الأربعاء، 1 فبراير 2012

فيسك: إلى متى يتشبث الأسد بالسلطة؟


قال الصحافي البريطاني روبرت فيسك إن سوريا تمر بأخطر اللحظات منذ استقلالها مع تفشي ظاهرة التمرد والانشقاقات من الجيش النظامي، وفقدانها لكل حلفائها العرب عدا لبنان، والانزلاق رويدا رويدا نحو الحرب الأهلية.


وتساءل روبرت فيسك –الصحافي المقيم في بيروت منذ نيف وثلاثين عاما ومراسل صحيفة إندبندنت البريطانية- قائلا "إلى أي مدى سيظل الرئيس بشار الأسد متشبثا بالسلطة؟

واستهل فيسك المتمرس في شؤون الشرق الأوسط مقاله الأسبوعي في الصحيفة بالإشارة إلى أن العنف يتفاقم في سوريا، وأن الجامعة العربية رفعت يديها بعد أن أُصابها القنوط، لكن النظام وأتباعه في حزب البعث لم يتزحزحوا.

وتابع القول إن هناك دولا تراقب الموقف في سوريا، فروسيا عاقدة العزم على عدم الوقوع ثانية في الفخ الذي ينصبه لها الغرب في الأمم المتحدة، حيث سبق أن سقطت فيه عندما عجزت عن الوقوف ضد إقامة منطقة حظر جوي فوق ليبيا الذي أسفر عن انهيار نظام معمر القذافي بشكل مباشر.

وقد تبدو إيران محقة في ارتيابها بأن سوريا تتعرض لانتقاد دولي بسبب تحالفها معها في المقام الأول. ثم هناك إسرائيل التي بالكاد نبست ببنت شفة عن ما يجري في سوريا لخشيتها من احتمال وصول نظام "أشد تعنتاً" إلى سدة الحكم هناك.

غير أن سوريا تظل في نظر العرب رمزا، فقد وقفت وحدها في وجه الغرب حينما رفضت إبرام سلام غير عادل في الشرق الأوسط. ووحدها هي التي رفضت سلام أنور السادات مع إسرائيل. ووحدها كذلك قلبت ظهر المجن لياسر عرفات بعد اتفاقية السلام "المحكوم عليها بالفشل" مع إسرائيل.

ولطالما بقيت سوريا دولة أبعد ما تكون عن التوسع، على خلاف ما يحلو للأميركيين أن يزعموا. فقد ظلت تفقد جزءا من أراضيها على نحو مطرد، فقد خسرت لبنان بمكائد الفرنسيين، كما خسرت لواء أسكندرون في 1939 عندما سلمته فرنسا لتركيا بعد استفتاء "مزوَّر" أملاً في أن ينضم الأتراك إلى التحالف المناوئ لهتلر. وفقدت سوريا أيضا هضبة الجولان لصالح إسرائيل في 1967.

ولم تكن عقود من الاستقرار كافية لكي تتخلص سوريا من الفساد. فقد تربَّى الاستبداد في حضنها تماما مثلما احتمل العرب لسنوات عديدة مقولة أن حكم الفرد أحسن حالاً من الفوضى، وأن السلام أفضل من الحرية حتى لو كان ذلك تحت حكم أقلية، وأن العلمانية خير من الطائفية.

وفي نظر روبرت فيسك فإن "المذبحة البشعة" في مدينة حمص وبقية أرجاء سوريا، وضرب الأعناق وصنوف التعذيب، توحي بأن الوقت ينفد بالفعل أمام حكم الأسد.

ويخلص إلى القول إن معركة البقاء أمر بغيض بينما لا يزال بشار الأسد في ظنه بأنه قادر على أن يشق طريقه عبر حزمة من الإصلاحات المقترحة قبل أن تتفكك سوريا، "لكن ما من أحد خارج سوريا يبدو مقتنعا بأنه سينجح في ذلك.

ويختم فيسك مقاله بالتساؤل "إذا قُدِّر للنظام البقاء، فأي نوع من سوريا سيحكم؟".

نقلا عن الشروق

مطلـــوب إعــــــدام الكـــذابيـــــــــن.....


د. عبد الحليم قنديل

يتحدثون  ((وقف عجلة الإنتاج ")) ويقصدون ((وقف عجلة النهب))...وأرقام الصادرات ودخل فناة السويس وعوائد المصريين بالخارج تفضح أكاذيبهم

كانت المفاجأة صاعقة للكذابين
والذين
أقاموا مناحة كبرى عنوانها ((وقف عجلة الإنتاج )) وتدهور الاقتصاد بسبب الثورة واعتصاماتها وإضراباتها ومظاهراتها ومليونياتها (!)
والذين
يكذبون معروفون بالاسم والرسم
إنهم
أعضاء المجلس العسكرى وحكوماته العاجزه
و
الإعلام الرسمى الموالى
و
أصوات اخرى ناطقة باسم النهابين الكبار

وكلهم يحرص على نشر أجواء الفزع الاقتصادى وتفزيع المواطنين ودفعهم إلى الكفر بالثورة وأيامها التى أقلقت السادة المستثمرين وطفشت السادة السياح وقطعت الأرزاق كما يقول المتخرصون
وقد كذبوا انفسهم وبطريقة رسمية تماما

فقد حققت السياحة المصرية
طبقا للارقام الرسمية عائدا يصل إلى عشرة مليارات دولار وهو رقم أقل بمليارى دولار لا غير قياسا إلى اعوام سبقتوالمعنى ظاهر وهو ان السايحة لم تتحطم فى العام الأول بعد الثورة ,كما يدعون بل تأثرت سلبا بنسبة تقل عن عشرين بالمائة
والسياحة هى القطاع الوحيد الذى تأثر بصورة طفيفة وبنسبة محدودة

فيما حققت
بقية قطاعات الدولة طفرة كبرى وزادت عوائدها بأضعاف أضعاف ما نقص من عائد فى مجال السياحة
فقد
زادت عوائد عمل المصريين بالخارج فى عام الثورة الأول
وحققت طفرة كبرى فى إيداعات البنوك وهو أثر مباشر للثورة التى استعادت احساسا متزايدا بالانتماء الوطنى لدى أبنائها العاملين فى الخارج
وزادت عوائد قناة السويس فى عام الثورة نفسه
ثم أن
الصادرات المصرية زادت مع الثورة وبصورة لم تتحقق من قبل فى سنوات المخلوع كلها
أضف الى ذلك
جهد الفلاحين المصريين الذين حققوا محصولا من القطن فى عام الثورة لم يتحقق مثله ابدا فى سنوات العشرة الأخيرة,

والمغزى ظاهر وهو أن كل شىء ينتمى لمصر ولعمل المصريين شهد انتعاشا وان الانتاج زاد طفريا
ولم تتوقف ((عجلة الإنتاج)) إلا فى الخيال المريض للمجلس العسكرى وكل منافققى الزفة

والمؤشرات كلها
رسمية جدا وأعلنها المسئولون ذاتهم الذين يثيرون الفزع
وان اول من اعلنها
للواء محمود نصر مساعد المشير طنطاوى للشئون المالية فى لقاء حضرته مع نخبة من الإعلاميين
وأخر من أعلنها
ابو بكر الجندى رئيس الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء
ثم
صدر الاحصاء الخاص بعوائد السياحة عن وزارة السياحه ذاتها (!)

والمحصلة مفهومة وتنطوى على تناقض ظاهر فالذين يفزعون الناس هم المسئولون ذاتهم

وحين ترد عليهم بأرقامهم الرسمية
يصمتون
أو
يحدثونك عن تناقص اجتياطى النقد الأجنبى
او
عن خسائر البورصة
وكأن الاهم
هو مصالح المضاربين فى البورصة
بينما لا يتحدث أحد عن
ازمة ملايين الفلاحين وانتاجهم المهول من القطن المخزون فى بيوتهم والذى لا يجد أحدا يشتريه بينما يجرى استيراد الغزول الجاهزة من الخارج وبعد ان تم تفكيك المحالج المصممة باعتبارات القطن المصرى طويل التيله وبيع أراضى المحالج والشون بالمجان تقريبا لمحاسيب النهب العام
والمثال يكشف حقيقة الفزع الذى يصدر عن المسئولين
فهم امتداد لإدارة المخلوع وجزء لا يتجزأ من طبقة النهب التى احاطت بعائلة مبارك,,وهم فزعون على مصالحهم الشخصية لا على الاقتصاد المصرى ولا على المصالح المنتجين من العمال والفلاحين والخريجين بل على ما يسمونهم كذبا
المستثمرين
وقليل من هؤلاء الأخيرين لهم علاقة بإنتاج حقيقى بينما الغالبية العظمى من اهل الشفط والنهب من اوقات الغلابه من ابناء هذا الوطن

وفزع هؤلاء حقيقى جدا ويعكسونه فى وسائل إعلام تديرها السلطة ومليارديراتها فهم
يتخوفون من اللحاق بسجن طرة
او من تزايد وتيرة الثورة وحركة الثوريين
ويريدون دفن الثورة الان وحالا بوقف المظاهرات والمليونيات والاعتصامات أو بسجن الثورة تحت قبة برلمان موال للمصالح ذاتها
او عن طريق اعتقال شباب الثورة او حتى تصفيتهم جسديا او معنويا او ترهيبهم باستدعائات امام محاكم عسكرية
او باستخدام منشأت لها طابع دينى لتهيئة الراى العام بااقوال مناقضه للحقيقة بقبول الامر الواقع

حتى الان مازال الفساد يعشش فى كل مكان
فالسادة الفقهاء جنرالات المجلس العسكرى يرعون فسادا متخلخلا فى كافة منشأت الدوله ويشترك معهم فيه زوجاتهم وابنائهم واحفادهم ومساعديهم وكل من قبل ان يكون خادما للفساد فى ظل اخر قلاع الفساد والإفساد فى مصر المجلس العسكرى
وكل ذلك
حتى تعود عجلة النهب لدورانها العاجى فى زمن المخلوع
ومن باب التزييف والضحك على الذقون
يغيرون كلمة ((الإنتاج )) محل كلمة((النهـــــب)) فتكون عجلة النهب هى ذاتها عجلة الإنتاج (!)

ومع سقوط أكاذيبهم الاقتصادية تسقط أيضا أكاذيبهم الامنية
ويثبت أن أستعادة الامن ليست مستحيلة
بل
هدف أبسط من البساطة ذاتها
فقد
جرت جولات الانتخابات الثلاث فى أجواء أمنة تماما
وثبت ان
قوات الجيش والشرطة قادرة تماما ,,أن أجواء الانفلات الامنى كانت مقصودة لذاتها وبهدف الربط بين الثورة والانفلات ,,وزيادة الفجوة بين الثورة والمجتمع
وتحويل المرحلة الانتقالية الى مرحلة انتقــــامية من الشعب المصرى الذى ثار على حكم فاسد وعميل ينتمى اليه اعضاء المجلس العسكرى وكل من على شاكلتهم القذرة

ولنا ان نلاحظ
فرق اداء الداخلية مع تغيير اسم الوزير
(الذى لن يدوم حكمه للداخليه فهو بمثابة رجل شريف ونزيه وسط حفنة من سافكى الدماء معدومى النزاهة ولن يفبلونه طويلا وسطهم )
ونشاطه وسط البلطجيه دليل على وجوده القوى وتواجده فى الشارع دليل على وجوده والانجازات الملموسه التى تتحقق وخصوصا مع تركيز الوزير على الامن العـــام
ورفضه
لفض الاعتصامات السلمية باوامر من الفريق سامى عنان بفض الاعتصامات بالقوة
وهو ما رفضه الرجل
فالتظاهر والاعتصامات والاضراب السلمى حقوق أساسية واكتسبها المصريون بتضحيات وقوافل من الشهداء وهى تضيف لمصر القا
لكنها
تهدد بالطبيعة مصالح المجلس العسكرى الحاكم بسلطة الامر الواقع
وفيهم عشرة جنرالات على الأقل من اغنى الاغنياء وثروة الواحد منهم تناهز ثروة احمد عز وتزيد عليها
يضاف اليهم أخرون من الناهبين الكبار خارج المجلس العسكرى على سبيل المثال لا الحصر
اللواء عمر سليمان الخادم المطيع الوفى للمخلوع وغيرهم
ويلعب الكثير منهم
وراء ستار او بتنسيق محسوس او غير محسوس
ويجندون جيوش البلطجية ويدبرون الحرائق والمذابح ثم يلصقونها بالثوار على سبيل التشويه بقصد سخيف ومريب
او يحدثونك عن طرف ثالث وجيوش من العفاريت والذين يقتلون ويهربون دائمــا(!)

وقد اثبتت الحوادث تلو الحوادث ومن حوادث السفارة الإسرائيلية,, إلى حوادث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء أن
الطرف الثالث ,,,,,, أكذوبة كبرى ’, وعملية تمويه بدائية
فالطرف الثالث هو الطرف الاول ,,الذى هو السلطــة القائمـــة
او انه
مضاف للطرف الاول ويعمل برعايته وتوجيهاته وتحت سطوة حمايته ,,وبتنسيق ميدانى كامل ,,, وبضمان الحماية والإخفاء,, فى لحظة الخطر

ويكفى ان تتأمل حساب الدم’’’’’’
فالقتلى الشهداء دائما من الطرف الثانى الذى هو المتطاهرون والمعتصمون بينما لا يسقط قتيل واحد من الطرف الاول ولا تنخلع عين واحده لواحده من افراده,,,,,, فما بالك بخلع العينين على طريقة ما جرى للمتظاهر المعتصم الثورى أحمد حرارة
والمعنى المستخلص مفهوم بالبداهة
وهو ان الطرف الثالث المزعوم ,,لا وجود له ,,وأنه يعمل دائما فى خدمة الطرف الاول ,,الذى لم يحاكم بعد إلى الان ,,ويحاول ان يفلت من العقوبة ,,وينجو بجريمته من الثورة المسروقه ومعه الثروة المنهوبة ’’’ويريد تحصين ما نهب وأجرم

وعلى طريقة كبيرهم مبارك
الذى تتدافع فصول محاكمته الهزلية
وبما دفع ممثل النيابة إلى إعلان سخطه على أجهزة الدولة التى تواطأت كلها
ورفضت تزويد التحقيق بالأدلة المتوافرة
بل وشوهت الادله لتغييب العدالة وتضييع معالمها
وبهدف إبعاد رقبة مبارك عن حبل المشنقة(!)

ولاحظوا الا مبارك المخلوع ظل على صمته الأثيم ,,ولم يتأثر بطلب النيابة الحكم بإعدامه فهو يعرف نهاية القصة المتفق عليها ويعرف أن رجاله الكذابيــن يقومون بالواجب ويعرف انه لو اعــــــدم فسوف يعدمون....

أبــو الشيمـــاء ,,,, الطيـــب
فى مطار جدة ,,أبلغوه بقرار منعه من السفر
امتثل الرجل وحبس دموعه ,,واخفى احزانه
فلن يلحق باللحظه التى انتظرها عمرا
ولن يتمكن من حضور زفاف كريمته(( شيمــــاء)) إلى عريسها المصرى قبل ايام فى أحد فنادق القاهرة
إنه المثقف السعودى المرموق محمد سعد الطيب
الذى يصافحك باسمــا كانه ملكا متوج ولا تكاد تلمح أثرا فى صوته لمحن نزلت على رأسه كالمطارق
فقد أفنى زهرة شبابه فى السجن وقضى نصف سنوات رجولته بين السجن وقرارات المنع من السفر
ولا لشـىء سوى انه يطالب بالاصلاح لا بالثــورة
أيهـا ((الطيب)) المحبوس فى قفص القهر ,,ربما جنايتك ...ياسيدى ..أنك طيب بأكثر مما يلزم ... فلا إصلاح بغيـــر ثورة..

الثلاثاء، 31 يناير 2012

ماذا نتوقع من الإخوان والسلفيين؟!

Tue, 31/01/2012 - 09:30
الأستاذ طارق البشرى قاض جليل ومؤرخ عظيم تعلمنا من كتبه القيمة تاريخ مصر الحديث لكنه ينتمى فكرياً على الأقل إلى تيار الإسلام السياسى. الأستاذ البشرى يعلم بالطبع أن أى ثورة عندما تنجح فى إسقاط نظام الحكم فإن الدستور الناشئ عن النظام المنهار يسقط تلقائياً ويكون على الثورة صياغة دستور جديد يحقق أهدافها.. هذه حقيقة يعرفها الأستاذ البشرى جيداً، وبالرغم من ذلك ففى أعقاب نجاح الثورة المصرية وخلع «مبارك» بدلاً من أن يصر الأستاذ البشرى على كتابة دستور جديد فوجئنا به يطيع المجلس العسكرى ويقبل رئاسة لجنة شكلها من أجل إجراء تعديلات محدودة على دستور 1971.
قام المجلس العسكرى باستفتاء المصريين على تعديلات «لجنة البشرى» ثم انقلب على نتيجة الاستفتاء وأعلن دستوراً مؤقتا من 63 مادة دون أن يستشير المصريين. وقد كانت نتيجة تعاون الأستاذ البشرى مع المجلس العسكرى حرمان مصر من دستور جديد، كان كفيلاً بأن يقودنا إلى المسار الصحيح بدلاً من النفق المظلم الذى أدخلتنا فيه لجنة الأستاذ البشرى، وها نحن بعد عام كامل نسعى للخروج منه ولا نستطيع.. السؤال هنا: كيف لرجل فى علم ونزاهة ووطنية الأستاذ البشرى أن يؤدى مهمة يعلم يقيناً أنها تعطل مسار الثورة؟.. الإجابة أن الأستاذ البشرى أراد بلجنته أن يضمن التفوق السياسى لجماعة الإخوان المسلمين التى ينتمى إليها. كانت مصلحة الإخوان المسلمين تستدعى التحالف مع المجلس العسكرى والانصياع لإرادته، وأحب الأستاذ البشرى أن يحقق مصلحة الإخوان المسلمين لأنها فى عقيدته هى مصلحة مصر.
واقعة أخرى: ارتكب جنود الشرطة والجيش انتهاكات بشعة ضد المتظاهرين فى ثلاث مذابح متوالية: ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء.. قتلوا المتظاهرين بالرصاص الحى وفقأوا عيونهم بالخرطوش وقاموا بسحل البنات والسيدات وهتكوا أعراضهن ووصلت المأساة إلى ذروتها فى مشهد الفتاة المسحولة التى عروها من ثيابها وضربوها على جسدها العارى بالأحذية.. أثارت هذه الوحشية استنكار العالم كله إلا أن شيخاً شهيراً ظهر على قناة دينية ومعه اثنان من مشايخ السلفيين، وقد وجد الثلاثة فى سحل بنات مصر وهتك أعراضهن موضوعا للفكاهة، حتى إنهم بذلوا جهداً كبيراً ليسيطروا على ضحكاتهم. عندما أصدر الدكتور البرادعى بياناً يستنكر فيه هتك أعراض المتظاهرات عقب عليه الشيخ المذيع قائلا بتهكم:
ــ يا واد مؤمن!! كلهم (يقصد الليبراليين) عملوا متدينين دلوقت.
وعندما نشرت الصحف أن بنتاً منتقبة قد تم سحلها ودهسها تحت أحذية جنود الجيش.. قال الشيخ المذيع:
ــ هو إحنا نعرف مين اللى نقبها دى؟!. ما يمكن تكون مدسوسة عشان تعمل فتنة بين السلفيين والجيش.
الفكرة واضحة ومهمة، فالشيخ المذيع الذى يقيم الدنيا ولا يقعدها إذا منع البوليس امرأة من ارتداء النقاب فى دولة غربية (بحكم القانون هناك) ـ لا يحرك ساكناً إذا انتهك عرض امرأة مصرية منتقبة لأنها ليست تابعة لجماعته ولا يعرف من الذى نقبها.. الشيخ المذيع لا يتصور وجود الفضيلة خارج جماعته. لا يمكن فى نظره أن تكون صاحب ضمير وتستنكر هتك الأعراض إلا إذا كنت متديناً ولا يمكن أن تكون متديناً إلا إذا كنت مسلماً ولا يمكن أن تكون مسلماً إلا إذا كنت منتمياً للإخوان والسلفيين.. كل ما يحيق بالناس من ظلم أو اعتداء على آدميتهم لا يستوقف الشيخ المذيع كثيراً ما دام الضحايا من غير جماعته، وكل ما يحقق مصلحة الإخوان والسلفيين هو من صحيح الدين، وكل ما قد يؤخر وصولهم إلى الحكم يعتبره الشيخ دسائس أو على الأقل أشياء تافهة لا يجوز الالتفات إليها حتى لو كانت جرائم قتل وهتك أعراض.
الواقعة الثالثة.. فى رد فعل عفوى على هتك أعراض بنات مصر بواسطة أفراد الشرطة والجيش، خرجت مسيرة من السيدات والبنات تحت عنوان «حرائر مصر» لتدين انتهاك أعراض زميلاتهن.. هنا خرجت أمينة المرأة فى الحزب التابع للإخوان المسلمين، الدكتورة منال أبوالحسن، لتتهم المتظاهرات بأنهن ممولات من الخارج ولهن أجندات خارجية (نفس اتهام «مبارك» لمعارضيه)، بل أضافت الدكتورة منال أن «المعتصمين فى الخيام غارقون فى النجاسة...».
المنطق نفسه: الدكتورة منال لا تهتم إطلاقاً بسحل البنات وهتك أعراضهن لأنهن لسن عضوات فى الإخوان، وبالتالى فهى لا تتحرج من اتهام عشرات الألوف من المتظاهرات بالخيانة والعمالة والنجاسة مادام تظاهرهن قد يؤدى إلى تأخير وصول الإخوان إلى الحكم.. منذ شهور كتبت مقالاً فى هذا المكان ذكرت فيه أن الإسلام قد حدد مبادئ عامة للحكم الرشيد هى ذاتها مبادئ الديمقراطية: الحرية والعدل والمساواة، لكنى أكدت أيضاً أن الإسلام لم يحدد نظاماً معيناً للحكم. بمجرد نشر المقال تلقيت عشرات الرسائل ليس فيها إلا شتائم مقذعة، بل إن إحدى القنوات الدينية خصصت حلقة كاملة من أجل إهانتى والانتقاص من دينى ووطنيتى (مازلت مندهشاً كيف يقدم على هذه البذاءات من يزعمون انتسابهم للدين).. فى الشهر الماضى صدر تقرير رسمى عن لجنة الفتوى بالأزهر الشريف تكرر فيه رأيى وتقول بالنص: «إن الإسلام لم يحدد قط نظاماً معيناً للحكم». وقد مر رأى لجنة الفتوى بسلام فلم يعترض أحد ولم يشتم أحد شيوخ الأزهر. هكذا فإن بعض المنتمين للإسلام السياسى يستدلون على الحق بالرجال بدلاً من أن يستدلوا على الرجال بالحق.
الظاهرة حقيقية ومؤسفة: كثيرون من الإخوان والسلفيين يعانون من ازدواج المعايير، فهم كثيراً ما يغمضون عيونهم عن حقائق ويتخذون مواقف تناصر الظلم وتنافى الحق، وهم يفعلون ذلك إما إمعاناً فى كراهية من يختلف معهم أو بدافع حرصهم المستميت على الوصول إلى الحكم... هذا السلوك اعتاد الكثيرون وصفه بالانتهازية، وهو تفسير غير كاف فى رأيى. المشكلة تبدأ من نظرة الإخوان والسلفيين إلى أنفسهم. إنهم لا يعتبرون أنفسهم مجرد فصيل وطنى يقدم رؤيته السياسية لكنهم يؤمنون بأنهم وحدهم على حق وكل من سواهم على باطل.. أنهم هم وحدهم يمثلون الإسلام وكل من يعارضهم إنما هو عدو للإسلام... أنهم يؤمنون بأنهم وحدهم يسعون لتكون كلمة الله هى العليا وبالتالى فإن معاركهم ليست سياسية أبداً وإنما هى أشبه بحرب دينية تحمل فى جوهرها الصراع بين الحق والباطل، وفى الحرب يجيز الإسلام الخداع واستعمال كل الحيل حتى ينتصر المسلمون على أعداء الإسلام..
هذا المفهوم الاستعلائى العدوانى يفسر لنا لماذا خالف الإخوان المسلمون دائماً الإجماع الوطنى وتحالفوا مع السلطة المستبدة ضد إرادة الشعب.. لماذا تحالفوا مع إسماعيل صدقى جلاد الشعب، ولماذا دعموا الملك فاروق وهتفوا له «الله مع الملك»، ولماذا دعموا عبدالناصر وهو يقضى على التجربة الديمقراطية ويلغى الأحزاب ويستثنيهم من قرار الإلغاء.. ولماذا صرح مرشد الإخوان عام 2005 بأنه يؤيد حسنى مبارك ويتمنى لقاءه.. المسألة هنا ليست مجرد انتهازية وإنما نتيجة طبيعية لممارسة السياسة بمشاعر الدين. إن المنتمين للإسلام السياسى لا يتحرجون أبداً من التحالف مع أى سلطة مهما كانت مستبدة أو ظالمة من أجل تمكينهم من إقامة ما يعتقدون أنه حكم الله.
يقتضى منا الإنصاف هنا أن نؤكد أن هذا السلوك لا ينطبق على الإخوان والسلفيين جميعاً. هناك من رموز هذا التيار من يرون الحق حقاً ويدافعون عنه ببسالة بغض النظر عن مصالحهم السياسية ومهما كانت العواقب.. أمثلة: الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح (أفضل شخصية وطنية قدمها الإخوان المسلمون على مدى عقود)، والشيخان حازم أبوإسماعيل ووجدى غنيم (بالرغم من خلافى مع بعض آرائهما المتشددة)، لكن هؤلاء الثلاثة مستقلون بعيدون عن اتخاذ القرار ولا يمثلون إلا وجهات نظرهم.
إن الإسلام السياسى يفرض عليك ممارسة السياسة بمشاعر دينية مما يجعلك أمام احتمالين: إما أن يدفعك فهمك الصحيح للدين إلى الالتزام بالحق والدفاع عن حقوق المظلومين حتى لو اختلفوا معك فى الرأى والدين.. وإما أن يجعلك تهدر حقوق المختلفين عنك ولا ترى فى معارضيك إلا حفنة من الملحدين والمنحلين والعملاء.
هذا الاختيار مطروح الآن أمام جماعة الإسلام السياسى فى مصر التى تشهد أصعب اختبار فى تاريخها بعد أن حصلت على الأغلبية فى البرلمان ووصلت إلى الحكم. المشهد فى مصر لا يحتاج إلى شرح.. المجلس العسكرى الذى عينه حسنى مبارك، على مدى عام كامل، فعل كل ما يمكنه من أجل الحفاظ على نظام مبارك والضغط على المصريين بأزمات مصطنعة حتى يكرهوا الثورة..أراد المجلس العسكرى إجهاض الثورة وتشويهها وتحويلها فى نهاية إلى مجرد انقلاب يغير الحاكم دون نظامه... غير أن الرياح قد أتت بما لا يشتهى المجلس العسكرى..
ففى الذكرى الأولى للثورة نزل ملايين المصريين فى مظاهرات حاشدة ليؤكدوا أنهم مازالوا مخلصين للثورة التى صنعوها بدمائهم ومازالوا مصرين على تحقيق أهدافها.. من هنا فإن موقف الإخوان والسلفيين فى البرلمان دقيق وحاسم وعليهم أن يختاروا بين أمرين: إما أن يظلوا على تعصبهم وجمودهم واعتقادهم بأنهم وحدهم يمثلون الإسلام الحق وكل من يخالفهم فى ضلال، وفى هذه الحالة فإنهم سيستبدلون بأهداف الثورة برنامجاً أخلاقياً كذلك الذى حدث فى السودان وأفغانستان والصومال، وبدلاً من إقامة دولة العدل سوف ينشغلون ويشغلوننا معهم بمنع الأفلام والحفلات الموسيقية ومطاردة النساء اللاتى يرتدين بنطلونات ومايوهات، وفى ظل هذا الفراغ الفكرى سيتورطون فى تحالف وصفقات ترضى المجلس العسكرى وتهدر أهداف الثورة.
عندئذ سوف يفقد الإخوان والسلفيون شرعيتهم ومصداقيتهم. الاختيار الثانى أن تتطور رؤية الإخوان والسلفيين بطريقة تتيح لهم أن يحترموا المختلفين معهم وأن يعرفوا أن ما يقدمونه هو فى النهاية اجتهاد لفهم الدين وليس الدين نفسه وأن المختلف معهم ليس بالضرورة متآمراً على الإسلام أو كارهاً له. عندئذ سوف يتبنون أهداف الثورة ويعملون على تحقيقها مهما أغضب ذلك المجلس العسكرى منهم.. فى ظل هذا الاختيار الصحيح ستحقق الثورة أهدافها، وسوف يذكر التاريخ أن أنصار الإسلام السياسى هم الذين أقاموا الدولة المصرية الحديثة الديمقراطية.. أتمنى أن يحسن الإخوان والسلفيون الاختيار حتى تبدأ مصر المستقبل الذى تستحقه.
الديمقراطية هى الحل

Locations of Site Visitors
Powered By Blogger