السبت، 27 أكتوبر 2012

حملة مشبوهة ضد القومية والشيعة في مصر.. واستهداف الناصريين وحمدين صباحي
حسنين كروم
2012-10-25



القاهرة - 'القدس العربي'
أبرز ما في الصحف المصرية الصادرة امس، كان اخبار الحجاج وأسعار اللحوم والأضاحي، وقيام الإخوان والسلفيين بإنشاء شوادر لبيعها بأسعار مخفضة، وأما المفاجأة في حكاية الخراف، فكانت ما أخبرنا به امس في 'التحرير' زميلنا الرسام ايهاب هندي، إذ ادعى انه أثناء ذهابه لشراء خروف العيد، شاهد اثنين ينصح أحدهما الآخر للإفلات من الذبح بقوله: - قولهم بس، ان انت خروف النهضة وما حدش هيقدر يلمس شعرة منك.. أما كيف فهم ايهاب كلام الخرفان، فلأنه هندي.
ونشرت الصحف كلمة الرئيس مرسي أمام مؤتمر الدعاة، ومحادثاته مع أمير قطر، واجتماعه مع عدد من ممثلي الأحزاب والقوى السياسية، بينما رفضت الأحزاب المعارضة الرئيسية قبول الدعوة ونشرت الصحف حضور وزير الدفاع الفريق اول عبدالفتاح السيسي، المناورة العسكرية، بينما واصلت صحيفة الإخوان 'الحرية والعدالة'، موقفها في تجاهل أي أخبار عن الوزير حتى يظل اسمه مجهولا لدى قيادات وضباط وجنود الجيش.
وتم الإعلان عن وصول بعثة صندوق النقد الدولي الى مصر بعد انتهاء اجازة العيد، لمناقشة خطة الحكومة التي وضعتها وعلى رأسها سيوافق البنك على منحها القرض الذي تطلبه وقدره أربعة آلاف مليون وثمانمائة مليون دولار، وهو ما تتهرب الحكومة وحزب الإخوان من إعلانه للناس حتى الآن.
وبالمناسبة فان هناك علاقة بين تحديد قيمة القرض المطلوب وبين حصة مصر في الصندوق، وهي تبلغ ألفا وستمائة مليون دولار، ويحق لأي دولة أن تطلب قرضا بما يوازي حصتها مرتين، ولهذا فان الحكومة السابقة التي ترأسها الدكتور كمال الجنزوري كانت قد طلبت قرضا قدره ثلاثة آلاف ومائتي مليون دولار، وهو ما رفضه الإخوان باعتباره ربا والعياذ بالله - ثم طلبوا زيادته إلى أربعة آلاف وثمانمائة مليون دولار، استنادا الى نص يبيح للدولة العضو طلب قرض يوازي ثلاثة أضعاف حصتها إذا اقتنع الصندوق بقدرتها على الوفاء به.
ايضا وافقت وزارة الداخلية على إقامة مباراة فريق النادي الأهلي مع الترجي التونسي في استاد مدينة برج العرب بحضور جمهور سيتم تحديده، كما هاجمت قوات الأمن إحدى الشقق في الحي العاشر بمدينة نصر بالقاهرة كان يختبىء فيها تاجر أسلحة كما نشرت الصحف، وإرهابي في صحف أخرى ومقتله بعد اشتباك مع الشركة وانفجار احدى القنابل، وتأييد محكمة الجنايات حكم محكمة الاستئناف الإفراج عن رئيس مجلس الشعب الاسبق خفيف الظل الدكتور أحمد فتحي سرور.
وإلى بعض مما عندنا، وكل عام ونحن بخير مسلمين ومسيحيين عرب.

الإخوان والعروبة وتمزيق
مصر ودول المشرق والخليج

يلحظ القارىء منذ مدة، انني بدأت أفرد مساحة كبيرة نوعا ما، إلى وقائع تاريخية أراها أكثر من ضرورية، الآن وفي المرحلة القادمة، لأن معرفتها الحقيقية أحد أسلحة الصراع السياسي الذي سوف يتصاعد بعد نجاح الإخوان المسلمين والسلفيين في الوصول إلى الحكم في عدد من الدول العربية، مثل مصر وتونس والمغرب وليبيا، وهم يقومون، أما عن عمد، أو جهل بتزوير في وقائع التاريخ التي لا يعلمها شبابنا في العالم العربي، لأنه لم يعايشها أو يقرأها عنها، لدفعة لاتخاذ المواقف السياسية التي تعتنقها هذه القوى وتسعى لتحقيقها، في إطار مشروعها لبناء خلافة إسلامية كما تتوهمه، لضرب الدعوة للوحدة العربية، وتصوير دعاة الوحدة القائمة على الرابطة القومية التي تجمع المسلم والمسيحي العربي، وكأنهم ضد الإسلام، ويعملون على إثارة الكراهية لا بين المسلمين والمسيحيين فقط، ولكن بين المسلمين السنة والشيعة العرب، وهم بذلك، لا يهددون دعوة الوحدة العربية فقط، وإنما يهددون بتقسيم الدول العربية القائمة على أساس وطني، فهي دعوة للشيعة العرب في العراق ولبنان والعلويين في سورية والشيعة في البحرين وفي سلطنة عُمان وفي المنطقة الشرقية من السعودية وفي الكويت، والإمارات، بالانفصال وطلب الوحدة مع إيران ما دام المذهب سيكون بديل الوطنية والعروبة على أيدي الإخوان والسلفيين، وسيطلب المسيحيون في مصر ولبنان الانفصال ايضا، وهذا هو المشروع الحقيقي لهذه التيارات والأحزاب الدينية، أي تمزيق مصر ودول المشرق والخليج، والمستفيد إسرائيل وإيران.

معاداة الشيعة تحت غطاء الدفاع عن الاسلام

ولذلك لابد من الانتباه الى خطورة الحملات التي يشنونها ضد القومية العربية ودعاتها وضد أشقائنا الشيعة، تحت غطاء الدفاع عن الإسلام والدعوة للخلافة وقد اندهشت من قيام أحد عناصر الإخوان المستنيرة والذي خرج من الجماعة مع غيره لأنهم من الجناح المعتدل فيها وهو صاحبنا مصطفى كمشيش من تطرفه ضد الشيعة بقوله في 'المصريون' يوم السبت قبل الماضي: 'تداعت العلاقات المصرية - الإيرنية بعد قيام ثورة الخوميني وكان النظام في مصر 'السادات ثم مبارك' في حالة توجس مستمر من فكرة تصدير الثورة الإيرانية لمصر وقد استضاف السادات الشاه في مصر بعد أوصدت في وجهه كل دول العالم وساندت مصر العراق في حربها ضد إيران 'دون أي اكتراث بالعلاقات المقطوعة مع العراق الذي تصدر ما سمي جبهة الصمود والتصدي ضد مصر بعد أن أبرمت معاهدة السلام مع الصهاينة'، وحين نظرت إيران إلى مصر بعد ثورة 25 يناير وخاصة عند مشهد الاستحقاق الرئاسي فوجدت قائمة من المرشحين يعبرون عن تنوع سياسي واضح، فلم يكن لإيران أن تفضل أو تدعم أو تهوى رئيساً ينتسب للنظام السابق 'بعد كل ما جرى في نهر العلاقات' ولم يكن لها أن ترغب في رئيس 'إسلامي' لأنه سيكون سنياً ويمكن أن يقف حجر عثرة أمام المشروع التوسعي الشيعي في المنطقة فكان طبيعيا أن تكون ميول إيران في مصر ناصرية، وهذه الميول ليست جديدة لكنها مستقرة في السياسة الإيرانية منذ أيام الخوميني ذكر 'فتحي الديب' في كتابه 'عبدالناصر وثورة إيران'، الناشر وكالة الأهرام 'كانت ثورة 23 يوليو بقيادة جمال عبدالناصر ومنذ بداية الاعداد لثورة إيران على اتصال بقادة الثورة الإيرانية تمدهم بالدعم والتأييد في كل المجالات الإعلامية والنضالية انطلاقا من إيمان عبدالناصر بحق الشعوب في الحياة الحرة وحقها المشروع في فرض إرادتها على أرضها والاستمتاع بثرواتها لصالح رفع مستوى معيشة جماهيرها بلا منازع - وإن كان الإمام الخوميني قد أشار إلى هذه العلاقة الوطيدة بجمال عبدالناصر وثورة 23 يوليو في الأيام الأولى لاندلاع الثورة، إن أخطر ما أصاب مصر بعد قيام ثورة 25 يناير 'التي قامت بالأساس ضد نظام العسكر الذي دشنه جمال عبدالناصر' هو حالة الفوضى وما اتبعها من دخول أموال كثيرة من دول عدة بغرض الدعم السياسي لأطراف بعينها لتحقيق مصالح الداعمين وما قضية التمويل لبعض منظمات المجتمع المدني ببعيدة، وقد تم تهريب الأمريكان لتفادي فتح هذا الملف، إن المال الإيراني 'كغيره' لا يمكن أن يغيب عن المشهد المصري ولا يمكن تجاهل 'الهوى الناصري الإيراني' كما لا يمكن التغافل عن سعي طهران الحثيث على إزالة العقبات التي تحول دون نشر المذهب الشيعي في البلاد العربية وخاصة مصر'.

اتهام عبد الناصر
وصباحي بالعمالة لايران

هذا ما كتبه مصطفى كمشيش، وقد أحسست بأسف شديد لهذا التحول المفاجىء الذي أبعده تماما عن القدر الذي تمتع به من الأمانة التاريخية والموضوعية، وتغلبت عليه نوازع الأحقاد والأكاذيب التي يزرعها الإخوان في عقول أعضائهم ضد ثورة يوليو وخالد الذكر، اعتمادا على انهم لا يقرأون إلا لما يكتبه كتبة الجماعة، وتعمي أبصارهم حكاية البيعة والاعتقاد بأنهم ملائكة وسط كفار، وهي الحالة التي يفلت منها كل من يطلع ويفهم ويقارن وله ضمير يقظ، وهو ما اثبتته مصطفى في كثير من مقالاته.
ولهذا فوجئت بأنه يريد منافسة قادة الإخوان الذين يهاجمهم لعلهم يلقون إليه نظرة، فابتسامة فسلام فدعوة للعودة ثم يكون من الشاكرين، ذلك ان أياً منهم لم يتجرأ حتى الآن.
واتهام زميلنا وصديقنا حمدين صباحي بالعمالة لإيران وتلقي الأموال منها، ولأن الناصريين هم الذين سوف ينشرون المذهب الشيعي في مصر ويحاربون المذهب السني، 'الذي يعتنقه الرئيس مرسي، فأكثر الإخوان كراهية لحمدين والذين رأوا فيه المنافس الأشد خطرا لم يقولوا بهذا أبدا.
ولكن ما يعنينا هنا هو محاولته استخدام لوقائع التاريخية بشكل خاطىء ليخرج باستنتاجات سياسية تثير العجب، ذلك أن الدعم الذي قدمه الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، ييه، آسف، قصدي خالد الذكر، للحركات الثورية المناوئة لشاه إيران محمد رضا بهلوي، وللإمام الخوميني معروفة، ولقاء الخوميني عندما كان في العاصمة الفرنسية باريس اثناء الثورة وقبل ان يصل الى ايران بعد خروج الشاه منها، لقاؤه مع استاذنا الكبير محمد حسنين هيكل كأول صحفي يقابله معلنة ثم زياراته لإيران بعد عودة الخوميني وكتابه - مدافع آية الله - وغيره من المقالات والأحاديث ومكانته المتميزة لدى الإيرانيين معروفة، ومقاومة خالد الذكر لشاه إيران كانت لأنه يعمل لحساب أمريكا في بناء شبكة الأحلاف العسكرية مع تركيا وباكستان، وأطماعه في دول الخليج، إذ كان يعتبر البحرين جزءا من إيران ويخصص لها مقعدا في مجلس النواب ويطالب بريطانيا بردها إليه عند جلاء قواتها عنها عام 1971.
وهو ما انتهى إليه الأمر بالاتفاق على إجراء استفتاء شعبي يختار فيه البحرينيون، أن يكونوا دولة عربية مستقلة أو جزءاً من إيران، فاختاروا بأغلبية كاسحة ساحقة، عروبتهم والاستقلال والانضمام للجامعة العربية، وكان على رأس من اختاروا عروبتهم قبل مذهبهم الديني، هم الشيعة.
وعندما قامت الثورة الإيرانية لقيت تأييداً كاسحا من الشعوب والقوى السياسية العربية، لأنها سوف تسقط عميلاً لأمريكا وصديقنا مخلصاً لإسرائيل، وكان على رأس المؤيدين الإخوان المسلمون، ومرشدهم الثالث المرحوم عمر التلمساني، وهو ما دفع السادات الى مهاجمته في خطبة علنية عندما قال:
- الله، ده عايز يبقى خوميني مصر.

الخلافة الإسلامية العثمانية السنية

وبعد نجاح الثورة الإيرانية بدأ التحول المضاد، عندما أكدوا انهم سوف يصدرونها أولا للدول العربية، ودعوا إلى وحدة إسلامية، ثم أخذوا يهاجمون العروبة والقومية العربية مستخدمين نفس العبارات التي يستخدمها الإخوان المسلمون الآن، بل واعتبروها مؤامرة لتفكيك الخلافة الإسلامية العثمانية السنية أي أنهم في وحدة مع الإخوان، وهو ما ظهر من خلال البحوث المقدمة في المؤتمر العالمي الأول للفكر الإسلامي الذي عقد في طهران عام 1983 في الذكرى الرابعة لانتصار الثورة، ثم توالت الهجمات ضد البعثية والناصرية، وأصدر المركز اإسلامي للأبحاث السياسية في مدينة قم كتابا عنوانه - حركة القومية العربية دراسة موضوعية في ميلادها ووسائل انتشارها، للباحث العراقي ضياء الدين أحمد، كتب مقدمته الثانية حجة الإسلام والمسلمين محمد مهدي الآصفي - كما تم التعريف به، دافع فيه عن دولة الخلافة العثمانية السنية قال فيها بالنص: 'من خلال التأمل والمطالعة في مسار الأحداث السياسية لهذه الفترة التي بذلها الغرب لإسقاط الدولة العثمانية والحيلولة دون قيام دولة إسلامية بعدها في المنطقة، نصل إلى نتيجة واضحة في هذا الأمر، وتلك، ان الغرب جعل من القومية أداة لاسقاط دولة الخلافة العثمانية، كما اتخذ الغرب من القومية أداة لتجزئة العالم الإسلامي الى دول وأنظمة متعددة وولاءات مختلفة وإقامة سياج من القومية بين أطراف وأجزاء العالم الإسلامي وفصل هذه الأجزاء عن بعضها وعزلها عن الأجزاء الأخرى عن طريق هذا السياج العازل'.

الصراع التاريخي المسلح
بين الدولتين العثمانية والصفوية

والملاحظ هنا، انه بينما اهتم بالهجوم على القومية فانه تناسى تماما الصراع التاريخي المسلح بين الدولة العثمانية السنية، والدولة الشيعية الصفوية في إيران.
وعلينا ملاحظة هذا القدر من العداء للعروبة والوحدة العربية الذي يجمع بين القوى الدينية الإسلامية، سنية وشيعية وبين إسرائيل وغيرها من القوى الأمريكية والأوروبية وبين أعداء العروبة من دعاة الدولة الوطنية، على الرغم من العداء المميت في ما بينهم ورغم دعوات العداء نحو الشيعة التي يتزعمها من مدة الشيخ يوسف القرضاوي والإخوان المسلمون لدرجة أن الرئيس محمد مرسي في أول زيارة له للسعودية عرض على ملكها عبدالله بن عبدالعزيز تكوين تحالف مصري سعودي سني، وهو ما رفضه، ثم دعا الملك فيما بعد الى حوار اصحاب المذاهب الإسلامية، وتشارك في الحملة ايضا كل الجماعات الدينية والسلفية وفريق من الذين يدعون أنهم ليبراليون وعلمانيون، وهذا التحالف الواسع ضد عروبة المنطقة والدعوة الى وحدتها يكشف لنا عن الخطر الذي يهددنا من جانب الذين يستخدمون الدين ضد العروبة ليخدموا في النهاية إسرائيل، سواء كانوا سنة أو شيعة، فهم في النهاية حلفاء ضد وحدة أمتنا.
وعلى كل حال فإذا كانت إيران تساعد أحدا في مصر فسيكون الإخوان المسلمين، عن طريق حماس، لأنها تقدم مساعدة مالية سنوية معلنة لحماس، وتعترف حماس بها، وحماس إخوان، ولها علاقة تبعية بالإخوان في مصر، ويمكن أن تسرب إليهم إيران المساعدة عن طريقها، لا إلى حمدين صباحي والناصريين، والرئيس مرسي وليس أحدا من الناصريين هو الذي دعا لإنشاء تجمع من إيران ومصر وتركيا والسعودية لحل الأزمة السورية، وقاطعت السعودية السنية اجتماعاتها.
وفي النهاية لن امل من التحذير من خطورة هذه القوى والأحزاب التي تستخدم الإسلام أو الوطنية الضيقة لمحاربة العروبة والدعوة للوحدة العربية، وإثارة الكراهية والحرب بين المسلمين العرب السنة والشيعة، فهم في النهاية ستجدهم مربطون بإسرائيل، والأيام بيننا عندما نتكشف حقيقتهم.
وستكون فضيحتهم بجلاجل وصاجات وطبول ومزامير ونحن نغني في تجريسهم، بلاد العرب أوطاني، من تطوان الى بغادان، أي بغداد، كما قال الشاعر حتى يضبط بيت الشعر.

لمصلحة من يُصور
الشيعة بأم الشرور؟

ومن عجب ان يتسبب كمشيش في تشجيع صاحبنا هاشم بكري أن يكتب مقالا يوم الأربعاء في نفس الجريدة عنوانه - حقيقة الشيعة - بدأه بالقول: 'الفرق الهدامة الضالة المضلة وعلى رأسها الشيعة وابنها المدلل حزب الله، تمثل خطرا على أمن مصر بعدما اضرت الكثيرين، الشيعة أم الشرور، نظرا لأنها فرقة تقيم شعائر الدين الظاهرة وتبطن كل ما يخالف الدين، وهي الفرقة الأكثر انتشارا والأكثر تأثيرا والأكثر عددا في بعض المناطق والأخطر على الأمة من الصهاينة هي وأذنابها'.
وهكذا، فهمنا خطر الشيعة وحزب الله على امننا الوطني، ولكن من هم أذنابهم حتى نحذر منهم؟
وهكذا يعيد هؤلاء الناس ذكرى مشينة لهم، أولا، ولكل أدعياء التيار الإسلامي من الصنف الذي يحتكر الوطنية والإسلام عندما كانوا يصرخون اثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان مشجعين الإسرائيليين ضد حزب الله الشيعي وكتبوا وصرحوا، بأن الشيعة أخطر علينا من إسرائيل والصهيونية وهذا الفريق ضم السلفيين، أما الإخوان فقد نددوا بالعدوان وساندوا حزب الله، وحين يأتي الآن كمشيش ليكرر ذلك بصيغة أخرى وهو من ترك جماعته لعدم انفتاحها، فاننا إزاء موقف محير، خاصة مع عودة نغمة العداء للشيعة للظهور، والمدهش أن تأييد بعض السلفيين - أقول بعض - لإسرائيل ضد أخوتنا الشيعة العرب، لو قارناهم بموقف الشيخ حسن نصر الله، أثناء الغزو الأمريكي - البريطاني للعراق عام 2003 عندما خطب علنا مهاجما موقف إيران، وداعيا لمساندة العراق انطلاقا من عروبته رغم كرهه لنظام صدام حسين، لطلبنا من هذا الفريق الذين يسيئون للإسلام ان يضعوا رؤوسهم في الطين حتى لا نرى وجوههم ولو لعدة دقائق حتى نتمكن من الانتقال الى القضية الأخرى في التقرير.

إصرار البعض على تدمير
الجمعية التأسيسية للدستور

وإلى معركة اللجنة التأسيسية للدستور، والدعاوى المرفوعة لبطلانها أمام محكمة القضاء الإداري التي أحالتها الى المحكمة الدستورية العليا، وقول القيادي الإخواني وعضو اللجنة وأستاذ الجامعة الدكتور محمد جمال حشمت في مقاله بـ'الأهرام' يوم الأربعاء: 'أتعجب من إصرار البعض على تدمير الجمعية التأسيسية للدستور عن رغبة وفهم، وهم قلة لا تجاوز عدد أصابع اليدين ومن خلفهم ببغاوات يرددون نفس الطلب بنفس المبررات التي يذكرها زعماء الهدم والتصفية دون أن يفهموا أو يدرسوا، أو يمتلكوا القدرة على تفسير ما يطالبون به من عينة سيطرة فصيل واحد على الجمعية، ويقصدون الإسلاميين، والناظر لتشكيل الجمعية يجد ان أغلبية الأحزاب والاتجاهات السياسية وجميع القوى ممثلة في الجمعية، وهو ما توافق عليه كل من شارك في الحوار الذي سبق انتخابات الجمعية التأسيسية الثانية من الأحزاب والقوى السياسية، لماذا يصر من سعي لحل الجمعية التأسيسية الأولى وشجع على حل البرلمان وهلل له على حل الجمعية الثانية بإصرار هل يكره الاستقرار الذي هو مفتاح التنمية الحقيقية'.
والملاحظ هنا ان حشمت الذي كان محسوبا على الجناح المعتدل والمستنير في الجماعة عندما كانت في المعارضة أيام مبارك بدأ بعد وصولها للسلطة يتحول الى التشدد والطابع الانتقامي من خلال توجيه نفس الاتهامات التي كان نظام مبارك يوجهها إليه، الى المعارضين للإخوان، وبدأ يقلب الحقائق متخليا عن الموضوعية، فمن يهاجمون تشكيل اللجنة والمطالبة بحلاهم من اكبر اساتذة القانون في البلاد ومن كبار السياسيين الذين ناضلوا ضد نظام مبارك وساهموا في إسقاطه، ولا يليق أن يتحدث عنهم بهذا القدر من التعالي والعدوانية، ويصور الأمر على انهم لا يريدون الاستقرار، لأن الحل الأول للجنة ولمجلس الشعب كان لمخالفات قانونية في التشكيل، وهو ما ينطبق على اللجنة الحالية، فلماذا التغطية على السبب الحقيقي؟

كيف تعمل الجماعة في الدستور

وقبل أن أواصل هجومي فوجئت بزميلنا بـ'الوفد' علاء عريبي يقول لي، دعه لي هو وجماعته ولجنته الدستورية، فأسعدني طلبه وقلت له، حباً وكرامة، ارنا شيئاً مفرحاً، فانشد يقول: 'اطرف مواد تقرؤها في مسودة الدستور التي طرحتها جماعة الإخوان منذ أسبوع، توضح بشكل كبير، كيف تعمل الجماعة من خلال بعض التابعين لها في التأسيسية.
المادة الأولى: أضافت الجماعة فقرة عن الدولة المصرية تفطس من الضحك، تقول:
'وهي موحدة لا تقبل التجزئة'.
وكأن هناك دولا تنص في دستورها على ان أراضيها تقبل التجزئة، أو أنها دولة يمكن تجزئتها الى جزأين أو ثلاثة أو أكثر، الطريف في هذه الفقرة أن من اقترحوها ظنوا ان وجودها في الدستور سوف يحصن البلاد من التجزئة وأن من يسعون الى التجزئة سوف يتراجعون عندما يصطدمون بفقرة مثل هذه في الدستور، أو انهم بعد تقسيمهم للبلاد أو اجتزاء قطعة من أراضيها سوف يتصدى لهم لمعارضون بفقرة لا يجوز التجزئة، وساعتها سيعتذرون ويعلنون أسفهم وتراجعهم، ومن ثم يعيدون للبلاد القطعة التي اجتزءوها منها'.
طبعا، هذه فقرة في وضع الإخوان لها في الدستور حكمة لا يدركها أمثال علاء، وإنما يدركها مثلي من أهل الحكمة والدهاء، وهو انه في حالة قيام مجموعة ما بإعلان انفصال جزءا من بلادنا، يمكن أن نحرجها إحراجاً شديداً برفع دعوى بطلان أمام المحكمة الدستورية العليا، أو التقدم بشكوى لمجلس الأمن وطلب تدخل الناتو، ومبرر هذا النص حقيقي، فقد رأينا في الأيام الماضية إعلان أهالي قرية السرو بمحافظة دمياط، انفصالها عن المحافظة بسبب مشاكل المجاري والقمامة والإهمال، وهو ما أوحى للإخوان برضع الفقرة.

الجمعية التأسيسية فاقدة
للشرعية السياسية والأخلاقية

اما زميلنا وائل لطفي رئيس التحرير التنفيذي لجريدة 'الصباح' اليومية المستقلة، فقد شدد في نفس اليوم على من قال علاء انهم تابعون للإخوان في اللجنة التأسيسية: 'سيذكر التاريخ أن الجمعية التأسيسية هي جمعية فاقدة للشرعية السياسية والأخلاقية قبل ان تكون فاقدة للشرعية الدستورية، وأن مجموعة من السياسيين جمعتهم المصلحة وأرادت أن تحافظ للحاكم على صلاحيات فرعون، وكأن لا ثورة قامت ولا شهداء سقطوا ولا أرواح صعدت الى بارئها وهي تغني نشيد الحرية، سيذكر التاريخ ان مجموعة قليلة من جماعة الإخوان والموالين لها، أو مواليها حكمت وتحكمت وأعادت صياغة مواد الدستور وفق ما تمليه الجماعة وليس وفق ما تمليه مصلحة مصر، وأن مجموعة من المؤلفة قلوبهم من مدعي المدنية والليبرالية لعبوا وتلاعبوا وهددوا، ثم تراجعوا واسكتوا ضمائرهم بمخدر السلطة وخمر الاقتراب من الحكام، ولا يعني هذا ان التأسيسية لا تضم قمماً وقيماً محترمة، لكن الأداء العام لهذه الجمعية يؤكد انها جمعية الاشقياء'.
وما قاله وائل صحيح الى حد ما، لأن الحقيقة أسوأ، وسوف يقوم الإخوان أنفسهم فيما بعد بكشف هذه العناصر التي ادعت الليبرالية والثورية وباعت نفسها لهم، لأن الإخوان خبراء في معرفة مراكز القوة السياسية الحقيقية الموجودة والصاعدة ايضا والتي تشكل منافسة وخطرا عليهم، لا هؤلاء الذين يريدون مناصب وخلافه، ولذلك سوف يواصلون دعوتها للتحاور معهم والمصالحة، وهي اللعبة التي يقومون بها الآن، ليفلتوا من الكوارث التي تحيط بهم، فهناك الأزمة الاقتصادية الطاحنة والقلاقل الاجتماعية المتلاحقة، حيث اكتشفوا ان للسياسة وجوها أخرى وأن حرارة نيران المشاكل الاجتماعية والصراع الطبقي، سوف تشوى جلودهم، ولن يخفف منها استخدامهم الدين والمواعظ، وتوزيع صدقات وزكاة على بعض الفقراء، وأن عليهم مواجهة الحقيقة، وهي اتخاذ إجراءات اقتصادية صارمة للافلات من الكارثة.
وحتى تقبل بعثة صندوق النقد الدولي التي ستصل الى مصر يوم الثلاثاء القادم، منح القرض البالغ أربعة آلاف مليون وثمانمائة مليون دولار، بعد ان تطلع على خطة الحكومة في الإصلاح الاقتصادي، وهو ما يمهد له رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل من التصريح بأن التقشف ضروري دون ان يكشف عنه، وما كشفته تصريحات سابقة لكل من وزيري الاقتصاد والاستثمار عن دراسة تصفية شركات عامة وادخال القطاع الخاص شريكا فيها، وكانا يشيران الى شركات نسيج، والحقيقة انهما يشيران الى العودة للخطة، الفاشلة لجمال مبارك ووزير الاستثمار محمود محيي الدين لبيع كل ممتلكات الدولة في مشروع الصكوك، وهي الخطة التي فشلت، وأشرنا اليها من قبل، ومنذ عشرة أيام تحدى عمال شركات النسيج الوزيرين ان ينفذا ما طالبا به.
أي اننا امام مرحلة من الاضطرابات الاجتماعية أشد خطرا من الموجود حاليا ويعجز النظام عن مواجهتها بالإضافة الى المعارك التي فتحها عامدا متعمدا مع قوى ومؤسسات اخرى خرج منها خاسرا ومدحورا مذموما.
ولذلك كله، يصر الإخوان على بقاء عناصر كثيرة من غيرهم في الوزارة، ويدعون الأحزاب والقوى السياسية الأخرى الى التحاور، ويجتمع بهم الرئيس، لإقناعهم بالاشتراك معهم في الحكم، حتى لا يتحملوا وحدهم عبء كارثة القرارات القادمة، ويحملونها لغيرهم إذا اندلعت المظاهرات، ووقتها لن ينفعهم دستور يضعونه كما يريدون، ولا متاجرة بالدين، لأن الناس الذين سيخرجون عليهم سيخرجون بسبب مشاكلهم الاقتصادية، لا الدينية، ولن يقبلوا منهم او من السلفيين أية أعذار، ولذلك يستميت الإخوان هذه الأيام في الدعوة للمصالحة، أي يريدون أن يركبوا فوق أكتاف الآخرين لعبور الأزمة، ثم ينزلون من فوقهم ويدفعونهم على الأرض ويهربوا بالحكم، وحدهم.

الاخوان يتهمون القوى السياسية
بعرقلة بناء مؤسسات الدولة

وقد عبر عن هذا الإحساس بالخوف لدى الجماعة من مواجهة الأزمات وحدهم، زميلنا عادل الانصاري رئيس تحرير 'الحــــرية والعــــدالة' بقــــوله امس: 'أرى أن الواجب الوطني يحتم على إخواننا في التيارات الليبرالية واليسارية الاعتذار للشعب المصري عن محاولات عرقـــــلة بناء مؤسسات الدولـــة، وعمليات الخلط الواسع بين المعارضة من ناحية وبين المشاركة الفاعلة في بناء مؤسسات الدولة، وأول مراتب الاعتذار العودة الى الحق، وقبول الشراكة الحقيقية في الهموم والمشاكل التي تعاني منها مصر خلال هذه المرحلة بدلا من إلقاء التهم وإظهار الخصومة، ولا أتصور ان الشعب بحاجة الى اعتذارات قولية أو كلمات معسولة من المتجاوزين والمنصرفين عن العمل الى الكلام والسباب، ولكنه قد يتجاوز عنهم إذا شعر بعودة حقيقية وممارسة جادة تتناسب مع حاجاته ومطالبه'.
ولا أعرف ما حاجة الجماعة مادام الشعب معها الى التيارات الليبرالية واليسارية، التي ابتعدت عن الحق، أي أصبحت من أهل الباطل، وما الذي يمنع الجماعة من تطبيق برنامجها الذي عرضته على الناخبين وطالبتهم بالتصويت لها، وتريد من دعاة برامج أخرى رفضها الشعب مشاركتهم؟
في كتابه الجديد يغوص فوكوياما في أسفار التاريخ وآثاره
فوكوياما في باريس يحذر من ردة حضارية

 أبو بكر العيادي

زار باريس مؤخرا المفكر الأميركي من أصل ياباني فرنسيس فوكوياما للمساهمة في الاحتفاء بصدور الطبعة الفرنسية من كتابه الجديد "بداية التاريخ"، وفيه يدرس عوامل التحوّل السياسي عبر التاريخ، وتشكّل المؤسسات السياسية الأساسية، أي الدولة وسلطة القانون والحكم المسؤول منذ العصور الأولى حتى نهاية القرن الثامن عشر.

المعروف أن فوكوياما هو فيلسوف وعالم اقتصاد وباحث في العلوم السياسية ومحاضر بجامعة ستانفورد بكاليفورنيا، وقد نال شهرة عالمية عن كتابه "نهاية التاريخ" الذي أثار جدلا كبيرا في جميع الأوساط الثقافية والفكرية والسياسية في العالم. ذلك الكتاب، الذي كان مقالا بالعنوان نفسه في البداية، نشر بمجلة "ناشيونال أنترست" في صيف العام 1989 عقب سقوط جدار برلين، قبل أن يصدر في طبعته المعمقة والموسعة في العام 1992، واصل فيه فوكوياما مناقشة نظرية نهاية التاريخ، التي كان هيغل قد طرحها من قبله إثر انتصار نابليون بونابرت في معركة فيينا عام 1806.

وللتذكير فإن نظريته تلك ترى أن سقوط جدار برلين لا يمثل نهاية الحرب الباردة فحسب، وإنما أيضا انتصار الديمقراطية كنموذج أساس للحكم، وأن ثنائي الديمقراطية السياسية واقتصاد السوق سيكون أفقا لا يمكن تجاوزه، وسيفتح عهدا مباركا من السلم في العالم، خاليا من الحروب والثورات والفتن. وقد كان وقتها قريبا من تنظيرات المحافظين الجدد، حيث عمل في الإدارة الأميركية في عهدي ريغن وبوش الابن، ثم انسلخ عنهما وعارض غزو العراق، قبل أن يساند الحزب الديمقراطي ويصوّت لأوباما.

في كتابه الجديد، يغوص فوكوياما في أسفار التاريخ وآثاره، ويستدعي أنظمة الحكم التي عرفها الإنسان منذ العصور الأولى، ويبرز ملامحها وخصائصها، ويقتفي تطورها عبر العصور في الصين أول من أرسى أسس الدولة المعاصرة في رأيه، وفي والهند والشرق الأوسط حيث انبثقت فكرة دولة القانون، وفي أوروبا منذ القدم حتى تبلور فكرة الديمقراطية ببزوغ فجر الثورة الفرنسية في نهاية القرن الثامن عشر، ليؤكد أن كل المجتمعات الحديثة في العالم، مع استثناءات قليلة، تخلت عن النظام القبلي العشائري القديم لتُحلّ محلّه نظاما سياسيا قوامه المؤسسات والقانون، ودولة مركزية ترعى مصالح الشعب وتحفظ أمنه وسلامه، وقوانين عامة يستوي أمامها المجتمع بكل فئاته.

ويخلص فوكوياما إلى ضرورة توافر عناصر ثلاثة لا تقوم الديمقراطية إلا بها مجتمعة، وهي هيبة الدولة وسلطة القانون ومسؤولية الحاكم أمام الشعب. وفي غياب أحدها يفقد نظام الحكم طبيعته الديمقراطية، ويُخل بالعقد الاجتماعي الذي يربطه بمواطنيه، ويُدخل البلاد في وضع مضطرب قد تكون عواقبه وخيمة كما نشهد اليوم في أنحاء كثيرة من العالم.

وللدلالة على نتائج الإخلال بعنصر من تلك العناصر، يضرب أمثلة من الواقع السياسي الراهن، عن أفغانستان التي يعجز حكامها عن تطبيق القانون لغياب دولة قوية، وعن روسيا التي تتميز بدولة قوية وبانتخابات ديمقراطية ولكن حكامها لا يمتثلون لسلطة القانون، وعن سنغافورة التي تملك دولة قوية وتحترم سلطة القانون ولكن مسؤولية حكامها أمام الشعب ضعيفة.

وعلى ضوء تلك العناصر، يستخلص فوكوياما ما يميز بلدا يشهد فوضى عامة كالصومال عن بلد يعتبره أنجح ديمقراطية في العالم وهو الدانمارك، ويرى أن التحاق الأول بالثاني يمر حتما عبر إحلال توازن كامل بين تلك العناصر. كذا دول الربيع العربي التي انخرطت في مسار الديمقراطية، والتي بنبغي عليها أن تتوخى هي أيضا مسعى مماثلا حتى تبلغ ضالتها.

هذا "الربيع" الذي يعتبره فوكوياما حدثا هاما يدعم نظريته، لأن ثورات تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا فنّدت على حدّ تعبيره خطل الرأي الغربي القائل إن العرب مختلفون عن بقية شعوب العالم، بدعوى أن الثقافة العربية الإسلامية ترغمهم على القبول بالأنظمة الدكتاتورية وأنهم ثقافيا شعوب سلبية لا تمانع الضيم والاستبداد. ويؤكد أن ما نشهده اليوم في تلك البلدان نقطة انطلاق نحو الديمقراطية، لأن المسار الذي اتبعته تلك الثورات شبيهة بثورات الشعوب في أوروبا لإرساء الديمقراطية، خصوصا في إنجلترا حيث تحدت سلطة الملك وقاومت نفوذه حتى نالت مبتغاها.

ويعترف فوكوياما، في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، أن من بين العوامل التي دفعته إلى وضع هذا المصنف، حرصه على أن يبين للغربيين مدى صعوبة إنشاء مؤسسات ديمقراطية. فالانتقال من وضع إلى وضع هو أسهل ما يكون في بدايته. ما يستلزم وقتا أطول وجهدا أكبر في مرحلة لاحقة هو تكوين أحزاب سياسية ومنظومة قضائية وثقافة احترام مبدأ التوافق.

وفي رأيه أن أكبر تحدّ يواجه الديمقراطية الليبيرالية في المنطقة هو صعود الإسلاميين. هو لا يعترض على الدين كدافع للحراك والتمرد، لأن الدين في نظره ظل على مر التاريخ مصدرا هاما للهوية والتعبئة، ليس في العالم الإسلامي وحده، بل في سائر المجتمعات البشرية حتى الأوروبية منها، وأن الحضارة الصينية هي وحدها التي لم تستند قط إلى مرجعية دينية، ولكنه يخشى خطاب التيارات السلفية الراديكالية التي تجهر بعدائها للديمقراطية، ويحذر من ظهور أنظمة تيوقراطية على المنوال الإيراني أو السعودي، تقود المنطقة بأسرها إلى ردة حضارية.

الكتاب يحفل بمعلومات جمة وتحاليل قيمة، ليس حول تاريخ الشعوب والحضارات وأنماط الحكم التي خضعت لها فحسب، بل حتى في المسائل الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية، وهذا ليس بغريب عن عالم موسوعي مثل فوكوياما، وقد شمل مسحا لأبرز المراحل التاريخية، منذ المجتمعات الزراعية في العصر القديم إلى يومنا هذا، وسبرا للراهن في مواقع الثقل السياسي والاقتصادي في العالم، وتنبؤا بزوال النظام الشيوعي في الصين، بطريقة ليس أقلها اتكاء الأجيال الجديدة على وسائل الاتصال الحديثة، على غرار ما حدث ويحدث في بلدان الربيع العربي، لتغيير النظام.

الجزائر تعاملت بحذر شديد مع هشام قنديل
الإخوان سر البرود الجزائري في استقبال "قنديل"

الجزائر – علمت "العرب" أن السلطات الجزائرية تعاملت بحذر شديد مع زيارة رئيس الوزراء المصري الجديد هشام قنديل، عكس ما أظهرته التصريحات الرسمية.

وقالت مصادر مطّلعة إن المسؤولين الجزائريين الذين استقبلوا "قنديل" كانوا ينظرون إليه كواجهة للإخوان المسلمين المصريين، وأن الزيارة قد تكون لها نتائج غير محبّذة حتى وإنْ نجحت في إذابة الجليد الذي راكمته مقابلة شهيرة في كرة القدم.

وأشارت المصادر إلى أن الجزائر تتخوف من أن تفتح الزيارة الباب أمام التنظيم الدولي للإخوان كي يضع أنفه في قضاياها الداخلية، ويعيد إحياء الفتنة .

وضم الوفد المرافق لرئيس الوزراء المصري 45 فردا بينهم خمسة وزراء ورجال أعمال ورؤساء شركات كبيرة خاصة شركة "المقاولون العرب" التي تقوم بأعمال بناء كبيرة في الجزائر.

وروت المصادر ذاتها أن دوائر رسمية تخوفت من أن يكون وجود هذا العدد الكبير من الشخصيات محاولة لتغطية الغاية الخفية، وهي إعادة تفعيل التنظيم الإخواني الجزائري الذي تعصف به الانشقاقات.

ويقول مراقبون محليون إن الجزائر تبدي الكثير من الحذر تجاه ملفات الإسلام السياسي، خاصة وأنها الناجي الوحيد من مخلفات "الربيع العربي" الذي صعد بالإسلاميين إلى دفة السلطة.

ويضيف هؤلاء أن الجزائر تتبنى استراتيجة ثابتة في مواجهة التيارات الدينية تقوم على مبدأ التضييق وليس الانفتاح الذي جربته خلال ثمانينات القرن الماضي، وخلّف لها أزمات حادة مازالت تعاني من مخلفاتها.

وكانت شخصيات جزائرية "سياسيون ومثقفون وإعلاميون" قد حمّلوا التنظيم العالمي للإخوان المسلمين مسؤولية ما جرى في البلاد خلال "العشرية السوداء" التي خلفت 200 ألف بين قتيل ومفقود.

واعتبر هؤلاء أن تساهل السلطات الجزائرية مع الفكر الإخواني المهادن في الظاهر، والمتشدد في باطنه، كان وراء ظهور جبهة الإنقاذ "المحظورة حاليا" التي خاضت الانتخابات المحلية في 1990 والتشريعية في 1991 تحت شعارات دينية متطرفة، وعملت على تغيير ثقافة الجزائريين وسلوكهم بالقوة.

وتربى الإخوان في الجزائر، كما في التنظيمات الإخوانية الأخرى، على فكر سيد قطب وأبو الأعلى المودودي التي تقسم المجتمع وتحض على التكفير وتحرض على الانتقام، وهي أفكار ظلت تتحكم في سلوكهم رغم ما تبديه بعض قياداتهم من براغماتية ومناورة.

ويقول جزائريون إن تنظيم الإخوان كان الحاضنة الأولى التي تربت فيها المجموعات المتشددة التي ترفع السلاح الآن ضد الدولة.

وتعصف رياح الانشقاقات بإخوان الجزائر بعد أن فشلوا في الوصول إلى السلطة عبر الانتخابات الأخيرة مثلما توقعوا أن يحكموا قياسا بما جرى في تونس ومصر بعد ثورات "الربيع العربي".

وانفجر المخاض وتسرب الغسيل الى صفحات الجرائد بعدما كان الاخوان في الجزائر الأكثر انضباطا واحتراما لمؤسسات الحركة.

ورغم محاولة لملمة الجراح عبر استحداث تكتل "الجزائر الخضراء" الذي نزلت به حركات "حمس" و"النهضة" و"الإصلاح" لخوض غمار الانتخابات البرلمانية الأخيرة، إلا أن ذلك لم يمنع استمرار حالة الانشطار أمام النتائج الهزيلة التي سجلها التحالف.

وكان اعتماد قيادة الإخوان على سياسة ساق في المعارضة وأخرى في السلطة، بمباركة من مكتب الاخوان العالمي، إحدى بدايات النزيف الذي اشتد بعد رحيل المؤسس محفوظ نحناح، وقدوم جيل جديد تنصل من الارتباط بالتنظيم العالمي، وتحالف مع السلطة ضد إسلاميي "الإنقاذ".

ومن هنا بدأت الخلافات، وأصبح الإخوان بمثابة "مفرخة" لانتاج الأحزاب، فبعد ميلاد حركة "التغيير" بقيادة عبد المجيد مناصرة جاء الدور على عمار غول الذي انشق هو الآخر وأسس حزب " تاج "، الذي أثار جدلا كبيرا بسبب محاولة استنساخ التجربة التركية.

وتقر قيادات في التنظيم الإخواني بوجود "أزمة عميقة" تهدد بإنهاء وجود الحركة، لكن رئيس الحركة أبو جرة السلطاني لا يعترف بوجود أزمة تبرر الانشقاقات، بل اتهم "أجندات خارجية" بمحاولة تفتيت الحركة عبر استقطاب بعض قياداتها.

ويذهب المراقبون إلى القول إن الحركة الإخوانية الجزائرية، التي أصابتها لوثة "الربيع العربي"، تريد أن تصل إلى الحكم بكل الطرق، حتى لا يشعر منتسبوها بالضآلة أمام "إخوان" تونس ومصر.
                      

هل السعودية بحاجة إلى منصب "النائب الثاني"؟
24-10-2012 9:12:52  

الرياض- ليس من المعتاد أن يشاهد السعوديون وغيرهم أميرا من الذين يُعرفون بأمراء الصف الثاني على رأس التمثيل الرسمي في استقبال زعماء الدول؛ لأن قاعدة بروتوكولات البلاط الملكي السعودي تحض على تواجد الملك، أو ولي العهد، أو النائب الثاني "إن وجد"… وآخر الأمر أمير المنطقة.

ذلك الأمر كان حاضرا على أرض مطار الملك عبد العزيز الدولي بمدينة جدة، العاصمة الصيفية للحكومة السعودية، حيث وصل العاهل المغربي الملك محمد السادس على رأس وفد رفيع لزيارة المملكة وهي زيارته الأولى الرسمية منذ توليه عرش بلاده في 1999.

وإن كانت المراسم الملكية في السعودية تقتضي أن يكون الملك على رأس مستقبلي الزعماء في زياراتهم الرسمية، ولو من داخل قاعة الاستقبال، إلا أن ظروفه الصحية لم تساعده على الترحيب بالملك المغربي القادم ومعه خزائن الاقتصاد للاستثمار في بلاده، وتنقصه مفاتيح المال السعودي.

كذلك، وفي ظل غياب ولي العهد الأمير سلمان الذي يتمتع بإجازته الخاصة على أراضي المملكة المغربية، وعدم وجود الرجل الثالث، لم يكن في قاموس البروتوكولات السعودية سوى أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل الأكبر سنا بين أحفاد الملك المؤسس للدولة السعودية الحديثة عبد العزيز آل سعود.

ظهور الأمير خالد – وهو ابن الملك فيصل -على رأس المستقبلين في وفد يضم كبار أركان الدولة ومساعدي الملك مع غياب واضح لوزير الداخلية الأمير أحمد بن عبد العزيز – الذي يعد بمثابة أمير أمراء المناطق كما تحتم عليه حقيبته الوزارية التي يحملها – لم يكن عاديا، ولا ينبغي التعاطي معه سطحيا، حيث تتضح من ذلك المسؤوليات الكبرى التي يتداولها كبار أبناء الملك عبد العزيز وغيبت معها وجود البديل في بلد متعدد الأطراف وسط شرق أوسط متحرك.

تلك الصورة والمعطيات تؤكد الروايات والتقارير التي توصي بضرورة الحاجة السريعة إلى إصلاحات في السعودية، وهي المملكة غير الدستورية ويشرف فيها الملك على كافة السلطات، دون تفويض مهمات بعينها لآخر، ويحتفظ بعض من كبار أبناء الملك المؤسس بمناصب كبرى وهم في سن متقدمة من العمر.

ووسط غياب التوقعات عمّا سيكون عليه المستقبل في مملكة النفط الكبرى يبدو أن الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز والمعروف بملك الإصلاح في بلاده لديه الفرصة الكبرى لدخول التاريخ في سجل دولتهم الثالثة الحديثة.

فما كان بالأمس غير صالح للتطبيق اليوم، فالظروف تتغير، والأعمار تتزايد وتقترب من الهِرم، وليس أمام السعودية للحفاظ على ما صنعته سوى دعم حضور الشباب من أمراء الصفوف الخلفية، وخاصة من يبرزون خلف الأبناء والمتصفين بمسمى الأمراء الملكيين من أحفاد وأبنائهم.

السعودية خلال عام فقط فقدت أبرز اسمين في القصر الملكي ويعدان من أعمدة القوة في الأسرة الحاكمة، وهما الأمير سلطان بن عبد العزيز وشقيقه الأمير نايف، حيث توفيا وهما في منصب ولاية العهد، نتيجة لأمراض كبر السن التي جعلت مناصب الدولة الكبرى في غياهب التكهنات والتوقعات السوداء والبيضاء. 

ووفقا لما تشير إليه المصادر قد يكون هذا الشهر الذي تستعد فيه السعودية عادة لاستقبال حجاج البيت الحرام في مدينة مكة مفتاحا للتغيير دون معرفة ما قد تؤول إليه ومن هم الظافرون بالحقائب المتداولة، أو التغيير في أنظمة الحكم والمناطق والشورى التي لم تتغير منذ تأسيس العاهل السعودي الراحل الملك فهد لها في 1992، وسط تغيير طفيف في نظام الشورى بأمر الملك عبد الله في 2011 بدخول المرأة عضوا في المجلس.

وسيكون ضمن ما يشاع داخل القصور الكبرى والصغرى في السعودية تعيين لوزير جديد يحمل عبء الخارجية الذي أرهق عرابها ورجل الملفات السعودية الحاسمة الأمير سعود الفيصل، الذي يغيب منذ أكثر من ثلاثة أشهر بعد عملية جراحية أفقدت الدبلوماسية السعودية بريقه
هنا يجتمع سيفان في غمد واحد: يساريو سوريا .. لكن "طائفياً"!
الثلاثاء, 23 أكتوبر 2012 22:46
552276_10152300193615727_648395041_n
«نقدياً» وبنحو عام، لا يمكن القبول بهذا العنوان على الإطلاق. إذ لا يُتصور أن «يجتمع سيفان في غمد واحد» كما يقول المثل التراثي السلطاني. أنْ يجتمع داخل مثقف «سيف اليسارية»، وفي الوقت نفسه والشخص «سيف الطائفية»، فهذا لا يمكن تخيله، لا معرفياً ولا حتى أيديولوجياً.
لكن في المشرق العربي، وفي سورية تحديداً، يحدث هذا. فلا يبدو أنّ «يسارية» كثير من مثقفي سورية قد حالت دون صعود الطائفية، سواء وسط الشارع أم داخل كونتوناتهم اليسارية، والذين سبقت طائفيتهم (عند البعض) حتى طائفية الشارع. سورياً، ربما لم يعد من عجائب الفكر النقدي في هذا البلد الإشارة إلى مثقف ما، أنه يحمل هويتين، مرجعيتين، كلٌّ منهما تقف، من الناحية النقدية، ضد الأخرى: صحيح أنه يساري إلا أنه في نهاية المطاف ينتمي إلى هذه الطائفة أو تلك. إنّ بعضاً من هؤلاء اليساريين الذين كانوا في السابق قبل حدث الانتفاضة يتنكّرون حتى في ذكر أسماء الطوائف، أصبحوا اليوم أنفسهم لا يشيرون إلى بعضهم بعضاً إلا وفق انتماءاتهم الطائفية. هذه مفارقة في مسار الثقافة السورية.
لا بل غدا البُعد أو القُرب من النظام يُقاس بمسطرة الولاء والطائفية. المسألة الأخلاقية عند هؤلاء اليساريين مؤجلة في هذا السياق! وذلك، على الأقل، حيال حمام الدم الذي يسيل. لنا أنْ نتخيل كم أنّ الإشكال الطائفي شديد وصلب عند هذا النمط من المثقفين اليساريين حينما يسقط عندهم كل اعتبار أخلاقي، فتتعرى الإيديولوجيات والذوات الدفينة داخل هياكل طائفياتهم؛ حتى تحوّل النظر إلى تقويم الأوضاع السورية، لا وفقاً لمستقبل الوطن السوري ككل، بل وفقاً وبمنظور عيون الطوائف ومستقبلها منفردة. لقد أصبح «مفهوماً»، بنحو عام، لماذا يطالب ذلك المثقف اليساري ويؤيد سقوط الأنظمة الديكتاتورية العربية حتى آخر شبر منها، ولماذا ذلك المثقف اليساري «الآخر» (عدا استثناءات قليلة) يتلعثم بمقولة الإسقاط، ولا يتمنى ولا يريد من داخل «أعماقه» ذلك، ويبرر لنفسه بالخوف من الأصوليين (ليس غريباً أنّ هذا النمط هم أكثر من يتابع مسرحيات العرعور، لكي يبرر لنفسه خوفه). لقد غدا مفهوماً كذلك حتى في التأمل قليلاً في شكل التنظيمات والتشكيلات السياسية والثقافية التي تتفرخ كل يوم (تحالفات؟)، وذلك بالنظر إلى الانتماءات الطائفية لأصحابها. من هنا ملاحظة التأزم الهوياتي داخل أصوات يسارية تطالب بمرجعية «سنية» واحدة تشمل السنّة والأقليات، (ربما بديلاً من المرجعيات القومية؟). هذا الكلام يصدر عن أصوات معروف عن أصحابها أنهم منضوون في «السلك» الماركسي.
إنّ أسئلةً من قبيل: أين الإشكال، في طائفية هؤلاء أم في يساريتهم؟ هل العطل في اليسارية أم في فهم اليساريين لها؟... الخ، هي أسئلة دعونا نصفها بأنها أسئلة «تبسيطية»، تقترب من الذهنية والحال العقلية للرجل الإصلاحي (؟) محمد عبده، حينما أعلن جملته الشهيرة بأنه وجد في فرنسا إسلاماً بلا مسلمين، بينما في بلاده المصرية والعربية لم يجد سوى مسلمين بلا إسلام. هذا الرجل هو نفسه، قد اتّهم كذلك (مع محمد رشيد رضا)، في تفسير «المنار»، مجتمعاته العربية والإسلامية بـ «الجاهلية»، وذلك قبل سيد قطب وأبو الأعلى المودودي، الأصوليين الكبيرين. هناك إشكال، حقيقة، يقف وراء الإيديولوجيات وتبنيها، أو بالأحرى تبني قشورها، ينطبق على حال كثير من مناحي الثقافة العربية، وقد ظهر اليوم في سورية بأبشع صوره مجبولاً بالحس الطائفي. إنه إشكال يرتبط بالأنماط الذهنية الكلانية من جهة، وبعقدة الهوية والانتماء الطائفي والقبلي، هذه العقدة المتوارثة عربياً، من جهة أخرى (في اليمن السعيد اليوم كذلك، يريدون مجابهة إيران وطائفيتها بسلاح/ شعار يفصح عن نفسه: «القبيلة بناء وحضارة»! وقد رفعه اجتماع القبائل أخيراً).
إنّ تأملاً في سلوك يساريٍّ سوري ما، كان في السابق يستنكر على حسن نصر الله طائفيّةَ مقاومته ودينيّتها، واليوم نجد هذا اليساري نفسه يقف مع صفه «الممانع»، يُظهر لنا إشكال تشوه تلك الذات المثقفة طائفياً. إنّ العكس بإمكاننا ملاحظته كذلك عن يساريين يعارضون حسن نصر الله اليوم، لكنهم رفعوا صوره في السابق، وبخاصة في أيام اشتداد المقاومة العراقية وحرب 2006 على «حزب الله». في كلتا الحالتين نحن أمام ميدان أصولي، أمام تأزم هوياتي، لم يستطع المثقف السوري حلّه. هل يذكرنا هذا التأزم بذلك الشيوعي المهرّج: شيوعي في البرلمان، إسلامي في البيت!؟
نعم، هذا السوري يساري، لكنه لم يكتشف ذاته الطائفية إلا في ظل الأزمة السورية التي وضعت إيديولوجيته اليسارية على المحكّ: «السنّي اليساري» لم يكتشف أنه من «الأغلبية» إلا في هذا الوقت، بينما «الأقلوي اليساري» لم يكتشف أنه يعاني «أزمة أقلوية» إلا حينما فتحت الأزمة السورية «الجروح الدموية» العميقة في التاريخ العربي. إنها جروح ورثها مخيال هؤلاء اليساريين؛ فلم تشفع يساريتهم ولا لماركس أن يخلصهم منها، مع التأكيد أنّ ماركس لا ذنب له. إلا أن من المهم التمعن في هذه الهياكل الإيديولوجية الكونتونية التوتاليتارية التي نراها اليوم تتصدع وتنكص إلى ما وراء الروح القبلية للطائفية، عارية من أي بعد أخلاقي.
وأكثر من ذلك، إنّ الصورة التي يُقدّم بها اليساري السوري نفسه بعودته القهقرى إلى جلْده الطبيعي الذي خرج منه، يدلل على أزمة الوعي بالنظر إلى ذاته والعالم من حوله. ما لممكن توقعه من يساريّ سوري ينظر إلى شعبه السوري بأنه يقوم بثورة طائفية؟ كيف يُقوّم هذا اليساري إذاً ذاته المثقفة؟ وفق أي منظور يُقوّم العالم إذا كان ينظر إلى شعبه هكذا؟ إنّ أجوبة هذه الأسئلة، بغض النظر عن غياب الحس الأخلاقي، رهن برصد المكونات المتأزمة لهوية هذا اليساري: أزمة الهوية بوعيه لوجوده من جهة، وأزمة هويته اليسارية ثقافياً من جهة أخرى.

حمّود حمّود
كاتب سوري
إيران .. من تزوير الانتخابات إلى تزوير الدولارات!

الخميس, 25 أكتوبر 2012 01:31
http://www.globalarabnetwork.com/images/stories/2012/Jan/najad_iran_ahmadi_copy.jpg
على الرغم من النفي الأميركي والإيراني الرسمي لمقال صحيفة «نيويورك تايمز»، (21 من الشهر الحالي) الذي جاء فيه أن إيران وافقت من حيث المبدأ على إجراء محادثات وجها لوجه مع أميركا بعد الانتخابات الرئاسية، فإن الخبر صحيح.
وبينما عمد المسؤولون المقربون من الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى تسريب الخبر للتأثير على الانتخابات الرئاسية، فإن إيران وافقت على الاجتماع الثنائي بهدف كسب الوقت لتطوير برنامجها النووي، ومن أجل التسبب في وقيعة بين أميركا وحلفائها الأوروبيين.
وقد جاء مقال «نيويورك تايمز» بعد تقرير كتبه عنصر سابق في وكالة الاستخبارات الأميركية، يهتم بالشأن الإيراني ذكر فيه أن الطرفين الأميركي والإيراني توصلا إلى اتفاق بعد محادثات عقدت في الدوحة - قطر. وكان غاري سيمور المستشار في الشأن النووي بالبيت الأبيض، عقد هو الآخر محادثات في أنقرة مع مبعوث إيراني يتخذ من عمله في السفارة الإيرانية هناك، غطاء لتحركاته.
قد تكون كل هذه التحركات جزءا من الحيل الإيرانية في الداخل والخارج، للتعتيم على القصة الكبرى التي سيطرت في الأسابيع الأخيرة، ألا وهي انهيار العملة الإيرانية (الريال)، مما أدى إلى اضطرابات في البازار في بداية الشهر، وفي السادس عشر منه عندما احتجت الشركات على ارتفاع أسعار المواد الخام والصعوبات التي تواجهها لتغطية النفقات.
وفي محاولة لاستباق احتمالات الاضطربات الاجتماعية على نطاق واسع عمد النظام الإيراني إلى ابتداع حيل فيما أصبح ممارسة عادية في تجاهله لرفاهية شعبه. ثم، هناك أيضا دلائل على فوضى الإدارة، وفقدان توافق الآراء في القيادة، مع رسائل مختلفة تسمع على نحو متزايد من داخل جهات متعددة في النظام.
في الثالث عشر من الشهر الحالي اعترف عضو في مجلس الشورى بالتأثير الكبير لأزمة العملة الأجنبية على الاقتصاد، وعلى خطر مظاهرات تجار البازار، معربا عن خوفه من الاحتجاج العام على نطاق واسع. تخوفه يتناقض تماما مع رسائل المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي التي يحاول عبرها نشر الهدوء، وكأن شيئا لم يتغير. وفي علامة أخرى على خطورة هذه المسألة، فإن المؤسسة الدينية بدأت تلح لإيجاد حل للازمة الاقتصادية.
مفتاح الحل بالنسبة إلى نظام خامنئي، يكشف عن رغبة واضحة للعمل على الحفاظ على موقعه، بغض النظر عن الثمن الكبير الذي يدفعه الشعب الإيراني. لقد حاول النظام إلقاء اللوم على تدفق المليارات من الدولارات المزورة في سوق الصرف الأجنبي الإيراني، على تجار الدولار في السوق السوداء.
في السادس من هذا الشهر، نشرت وكالة الأنباء الإيرانية شبه الرسمية «إيسنا»، أن «البعض» يحاول الكسب على حساب الجمهور، من خلال عملة مزورة يتم تسويقها في سوق الصرف!
هذا بدوره خلق قلقا وذعرا بين الناس الذين استبدلوا أموالهم في الأسابيع الأخيرة، في محاولة للحفاظ على جزء من قيمة الريال التي تتدهور بسرعة.
وأشارت مصادر متعددة إلى أن «الإذن بهذا العمل» صدر عن أعلى مستوى في البلاد، أي مكتب خامنئي نفسه. ونشرت عدة مواقع إيرانية تصريحا لرئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس الشورى أرسلان فتحي بور، يتحدث فيه بشكل مكشوف عن «مليارات من الدولارات المزورة» في سوق الصرف في البلاد.
بور كان يحذر الإيرانيين من العملة المزورة التي أغرقت السوق، في وقت تقف فيه حكومته وراء هذا العمل. وكما يقول مصدر إيراني، فمن غير المعقول، أن تغرق السوق الإيرانية بما يقرب من ثمانية مليارات دولار، من دون تدخل فعلي من النظام «إذ لا يمكن لمنظمة صغيرة من المزورين أن تنظم من الناحية اللوجيستية مثل هذا التزوير».
القصد من إغراق السوق بالدولارات المزورة هو السيطرة على الريال الذي فقد 41 في المائة من قيمته مقابل الدولار، والإيراني الذي كان في حوزته في مثل هذا الشهر من العام الماضي 11 ألف دولار، نقصت مدخراته إلى 3400 دولار هذا العام، ثم إنه لا يعرف كم لديه حقيقة، لأن النظام يحظر نشر القيمة الحقيقية للتبادل. وأمام هذا الانهيار، دعا متحدث باسم السلطة القضائية إلى إنزال عقوبة الإعدام بكل من يلحق ضررا في الاقتصاد الإيراني، وكان ذلك بمثابة تهديد مباشر للصيارفة.
في الوقت نفسه، يقول خامنئي إن إيران لن تستسلم لـ«الاستعمار» في مواجهة العقوبات الأوروبية الجديدة، لكن مهما كانت نبرة خطابه، فإن المرشد الأعلى تواق لتجنب «ربيع فارسي» جديد، شبيه بالانتفاضات التي انطلقت في دول في الشرق الأوسط العامين الماضيين. إن مثل هذه الصدمة للنظام، لم ترها إيران منذ أن قمعت المتظاهرين بعد فضيحة «تزوير» الانتخابات.
التزوير الأول، تلته مظاهرات، ليس معروفا ما سيلي «التزوير» الثاني المتعلق هذه المرة بالدولارات. واجه خامنئي الشعب من أجل محمود أحمدي نجاد، لكن الرئيس الإيراني اختلف مع المرشد، وهو الآن يمضي أيامه يصارع وحيدا (أعوانه في السجون) ينتظر انتهاء فترة رئاسته في الصيف المقبل.
علامات متزايدة من اليأس واضحة من خلال القرار لتشويه السوق بدولارات مزيفة. والشعب الإيراني لا يدفع فقط ثمن سوء الإدارة الاقتصادية أو العقوبات الدولية التي فرضت عليه نتيجة لسياسات النظام، بل إنه يدفع ثمنا باهظا لدولارات مزيفة.
بالنسبة إلى العقوبات الأوروبية الأخيرة (15 أكتوبر/ تشرين الأول)، فإنها تحول جديد في الجهود الدولية الرامية إلى دفع إيران لإعادة رسم سياساتها الخارجية. لكن من المضلل الافتراض بأن العقوبات الأوروبية الجديدة ستدفع بإيران إلى اتخاذ مواقف جديدة من القضايا التي تسبب خلافاتها مع المجتمع الدولي، خصوصا سياستها النووية. وما سجلها الإقليمي الأخير، إلا دليل واضح للسبب الذي يجعل شعوب المنطقة تشعر بقلق بالغ.
الحالة الأكثر وضوحا، هي سوريا، حيث إن «الحرس الثوري» متورط عسكريا مع نظام بشار الأسد، وفي كثير من جوانب الحياة المدنية. وينوي الإيرانيون الآن توفير الكهرباء لدمشق إثر اتفاق وقعه البلدان قبل ثلاثة أشهر وبموجبه تزود طهران دمشق بـ250 ميغاوات من الكهرباء، وذلك للتعويض عن الهجمات على شبكة الكهرباء، وبعد توقف الإمدادات من تركيا، والأردن ومصر.
وكشف مؤخرا كيف أن «الحرس الثوري» يلعب دورا حتى في التفاصيل المتعلقة بالأمن الشخصي للرئيس السوري.
ثم هناك حزب الله في لبنان، الذي يدين بالولاء الآيديولوجي لولاية الفقيه، والذي يتلقى الأوامر مباشرة من طهران. والخوف الآن من انتشار الدولارات المزورة في لبنان، الأمر الذي قد يزعزع الاقتصاد اللبناني أكثر. الحزب، رغم النفي، تزايد دوره على المسرح السوري في دعم النظام ضد المعارضة.
سوريا وحزب الله من «الشرايين» الحيوية لإيران، تريد تعويمهما باستمرار حتى على حساب الشعب الإيراني. هي تدرك أن خروج سوريا من لبنان، جعلها تواجه المشكلات داخل أرضها، في السابق كانت تقاتل فوق الأرض اللبنانية وبحياة اللبنانيين. إيران تعرف أن دورها في سوريا الآن، كدور سوريا سابقا في لبنان، يجب أن تبقى المشكلات هناك، فإذا انتهت بسقوط النظام، انتقل الصراع إلى الداخل الإيراني. ثم إن سقوط النظام السوري يقطع شريان الحياة الأساسي لحزب الله، مهما قيل عكس ذلك.
بطبيعة الحال، فإن جهود إيران لتجاوز العقوبات، لا هوادة فيها، ويمكن أن تصبح أكثر إبداعا في الوقت الذي يزداد فيه النظام يأسا. ومما لا شك فيه أن إيران ستحاول اللجوء إلى كل بدعة أو خدعة قبل أن تقبل بأن يفرض عليها تقديم تنازلات.
تجدر الإشارة إلى أنه في حالات سابقة عندما واجه النظام الإيراني تحديات رئيسية اقتصادية وسياسية، تجنب التحولات الكبرى في السياسة الخارجية، وفضل أن يكون متهورا في سياسته الاقتصادية لمنع سخط الشعب بدلا من التعامل مع قضايا سياسية ضرورية لوضع إيران على طريق النمو والاستقرار، وفضل أن يشكل تهديدا لدول المنطقة بدلا من أن يكون شريكا.
كان ذلك قبل زمن العقوبات القاسية، وقبل أن تجف خزينته من الاحتياطي المالي. لكن، هل يستطيع في الحالة الجديدة المراهنة على صبر الشعب الإيراني وإلى متى؟

الجمعة، 26 أكتوبر 2012

خلافة السعودية بين ترتيبات الحكم ورياح ثورات الربيع العربي ورسالة سرية من الوليد بن طلال للدولة ؟

ويكيليكس العربية

نظراً لحساسية الموضوع نأمل الاستنتاج والقراءه قبل الحكم على الكاتب , فالموضوع بين ترتيب خلافة هادئة لحكم الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وتدبير رياح ربيع عربي قد تهب على العربية السعودية بشعارات اجتماعية وطائفية أو حقوقية تحملها النساء يرتسم المستقبل القريب للمملكة. وهو مستقبل لن يبتعد كثيرا عن تركيبة جديدة بين دين رسمي منفتح للدولة مع تعميق الإصلاح السياسي والحقوقي والاجتماعي تستفيذ منه شرائح المجتمع.


كيف تتحكم السعودية في التيار السلفي في العالم العربي !!


بدأ ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز إجازة خاصة في الخارج، وأعلن الديوان الملكي السعودي خبر مغادرة الأمير سلمان، الذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع مطار جدة حيث كان في وداعه عدد من الأمراء ومسؤولي الدولة السعودية. ويأتي سفر الأمير سلمان مباشرة بعد انقضاء عطلة عاهل البلاد الملك عبد الله بن عبد العزيز في المغرب، حيث قضى فترة نقاهة بعد القمة الإسلامية التي احتضنتها المملكة.

تغريدة مجتهد حول سفر الأمير سلمان إلى المغرب !

ويكيليكس العربية

الديوان يؤكد خبر مجتهد عن سفر ولي العهد للمغرب. واذا يسر الله سأكتب لكم عن مستقبل العائلة بعد الملك عبد الله ومن الذي ينوي "القفز" على العرش (@mujtatuidd) . ويأتي إعلان الديوان الملكي السعودي عن سفر ولي العهد بعد تكتم قصير، سبقته مصادر إعلامية كشفت أن "الإجازة الخاصة" للأمير سلمان ستكون كذلك في المغرب.

في هذا السياق أكد "مجتهد" – وهو مغرد على شبكة التواصل الاجتماعي "تويتر" اكتسب مصداقية من خلال كشف عدد من الأسرار والملابسات في السعودية وداخل العائلة الحاكمة إلى درجة أن لقب بـ"ويكيليكس السعودية"، أن "الديوان الملكي يؤكد خبر مجتهد عن سفر ولي العهد للمغرب. وإذا يسر الله سأكتب لكم عن مستقبل العائلة بعد الملك عبد الله ومن الذي ينوي "القفز" على العرش".

تحضيرات الأمير سلمان !

وكان العاهل السعودي قد أناب، قبل مغادرته العربية السعودية في اتجاه المغرب، ولي العهد بتسيير أمور المملكة. وجاء في بيان للبلاط الملكي "أنبنا بموجب أمرنا هذا صاحب السمو الملكي الأخ الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد في إدارة شؤون الدولة ورعاية مصالح الشعب خلال فترة غيابنا عن المملكة." وتداولت وسائل الإعلام نقلا عن مصادر فرنسية مطلعة دعوة ولي العهد السعودي الأمير سلمان لاجتماع للعائلة الحاكمة في العربية السعودية يومي 31 آب/أغسطس والأول من أيلول/سبتمبر، خلال الفترة التي كان عاهل البلاد يقضي فيها عطلته الصحية في الدار البيضاء بالمغرب.

وعلقت وسائل الإعلام على الاجتماع النوعي الذي دعا إليه الأمير سلمان الأمراء وأعضاء العائلة الحاكمة، باعتباره استباقا لمرحة ما بعد الملك عبد الله، وتحضيرا عائليا قبليا لخلافة العاهل الحالي، خصوصا في ظل توارد الأنباء والتقارير عن الوضع الصحي الحرج لعاهل البلاد الملك عبد الله.

ويكيليكس العربية
وكتب "مجتهد" على "تويتر"، والذي لا يستبعد المراقبون أن يكون عضوا مقربا جدا من الأسرة الحاكمة أو من أجهزة الدولة، أن هناك تخوفا لدى المسؤولين في المملكة من تدهور صحة الملك عبد الله، وأنه تم تزويد طائرته في عودته من المغرب بتجهيزات طبية إضافية ويجري مراجعة صحته يوميا الآن. وأضاف "مجتهد" أن التقارير الطبية تحذر من تطورات فجائية في صحة الملك.

ويأتي الاجتماع الذي دعا إليه الأمير سلمان في ضوء إدراك العائلة المالكة في السعودية لخطورة تداعيات تعيين ولي العهد، في نسختيه الأخيرتين، الأولى مع الأمير نايف والثانية مع الأمير سلمان، على استقرار الوضع في المملكة خصوصا مع التأثير الذي تفرضه رياح الربيع العربي والقلاقل التي قد تثيرها بعض القضايا الأمنية في شرق المملكة.

الربيع العربي في المملكة ورسالة الامير الوليد بن طلال الى الدولة !

ويكيليكس العربية

وفضلا عن حساسية قضية الخلافة في المملكة، والتي لا محالة سيكون لها انعكاسات في الداخل والخارج، بالنظر لثقل السعودية على المستوى العربي والإقليمي والدولي.. فإن عوامل أخرى اجتماعية وطائفية سيكون لها تأثير في المستقبل القريب للمملكة. في هذا السياق كتبت الباحثة "كارين إليوت هاوس" في كتابها: "الشعب والتاريخ والدين: بين الأخطاء والمستقبل" تقول إن أكبر تحدي سيواجهه الرئيس المقبل للولايات المتحدة الأمريكية هو تحدي المملكة السعودية إن حدثت فيها ثورة تقضي على حكم الأسرة الحاكمة فيها.

ويكيليكس العربية
قضية الخلافة في السعودية !

وتعدد الأسباب والعوامل المساعدة على الثورة في العربية السعودية، منها الجوانب الديموغرافية مع ارتفاع نسبة الشباب في المملكة وعدم مسايرة المستوى المعيشي لذلك. وتقدم الباحثة أرقاما لذلك، منها أن 60 في المئة من السعوديين هم من الشباب تقل أعمارهم عن 20 سنة، وأغلبيتهم لا أمل لهم في الحصول على وظيفة، وأن 60 في المئة من السعوديين لا حظ لهم في امتلاك مسكن، و40 في المئة منهم يعيشون تحت عتبة الفقر.

ويكيليكس العربية
في المقابل يتمتع أفراد العائلة المالكة، من 25 ألف أمير وأميرة من نظام للريع والامتيازات، حيث لكل منهم ممتلكات وعقارات وأراض ويتقاضون رواتب. وتورد الباحثة عاملا آخر لعدم استقرار المملكة هو ما أسمته بالعنصرية بين المناطق، حيث ينظر أهل الحجاز ومنطقة الشرق والشيعة إلى الوهابية باعتبارها نظاما مفروضا عليهم من قبل أهل نجد. كما تشير إلى وضع المرأة السعودية والتمييز الجنسي التي تعانيه والذي يقف حجرة عثرة أمام تطورها وإسهامها في بناء المجتمع السعودي.

الثروة الملكية لأل سعود !

ويكيليكس العربية

تبلغ ثروة آل سعود أكثر من تريليون دولار أمريكي (1000 مليار دولار). هذا ما يعادل ضعف الناتج المحلي الإجمالي السعودي الذي يبلغ حوالي 600 مليار دولار.

وكشفت وثائق سرية آنذاك أن "عائدات مليون برميل من النفط يومياً تعود بأكملها إلى خمسة أو ستة أمراء". تشرح تفاصيل توزيع المداخيل بين أفراد العائلة الحاكمة حيث بلغت المعاشات الشهرية حتى 270 ألف دولار إلى أبناء عبد العزيز بن سعود. وتتضمّن المكافآت هدايا الزواج ومبادرات بناء القصور إضافة إلى "الوفاء بوعود الأمراء المالية" ومكافآت شهرية أيضاً لأفراد وعائلات من خارج العائلة المالكة. وتشير الوثيقة بأن الأمراء يقومون بالإستيلاء على الأراضي وبيعها بأموال طائلة على الدولة.

وحسب الوثيقة فان مخصصات أمراء آل سعود كلفت خزينة الدولة ملياري دولار في سنة 1996م وحدها. فأبناء عبدالعزيز يتقاضون شهرياَ : مليون ومئة وخمسة وعشرون ألف ريال و أحفاد عبدالعزيز يتقاضون شهرياَ: مئة وإثني عشر ألف وخمسين ريال و أبناء الأحفاد يتقاضون شهرياَ : ثمانية وأربعون ألف وسبعمئة وخمسون ريال و أحفاد الأحفاد يتقاضون شهرياَ : ثلاثين ألف ريال .

ويكيليكس العربية
علم الدولة السعودية الأولى 1744 - 1818
أئمة الدولة السعودية الأولى !



محمد بن سعود
عبد العزيز بن محمد
سعود بن عبد العزيز
عبد الله بن سعود

ويكيليكس العربية
علم الدولة السعودية الثانية 1824 - 1891
أئمة الدولة السعودية الثانية !

الإمام تركي بن عبد الله بن محمد آل سعود
الإمام مشاري بن عبد الرحمن بن مشاري آل سعود
الإمام فيصل بن تركي
الإمام عبد الله بن ثنيان بن إبراهيم بن ثنيان بن سعود
الإمام عبد الله بن فيصل
الإمام سعود بن فيصل
الإمام عبد الرحمن بن فيصل

ويكيليكس العربية
علم المملكة العربية السعودية الحالي
ملوك المملكة العربية السعودية !

الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود
الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود
الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود
الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود
الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود
الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود.


فهناك حيزا هاما للعوامل السياسية، منها رياح الربيع العربي التي تدعو السعوديين إلى أمل في نظام آخر ديمقراطي بديل، ومنها كذلك الصراع على السلطة داخل النخبة الحاكمة، مشيرة في ذلك إلى ما حصل في الدولة السعودية من قبل في أواخر القرن التاسع عشر، والأثر الذي حلفته الصراعات على السلطة. فيما يبدو أن خطر الفوضى يبقى قائما، ومصدره قد يكون بعيدا عن الصراعات داخل آل سعود، كانتفاضة تيارات دينية غير راضية على التحالف القديم مع الولايات المتحدة الأمريكية.

مشاركة الباحث / فارس البقمي الديوان الملكي
الاقتصاد في مصر: الاستثمار والاستقرار .. وحسابات أخرى
الأربعاء, 24 أكتوبر 2012 00:11
http://www.english.globalarabnetwork.com/images/stories/2010/Dec/egypt_trade.jpg
لاشك أن الاقتصاد المصري في مرحلة صعبة ومعقدة ولا يمكن لأشد الناس تفاؤلا أن يقول غير ذلك.. فالاقتصاد ينحدر والاستقرار ينحسر.. والشعب ينتحب.. والحكومة ماذا تنتظر؟
ولا يمكن أن تظل الأمور هكذا كما يقال "سمك لبن تمر هندي" أي من دون تنسيق حتى في التصريحات الحكومية التي تفتقد الترابط والانسجام والاتساق الذي يعكس مدى الثقة والمصداقية في الأرقام المتضاربة والتأويلات المتناقضة أو المغرضة التي تتناقلها وسائل الإعلام، ليبدو أمامنا مؤشر النمو البطيء والأكثر بطئا متوازيا مع التراجع الاقتصادي السريع، لا أقول إن ذلك ممنهج أو غير مقصود، لا أدري حقيقة، ولكن المؤكد أنه لا أحد يرغب في سقوط الدولة، والمؤكد أن السهام الموجهة لشخص الرئيس مرسي ولمؤسسة الرئاسة وقراراتها المتباينة أو المهتزة، تهز وتزلزل كيان الأمة وأركانها، ولا أريد أن أركن إلى نظرية المؤامرة لأن السهام تأتي من الموالين قبل المعارضين ومن المحبطين والمتربصين، والشيء المؤكد أيضا أنها تصب في اتجاه واحد وهنا مكمن القوة والخطورة أيضا، نظرا لأن المشاهد المطروحة من الرئيس ومؤسسة الرئاسة ومستشاريها وأعضاء الحكومة والمتشدقين والمشتاقين والمتقولين بالحق والباطل من حزب الحرية والعدالة يجعل من الصعب عليهم الصمود طويلا، لأن كل تفاصيل هذا المشهد عبثية وتنخر في أركان الدولة من دون أن يدري كل هؤلاء أن العواقب وخيمة، خاصة مع زيادة السخط الشعبي الذي يتضاعف ويتأجج كلما تضاعفت المعاناة اليومية، الأمر الذي قد يفجر براكين الغضب والثورة من جديد. وهذا يحتم علينا جميعا أن ننتبه إلى هذه المخاطر، وأن تكون حساباتنا واضحة في الرغبة في الخروج من هذه الأزمة وهذا المأزق الذي يهدد المصير والمستقبل، لأن عدم الاستقرار السياسي وكثرة الجدل القائم بين كل الفئات يقودانا إلى الفشل في بناء وإعادة القوة إلى الاقتصاد المصري، ليكون قاعدة عملاقة في الشرق الأوسط وإفريقيا لجذب واستيعاب الاستثمارات العالمية والإقليمية.
ومن ثم علينا أن نعلي مصالح الوطن وننحي المواقف الشخصية جانبا – ولو مؤقتا – وأن نمد أيدينا لإنقاذ السفينة الجانحة وتعويمها قبل أن تغرق ونغرق معها، بغض النظر عن الرئيس مرسي وحزب الحرية والعدالة اتفقنا أو اختلفنا معهم أو حولهم، حتى يعبر الاقتصاد المصري من عنق الزجاجة، وحتى نتغلب على هذه المحنة القاسية التي تقاسي منها مصر، والتي لم تشهدها على مر التاريخ، والأمر يستوجب أن يثبت المصريون قوتهم وحرصهم على وطنهم ومستقبلهم وأن يسمو فوق كل خلاف، وهذا ليس ضعفا بل هو تحضر ورقي سيدفع مصر إلى مصاف الأمم والشعوب، وفي المقابل هناك التزامات قبل النظام الحاكم في أن يعيد تنظيم أوراقه ويلملم الجراح ويبث الثقة والطمأنينة في أن الاقتصاد المصري يدعمه الاستقرار السياسي والتوافق الاجتماعي، ولن يتأتى ذلك بالتمني أو النوايا الحسنة، لأن المطلوب من الرئيس والحكومة تقييم الوضع الاقتصادي بشفافية وصدق، وطرح روشتة العلاج السريع، ووضع الخطط المدروسة لمواجهة الفوضى والانفلات والأزمات القائمة والتداخلات بين السلطات والفجوة التشريعية، والحد من سيل الفتاوى والتصريحات من المؤهلين لذلك أو غيرهم من غير المتمرسين في الشأن السياسي والاقتصادي، لأنها تضر أكثر مما تنفع، وعلاج ملفات السياحة والأمن والأمان والاستقرار- لأن جميعها عوامل طرد للاستثمارات- كذلك تحديد آليات وتوقيتات التطبيق، من خلال خريطة طريق واضحة ومحددة المعالم، حتى نعوض الخسائر التي مني بها الاقتصاد منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن، حتى يمكن أن تكون الحسابات الأخرى وفق معايير المحاسبة واقعية ومنطقية، وليست كما حدث من لغط ومهاترات حول إنجازات المئة يوم التي وعد بها الرئيس مرسي، ومحاولة محاسبته عليها، وهي فوق طاقة البشر لأنها تراكمات لأزمات تولدت وتشعبت وتجذرت في ثلاثة عقود أو أكثر ومن المستحيل علاجها في تلك المدة القصيرة، وهذا ليس دفاعا عن الرئيس أو النظام بل دفاع عن مصالح الوطن والأجيال القادمة، وعلينا أن نؤجل المحاسبة حتى تتاح للنظام المسافة الزمنية والمساحة المكانية، التي تمكنه من تنفيذ برنامجه، وتمكنا من أن نحاسبه، وأيضا حتى يتفرغ الشعب للعمل والإنتاج.

محمد محمود عثمان
كاتب اقتصادي مصري 
في ظل ارتباك محلي وإقليمي .. أخونة الدولة وتكلفة الخلافة

الاثنين, 22 أكتوبر 2012 00:44
تحدي الإخوان اليوم هو إيجاد صيغة توازن بين أخونة الدولة في السياق المحلي، وبناء الخلافة وتكاليفها المالية في السياق الإقليمي العربي، وما يتبع الحالتين من ارتباك محلي وإقليمي. استمرارية مشروع الإخوان يحتاج إما إلى قوة إنتاجية بحجم الاقتصاد التركي - ومصر وتونس ليستا تركيا لا من حيث حجم الاقتصاد أو حتى من ناحية العمالة المنتجة.
أما الحل الثاني فهو يتمثل كما ذكرت في مقال سابق في الاستحواذ على دولة نفطية تنفق على مشروع الخلافة الطموح. أخونة الدولة مشروع ليس بهين ويواجه تحديات كبيرة في الدول الفقيرة مثل تونس ومصر، كما تسرب من فيديو الشيخ الغنوشي أو من ممارسات الإخوان في مصر، كما رأينا في المواجهات الدامية في ميدان التحرير. ما يواجهه مشروع الأخونة من تحديات مع خصوم محليين، جماعة الرئيس المنصف المرزوقي والقوى المدنية في تونس، أو السلفيين والقوى المدنية في مصر، ليس بالأمر البسيط. الخطر في خياري أخونة الداخل كحل أو الاستحواذ على دولة نفطية كحل بديل هو أن فشل الواحدة منهما يدفع بالإسراع في الأخرى، أي أن فشل مشروع الأخونة في داخل الدول الفقيرة قد يكون محركا باتجاه الاستحواذ على النفط. ويخرج الإخوان من مواجهاتهم المحلية إلى مواجهات إقليمية أكثر تعقيدا. تصريح وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد يرسم خطا في الرمل يقول للإخوان إن الإقليم قد يتعامل معهم داخل الدولة الوطنية، ولكنه لا يستطيع أن يتعامل معهم على أنهم حركة عابرة للحدود. هذه هي أول طلقة إعلامية في المواجهة ما بين الدول النفطية المستهدفة وبين مشروع الإخوان العابر للحدود.
دعني أبدأ بتبعات برنامج الأخونة في الداخل، الذي فشل في نماذج أخرى مثل فلسطين والسودان وأدى في الحالتين إلى تقسيم الدولة في حالة السودان وتمزيق الحركة في حالة فلسطين. طبعا أخونة تركيا نموذج احتوائي لتنوع الدولة والمجتمع غير النموذج الحمساوي الإقصائي أو نموذج الترابي - البشير المتطرف في إقصائيته في الحالة السودانية والذي أدى إلى فقدان الجزء الأكثر ثراء من الوطن. تبعات أخونة الدولة لن تطال الدولة المحلية التي ينفذ فيها برنامج الأخونة ولكن ستطال التنظيم العالمي الذي يمثل وحدة التخطيط الاستراتيجي للإخوان. مما يضع التنظيم في مواجهة مباشرة مع الدول الغنية في الإقليم ويؤدي إلى اختلال ميزان العلاقات الدولة في المنطقة وأبعد منها.
بداية وفي مصر لم يكن يخطر ببال أحد أن كلمة الحل في شعار الإخوان «الإسلام هو الحل» تعني التفكيك وليس حل المشكلة، فمشروع أخونة الدولة الذي نراه في كل من مصر وتونس بعد الثورة هو مشروع تفكيك للدولة وليس حلولا لمشاكل المواطنين، كما أنه مشروع إقصائي يفرق، وليس مشروعا احتوائيا يجمع القوى الوطنية حسب الحد الأدنى للتوافق الوطني، وهذا بالضبط ما أدى إلى فشل نموذج الحركة في كل من السودان وغزة.
الدم الساخن الذي سال في ميادين مصر يوم الجمعة 12 أكتوبر 2012 في مواجهات بين الإخوان المسلمين والقوى الرافضة لأخونة الدولة وتفكيك مفاصلها، والرافضة أيضا لدستور الإخوان، هو دم أخونة الدولة. لعنة الدم عند المصريين منذ الفراعنة هي نذير نهايات وزوال سلطة، فعندما يتخطى الحاكم عتبة الدم، لا يجد في المجتمع من يؤيده، ويترك ليسقط بجراء فعلته، ومن ينظر إلى الأحداث الأخيرة يرى بوضوح لا لبس فيه، أن الذي أزاح مبارك عن الحكم في النهاية هو الدم الذي سال يوم ما عرف بموقعة الجمل، فقبلها بيومين وقبل الدم كان المجتمع المصري منقسما بين مؤيد ومعارض حول خطاب مبارك الثاني، وما إن سال الدم حتى انفض القوم من حول مبارك وتركوه يسقط. الذي أزاح المشير طنطاوي وشلته عن الحكم، هو الدم الذي سال في شارع محمد محمود والتحرير ومجلس الوزراء، لذا وعندما نفخ فيهم مرسي وطاروا لم يجدوا من يقف معهم، فعتبة الدم عند المصريين هي الفيصل ويبدو أن الإخوان اقتربوا من تخطي هذه العتبة التي تنقلب عندها الموازين.
هاجس الدولة العميقة المنقول من النموذج التركي، الذي يسكن في رؤوس الإخوان كما العنكبوت، ربما يكون فيه بذرة تحويل مشروع الأخونة إلى مشروع فوضى محلية. إقالة المشير طنطاوي وشلته كانت هي الاختبار الأول لنجاح برنامج أخونة الدولة أمام أعتى السلطات، ولما اكتشف الإخوان أن المجلس العسكري، وما كانوا يتخيلونه قوة ضاربة وسدا منيعا ضد الأخونة انهار أمام أعينهم في لحظة. بلغة سيدة الغناء العربي أم كلثوم «كان صرحا من خيال فهوى» مما شجع الإخوان على الاستقواء على السلطات الأخرى بضم الهمزة. قرر الإخوان بالأمس أن يجربوا الشيء نفسه مع مؤسسة القضاء، لذا أعلن الرئيس مرسي بالأمس عزل النائب العام عبد المجيد محمود من منصبه وعينه سفيرا لمصر لدى الفاتيكان. والنائب العام حسب القانون المصري هو سلطة مستقلة لا يحق لأحد أن يعزله من منصبة بما في ذلك رئيس الدولة. ورفض النائب العام قرار الرئيس وتضامن معه قضاة مصر، وهنا دخل الإخوان في مواجهة مع مؤسسة القضاء التي بدت في أول مواجهة لها مع الإخوان أنها أكثر صلابة من العسكر. الرئيس مرسي الآن لديه سلطات الرئيس وسلطات مجلس الشعب، وبقي أن يستحوذ على سلطات القضاء في يده حتى يصبح مستحوذا على جميع السلطات.
قبل الأمس كانت الاحتجاجات ضد النائب العام عبد المجيد محمود بعد إعلان براءة المتهمين في موقعة الجمل ولكن اليوم الأمر اختلف، إذ تتعاطف القوى الوطنية مع موقف النائب العام وترفض قرار مرسي للنائب العام، الذي يعتبر خرقا لقوانين الدولة، إذن ما نراه في مصر هو أن الإخوان يفتحون جبهات مع كل القوى تقريبا، وهم يقومون بعملية الأخونة التي هي في الأساس عملية زراعة الأعضاء الإخوانية في كل مفاصل الدولة، والدول العجوزة كمصر قد تلفظ زراعة الأعضاء. كما أن قطاعات عريضة من المصريين تتهم الإخوان اليوم كما قال الشاعر المصري عبد الرحمن الأبنودي بأنهم «الحزب الوطني لكن بدقن»، فقضايا التوريث وعلاقات الدم بدت سمة من سمات نظام الإخوان وأبرزها أن نائب الرئيس محمود مكي هو شقيق وزير العدل أحمد مكي. علاقات الدم كانت نقطة الضعف التي أسقطت مبارك، ومعظم شبكة أخونة الدولة هي تعتمد على علاقات الدم في المقام الأول، مما يحول النزاع في مصر من صراع آيديولوجي إلى صراع بدائي وقبلي تحكمه علاقات الدم. ولعنة الدم كما ذكرت آنفا هي نذير سقوط الدول وزوالها.
نتيجة لعدم خبرة الإخوان بما يعرف بإدارة القوة، من الوارد أن ينفلت عقال الأخونة وتتحول إلى حالة من الفوضى. مهم أن نعرف أن العسكر منذ جمال عبد الناصر وحتى مبارك ركبوا على جهاز الدولة القديم وأقاموا شراكات مع بقايا نظام الملك وحتى مع الإخوان أنفسهم، ولم يمسوا مفاصل جهاز الدولة وعصبها، لأنهم كانوا يعرفون مدى هشاشتها، فالدولة في مصر ليست كما في تركيا دولة عميقة، بل هي دولة هشة، ومتى ما تم العبث بها فقد تتطاير شظاياها في وجه جماعة الأخونة. انهيار نظام قوامه أكثر من ثمانين مليون نسمة له تبعات كبرى على مصر وعلى الإقليم. وليجهز الجميع نفسه إلى حالة من العبث لإنقاذ برنامج الأخونة، إما من خلال استخدام التنظيم الدولي في العبث بمقدرات دول غنية يتصور الإخوان أن فيها إنقاذا لنظامهم، أو من خلال مزيد من الدماء داخل كل دولة على حدة. والإشارات واضحة في نماذج سابقة في غزة والسودان، فهذا خالد مشعل يقول إن مشروع حماس قد فشل، ومن قبله أعلن الترابي فشل مشروعه، بعد ما دفعت فلسطين والسودان ثمن المراهقة السياسية للإخوان. فهل ينجح إخوان مصر في الانتقال من مراهقة الحركة إلى رشد الدولة كما طالبهم الوزير الإماراتي؟ المؤشرات غير مبشرة.

الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

الصحف المصرية




كاتب بصحيفة الاخوان يهدد الإمارات بالتدخل بشؤونها الداخلية وتشجيع المعارضة.. رسالة مرسي لبيريس تثير المصريين
حسنين كروم

2012-10-22





القاهرة - 'القدس العربي' كثيرة هي المواضيع الاعلامية في الصحف المصرية وينافس بعضها بعضا بحيث أجد صعوبة في تقديم أحدها على الآخر، مثل حضور الرئيس المناورة البحرية - انتصار البحر 45 - بمناسبة عيد البحرية ونشر جريدة حزب الإخوان 'الحرية والعدالة' الخبر في صفحتها الثالثة، وتكرمت بذكر اسم قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح السيسي وحضوره مع الرئيس، حتى يتعرف عليه قادة وضباط وجنود الجيش. وواصلت عدم ذكر اسم الفريق صدقي صبحي رئيس هيئة أركان الحرب لأنها لا تريد أن تشهره.
كما سارع رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار التحرير التي تصدر 'الجمهورية' و'المساء'، مصطفى هديب إلى عقد مؤتمر نفى فيه ما ذكره رئيس تحرير 'الاسبوع' زميلنا وصديقنا بأن مطبعة المؤسسة عطلت طبع الجريدة بسبب حديثه مع المشير طنطاوي، وقال ان هناك عطلا بسبب بعض الزنكات، ولم يحدث تأخير وأن المؤسسة تكن احتراما شديدا للقوات المسلحة وأن الذي أنشأها هو جمال عبدالناصر، دون ان يسبقه بخالد الذكر. كما فوجئت مساء الأحد على قناة القاهرة والناس بإعلان متكرر عن صحيفة 'الأهرام' وظهور رئيس تحريرها زميلنا عبدالناصر سلامة يلقي ما يشبه المحاضرة عن الوضع الاقتصادي ويقوم بالإشارة الى ان كلام الرئيس عن الشركات التي عليها متأخرات مالية أدى الى مشكلة. وقام عدد لا بأس به من الصحافيين بالتظاهر أمام مجلس الشورى احتجاجاً على قيام رئيسه الإخواني أحمد فهمي بعزل رئيس تحرير 'الجمهورية' زميلنا جمال عبدالرحيم من منصبه، وتصعيد الأطباء لإضرابهم، وتظاهر لاعبي كرة القدم أمام القصر الجمهوري احتجاجا على عدم استئناف الدوري العام، وأخبار الحجاج وأسعار لحوم العيد.
وإلى شيء من أشياء كثيرة عندنا:

الإخوان وموقفهم المتناقض من القومية العربية

ونبدأ بما كادت الشيخوخة والمرض والشيطان قبلهما، أن ينسونا حكاية الإخوان المسلمين وموقفهم من الدول الوطنية والقومية والوحدة العربية، والتي حاول عدد منهم إبرازها. وأهمهم الدكتور محمود غزلان المتحدث الرسمي باسم الجماعة، وذلك في إطار الرد على الهجوم الذي شنه ضدهم الشيخ عبدالله زايد وزير خارجية الإمارات، وكنا قد أكدنا انه لا شأن لنا من قريب أو بعيد بهذه المعركة التي بدأها مبكرا الفريق ضاحي خلفان قائد شرطة دبي، عندما دشن حملات اتهم فيها الإخوان بالتآمر، ثم أحالت السلطات ستين من رعاياها إلى محكمة الجنايات قالت انهم من الإخوان وتم ضبطهم يتآمرون على الدولة، وهم لا يؤمنون بالدولة الوطنية.
ذلك أن معركتنا سواء ضد الإخوان أو التيار الإسلامي عموما هي أساسا بسبب عدائهم الصليبي للقومية العربية، والدعوة للوحدة بين شعوبنا، وإقامة دولة عربية موحدة من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، فيدرالية أو كونفيدرالية، تحكمها أحزاب رأسمالية أو اشتراكية، أو بين بين، أو بها أي اتجاه اقتصادي، هذا ما يختاره الناس في انتخابات ديمقراطية، والدعوة للوحدة قادتها وضحت من أجلها، أجيال متعاقبة، لأنها تعكس حقيقة وجود شعب واحد ممزق يسعى لجمع أشلائه في كيان سياسي موحد، ولم يخلق القومية بعثيون أو ناصريون أو غيرهم، لأنها ليست حزبا سياسيا ولا مذهباً اقتصادياً، ولذلك تتصادم مع دعوتين، أخرييين الأولى، الإقليمية التي يدعو أصحابها إلى الاكتفاء بالدولة الوطنية التي نشأت في العالم العربي خاصة بعد الحرب العالمية الأولى، وما تلاها، ومنها دول كان لها وجود تاريخي قديم مثل مصر واليمن والعراق التي كانت معروفة باسم - ارض السواد، ونشأت حضارات قديمة على أرضها، ومنها دولة حديثة كما حدث في الشام وتقسيمها أو مقسمة وتوحدت مثل السعودية وليبيا، وهذه الدول سواء التي نشأت حديثا أو القديمة أرادت تدعيم استقلالها الوطني والبحث عن هوية تميزها.
والدعوة الثانية قادها دعاة عودة الخلافة الإسلامية، ممثلة في الدولة العثمانية والتي ألغاها رسمياً عام 1924 مصطفى كمال أتاتورك، لكن هذا التيار كان ضعيفا لأنها عمليا كانت دولة الخلافة لا وجود سياسي حقيقي لها، وقضى عليها أصحابها أنفسهم في تركيا وأداروا ظهرهم للعالم الإسلامي واتجهوا إلى أوروبا.
والذي يوضح مدى عمق إيمان الشعوب العربية بقوميتها، أن الدعوة للوحدة العربية هزمت دعاة الإقليمية وهم في عنفوان قوتهم، عندما انتشرت الدعوة القائمة على أساس القومية العربية، لا الدين أو العرق أو غيره، لأنها تشمل الجميع، وتم الانتصار رسمياً، باتفاق الدول العربية السبع، التي نالت استقلالها الحقيقي أو الشكلي على إنشاء جامعة الدول العربية، لتكون الإطار الذي يجمعها والسير بها نحو وحدتها القومية، هذه الدول السبع كانت مصر والعراق وكانتا خاضعتين للاحتلال البريطاني ولهما استقلال شكلي منذ عام 1936 والمملكة العربية السعودية، والمملكة المتوكلية اليمنية - أي دولة - السعودية - يحكمها المذهب الحنبلي المسمى خطأ الوهابي، والثانية تحكمها أسرة شيعية تنتمي إلى المذهب الزيدي، وهو الأشد قرباً إلى أهل السنة، وكذلك سورية ولبنان وإمارة شرق الأردن، والتي تأسست بعد الحرب الأولى، وكل دولة عربية كانت تحصل على استقلالها تسرع بالانضمام إلى الجامعة العربية، وهو ما حدث مع ليبيا التي كانت مقسمة لثلاث وحدات سياسية، ومع السودان الذي كانت مصر تعتبره جزءا منها، ثم تونس والمغرب والجزائر وموريتانيا، أي بمجرد تأسيس الدولة الوطنية كانت في اليوم التالي تسرع للانضمام الى الإطار القومي الأوسع، وكانت هذه الظاهرة صدمة شديدة، لدعاة الإقليمية، ولدعاة العودة للخلافة، وحتى لا نغرق في التاريخ، وان كنت أجد من الضروري توضيح، او التذكير بالأسس التي تقوم عليها الخلافات السياسية الآن، خاصة بعد أن حقق أعداء القومية العربية من دعاة الخلافة انتصارات مدوية وأثبتوا وجودا سياسيا حقيقيا، ويستحقونه عن جدارة، ولكن مشكلتهم انهم يسيئون تفسير ما حدث، ومواقف من انتخبوهم، وذلك عندما يعتقدون أنهم سوف يتقبلون منهم كل ما يطرحونه عليهم، دون أن يعلموا أن الذين انتخبوهم لم يفعلوا ذلك إلا باعتبارهم ضد الأنظمة الفاسدة، والاعتقاد انهم غير فاسدين وسيقيمون نظاما نظيفا يحقق مصالحهم، وانهم سيكونون تحت الاختبار، أما أن يثبتوا أن لهم مشروعا اقتصاديا يحقق ديمقراطية حقيقية كالموجودة في أوروبا وأمريكا وإسرائيل والهند.

حكاية الخلافة الإسلامية
ومعاداة الوحدة العربية وانكارها

أما حكاية الخلافة الإسلامية ومعاداة الوحدة العربية وانكارها، فلم تكن في ذهن أي فرد انتخبهم في مصر أو ليبيا أو تونس أو المغرب أو انتخبهم من قبل في الأردن واليمن، ولذلك كانت تصريحات المرشد العام الدكتور محمد بديع بأن حلم الخلافة العظمى الذي دعا إليه البنا بدأ يتحقق، نشازا، يكشف مدى حقد هؤلاء الناس على القومية والوحدة العربية، والعمل على هدم الجامعة العربية لحساب مشروعهم عن الخلافة لدرجة أن جريدتهم 'الحرية والعدالة' خرجت بمانشيت عن إلقاء مرسي كلمة أمام الجامعة - هو جامعة الشعوب صحيح أن إخوان تونس والمغرب والأردن واليمن لم يصرحوا بذلك، ولكنهم في الحقيقة لا يختلفون عن أشقائهم في مصر ولم يكشفوا عن عداء لدعوة القومية والوحدة فقط، وانما عن عداء للدولة الوطنية، ولم يكن تعبير طظ في مصر إلا انعكاسا لما يؤمنون به، وعندما أحسوا باستنكار أفكارهم حاولوا تصحيحها بالعودة إلى مؤسس الجماعة ومرشدها الأول المرحوم حسن البنا، كما قال محمود غزلان في رده على الشيخ عبدالله زايد، فما هو موقف البنا الحقيقي؟

البنا: الوحدة القومية
والوحدة العربية والوحدة الإسلامية

في كلمته أمام المؤتمر الخامس عام 1934 - قال البنا - كتاب من رسائل الإخوان:
'كثيراً ما تتوزع أفكار الناس في هذه النواحي الثلاث، الوحدة القومية، الوحدة العربية والوحدة الإسلامية، وقد يضيفون إلى ذلك الوحدة الشرقية، ثم تنطلق الألسنة والأفكار بالموازنة بينها وإمكان تحقيقها أو صعوبة ذلك الإمكان والتشيع لبعضها دون البعض الآخر، فما موقف الإخوان المسلمين من هذا الخليط من الافكار والمناحي ولا سيما وكثير من الناس يغمزون الإخوان المسلمين في وطنيتهم ويعتبرون تمسكهم بالفكرة الإسلامية مانعاً إياهم من الإخلاص للناحية الوطنية، والجواب على هذا إننا لن نحيد عن القاعدة التي وضعناها أساساً لفكرتنا، وهي السير على هدى الإسلام وضوء تعاليمه السامية، فما هو موقف الإسلام نفسه من هذه النواحي؟
ان الإسلام قد فرضها فريضة لازمة لا مناص منها أن يعمل كل إنسان لخير بلده حتى انه لم يجز ان تنقل الزكوات أبعد من مسافة القصر إلا للضرورة، وأن يخدم الوطن الذي نشأ فيه ومن هنا كان المسلم أعمق الناس وطنية، والإخوان المسلمون يحبون وطنهم ويحرصون على وحدته، ثم ان هذا الإسلام الحنيف نشأ عربيا ووصل إلى الأمم عن طريق وقد جاء في الاثر، إذا ذُل العرب ذل الإسلام، وقد نحقق هذا حين دال سلطان العرب السياسي وانتقل الأمر من أيديهم الى غيرهم من الأعاجم والديلم ومن إليهم، والعرب هم عصبة الإسلام وحراسه، وأحب هنا أن ننبه الى ان الإخوان المسلمين يعتبرون العروبة كما عرفها النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه ابن كثير عن معاذ بن جبل رضي الله عنه: 'الأردن العربية اللسان، إلا أن العربية اللسان'.
ومن هنا كانت وحدة العرب امرا لا بد منه لإعادة مجد الإسلام وإقامة دولته وإعزاز سلطانه، ومن هنا وجب على مسلم أن يعمل لإحياء الوحدة العربية وتأييدها ومناصرتها، وهذا هو موقف الإخوان المسلمين من الوحدة العربية، بقي علينا أن نحدد موقفنا من الوحدة الإسلامية، والحق أن الإسلام كما هو عقيدة وعبادة هو وطن وجنسية، وأنه قضي على الفوارق بين الناصر، ولا يعترف بالحدود الجغرافية ولا يعتبر الفوارق الجنسية الدموية ويعتبر المسلمين جميعا أمة واحدة ويعتبر الوطن الإسلامي وطناً واحداً مهما تباعدت أقطاره وتناءت حدوده وكذلك الإخوان المسلمون يقدسون هذه الوحدة، ينادون بأن وطنهم هو كل شبر أرض فيه مسلم يقول، لا إله إلا الله، محمد رسول الله'.

الوحدة كانت موجودة
بين الشعوب العربية وهي محتلة

هذا أبرز ما قاله البنا، والملاحظ هنا حقيقة بارزة، وهي أن دعوة الوحدة العربية كانت موجودة بين الشعوب العربية وهي محتلة، ونشأت ودعا كثيرون إليها قبل أن يظهر للوجود شيء اسمه حزب البعث العربي الاشتراكي الذي تكون في سوريا من حزبين، البعث العربي بقيادة ميشيل عفلق وصلاح البيطار، والثاني، الاشتراكي بقيادة، أكرم الحوراني، وقبل أن تقوم ثورة يوليو ويظهر خالد الذكر، كما ان فكرة الدولة الوطنية كانت في عنفوانها أيضاً، وتتهم دعاة عودة الخلافة بأنهم غير وطنيين.
والملاحظة الثانية البارزة هو ان البنا حاول ان يجمع تحت جناح الجماعة الدعوات الثلاثة، حتى لا يترك شيئاً للآخرين، أي الاستحواذ على كل شيء، عروبة ماشي، وطنية لا بأس، وحدة إسلامية، طبعاً، المهم ان يكونوا لنا، ويربط ذلك كله بالإسلام، بحيث أن يتمسك بدعوته إلى الوطنية، أو الوحدة العربية، يعتبر اتوماتيكيا خارجا عن الإسلام.

إذا ذل العرب ذل الإسلام

ولذلك فان محاولة الاستحواذ على الدعوات الثلاث معاً، أوقعته في تناقضات، معيبة جدا، ضد الوطنية، وضد القومية العربية بل وضد الإسلام ايضا، فهو عندما يقول: إذا ذل العرب ذل الإسلام، دون أن يستند إلى كلام للمولى تعالى في القرآن، أو حديث صحيح للرسول صلى الله عليه وسلم، مكتفياً بأنه منقول عن الاثر، ويطبقه على انتقال الأمر من أيدي العرب إلى الأعجم والديلم، فانه يعتبر المسلمين غير العرب بعيدون عن الإسلام أو غير مسلمين، طبعاً هو لم يقل ذلك، ولا يقصده طبعاً، لكن معنى كلامه يؤكده متناسياً الفتوحات العظمية التي قام بها قادة مسلمون من الفرس والديلم والمعارك التي خاضها قادة مسلمون من الأكراد والشركس، وهزيمتهم التتار والصليبيين، مثل صلاح الدين والظاهر بيبرس والأتراك العثمانيون، وفتح الأندلس بقيادة طارق بن زياد ودور البربر في المغرب، وهكذا، ثم يصل الى تناقض آخر ينسف به إيمانهم بالدولة الوطنية أما الوحدة العربية، عندما يعتبر الإسلام وطن وجنسية، لا عقيدة وعبادة فقط، أي ينزع الوطنية والجنسية عن المسيحيين العرب، وعن غير المسلمين في الدول الإسلامية، بل يمتد الأمر ليشمل حتى الدول غير الإسلامية لتي إذا وجد فيها مسلم واحد، فانها وطن للمسلمين، أي اننا نحتاج الى مسلم واحد في أمريكا ومثله في كل دولة من دول الاتحاد الأوروبي، لنضمها إلينا؟.
هل هذا كلام معقول؟، لكن المعقول جدا في كلام البنا، هو حديثه عن الدولة الوطنية إذا أخذناه، وحده ومعقول، إذا أخذناه عن الوحدة العربية فقط، أما كلامه عن الوحدة الإسلامية، فغير معقول بالمرة، وهنا تكن مشكلة الإخوان الحالية، لأن مشروعهم في الخلافة وإعادتها يشوبه الاضطراب والفوضى، وعدم المعقولية بالمرة، صحيح أن البنا في كلمات له بعد ذلك - ذكر كلمات الوحدة العربية والقومية العربية وتأييد قيام جامعة الدول العربية، لتحقيق هذه الوحدة، إلا انه اعتبرها مقدمة للوحدة الإسلامية، والذي حدث بعد ذلك.
ان الإخوان المسلمين خاصة بعد ثورة يوليو سنة 1952 كشفوا عن عداء صليبي للعروبة والوحدة والقومية، وانكار لها، ومازال هذا حالهم حتى الآن، ويتعزز أكثر بعد وصولهم للحكم في مصر وعدد من الدول العربية، إذ يعتبرون ان حلمهم في عودة الخلافة الإسلامية والتربع عليها بدأ يتحقق فعلاً، وقد عبر عن هذا العداء المبكر للعروبة المرحوم عمر التلمساني المرشد الثالث في مقال نشرته له الأهرام بتاريخ 11 مارس سنة 1987، عنوانه - سياستنا لا عربية - قال فيه بالنص: 'أحب أن أقرر أولا، ان هذه المنطقة من أولها إلى آخرها منطقة إسلامية ليس للعروبة المدعاة أي تدخل في استراتيجية الجماعة، فهي تتحرك من وحي كتابها وسنتها اللذين لا يعترفان بالقومية'.

موقف البنا وموقف الجماعة

والمهم أن 'الأهرام' نشرت المقال بعد وفاته بأيام وكان قد أرسله إليها قبل وفاته، ولما حان موعد نشره عرضته 'الأهرام' على مرشد الإخوان الذي خلفه المرحوم محمد حامد أبو النصر وأرسلته إليه ليقرأه ويبدي رأيه وهل هو معبر عن رأي الجماعة أم لا، فأجازه واعتبره معبرا عن رأيهم.
والآن، هل موقف الجماعة الآن خروج عن خط حسن البنا، أم انه الفهم الحقيقي لما يريده وعدائه للعروبة والوحدة العربية، وأن ما قاله انما كان تقيه حتى لا يحرج الجماعة أمام دعاة الدولة الوطنية والعربية واتهاماتهم لهم؟
الله أعلم بالنوايا، لكن هذه هي الحقائق التاريخية والحالية، والتي تثير الشكوك في نوايا ما يخفيه هؤلاء الناس في كل الدول العربية من كراهية لعروبتنا وحقد عليها، لأنها في رأيهم التي ستتحطم على صخرتها أحلامهم في إعادة خلافة إسلامية، على رأسها خليفة هو مرشدهم العام، او من تركيا أو باكستان أو الهند أو أمريكا؟

الإخوان وإسرائيل: بماذا
اختلف مرسي عن مبارك؟

وإلى المعركة المفاجئة التي تعرض لها الرئيس، ولم تكن على البال ولا الخاطر كما يقولون، فلا هي خاصة بالإضرابات والمظاهرات، ولا المطالب الفئوية أو أزمة الكهرباء والأجور والمياه وأنابيب البوتاجاز وارتفاع الأسعار وعجز الميزانية والديون، والمشاكل التي يسببها المستشارون الذين ينصحون الرئيس باتخاذ قرارات ثم الرجوع عنها، إنما هذه معركة فتحتها إسرائيل، عندما نشرت نص خطاب الرئيس الذي أرسله إلى رئيسها شيمون بيريز لاعتماد السفير المصري الجديد لديها، واستخدم عبارات عاطفية جدا في مخاطبة بيريز وتمنى لإسرائيل رغد العيش، ووصف نفسه بأنه الصديق الوفي مما أحرج الإخوان المسلمين إحراجاً ما بعده إحراج دفعت بعضهم لمهاجمة الرئيس وهو منهم، كما جاءت منحة مقبولة من السماء وقبل الصعود الى عرفات لمهاجمة الرئيس وجماعته، والسخرية منهم، وأراد زميلنا الرسام الكبير بـ'الوفد' عمرو عكاشة المساهمة ولو بقدر لا بأس به من السخرية، فكان رسمه يوم الأحد، عن مبارك وهو يخطب في التليفزيون قائلاً:
- إلى عزيزي وصديقي العظيم صاحب الفخامة رئيس دولة إسرائيل، السيد شيمون بيريز، من صديقك الوفي'.
وأخبرنا عمرو انه يتذكر أثناء مروره في أحد الشوارع ومبارك يقول ذلك كان هناك ثلاثة من الإخوان يستمعون إليه، فصرخ الأول قائلاً: خائن، والثاني قال، عميل، والثالث، ربيب اليهود، وقال ان امارات الغضب كانت واضحة على قسمات وجوههم، وبعد حوالي سنتين، كان يمر بنفس الشارع وشاهد نفس الثلاثة من الإخوان يشاهدون الرئيس مرسي، يردد نفس كلمات مبارك لبيريز، فارتسمت الضحكات على وجوههم، وصاح الأول، سياسي، والثاني قال عن مرسي - داهية، وأما الثالث ففتح فمه على آخره، وقال بثقة، فلتة.

'الوطن': يا فرحة إسرائيل بنجاح مرسي!

ولكن هناك آخرون لم يعجبهم هذا الحال ومنهم زميلتنا والإعلامية البارزة والجميلة، فريدة الشوباشي، التي قالت في نفس اليوم - الأحد - في عمودها في 'الوطن' عن الرئيس: 'لا أزال أتذكر لومه لمنافسه الفريق احمد شفيق باعتبار أن نجاحه، أي نجاح شفيق، كان مكسباً للدولة العبرية، ولدرجة أن د. مرسي قال: يا فرحة إسرائيل بنجاح شفيق، ولكن بعد نشر خطاب، د، مرسي الى نظيره الإسرائيلي شيمون بيريز انتابتني دهشة لا أقوى على الخروج منها، بل انها تزداد عمقاً وألماً، فلغة الخطاب أكثر من ودية، ولهجته لا تكون إلا بين دولتين شقيقتين، فمرسي يلوم بقوة، وحدة النظام السوري رغم دخول جهات وقوى عديدة على خط الأزمة السورية، كل لأغراضه ومراميه، ولكنه عندما يتوجه إلى بيريز فهو يستخدم عبارات ما كان يصح أن يستخدمها رئيس مصري حيث ان إسرائيل لم تتوقف عن جرائمها ولا ليوم واحد، ومحاولات تهويد فلسطين المحتلة مستمرة، وكذلك العدوان السافر على المسجد الأقصى وربما بوتيرة اكثر حدة بعدما خفتت لشعارات الرنانة مثل، على القدس رايحين، شهداء بالملايين'.

الخطاب اصاب المصريين بالمهانة وجرح الكرامة

أما زميلنا وصديقنا وعضو مجلس نقابة الصحافيين جمال فهمي، فأراد في نفس اليوم في 'التحرير' الهجوم برقة ولين ولطف فقال: 'هذا الخطاب الفضيحة الذي لا أراه ولا اعتبره كما كثير من المصدومين المتحمسين، دليلاً يثبت أية خيانة أو انحراف شائن عن المصلحة الوطنية، وإنما أصنف الفضيحة تلك ضمن تجليات وإشارات لا أول لها ولا آخر تؤكد كلها ان سكان هذا الوطن يكابدون حاليا واحدة من أكبر وأخطر حوادث الكذب في التاريخ'.
لا، لا كذب ولا يحزنون وإنما له تفسير آخر عند زميلنا وصديقنا مصطفى بكري رئيس تحرير 'الاسبوع'، هو: 'أصاب هذا الخطاب المصريين جميعاً بالمهانة وجرح الكرامة، لا تقولوا لي ان رئيس الدولة لم ير الخطاب أو يتمعن في قراءته، بل رآه ووافق عليه كاملا، بألفاظه وعباراته، فلماذا إذن كنتم تلومون الرئيس السابق حسني مبارك، وما هو الفرق بينكم وبينه؟
لقد كنت أتوقع أن يخرج الرئيس إلى الشعب المصري معتذراً عن هذا الخطاب الفضيحة، وأن يطلب من شهداء الوطن والأمة الصفح لكنه التزم الصمت، وهو الذي لا يتوقف عن الخطب وإلقاء الكلمات بشكل يكاد يكون اسبوعيا، أن حكم الإخوان لم يختلف كثيرا حتى الآن عن حكم الرئيس السابق حسني مبارك، انه يعيد انتاج نفس المواقف، ولكن بطريقة أشد قسوة وأكثر فجاجة، إذن لماذا كانت الثورة ولماذا سقط الشهداء؟ ان الأيام القادمة سوف تكشف المزيد من الحقائق وترفع الغطاء عن المواقف وتعريها ليعرف الناس ان هناك من يرفع الشعارات لمجرد الاستهلاك، وعندما يصلون الى الحكم ويمسكون بتلابيب السلطة يكشفون عن وجوههم سافرة.

تطابق موقف مرسي مع السادات من بيريس

وبعد الاستماع الى ما قاله بكري سمعت ازيزا بالقرب من أذني اليسرى، من دبور كان يحوم حولها، واتضح انه زميلتنا بـ'الوطن' خفيف الظل والشاعر هيثم دبور، وقال في بروازه - اززززز - يوم الأحد: 'لا أتوقع أن تشعر الرئاسة ومعها مرسي بالحرج تجاه المصريين من خطاب، يا حبوب قلبي يا بيريز، الحرج الحقيقي الذي تشعر به الرئاسة من قطاع غزة، لأنهم واكلين شاربين مصدرين غاز ومعونات وكهربا سوا فيما يأتي المصريون في المرتبة الثانية'.
وبمناسبة بيريز، فهناك واقعة شهيرة أيام الرئيس الراحل أنور السادات - عليه رحمة الله - إذ كان صديقاً لبيريز، وروى صديقنا الراحل، ونائب رئيس حزب الأحرار وعضو مجلس الشعب وقتها عن قليوب محمد عبدالشافي، عما دار في اجتماع مغلق لعدد من النواب مع السادات، انه قال: 'ان جزمة بيريز أشرف من حافظ الأسد'، وعبدالشافي نشر هذا الكلام في جريدة الحزب 'الأحرار'، وكان قد غضب أثناء الاجتماع من ذلك الكلام.

الإخوان للامارات: عيب
الإخوان أنهم يحبون أوطانهم

وإلى الإخوان المسلمين ومعاركهم، التي يخوضونها أو يتعرضون للهجمات فيها، ومن أعجب معاركهم، تلك التي خاضها صاحبنا الإخواني الذي يبذل جهدا غير منكور ليكون خفيف ظل، إذ وجه تهديدين مباشرين لدولة الإمارات، رداً على الاتهام الذي وجهه إليهم وزير الخارجية عبدالله بن زايد، بأنهم لا يؤمنون بأوطانهم، فقال حمزة زوبع يوم الاثنين في 'الحرية والعدالة' بالإمساك بعودة، وأخذ يحور في أغنية الفنان والمطرب والموسيقار محمد عبدالوهاب، حب الوطن فرض عليا أحميه، روحي وعنيا، ترللم، ترللم، لتكون كما جاء في مقاله الذي وجه فيه اتهامات عديدة له: 'عيب الإخوان أنهم يحبون أوطانهم وليس كما يشاع من بعض صبية السياسة وتلاميذ السلطة هنا أو هناك، أنهم ضد الدولة الوطنية، إذا كان مشروع الإخوان الأساسي هو إقامة شرع الله فالسؤال هو أين يقام شرع الله إلى على أرض مستقرة، وهل لدينا أرض مستقرة مثل أوطاننا؟ غبي كل من يدعي أن الإخوان لا يحبون أوطانهم ومضحوك عليه كل من يظن أن الإخوان وحدهم هم المعارضون وأنهم وحدهم من يعمل على التغيير في بلاد من الله عليها بكل شيء ولكن القائمين عليها لا يريدون التغيير ولا يحبون سماع سيرته ويعتبرون التغيير تنازلا للشعب الذي يجب أن يبوس القدم ويبدي الندم، خدعة قديمة واسطوانة مشروخة أعيد انتاجها على يد عدد من المستشارين الأمنيين والإعلاميين المصريين في بعض دول الخليج وبلعها البعض في بعض مواقع القيادة هناك، والسؤال هو: هل سأل هؤلاء المسؤولون أنفسهم قبل تعيينهم لهؤلاء المستشارين المصريين عن النجاح الذي حققوه من قبل لكي يستعينوا بخبراتهم الهائلة؟
بعض هؤلاء يا سادة وأعرفهم بالاسم كان مخبراً صحافياً تم زرعه بأوامر أمنية في بعض المؤسسات الصحافية والمواقع الاخبارية وحين كشف أمره طرد منها فالتقفته بعض صحف الخليج لتعوضه عن راتبه المصري بالدولار الأخضر، صحيح أن هذا المستشار عمل ما في وسعه ايام الثورة لكي يثبت أن مبارك قوي وأن تحليلاته الشخصية صحيحة ولكنه فشل ورغم ذلك استعان به بعض حكام الإمارات لكي يقدم سلسلة محاضرات على مستوى الشيوخ لتعريفهم وتخويفهم من الإخوان المسلمين، هذا مجرد نموذج واحد ولدي قائمة طويلة، إذا كان حكام الإمارات يريدون هؤلاء مستشارين لهم فليرجعوا أنفسهم قبل أن تحل بهم لعنة شعوبهم'.
وهكذا لم يكتف بأغنية عبدالوهاب، وإنما بأغنية كوكب الشرق أم كلثوم في فيلمها سلامة، وأغنيتها سلام الله على الأغنام، وقولها يبوس الجدم ويبدي الندم، على غلطته في حق الغنم، وحورها، للشعب الذي يحب أن يبوس القدم ويبدي الندم، وهذا عدوان من الإخوان على الملكية الفكرية.

دور الامارات التخريبي في ليبيا وسورية

والهجوم الثاني كان بعد يومين - الأربعاء - كان مباشراً وعنيفاً وحمل تهديدات خطيرة للامارات، قال: 'لا تكشف الإمارات عن البوح بدورها في ما حدث في ليبيا وتزايد على دور قطر، واليوم تعلن دعمها للمعارضة في سورية وهي تقف وبكل حزم ضد المعارضة في الإمارات، وتعتبرها معارضة غير وطنية، لا يمكن أن تؤتمن على مصير الشعب الإماراتي وثروته، الإمارات لم تكتف بهذا الدول والتي تعتبر نفسها فيه رأس الحربة ضد الإخوان، بل استضافت سياسيين هاربين من العدالة، بعضهم استقر به المقام ومارس تجارته مع تجار المال والسلطة في الإمارات والبعض الآخر - وأعني به شفيق - يمارس وبكل حرية معارضته للنظام في مصر رغم أنه مطلوب للعدالة، شفيق ينطلق وبسرعة الصاروخ من الأراضي الإماراتية في الوقت الذي لا يسمح لمواطن حر وشريف أن يعبر عن رأيه في بلده، يا لها من ديمقراطية على الطريقة الإماراتية، لا أعرف كم كلفة إقامة وإعاشة واستقبالات الأخ أحمد شفيق ومن يدفعها له ومن يكفله على أرض الإمارات، ويا ليته يجد فرصة عمل ويمارس نشاطاً تجارياً أو يقوم ببناء مطار جديد ومن ثم يصبح من حقه الترشح لرئاسة الامارات بعد ذلك، الإمارات دولة صغيرة ولا تتحمل أن تكون منصة للهجوم على مصر أو الإخوان، وحكامها يعرفون ذلك، إذا أرادت الإمارات أن تكون موئلا وقبلة وملجأ للهاربين من العدالة، فإن مصر ستكون دعماً وسنداً وعوناً للأحرار الفارين من جحيم الظلم والبغي والطغيان الإماراتي.

معايرة الامارات بموقفها المسالم من ايران

وأعتقد أن المنازلة لن تكون للاصالح الإمارات التي لم تستطع فعل شيء ضد إيران التي احتلت جزرها ولم تجرؤ على حتى مجرد تحويل القضية للمحكمة الدولة للفصل في النزاع خشية غضب إيران عليها وعلى مكانتها'.
وفي الحقيقة، فهذا الكلام عن عدم جرأة الإمارات إزاء إيران، ومعايرتها به، لأنها لا تستطيع شن هجوم عسكري تستعيد به الجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، والتي احتلها شاه إيران عام 1971، وكان على الثورة الإيرانية أن تعيدها للإمارات، لكنها استمرت في نهج الشاه العدواني، أقول هذه المعايرة عار على صاحبها وعلى جماعته، ويمكن أن يتم الرد عليهم بالأسوأ، وهو عجزهم عن زيادة عدد القوات المصرية في سيناء لمواجهة الإرهابيين، وهي أراضينا المحررة التي لا تحتلها إسرائيل، لأن معاهدة كامب ديفيد حددت أعدادهم وتسليحهم وترفض كل رجاءاتنا ومناشداتنا لتعديلها لزيادة عدد القوات - وعندما دفعنا بالدبابات في المنطقة ج، طلبت سرعة سحبها، فسحبناها، فإذا كانت مصر التي هزمت إسرائيل، ويحكمها الإخوان نفعل ذلك مع إسرائيل، فهل يعاير الإخوان دولة صغيرة كالإمارات ان تهاجم وحشاً كاسرا كإيران، كنت أعتقد أن زوبع سيطالب مصر بالتدخل ضد إيران لتحرير الجزر العربية مثلما اقترحوا إرسال جيشها لمهاجمة سورية.
هذا كلام لا يمكن لاي عربي مؤمن بعروبته أن يردده وراء زوبع!

دعاة الليبرالية لا يستطيعون
مواجهة الدولة الدينية

وإنما يردد وراء زميلنا محمد أبو كريشة مدير عام تحرير 'الجمهورية' وهو خفيف ظل كبير قوله في نفس اليوم: 'يخطىء دعاة الليبرالية والديمقراية والعدالة خطأ يصل إلى حد الغباء وهم يضعون أنفسهم في مواجهة ما يسمونه الدولة الدينية، هم يقولون انهم يريدون دولة مدنية لا دينية، نعم للدولة المدنية لا للدولة الدينية، وهذا الخطاب السياسي الأبله يوصل رسالة خطيرة لرجل الشارع العادي أو لعموم المصريين مفادها أن هؤلاء يريدون دولة الكفر ولا يريدون الدين، أي انهم كفار في مواجهة المؤمنين أو هم مشركوا مكة في مواجهة رسول وصحابة أو مرشد وجماعة أو أخوة سلفيين وأمير مؤمنين، وهذا الخطاب العبيط يستخدمه التيار الآخر سلاحاً في مواجهة دعــاة الدولة المدنيــــة، فيرمونهم بالكفر، ويقولون أنهم شهدوا على أنفسهم بالكفر، لذلك يخسر الليبراليون والديمقراطيون دوماً ويكسب الإخوان والسلفيون وجماعات ما يسمى الإسلام السياسي، ويقول السذج والبلهاء من أبناء بلدي وما أكثرهم ان المتأسلمين خسروا الشارع تماماً، وتراجعت أسهمهم وشعبيتهم بسبب أدائهم غير الرشيد، وانكشافهم ومشروع نهضتهم الوهمي، وأنا الآن وبعد الآن سأظل أراهــن وأتحدى ورأسي وألف سيف وصرمة قديمة على أن الأغلبية في البرلمان القادم للإخوان وحلفائهم من المتأسلمين، لأن الناخب المصري يعطي صوته لله لا لأشخــاص، وبتوع ربنا، سيظلون في صدارة المشهد ولو كذبوا، ويذكرني ذلك بأحد كفار قريش عندما ادعى مسلمة الكذاب النبوة، وأرسل رسالة الى قريش في مكة ليتحالفوا معه ضد محمد صلى الله عليه وسلم، فرد مشركو مــكة رسل مسيلمة خائبين وقال قائلهم جملته الشهيرة 'كذاب بني هاشم أحب إلينا من كذاب بني حنيفة أو مسيلمة'، وهكذا يقول الناس في مصر كذاب الإخوان أحب إلينا من كذاب الليبراليين ومرتكب الرذيلة السلفي معذور، بل قد يكون مأجور، لكن مرتكب الرذيلة الليبرالي كافر وابن كلب'.

Locations of Site Visitors
Powered By Blogger