الأحد، 28 أغسطس 2011

واشنطن والخيار الإسلامي المحتمل



فراج إسماعيل (المصريون) 28-08-2011

أقرب سيناريو محتمل لدى واشنطن بالنسبة لمستقبل الحكم في مصر خلال الأربع سنوات القادمة، تولي الإخوان الحكومة بمشاركة طفيفة من حزب الوفد. ويبدو أنها تعد نفسها وحليفاتها لهذا الاحتمال المرجح من وجهة نظرها، فتتحاور مع قيادات إخوانية بوساطة من تركيا.

تريد واشنطن الاطمئنان إلى أن الحكم الجديد في مصر سينتهج النموذج التركي، وهو نموذج إسلامي مفضل لديها وبديل مناسب لما تعتقده خيارا وحيدا غيره وهو الدولة الدينية، في حين أنه لا فرصة نهائيا للتيار العلماني أو الليبرالي، رغم رسالة الطمأنينة التي أراد الدكتور سعد الدين إبراهيم توجيهها إلى البيت الأبيض بشكل غير مباشر عبر الاستبيان الذي أجراه مؤخرا مركز إبن خلدون مستخلصا منه أن الاسلاميين يشكلون 35% فقط من المجتمع المصري، فيما النسبة الغالبة لليبراليين أو للتوجه الراغب في دولة علمانية.

أمريكا لها وسائلها التي أكدت خطأ ذلك الاستبيان، ومن ثم تجد أن الأفضل لديها أن ترسم سياساتها مع الطرف الأقوى في صندوق الانتخابات، فالاخوان في رأيها ليسوا قوة منظمة فقط لكن يمكنهم كسب ثقة الأطياف الإسلامية الأخرى، خصوصا السلفيون الذين يشكلون قوة سياسية حديثة وصاعدة بقوة.

حسب أراء بعض المحللين الأمريكيين فإن وجهة نظر واشنطن المدعومة برؤية رجب طيب أرودغان ترى في التحالف الإخواني الوفدي ضمانا للتوازن في عملية تأسيس الدولة الجديدة في مصر، خصوصا إذا دعم الاثنان عمرو موسى كرئيس للسنوات الأربع القادمة بما يتمتع به من خبرات سياسية وعلاقات دولية وشعبية داخل مصر.

عمرو موسى يتجه في حملاته الشعبية الأخيرة إلى مخاطبة الوجدان الديني. يصلي مع الناس في الأحياء الشعبية، ويرفض أيضا المبادئ فوق الدستورية.

ويرى المحللون الأمريكيون الذين يتحدثون عن هذا التوجه كافتراض استخلصوه من أخبار متواترة عن اتصالات بين واشنطن والإخوان، أن انضاج النموذج التركي في مصر سيضمن دخول الأطياف الإسلامية الأخرى في العملية السياسية تحت سقف الدولة الحديثة، ولذلك فانها وحلفاؤها في الإتحاد الأوروبي غير متحمسين الآن لتأجيل الانتخابات وهو ما كانت تضغط من أجله القوى السياسية الليبرالية في مصر وقد عبر عن ذلك مبعوث الاتحاد الأوروبي في القاهرة مؤخرا.

معلوماتهم تؤكد أن تلك القوى لا تستطيع إطلاقا المنافسة حتى لو منحت فرصة زمنية كافية، ففي الداخل تفتقد إلى الوجود المؤثر وصوتها الإعلامي القوي ليس معبرا عن الواقع، ومعظم أحزابهم غير معروفة في الشارع المصري خصوصا في الأرياف والمحافظات الريفية التي ستكون أصواتها نقطة الحسم في أي انتخابات.

كما أن أغلب الشعب المصري ينظر حاليا إلى مصطلح الدولة المدنية الذي يصر عليه الليبراليون، بأنه مرادف لمصطلح العلمانية سيء السمعة.

الأزمة العنيفة التي نشأت بعد عملية إيلات أثبتت لواشنطن والاتحاد الأوروبي أن الإخوان قوة مؤثرة ليس في مصر فقط بل في فلسطين أيضا، فهناك تسريبات أنهم استطاعوا تحجيم رد الفعل الإسرائيلي الذي كان يمكن أن يؤدي لحرب جديدة في غزة، عن طريق اقناع الفصائل الفلسطينية بقيادة حماس بالمحافظة على الهدنة وعدم التصعيد، وأيضا توصيل رسالة لواشنطن بأن أحدا في مصر لا يستطيع وقف الغضب الشعبي وثورة الشارع إذا غامرت إسرائيل بحرب جديدة في غزة أو لم تقدم تنازلات واضحة لمصر بعد مقتل جنود وضباط مصريين برصاص قواتها.

بفعل ذلك تحقق مكسب مرحلي فيما يخص اتفاقية كامب ديفيد إذ وافقت إسرائيل على زيادة القوات المصرية المتواجدة في الخطين (ب وج) بسيناء إلى عدة آلاف مع طائرات مروحية ومدرعات، كما تراجعت عن إصرارها على تحقيق منفرد تجريه كل من مصر وإسرائيل على حدة، ووافقت على تحقيق مشترك.

إذا كانت تلك الافتراضات صحيحة.. فمن المتوقع جدا أن تجري الانتخابات في موعدها وتتراجع الحكومة عن المبادئ فوق الدستورية، وربما تستعيض عنها بمبادئ إرشادية لأعضاء هيئة الدستور، وكذلك الغاء مصطلح الدولة المدنية والاستعاضة عنه بالدولة الديمقراطية الحديثة كما ورد في وثيقة الأزهر.

لو قرأتم تصريح علي السلمي قبل يومين ترون ذلك التراجع بوضوح وحرصه على نفي الاتهام الذي وجهه له الإخوان بأنه يسعى للالتفاف على استفتاء مارس الماضي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger