السبت، 10 يناير 2015


وجهة نظر: الدين ليس هو المشكلة

الاعتداءات الوحشية لإرهابيين إسلاميين في فرنسا أثارت صدمة كبيرة في أوروبا. ولكن المزعج، برأي فيليكس شتاينر، هو أن يتم إقحام – ليس الإسلام فقط – بل الدين عموما في القضية، واتهام الدين بالمسؤولية عن عمل قلة من المتطرفين.
Symbolbild Christentum Judentum Islam
ربما حان الوقت لقولها: أنا (الصحفي فيليكس شتاينر) مسيحي كاثوليكي. وأنا سعيد بذلك. وإيماني يمنحني قوة. شعور جيد ينتابني بأني لست مجرد صدفة من صُدف الطبيعة، جاءت من لا شيء وستنتهي إلى لا شيء، وإنما أنا من صنع الرب، الذي يسميه اليهود: يهوه، والمسلمون: الله. وهذا موجود في سفر التكوين، المقدس لدى اليهود والمسيحيين.
ولذلك فإن لديّ – كما هو الحال لبقية البشر – كرامة. هذه الكرامة يجب عدم المساس بها. احترام هذه الكرامة وحمايتها هو واجب كل سلطات الدولة. ولذلك فإنه لم يأتي من فراغ، أن ينص الدستور الألماني (القانون الأساسي) في مادته الأولى على ذلك.
الدولة تحمي معتقدي
Deutsche Welle Felix Steiner
ومن لا يحتاج للدين، فالخيار له. المجتمعات الحرة في الغرب لا تجبر أحدا على اعتناق دين محدد، أو على أن يكون له دين أصلا. ولكن، ورغم أن الدولة الألمانية لا تهتم بمسألة تديني، إلا أنه بنفس الوقت تحمي المتدينين عموما. فالدولة تصون حرية "ممارسة الشعائر الدينية دون إزعاج"، وفقا للدستور الألماني. ولهذا السبب فإنه لا يجب عليّ أن أقبل – على سبيل المثال – أن تأتي شابة عارية وتقف على مذبح الكنيسة في مدينة كولونيا، خلال قداس عيد الميلاد، وتهتف: "أنا الرب". وإنما سأصبح سعيدا عندما يتم إدانتها أمام الكنيسة وتغريمها بغرامة مالية.
وهناك أمور ينبغي عليّ تقبلها، حتى وإن كانت تزعجني كثيرا. لأنها تضع أشياء تهمني كثيرا في مواضع قذرة. على سبيل المثال: هناك تسميات أخرى للمسيح باللغة العامية الألمانية، تسخر منه، هذه التسميات تزعجني. أو أن يتم رسم بابا الفاتيكان، وهو رئيس الكنيسة الكاثوليكية في العالم، وعلى ردائه توجد بقعة بول، مع عنوان لخبر صحفي: "العثور على مواضع غير مُحكمة في الفاتيكان". ولكن لا يتم بسبب ذلك حبس أي رسام كاريكاتوري في مجلة ساخرة، أو أي إعلامي ساخر في ألمانيا. لأن مثل هذه الاستفزازات تقع تحت بند حرية التعبير والفن والصحافة. كما أني – كمسيحي مؤمن – لست مضطرا لحضور أو زيارة أمسية ساخرة، أو قراءة وشراء المجلة التي تنشر رسما أو تعليقا ساخرا من معتقدي. وكمسيحي متعلم واسيت نفسي بقول لغوته: "لا يوجد شيء يعبر عن شخصية البشر، أكثر من ذلك الشيء الذي يسخرون منه".
كل هذا هو تركة ما يسميه المؤرخون "عصر التنوير". إنها ببساطة معادلة المعاملة بالمثل: أنا أحصل على حرية اعتقاد ما أريد، مقابل أن أقبل بحرية الآخرين في أن يقولوا حول ذلك ما يشاؤون. فقط الإساءة المباشرة لي غير مسموحة لأي أحد. كما أن دور العبادة، سواء أ كانت كنائس أو صوامع أو مساجد أو معابد بوذية وغير ذلك؛ كلها أماكن محمية. منذ 300 عام وأوروبا وأمريكا الشمالية تعملان بهذا المبدأ ولديهما خبرات ممتازة حوله.
لا توجد تنازلات في مجال التسامح
"الغرب المتنور" لا يستطيع وغير مسموح له أن يقدم بعض التنازلات في مجال التسامح. من يرغب بالعيش هنا فعليه القبول بهذه القواعد. إنها ليست مسألة تعجيزية – حتى ولو بدت كذلك لبعض المحافظين والمتطرفين المسيحيين، كما هو الحال أيضا لبعض المحافظين والمتطرفين المسلمين.
ومن يستخدم العنف، من أجل فرض إرادته الدينية أو للتخلص من أشخاص مضادين لدينه، فإنه يخرج – في عام 2015 – من كل إطار حضاري. وهذا ما يتفق معه تقريبا كل المسيحيين في أوروبا، وحوالي تسعين بالمئة من المسلمين الذين يعيشون هنا. والذين أدركوا منذ زمن بأن هناك قواعد – كتلك السارية في كثير من البلدان الإسلامية – ستجعل ممارستهم لحريتهم الدينية مستحيلة، فيما لو طُبقت تلك القواعد في أوروبا. ولذلك فهم يقدرون جيدا هذا التسامح الأوروبي.
ما يؤذي المسلمين، تماما كما يؤذيني، هو أن يتم تشويه دين كامل، وأحيانا الدين بشكل عام، بسبب قلة من المتطرفين المتهورين. حيث يُسمع من البعض في هذه الأيام ادعاء بأن العالم سيكون أفضل بدون الأديان، لأن التدين يقود إلى التطرف. كلا – أنا أرفض ذلك! ديني عزيز عليّ ومهم جدا، ولن أسمح بسلبه مني. وهكذا هو حال جاري المسلم أيضا.

الخميس، 8 يناير 2015

بعض المغرضين الدخلاء الذين لا يعيشون إلا في الماء العكر


العلاقات المغربية المصرية أقوى

من أن تؤثر عليها بعض الأقلام والمنابر

عبد العزيز الإدريسي بتاريخ الاربعاء 7 يناير 2015



العلاقات المغربية المصرية أقوى
إن العلاقات المغربية المصرية ضاربة جذورها في التاريخ والمحبة والود بين الشعبين تدعمان هذه العلاقة الأزلية، لذا فإن وقع خطأ ما من خلال تصرف بعض المنابر أو الأقلام المأجورة بتأثير من بعض الجهات التي لا ترغب في الحفاظ على هذه العلاقة الأخوية بين الدولتين، وهي تعمل جاهدة من أجل زرع الفتنة وزعزعت هذه العلاقة التاريخية المجيدة التي امتزجت فيها دماء أبناء الشعبين الشقيقين، المملكة المغربية وجمهورية مصر العربية، على مر العصور وهي دائما متضامنة متحابة في الله، وفي رسوله الكريم، كما أن العلاقة بين الدولتين الشقيقتين فهي قائمة على سواري صلبة وقوية، الأمر الذي من شأنه لا يدع مجالا للشك في أن هذه العلاقة لا يمكنها إلا أن تنمو وتتقوى وتخطو خطوات إلى الأمام من أجل ترسيخ العلاقة وتطويرها في جميع المجالات، لأن كلا من هاذين البلدين الشقيقين العربيين المسلمين في أمس الحاجة إلى الآخر، كما هو الحال بالنسبة لجميع الدول العربية الإسلامية، لأن الوضع الراهن يحتم على هذه الأمة أن تتوحد وتجمع الشمل بالتضامن والتآزر ووحدة الصف بعيدا عن كل ما من شانه أن يقف حجرة عثرة في وجه التقدم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي العربي- العربي، ومن فينا لا يعلم مدى المجهود الذي يبذله المغرب من أجل تحقيق هذا الطموح بقيادة جلالة الملك محمد السادس، لأن المغرب يمكن أن يعتبر مرجعا أساسيا في القيم والأخلاق والوفاء بالعهود بما مكنه الله من استقرار وسلام وأمن وأمان بفضل الحكم الرشيد والاعتدال في اتخاذ القرار وتمرير السياسة الخارجية بكل توازن دون انحياز، وفي هذا السياق نجد أن الدول العربية حظيت باهتمام بالغ ومتميز من طرف المملكة المغربية سواء قبل الاستقلال أو بعده الشيء الذي شكل هاجسا قويا عن سلوك اتسم في كثير من الأحيان بالجرأة حيث إن المجال العربي يعتبر المحيط الطبيعي والحيوي للمغرب بحكم أنه أساسا دولة عربية إسلامية، قام بمجهودات حثيثة جعلت للمغرب مكانة نافدة في المجال العربي من خلال نهج سلوك سامي وعمل واقعي ومعتدل يتفاعل مع محيطه دون ملل أو انغلاق أو انحياز وهو ما أعطى للدبلوماسية المغربية مصداقية، ذات قيمة مضافة لأن السياسة الخارجية المغربية لم تنغلق داخل تصور إيديولوجي معين ومحدد، حيث أنها تعالج الأحداث والوقائع وفق تحليل عميق فضلا عن مقاربة النتائج وتفاعلها مع المصالح الحيوية وصياغات اختياراتها على جملة من المحددات وأساسا إذا كان المحيط العربي أحد أبرز هواجسها، ومن هنا يمكن القول إن العلاقات المغربية المصرية هي علاقة ليست وليدة اليوم أو حديثة العهد، وليست ظرفية أو نتاج حقبة معينة، وإنما هي علاقة ثابتة لا تنفصم عراها مطلقا، فمن المعروف أن العلاقة المغربية المصرية لا تخرج عن نية العلاقة الأخوية بين الدولتين الشقيقتين العريقة في التاريخ، وبتعاون المغرب ومصر قد يتم استثبات السلم والأمن في شمال إفريقيا والساحل من خلال نبذ العنف والتطرف وتغليب منطق الحوار. 

وإذا كانت العلاقات المغربية المصرية عرفت بعض التوترات في الستينات على عهد جمال عبد الناصر فإنها ما فتئت أن عادت المياه إلى مجراها الطبيعي، ثم تطورت أكثر وعرفت نموا سريعا على عهد أنور السادات ثم من بعده حسني مبارك، كما كان الأمل قويا في أن تعرف هذه العلاقة انفتاحا وتعاونا يساعدان على تحصين هذه العلاقة وتعود تشاركية وتعاون استراتيجي في جميع المجالات السياسية والدبلوماسية والتبادل التجاري والخبرات المجالية وبالتالي يتكون من خلال هذا التعاون درع محوري في شمال إفريقيا يعول عليه، إلا أنه ولبلوغ هذا الهدف يبقى الوضع مرهون بإعادة الدفئ إلى العلاقات المغربية المصرية التقليدية الضاربة جذورها في أعماق التاريخ، وذلك بوضع سد مانع يصمد في وجه الذين يسعون إلى نفث السموم في هذه العلاقات الأخوية ، وبالتالي تخريب ما بني عبر عقود من الزمن. 

وأعتقد شخصيا أن المغرب عمل كل ما في وسعه للحفاظ على هذه العلاقات المتميزة، لكن بعض المغرضين الدخلاء الذين لا يعيشون إلا في الماء العكر، حاولوا زرع الفتنة بين دولتين شقيقتين قصد قضاء مآرب خاصة وضيقة. 

ومن اجل إعادة الدفء للعلاقة المغربية المصرية التي تعارف عليها الشعبين الشقيقين منذ عصور قد يكمن ذلك في ردء الصدع واجتناب كل ما من شأنه أن يعمق هذه الفجوة، واتخاذ التدابير اللازمة قصد معالجة هذه الوضعية الدبلوماسية المغربية المصرية وعودة المياه إلى مجاريها الطبيعية على أعلى مستوى في هرم الدولتين الشقيقتين، أما ما وقع من إشارات عابرة عبر بعض المنابر أو الأقلام أو المواقع الالكترونية، فذلك سحابة صيف لا يمكن اعتبارها إلا طيش ليس للأجهزة الرسمية دور فيه، وعلى الذين يتنكرون للمعروف أن لا ينسوا بأن المملكة المغربية دائمة التضامن مع الأشقاء العرب ارتكازا على سياسة عدم التبعية أو الانحياز، وهو المبدأ الذي تتسم به السياسة الخارجية المغربية وكدليل على هذا التضامن، لقد أصدرت الحكومة المغربية سنة 1956 بلاغا أعلنت فيه استنكارها للعدوان الذي مورس على تراب وسيادة مصر الشقيقة بواسطة التحالف الإسرائيلي-الانجليزي- الفرنسي الذي سمي "بالعدوان الثلاثي، حيث عبرت المملكة المغربية عن تضامن وتعاطف الملك والحكومة والشعب المغربي مع الشعب المصري في مقاومته من أجل حماية سيادته واستقلاله ووحدة ترابه وثوابته ومعتقداته التي يكفلها الدستور في ظل منطق التسامح والتعايش والتضامن وعدم التفرقة والتجزيء، وفي هذا السياق تفاعل المغرب مع أشقائه المصريين في حرب (1967)، ويمكن القول أن حرب 1967 شكلت محطة هامة على الصعيد الرسمي والشعبي مع الشقيقة مصر. 

ومن هذا المنطلق ركزت الدبلوماسية المغربية على الدعوة إلى البحث عن الصيغ السلمية والوسائل الملائمة لاسترجاع الأراضي العربية المحتلة وتحاشي الصراعات العربية –العربية، وبالتالي وفرت الظروف لمناخ وأرضية ملائمة لبلورة سياسة طموحة من أجل إنعاش مشروع قوامه التفتح والاعتدال والتعاون المجدي وفق إستراتيجية متكاملة ومتوازنة تتصاهر بين الانتماء العربي الإسلامي والتفاعل القطري، ومن هنا كان دور المغرب ظاهرا في تمرير سياسته الخارجية من خلال سلوك مقبول وبعد نظر والدعوة إلى معالجة القضايا الطارئة بالحوار والتصالح وتنقية الأجواء وفض النزاعات التي يمكن أن تزعزع أو تخلخل الوحدة العربية والتضامن العربي والتعاون الثنائي، ومن أجل هذا على سبيل المثال لا الحصر تم إقرار لجنة عليا بين المغرب ومصر ذات طابع سياسي استراتيجي واقتصادي، ولقد شكلت مثالا يحتدى به، وفضلا عن هذا هناك جمعية الأخوة والصداقة المغربية المصرية، التي تأسست باقتراح من مستشار صاحب الجلالة المرحوم الفقيه الأستاذ محمد عواد، حيث كان رحمه الله لا يدخر جهدا في إشعاع مقاصد هذه الجمعية ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا، وتقريب وجهة نظر الفاعلين المغاربة وأشقائهم في مصر فيما يخص المصالح العليا للبلدين الشقيقين، ولا يفوتني هنا دون أن أطالب بتحريك هذه الجمعية لوأد نار الفتنة التي يسعى إلى إشعالها بعض المغرضين والوصوليين العرضيين الذين يئسوا من مناوراتهم الفاشلة التي يطمحون من ورائها إلى التشويش على المصالح المشتركة والسعي إلى التفرقة بين الأشقاء والأصدقاء من خلال تسخير بعض الأقلام والمنابر الإعلامية، لكن العلاقة المغربية المصرية تبقى مستعصية على مثل هؤلاء، ولا يمكن أن تؤثر فيها بعض الأقلام والمنابر، بل هذه العلاقة أقوى من ذلك، وأرجو أن يجفف كل ما من شأنه أن يشوش على هذه العلاقة التاريخية الأخوية المتميزة.

الأربعاء، 7 يناير 2015


ضجة في فرنسا حول رواية تحكي قصة البلاد عندما يحكمها المسلمون

  • قبل 5 ساعة
ويلبيك: "حاولت ان اضع نفسي مكان شخص مسلم، وتيقنت انه في الحقيقة انهم (المسلمون) واقعون في وضع فصامي لا يحسدون عليه"
يكتب مراسل بي بي سي في باريس هيو سكوفيلد عن نشر رواية مستفزة تصور فرنسا على انها بلد متأسلم تدرس جامعاتها الطلاب القرآن وتجبر النساء على ارتداء الحجاب وتسمح للرجال بالاقتران باكثر من زوجة واحدة.
في العام 2022، تواصل فرنسا انهيارها التدريجي البطيء، فيما يتولى زعيم حزب اسلامي رئاسة البلاد.
تشجع النسوة على ترك اعمالهن، مما يؤدي الى انخفاض معدل البطالة. الجريمة تختفي في الاحياء السكنية الفقيرة المكتظة. الحجاب يصبح الزي السائد، والحكومة تسمح بتعدد الزوجات. وتجبر الجامعات على تدريس القرآن.
اما الشعب الفرنسي المخدر والفاسد، فيعود الى سليقته التي عودنا عليها منذ الحرب العالمية الثانية وهي التعاون مع المحتل ايا كان ويتقبل فرنسا المتأسلمة الجديدة.
هذه هي الحبكة المستفزة للرواية الجديدة التي نشرها اشهر الروائيين الفرنسيين المعاصرين ميشيل ويلبيك.
من المقرر ان تطرح الرواية - المعنونة "الخضوع" - للبيع في المكتبات يوم الاربعاء، اما الجدل حولها فقد بدأ منذ نحو اسبوع.
فهل الرواية عبارة عن منشور معاد للاسلام بهيئة عمل ادبي؟ هل العذر بأنها عمل خيالي يكفي اذا كانت الرواية تدعم طروحات اليمين المتطرف؟
ام هل كان ويلبيك يقوم فقط بدور الفنان الذي يحمل مرآة ويجبر العالم على رؤية الحقيقة - الحقيقة المبالغ بها ربما ولكنها تروى بامانة وعمق؟
ومما يزيد من حدة الجدل ان موضوعي الاسلام والهوية الوطنية يخضعان فعلا لنقاش محموم في فرنسا.
في العام الماضي، حققت الجبهة الوطنية المناهضة للهجرة نصرا عظيما عندما فازت لأول مرة بانتخابات عامة (للبرلمان الاوروبي).
وتعتبر زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبان منافسة جدية في الانتخابات الرئاسية المقبلة المزمع اجراؤها عام 2017. ولذا، يقول ويلبيك في روايته إن الاحزاب السياسية الرئيسية تلتف حول الزعيم الكاريزماتي محمد بن عباس وتدعمه من اجل ايقاف تقدم لو بان وفوزها بسدة الرئاسة.
ويلعب كتاب "الانتحار الفرنسي" للصحفي اليميني اريك زمور (وهو فرنسي من اصول جزائرية يهودية)، والذي يناقش انهيار فرنسا الاخلاقي امام الاسلام المتوثب، دورا في تشكيل خلفية رواية ويلبيك.
يقول منتقدو ويلبيك إن روايته تمنح مصداقية ثقافية لافكار زمور وغيره من "الرجعيين الجدد."
يقول لوران جوفران الصحفي في جريدة ليبراسيون اليسارية إن ويلبيك "يبقي كرسي مارين لوبان في مقهى فلور دافئا" (مقهى فلور ملتقى الفلاسفة اليساريين في الضفة الجنوبية من نهر السين في باريس).
وكتب جوفران "ان كان ويلبيك ينوي ذلك ام لم يكن، فللرواية بعد سياسي واضح. فبعد انحسار الضجة الاعلامية، سينظر الى هذه الرواية بوصفها تمثل لحظة حاسمة في تاريخ الافكار وهي اللحظة التي دخل فيها اليمين المتطرف ( او عاد) الى الاعمال الادبية العظيمة."
وذهب آخرون الى ابعد من ذلك. فالمقدم التلفزيوني علي بدو قال "إن هذا الكتاب يصيبني بالغثيان. شعرت بالاهانة عندما قرأته. لقد بدأت السنة الجديدة بعمل معاد للاسلام ينشر من خلال عمل لروائي فرنسي عظيم."
ولكن من الجانب الآخر، يقول مؤيدو ويلبيك إنه يتصدى لقضايا تتظاهر النخبة الباريسية التي تميل نحو اليسار بأنها غير موجودة اساسا.
يصف الفيلسوف وعضو الاكاديمية الفرنسية الان فينكيلكراوت ويلبيك بأنه "اعظم روائي يستشرف ما قد يحصل في المستقبل."
ويمضي للقول "باثارته موضوع اسلمة فرنسا في نهاية المطاف، اثار ويلبيك المواجع وجعل التقدميين يصرخون من الالم."
اما ويلبيك، والذي وصف الاسلام يوما بأنه "أغبى الاديان"، فيصر على انه لا يريد ان يستفز احدا.
وقال الروائي في مقابلات اجراها قبيل نشر الكتاب إن فكرة قيام حزب اسلامي بتغيير وجه السياسة الفرنسية فكرة معقولة جدا، ولو انه اقر بأنه قلص المدة التي يمكن ان يحدث فيها ذلك.
وقال ويلبيك لمجلة باريس ريفيو "حاولت ان اضع نفسي مكان شخص مسلم، وتيقنت انه في الحقيقة انهم (المسلمون) واقعون في وضع فصامي لا يحسدون عليه."
وقال إن المسلمين محافظون بطبيعتهم، ولا يمكنهم التأقلم مع اليسار خصوصا بعد ان تبنى هذا زواج المثليين. ولكنهم يشعرون ايضا بالتهميش من جانب اليمين الذي يرفضهم.
وقال "اذا اراد مسلم ان يصوت في الانتخابات، ماذا عساه ان يفعل؟ هو في الحقيقة في وضع صعب جدا إذ ليس لديه اي تمثيل بالمرة."
يقول ويلبيك إن موضوع كتابه الحقيقي يتمحور حول عودة الدين الى قلب الوجود الانساني واضمحلال افكار التنوير التي سادت منذ القرن الثامن عشر.
وقال لصحيفة لو فيغارو "إن عودة الدين ظاهرة عالمية وهي موجة عاتية لا فرار منها. إن الالحاد حزين جدا. اعتقد اننا نشهد الآن نهاية حركة تاريخية انطلقت منذ عدة قرون في نهاية العصور الوسطى."
ويلمح ويلبيك في مقابلاته الصحفية الى ان عودة الدين تعتبر امرا جيدا - ويقول إنه لم يعد ملحدا - وان حتى الاسلام يوفر حلا افضل من الفراغ الوجودي الذي يعاني منه الانسان المتنور.
وقال لباريس ريفيو "في نهاية المطاف بدا القرآن - بعد ان قرأته - افضل بكثير مما كنت اتصور".
ومضى للقول "دون شك، وكما في كل النصوص الدينية هناك مجال للاجتهاد. ولكن قراءة منصفة للقرأن لا بد ان تقود الى الاستنتاج بأنه لا يدعو الى حروب دينية عدوانية بل الى الصلاة. ولذا يمكنك القول إني غيرت رأيي بالقرآن."
وقال "ولذا لا اشعر اني اكتب بدافع الخوف، بل اشعر بأمكانية التوصل الى تفاهمات. اعترف لك بأن دعاة تحرر المرأة لا يستطيعون التوصل الى هذه التفاهمات، ولكن انا والكثيرين غيري يمكنهم ذلك."
وفي نهاية الرواية، يبدو ان بطلها فرنسوا قد توصل الى "تفاهمات" من هذا النوع فعلا. فقد قرر العودة الى عمله كمدرس في جامعة السوربون المتأسلمة طمعا في راتب مرتفع واملا بالاقتران باكثر من زوجة.

Locations of Site Visitors
Powered By Blogger