الاثنين، 31 ديسمبر 2012

المعارضة المصرية… الدور المطلوب


محمد الحمامصي 

لماذا فشلت وسوف تفشل قيادات المعارضة المصرية في الاستمرار على موقف موحد إزاء أية قضية وطنية تعمل عليها في مواجهة تعنت واستبداد وديكتاتورية السلطة؟ لماذا تنقسم وتنقلب على بعضها البعض بمجرد أن تلوح لها أصابع السلطة؟ لماذا تقبل دوما أن تكون ديكوراً في اجتماعات السلطة؟ لماذا لم تتعلم من الدروس التي لقنها إياها النظام السابق برئاسة مبارك وواصلت الزحف الرخيص اللاهث للقاء السلطة مبررة ذلك بالمصالح العليا للوطن؟ لماذا تخيّب آمال الشارع المصري وتصطدمه مرة بعد الأخرى لتزداد قناعاته رسوخاً بكذبها وخراب ذممها؟

الإجابة واضحة، يرى المصريون عياناً بياناً، إنها شهوة السلطة، نعم أغلبية قيادات المعارضة المصرية مصابة بداء الشهوة إلى السلطة، فما أن تلوح في الأفق بادرة ثمرة عطنة أو عفنة ممثلة في كرسي هزيل، حتى تتحلل من مواقفها ومبادئها وتنسى واجباتها الوطنية والأخلاقية والدينية وتلهث خانعة ذليلة ومتخبطة يساراً ويميناً حتى تصل أولا إلى السيد في قصر الاتحادية لتعقد الصفقة وتحصل على الثمرة، هكذا فعلوا مع مبارك ثم مع المجلس العسكري وهكذا يفعلون الآن مع مرسي.

وعلى الرغم من الصفعات التي تلقوها واعترفوا بها لم يرتدعوا. 

ذهبوا مستشارين فلم يسمع لهم ولم يعتد بآرائهم وعندما اكتشفوا أنهم مجرد برفانات تحاك من ورائها المؤامرات استقالوا.

ذهبوا للحوار فضرب بما قالوا عرض الحائط ليكتشفوا استخدامهم كأخبار وصور للصحف والمجلات لتمرير أن السيد في قصر الاتحادية دعاهم واحتضنهم بكل الحب وسمع منهم و"عمل اللي عليه".

وهنا أنوه إلى أنني لا أريد ذكر أسماء شخصيات أو أحزاب أو تيارات، فهم أشهر من نار على علم، ولا يزالون يواصلون الظهور على صفحات الجرائد وشاشات القنوات الفضائية في وقاحة يعجنون طحينهم العفن ضاحكين على أنفسهم وعلى الشعب.

طوال ستة أشهر والرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين ونظامه يتلاعبون بالمعارضة ويكيلون لها الضربات المباغتة، ضربة مباغتة تلو الأخرى، بسرعة فاقت كل التوقعات، لقد طورت جماعة الإخوان المسلمين من آليات الضربات التي كان يستخدمها النظام السابق، مدعومة من أنصارها من السلفيين والجهاديين والتكفيريين.

تتمزق المعارضة وتترنح تحت وطأة التفكك والانقسام وأحلام وطموحات السلطة، بعضها يتحالف ويعقد الصفقات وبعضها يعيش الاستسلام والتسليم والقلة تقاوم لكنها تفشل في صد أو وقف أي من ضربات الجماعة ومؤامراتها على الدولة ومفاصلها.

وتمضي الرئاسة ـ سواء في المقطم أو في قصر الاتحادية ـ في حماية ودعم مجلس الشورى واللجنة التأسيسية لكي يواصلا طريقهما، الأول يشتغل على تفتيت واختراق المؤسسات وخلق مؤسسات داعمة للنظام من خلال تشكيلات من أنصاره كالمجلس القومي لحقوق الإنسان والمجلس الأعلى للصحافة، وغيره، والثانية تشتغل على دستور يوطد أركان الدولة الدينية كما يراها المرشد والجماعة، حتى إذا خرج الإعلان الدستوري 22 نوفمبر الذي جعل القرارات الرئاسية نهائية غير قابلة للطعن من أية جهة أخرى "مثلا المحكمة الدستورية" منذ توليه الرئاسة حتى انتخاب مجلس شعب جديد، كانت الضربة التي اهتزت لها أركان المعارضة وجعلتها تفيق من غيبوبتها لتتحالف فيما أطلق عليه جبهة الانقاذ الوطني، ولم تستطع فعل شيء مع الإعلان وتحصن الشورى والتأسيسية وفي ظرف أسبوع أو أكثر من صدوره تم تسليم مسودة دستور دولة الجماعة إلى الرئيس الذي ضرب الضربة الأخيرة إذ حدد موعد الاستفتاء خلال 15 يوما.

لقد كشفت حركة الشارع المصري بدءاً من تظاهرات رفض الإعلان الدستوري عن ضعف هذه المعارضة وعدم التحامها مع الشعب ومن ثم عدم قدرتها على التعبير عن غضبه، ففي الوقت الذي كانت تحاصر فيه يوميا مئات الآلاف ـ تجاوز في كثير من الأيام المليون ـ قصر الاتحادية معلنة سقوط الإعلان الدستوري والدستور بل النظام نفسه وتطالب برحيله، وتعتصم في الاتحادية وميدان التحرير، كانت خطابات المعارضة هشة بائسة ومخيبة للآمال، خطابات ضعف لقيادات ضعيفة تعمل في الغرف والقاعات المغلقة وتنتظر فتات السيد في الاتحادية.

لقد شاركت في كافة تظاهرات الاتحادية، ويقينا لو أن قيادات المعارضة حضرت إلى هناك وأعلنت وسط الآلاف أنها لن ترحل قبل تراجع النظام عن إعلانه ودستوره وإلا عليه أن يرحل، لظلت هذه الآلاف حولها واقفة بإرادة صلبة إلى أن تتحقق المطالب، لكنها ـ قيادات المعارضة ـ لم تفعل بل وجد منها من قبل دعوة قصر الاتحادية للحوار.

والآن تواصل بعض قيادات هذه المعارضة الفشل معلنة عن استعدادها للحوار، أي حوار هذا وهل لا تزال هناك حوارات وقد نفذ السهم في الجسد المصري وشل روحه؟ أي حوار بعد اغتصاب إرادة شعب بالتزوير والإقصاء والجهل والأمية والعنصرية والطائفية، أي حوار ولم تحترم كلماتكم ولا أشخاصكم من قبل ومن بعد؟ بأي وجه ستواجهون السيد في قصر الاتحادية ورجاله إذا كنتم فقدتم وجوهكم؟

إن من سيقبلون أو قبلوا بالحوار بعد كل ما كان وكل ما جرى هم هؤلاء المصابون بداء شهوة السلطة، هذا الداء الذي لا يمكن توصيفه إلا بالداء القذر كونه يدفع الإنسان للتنازل صاغرا عن المبادئ والقيم الإنسانية والوطنية والدينية مقابل صفقة يعلم جيدا أنها لن تمكنه من شيء بل ستنال منه وممن يمثلهم.

إن من ورط المصريين للعيش ثلاثين عاماً تحت الحكم الاستبدادي السابق، هي هذه المعارضة، معارضة الصفقات والبيزنيس التي أدت إلى تآكل دورها وفقدان مصداقيتها، فمتى تتعلم، متى تفيق وتدرك أنها أصبحت مكشوفة ومفضوحة، وأن الشعب المصري يلفظها، وأن خروجه على مدار ثلاثة أسابيع متصلة منذ 22 نوفمبر حتى 15 ديسمبر لم يكن بناء على توجيهاتها أو دعواتها بل كان خروجا يحركه الخوف والقلق على مستقبله ومستقبل أبنائه.

اذهبوا إلى السيد في قصر الاتحادية وصادقوا على ما يملي عليكم واحصلوا على حصتكم من الكعكة فالثورة ستتجاوزكم وتتجاوز رضوخكم واستسلامكم وتسليمكم، كما تجاوزتكم من قبل، وسوف تأكلكم بنيران شبابها الواعد حتى لا يبقى لكم من عنوان في التاريخ إلا "خيانة الأمانة".

اذهبوا واحداً تلو الآخر خلسة أو عياناً بياناً واعقدوا الصفقات ضد مصر والمصريين، فالثورة لن تتنازل عن دستور لكل المصريين، دستور يكفل الحرية والكرامة والعزة والعدالة لكل مصرية ومصري. الثورة لن تتنازل عن إسقاط دستور الطائفية والعنصرية والديكتاتورية.

إيران والإخوان المسلمون: أصول الطلاق!


محمد قواص "*"

تفاءلت طهران بربيع العرب فأعلنته إسلامياً يأتي امتداداً للثورة الإسلامية في إيران"خامنئي". الاستنتاج الإيراني سبق أي اصطفافات أيديولوجية للثوار في تونس وبعد ذلك في مصر. هناك كانت الشوارع تغلي ضد ديكتاتوريات وديكتاتوريين دون كثير اهتمام بالهوية الفكرية أو الدينية أو الطائفية للمنتفضين. أراد التونسيون إسقاط نظام وإقامة بديل ديمقراطي متعدد. الأمر نفسه أراده المصريون في بلدهم فارتفعت اليافطات وصدحت الحناجر وسارت التظاهرات. كان ذلك قبل أن تقرر طهران بإسلامية المنتفضين وقبل أن يقرر إسلاميو تونس ومصر الالتحاق بقطار وصلوه متأخرين.

ولإيران أسبابها في "اكتشاف" إسلامية الربيع العربي. فذلك التعريف يقي الجمهورية الإسلامية "شرور" ربيع الآخرين. ذلك أن حراك الشارع الإيراني عقب الانتخابات الرئاسية الأخيرة، اعتُبر "محرَّكاً من الخارج وتقف وراءه قوى الاستكبار وأعداء الإسلام"، وبالتالي فإن نقيض ذلك هو ما يجري عند العرب، وهو بالاستنتاج الرسمي الإيراني نعمة أوحت بها الثورة الإسلامية منذ أكثر من ثلاثة عقود: فعساكم يا أهل إيران تتعظون من منافع صناعة إيرانية تُصدّر إلى الجوار، بدل الاستكانة إلى منتجات الخارج وأفكاره المشبوهة حول الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان!

لكن لطهران مسوّغاتها كي تطمح إلى تمدد نفوذها إلى مناطق كانت عصيّة على أحلامها. فعقود من العلاقة المتقدمة مع الإسلام السياسي العربي عامة، ومع جماعات الإخوان المسلمين خاصة، أوحت لنظام ولاية الفقية أن ارتقاء المعارضة الإخوانية إلى تسلّم الحكم في تونس وبعد ذلك في مصر، يشرّع الأبواب أمام الفتح الإيراني العتيد، والذي حال دونه نظامٌ سياسي عربي معادٍ لتوجهات الجمهورية الإسلامية، وعطّل من مفاعيله"أيام الجهد التصديري للثورة الإسلامية" الجانب المذهبي الذي اصطدم آلياً بسنيّة الجمهور العربي في هذه الدولة أو تلك، وتعارض القاعدة العقائدية لثورة الخميني مع تاريخ من الثقافة الدينية – السياسية التي تأسس عليها الإسلام السياسي عند العرب.

بيد أن الأمور لم تكن لتسبب يأساً لدى الحاكم في إيران. فقد توطدت علاقة الإخوان المسلمين مع الثورة الإسلامية منذ عام 1979، وحتى قبل ذلك "مرشد الجمهورية السيد علي خامنئي كان ترجم قبل الثورة كتابين لسيّد قطب". ويروي يوسف ندا مفوّض العلاقات الدولية في تنظيم الإخوان المسلمين بأنهم "أي الإخوان" شكلوا وفداً زار الخميني في باريس قبل انتقاله إلى طهران، ذلك أنه كان بينهم وبين مجموعة الخميني علاقة قبل الثورة الإيرانية، وأن لقاءات جمعت بينهم في الولايات المتحدة وأوروبا. ويروي ندا أن الوفد الإخواني كان في ثالث طائرة تهبط في مطار طهران بعد طائرة الخميني وطائرة أخرى.

والأمر يفخر به الإخوان في ما ذكره عمر التلمساني "المرشد الثالث للإخوان" من أن جماعته"أيدت ثورة الخميني ووقفت بجانبه"، لأنها، كما يفسر القيادي الإخواني عصام العريان، "قامت ضد نظام حكم الشاه رضا بهلوي الذي كان منحازاً للعدو الصهيوني". وذهب راشد الغنوشي "زعيم "إخوان" تونس" إلى اعتبار"أنه بنجاح الثورة في إيران يبدأ الإسلام دورة حضارية جديدة". وراح فتحي يكن ""إخوان" لبنان" في الافتاء بأن مدارس الصحوة الاسلامية "تنحصر في ثلاث : مدرسة حسن البنا، ومدرسة سيد قطب ومدرسة الإمام الخميني".

تناقضت جماعة الإخوان المسلمين مع الحكم في تونس ومصر والأردن وسوريا وبلدان أخرى. وحدها"الجماعة" في سوريا خرجت عن خط التضامن التقليدي ما بين"جماعات" الإخوان المسلمين وحكم الثورة في إيران. كان صعباً على"إخوان" سوريا أن يهضموا التواجد في خندق واحد مع إيران المتحالفة والداعمة لنظام الأسد "الأب والإبن" في سوريا. تحدثت "الجماعة" عن التشيع في سوريا وعن خطر الاختراق الإيراني لسوريا بلداً ونظاما. ومع ذلك، ذهبت، تحت ضغط "الجماعات" الأخرى، إلى الإعلان عن تجميد "المواجهة"مع نظام دمشق عقب الحرب ضد غزة عام 2008، والتي كانت بالمحصلة تستهدف إخوان فلسطين"حماس" في القطاع.

منحت جماعة الإخوان المسلمين إيران دعماً مطلقاً في برنامجها النووي. مهدي عاكف، مرشد الإخوان السابق، اعتبر أن لإيران الحق حتى في امتلاك قنبلة نووية "علماً أن الخطاب الرسمي الإيراني ما فتئ ينفي هذا الخيار". واعتبر في مناسبة أخرى أن لا مانع من مدّ شيعي "في معرض إثارة موضوع التشيع في مصر"، ذلك، على حد قوله، إنه "عندنا56 دولة في منظمة المؤتمر الاسلامي سنيّة، فلماذا التخوف من إيران وهي الدولة الوحيدة في العالم الشيعية؟".

أما الشيخ يوسف القرضاوي الذي كان يُعبّر عن تضامن وتأييد لإيران معتبراً ثورة الخميني"انبعاث أمل في الصحوة الإسلامية ونصرها"، فقد انهمرت عليه، حين حذّر من المدّ الشيعي الإيراني، ردودٌ من شخصيات إخوانية هونت من ذلك أو نفته تماماً "سليم العوا، آمنة نصير، أحمد كمال أبو المجد… إلخ". وكان ذلك مؤشراً إلى مدى الاختراق الذي حققه الإيرانيون داخل المنظومة الفكرية للجماعة، ومدى النفوذ الذي أضحت طهران تمتلكه داخل تلك الجماعة، خصوصا في مصر وتونس والأردن وفلسطين.

في فلسطين تحولت الفصائل الإسلامية "حماس والجهاد" إلى جهات تحظى برعاية لوجيستية ومالية وتسليحية وحتى عقائدية "بالنسبة للجهاد" إيرانية. تطور الأمر إلى درجة تقديم الدعم السياسي والإعلامي للـ "انقلاب" الذي قامت به حماس ضد السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، وسحب الورقة الفلسطينية من قواعدها العربية"المصرية أساساً"، والالتفاف على جهود الرياض لرأب الصدع داخل الصفّ الفلسطيني.عُدّ ذلك تتويجاً لعهود من العلاقة بين "الإخوان" وحكام طهران، من حيث أن الدعم الإيراني لحماس، لعبٌ في الفضاء المصري وترجيحٌ لكفة "الإخوان"في صراعها ضد نظام مبارك. حتى أن مرشد الإخوان السابق مهدي عاكف، وفي معرض تعليقه على كشف السلطات الأمنية المصرية لما عرف بـ "خلية حزب الله"، قال: "من حق مصر أن تشكر حزب الله لا أن تحقق معه" معتبراً أن "من حق إيران أن تفعل أي شيء" في معرض رده على مسألة اختراق "سيادة" مصر.

لم ينس الإيرانيون موقف الإخوان في الحرب العراقية – الإيرانية. فقد أصدرت الجماعة"التنظيم الدولي" بياناً هاجم فيه "حزب البعث الملحد الكافر" داعياً العراقيين إلى "قتل جلاديكم.. القوا أسلحتكم وانضموا إلى معسكر الثورة، الثورة الإسلامية ثورتكم". ولم ينس الإيرانيون موقف الإخوان حين أشار الرئيس السابق حسني مبارك إلى "ولاء الشيعة لإيران" أو حين تحدث العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عن "الهلال الشيعي".

على أن العلاقة الحقيقية بين الإخوان وإيران تتأسس على التصاق مصلحي منفعي أكثر منه على قماشة عقائدية متينة. فصراع النظام المصري مع النظام الإيراني، كما تناقض الأنظمة الملكية العربية "الخليج والأردن والمغرب" مع الجمهورية الإيرانية، كما تناقض المعارضات العربية الإسلامية "بما فيها تنظيم القاعدة" مع النظام السياسي العربي، وفّر أسبابا للتواصل، وحوّل الإخوان المسلمين إلى رأس حربة إيراني يصول ويجول داخل الدائرة السنيّة العصيّىة على ما يرومه نظام الولي الفقيه.

العلاقة ما بين "الإخوان" وإيران شديدة الشبه بما كشفته وثائق ويكيليكس من كلام منسوب لرئيس وزراء قطر "البلد الداعم الأساسي للإخوان" حول طبيعة العلاقة مع إيران: "نحن والإيرانيون نكذب على بعضنا البعض"! وإذا ما صحّ هذا التشبيه فإن التكاذب متبادل، وسرعان ما سيصطدم بشروط الحكم التي أطلت على "الإخوان"هنا وهناك ويطمحون إليه هنالك.

من خريف إلى ربيع استغنى "الإخوان" عن العراب الإيراني المتراجع النفوذ، وراحوا يقتربون من واشنطن "طار إليها عصام العريان في أوج الأزمة الدستورية الأخيرة في مصر". راح "الإخوان" يستوحون أصول الحكم في العصر الحديث من نصائح أميركية لم تُخف مباركة إدارة أوباما لتسلّم الإخوان لمقاليد الحكم هنا وهناك. أدلى راشد الغنوشي "شيخ "الإخوان" في تونس" بأفكار في واشنطن كانت تعتبر محرّمة في عصر "النهضة" المعارضة. تحدث "إخوان"الأردن عن حوار مع الإدارة الاميركية. وقام خالد مشعل زعيم "الإخوان"في فلسطين بزيارة تاريخية إلى غزة تحت بصر الإسرائيليين وحماية غربية أميركية لا غبار عليها.

في مقابل دستور إيراني يتحدث عن سلطة المذهب الجعفري، كان لمصر الإخوانية دستور يتحدث عن فقه أهل السنة. استغنى الإخوان عن خطاب لا مذهبي في العلاقة مع إيران، وراحوا يتنافسون مع الجماعات السلفية المتحالفين معها في انتهاج خطاب يرفض التشيع، وقد يقترب من الغلاة في التعامل مع غير أهل السنّة.

تراجع الإخوان عن تحالفهم مع إيران لصالح التقدم التركي والتمويل القطري وامتحان المراقبة الأميركية لأدائهم. توقف الخطاب الإخواني العدائي ضد إسرائيل، جرى التأكيد على اتفاقية كامب دايفيد وترتيباتها في سيناء، وتمّ طرق باب البنك الدولي، وقُدمت وعود بتأمين مصالح الغرب. أولم تهاجم ناشطة مصرية "د. سلمى أبو المجد" عصام العريان اثناء زيارته الأخيرة اللافتة إلى واشنطن بالقول : "أنت جاي أمريكا تتنازل عن إيه؟

"*"صحافي وكاتب سياسي

لماذا خرج اليهود من مصر؟

تصريح القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، مستشار رئيس الجمهورية عصام العريان، حول دعوته لليهود المصريين للعودة إلى مصر، وأن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كان وراء طردهم، أثارت حفيظة النخبة والقوى السياسية وشريحة كبيرة من الشعب المصري.


أنصار جماعة "الإخوان المسلمين" يحتجون على المجلس العسكري
القاهرة ـ أشرف كمال
وتواجه تصريحات مستشار الرئيس محمد مرسي، انتقادات حادة داخل المجتمع المصري الرافض لممارسات إسرائيل داخل الإراضي الفلسطينية المحتلة، وتعنتها امام حق العودة للفلسطينيين، واعتبروا الدعوة رسالة تقارب إلى واشنطن وتل أبيب، وأن الإخوان يسعون لدعم الولايات المتحدة لمواجهة تحديات الداخل من عدم استقرار سياسي وأمني واقتصادي، بمعنى آخر، استقواء بالخارج في مواجهة الانتقادات الحادة التي تواجه الرئيس.

المتابعة الدقيقة والمنصفة والمجردة عن أي توجه سياسي أو أيديولوجي، تؤكد أن اليهود المصريين ومن لحق بهم من يهود أوروبا وأقاموا في مصر، حققوا مكتسبات اقتصادية كبيرة ومؤثرة، في الوقت الذي كانت أوروبا تعاني ركودا اقتصاديا بسبب تداعيات الحرب العالمية الثانية.

ومع اندلاع حرب 1948 فقد تأثر موقف اليهود في مصر تأثرا كبيرا، وبات معقدا عقب ثورة يوليو 1952، رغم أن الثورة وحتى منتصف الخمسينات، لم تتعرض لليهود في مصر، في حين قررت بعض العائلات اليهودية ومن تلقاء نفسها بتصفية أعمالها وممتلكاتها والهجرة إلى أوروبا والولايات المتحدة وإسرائيل. 

كما أن القاصي والداني يعلم حقيقة العملية، التي عُرفت في مصر آنذاك بـ"فضيحة لافون" التي قادها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي منتصف الخمسينيات عن طريق شبكة "لاجوشين" التي كانت تعمل بسرية لمساعدة اليهود في الهجرة بأموالهم إلى فرنسا، وإيطاليا ثم إلى إسرائيل، فضلا عن محاولات أثبات عجز الحكومة المصرية عن حماية المنشآت خاصة الأجنبية منها. 

وقد أكد جميع المعاصرين والمؤرخين المنصفين للأحداث أن كل الأجواء في تلك الحقبة من التاريخ، كانت تقود إلى هجرة يهود مصر عن البلاد، وأن الأغلبية كانت هجرة طواعية، خاصة مع سيطرة فكرة الوطن القومي للبهود وأرض الميعاد والاستقرار، كما كان لقرارات التأميم دور في تقليل فرص اليهود في الاقتصاد المصري، سيما أن أغلبهم كان يعمل في التجارة والصناعة، وكذلك قطاع البنوك.

لقد كانت إسرائيل المستفيد الأكبر من هجرة اليهود المصريين إليها، فقد كانوا إضافة واضحة للاقتصاد في الإراضي المحتلة، كما كانوا سببا في تعزيز الحياة السياسية، إلى جانب نمو قطاعات الاقتصاد المختلفة من تجارة وصناعة. 

وعلى الطرف الآخر لا يمكن أن نتجاهل أنه كانت هناك عائلات يهودية رفضت الهجرة من مصر، باعتبار أن اليهودية ديانة ومصر هي الوطن، ولا علاقة لهم بالفكرة التي تقوم عليها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة. 

فيما لا يمكن تجاهل الزحف الألماني إلى شمال أفريقيا في اتجاه مصر، قد دفع بأعداد كبير من اليهود إلى الهجرة، خاصة إلى جنوب أفريقيا خوفا من تكرار مذابح النازية.

كما لا يمكننا تجاهل ما جاء في كتاب نائب الكنيست الإسرائيلي "شلمو كوهين" حول هجرة اليهود من مصر، مؤكدا أن تل أبيب عملت على تهجير اليهود المصريين والجالية اليهودية المقيمة، حتى لا تظهر مصر بمظهر الدولة التي تعيش في إطار من التسامح الديني. 

إن دعوة مستشار الرئيس محمد مرسي، تجعلنا نقف وقفة جادة أمام تلك الجهود الدولية الحثيثة، التي تبذلها إسرائيل لخلق "قضية اللاجئين اليهود" الذين خرجوا من الدول العربية خاصة مصر، وذلك بهدف مواجهة أو مقايضة حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وهو بالأساس يهدف إلى تقويض حق العودة وتعويضهم عن ممتلكاتهم التي سُلبت منهم.  

من هنا فإن دعوة القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، تسير في اتجاه التحركات الإسرائيلية، وتخدم مخططها الذي يقوم على أساس أنه ثمة تهجير قسري واغتصاب حدث لأملاك اليهود في الدول العربية خاصة مصر، كما أنه براءة لساحة اسرائيل في هذا الملف من اللحظات الأولى، في حين أن وقائع التاريخ تقول غير ذلك. 

توقيت تصريحات مستشار أول رئيس لمصر ما بعد مبارك، وينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، وبالتزامن مع حراك دولي لإسرائيل لخلق مصطلح "لاجئ يهودي" يضع الكثير من التساؤلات حول علاقة الجماعة وحزب الحرية والعدالة بإسرائيل، وهل تخلت الجماعة بالفعل عما كانت تطلقه من شعارات ضد إسرائيل، أم أن تغيير المعادلة السياسية دفعهم لتجاهل الأسباب الحقيقية لخروج اليهود من مصر لتحقيق مكاسب سياسية خصما من رصيد الوطن والقضية الفلسطينية؟!. 

تهديد بالكشف عن انتحار 126 جندي في جيش الاحتلال الإسرائيلي


تهديد بالكشف عن انتحار 126 جندي في جيش الاحتلال الإسرائيلي


أعلن مدون مجهول الهوية عن تعهده بتسليم نفسه في حال تم الكشف عن أسباب موت 126 جندي في جيش الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن زعم المدون أن سبب وفاة الجنود الحقيقي هو الانتحار بحسب صحيفة هاآرتز. ونشر المدون تحت اسم ايشتون نيته تسليم نفسه للجيش الإسرائيلي في حال قام الأخير بكشف وثائق عن الأسباب الحقيقية لموت 126 جندي سنة 2011، في إشارة إلى أنهم انتحروا فيما ظهرت الأسباب العلنية أنهم قتلوا في اشتباكات مع "إرهابيين". وينشر إيشتون عن ظاهرة الانتحار بين جنود الاحتلال الاسرائيلي وقام أمس بتقديم عرض على صفحته على فيسبوك يعلن فيه استعداده تسليم نفسه والاعتراف بتسريب معلومات عسكرية حول وفاة الجنود في حال نشرت وزارة الدفاع المعلومات الحقيقية وراء موت 126 جنديا العام الماضي مع سبب موت كل منهم. ونقلت صحيفة معاريف عن مصادر في الجيش أن المدون يحاول الحصول على الشهرة وإدعاء البطولة في حين أنه تلقى وثائق مسربة من داخل الجيش. ويرتكب معظم أفراد الجيش الاسرائيلي ممارسات وحشية ضد الفلسطينيين فضلا عن تنكيل متواصل وعمليات دورية تعتبر جرائم حرب وفقا للقوانين الدولية لكن السلطات العسكرية تفرض حظرا إعلاميا على هذه الوقائع مما يؤدي إلى حجب كل ما يؤثر على معنويات جيش الاحتلال الاسرائيلي مثل عمليات انتحار العشرات فيه.



 

Locations of Site Visitors
Powered By Blogger