السبت، 24 نوفمبر 2012

غزة .. والهدف كان مصر!!

لا شك أن هناك انجازاً نوعياً لفصائل المقاومة الفلسطينية قد تحقق على أرض الواقع بأن فرضت شروطها هذه المرة على تفاهمات التهدئة التي قادتها مصر بمساعدة تركية وقطرية.

الرئيس المصري محمد مرسي استقبل إسماعيل هنية، رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة

القاهرة ـ أشرف كمال

ومن قبل هذا وذلك كانت بصمات الإدارة الأمريكية واضحة عند الإعلان عما تم التوصل إليه عقب مباحثات هيلاري كلينتون في تل أبيب ورام الله والقاهرة، بخلاف تلك المحادثات الهاتفية للرئيس الأمريكي بارك أوباما مع كل من رئيس الحكومة ألإسرائيلية بينيامين نتنياهو والرئيس المصري محمد مرسي الذي يمتلك بحكم الارتباط الأيديولوجي بعلاقات وثيقة وقوية مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" المسيطرة على قطاع غزة. 
عملية "عمود السحاب" هي الأولى من نوعها عقب اندلاع انتفاضات الشعوب العربية ثائرةً على أنظمتها، وسار الحراك الشعبي العربي في اتجاه تقوية الفصائل الفسطينية، خاصة في قطاع غزة، واستطاعت أن تستفيد من الحراك وتعزز من قدراتها العسكرية، فأظهرت تغيرا جوهريا في الهجمات المضادة لصواريخها التي حلقت في السماء لتصل المنشآت الإسرائيلية الحيوية، والتجمعات السكانية.
اختلفت الآراء حول مصدر هذه الأسلحة فهناك من يؤكد أنها صناعة محلية، وقامت الفصائل بتطوير ما تملكه من تقنية بسيطة، مستغلة حالة الهدوء النسبي مع قوات الاحتلال خلال الشهور السابقة.
وهناك من يتحدث عن إمدادات إيرانية بالمال والأسلحة لنقل المعركة مع إسرائيل إلى قطاع غزة، خاصة في ظل ما أثير من تصريحات رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني والذي دعا فيها إلى تسليح الفلسطينيين للدفاع عن أنفسهم ومحاربة إسرائيل، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، ونقلت عنه قوله :"التحركات السياسية لبعض دول المنطقة مفيدة لكنها ليست كافية ... اليوم نتوقع منهم أن يرسلوا مساعدة عسكرية للفلسطينيين ... والولايات المتحدة والغرب يرسلان أسلحة إلى النظام الصهيوني، فلماذا والحالة تلك لا نرسل أسلحة إلى فلسطين؟". واستند هؤلاء إلى ظهور صواريخ أطلقته الفصائل الفلسطينية على تل أبيب من طراز "فجر" إيرأنية الصنع.
وفريق ثالث يتحدث عن وصول كمية كبيرة من الأسلحة المتطورة التي كان يمتلكها نظام الراحل معمر القذافي في ليبيا، خاصة في ظل حالة فوضى انتشار السلاح في ليبيا وعدم السيطرة على الوضع الداخلي عقب انهيار نظام القذافي، فضلاً عن انتشار تهريب السلاح من ليبيا عبر الحدود المصرية إلى شبه جزيرة سيناء والانتقال إلى قطاع غزة عبر الأنفاق التي تستخدم لكسر الحصار، واستند هؤلاء إلى ظهور صواريخ من طراز "جراد" التي أطلقلتها الفصائل على إسرائيل. 
هذا التحول النوعي في أداء فصائل المقاومة تزامن مع سيطرة تيارات الإسلام السياسي على مقاليد الحكم في الدول االعربية التي شهدت تغييراً خاصة في مصر حيث نقلت السلطة والنفوذ واتخاذ القرار إلى جماعة "الإخوان المسلمين" الداعمة لحركات المقاومة الفلسطيننية خاصة "حماس" ولها ما لها من مواقف مناهضة لإسرائيل وتطالب بتحرير القدس وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل أراضيها وعاصمتها "القدس"، ومازالت تسعى إلى استقطاب الشارع المصري والعربي بشعار "عالقدس رايحين شهداء بالملايين" .
والحكومة الإسرائيلية التي لم تجد من إدارة الرئيس محمد مرسي أي تجاوب مباشر معها سوى تصريحات غير مباشرة وعن استحياء بالحفاظ على معاهدة كامب ديفيد وعبر واشنطن، لاسيما ما يتعلق بعدد من الملفات الإقليمية والوضع في شبه جزيرة سيناء وسعياً من تل أبيب من استمرار تحييد مصر بعيداً عن صراعها مع فلسطين سواء في الضفة أو القطاع أو توجه السلطة إلى ألأمم المتحدة للحصول على صفة دولة مراقب في المنظمة الدولية وإعلان دولة فلسطينية مستقلة على حدود ما قبل عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
والإدارة الأمريكية التي أعلنت عن دعم الرئيس المصري محمد مرسي في الانتقال بالمحروسة إلى وضع أكثر ديمقراطية وحرية الرأي والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة وحماية حقوق الإنسان من أي انتهاكات وحقوق المرأة وألأقليات، مقابل مساعدة مصر للخروج من الوضع الاقتصادي المتردي، كان هدفه الانتقال بسياسة مصر ما بعد مبارك إلى الحفاظ على العلاقات مع تل أبيب، والانتقال بسياسة رئيس ينتمي إلى جماعة مناهضة إلى مستوى الاعتراف ولو بشكل غير مباشر بإسرائيل في تحول يمكن وصفه بالجديد على رئيس ينتمي إلى جماعة مناهضة لإسرائيل. 
فيما عبر رئيس الحكومة الإسرائيلية عن استيائه من عدم ذكر الرئيس المصري لأسم إسرائيل منذ توليه مقاليد الحكم والسلطة والنفوذ في مصر التي ترتبط مع تل أبيب بعلاقات اقتصادية وسياسية ودبلوماسية، كان لابد لها أن تبحث عن سبيل يدفع الرئيس المصري الى طريق يحقق أهداف الحكومة الإسرائيلية في مواصلة التشاور مع القاهرة الجديدة، حول عملية السلام ومشاكل قطاع غزة وسبل تعزيز الرقابة المصرية على المعابر المنتشرة على الحدود مع القطاع واستمرار تبادل المعلومات حول الجماعات الجهادية التي تهدد الاستقرار في شبه جزيرة سيناء وترى فيها إسرائيل خطراً يزيد من التوتر على الحدود مع مصر. 
وكان الهجوم والقصف المتواصل على قطاع غزة، قابله الرئيس المصري بتصريحات قوية وقرارات ربما ساهمت في الترويج إلى أن مصر ما بعد مبارك مختلفة تماماً، مشعلة حماس الشارع، فبات نجم مرسي ساطعا لامعاً في الصحف العربية والغربية بهذه القرارات والتصريحات. 
ولكن ما لبثت أن خفت حدتها بالعمل كوسيط بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل ـ والسير على نفس الطريق الذي سار عليه سلفه ـ وصولاً إلى تفاهمات تهدئة ووقف إطلاق النار من الجانبين فوجد مرسي نفسه وبالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية أمام ضرورة التعامل مع الحكومة الإسرائيلية والإشراف على مباحثات التهدئة وفي النهاية أن يكون ضامناً لكل طرف لدى الآخر وأمام المجتمع الدولي.
وهذا ما أكدت عليه تفاهمات التهدئة التي تم التوصل ليه فمصر هي محور العمل والوساطة بين الطرفين ومراقبة مدى التزام الجانبين لوقف إطلاق النار وتجنب الاعتداء المسلح، مع استمرار المباحثات والمشاورات فيما يتعلق بفتح المعابر وفك الحصار عن قطاع غزة وتسهيل مرور الأفراد من وإلى القطاع، وطبيعي أن تقوم مصر في زمن الإخوان بكل هذه الإجراءات، فالسبيل كان غزة والهدف كان مصر. 






 



حماس: قرارات مرسى ستحرر فلسطين

الدكتور محمود الزهار أحد قيادات حركة حماس
غزة ــ مصطفى هاشم: قال الدكتور محمود الزهار أحد قيادات حركة حماس، إن الاعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس محمد مرسى، «والذى عزل من خلاله النائب الذى هو من الفلول، وإعادة محاكمة المخلوع، واتخاذ الإجراءات التى تحافظ على مصر تجعلنا نشعر أننا نقترب أكثر وأكثر من تحرير فلسطين»، فيما كشف الزهار عن إسقاط المقاومة 6 طائرات اسرائيلية فى الحرب الأخيرة على غزة.

وقال الزهار، خلال مسيرة كبيرة لجنود كتائب القسام وهم ملثمو الوجوه بميدان الجندى المجهول بمنطقة الرمال وسط غزة، أمس: ــ العدو يعلم جيدا أننا صادقون، عندما نقول بإسقاط 6 طائرات، مضيفا أن بعض الصواريخ هى من صناعة إيرانية لكنها بأيد فلسطينية.

وأكد الزهار أن المقاومة هى خيار حماس الوحيد وأنهم خرجوا من الحرب للإعداد والتدريب، وقال: مشروعنا هو البندقية النظيفة الطاهرة ولن تضرب رصاصة الا فى وجهة العدو الصهيونى، وشعارنا هو تحرير كل فلسطين وليس غزة وحدها.
 

الجمعة، 23 نوفمبر 2012

أكد رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، أن تعزيز العلاقات بين بلاده ومصر يصب في مصلحة المسلمين، ويقوي شوكة الإسلام في وجه الأعداء.

هل تدفع واشنطن في اتجاه إقامة نموذج إيراني موال لها في مصر؟!

لاريجاني: تعزيز العلاقات الإيرانية- المصرية يصب في مصلحة المسلمين
علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى
هل تدفع واشنطن في اتجاه إقامة نموذج إيراني موال لها في مصر؟!

د. أشرف الصباغ

تحدث الكثيرون طوال الأشهر الماضية عن ما يجري حاليا في مصر. وتنبأوا بانقلاب الإخوان وممثلهم في قصر الاتحادية الرئيس محمد مرسي على القوى السياسية وعلى كل منجزات الثورة. بل وقيامهم بقلب كل الحقائق التاريخية، البعيدة والقريبة، من أجل انفرادهم بالحكم. وتجلى ذلك في خطوات كثيرة ومعارك صغيرة قاموا بها بعد وصول الرئيس الإخواني إلى السلطة. 

غير أن الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره مرسي في 22 نوفمبر 2012 يعد بمثابة الانقلاب الكامل، والدخول إلى مرحلة جديدة مع القوى السياسية والمجتمع المصري بأسره. فقد أعلن المتحدث باسم الرئاسة المصرية ياسر علي عن نصوص قانون "حماية الثورة" وكانت أهم بنوده إنشاء نيابة مختصة بحماية الثورة تسمى نيابة حماية الثورة لمدة عام بقرار من النائب العام. كما أعلن عن تخصيص دوائر خاصة بالمحاكم للنظر في قضايا الفساد المالي لرموز النظام السابق لتحقيق العدالة الناجزة في تلك القضايا، بالإضافة إلى إعادة قضايا قتل الثوار. ورصدت مخصصات مالية لأهالي ضحايا الثورة. وتوج كل ذلك بإقالة النائب العام وتعيين آخر محله. ومن الواضح أن الخطورة تكمن في التسمية: "حماية الثورة"، ما يذكرنا بالدول الاستبدادية والشعارات التي تطرح من أجل تحقيق أهداف أخرى تماما مغايرة ومعادية للثورة نفسها وتصل إلى حد تصفية الثورة ومن قاموا بها.

هذا الإعلان الدستوري المكمل يتعارض ليس فقط مع الاتفاقات التي عقدها الرئيس مرسي مع عدد من القوى والشخصيات السياسية والقضائية والقانونية والتصريحات التي أدلى بها والالتزامات التي أخذها على عاتقه، بل وأيضا مع وضع الرئيس وصلاحياته في الدستور والدساتير المكملة ومجمل القوانين المصرية. ولكن الرئيس قرر أن يخفي أهداف مكتب الإرشاد وجماعة الإخوان المسلمين وراء إعادة محاكمة مبارك وأركان نظامة، ووراء حقوق شهداء الثورة. والمثير أنه في مساء يوم 21 نوفمبر 2012 ظهرت في وقت متأخر أنباء حول انقلاب حقيقي للإخوان بعد أن اشتدت أحداث شارع محمد محمود التي بدأت يوم 19 نوفمبر في الذكرى الأولى للأحداث التي جرت في نفس المكان عام 2011 ضد المجلس العسكري. وهي الأحداث التي وقف ضدها آنذاك الإخوان المسلمون وكافة تيارات الإسلام السياسي واتهموا المتظاهرين بالخروج على الشرعية وهدم البلاد. وكان الأخطر في مساء 21 نوفمبر أن ظهرت على موقع التواصل الاجتماعي تغريدة على حساب الرئاسة المصرية هذا نصها: "دعوات فوضوية ينشرها الفلول وأعداء الوطن لتظاهرات يوم الجمعة المقبلة، والملايين تؤكد علي عزمها التصدي لهم ودعم الرئيس ضد الانقلابيين". جاءت هذه التغريدة ردا فوريا وواضحا على الدعوات للتظاهر يوم الجمعة 23 نوفمبر. والملاحظ أن الرئيس المصري ألغى زيارته لباكستان وكلف نائبه بأن يحل محله. وكان تأجيل الزيارة ليس إطلاقا بسبب أحداث غزة وعملية المفاوضات بين الإخوان كوسيط والإدارة الإسرائيلية، ولا حتى بسبب زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في هذا اليوم تحديدا للقاهرة. بل كانت بسبب مخاوف مرسي من وقوع أي شيء لا تحمد عقباه في غيابه.

من الصعب قراءة ما جرى ويجري في مصر الآن بمعزل عن سياق عام إقليمي ودولي ومحلي، خاصة وأن الإخوان المسلمين يتصورون أنهم تمكنوا من السلطة في مصر، ولم يعد أمامهم إلا مواصلة الحصول على الدعم الإقليمي والدولي. 

لقد بدأت إجراءات الانفراد بالسلطة بهجوم غير مسبوق على الإعلام وحملة عدائية ضد كل وسائل الإعلام غير المتعاطفة أو المتحالفة مع جماعة الإخوان المسلمين. ثم حملة ضخمة أخرى موجهة ضد الاحتجاجات الإجتماعية لاقت دعما من جانب مجمل الطبقة الحاكمة الجديدة وقطاع كبير من المواطنين. كما لوحظت في الآونة الأخيرة حالة تناغم واتساق جديدة بين جماعة الإخوان والرئيس من جهة وبين المؤسستين العسكرية والأمنية من جهة ثانية. ومن الواضح أن هذا الاتساق والتناغم لم يحدثا إلا بوعود وضمانات والتزامات من جانب جماعة الإخوان والرئيس. 

غير أن الخطير في الأمر أن هذا الانقلاب الواضح من جانب جماعة الإخوان والرئيس مرسي قد جاء على خلفية دعم دولى وإقليمى بعد تسوية غزة. وهو الدعم الذي كان موجودا حتى قبل أن يصل ممثل جماعة الإخوان إلى قصر الرئاسة. ولكن مسار الأحداث يوضح جيدا أن جماعة الإخوان والرئاسة في مصر تسيران على خطى قطر والولايات المتحدة بشكل يدعو للدهشة. واتضحت هذه الأمور بشكل جيد وملموس منذ زيارة أمير قطر للقاهرة، ثم زيارته لغزة، وبعد ذلك زيارة رئيس وزراء مرسي أيضا لغزة. أما وجود هيلاري كلينتون في القاهرة يوم 21 نوفمبر وقبل الانقلاب بيوم واحد فقط، فهو يشير إلى الانقلاب أكثر مما يشير إلى تهدئة الأوضاع في غزة. أي يشير ببساطة إلى دعم واضح لحكم الجماعة في مصر، ويدعم مرسي إقليميا، ويظهره بصورة رجل السلام الحريص على المصالح الإقليمية والدولية. ويبدو أن كل ذلك مقابل بلورة نظام ما حليف للولايات المتحدة وشبيه في الوقت نفسه بنظام الملالي في إيران. ولا شك أن الولايات المتحدة في حاجة إلى أنظمة دينية الآن في المنطقة عموما، وبحاجة ماسة إلى نظام ديني في مصر بالذات مشابه للنظام الإيراني ولكنه معاد له مذهبيا وسياسيا. هذا جزء بسيط من المعادلة الكبيرة المليئة بالمتغيرات الإقليمية والدولية والتي يبدو أن المحلي قليل جدا فيها. وهذا يعود إلى الثقة المفرطة لدى مكتب الإرشاد وجماعة الإخوان والرئيس مرسي في وضعهم الداخلي وإمكانية تأجيج حرب أهلية حقيقية في مصر. غير أن هذا الوهم الكبير يمكن أن يتبدد في لحظة واحدة في حال ظهور تفاهمات بين القوى السياسية المصرية من جهة وبين كل الشرائح والفئات الاجتماعية من جهة ثانية، نظرا لخطورة الوهم الذي يعيش فيه الإخوان، وخاصة بعد اجتماع قادة التنظيم الدولي في السودان. وهو اللقاء الذي تسربت منه معلومات كثيرة، أهمها إبداء المرونة التامة مع واشنطن وتل أبيب وكافة الدول والقوى الغربية، والسعي للحصول على أكبر دعم مالي من قطر والدول النفطية المساندة للمشروع الأمريكي في المنطقة وكافة المؤسسات الدولية الأخرى مثل البنك الدولي، وضرب كافة القوى السياسية والمدنية والعلمانية المحلية بكل الوسائل الممكنة، وبالذات إعلاميا وقضائيا. 

يبدو أن جماعة الإخوان في مصر، والتنظيم الدولي عموما، يحوز على ثقة ما من رعاته الإقليميين والدوليين. ولكن ذلك قد لا يستمر طويلا، إما بسبب ما تتسم به الجماعة من صفات الانقلابية والانتهازية، أو بسبب تغييرات ما في خطط الرعاة أنفسهم. ولكن ما يجري في مصر الآن يثير القلق بشكل غير مسبوق. إذ أن الجماعة قررت البدء بتوجيه الضربات المتلاحقة خوفا من أي تراجع لدعم حلفائها الإقليميين والدوليين من جهة، ومن وقوع أي أحداث تخص سورية وإيران من جهة أخرى. هذه الضربات تأتي عبر إجراءات ليس لها علاقة لا بتحصين الجمعية التأسيسية أو إعادة محاكمة قتلة الثوار أو حتى بإعادة محاكمة مبارك، ولا بالتنمية الاقتصادية أو الاجتماعية. إن جماعة الإخوان الآن وممثلها في قصر الاتحادية يسيران على طريق الانقلاب الكامل على الثورة بعد أن تم احتواء كل شيء، وإن كان ذلك جزئيا، عبر المسار السياسى الذى أفضى بالإخوان إلى السلطة. ومن ثم فالإعلان الدستورى المكمل ليس إلا مقدمة لسلسلة من الإجراءات الاستبدادية. فهل تدفع الإدارة الأمريكية في اتجاه إقامة نموذج إيراني موال لها في مصر؟! 

إن الوضع شبيه الآن بما حدث في إيران عام 1979. فبعد أن مرروا الدستور وانسحاب كافة القوى المدنية الإيرانية بسط الملالي نفوذهم على السلطة وقرروا إعدام المعارضين (110 ألف معارض تابعين لنظام الشاه، وليس 30 ألف كما ادعى النظام الجديد). كانوا يعلقون المشانق أمام البيوت وينفذون الحكم على المواطنين ويتركونهم فى الشوارع لإرهاب الآخرين إلى أن سيطروا تماما على السلطة. فأقالوا رئيس الحكومة المعتدل الذى هرب بعد ذلك للخارج، وفرضوا سيطرة رجال الدين وهيمنتهم على كل شيء، وكرسوا لحكم الملالى، ثم دخلوا حروبا إقليمية مرعبة. 

الوضع الآن في مصر يسير في اتجاه آخر تماما. وقد يستمر تحت سيطرة الإخوان المسلمين ولكن بمباركة ودعم إقليمي ودولي ماليا وسياسيا ولوجستيا، وربما عسكريا في حال دخول الإخوان في تحالفات تحت راية اسطنبول أو عن طريقها. ولكن في حال تحالف القوى السياسية المصرية، وخروج المظاهرات والاحتجاجات يمكن أن نتوقع تحولات ملموسة وخطيرة في ظل حالة الانقسام الموجودة حاليا في المجتمع المصري. ففي حالة المواجهات الجزئية بين المحتجين وبين القوات العسكرية أو قوات وزارة الداخلية، ستتجه الأمور إلى المزيد من التصعيد الذي قد يتكلل بمواجهات بين المحتجين والقوي السياسية من جهة وبين أنصار الإخوان المسلمين وميليشياتهم من جهة أخرى. والخطير هنا أن نظام مبارك لم يسقط بعد بشكل كامل وأعوانه يعملون تحت غطاءات كثيرة ومتعددة. وبالتالي، ففي حال سقوط حكم الإخوان لأسباب داخلية أو لتراجعات في الدعم الإقليمي والدولي، ستكون النار قد اشتعلت فعليا في مصر على أيدي الإخوان المسلمين الذين لن يتنازلوا عن السلطة بأي حال من الأحوال، بل وقد تظهر تحالفات بينهم وبين الجماعات الجهادية والتكفيرية.. هنا يمكن أن نعول فقط على طبيعة المصريين التي لا تميل إلى العنف، وعلى حصافة القوى السياسية التي يمكن أن تقوم بإدارة الدولة وخلق مناخ صحي ومغاير لما فرضه الإخوان. هنا ستكون مصر بحاجة حقيقية إلى أصدقاء مخلصين يقفون إلى جانب شعبها!!
 

أغلبية اللحى..


فى كاريكاتير ظريف للفنان الموهوب سمير عبدالغنى (نشر فى جريدة القاهرة فى 13/11/2012) يظهر سبعة رجال ملتحون، ينظرون بانتصار وزهو إلى رجل أصغر منهم حجما بكثير، وليس ملتحيا، وقد نظر إليهم بخوف شديد وانكسار، وهم يقولون له «احنا الأغلبية!». وجدت فى هذا الرسم، على الرغم من بساطته الشديدة، والذى لا يقترن به أكثر من كلمتين، ما يلخص أحسن تلخيص جانبا مهما من حياتنا السياسية الآن، بل لعله أهم جوانبها على الإطلاق.

نحن أمام مجموعة من الناس يدعون أنهم يمثلون أغلبية الشعب المصرى، وقد يكون حصولهم على أكبر عدد من الأصوات فى انتخابات مجلس الشعب وانتخابات رئيس الجمهورية، صحيحا وبلا تزوير. المشكلة هى: ما هو بالضبط البرنامج الذى قدمه حزبهم لإقناع الناس بأنه أجدر من غيره فى انتخابات مجلس الشعب، أو الذى قدمه الرئيس المنتخب لإقناع الناس بأنه أجدر برئاسة الجمهورية من سائر المرشحين لها؟ إنى أزعم أنه لا الحزب ولا الرئيس المنتخب أو أنصارهما قدموا للناس مسوغا لانتخابهم أكثر من قولهم إنهم «متدينون».

هذا فى رأيى هو مغزى هذا الكاريكاتير الرائع. إنه بالطبع ينطوى على تبسيط شديد للواقع، ولكن هل تنتظر من الكاريكاتير أن يقدم لنا الحجج والأسباب، وأن يرد على الاعتراضات، أم يكفى أنه يلتقط المغزى المهم لما يجرى ويعبر عنه فى رسم بسيط مقترن بكلمة أو كلمتين؟

إن أعدادا غفيرة من المصريين مستعدون لإعطاء أصواتهم لرجل تبدو عليه مظاهر التدين بدلا من إعطائها لشخص آخر لا تبدو عليه هذه المظاهر، وأن يستغنوا بذلك عن السؤال عما إذا كان الرجل صالحا حقا، صادقا حقا، يحب الوطن حقا، أم أنه مشغول عن ذلك بأمور دنيوية لا تنطوى على صلاح أو صدق أو وطنية؟

من الأمثلة الحديثة على ذلك والتى حفلت بها حياتنا السياسية مؤخرا، صورة رأيتها فى بعض الصحف وعلقت بذهنى، لرجل ذى لحية كثيفة، فاز بعضوية مجلس الشعب ممثلا لحزب سلفى، واكتُشف أنه ذهب ومعه مبلغ كبير من المال (قيل إنه عشرات الألوف من الجنيهات) لإجراء عملية تجميل لتصغير أنفه الكبير، ولكنه ذهب أيضا إلى قسم الشرطة مدعيا سرقة المال، ومختلقا قصة مختلفة تماما عن الحقيقة. ثبت الكذب على الرجل، وطالب البعض بفصله من الحزب السلفى، وطالب آخرون بإسقاط عضويته فى مجلس الشعب. ولكنى رأيته فى الصورة، قبل أن تسقط عضويته فى هذا أو ذاك، يصافح بعض أعضاء مجلس الشعب الملتحين بعد نشر القصة كلها وتداولها فى الصحف، فإذا بى أشاهد على وجوه مصافحيه ابتسامات رائعة تحمل علامات التقدير والتشجيع، وكأنهم يقولون له «حذار من أن تدع ما حدث يعكر من صفوك!». سألت نفسى حينئذ: «ما كل هذا التآزر والتعاضد؟ هل يمكن أن يكون مجرد اشتراكهم فى إطلاق اللحية هو السبب؟».

•••
ما أسهل هذا الاختصار للفضيلة، ولكن ما أبعده أيضا عن الحقيقة. فالفضيلة لحسن الحظ صفة أكثر تعقيدا بكثير وقلما يكون لها مظهر مادى. وليس فى هذا بالطبع اكتشاف خطير. أو تقرير شىء جديد لا يعرفه الناس من قديم الزمن. فما أكثر ما أتى فى القرآن الكريم ذكر «المنافقين»، والتحذير منهم، وما أكثر ما سخرت الأعمال الأدبية على مر العصور ولدى مختلف الأمم، ممن يتظاهرون بالفضيلة والورع دون أن يكونوا أتقياء ورعين. فما الذى يفسر استمرار أعداد كبيرة منا فى تكرار الوقوع فى هذا الخطأ، أقصد خطأ اختصار الفضيلة فى عمل مادى يراه الجميع، سواء اقترن أو لم يقترن بورع حقيقى أو بدافع نبيل؟

لا تكفى فى تفسير ذلك، فى رأيى، الإشارة إلى مستوى التعليم والثقافة أو انتشار الأمية، فهناك ما يدل على أن ظاهرة اختصار الفضيلة يمكن أن توجد بين المتعلمين والأميين، وقد تظهر فى أمم جرت العادة على اعتبارها أمما متقدمة. وهى على أى حال ظاهرة ليست مقصورة على المتدينين أو مدعى التدين.

إنى أعتبر من قبيل «اختصار الفضيلة» ما كنت ألاحظه على بعض معارفى وأصدقائى من الماركسيين المتزمتين، الذين يكثرون بلا داع من إقحام عبارات مشهورة بدلالتها على اعتناق الماركسية، فى حديثهم وكتاباتهم، وكأن مجرد استخدام تعبير مثل «الجدلية» أو «الديالكتيكية»، أو «صراع الطبقات»، أو «الحتمية التاريخية» أو البرولتياريا أو قوى الإنتاج أو البناء الفوقى...الخ، كاف لتمرير أى حجة، بل لقد كان مثل هذه العبارات والمصطلحات يستخدم لتعرف بعضهم على بعض، فيطمئن الماركسى لرجل لم يعرفه جيدا بعد، إذا رآه يستخدم لفظ «الديالكتيك» مثلا بدلا من استخدام التعبيرات الأبسط والتى تدل على نفس المعنى، كالتطور أو التأثير المتبادل...إلخ، مثلما تستخدم اللحية الآن فى تعرف المنتمين للتيار الدينى، بعضهم على بعض، أو كالإصرار على اقتطاف بعض التعبيرات أو النصوص المستمدة من التراث الدينى حتى وإن كان تفسيرها يحتمل أكثر من معنى، وكان بعض هذه المعانى فقط هو الذى يؤيد رأى من يقتطفها.

نحن نرى أيضا من بين الذين يمارسون بيننا هذا «الاختصار للفضيلة»، أشخاصا على مستوى عال من التعليم، فمنهم الأطباء والمهندسون، وحاملو شهادات الدكتوراة فى مختلف فروع العلم، وأساتذة فى الجامعات، فإذا بهم يصرون على إطلاق اللحية، وكأنها شهادة كافية للانضمام لفريق المتقين الورعين، وقد استخدم الرئيس محمد مرسى أسلوبا مماثلا فى الرد على معارضيه الذين انتقدوا اصطحابه لعدد كبير من الضباط والجنود لحراسته وهو ذاهب للصلاة فى المسجد، وأشاروا إلى ما تتحمله خزانة الدولة بسبب ذلك من تكاليف، وقد كان من الممكن أن يكتفى بحراس أقل عددا بكثير، بل وبأداء الصلاة فى المسجد المتاح له فى القصر الجمهورى نفسه، قال الرئيس ردا على ذلك ما معناه أنه يشك فى أن هؤلاء الذين ينتقدونه يقومون بأداء صلاة الفجر مثله فى موعدها. ما الذى يمكن أن يكون قد دفع رئيس الجمهورية إلى الرد على نقد سياسى بإثارة موضوع أداء الشعائر الدينية؟ وما الذى يجعله يتخذ من أداء إحدى هذه الشعائر دليلا كافيا على صحة النقد أو عدم صحته؟

الرئيس حاصل على الدكتوراة فى أحد العلوم الطبيعية، وكان أستاذا فى الجامعة قبل توليه رئاسة الجمهورية، فما الذى يدفعه إلى هذا النوع من «اختصار الفضيلة»؟ إن التفسير الذى أميل إليه لهذه الظاهرة، لا يتعلق بمستوى التعليم أو الثقافة، بل برغبة عارمة فى الاندماج فى جماعة كبيرة من الناس، والتوحد معها. إن من الممكن للمرء أن يكون فاضلا وورعا دون أن يكون لهذا أى مظهر خارجى يراه الناس، ولكن لا يمكن أن ينضوى المرء فى جماعة كبيرة من الناس وأن يتوحد معها دون بعض المظاهر الخارجية. ولكن هذه المظاهر الخارجية يمكن للأسف أن تكون خادعة، إذ من الممكن أن تكون منبتة الصلة بما يجرى فى داخل الذهن أو يشعر به القلب. وجود اللحية مثلا أو غيابها، وطولها وقصرها، لا يمكن أن يكون مقياسا صحيحا لدرجة التقوى والورع، ولكن لها ميزة أنها تسهل على الناس تعرف بعضهم على بعض، وتمنح شعورا بالدفء والحميمية بين مجموعة من الناس قرروا الخروج بها على الملأ، وقد تزيد من قوتهم إزاء من لا يظهر بنفس مظهرهم. الأدهى من ذلك أنهم قد ينجحون فى إقناع الناس الذين يتوقون إلى تطبيق الديمقراطية، بأن أسهل طريقة للتمييز بين الآراء المختلفة والبرامج السياسية المتباينة، وكذلك بين القادرين على تحقيق نهضة المجتمع وغير القادرين، هى تميبز الملتحين عن غير الملتحين، وبهذا تحل كل مشاكل التمييز بين الخطأ والصواب، وبين الحق والباطل، فإذا قبل الناس ذلك المعيار فما أسعدنا فى هذه الحالة إذا ظفرنا «بأغلبية اللحى».

الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012


درويش: "التأسيسية" "جمعية إخوانجية" فاشلة.. والمسودة لاتوجد بها مادة دستورية واحدة

 
الدكتور إبراهيم درويش الفقيه القانونى والدستورى
قال الدكتور إبراهيم درويش، الفقيه القانونى والدستور،وعضو اللجنة الاستشارية للدستور البديل، إن الجمعية التأسيسية لوضوع الدستور جمعية "إخوانجية فاشلة"، لا تصلح لوضع كتاب القراءة الرشيدة لسنة أولى ابتدائى. 

أكد الدكتور درويش فى تصريح خاص لـ"بوابة الأهرام" أن أعضاء الجمعية التأسيسية، لا يستطيعون كتابة دستور، خصوصًا أن فيها ثلاثة أوربعة أشخاص فقط يعرفون ما معنى الدستور وصناعته، والباقى لا يعرفون الدستور، مؤكدًا أن مسودة الدستور ليس بها نص دستورى واحد. 

وأكد الفقيه الدستورى، أنه لا يوجد فى الجمعية التأسيسية أى صانع دساتير، ولا يساهم فى وضع ستور، وأن مسودة الدستور ليس فيها مادة دستورية واحدة. 

أضاف أن صناعة الدساتير صناعة راقية جدًا، وفى مصر كلها بها ثلاثة أو أربعة أشخاص يعرفون كيفية صناعة الدساتير، منهم الدكتور كما أبو المجد، وإبراهيم درويش، واستاذ دستور بجامعة الإسكندرية، لافتًا إلى أن مسودة الدستور المنبثقة عن الجمعية التأسيسية ما هى إلا "دستور بما لا يخالف شرع الله". 

ذكر الدكتور إبراهيم درويش، واقعة حدثت فى عام 2006 حينما تمت إحالة المستشار محمود مكى، نائب رئيس الجمهورية، والمستشار هشام البسطويسى، إلى مجلس تأديب القضاة(مجلس صلاحية)، ولجأ إليه كل من المستشار أحمد مكى وزير العدل، والمستشار حسام الغريانى، والدكتور محمد سليم العوا، للدفاع عنهما خصوصًا أن النقطة الأساسية فى الدفاع عنهما هى نقطة دستورية. 

تساءل الدكتور إبراهيم درويش، قائلًا:" إذا كانوا يفقهون الدستور وهناك دفع بعدم دستورية فى تلك القضية، فلماذا لم يتصرفوا فى الأمر باعتبارهم على علم بالدستور، متساءلًا ما علاقة المستشار حسام الغريانى بصناعة الدستور وهو فى الأصل قاضٍ جنائى..قائلا:" ماله ومال الدساتير"؟. 

استطرد الفقيه الدستورى حديثه قائلًا: "هذا الحديث على عهدتى، كل الإخوانجية وإللى مربين دقون وذبيبة صلاة فى وجوههم كلها صناعية بالمكواة، قائلا:" كلنا بنصلى والشيخ عصفور بيصلى، وأنا كنت بصلى فى القرية وبنسجد على الحصير، فلماذا لم تظهر علامة الصلاة فى وجهنا مثلهم". 

أكد الدكتور إبراهيم درويش أنه حتى الآن لم يتم الاتصال به وتكليفه بالمشاركة فى إعداد الدستور البديل، قائلا: "إبراهيم درويش عمره ما يسعى لشيء على الإطلاق"، مشيرًا فى ذلك إلى أنه كان مقررًا لدستور، 1971، وكان مشاركًا فى وضع الدستور التركى، وغيرها من الدساتر، كما ساهم فى دستور 1956 وحتى الآن، قائلًا "صنايعى"، على حد وصفه، معلنًا استعداده أن يعطى خبرته للوطن ولن يتقاعس عن ذلك أبدًا. 

وحول إمكانية تمرير الدستور خصوصًا بعد انسحاب أعضاء الجمعية التأسيسية قال الدكتور درويش إن التيارات الإسلامية المختلفة لم يتمكنوا من صناعة الدستور، وإن تمكنوا سوف يسقط الدستور، خصوصاأن النظام الحالى غير قائم على أساس، بل قام على تزوير الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
العمال يهددون بالإضراب ضد لجنة الدستور بسبب نسبة الخمسين بالمائة 
حسنين كروم:
2012-11-19

 
القاهرة - 'القدس العربي' ما تزال كارثة الاتوبيس الذي صدمه القطار في اسيوط، وهو يحمل عشرات من تلاميذ المعهد الأزهري ومقتل واحد وخمسين منهم، هي الأكثر اهتماما من الصحف الصادرة امس، وحكايات الأهالي عن الكارثة والإهمال والفوضى في مرفق السكة الحديد، وانكشاف الإهمال أيضاً في المستشفيات، وتحقيقات النيابة في الكارثة، الموضوع الثاني في الاهمية عن استمرار العدوان الإسرائيلي الوحشي ضد أشقائنا في غزة، واستمرار جهود مصر وتركيا مع أمريكا وإسرائيل للوصول إلى اتفاق لعقد هدنة، ونفي مصدر مسؤول لما نشر عن إقامة مصر مخيمات في سيناء لاستقبال اللاجئين من غزة، وهو ما تسبب في قلق وتحفز، وارتفاع حدة الاتهامات للنظام بأنه ينفذ مخطط اقتطاع سيناء لتوطين الفلسطينيين فيها وإنهاء قضية عودة اللاجئين تنفيذا لمخطط أمريكي - إسرائيلي.
ومن الموضوعات الأخرى التي اهتمت بها الصحف كان الصدام الذي حدث في جزيرة القرصاية بالجيزة عندما أرادت الشرطة العسكرية وقوات الأمن إزالة تعديات بعض الأهالي على مساحة خمسة أفدنة من الأرض التي تعود ملكيتها للجيش وتدخل ضمن الأماكن المخصصة لتأمين القاهرة، ومقتل ثلاثة ووقف المرور في شارع البحر الأعظم لمدة سبع ساعات.
واهتمت الصحف بانسحاب ممثلي القوى المدنية والكنائس الثلاثة من اللجنة التأسيسية للدستور، وتصميم الإخوان والسلفيين على سلق الدستور، وطرحه للاستفتاء، وعقد الجمعية العمومية لاتحاد العمال اجتماعا هددت فيه بالقيام بإضراب عام إذا حذفت لجنة الدستور المادة الخاصة بتخصيص خمسين في المائة من مقاعد مجلسي الشعب والشورى للعمال والفلاحين.
وشهد الاجتماع هجوماً عنيفاً على الإخوان والسلفيين وحزبي الحرية والعدالة والنور، ورئيس اللجنة المستشار حسام الغرياني. واهتمت الصحف ايضا بعودة بعثة النادي الأهلي من تونس حاملة كأس الأمم الأفريقية بعد فوز الفريق على الترجي، ونفي وزير الكهرباء ما نشر عن زيادة أسعار الكهرباء في المنازل. وإلى بعض مما عندنا:

هل يفهم السلفيون بالدين
اكثر من عمر الفاروق؟!

ونبدأ بإخواننا السلفيين ومعاركهم المدهشة، ومنهم صاحبنا الشيخ مرجان الجوهري الذي قال انه كان في أفغانستان يقاتل مع طالبان وشارك في هدم تمثال بوذا، وانه سوف يشارك في هدم أبو الهول والأهرامات وباقي آثار الفراعنة، لأنها من الأصنام، مما جدد الدهشة من عقليات هؤلاء الناس، عندما يقارنونهم بالخلفاء الذين تركوا الآثار دون أن يمسوها، وقال عنهم يوم الخميس في 'الأخبار' زميلنا محمد البهنساوي: 'ونكتشف أننا لسنا وحدنا الذين أسأنا فهم الدين، لكن سبقنا في هذا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي قال عنه من بني الكريم لو كان نبياً بعدي لكان عمر، الفاروق أشد المسلمين غيرة على الإسلام ترك الحبل على الغارب للمشركين المصريين بعد أن ترك لهم الأصنام بل وأوصى عمر بن العاص الحفاظ على تراث مصر ونيلها وآثارها، وليسامحني الله على هذا الكلام عن رجل اختلف معه رسول الله فنزل الوحي يؤيد كلام بن الخطاب، لكن ما يحدث الآن في مصرنا المحروسة أطار البقية الباقية من عقولنا، رجل دين يخرج علانية ببرنامج تليفزيوني ليؤكد أنه وجماعته سيهدم الأهرام ويحطم الأصنام التي تملأ مصر، الأخطر اننا لم نسمع انه تم التحقيق مع هذا الرجل وسجنه بل واعتقاله جراء هذا التهديد الخطير أم سنفيق على تطوع شباب متحمس ومغيب دينيا لتنفيذ فتوى الشيخ'.

تحريض السلفيين على هدم الاثار الفرعونية

وفي نفس العدد قال زميلنا خالد رزق: 'لم تفلح محاولات المذيع ولا الضيف الآخر في إقناع الجاهل المهووس الذي أطل على الملايين بنظرة قاتل مخبول بأنه ليس بين الآثار الفرعونية ما يعبد وأن هدمها لو كان فريضة لكان أولى بعمر بن العاص والفاتحين الأوائل من حكام مصر في عهد الخلفاء الراشدين اتباعتها، كشف حديث الرجل أن مذهبه في حقيقته ليس أكثر من هلاوس ذهنية لمريض عقلي ونفسي لا تجد أثرا إلا عند من هم على شاكلته من المخبولين، المشكلة اننا - المسلمين المصريين - نتبع دين محمد وهو عندنا دين الأولين الذي خبرنا آباءنا وأجدادنا يعبدون الله الواحد الأحد عليه ولن نغييره أو نبدله لنتبع دين الإسلاميين الجديد فبحسب كتابنا يبقى ديننا الإسلام، وإلى قيام الساعة الدين الخاتم، هو البلد دي جرى فيها إيه، عايزين دستور يسمح بالكلام ده مش هيحصل! '.

تعرف إيه عن المنطق يا مرسي؟

اما زميلنا محمود عطية، فانه في نفس العدد لم يجد غير الاستعانة بعبارة قالتها الفنانة سهير البابلي في مسرحية مدرسة المشاغبين، وهي تسأل الفنان سعيد صالح. تعرف إيه عن المنطق يا مرسي.. إذ قال عطية: 'وبعد ما شاهدته وسمعته لا أجادله فيما أطمأن إليه ودعا إليه، لكني أتساءل، تعرف إيه عن التاريخ يا سلفي وعن التاريخ الفرعوني؟! وهل يدرك ان العالم لا يعرف من مصر غير تاريخها الفرعوني وانجازاته التي مازالت تبهره وأن التاريخ الفرعوني متيم به كثير من الأوروبيين وعلى رأسهم الفرنسيون والموازنة العامة المصرية من أهم مواردها المالية زيارة معالمنا السياحية، ويعمل ملايين المصريين في مهنة السياحة ولا أظن أنهم يعملون بالدعارة كما تفضل وقال فضيلته'.

لماذا لم تنفذ المحكمة
حكم الزنى بالسلفي؟

لكن زميلنا وصديقنا عادل حمودة، رئيس مجلس تحرير 'الفجر'، أجاب: اعرف عن تاريخ بعض السلفيين أشياء لا بأس بها، هي: 'في قليوب، حيث جرت واقعة الفعل الفاضح الشهيرة، أطلق سائقو الميكروباص اسم المكان الذي شهد الفضيحة على بطلها، ورغم أن ما حدث كان موثقاً بالصوت والصورة فإن المحكمة التي وقف أمامها خففت العقوبة إلى مستوى تجميدها، لم تطبق الشريعة التي ينادي بها هو وأنصاره فلا حرضت على رجمه بتهمة الزنى، ولا سعت لقطع أطرافه من خلاف بتهمة الفساد في الأرض، لم يكن من الصعب إثبات أنه تجاوز الحقيقة عندما أصر على أن والدته لا تحمل الجنسية الأمريكية، وبجرأة يحسد عليها، كذب كل المستندات الدامغة، لكن، القانون تسامح معه، فلم توجه إليه تهمة التزوير في محررات رسمية، قدمها الى لجنة الانتخابات الرئاسية، وهي جريمة عقوبتها السجن ثلاث سنوات، على أن الأهم هو عقاب الشريعة التي يطالب بتطبيقها، فهل يقبل به؟ وفي مظاهرة يوم الشريعة ظهرت على شاشات التليفزيون وجوه أدينت في جرائم إرهابية ثبت انها قتلت، وجرحت، وفجرت، وزورت، وسرقت سلاحاً، واستحلت متاجر للذهب، لكن، أفرج عنهم في عفو شامل منحة رئيس الدولة في سابقة لم تحدث من قبل، وفي غمرة الحماس والانفعال الذي سيطر عليهم لم يسأل واحد منهم نفسه: هل يبدأ بتطبيق الشريعة على نفسه، هل يقبل بقصاصها منه، العين بالعين، والسن بالسن، والحياة بالحياة؟
وقبل أن ندعو للشريعة علينا أن نتأمل من يطالب بها، هل يملك علماً كافياً؟
هل يستوعب اختلافات الفقهاء؟ هل سمعته حسنة، فلم يكذب، ولم يزور، ولم يرتكب فاحشة، ولم يبتز امرأة؟ هؤلاء هم السفهاء الذين دعونا الله ألا يؤاخذنا بما فعلوه وارتكبوه'.

الشيخ ياسر برهامي
يخفف من غلواء انصاره

عادل يقصد بالأول الشيخ السلفي علي ونيس، والثاني صديقنا والمحامي حازم صلاح أبو اسماعيل، ويبدو - وأن كنت لست متأكدا - أن الشيخ ياسر برهامي نائب رئيس جمعية الدعوة السلفية التي خرج منها حزب النور، أحس بما يسببه له زملاؤه وأنصاره من إحراج شديد، فقال يوم الجمعة في جريدة 'الفتح' - لسان حال الجمعية - وهو يتصنع الحكمة والموعظة الحسنة، فوجه ثماني نصائح، منها واحدة هاجم فيها الإخوان المسلمين. 
ثالثاً - أعمال أصل الشورى في كل الأحيان بسبب للتوفيق والهداية لأحسن الوجوه والآراء، خاصة ونحن في مرحلة غاية في الحساسية، والقرارات والمواقف فيها يترتب عليها مصير أجيال، والاستبداد خطر عظيم يتهدد مسيرة العمل الإسلامي وإذا حصل في طائفة من طوائف وفصائل العمل الإسلامي ترتب على ذلك الخذلان وعدم التوفيق.
خامسا: التدرج سنة شرعية وكونية لابد ان تراعي بضوابطها الشرعية من القدرة والعجز والمصلحة والمفسدة، وترك هذه السنة أو إهمال ضوابطها يؤدي إلى صدام مرير مع الواقع المؤلم، قد يؤدي إلى أن تفقد الحركة الإسلامية قواعدها الشعبية وقبولها في المجتمع.
ثامنا: الدعاء والتضرع من أعظم الأسلحة التي نواجه بها التحديات، والله وحده، منه الاعداد ومنه الامداد، وهو حسبنا ونعم الوكيل، فنسأله عز وجل الهدى والثبات، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار'.

السلفي الذي يتفاخر بتحطيم
تمثال بوذا في افغانستان

ونترك الشيخ ياسر لنعود إلى الشيخ مرجان الجوهري حيث خصص له زميلنا وصديقنا بمجلة 'روزاليوسف' والكاتب الساخر الكبير عاصم حنفي فقرة من بين ستة في بابه - التنكيت والتبكيت - والذي يرسم شخصياته زميلنا عماد عبدالمقصود قال فيها: 'هو يفخر بأنه ساهم في تحطيم تمثال بوذا، وأنه مع خمسين سلفياً شاركوا في تحطيم التمثال الأثري الذي ينتمي للحضارة الإنسانية، وانهم ينوون تحطيم صنم أبو الهول والأهرامات، مع أن أبو الهول بالذات يحمل ذقنا واضحا، يا حضرة وزير الصحة، ألا يكفي هذا الاعتراف لتحويلهم إلى مستشفى الأمراض العقلية عنبر الحالات الحرجة'.
لكن المشكلة أن أبو الهول رغم لحيته، فانه أحس بالخوف من أن يأتي مرجان ومعه مراجين آخرين، ليلا لتحطيمه، فقرر الرحيل عن مصر إلى كندا وهو يحدث نفسه وقد سمعه زميلنا بمجلة روزاليوسف أسامة عبدالصبور وسجل كلماته، ورسمه زميلنا عمرو طلعت، قال أبو الهول وهو يبكي حاملاً أغراضه:
لا تكسرونـــي ولا تعبـــــدوني
ما تشيل دا من دا، يرتاح دا عن دا
وبدال ف شــيبتي ما تمرمطوني
سيـــبوني أطفـــش وأروح لكندا

أصحاب الفكر الشاذ 
ممن يتطلعون إلى الفضائيات

ولما شاهدت زميلتنا الجميلة والرقيقة سناء السعيد هذا المشهد لم تحتمل، وطمأنت جدنا أبو الهول طالبا منه العودة إلى مكانه، وقالت في 'الاسبوع': 'احدى مثالب الفضائيات استضافة أصحاب الفكر الشاذ ممن يتطلعون إلى الأضواء حباً في الظهور ليسطع نجم الواحد منهم، ويصبح في عداد المشاهير حتى لو نطق كفرا، وحرام على الفضائيات استضافة مثل هذا السلفي الظلامي الذي يدعو إلى التخلف وبالتالي لا يمكن تسليط الضوء على أمثاله وطرح دعاوي مشبوهة تسيء إلى صورة مصر في الداخل والخارج، وتسيء قبل ذلك إلى الإسلام وتشوه صورته من خلال الجهل بمبادئه'.

البر يتوقع نشر وثائق ضد الإخوان 
ويحذر مقدماً بأنها كاذبة

ومن معارك السلفيين إلى معارك الإخوان المسلمين، ونبدأها من يوم السبت قبل الماضي من 'الحرية والعدالة' مع الدكتور الشيخ عبدالرحمن البر عضو مكتب الإرشاد ومفتي الجماعة وعميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر فرع المنصورة الذي كان مقاله منصباً عن المعلومات الخاطئة، منذ علي بن أبي طالب رضي الله عنه، على الآن، واستخدامها للتشويه، ورغم ان المقال طويل واستغرق ثلث الصفحة الأخيرة، إلا أن الذي لفت انتباهي، هي فقرة واحدة فقط، توقع فيها نشر وثائق ضد الإخوان وحذر مقدماً من أنها كاذبة، إذ قال بالنص: 'السؤال الأكثر إلحاحاً الآن هل تغيير قادة الأجهزة الرقابية والأمنية كاف في عدم تكرار تلك التجربة المرة والمسيئة مرة أخرى، أم أننا في حاجة حقيقية لوضع نظام دقيق وصارم لتصفية المعلومات وتدقيقها وصياغة فلسفة وتوجهات جديدة لأفراد تلك الأجهزة ليؤدوا دوراً مهنياً حقيقياً خالياً من الخلط بين المعلومات الصحيحة والافتراء والتلفيق؟ وإلى أن يتم هذا فإنني أدعو المفكرين والمثقفين والمؤرخين وعموم الأئمة إلى التعامل بحذر مع كل ما قد يظهر من وثائق أو تقارير عن تلك الأجهزة الفاسدة ووضعه موضع الاختبار لتميز ما قد يكون صحيحاً مما قد يكون كذباً وافتراء حتى لا نقع في تضييع الحقائق وتشويه الصادقين وإعطاء الفرصة للمفسدين من الإفلات'.

امين المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
يستخدم الفاظا قبيحة لمهاجمة الاعلاميين

ويوم الأربعاء الماضي، خصص الإخوان والأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف، الدكتور صلاح الدين مقاله في 'الحرية والعدالة'، والذي أصبح يكتب الأستاذ الدكتور قبل اسمه، وبعده الأمين العام، خصصه لحملة غير لائقة، لا في ألفاظها القبيحة، ولا في كذب وقائعها، لمهاجمة رؤساء تحرير صحف قومية سابقين، وعن مسؤولين سابقين أيضا، إذ قال بالنص: 'وصل هؤلاء في فجورهم ان كان بعض الوزراء يجاهرون بالإلحاد ويسخرون من القرآن والسنة، وكان مساعدوهم يعلنون السخرية من الله تعالى الله عن ذلك علو كبيرا، وامتلأت الأفلام بالسخرية من شعائر الإسلام وكانت هذه القلة المبتزة اليوم كأصحاب الموت الزؤام أو أصحاب القبور فإن خرجوا فلا صوت إلا النفاق، وقد أقسم لي في الطائرة موظف كان يعمل مع هؤلاء الكتاب الكبار الذين يبتزون بالليل والنهار أنه كان يكتب المقال وعلى حجره تجلس فتاة وراء أخرى ويطبعون القبلات على وجه الكاتب المبدع أما كئوس الخمر فحدث ولا حرج، واستحلفته في الطائرة ونحن معلقون بين السماء والأرض، فإياك والبهتان، فأقسم بالله ثلاثا قائلا: لقد تبت إلى الله من العمل مع هؤلاء ولقد رأيت رأي العين ما استحي من ذكره، وأنه ترك العمل رغم سيل الأموال التي تنفق على الكتاب والمبتزين المضللين ومن عاونهم - يا قوم، مصر ليست ألعوبة لابتزاز الأقلية من القضاة والإعلاميين والكتاب والصحفيين والبلطجية ولابد من اعتزاز الأكثرية بربهم ودينهم وعروبتهم ووطنهم، وليمضي الدستور إلى استفتاء الشعب ليظهر اعتزاز الأكثرية بمصر الجديدة، دستورهم الذي يحفظ الحرمات ويفجر الطاقات، ويطارد الاستبداد، ويحاصر الفساد، ويساعد البلاد والعباد، للوصول إلى نهضة وحضارة إسلامية تقود المنطقة كلها والعالم إلى رشده، فيا معشر الأكثرية احتشدوا يرحمكم الله، اعتزازا بدينكم ووطنكم ولا تستسلموا لابتزاز الأقلية الذين يصدق فيهم قول الله تعالى 'وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون' 'الواقعة: 82'.

الفتيات لا يقفن بالدور
امام رؤساء التحرير!

أهذا هو مستوى الذي عينه وزير الأوقاف الإخواني الشيخ طلعت عفيفي ليكون واجهة مصر الإسلامية مع المنظمات الإسلامية والمسلمين في الخارج؟
وأين كان الوزير بينما الوزراء يجاهرون بالإلحاد ويسخرون من القرآن والسنة ومن الله، وهو استاذ بجامعة الأزهر وعضو في مجمع البحوث الإسلامية، ونائب الرئيس العام للجمعية الشرعية للعاملين بتعاون الكتاب والسنة وهي أكبر جمعية دينية في مصر؟
أما عن قيام رؤساء تحرير وكتاب كبار، بكتابة مقالاتهم بينما يقف أمام كل واحد منهم طابور من الفتيات بحيث تتقدم واحدة وتجلس على حجره وتقبله، فيكتب فقرة في المقال فتقوم وتتقدم الثانية وتجلس على حجره وتقبله ويكتب الفقرة التالية، وهكذا الى ان ينتهي طابور الفتيات مع آخر فقرة في المقال، ومع كل قبلة شفطة من الخمر، ولم يوضح له المصدر هل كانت الفتيات صحافيات في الجريدة، أم متطوعات من الخارج لانزال الإلهام على رئيس التحرير أو الكاتب، فها ما لم يوضحه النائب الذي أخبره بالواقعة وأقسم عليها ورأى ما هو اكثر من القبلات، أي - والعياذ بالله - ممارسة رئيس التحرير أو الكاتب الجنس أمامه.
هل هذا مستوى يمكن قبوله من القيادي الإخواني صاحب اللحية، والذي يدرس الفضيلة في الجامعة لطلبته، ويتولى العلاقات الإسلامية الخارجية لمصر والذي سبق له وقبل ضميره الديني والأخلاقي أن يقول عن عمر سليمان بعد وفاته، انه كان ديوثاً؟ ويكتب ذلك في صحيفة أهل التقوى والأيدي المتوضئة، والألسنة العفة؟
مرة أخرى، ما هذا المستوى؟ مصيبة قذفت بمثل هؤلاء الناس فوق أمهات رؤوسنا؟

عصابات إرهابية في سيناء
يقف الجيش مكتوف اليدين امامها

وإلى القضية التي باتت تشكل هماً ثقيلاً على صدور المصريين، وطعنا لكرامتهم الوطنية، فلأول مرة يواجهون مشكلة لم يسبق لهم ان واجهوها، وهي انفصال جزء من وطنهم عن باقي الأراضي، ووجود عصابات إرهابية يقف الجيش مكتوف اليدين حتى لا يسحقها ويقتلع جذورها، لأن هناك قوى سياسية تتواطأ صراحة مع الإرهابيين، أو تقوم بتدليلهم بحجة التفاوض معهم، وإقناعهم عدم قتل ضباطنا وجنودنا من الجيش والشرطة، هذه مشكلة لم يسبق للمصريين مواجهتها، واجهوا احتلال أراضيهم وقتالهم المحتل الأجنبي ليتركها حرباً، أو مفاوضته ليتركها سلماً، ولكن أن يتفاوضوا مع إرهابيين مع بنيهم يريدون نزع جزء من أراضيهم، فهذا هو الجنون، أو المؤدي إلى الجنون فعلاً، وننبه هنا، إلى أن ما يحدث في سيناء لن يمر مرور الكرام، لأن هناك إحساسا بالمرارة والإهانة وبأن عملا ممنهجا يستهدف الحاق الإهانات بالجيش وكرامته، تمهيدا لتفكيكه، يتم فعلا.

الذين يكذبون 
على الرئيس في سيناء

وفي 'المصريون' يوم السبت قال صديقنا والمحامي البارز وعضو مكتب إرشاد الإخوان السابق مختار نوح عن سيناء: 'كما أتت إلينا بعد أن دفع الشهداء الثمن، ذهبت بعيدا عنا، وبعد أن دفع الشهداء الثمن ايضا، وهذا ليس تهويلا كما يكرر الدكتور مرسي، وإنما هو تقرير الحقيقة التي يغيبها البعض عنه.
والحقيقة يا سادة أن الدكتور مرسي هو أسرع رئيس ينجح المنافقون في تغيبه عن الواقع، فلا يكتفي المنافقون بمقتل الضباط والجنود الستة عشر دون معرفة الفاعل، ولا يكتفي المنافقون بواقعة خطف الضباط الثلاثة، النقيب شريف المعداوي والرائد محمد الجوهري وأمين الشرطة وليد سعد، ولا يكتفي المنافقون بانهيار الأمن تماماً في سيناء واقتحام مديرية أمن شمال سيناء ومنع وزير الداخلية من الدخول، ولا يكتفي المنافقون بواقعة خطف رجال الشرطة يوم أربعة فبراير الماضي، ولا يكتفي المنافقون بانهيار الأمن تماما في سيناء واقتحام مديرية أمن شمال سيناء ومنع وزير الداخلية من الدخول.
ولا يكتفي المنافقون بواقعة خطف رجال الشرطة يوم أربعة فبراير الماضي، ولا يكتفي المنافقون ان سيناء اصبحت كالمنخل يمر فيه كل من يريد، ويدخل اليها كل من يحب، ولا يكتفي المنافقون بأن سيناء أصبحت خارج السيادة المصرية، كل هذا وذاك لم يعد يكفيهم، ولذلك فهم ينقلون إلى الرئيس ان ما يدور في الإعلام هو تهويل للأحداث مع أن الأمر لن يكلف الرئيس مرسي كثيرا فيكفيه ان يطلب من وزير الداخلية أن يرتب له زيارة في سيناء.
حينئذ ستتلقى رسالة بعد ساعة واحدة من الزيارة من عصابة القط الأسود يطلبون فيها فدية للإفراج عن الدكتور مرسي'.

اتهامات بالخيانة
للنظام السابق

ونشرت 'الأهرام' في نفس اليوم في صفحتها السادسة حديثا مع وكيل جهاز المخابرات العامة الاسبق اللواء الدكتور عادل شاهين، أجرته معه زميلتنا الجميلة ريهام مازن، وجه فيه اتهامات بالخيانة للنظام السابق، وأثار الشكوك في حماس وفي النظام الحالي، بقوله: 'ما قوبلت به عودة سيناء إلى أحضان الوطن بعد حرب 73 ولمدة ثلاثين سنة مضت يعد إهمالا جسيما في الاهتمام بتنمية سيناء وبخاصة التنمية البشرية هذا الإهمال من وجهة نظري يرقى لمرتبة الخيانة العظمى لسبب واحد معلوم، ان المخاطر التي كانت تواجه مصر دائماً من الشرق، المخاطر الآن في كل اتجاه، على سبيل المثال إذا تحدثنا عن المخاطر التي تواجهها من ناحية الشرق، نواجه الآن اضطراباً وحرباً أهلية في سوريا لا يعلم أحد كيف ستنتهي، وهل ستنتهي بالتقسيم أم ستنتهي أيضاً بسيادة التيارات الإسلامية، وبالتالي تكون منطقة الشرق الأوسط بالكامل تسيطر عليها هذه التيارات التي تضم ضمن تكويناتها جماعات جهادية أفغانية بعد مقاومتها في أفغانستان والمناطق هناك، لدرجة أن قوات الأمن المصرية تتمركز داخل العريش وعلى أطرافها وترفض الدخول الى منطقة الشيخ زويد، والتي يتواجد فيها عناصر من الجادين الذين يقومون ببعض الاعتداءات الأمنية والاضطرابات داخل شمال سيناء، ومن المعروف أن التيارات الإسلامية كانت ترى أن غزة هي إمارة إسلامية، وبتغيير الوضع في مصر وقدوم التيار الإسلامي إلى سدة الحكم انتعش الأمل لديهم، وأصبح هناك نوع من التعاون الدائم المستمر بين الجماعات الإسلامية المتشددة في غزة والجماعات الجهادية التي تمركزت في شمال سيناء، ناهيك عن الدور الذي تقوم به إسرائيل، ويقوم به جهاز الموساد الإسرائيلي في تغذية هذا النوع من الأعمال الإرهابية والتعاون الإرهابي، والجيش المصري قادر على تحقيق الأمن في سيناء وفي ربوع مصر كلها، لكن لابد من وجود إرادة سياسية.
هذا أبرز ما قاله عادل شاهين، ونود أن ننبه إلى أن الكلام عندما يصدر عن مسؤول في المخابرات العامة أو الحربية، متعلقاً بمعلومات أو بتقييمها، فإن ما يخفيه هو الجانب الأكبر والأخطر، لكن الدلالات تكون واضحة، وهي أن هذه الأجهزة بما تملكه من معلومات غير مستريحة فيما يجرى، وتشك فيه.

حماس تخطئ بحق
الفلسطينيين ومصر

وإلى 'أخبار' الأحد وزميلنا وصديقنا الأديب الكبير جمال الغيطاني وقوله وهو محتار فيما يحدث من الاعتداء الإسرائيلي على غزة ومن حركة حماس: 'تقدم الفرص الذهبية للمتطرفين الإسرائيليين لشن الحرب والدمار على الشعب الفلسطيني الأعزل في مواجهة إسرائيل ونيرانها، وحماس وسياساتها الخطيرة والتي تتجه الآن لإلحاق الأذى بالأمن القومي المصري، الذي أرى أنه يمر بلحظة حرجة جدا، تعرض الوطن كله لتهديد أقل نتائجه المدمرة تقديم الحجج القوية لإسرائيل كي تجتاح سيناء وتعيد احتلالها، ونلاحظ أن التصعيد المفاجيء الذي بدأ من جانب حماس وحلفائها بدأ بعد يارة أمير قطر والتي نبه كتاب مصريون لم يفقدوا رؤيتهم الوطنية الى ما سيتبعها من مصائب إزاء غموض الموقف في سيناء'.

رد الفعل المصري 
على ما يحدث في غزة

وأخيراً إلى 'الحرية والعدالة' في نفس اليوم ايضا والإخواني الذي وصل إلى منتصف الطريق في خفة الظل وهو حمزة زوبع، الذي قال عن رد الفعل المصري على ما يحدث في غزة: 'عار على هؤلاء الذين لم يتحركوا في إطار الموقف المصري السياسي الموحد الذي بادر به الرئيس مرسي وحكومة قنديل، في الوقت الذي وقفت احزاب الكيان الصهيوني كلها خلف نتنياهو وتناسوا خلافاتهم الحزبية في وقت الانتخابات، أفهم ان نختلف حول الدستور وحول القوانين وحول معالجة الشأن الداخلي، لكن ان يصل الأمر بالبعض إلى حد القيام بحملات إعلامية مضادة لإخواننا في فلسطين والتشكيك في المواقف التي اتخذتها مصر تجاه هذا العدوان، فهذا أمر لا يطاق، ما هذا السفه والتسفيه لكل خطوة وحركة وبادرة تبدر عن قيادة مصر التي لا يعرفونها حق معرفتها، ولا يقدرونها حق قدرها، فعلا مصر كبيرة جدا على هؤلاء الصغار ومن يساندهم، هؤلاء انضموا إلى ضاحي خرفان وعصابته ومن يقدمه كرأس حربة في مواجهة الإخوان هؤلاء مثلهم مثل حكام الإمارات الذين لم نسمع لهم صوتا ولم يقولوا لصبيهم الذي ترك عمله وتفرغ لكتابة التغريدات ضد الإخوان، كفى يا صبي، مصرت عيد صياغة المعادلة من جديد، وهؤلاء لا يريدون ان يتسب هذا الرئيس من الإخوان، تعسا لكم، وهل مصر بلد الإخوان وحدهم'.
01                        
الدستور المرتقب يجب أن يعبر عن تطلعات المصريين
الدّستور المصري... يُدبّرُ بليل؟

انسحاب القوى المدنية المصرية فضلا عن انسحاب ممثلي الكنائس المصرية طرحَ سؤالا حارقا حول سير صياغة الدستور المصري المرتقب منذ إعلان المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن تعليق العمل بالدستور السابق

عبد الجليل معالي

قال سياسيون مصريون أنهم انسحبوا من الجمعية التأسيسية التي تكتب دستورا جديدا للبلاد. وأعلنت الكنائس المصرية الرئيسية، السبت، سحب ممثليها من الجمعية قائلة إن مسودة للدستور الجديد كتبتها لجنة صياغة في الجمعية لا تضمن التعددية القائمة في المجتمع منذ مئات السنين.

انسحاب القوى المدنية المصرية فضلا عن انسحاب ممثلي الكنائس المصرية طرحَ سؤالا حارقا حول سير صياغة الدستور المصري المرتقب منذ إعلان المجلس الأعلى للقوات المسلحة -الذي أدار شؤون مصر لفترة انتقالية بعد إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك- عن تعليق العمل بالدستور السابق. 

ويتعين طرح مسودة الدستور في استفتاء شعبي قبل أن تصبح سارية. ولن يكون بإمكان مصر التي حُلّ مجلسها التشريعي في أبريل نيسان بحكم قضائي إجراء انتخابات تشريعية إلا في وجود دستور. 

ما يسود مؤخرا حول خلافات متعلقة بالجمعية التاسيسية المكلفة بإعداد مسوّدة الدستور، ينبئُ بسعي واضح من قبل الإخوان إلى فرض نواياهم وتصوراتهم على دستور جديد قد يدومُ عقودا، ولعلّ تواتر الانسحابات من الجمعية التأسيسية مؤخرا تؤشرُ على حجم الامتعاض الذي يعلنه أعضاء الجمعيّة التأسيسية الذين اختاروا الانسحاب احتجاجا على "النوايا الدستورية" للإخوان، وهي نوايا يوضحها حمدي الفخراني عضو الشعب المصري السابق الذي وصف ما يدور داخل الجمعية التأسيسية "بهيمنة فكر جماعة الإخوان المسلمين وبشكل شبه كامل على الجمعية التاسيسية لصياغة الدستور" لافتا إلى أن "تأسيسية الدستور ستفرزُ دستورا إخوانيا وليس دُستورا مصريا كما يُفترضُ" 

السعي الإخواني إلى "فرض" دستور جديد على مقاسهم أفرزَ عديد المواقف والتداعيات بدأت أولا مع انسحاب ممثلي الكنائس الأورتودكسية والانجيلية والكاتوليكية وتبعه انسحاب أعضاء الهيئة العليا لحزب الوفد التي أعلنت السبت، انسحاب ممثليها من الجمعية التأسيسية للدستور، وهؤلاء وأولئك أشاروا إلى نفس السبب والعلّة: حيث بررت الكنائس المصرية الرئيسية سحب ممثليها من الجمعية بأن مسودة للدستور الجديد لا تضمن التعددية القائمة في المجتمع منذ مئات السنين، وان الاسلاميين الذين يهيمنون مع حلفائهم على التأسيسية يريدونَ "تأبيدَ" الحكم الإسلامي للبلاد، اما عمرو موسى رئيس حزب "المؤتمر" المصري فقد أرجع ذلك إلى أن "المسيطرون على الجمعية التأسيسية من الأحزاب الإسلامية خالفوا كافة الوعود التي سبق وأن اطلقوها والتي تؤكد أنه لا يجب أن نلجأ للتصويت العددي وإنما للتوافق الذي يضم كافة الأطراف وليس الذي يضم البعض ويستبعد البعض الآخر". 

يبدو أن قراءة متأنية لما يحدث من تجاذب داخل الجمعية التأسيسية المصرية قد تذهبُ بهذا التجاذب إلى أبعد من مجرد الاختلاف حول نقطة او فصل او مادة في الدستور فهذا عاديّ ومألوف بل مطلوب وصحّي في كلّ دساتير الدنيا، ولكن الأمر أعمقُ من ذلك فهو يعكسُ "نهما" سياسيا إخوانيا يودّ الاستحواذ على كلّ شيء: السيطرة على مفاصل الدولة، والهيمنة على الاقتصاد والإعلام والقضاء، والأهمّ هو مصادرة المستقبل من خلال فرض مشروع دستور على مقاس نظرة الإخوان إلى مصر. 

ولعلّ جماعة الإخوان عندما يُصرّن بأغلبيتهم او بتحالفهم "في زواج غير شرعي مع السلفيين" على صياغة مواد الدستور "وخاصة الخلافية منها" على مقاسهم او كما يريدون، هم بذلك يرسمونَ مستقبل مصر لعقود قادمة وهم بذلك أيضا يريدونه مستقبلهم مع استبعاد كلّ من يخالفهم حتى ممن جاء بهم إلى السلطة. 

الاختلاف حصل حول مسألة اعتماد الشريعة وهو موضوع المادة 220 من مسودة الدستور فقد ورد في نص المادة أن "مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة"، وهو ما يعتبرُ إصرارا من جانب الإسلاميين ولجنة الصياغة النهائية على تلبية مطالب السلفيين، باستبدال كلمة مبادئ الشريعة بأحكام الشريعة، لكنهم فشلوا في ذلك بسبب إصرار القوى المدنية على مجابهة هذا المطلب المتشدد، فلجأت القوى الإسلامية المسيطرة على الجمعية التأسيسية إلى إضافة مادة مفسرة للمادة الثانية". 

وقد اختزلَ ذلك نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان بالقول بأن "مسودة الدستور الأولى، وضعت قيد أحكام الشريعة الإسلامية على حقوق وحريات المرأة، واستخدمت ألفاظا ومصطلحات دينية إسلامية بما يتنافى مع مفهوم الدستور، بأنة وضع لكافة المواطنين، دون تمييز بين أديانهم وأعراقهم، كما أنه لا يحتوى على لفظ واحد يعبر عن مدنية الدولة".

موجة الرفض لم تكن مقتصرة على الاحزاب السياسية قط بل امتدت وتوسعت إلى منظمات المجتمع المدني حيث احتج عدد كبير منها وأعلنت 154 مؤسسة حقوقية مصرية رفضها لمسودة الدستور التي خرجت عن الجمعية التأسيسية، بسبب "كثرة المواد التي ترسخ لدولة استبدادية وقمع للحريات المدنية وحقوق الإنسان وإهدار مبدأ الفصل بين السلطات والتمييز بين المصريين، والانتقاص من ولاية القضاء واستقلاليته وتقييد الإعلام وحرية الصحافة".

وأكدت المؤسسات في بيان مشترك أصدرته السبت أن هذه المسودة خلت من أي مرجعية حقوقية أو النصّ على أي من التزامات الدولة المصرية وتعهداتها الدولية المتعلقة باتفاقيات ومواثيق وإعلانات حقوق الإنسان، ومن ناحية الشكل لخروجه عن جمعية تأسيسية مطعون في صحتها، مطالبة بأن يكون هناك باب خاص في الدستور الجديد يخص المجتمع المدني بكل هيئاته ومؤسساته، بحيث يضمن له حرية التنظيم وحرية العمل.

كما طالبت بأن يكون لمؤسسات المجتمع المدني دور في صياغة الدستور الجديد باعتبارها من القوى الوطنية الفاعلة، التي ساهمت في ترقية الوعي السياسي الجمعي لدى الشباب في مجالات الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وكذلك حقوق المرأة والطفل.

نخلصُ إلى أن الخلاف المحتدم لا يتمحورُ حول نقطة بعينها، بل هو صراع بين مشروعين: مشروع الدولة المدنية التي ناضل من اجلها الشعب المصري طويلا، وبين نموذج آخر لدولة دينية تيوقراطية تسعى الجماعات الإسلامية إلى فرضها وزرعها في مصر، ولا تعدو الخلافات التي تطفو من حين لآخر أن تكون إلا تعبيرا على عمق هذا الصراع، والواضح ان جماعة الإخوان بصدد التراجع عن تعهدات سياسية قطعتها على نفسها قبل الانتخابات مفادها ان تعمل وتتحرك لفائدة عموم الشعب المصري بكلّ فئاته وأطيافه، وهي تتراجع كذلك حتى على اتفاقات يتمّ عقدها داخل الجمعية التأسيسية بين مكونات المجتمع السياسي المصري، وهو ما يشيرُ إليه أيضا المتحدث الرسمي السابق باسم الجمعية وحيد عبد المجيد الذي أعلن بدوره انسحابه "وصلنا إلى طريق مسدود... اعترضنا على مفاهيم طالبانية ومفاهيم وهابية. ولكن " فوجئنا بأن نصوصا توضع "في المسودة" وتُدبّرُ بليل لا نعرف من وضعها."

صياغة الدستور المصري تمثّل قطب رحى العملية السياسية في مصر، اولا لانها تعكسُ حجم الاختلافات السياسية داخل الساحة المصرية، وثانيا لانها سترسمُ مستقبل مصر لعقود قادمة وهو ما يفسّرُ احتدام الصراع وشراسته بين قوى تدافع عن دولة مدنية تكفلُ حق الجميع، وبين قوى اخرى ترنو إلى فرض نموذج دولة دينية لا تعترف بالحريات المدنية وحقوق الإنسان، ولا شكّ ان هذا الصراع لن يدور فقط داخل الأروقة والمكاتب بل سيخرجُ إلى الساحات العامة والشوارع تبعا لإصرار قطاع واسع من الشعب المصري على القطع مع ماض قام أساسا على مصادرة الحريات.

رسالة إلى مصر ما بعد مبارك !!

لا شك في أن التغيرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط تثير قلقا شديداً لدى تل أبيب، وقد كان لسيطرة تيارات الإسلام السياسي خاصة جماعة "الإخوان المسلمين" على مقاليد الحكم والسلطة في بلاد الربيع العربي، أن وضع قادة الدولة العبرية أمام تحد كبير، دفعهم إلى الترقب الحذر لما تشهده سياسات دول الجوار من تغيرات، خاصة في مصر التي تملك واحدا من أقوى الجيوش النظامية المسلحة تسليحاً متطوراً، رغم معاهدة السلام التي عقدت بين الطرفين عام 1979 .

الرئيس المصري محمد مرسي



كتب أشرف كمال 

وحكومة نتنياهو تدرك أن صناعة القرار السياسي في مصر باتت في يد جماعة "الإخوان المسلمين" التي تحمل أفكاراً مناهضة لإسرئيل، وأعلنت في أكثر من مناسبة دعمها وتضامنها مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" المسيطرة على قطاع غزة، والتي وجدت في مرسي طوق النجاة  من جحيم الحصار السياسي والاقتصادي.

فيما نزلت تصريحات الرئيس المصري محمد مرسي برداً وسلاماً على إسرائيل حين أعلن في أكثر من مناسبة التزامه ببنود اتفاق كامب ديفيد، ومعروفة تلك الجهود التي بُذلت من جانب الولايات المتحدة لتحقيق هذا التغيير النوعي في توجه أحد قادة الإخوان الذي لطالما عارض الاتفاق وملاحقه الأمنية عندما كان في صفوف المعارضة. 
ومع ذلك فرئيس الحكومة الإسرائيلية عبر عن قلقه من أن مرسي لم يذكر إسرائيل في خطاباته المختلفة منذ أن اعتلى عرش مصر، فبات الترقب العنوان الرئيس لمستقبل العلاقات بين تل أبيب والقاهرة في ظل غياب مبارك الذي حرص خلال سنوات حكمه على التمسك بعلاقات طيبة مع قادة إسرائيل، فيما كانت مواقفه من السلطة الفلسطينية والفصائل الأخرى بما فيها حركة المقاومة الإسلامية "حماس" معروفة. 
والحقيقة أن "حماس" ومنذ وصول مرسي إلى القصر الرئاسي في القاهرة، التزمت في كثير من الحالات بضبط النفس ولم تنجر وراء الاستفزازات الإسرائيلية، فلم يكن هناك ما يستدعي إشعال فتيل الحرب وتوتير المنطقة وسقوط الأبرياء من الأطفال والنساء في غزة المكلومة بالحصار تارة و بالعدوان الاسرائيلي المتواصل تارة أخرى، سوى توجيه رسالة بشكل غير مباشر إلى أكثر من طرف.
وبعيداً عن الداخل الإسرائيلي، فقد حملت نيران الأسلحة الإسرائيلية رسائل مختلفة لأطراف معنية بالوضع في المنطقة والقطاع، بداية من السلطة الفلسطينية التي تستعد للتوجه لى الجمعية العامة للأمم  المتحدة للحصول على صفة دولة غير عضو في المنظمة الدولية، إلى حكام مصر ما بعد مبارك، مروراً بفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، فماذا سيكون الجواب.
هل تُجبر مصر على فتح الحدود بشكل كامل ودائم أمام قطاع غزة، لكي تبدأ الخطوة الأولى في المخطط الإسرائيلي للتنصل من مسؤولياتها تجاه القطاع كدولة احتلال، خصماً من سيادة مصر على أراضيها وسيادتها على شبه جزيرة سيناء؟
وهل يملك الرئيس المصري أوراقاً جديدة بعد استدعاء السفير، ودعوة مجلس الأمن الدولي لاجتماع عاجل، ووزراء الخارجية العرب لاجتماع طارئ، وتكليف رئيس الحكومة هشام قنديل بالسفر إلى غزة وسط القصف الإسرائيلي وإعلان تضامن مصر في مواجهة العدوان؟ 
قليلة تلك الأوراق التي تملكها القاهرة بعد مغادرة السفير الإسرائيلي إلى تل أبيب، فمع استمرار الهجوم على القطاع وسقوط الضحايا، فلم يعد أمام الرئيس محمد مرسي للضغط على الحكومة الإسرائيلية سوى خيارات محدودة  تدور بين تجميد العلاقات الدبلوماسية، أو النزول بمستوى التمثيل الدبلوماسي، أو إعلان الانسحاب من اتفاق كامب ديفيد.
فهل يفعلها مرسي لإحراج تل أبيب التي سعت من خلال قصف غزة إلى إحراجه أمام المصريين والمجتمع الدولي؟!

(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)

Locations of Site Visitors
Powered By Blogger