السبت، 10 ديسمبر 2011

كتاب: عمر سليمان .. جلاد تعذيب دولي

الاحد 6 فبراير 2011   9:35:39 م
أشار الصحفي البريطاني ستيفن غراي الحائز على جوائز دولية في الصحافة الاستقصائية إلى جرائم عمر سليمان التي أوردها في كتابه " الطائرة الشبح" Ghost Plane الذي يتربع على رأس أكثر الكتب مبيعا حول العالم ، وذلك خلال حديث شخصي معه قبل يومين من لندن من قبل صحفي سوري معارض. يشير نزار نيوف بالقول:

"عمر سليمان كان ولم يزل الطرف المصري الأساسي في التعامل مع وكالة المخابرات المركزية الأميركية ، والقناة الأساسية للتواصل بين الإدارة الأميركية ومبارك حتى في قضايا لا علاقة لها بالاستخبارات والأمن".

ويشير غراي في الكتاب إلى أن اختيار مصر مبارك كمحطة لتعذيب المختطفين لم يأتي بمحض المصادفة، فههنا تراث من التعذيب وأقبية التعذيب يعودا في عصرهما الحديث إلى اليوم الذي ساق فيه عبد الناصر مناضلي الشعب المصري إلى زنازين أبو زعبل وليمان طرة. أما الميزة الأخرى فهي وجود ضابط دموي جلاد على رأس المخابرات العامة يدعى عمر سليمان يهوى رؤية القتل والتصفيات الجسدية بعينيه ، بل وحتى ممارستها بيديه!

يتابع غراي بالقول، في 21 حزيران / يونيو 1995 ، وقّع الرئيس الأميركي بيل كلينتون توجيهه الرئاسي لاختطاف وتعذيب كل مشتبه به بممارسة الإرهاب حول العالم . ولم يكن على ساندي بيرغر ( مستشاره لشؤون الأمن القومي) سوى أن يطلق عملاءه عبر العالم . كان الأول الذي أطلقه بيرغر ضابطا مصريا يدعى عمر سليمان. وما إن تلقى إشارة واشنطن حتى مد رجاله مع رفاقه الأميركيين إلى كرواتيا في 13 أيلول / سبتمبر 1995 ليخطفوا طلعت فؤاد قاسم إلى سجن أبو زعبل شرقي القاهرة ، ومن ثم تصفيته هناك ، ولكن بعد زيارة " ودية" إلى أقبية عمر سليمان في المخابرات العامة!
أما المعتقل الأسترالي السابق ممدوح حبيب، الذي تولى عمر سليمان أيضا تعذيبه شخصيا في القاهرة وفقا لغراي، فنقلته إحدى طائرات الشبح تلك من باكستان إلى أقبية مخابرات مبارك . وهناك فشل سليمان في إرغامه على الاعتراف ، فلم يكن أمام سيادة نائب الرئيس سوى أن يقتل زميله التركمانستاني أمام عينيه كما لو أنه يفسخ دجاجة!

للمرة الأولي، يكشف كتاب عن قصة السجون السرية حول العالم، وتورط المخابرات المركزية الأمريكية في عمليات اعتقال وتعذيب مارستها عبر عملائها ضد عناصر متهمة بالإرهاب.

واعتمد ستيفن جراي مؤلف كتاب «الطائرة الشبح» علي اتصالات دقيقة بالحكومة الأمريكية،

وأكد في كتابه تورط إدارة بوش في برنامج الترحيل القسري لسجناء حول العالم أطلق عليه «القصة الحقيقية لبرنامج التعذيب المنظم للمخابرات الأمريكية»،

مثيراً الشكوك في مصداقية تصريحات كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية حول طبيعة هذا البرنامج وأهدافه.

ورصد جراي إقلاع وهبوط الطائرات المستخدمة في نقل السجناء المتهمين بالإرهاب أعدتها المخابرات الأمريكية، كما سجل ووثق العشرات من حالات التعذيب حول العالم بصورة غير شرعية.

وخصص جراي فصولاً عديدة في كتابه لدول عربية مثل الأردن وسوريا واليمن مارست وقائع تعذيب لسجناء متهمين بالإرهاب،

كما رصد ٤٨ رحلة طيران بين مطارات مصرية أبرزها القاهرة والأقصر وشرم الشيخ لنقل السجناء في الفترة من ١٨ يناير ٢٠٠١ إلي ٢ أغسطس ٢٠٠٥.

وأوضح أن أول حالة ترحيل قسري إلي مصر كانت واقعة ترحيل أحمد عجيزة ومحمد الذري المتهمين بانضمامهما للجناح العسكري لتنظيم الجهاد المصري، وتم ترحيلهما من السويد إلي مصر يوم ١٨ ديسمبر ٢٠٠١ علي متن طائرة طراز (N٣٧٩P) مسجلة في سلطة نيويورك للطيران تحت اسم «جولف ستريم».

وقال: «إن القياديين يحملان الجنسية السويدية، واشترطت سلطات السويد علي السلطات المصرية حسن معاملتهما، لكن دبلوماسيي السويد لم يتمكنوا من مقابلة السجينين إلا بعد شهر من وصولهما إلي القاهرة،

واكتشفوا أنهما تعرضا للتعذيب بالصعق الكهربائي لانتزاع معلومات حول

علاقتهما بتنظيم القاعدة».

وأضاف جراي:

«إن الجزء الأصعب في عملية الاستجواب بالإنابة هو ضمان المعاملة الجيدة، وهو أمر مستحيل في مصر وبالغ التعقيد».

وأوضح جراي، نقلاً عن تقرير لـ«هيومان رايتس ووتش» صدر في ٢٠٠٥، اعتراف مصر باستقبال ٦٠ أو ٧٠ سجيناً علي أراضيها متهمين بالإرهاب، وقال إن لديه معلومات عن تلقي مصر أعداداً أكبر من جنسيات أفريقية وآسيوية وعربية.

وذكر جراي تفاصيل ترحيل الباكستاني محمد سعد إقبال الذي تم القبض عليه في جاكرتا منتصف نوفمبر ٢٠٠١، ونقل علي متن طائر أمريكية إلي أفغانستان، ومنها إلي جوانتانامو، وقال إنه في يوم ٩ يناير ٢٠٠٢، أقلعت طائرة من الطراز نفسه من مطار دالاس الأمريكي إلي القاهرة وصعد إليها مسؤولون مصريون، وغادرت بهم إلي جاكرتا ثم عادت مرة أخري إلي القاهرة في ١٥ يناير ٢٠٠٢.

وعن واقعة اختطاف عبدالسلام الحلة في القاهرة في ٢٨ سبتمبر ٢٠٠٢، قال جراي إن رجل الأعمال اليمني نقل من القاهرة إلي أفغانستان مباشرة، والصليب الأحمر الدولي نقل رسائل بخط يده من العاصمة الأفغانية كابول لتسليمها إلي أسرته.

أما واقعة اختطاف أبوعمر المصري إمام مسجد ميلانو فقد استخدمت فيها طائرة نقل عسكرية تحمل اسم «سبير ٩٢» نقلته إلي ألمانيا، ثم تم ترحيله إلي مصر علي متن طائرة «جولف ستريم» في ١٧ فبراير ٢٠٠٣.

أنا تُحدّثتُ عن الأداءِ أولاً مِن قِبل رجل الذي أصبح رئيسَ وكالة المخابرات المركزيةِ، بورتر Goss. كَانَ عضو كونجرس ورئيس لجنة المخابرات التابعة لمجلس النوابِ. وهو أخبرَني -- سَألتُه سواء هم يَجِدونَ طريقه لأَسْر بن لادن، و قالَ , “ أوه، هذا يُدْعَى أداءَ. هَلْ تَعْرفُ ما هذا؟ ” و قُلتُ , “ لا، أنا مَا سَمعتُ عنه.

” قالَ , “ هو طريق جَلْب ناسِ إلى نوع مِنْ عدالةِ. ” والذي وَضعَني حقاً على الأثرِ لكَشْف هذه الشبكةِ الكاملةِ لحجزِ السجينِ في السِرِّعندما معسكر خليجِ Guantanamo فُتِحَ في كوبا، ونحن رَأينَا كُلّ تلك صورِ أولئك السجناءِ هناك، سَألتُ عن هذا، وبَعْض الناسِ الذين قريبون من وكالة المخابرات المركزيةِ أخبرني , “ نظرة، هذا البيان الصحفي. هذا الذي يُريدونَك أَنْ تَرى , أين يَأْخذونَ آلاتَ التصوير هذه؟.

لَكنَّك يَجِبُ أَنْ تَعْرفَ ان هناك نظام أوسع كثير مِنْ الحجزِ، هناك معسكراتِ حول العالمِ حيث ناسِ يُؤْخَذونَ. ” والذي ألهمَني حقاً هو محاوله ابعادي عن الحقيقه حيث كان هم جميعاً كَانوا والذي يَحْدثُ إليهم.

وفي الحقيقة،ً بعد ذلك -- ، بضعة شهور -- في الحقيقة بَعْدَ سَنَة، عندما ماهر Arar ، هو كَانَ واحد من أوّل ضحايا الأداءِ يُبرمجونَ للخُرُوج. وهو وَصفَ لي بشكل مُثير الذي حَدثَ إليه وكَيفَ هو أُخِذَ في هذه طائرةِ Gulfstream، هذه طائرةِ المدراء، التي بَدتْ غريبةً، طارَ عبر الأطلسي مِنْ أمريكا إلى سوريا، ووَصفَ التعذيبَ الفظيعَ الذي واجهَ.

الذي ألهمَني أيضاً تماماً إلى نوعِ البحثِ الخارجي الذي حَدث إلى الآخرون. ، وكما تعرف، ان إستعمالِ هذه الخططِ أثبت لِي فكرة بالنسبة إلى كيف نحن يُمْكِنُ أَنْ نَفْتحَ هذه الفضيحةِ الكاملةِ.


إنّ الصّنداي تايمزَ لندن مؤخراً ذَكرَت بأنّ وكالات المخابرات الأمريكيةِ تَستعملُ جدولِ الخليجِ 5 طائراتَ لاستجواب المحجوزين:

بوب بير مشارك وكالة المخابرات المركزيةِ سابقِ في الشرق الأوسطِ، قالَ: “ إذا تُريدُ إستجواب جدّي تُرسلُ سجين إلى الأردن.

إذا تُريدُهم أَنْ يُعذّبوك تُرسلُهم إلى سوريا. إذا تُريدُ شخص ما أَنْ يَختفي. . . تُرسلُه إلى مصر. ”

و هناك سجناء أُرسلوا مِن قِبل أمريكا الي أوزبكستان , حليف مقرّب دكتاتورية التي شرطتها السرية المشهورة بطرقِ إستجوابِهم، يضمن ذلك الغلي المزعومِ للسجناءِ.

جَعلَ جدول الخليج على الأقل سبع رحلات إلى العاصمةِ الأوزبكيةِ.

الآن الواشنطن بوست تُديرُ القصّةَ. يَقُولونَ بأنّ وكالة المخابرات المركزيةَ تَدْعو الي هذا النشاطِ "أداء،" ومُلاحظة بأنّ المنظمة العالمية لحقوقِ الإنسان تعمل على التحديات القانونيةِ، لأن نَقْل الأسرى إلى البلدانِ التي تَستعملُ طرقَ الإستجوابِ القاسيةِ غير الشرعية في الولايات المتّحدةِ ممنوعةُ بإتفاقيةِ الأُمم المتّحدةَ للتعزيب.

المصادر:
http://www.democracynow.org/article..../10/19/1347246
http://firedoglake.blogspot.com/2004...ost-plane.html

الاثنين، 5 ديسمبر 2011

ثلاث مقالات عن : الثورة المضادة فى السعودية


- المقالة الأولى -


يوم 11 آذار/ مارس 2011، سيسجله التاريخ الحديث يوماً مفصلياً في تاريخ المملكة العربية السعودية. لكن في أي اتجاه؟ هذا ما سوف نراه! إذ قبل ذلك بفترة، أنشئت صفحة مشبوهة ــ مجهولة المصدر ــ على موقع فايسبوك، تدعو إلى ثورة على نظام الحكم في السعودية، للأسف، تعامل النظام معها بانفعال، في مناخ الثورات العربية. من مظاهر ذلك التعامل إطلاق العلماء فتاوى لتحريم التظاهرات، وتحريم الدعوة إلى الإصلاح، وتحريم الخروج على الحاكم، مهما كانت الأسباب. يؤكد ذلك المشكلة الثقافية (الفكرية) ــ الاجتماعية التي تعانيها المؤسسة الدينية في السعودية.

تحرك مجلس الشورى، من جهته، في اتجاه انفعالي مماثل، وأعتقد أنّها المرة الأولى التي يتوجه فيها المجلس ببيان إلى الشعب، وهو اتجاه محمود، والأجدى أن يعمل أعضاء المجلس على تحويله إلى سلطة تشريعية كاملة، عبر المطالبة بحق الانتخاب وسلطات الرقابة والتشريع والمحاسبة.

جاء يوم 11 آذار/ مارس، يوم ما سمي ثورة «حنين» ولم يتظاهر أحد ضد النظام، باستثناء أفراد. في ذلك اليوم، تحوّلت بعض الميادين إلى ثكن عسكرية. وهذا تعامل انفعالي آخر، إذ إنّ أغلب العارفين بالمشهد السعودي لم يتوقع تظاهر المواطنين لإسقاط النظام.

قبل اليوم المحدد للثورة بنحو أسبوع، زار الأمير عبد العزيز بن فهد (وزير الدولة ـــــ رئيس ديوان مجلس الوزراء) الشيخ سعد الشثري (عضو هيئة كبار العلماء المقال في أكتوبر/ تشرين الاول 2009)، بناءً على دعوة الأخير. سأل أحد الحاضرين ـــــ الذين ناهزوا الأربعين عالماً وداعية، أغلبهم تقليديون ـــــ الأمير عبد العزيز عن توقعاته بخصوص ثورة حنين. أجاب الأمير: «نحن نثق في شعبنا». في تلك الليلة، أدان أحد الدعاة ـــــ وأيّده أغلب الحاضرين، إن لم يكن جميعهم ـــــ بيان «دولة الحقوق والمؤسسات» الذي رفعه الشيخ سلمان العودة، مع مجموعة من الناشطين إلى خادم الحرمين، متضمناً مطالب إصلاحية. من تلك المطالب: أن يكون مجلس الشورى منتخباً كله، فصل رئاسة الوزراء عن الملك، العمل على استقلالية القضاء وإصلاحه وتطويره، محاربة الفساد المالي والإداري بكل صرامة، الإسراع بحل مشكلات الشباب، إطلاق حرية التعبير المسؤولة، تشجيع إنشاء مؤسسات المجتمع المدني، والإفراج عن مساجين الرأي وتفعيل الأنظمة العدلية. جرى تصوير البيان في عيون أصحاب القرار آنذاك على أنّه تأييد مبطن للثورة، وأنّه يحظى بتأييد القيادات الدينية من وعّاظ وعلماء دين ودعمهم. لكن الدعاة في بيت الشثري، أكدوا وقوفهم في صف النظام، ورفضهم للثورة بل وتصديهم لها، ورفضهم لبيان الشيخ سلمان العودة، وأوصلوا مطالبهم إلى الأمير. يمكن تلخيص المطالب في ما يأتي: العمل على استقلال القضاء وتطويره وإصلاحه، حماية المال العام والحرب على الفساد المالي والإداري، وإصلاح الصحافة بحيث تتحقق حماية المفتي وأعضاء هيئة كبار العلماء والوعاظ من نقدها. يبدو واضحاً أنّ مطالب تلك المجموعة التقليدية (منهم: عائض القرني، سعد البريك، محمد السعيدي، عبد العزيز محمد أمين قاسم، خالد الشايع، يوسف الغفيص)، تحمل بعض التقاطعات مع بيان الشيخ سلمان العودة ورفاقه، لكن تلك المجموعة لها طريقة مختلفة في إبداء الآراء، وإيصالها إلى أصحاب القرار.

عاد الملك السعودي إلى أرض الوطن بعد رحلته العلاجية في 23 شباط/ فبراير 2011. كانت الشائعات تسبق عودة الملك، ومنها الحديث عن إصلاحات جذرية سياسية واقتصادية، بالإضافة إلى التشكيل الوزاري الجديد (بدأت ولاية الحكومة الحالية في آذار/ مارس 2011، ومدة الولاية هي أربع سنوات، وإلى اللحظة لم يُعلن التشكيل الجديد!). أعلن الملك سلسلة من القرارات: دعم رأس مال صندوق التنمية العقارية بـ40 مليار ريال، وإعفاء المتوفين من أقساط القروض؛ رفع رأس مال البنك السعودي للتسليف والادخار بـ20 مليار ريال، إضافة إلى الوديعة السابقة (10 مليارات ريال)، مع إعفاء المتوفين من أقساط القروض؛ دعم الميزانية العامة للإسكان بـ15 مليار ريال؛ ضم الطلبة الذين يدرسون على حسابهم الخاص ـــــ خار ج المملكة ـــــ إلى برنامج الابتعاث الحكومي؛ تثبيت بدل الغلاء ضمن الراتب الأساسي لموظفي الدولة؛ استحداث 1200 وظيفة في المرافق الحكومية المختلفة؛ دعم مالي للأندية الرياضية والأدبية والجمعيات المهنية المرخصة بمبلغ يراوح بين 2 مليون ريال و10 ملايين ريال. كذلك نال الضمان الاجتماعي قرارات مالية مهمة، وغيرها من إجراءات.
استقبل الشعب السعودي الملك بالحبور والراحة، وفي الوقت نفسه، رفعت النخب الفكرية في المملكة مطالب عدّة إلى الملك، تفاعلاً مع التطورات التي تشهدها المنطقة. فبالإضافة إلى بيان «دولة الحقوق والمؤسسات»، رفعت مجموعة من الشباب رسالة عرفت باسم «رسالة 23 فبراير» إلى الملك ــــ أوصلها مشكوراً الأمير طلال بن عبد العزيز ـــــ تضمنت المطالب التالية: مراجعة النظام الأساسي للحكم ونظام الشورى ونظام المناطق ونظام مجلس الوزراء على أساس مكافحة الفساد، وإصلاح القضاء، وتعزيز قيم المواطنة والحريّة والعدالة وسيادة القانون والتنوع والمساواة بين المواطنين، واحترام حقوق الفرْد، وتمكين المرأة من حقوقها كاملة، وتأسيس محكمة نظامية عليا تحمي النظام الأساسي من أي تجاوز أو انتهاك، وإعادة تأليف الحكومة ومجلس الشورى ومجالس المناطق ليكون الشباب هم الشريحة الأغلب فيها، وتطبيق توصيات الحوار الوطني الثاني ومن أهمها الفصل بين السلطات وتوسيع المشاركة الشعبية عبر الانتخاب وحماية المال العام وتحقيق التنمية المتوازنة.

كذلك وجه مثقفون سعوديون بيان «إعلان وطني للإصلاح» إلى القيادة السياسية، تضمن مطالبة النظام بالالتزام بالتحوّل الجاد إلى نظام ملكي دستوري. ولتحقيق ذلك طالبوا بالتالي: تطوير النظام الأساسي للحكم إلى دستور متكامل، اعتماد الانتخاب العام والمباشر محوراً رئيساً في الحياة السياسية، تأكيد مبدأ سيادة القانون ووحدته، إقرار مبدأ اللامركزية الإدارية، استقلال السلطة القضائية، التعجيل بإصدار نظام الجمعيات الأهلية الذي أقره مجلس الشورى، تمكين المرأة من حقوقها كاملة، إصدار قانون يحرم التمييز بين المواطنين، إلغاء القيود الحكومية التي تكبل جمعية حقوق الإنسان (الأهلية) وهيئة حقوق الإنسان (الحكومية)، العمل على معالجة مشاكل البطالة والإسكان وتحسين المعيشة، حماية المال العام وإخضاع كل الدوائر الحكومية للرقابة والمحاسبة، وإعادة النظر في أسس خطط التنمية. وطالب المثقفون بأربعة إجراءات فورية: صدور إعلان ملكي يؤكد التزام الحكومة ببرنامج الإصلاح السياسي، الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين، إلغاء أوامر حظر السفر التي فرضت على عدد من أصحاب الرأي، ورفع القيود المفروضة على حرية النشر والتعبير. في 7 آذار/ مارس 2011، صدر بيان شبابي آخر موجّه إلى الملك بعنوان «مطالب الشباب من أجل مستقبل الوطن»، من أبرز مطالبه: القضاء العاجل على مشكلة البطالة، حل مشكلة الفقر، محاربة كل أشكال الفساد المالي والإداري، تجريم كلّ أشكال المحسوبية والتمييز بين المواطنين، إيقاف كل أشكال التمييز ضد المرأة، تكريس مفهوم المواطنة، إلغاء الوصاية الدينية على المجتمع، اعتبار العمل الثقافي جزءاً عضوياً في حياة المواطن، تفعيل دور الفنون في تطوير الحياة الثقافية في المجتمع، وإفساح المجال للشباب في كل مؤسسات صنع القرار. ورأى الشباب أنّ ثمة مطالب لا بد من تنفيذها فوراً وهي: تطوير النظام الأساسي للحكم ليؤسس لملكية دستورية، إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإلغاء حظر السفر الذي صدر بحق بعض دعاة الإصلاح. من خلال تلك البيانات والمطالب، نستطيع أن نفهم لماذا لم يخرج السعوديون يوم 11 آذار/ مارس، خصوصاً أنّ البيانات تمثل شرائح فكرية وعمرية متنوعة وواسعة، ربما تعبّر في مجموعها عن المزاج السعودي العام. مزاج اتضح أنّ من أهم ملامحه:

* السعوديون يثقون في ملكهم عبد الله بن عبد العزيز الذي يتمتع بشعبية حقيقية بينهم.
* السعوديون لا يريدون الثورة على النظام، بل إصلاحه وتطويره والتغيير من داخله، وهذا الإصلاح لا بد أن يتبنى تغيير الأشخاص والسياسات.
* إنّ هاجس الإصلاح الذي يشغل بال النخبة في المملكة، أصبح يتمدد أفقياً ليعمّ طبقات واسعة من الجنسين.
* إنّ الثقافة الليبرالية أزاحت الفكر المحافظ جانباً. فبعدما كان عدد الموقعين على تلك البيانات والمطالب لا يتجاوز المئات، بدا واضحاً إقبال الآلاف على تأييد مطالب الإصلاح الليبرالية.
* إنّ التحفظات الشعبية على بعض الأفكار الإصلاحية، كالتحوّل إلى ملكية دستورية وتمكين المرأة، بدأت تتحرك في مساحة تتراوح بين التفهم والاستيعاب الواعي والقبول إلى الضرورة والمطالبة (ولا يزال مطلوباً إزالة اللبس بين الإصلاحيين وبين النظام، في ما يختص بالملكية الدستورية، لكون بعض النافذين في السلطة يعتقد أنّ المقصود تجريد الملك من كلّ صلاحياته على غرار النموذج البريطاني، وهذا غير صحيح).
* إنّ فكرة الإصلاح التقليدية التي ترسخت في الفكر الحكومي زمناً، والمتمثلة في تحسين الخدمات وإغداق الأموال على المواطنين، لم تعد تتواءم مع المناخات السائدة والحقوق المشروعة والحراك الذي يعيشه المجتمع.
* بعض مسلّمات الفكر الحكومي أصبحت عبئاً على التنمية، كالمركزية الإدارية. والحديث عن قدرة الحكومة على احتكار زمام المبادرة لم يعد منطقياً، وأصبح يقابَل بالدعوة إلى المجتمع المدني. ويعزز هذا التحليل تنامي ظاهرة العمل التطوعي في المملكة.
* إنّ الإجراءات التعسفية، كالاعتقالات السياسية ومنع السفر والقيود على حرية التعبير، فضلاً عن عدم شرعيتها، لم تعد مستساغة أو يمكن السكوت عنها، وأن تمتع وزارة الداخلية بنفوذ استثنائي لا يخضع لحساب أو عقاب أصبح مشكلة لا بد من معالجتها.
* إنّ التعامل الأمني مع القضايا السياسية، على غرار التعامل مع الأقليات والناشطين السياسيين أثبت فشله.
* اتفقت جميع البيانات على ضرورة إصلاح القضاء، وهذا يعني اضطراب ميزان العدل في أرض الواقع وخصوصاً في القضايا السياسية وقضايا المتهمين بالإرهاب. كذلك اتفقت البيانات على محاربة الفساد الذي أصبحت سطوته تنهش أجهزة الدولة، إضافة إلى حماية المال العام والتنمية المتوازنة.
* مفهوم «الرعايا» سقط إلى الأبد، وبدأت المواطنة تتقدم، وكذلك مبدأ وجود حقوق وواجبات واضحة ومتساوية في إطار سيادة القانون ـــــ لا الفتوى ـــــ واحترام حقوق الإنسان والانطلاق نحو الديموقراطية دون تمييز أو عنصرية باسم الجنس أو الطائفة أو المناطق.
* هناك ملامح لحياة سياسية حيوية وجادة وواعدة بدأت في التكوّن، خصوصاً من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وعبر تحركات الناشطين وطروحات المثقفين. لذلك، فإنّ تعبير السعوديين عن مطالبهم وأفكارهم عبر بيانات ورسائل موجهة إلى أصحاب القرار لن يطول (وقد بدأت سيدات سعوديات حملة للشروع في ممارسة المرأة لقيادة السيارة، دون انتظار موافقة أو استئذان من أحد، وازداد التعاطف الاجتماعي مع هؤلاء السيدات ومطلبهن، بعد اعتقال الناشطة منال الشريف في المنطقة الشرقية)، وعليه فإنّ النظام مطالب بتشريعات واضحة تكفل ممارسة سياسية ناضجة وسليمة، تضمن حق الناس في الدعوة إلى التغيير وتنفيذه، وتحقق التجدد والحيوية للحياة السياسية.
* الوصاية الدينية على المجتمع تآكلت إلى حد كبير، وأصبحت عبئاً على القيادة السياسية، بل إنّ التيارات الإسلاموية نفسها تتغير وتتطور. والوصاية من أي نوع ـــــ حتى لو كانت سياسية ـــــ لم تعد مقبولة هي الأخرى.

مرّت ثورة حنين في 11 آذار/ مارس من دون أن تتحقق، وأصدر الديوان الملكي في 17 آذار/ مارس بياناً يعلن أنّ الملك سيلقي خطاباً إلى المواطنين في اليوم التالي. وهنا، ارتفعت الآمال بأنّ ثمة حكومة جديدة ستعبّر عن السعودية المأمولة، وأنّ الملك سيصدر قرارات تاريخية تعزز موقعه بوصفه مؤسساً ثالثاً (بعد الملك عبد العزيز، ثم الملك فيصل) للدولة السعودية. وما عزز هذا الانطباع ـــــ إضافة إلى أجواء «الربيع العربي» ـــــ إصدار المجلس التنفيذي للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في 15 آذار/ مارس (هي الجمعية الأهلية الوحيدة المرخصة في مجال حقوق الإنسان، وقد تأسست بإيحاء حكومي) بياناً تناول رؤية الجمعية للوضع الداخلي، ومطالبها لتمتين الأمن والاستقرار، وهي: الاستمرار في مشروع الملك للإصلاح السياسي بما يضمن المشاركة الشعبية، ضرورة الحرص على بث روح المواطنة، وضع استراتيجية وطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، تعزيز استقلال القضاء، تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني، تفعيل نظام الإجراءات الجزائية، تمكين المرأة والطفل والمسنّين من حقوقهم الشرعية والنظامية، ضمان الحق في العمل والسكن والتعليم والصحة لكل المواطنين، تأكيد أهمية الحوار، ومعالجة وضع الأشخاص الذين لا يحملون أوراقاً ثبوتية.

أصدر الملك قراراته في 18 آذار/ مارس. قرارات معيشية لم تقترب من الإصلاح أو من إعادة تأليف الحكومة، وهي: صرف راتب شهرين لجميع موظفي الدولة والطلبة الجامعيين، صرف معونة شهرية (2000 ريال) للباحثين عن عمل، اعتماد 3000 ريال حداً أدنى لرواتب العاملين في كل قطاعات الدولة وتثبيت بدل غلاء المعيشة ضمن الراتب الأساسي لموظفي الدولة، اعتماد بناء نصف مليون وحدة سكنية لمواجهة أزمة الإسكان، رفع الحد الأعلى للقرض السكني في صندوق التنمية العقارية، تأسيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وتعيين الأستاذ محمد الشريف رئيساً لها، اعتماد 16 مليار ريال لوزارة الصحة لتأسيس 5 مدن طبية، رفع الحد الأعلى في برنامج تمويل المستشفيات الخاصة، إحداث 60 ألف وظيفة عسكرية في وزارة الداخلية، تعديل نظام النشر لحماية المفتي وهيئة كبار العلماء من الإساءة أو النقد، تخصيص نصف مليار ريال لترميم المساجد والجوامع في كل أنحاء المملكة، دعم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بـ200 مليون ريال لاستكمال بناء فروع لها في كلّ أنحاء المملكة، تأسيس المجمع الفقهي السعودي، اعتماد 200 مليون ريال لعمل فروع لإدارة البحوث والإفتاء في كلّ مناطق المملكة، دعم جمعيات تحفيظ القرآن بـ200 مليون ريال، دعم مكاتب الدعوة والإرشاد بـ300 مليون ريال، إحداث 500 وظيفة لوزارة التجارة والصناعة لتعزيز جهودها الرقابية، بالإضافة إلى قرارات تخص المؤسسة العسكرية.

وهنا بدا لبعض المتابعين أنّ القيادة السياسية ارتكزت في مجموع قراراتها على معطيات عدّة، منها:
* أنّ مشروع الإصلاح السياسي لا يزال مؤجلاً، رغم المطالب الشعبية، في مقابل تحسين الخدمات وإغداق الأموال على المواطنين.
* تجاهل مطالب الإصلاح السياسي أكد تقدم فكر النخبة ـــــ الذي حظي بتأييد شرائح واسعة من المواطنين ـــــ على الفكر الرسمي، على عكس تصريح الأمير سعود الفيصل ـــــ غير الموفق ـــــ في صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، في 2003، حين قال: «إنّ الحكومة تغلي من أجل الإصلاح، لكن الشعب هو الذي يعرقل ذلك».
* أنّ الحكومة لا تزال مصممة على احتكار زمام المبادرة. فتأسيس هيئة مكافحة الفساد عكس حرص الإرادة السياسية على ظاهرة الفساد، وهو توجّه محمود وإيجابي، إلا أنّه أكد تمسك الفكر الرسمي بفكرة بالية، وهي مراقبة الحكومة لنفسها. وما يدل على فشل هذا المبدأ أنّ تأسيس «هيئة مكافحة الفساد» يعني فشل جهاز حكومي آخر هو «ديوان المراقبة العامة»!
* الاعتراف بالمسائل المعيشية في المطالب الإصلاحية، دون غيرها، عزز ـــــ بقصد أو من دون قصد ـــــ الدور الرعائي والأبوي للدولة الذي تجاوزته المرحلة.
* بدا الإصرار على تجاهل الاستحقاق الوزاري ـــــ وهو أدنى مظاهر الإصلاح السياسي ـــــ تمسّكاً بالأشخاص. وهذا يعني أنّ شريحة الشباب لن يفتح لها المجال للمشاركة في الحكم وصنع القرار ومسيرة التنمية، وكذلك أنّ الشريحة الأقدر على نقل حراك المجتمع وتحولاته وتحدياته لا تزال مستبعدة (في المستقبل القريب على الأقل) في ظل حكومة، مبررات تغييرها أكثر من مبررات بقائها.
* بدا أنّ تحولات المجتمع السعودي لا تصل بدقّة إلى القيادة السياسية. فالحرص على دعم الأجهزة الدينية بمبالغ عالية جداً، وفرض حصانة إعلامية ـــــ ليس لها أي سابقة في كل التاريخ الإسلامي، ولا يمكن تبريرها ـــــ على المفتي وأعضاء هيئة كبار العلماء، يدل على إصرار الفكر الرسمي على وسم المجتمع السعودي بالمحافظة. في ذلك الوقت، تتآكل الوصاية الدينية داخل المجتمع، ولا تحظى بالقبول. وكأنّ الفكر الرسمي لا يعرف هذا التحوّل، أو لا يعترف به.
* بدا أنّ هذا الإغداق على الأجهزة الدينية منح المؤسسة الدينية والتيار الإسلاموي ـــــ لا جموع المواطنين ـــــ الدور الأبرز في إفشال ثورة حنين.
* بدا أنّ الفكر الرسمي لا يزال متشبثاً بالاعتماد على التحالف مع المؤسسة الدينية والتيار الإسلاموي، بدل الاعتماد على رضا السواد الأعظم (المتحقق) من المواطنين، وهو الركيزة الأهم لأيّ نظام سياسي، حين نتحدث عن الشرعية السياسية.
* بدا أنّ تخصيص كم كبير من الوظائف العسكرية لوزارة الداخلية يعني تعزيز التعاطي الأمني مع القضايا السياسية كجناح ثان للشرعية. كذلك فإنّ استحداث هذا الكم الهائل من الوظائف الحكومية يجافي المدارس الإدارية الحديثة التي اعتمِدت عالمياً بتقليص حجم الأجهزة الحكومية لحماية موارد الدولة المالية من الاستنزاف فيما لا طائل من ورائه.
* ظهر أنّ إصدار القرارات الأخيرة بعد فشل الثورة، بالتوازي مع دعم كبير وواضح للجهاز الأمني والأجهزة الدينية وفكرها، والتعامل الإعلامي الانفعالي مع الثورة في تصريحات العلماء، وبيان مجلس الشورى، قد توحي بسذاجة الشعب السعودي الذي يمكن أن يستجيب لدعوة متطرفة مجهولة المصدر، وهذا غير صحيح. ويوحي كذلك بضعف نظام لا يحظى بالتأييد والقبول، وهذا أيضاً غير صحيح.
كان واضحاً أنّ ثورة حنين ـــــ في ظل تحولات المجتمع التي اتضحت من خلال البيانات الإصلاحية ـــــ لن تنجح. فالحديث عن مطالب الثورة لناحية حماية المرأة من التغريب وتعزيز وصاية العلماء، ثم تأييد المنشق سعد الفقيه بخطابه السياسي الرديء المعتل بالنعرتين القبلية والسلفية، لن يتناغم مع مجتمع تكرست، أو بدأت تتكرس فيه الروح الليبرالية وقيم التنوير والوعي.

لكن ما جرى بعد ثورة حنين ثم قرارات 18 آذار/ مارس، أشار إلى ضباب ثقيل يعكّر الأفق مستهدفاً مشروع الملك الإصلاحي، مما أسبغ الريبة على الحاضر، وضرّج المستقبل بالمخاوف والتوجسات.

-المقالة الثانية -

الثورة المضادة في السعودية: مستقبل وزارة الداخلية [2/3]

أحمد عدنان
صحافي سعودي

المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية، ٨ حزيران ٢٠١١


- المقالة الثالثة -

الثورة المضادّة في السعوديّة: عودة جهيمان إلى أرض الحرمين [3/3]

أحمد عدنان
صحافي سعودي

المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية، ٩ حزيران ٢٠١١


- انتهى

قوائم الشركة



محمد سيف الدولة   |  04-12-2011 14:04

يحدثنا بعض الخبثاء أن أعضاء حزب المصريين الأحرار، كثيرا ما يخطئون أثناء اجتماعاتهم الحزبية فيستخدمون سهوا تعبير الشركة حين يكون قصدهم الحديث عن الحزب .

وهم بالطبع معذورين فى ذلك ، فهو حزب الشركة بجدارة ، فيقال إن غالبية العضوية هم من موظفى الشركة ، أو ممن تربطهم معها مصالح شغل و بيزنس .

ولقد أدهشنى وأزعجنى بشدة تقدم قوائم حزب الشركة الشهير باسم حزب المصريين الأحرار فى الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية .

ورغم أن هذه القوائم المسماة بالكتلة المصرية تضم أحزابًا أخرى مثل حزب التجمع والحزب الديمقراطى الاجتماعى ، ولكن يظل حزب الشركة هو اللاعب الرئيسى و صانع الألعاب ومورد الأموال .

***

وعلى العكس من ذلك لم يدهشنى كثيرا تقدم قوائم التيارات الإسلامية ، فلقد كان هذا متوقعا من الجميع ، وفقا لعديد من المؤشرات أهمها حالة الصعود العام للحركات الإسلامية فى الوطن العربى ومنها مصر على امتداد العقود الماضية ، ثم نتائج برلمان 2005 ونجاح 88 نائبًا إخوانيا رغم تزوير الانتخابات ، بالإضافة إلى نتائج الانتخابات فى تونس التى سبقتنا بأسابيع قليلة ، وأخيرا نتائج الانتخابات النقابية التى حصد فيها الإسلاميون غالبية الأصوات والمقاعد . فهو تقدم سبقته مقدمات ومؤشرات كثيرة .

أما تقدم قوائم الشركة فلم يكن له أى مقدمات ، سوى حجم الأموال التى صرفت ، والتى قال عنها المهندس نجيب سويرس إنها لم تتعد 30 مليون جنيه ، لم يتحمل هو منها سوى 10 ملايين فقط !!

وسبب انزعاجى من تقدم قوائم الشركة ، هو أنهم لم يكونوا فى يوم من الأيام ثوارا ، بل إنهم كانوا جزءًا لا يتجزأ من النظام الساقط ، بل هم الفلول الحقيقيون فى جانبهم الطبقى والاقتصادى ، و هم أنصار الاقتصاد الحر وسيطرة القطاع الخاص ووكلاء الشركات الأجنبية وهادمو الصناعات الوطنية والمستأثرون بغالبية الثروات والمتزاوجون على الدوام مع السلطات ، كل السلطات منذ عهد الاحتلال البريطانى مرورا بثورة يوليو بعصورها الثلاث . منزوعى المبادئ والقيم فيما عدا قيمة واحدة هى فن الربح والمكسب فى كل الظروف والأحوال . ومن أجل ذلك يركبون كل الموجات ويتمسحون بكل الثورات . تاجروا مع الأورنس قبل الثورة ، وشاركوا الدولة فى الستينيات ، وأصبحوا وكلاء للخواجات أيام الانفتاح فى السبعينيات ، وفى التسعينيات وما بعدها نهبوا أراضى الدولة و شركات القطاع العام وأموال البنوك وضاعفوا ثرواتهم فى أقل من 24 ساعة مع تعويم الجنيه . و يسيطرون الآن على 40 % من جملة الثروة المصرية وعلى 70% من جملة الدخل القومى السنوى .

***

وشركتنا التى نحن بصددها على وجه التحديد هى شركة وثيقة الصلة بهيئة المعونة الأمريكية ، يقال إنه تم اختيارها بعناية من قبل الأمريكان ضمن سلسلة أخرى من الشركات على امتداد الثلاثين عامًا الماضية لبناء وتأسيس قطاع خاص قوى حليف وتابع للمصالح الرأسمالية الغربية فى البلاد .

ويقال إن الشركة استفادت كثيرا من برنامج الاستيراد السلعى الأمريكى الذى أعطى القطاع الخاص المصرى حق الاستيراد من أمريكا بفائدة 1,5 % على ثلاث سنوات ، فى وقت كانت الفائدة السنوية فى البنوك المصرية 15 % . وقيل إن هيئة المعونة الأمريكية قد أرست على الشركة بالأمر المباشر مقاولة تجديد وإحلال فلنكات السكة الحديد ، وإن الشركة كانت هى المقاول المصرى الرئيسى الذى كلف بعملية بناء القلعة الحربية فى جاردن سيتى المسماة بالسفارة الأمريكية ، وكل هذ على سبيل المثال وليس الحصر .

Seif_eldawla@hotmail.com


محمد سيف الدولة   |  04-12-2011 14:04

يحدثنا بعض الخبثاء أن أعضاء حزب المصريين الأحرار، كثيرا ما يخطئون أثناء اجتماعاتهم الحزبية فيستخدمون سهوا تعبير الشركة حين يكون قصدهم الحديث عن الحزب .

وهم بالطبع معذورين فى ذلك ، فهو حزب الشركة بجدارة ، فيقال إن غالبية العضوية هم من موظفى الشركة ، أو ممن تربطهم معها مصالح شغل و بيزنس .

ولقد أدهشنى وأزعجنى بشدة تقدم قوائم حزب الشركة الشهير باسم حزب المصريين الأحرار فى الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية .

ورغم أن هذه القوائم المسماة بالكتلة المصرية تضم أحزابًا أخرى مثل حزب التجمع والحزب الديمقراطى الاجتماعى ، ولكن يظل حزب الشركة هو اللاعب الرئيسى و صانع الألعاب ومورد الأموال .

***

وعلى العكس من ذلك لم يدهشنى كثيرا تقدم قوائم التيارات الإسلامية ، فلقد كان هذا متوقعا من الجميع ، وفقا لعديد من المؤشرات أهمها حالة الصعود العام للحركات الإسلامية فى الوطن العربى ومنها مصر على امتداد العقود الماضية ، ثم نتائج برلمان 2005 ونجاح 88 نائبًا إخوانيا رغم تزوير الانتخابات ، بالإضافة إلى نتائج الانتخابات فى تونس التى سبقتنا بأسابيع قليلة ، وأخيرا نتائج الانتخابات النقابية التى حصد فيها الإسلاميون غالبية الأصوات والمقاعد . فهو تقدم سبقته مقدمات ومؤشرات كثيرة .

أما تقدم قوائم الشركة فلم يكن له أى مقدمات ، سوى حجم الأموال التى صرفت ، والتى قال عنها المهندس نجيب سويرس إنها لم تتعد 30 مليون جنيه ، لم يتحمل هو منها سوى 10 ملايين فقط !!

وسبب انزعاجى من تقدم قوائم الشركة ، هو أنهم لم يكونوا فى يوم من الأيام ثوارا ، بل إنهم كانوا جزءًا لا يتجزأ من النظام الساقط ، بل هم الفلول الحقيقيون فى جانبهم الطبقى والاقتصادى ، و هم أنصار الاقتصاد الحر وسيطرة القطاع الخاص ووكلاء الشركات الأجنبية وهادمو الصناعات الوطنية والمستأثرون بغالبية الثروات والمتزاوجون على الدوام مع السلطات ، كل السلطات منذ عهد الاحتلال البريطانى مرورا بثورة يوليو بعصورها الثلاث . منزوعى المبادئ والقيم فيما عدا قيمة واحدة هى فن الربح والمكسب فى كل الظروف والأحوال . ومن أجل ذلك يركبون كل الموجات ويتمسحون بكل الثورات . تاجروا مع الأورنس قبل الثورة ، وشاركوا الدولة فى الستينيات ، وأصبحوا وكلاء للخواجات أيام الانفتاح فى السبعينيات ، وفى التسعينيات وما بعدها نهبوا أراضى الدولة و شركات القطاع العام وأموال البنوك وضاعفوا ثرواتهم فى أقل من 24 ساعة مع تعويم الجنيه . و يسيطرون الآن على 40 % من جملة الثروة المصرية وعلى 70% من جملة الدخل القومى السنوى .

***

وشركتنا التى نحن بصددها على وجه التحديد هى شركة وثيقة الصلة بهيئة المعونة الأمريكية ، يقال إنه تم اختيارها بعناية من قبل الأمريكان ضمن سلسلة أخرى من الشركات على امتداد الثلاثين عامًا الماضية لبناء وتأسيس قطاع خاص قوى حليف وتابع للمصالح الرأسمالية الغربية فى البلاد .

ويقال إن الشركة استفادت كثيرا من برنامج الاستيراد السلعى الأمريكى الذى أعطى القطاع الخاص المصرى حق الاستيراد من أمريكا بفائدة 1,5 % على ثلاث سنوات ، فى وقت كانت الفائدة السنوية فى البنوك المصرية 15 % . وقيل إن هيئة المعونة الأمريكية قد أرست على الشركة بالأمر المباشر مقاولة تجديد وإحلال فلنكات السكة الحديد ، وإن الشركة كانت هى المقاول المصرى الرئيسى الذى كلف بعملية بناء القلعة الحربية فى جاردن سيتى المسماة بالسفارة الأمريكية ، وكل هذ على سبيل المثال وليس الحصر .

Seif_eldawla@hotmail.com

Locations of Site Visitors
Powered By Blogger