رجم ثريا – The stoning of Soraya M.
مع تصاعد الاهتمام الدوليّ بإيران القوّة السياسيّة الصاعدة في الشرق الأوسط، والتي باتت تشكّل مصدر قلق للغرب بطموحاتها النوويّة والسياسيّة، ازدادت المحاولات لفهم هذا البلد ومن هنا يمكن فهم كثرة الأعمال الفنية التي تتناول المجتمع الإيراني مؤخراً ومنها فيلم “رجم ثريا” المأخوذ عن رواية واقعية كان مؤلفها شاهداً على جزء من أحداثها.
الفيلم مأخوذ إذن من رواية فريدون صاحبجام Friedoune Sahebjam الصحفيّ الفرنسيّ – الإيرانيّ وابن الدبلوماسيّ الإيرانيّ السابق، عن قصّة حقيقية لمقتل ثريا مانوتشهري Soraya Manutchehri البالغة من العمر 35 عاماً، أمّ الأطفال الأربعة والتي حُكم عليها بالموت رجماً بعد اتّهامهما بالزنى من قبل زوجها.
القصّة بسيطة وخالية من التعقيد، إلا أنّ المخرج حوّلها إلى قطعة فنيّة آسرة وفي غاية الجمال والألم من خلال المزج الجميل بين الصورة والموسيقى، بين حركة الكاميرا البطيئة وإيقاع الجمهور الغاضب، بشكل يحرّك المشاهد في العمق فلا يتمكن من الوقوف على الحياد.
تجري الأحداث عام 1983 في ظل التغير الكبير الذي تشهده إيران إثر نجاح الثورة الإسلامية وسقوط نظام الشاه وتصاعد سلطات الملالي ورجال الدين وسيادة حكم العرف والتقليد مقابل غياب القضاء و تضاءل سلطة الدولة على مناطق الريف المنسية.
في قريةٍ إيرانيّة نائية إذاً، يحدّثنا الفيلم عن ثريا وزوجها عليّ الذي يريد تطليقها ليتزوج فتاة أصغر في الرابعة عشر من عمرها – ابنة طبيبٍ ثري حكمت عليه الثورة بالإعدام، فقايض ابنته بحبل المشنقة الملتف
حول رقبته.
يعرض عليّ على زوجته أن تحتفظ بالبنتين والبيت وقطعة صغيرة من الأرض، فيما يأخذ هو الصبيّين دون أن يدفع لها أية نفقة. إلا أنّه لا يمكن لهذا المشروع أن يتمَّ دون موافقة الزوجة التي ترفض خوفاً على ابنتيها من الجوع والتشرّد.
أمام رفض ثريّا لهذا الطلاق، يلجأ زوجها “الحارس الثوري” إلى التآمر عليها بالتعاون مع كل من الملا ومحافظ القرية، فيدبّرون لها عملاً عند رجلٍ أرمل وسرعان ما يلفقون لها تهمة الزنا مع هذا الرجل. وحكم الزنا العرفيّ هو الرجم.
هذه هي قصة الفيلم باختصار، وبالرغم من بساطتها إلا أن التصوير الحيّ لمراحل المؤامرة، والتواطؤ المذهل بين رجال القرية على اتّهام امرأة يعلم الجميع أنها أشرف بكثير منهم ومن زوجها الذي يريد التخلّص منها، يجعل شعور الألم لدى المشاهد يتخذ منحًى تصاعديّاً مع تقدم الأحداث. إنه شعور الظلم المرّ الذي لا تملك النسوة فعل شيء حياله:
واحدٌ من المواقف المهمة التي سجلها الفيلم، موقف المحافظ الذي يصلّي قبل تنفيذ الحكم طالباً من الله إشارة لثنيه عن التنفيذ إن كان الحكم لا يرضي الله. وكأنما هو تكرار لمشهد غسل بيلاطس ليديه تبرؤاً من دم الصدّيق. ولكن، بالرغم من كلّ الإشارات التي تحدث، فإنه لا يفهم!
أصعب ما في الفيلم مشهد الرجم الذي يبدو بلا نهاية، وكأنّ المخرج يتقصّد الإطالة واستخدام الحركة البطيئة لنحسّ بقسوة قلوب البشر، لنحس مع ثريا بألمها من هذه القسوة، ذلك الألم الذي لم تستطع التعبير عنه إلا بعبارة واحدة:
فيلم “رجم ثريا” هو من أهمّ أفلام القضايا في العقد الأخير، إنْ صحّ استخدام التعبير. والقضية هنا ليست في الدفاع عن حقوق المرأة المسلوبة وإدانة عقوبة الرجم فحسب، وإنما تتعداها إلى أبعد من ذلك، إلى فضح مجتمعاتنا الشرقية الذكورية، إلى فضح التآمر الصامت بين الناس ضد إنسان بريء، إلى إدانة الخبث والرياء الدينيّ والتستر خلف الدين والتقاليد لتنفيذ مخططات جهنمية. ولعلها الرسالة الأبرز والأوضح التي أراد صُنّاع الفيلم – وكلُّهم من أصولٍ إيرانية – إبرازها من خلال بدئهم الفيلم باقتباس عن حفيظ، أحد أهم شعراء إيران في القرن الرابع عشر:
فإن لم تتوفر مجتمعة لا يقام الحد على صاحب هذه الفعلة جلداً كان أو رجماً وهذه هى الشروط:
1 ـ لابد حتى تثبت الجريمة من شهادة أربعة شهود عدول يشهدون بأنهم رأوا من الرجل والمرأة ما يكون بين الرجل وزوجته من اتصال مباشر ، الأمر الذى لا يكاد يراه أحدٌ من البشر.
وكأن الشريعة لا ترصد هذه العقوبة على هذه الفعلة بوصفها ولكنها ترصدها على شيوع هذه الفعلة على الملأ من الناس بحيث لا يبغى بين الناس من لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً.
2 ـ إن الشريعة الإسلامية تقرر درء الحدود بالشبهات بمعنى أن أى شك فى شهادة الشهود يفسر لصالح المتهم فيسقط بذلك الحد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ادرءوا الحدود بالشبهات ]رواه الترمذى.
3 ـ فرضت الشريعة عقوبة الجلد ثمانين جلدة على من قذف محصنة ثم لم يأت بأربعة يشهدون بأنهم رأوا منها ومن المقذوف بها ما يكون بين الزوج وزوجته قال الله تعالى: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون )
4 ـ رغبت الشريعة الإسلامية فى التستر على عورات المسلمين وإمساك الألسنة عن الجهر بالفواحش وإن كانت قد وقعت ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ لرجل جاء يشهد: هلا سترتهما بثوبك ] يقول الله تعالى: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون ).
الفيلم مأخوذ إذن من رواية فريدون صاحبجام Friedoune Sahebjam الصحفيّ الفرنسيّ – الإيرانيّ وابن الدبلوماسيّ الإيرانيّ السابق، عن قصّة حقيقية لمقتل ثريا مانوتشهري Soraya Manutchehri البالغة من العمر 35 عاماً، أمّ الأطفال الأربعة والتي حُكم عليها بالموت رجماً بعد اتّهامهما بالزنى من قبل زوجها.
القصّة بسيطة وخالية من التعقيد، إلا أنّ المخرج حوّلها إلى قطعة فنيّة آسرة وفي غاية الجمال والألم من خلال المزج الجميل بين الصورة والموسيقى، بين حركة الكاميرا البطيئة وإيقاع الجمهور الغاضب، بشكل يحرّك المشاهد في العمق فلا يتمكن من الوقوف على الحياد.
تجري الأحداث عام 1983 في ظل التغير الكبير الذي تشهده إيران إثر نجاح الثورة الإسلامية وسقوط نظام الشاه وتصاعد سلطات الملالي ورجال الدين وسيادة حكم العرف والتقليد مقابل غياب القضاء و تضاءل سلطة الدولة على مناطق الريف المنسية.
في قريةٍ إيرانيّة نائية إذاً، يحدّثنا الفيلم عن ثريا وزوجها عليّ الذي يريد تطليقها ليتزوج فتاة أصغر في الرابعة عشر من عمرها – ابنة طبيبٍ ثري حكمت عليه الثورة بالإعدام، فقايض ابنته بحبل المشنقة الملتف
حول رقبته.
يعرض عليّ على زوجته أن تحتفظ بالبنتين والبيت وقطعة صغيرة من الأرض، فيما يأخذ هو الصبيّين دون أن يدفع لها أية نفقة. إلا أنّه لا يمكن لهذا المشروع أن يتمَّ دون موافقة الزوجة التي ترفض خوفاً على ابنتيها من الجوع والتشرّد.
أمام رفض ثريّا لهذا الطلاق، يلجأ زوجها “الحارس الثوري” إلى التآمر عليها بالتعاون مع كل من الملا ومحافظ القرية، فيدبّرون لها عملاً عند رجلٍ أرمل وسرعان ما يلفقون لها تهمة الزنا مع هذا الرجل. وحكم الزنا العرفيّ هو الرجم.
هذه هي قصة الفيلم باختصار، وبالرغم من بساطتها إلا أن التصوير الحيّ لمراحل المؤامرة، والتواطؤ المذهل بين رجال القرية على اتّهام امرأة يعلم الجميع أنها أشرف بكثير منهم ومن زوجها الذي يريد التخلّص منها، يجعل شعور الألم لدى المشاهد يتخذ منحًى تصاعديّاً مع تقدم الأحداث. إنه شعور الظلم المرّ الذي لا تملك النسوة فعل شيء حياله:
لستُ خائفة من الموت، بل من الألم الذي سيسبقه، خائفة على أطفالي من بعدي.إنها إحدى العبارات القليلة التي نطقت بها ثريا وهي تنتظر مصيرها المحتوم بعد جلسة تداول عرفية بين وجهاء القرية.
واحدٌ من المواقف المهمة التي سجلها الفيلم، موقف المحافظ الذي يصلّي قبل تنفيذ الحكم طالباً من الله إشارة لثنيه عن التنفيذ إن كان الحكم لا يرضي الله. وكأنما هو تكرار لمشهد غسل بيلاطس ليديه تبرؤاً من دم الصدّيق. ولكن، بالرغم من كلّ الإشارات التي تحدث، فإنه لا يفهم!
أصعب ما في الفيلم مشهد الرجم الذي يبدو بلا نهاية، وكأنّ المخرج يتقصّد الإطالة واستخدام الحركة البطيئة لنحسّ بقسوة قلوب البشر، لنحس مع ثريا بألمها من هذه القسوة، ذلك الألم الذي لم تستطع التعبير عنه إلا بعبارة واحدة:
كيف يمكنكم فعل ذلك بي؟ كيف يمكنكم فعل ذلك بأيّ كانولكي يبلغ بنا الألم مداه الأقصى لا بد من أن يشارك أطفال ثريا في رجمها. يا لهذه الوحشية!
فيلم “رجم ثريا” هو من أهمّ أفلام القضايا في العقد الأخير، إنْ صحّ استخدام التعبير. والقضية هنا ليست في الدفاع عن حقوق المرأة المسلوبة وإدانة عقوبة الرجم فحسب، وإنما تتعداها إلى أبعد من ذلك، إلى فضح مجتمعاتنا الشرقية الذكورية، إلى فضح التآمر الصامت بين الناس ضد إنسان بريء، إلى إدانة الخبث والرياء الدينيّ والتستر خلف الدين والتقاليد لتنفيذ مخططات جهنمية. ولعلها الرسالة الأبرز والأوضح التي أراد صُنّاع الفيلم – وكلُّهم من أصولٍ إيرانية – إبرازها من خلال بدئهم الفيلم باقتباس عن حفيظ، أحد أهم شعراء إيران في القرن الرابع عشر:
لا تتصرف كالمنافق وأنت تجهر بالقرآن أمام الناس.الفيلم يوضح ايضا مدى جهل الناس بالشريعة واحكامها فالحد لايقام الابشروط وفى حد الزنا شروط ثلاثة لابد من توافرها
فإن لم تتوفر مجتمعة لا يقام الحد على صاحب هذه الفعلة جلداً كان أو رجماً وهذه هى الشروط:
1 ـ لابد حتى تثبت الجريمة من شهادة أربعة شهود عدول يشهدون بأنهم رأوا من الرجل والمرأة ما يكون بين الرجل وزوجته من اتصال مباشر ، الأمر الذى لا يكاد يراه أحدٌ من البشر.
وكأن الشريعة لا ترصد هذه العقوبة على هذه الفعلة بوصفها ولكنها ترصدها على شيوع هذه الفعلة على الملأ من الناس بحيث لا يبغى بين الناس من لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً.
2 ـ إن الشريعة الإسلامية تقرر درء الحدود بالشبهات بمعنى أن أى شك فى شهادة الشهود يفسر لصالح المتهم فيسقط بذلك الحد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ادرءوا الحدود بالشبهات ]رواه الترمذى.
3 ـ فرضت الشريعة عقوبة الجلد ثمانين جلدة على من قذف محصنة ثم لم يأت بأربعة يشهدون بأنهم رأوا منها ومن المقذوف بها ما يكون بين الزوج وزوجته قال الله تعالى: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون )
4 ـ رغبت الشريعة الإسلامية فى التستر على عورات المسلمين وإمساك الألسنة عن الجهر بالفواحش وإن كانت قد وقعت ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ لرجل جاء يشهد: هلا سترتهما بثوبك ] يقول الله تعالى: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق