الأحد، 24 أبريل 2011

ذكاء العقيد وعبقرية الأمة



4/24/2011 Masry in USA

يخطئ من يظن القذافي غبياً أو جاهلاً أو مجنوناً أو غيرها من صفات السفه لسببين - الأول أن هذا يرفع عنه العقوبة التي يستحقها كمجرم لئيم يستحق القتل ألف مرة والثاني أنه أثبت أنه خارق الذكاء فعلاً!
من البداية نؤكد أنه وحتى المجرمون والقتلة والسفاحون يمكن أن يكونوا أذكياء وهذا أمر يمكن أن يحدث إن لم يكن قد حدث بالفعل وسبب غيظي الشديد من هذا اللئيم أنه قدم وصفة جديدة للحكام الطغاة في كل مكان تمكنهم من الوقوف (وقد يكون الثبات) أمام ثورات شعوبهم السلمية التي تريد رحيلهم عنهم ... فماذا قدم القذافي لأظن به الذكاء؟

إن نظرة واحدة على ما يحدث بليبيا يمكن أن يخبرنا الكثير. نجح الطاغية في أن تتحول الثورة من أجل الحرية إلى حرب بين ثوار (rebels) وبين الحكومة المركزية! أي حرب أهلية بداخل البلد الواحد مما يفتح المجال أمام الكثير والكثير من الجدل السياسي الذي قد ينجر إليه الجميع في النهاية متناسين أن سبب الأزمة الحقيقي هو القذافي نفسه بوجوده لما يقرب من 43 عاماً في الحكم بما جعل ليبيا - وهي بحق من أغنى دول العالم - دولة تعيش في منتصف القرن العشرين. كما أنه نجح في تقسيم ليبيا فعلياً إلى جزئين - شرقي بين يدي "الثوار" وغربي يسيطر عليه ما يعني أنه قد بلغ من الشر مبلغاً لم يسبقه فيه احد إلا هتلر زعيم ألمانيا النازية.

غير أن كل هذا الحديث (السياسي) لا يضاهي تلك الوصفة السحرية التي هي بمثابة قبلة الحياة لباقي الطغاة ألا وهي (إذا واجهك شعبك بثورة شعبية سلمية فإن كل ما عليك فعله هو الضرب بالرصاص الحي والقنابل لإسقاط أكبر عدد ممكن من القتلى) وهي الوصفة التي يسير على هداها الأن إثنان من أكبر الطغاة في عالمنا العربي - علي صالح مغتصب السلطة في اليمن و بشار الأسد مغتصب السلطة في سوريا. فالأخبار تتوالى كل يوم الأن عن سقوط عدد من الشهداء لا يقل عن إثنين أو ثلاثة مع كل مسيرة في اليمن (الذي كان سعيداً وسيعود إن شاء الله) بخلاف الجرحى الذين يسقطون بالعشرات أما في سوريا فعدد القتلى قد يناهز العشرة والجرجى بالمئات. غير أن عبقرية الأمة أنها فطنت لهذا الدرس وهي عن طيب خاطر تقدم الدماء كل يوم لأنها تعلم أن طغاتها إنما يلفظن أنفاسهم الأخيرة وستخرج قريباً كلها إن شاء الله.
هذا إذن هو درس القذافي الذي قدمه للطغاة في كل العالم وهو ما نلاحظه واضحاً جلياً في تغيّر طريقة "طالح" اليمن في تعامله مع المسيرات الشعبية في بلده. لقد كان "طالح" أقرب ما يكون إلى السقوط - بل إنه لربما أعد العدة للهرب عقب سقوط طاغية مصر وفرعون عصرها الحديث (وتخلص مصر من الإحتلال البريطاني الخفي) غير أن دموية القذافي وتجبره وقتله للناس بلا رحمة أو شفقة بصغير أو كبير أو رجل أو إمرأة كانت بمثابة قبلة الحياة لطاغية اليمن ومن بعده جلاد سوريا وإبن جلادها.

إن لي هنا بأميريكا أصدقاء ليبيين كثر وحين أسمع منهم أن أحد أهليهم أصيب أو قتل على يد مرتزقة القذافي أعلم أن مصاب ليبيا جلل - فبقوانين الإحصاء البسيطة وإذا ما كان من هم هنا قليلوا العدد ويقع بين أهليهم مصابون وشهداء فكيف الحال بالبقية الباقية من الشعب الليبي؟ وعندما يتحدثون أن القذافي قد سرح جيشه النظامي منذ أعوام بعيدة وأبقى "كتائب" تحت إمرته مع منع أي نوع من الأسلحة بين الأهالي (مع ما نعرفة من الطبيعة الصحراوية لليبيا) ولو حتى بنادق الصيد الخفيفة ندرك تماماً أنه أمضى 43 عاماً من حكمه يعد لهذا اليوم. غير أن ذكاء القذافي لم يتوقف عند هذا الحد وفقط بل تعداه إلى ما كنا نظنه ضرباً من الجنون فحين يعلن أنه قد "كفر بالعروبة - مع ما يعنيه هذا من زيادة الفرقة والتشرذم الذين يفرضهم علينا طغاتنا" وأنه سيوجه وجهه صوب أفريقيا - ثم يعلن نفسه ملكاً لرؤوس قبائل أفريقيا (وصف ملك الملوك لا يجوز شرعاً وإن الحق به وصف أفريقيا) فهذا لم يكن يعني إلا غطاءاً لمخطاطات تجنيد المرتزقة - وربما تدريبهم أيضاً بدليل السرعة في عمليات الجلب و التجنيد (مع المساعدة الإسرائيلية له في كل هذه الخطوات) فهل بعد هذا يظن أحد أن القذافي غبي أو مجنون!؟
إنني أتمنى من الله أن يقبض على القذافي وأبنائه احياء وأن تقام لهم أقفاص كأقفاص القردة يوضعون فيها وفي ميادين عامة ليراهم الناس على حقيقتهم حتي يموتون جوعاً وعطشاً. قد يكون هذا مناقضاً لخُلقنا وديننا غير أنني أظن أن هذا هو ما يجب أن يكون مصيرهم إن شاء الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger