشعلت فتيل الثورة الفرنسية عام 1789، ورغم كل ذلك بقيت فرصة تدارك الأمور سانحة أمام الملك لويس، إلا أنه عمد إلى المحاولات المتكررة لإفشال الإصلاحات التي أفرزها إعلان حقوق الإنسان، فانتهى الأمر بإعلان النظام الجمهوري بدلاً من النظام الملكي عام 1792. ورغم أن فرنسا بعد الثورة مرت بمدٍ وجزْرٍ بين النظام الملكي والجمهوري، إلا أن الجمهورية الفرنسية أخذت شكلها النهائي فيما عُرف بالجمهورية الخامسة منذ منتصف القرن الماضي حتى اليوم.

بخلاف الأنظمة الجمهورية، فالأنظمة الملكية لديها قدرة كبيرة على المناورة السياسية بين الحكم والحقوق، وهذا فقط ما سيجعلها تصمد في وجه الثورات الشعبية؛ فبين تجاذبات السلطة والاصلاحات والتنازلات، يبقى النظام قائماً إلى أن يصل إلى حالة تضمن له الاستقرار والاستمرارية. ففي السويد مثلاً كانت السلطة مشتركة بين الملك والنبلاء حتى عام 1680، وثم عادت لتصبح مطلقة بيد الملك، بعد ذلك دخلت الملكية بسلسلة من الاصلاحات متمثلة بعدة أنواع من الملكية الدستورية كان آخرها عام 1975، والتي تُوِّجت بأن البرلمان هو صاحب السلطة المطلقة وهو من يُعَيِّن رئيس الوزراء والوزراء، وعليه اصبحت السلطة التشريعية والتنفيذية بيَد البرلمان بالتزامن مع سلطة قضائية مستقلة.

في هذا السياق، من المهم الاشارة إلى أن للشعوب خصوصيتها على جميع المستويات، ولهذا نشهد الاختلاف في طريقة حُكمها وصلاحيات الحاكم فيها. فنظام الحكم الملكي البريطاني يختلف عن نظام الحكم الملكي في السويد من عدة نواحٍ. إلا أنهما –وهذا ما يهم- يتطابقان تماماً في الجوهر وهو أن السلطة في مفهومها النهائي مصدرها الشعب، وهدفها صون الحريات والحقوق. ومن هنا وجَب على الانظمة الحاكمة ان تدرك هذه الحقيقة وتأخذها بعين الاعتبار.

من المؤكد أن الأنظمة الملكية العربية قامت بتغييرات سياسية واقتصادية كنتيجة طبيعية للربيع العربي. لكن هذه التغيرات لم تخفف من زخم الاحتجاجات، وما زالت تلقى الكثير من الانتقادات كونها لا ترقى إلى طموحات الحرية الحقيقية التي بات الكثير من شعوب الأرض يمارسها. ومع انكسار قيود الخوف بعد الثورة التونسية، وانتشار التدفق المعرفي اللحظي من جميع الجهات، وسهولة التواصل بين كل المجتمعات والأفراد. اصبح من السهل على الشعوب العربية اطلاق العنان لأفكارها وتحديد ما تريد اكثر من أي وقت مضى، ولم تعد تلك الشعوب تقبل بالقليل. وهنا لا بد للأنظمة الملكية العربية أن تستغل قدرتها على التكيف وتتجاوب مع متطلبات شعوبها، فالظروف ما زالت سانحة. ويجب عدم الاعتماد على فكرة الاستثنائية لتحقيق الاستمرارية، وعدم النظر اليها كأمر واقع لا يتغير، وإنما يجب استغلالها كدافع حقيقي للإصلاح والتغيير قبل فوات الأوان؛ فالاستثنائية بحد ذاتها ليس لها قيمة؛ فسابقاً كانت الأنظمة في العراق ومصر وليبيا أنظمة ملكية!

باحث ومحلل سياسي

الاثنين، 17 ديسمبر 2012

 

مصر على طريق.. الهند أم باكستان؟

توماس فريدمان
 
نشر فى :الإثنين 17 ديسمبر 2012 - 8:35 ص
آخر تحديث :الإثنين 17 ديسمبر 2012 - 8:35 ص
أود أن أتناول أوضاع مصر اليوم، لكن هناك خبرا صغيرا ربما يكون فاتكم. فمنذ ثلاثة أسابيع مضت، عين رئيس وزراء الهند، سيد آصف إبراهيم مديرا لمكتب المخابرات الهندية (وكالة المخابرات الداخلية).

وإبراهيم رجل مسلم. والهند غالبيتها من الهندوس، لكنها أيضا ثالث أكبر بلد إسلامى. ويأتى أكبر تهديد لأمن الهند اليوم من جانب المتطرفين المسلمين. وتعيين الهند مسلما لرئاسة المخابرات لهو صفقة كبيرة جدا. لكنه يشكل أيضا جانبا من تطور تمكين الأقليات. ورئيس وزراء الهند ورئيس أركان جيشها اليوم من السيخ، ووزير خارجيتها ورئيس محكمتها العليا من المسلمين. وهذا أشبه بأن تعين مصر رئيس أركان لجيشها مسيحيا قبطيا.

ستقول: «هذا غير معقول».

حسنا، نعم، هذا غير حادث الآن. لكن إذا ظل الحال كذلك خلال عقد أو عقدين، فسندرك ساعتها أن الديمقراطية فى مصر قد فشلت. سندرك أن مصر سارت على طريق باكستان وليس الهند. أى أنها بدلا من أن تصبح بلدا ديمقراطيا تتفجر فيه أقصى طاقات المواطنين، أصبحت بلدا إسلاميا يتساند فيه الجيش والإخوان المسلمين ليتمكنا من الاستمرار فى الحكم بينما يتحول «الشعب» مجددا إلى جمهور من المتفرجين. وسواء اختارت مصر طريقا أقرب إلى باكستان أو الهند، فسيكون لذلك أثره على مستقبل الديمقراطية فى العالم العربى ككل.

ومن المؤكد أن الهند لا زالت تعانى مشاكل فى الحوكمة ولا يزال مسلموها يعانون التمييز. إلا أن «الديمقراطية مهمة»، كما يقول تفيل أحمد، الهندى المسلم، الذى يدير مشروع دراسات جنوب آسيا بمعهد أبحاث إعلام الشرق الأوسط؛ لأن «الديمقراطية فى الهند هى التى استطاعت، على مدى ستة عقود، إزاحة العوائق الأساسية، مثل الطبقة الاجتماعية والقبيلة والدين؛ لتفسح الطريق أمام القطاعات المختلفة من المجتمع للصعود حسب جدارتهم»، وهو ما حدث بالضبط فى حالة إبراهيم.

وقد عاشت مصر ستة عقود من الطغيان جعلت منها بلدا منقسما بشدة، حيث لا تعلم شرائح كبيرة شيئا عن بقية الشرائح أو تثق فيها، وحيث تشيع نظريات المؤامرة. وتحتاج مصر كلها اليوم أن تتوقف لوهلة وتفكر فى سؤال واحد: كيف وصلت الهند، وهى مستعمرة بريطانية أخرى، إلى ما صارت إليه (تنحية الثقافة الهندوسية جانبا)؟

الإجابة الأولى هى: الوقت. فالديمقراطية تعمل بنجاح فى الهند منذ عقود، بعد أن ناضلت فى سبيلها قبل الاستقلال. وعمر الديمقراطية فى مصر لم يبلغ العامين. فقد تجمد المجال السياسى لمصر واحتُكر على مدى عقود نفس العقود التى كان الزعماء السياسيون من المهاتما غاندى إلى جواهر لال نهرو إلى مانموهان سينج «يبنون نظاما بالغ التنوع والاختلاف، لكنه مرن ومتوافق بطريقة مؤثرة»، كما يقول خبير الديمقراطية بجامعة ستانفورد، لارى دياموند، مؤلف كتاب «روح الديمقراطية: النضال من أجل بناء مجتمعات حرة فى أرجاء العالم».

كما أن الحزب السياسى السائد فى الهند عندما أطاح بحاكمه الاستعمارى «ربما كان أكثر الأحزاب السياسية المطالبة بالاستقلال فى المستعمرات فى القرن العشرين من حيث تعدد الأعراق، والإيمان بالديمقراطية، ونعنى بذلك حزب المؤتمر الوطنى الهندى»، على حد قول دياموند. فى حين أن الحزب السائد عند الإطاحة بطغيان مبارك، أى الإخوان المسلمين، «هو حزب دينى لطائفة واحدة ذو جذور استبدادية عميقة اتجه مؤخرا فقط نحو الانفتاح والتعددية».

كما أن هناك فرق، كما يقول دياموند، بين فلسفة وخلفاء المهاتما غاندى وسيد قطب، النور الهادى للإخوان المسلمين. إذ يقول دياموند إن «نهرو لم يكن قديسا، لكنه حاول الحفاظ على روح التسامح والتوافق، واحترام القواعد». كما كان يثمن التعليم. وبالمقابل، كما يرى دياموند، «يبعد قادة الإخوان المتشددون، الذين يجلسون فى مقعد القيادة منذ بدأت مصر التحرك باتجاه الانتخابات، المعتدلين داخل التنظيم، ويستغلون سلطات الطوارئ، ويضربون خصومهم فى الشوارع، ويسعون الآن إلى التعجيل بإصدار دستور يفتقد إلى التوافق رغم أنف شرائح كبيرة من المجتمع المصرى التى تشعر بالاستبعاد والافتئات على حقوقها».

كما أن هناك الجيش. فعلى عكس الحال فى باكستان، أبعد زعماء الهند فى مرحلة ما بعد الاستقلال الجيش عن السياسة. وللأسف، أدخل جمال عبدالناصر، بعد انقلاب 1952، الجيش فى السياسة وحافظ كل خلفائه، حتى مبارك، على هذا الوضع واحتفظوا بمناصبهم بفضل الجيش وأجهزة المخابرات التابعة له. وما أن سقط مبارك، وأعاد قادة الإخوان الجدد الجيش إلى معسكراته، شعر جنرالات مصر بضرورة عقد صفقة تحمى شبكة المصالح الاقتصادية الضخمة التى بنوها. يقول دياموند إن «انتماءهم القوى للنظام القديم جعلهم خطرا على النظام الجديد. والآن لا يمكنهم العمل بعد تحديد نفوذهم».

نعم، الديمقراطية مهمة. لكن الإخوان المسلمين بحاجة لأن يدركوا أن الديمقراطية أكبر من أن تقاس بمجرد الفوز فى الانتخابات. إنها ترعى ثقافة التعدد والحوار السلمى، حيث يحظى القادة بالاحترام بمفاجأة المعارضين بالحلول الوسط وليس الإملاء. وقد قال عالم الاقتصاد الهندى الحائز على جائزة نوبل، امارتيا سن، إن تاريخ الهند المتحدر من الحوار والنقاش هو الذى أعدها لاستقبال المؤسسات الديمقراطية الرسمية.

وتحتاج مصر الآن، وأكثر من أى وقت مضى، إلى تبنى ثقافة الحوار، والنقاش السلمى المحترم والذى كان مقموعا تماما على عهد مبارك بدلا من إلقاء الحجارة، والمقاطعة، وترويج المؤامرات المزعومة وانتظار إدانة أمريكا لهذا الطرف أو ذاك، والذى ساد المشهد السياسى قبل الثورة. فالانتخابات بدون ثقافة مثل كمبيوتر بلا برامج. ولن تؤتى ثمارها.



نقلا عن صحيفة «نيويورك تايمز»

Locations of Site Visitors
Powered By Blogger