الأحد، 14 ديسمبر 2014

تقرير مجلس الشيوخ الأميركي: تطابق أساليب التعذيب بين أميركا وإسرائيل

  • نشر :13 كانون الأول/ ديسمبر 2014, 03:42م
  • واشنطن
  • 878 قراءة
جدل سياسي طويل واعتبارات حزبية رافقت إصدار مجلس الشيوخ الأميركي ملخص تقرير حول وسائل التعذيب التي اتبعتها وكالة الاستخبارات الأميركية، "منتهكة القوانين الأميركية التي تحرم التعذيب".
التقرير الكامل لمجلس الشيوخ الأميركي حول التعذيب لم ينشر بعد
التقرير الكامل لمجلس الشيوخ الأميركي حول التعذيب لم ينشر بعد
الملخص الذي أصدره مجلس الشيوخ حول انتهاك القوانين الخاصة فيما يخص التعذيب في السجون من قبل وكالة الاستخبارات الأميركية، جاء بحجم 525 صفحة منقحة ومزيدة ومغربلة، أما التقرير الأصلي فيبلغ حجمه نحو 6،700 صفحة توثق منهجية التعذيب عقب غزو واحتلال العراق، وبقي حبيس الادراج.
إعداد التقرير استغرق نحو 5 سنوات، طالت عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن، بلغت كلفته 40 مليون دولار.
 
استثنى التقرير ولاية الرئيس اوباما من المسؤولية، مما يوحي أن إدارته أقلعت عن ممارسة التعذيب، الأمر الذي ينافي الحقيقة، أبرزها ما زال يجري من ممارسات شبيهة في معتقل غوانتانامو، فضلاً عن السجون الأميركية في افغانستان والاغتيالات بطائرات الدرونز.
إدارة الرئيس أوباما ملزمة قانونياً بمقاضاة المسؤولين عن التعذيب، لكنها لم تفعل ولن تفعل، وفق المعاهدات الدولية، لا سيما "اتفاقية مناهضة التعذيب" التي وقعتها وصادقت عليها عام 1994.
ساد اعتقاد قبل اصدار التقرير بلغ حد الاجماع، مفاده أن ممارسة التعذيب كانت سياسة أميركية رسمية إبان عهد الرئيس السابق، أوضح التقرير المنقح والمعد بدقة حجم الممارسات البشعة التي مارسها الأميركيون، كباراً وصغاراً في سلم هرم المسؤولية، وذلك بالرغم مما تعرض له من فحص وتدقيق والغاء واخفاء للهويات الرسمية، محملاً وكالة الاستخبارات المركزية المسؤولية الكاملة لتداعيات الكشف عن خرقها للقوانين الأميركية والدولية، كما يفضل البعض.
بداية لا يهمنا تكرار سرد ما رشح من ممارسات مقيتة ومخزية بحق البشرية جمعاء، ونترفع عن استخدام مفردات ومشاهد التعذيب القاسية والمروعة والمخلة بالكرامة الإنسانية. بل الكشف عن بعض الملابسات السياسية والتداعيات المرتقبة لما بعد اليوم التالي، والاكتفاء بإقرار فريق اعداد التقرير من كبار المسؤولين الأميركيين بأن وكالة الاستخبارات المركزية مارست الكذب والمراوغة والتضليل لكافة الجهود الرامية للكشف عن "سياسة التعذيب الرسمية." إذ قال السيناتور الديموقراطي عن ولاية كولورادو، مارك يودال، بصريح العبارة إن "وكالة الاستخبارات المركزية تكذب"، في جلسة رسمية لمجلس الشيوخ. ونضيف إن معدي التقرير يكذبون أيضاً.
يتضح من التقرير أنه يقلع عن تحميل المسؤولية لأي من الرسميين في الهرم السياسي، البيت الأبيض والكونغرس، على الرغم من تأكيده على اطلاع الوكالة لقادة الكونغرس على "وسائل التحقيق المتبعة" فيما لا يقل عن 30 جلسة خاصة، شارك فيها رئيسة لجنة الاستخبارات دايان فاينستاين ورئيسة مجلس النواب آنذاك نانسي بيلوسي، خاصة الجلسة السرية المعقودة بتاريخ 15 آذار 2005 حضرتها فاينستاين لبحث مسألة التعذيب.
تعدد وسائل التعذيب المذكورة بالتفصيل رافقها تعدد الايحاءات وأساليب تضليل القارىء والعامة على السواء. حرصت الوكالة المركزية على عدم الصاق تهمة التعذيب بها، واستبدلتها بتعبير ملطف "تقنيات الاستجواب المعززة،" يجري تداوله بشكل واسع ايحاءاً بأن الوكالة تقوم باستجواب المشتبه بهم ولا تمارس التعذيب بحقهم.
 
كشف النقاب عن مراكز التعذيب الموزعة على عدد من الدول التابعة للولايات المتحدة، عربية وأجنبية، لم يضف شيئاً جديداً للمنظومة المعرفية، خاصة وأن الأردن تحديداً يلبي كل ما يطلب منه، وجهوزيته لإنشاء قواعد عسكرية اميركية عند الطلب، دلالة على ذلك ما نقله الصحافي الشهير بوب وودوورد عن مدير وكالة الاستخبارات المركزية، جورج تينيت، في كتابه "حالة انكار"، إذ قال تينيت لمرؤوسيه في البيت الأبيض "نحن أنشأنا جهاز المخابرات (الأردنية) العامة، والآن هو في قبضتنا".
 
ورد في التقرير مسألة غاية في الأهمية تتعلق بزوج من الاخصائيين في علم النفس، متعاقديْن مع الوكالة المركزية، بروس جيسين وجيم ميتشيل، قيمته 80 مليون دولار، اقتتصرت مهمتهما على بلورة برنامج متكامل لسبل التحقيق مع المشتبه بهم "للإعتراف بالتهم بالإكراه،" على رأسها التعذيب "بالحرمان من النوم لفترات زمنية طويلة.. والايهام بالغرق." وشارك الثنائي مباشرة في احدى جلسات استجواب المتهم "ابو زبيدة،" عام 2002.
 
تم الكشف عن خطورة دور ذاك الثنائي من قبل الصحافي الشهير جيمس رايزن، في كتابه بعنوان "ادفع اي ثمن: الجشع والسلطة والحرب اللامتناهية،" والذي يواجه حكما قضائيا بالسجن لعدم افصاحه عن مصادره. تعززت الاهمية اثناء اعداد التقرير بين ايديكم اذ "فجأة" اصدرت المحكمة قرارها ببطلان الدعوى الحكومية المرفوعة ضد رايزن، 12 كانون الاول، ويرجح نشر التقرير الرسمي الذي يحدد هوية الثنائي اخصائي التعذيب كحافز للقرار.
في الساعات القليلة عقب صدور التقرير، أصدرت "الجمعية الأميركية للطب النفسي" بياناً عاجلاً تنفي فيه عضوية الثنائي المذكور، الجمعية متطورة في التعامل مع الوكالة المركزية في عدة مستويات، مما حفز مجلس إدارتها على تعيين محقق خاص، الشهر الماضي، للنظر باتهامات تواطؤ الجمعية مع وكالة الاستخبارات والبنتاغون وتأييد "الحرب على الإرهاب" ومراكز التعذيب المنتشرة حول العالم.
 
أصدرت إدارة الرئيس اوباما عام 2009 قراراً بإغلاق مراكز الاعتقال والغاء برنامج التحقيق التابع للوكالة المركزية، واكبه انشاء "فريق استجواب المعتقلين ذو قيمة عالية،" تضمن ممثلين عن مختلف الاجهزة الاستخبارية والأمنية، تحت اشراف مجلس الأمن القومي.
لا يزال معتقل غوانتانامو قائماً، ورفض الكونغرس تنفيذ قرار الرئيس. نسوق ذلك للدلالة على حجم المراوغة والتضليل الرسمي المتبع في المؤسسة الحاكمة.
في الماضي القريب، شكل مجلس الشيوخ الأميركي لجنة تحقيق برئاسة السيناتور فرانك تشيرتش، عن ولاية آيداهو، عام 1975 للنظر بمسؤولية وكالة الاستخبارات المركزية عن عمليات الاغتيال عبر العالم، لا سيما في اميركا اللاتينية آنذاك، وتجسس الأجهزة الأمنية على المواطنين الأميركيين دون الحصول على قرار قضائي مسبق.
 
نال تشيرتش اهتماماً إعلامياً فريداً آنذاك رفع من اسهمه السياسية، كما هو الحال الراهن مع السيناتور دايان فاينستاين. قدمت لجنة تشيرتش توصيات تقضي بتجريم الوكالة وانهاء برامج اغتيالاتها، والاقلاع عن التجسس داخل الولايات المتحدة. استمر الوضع الى ان كشف ادوارد سنودن عن تجاوزات وانتهاكات خطيرة تقوم بها وكالة الأمن القومي، التي لم يعرف عدد كبير من ممثلي الكونغرس وجودها في تلك الأثناء.

الدور الإسرائيلي في برامج التعذيب الأميركية

الإيهام بالغرق هو أحد أكثر وسائل التعذيب المستخدمة من قبل الـ CIA
الإيهام بالغرق هو أحد أكثر وسائل التعذيب المستخدمة من قبل الـ CIA
جاء في التقرير الرسمي أن وكالة الاستخبارات المركزية استندت إلى التبرير القانوني "لإسرائيل" الذي يتيح استخدام سبل التعذيب، دل عليه مذكرة صادرة عن فريق الادعاء العام للوكالة تشير بوضوح إلى "النموذج الإسرائيلي.. كمبرر قانوني" لممارسة التعذيب.
الصحف الإسرائيلية، من بينها "هآرتس،" أشادت باستناد الوكالة إلى قرار "المحكمة الإسرائيلية العليا" بمنع التعذيب واجازته في حالات محددة.
النموذج الإسرائيلي المذكور يشير إلى جملة من التوصيات قدمتها لجنة لانداو عام 1987 تتيح إحداها لأجهزة الشرطة والأمن الإسرائيلية استخدام ضغوط بدنية معتدلة ضد المعتقل. أقرت المحكمة العليا "بجواز استخدام عدد من اساليب (الاستجواب)، لكنها تستدعي تبرير قانوني بشكل ما".
 
تفاخر إسرائيل والتعاليم التلمودية بأنها منارة مشعة بين دول العالم، بيد أن تقنين التعذيب يقوض مصداقية ادعاءاتها؛ أما وكالة الاستخبارات المركزية فلم تكن بحاجة للإشارة إلى "النموذج الإسرائيلي" كونها مارست وتمارس وقد تنخرط في اساليب تعذيب متعددة، كما يشهد عليها سجلها الدموي عبر العالم.
المصدر: مكتب الميادين في واشنطن بالتعاون مع مركز الدراسات الأميركية والعربية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger