الاقتصاد في مصر: الاستثمار والاستقرار .. وحسابات أخرى |
الأربعاء, 24 أكتوبر 2012 00:11 |
لاشك أن الاقتصاد المصري في مرحلة صعبة ومعقدة ولا يمكن لأشد الناس تفاؤلا أن يقول غير ذلك.. فالاقتصاد ينحدر والاستقرار ينحسر.. والشعب ينتحب.. والحكومة ماذا تنتظر؟ ولا يمكن أن تظل الأمور هكذا كما يقال "سمك لبن تمر هندي" أي من دون تنسيق حتى في التصريحات الحكومية التي تفتقد الترابط والانسجام والاتساق الذي يعكس مدى الثقة والمصداقية في الأرقام المتضاربة والتأويلات المتناقضة أو المغرضة التي تتناقلها وسائل الإعلام، ليبدو أمامنا مؤشر النمو البطيء والأكثر بطئا متوازيا مع التراجع الاقتصادي السريع، لا أقول إن ذلك ممنهج أو غير مقصود، لا أدري حقيقة، ولكن المؤكد أنه لا أحد يرغب في سقوط الدولة، والمؤكد أن السهام الموجهة لشخص الرئيس مرسي ولمؤسسة الرئاسة وقراراتها المتباينة أو المهتزة، تهز وتزلزل كيان الأمة وأركانها، ولا أريد أن أركن إلى نظرية المؤامرة لأن السهام تأتي من الموالين قبل المعارضين ومن المحبطين والمتربصين، والشيء المؤكد أيضا أنها تصب في اتجاه واحد وهنا مكمن القوة والخطورة أيضا، نظرا لأن المشاهد المطروحة من الرئيس ومؤسسة الرئاسة ومستشاريها وأعضاء الحكومة والمتشدقين والمشتاقين والمتقولين بالحق والباطل من حزب الحرية والعدالة يجعل من الصعب عليهم الصمود طويلا، لأن كل تفاصيل هذا المشهد عبثية وتنخر في أركان الدولة من دون أن يدري كل هؤلاء أن العواقب وخيمة، خاصة مع زيادة السخط الشعبي الذي يتضاعف ويتأجج كلما تضاعفت المعاناة اليومية، الأمر الذي قد يفجر براكين الغضب والثورة من جديد. وهذا يحتم علينا جميعا أن ننتبه إلى هذه المخاطر، وأن تكون حساباتنا واضحة في الرغبة في الخروج من هذه الأزمة وهذا المأزق الذي يهدد المصير والمستقبل، لأن عدم الاستقرار السياسي وكثرة الجدل القائم بين كل الفئات يقودانا إلى الفشل في بناء وإعادة القوة إلى الاقتصاد المصري، ليكون قاعدة عملاقة في الشرق الأوسط وإفريقيا لجذب واستيعاب الاستثمارات العالمية والإقليمية. ومن ثم علينا أن نعلي مصالح الوطن وننحي المواقف الشخصية جانبا – ولو مؤقتا – وأن نمد أيدينا لإنقاذ السفينة الجانحة وتعويمها قبل أن تغرق ونغرق معها، بغض النظر عن الرئيس مرسي وحزب الحرية والعدالة اتفقنا أو اختلفنا معهم أو حولهم، حتى يعبر الاقتصاد المصري من عنق الزجاجة، وحتى نتغلب على هذه المحنة القاسية التي تقاسي منها مصر، والتي لم تشهدها على مر التاريخ، والأمر يستوجب أن يثبت المصريون قوتهم وحرصهم على وطنهم ومستقبلهم وأن يسمو فوق كل خلاف، وهذا ليس ضعفا بل هو تحضر ورقي سيدفع مصر إلى مصاف الأمم والشعوب، وفي المقابل هناك التزامات قبل النظام الحاكم في أن يعيد تنظيم أوراقه ويلملم الجراح ويبث الثقة والطمأنينة في أن الاقتصاد المصري يدعمه الاستقرار السياسي والتوافق الاجتماعي، ولن يتأتى ذلك بالتمني أو النوايا الحسنة، لأن المطلوب من الرئيس والحكومة تقييم الوضع الاقتصادي بشفافية وصدق، وطرح روشتة العلاج السريع، ووضع الخطط المدروسة لمواجهة الفوضى والانفلات والأزمات القائمة والتداخلات بين السلطات والفجوة التشريعية، والحد من سيل الفتاوى والتصريحات من المؤهلين لذلك أو غيرهم من غير المتمرسين في الشأن السياسي والاقتصادي، لأنها تضر أكثر مما تنفع، وعلاج ملفات السياحة والأمن والأمان والاستقرار- لأن جميعها عوامل طرد للاستثمارات- كذلك تحديد آليات وتوقيتات التطبيق، من خلال خريطة طريق واضحة ومحددة المعالم، حتى نعوض الخسائر التي مني بها الاقتصاد منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن، حتى يمكن أن تكون الحسابات الأخرى وفق معايير المحاسبة واقعية ومنطقية، وليست كما حدث من لغط ومهاترات حول إنجازات المئة يوم التي وعد بها الرئيس مرسي، ومحاولة محاسبته عليها، وهي فوق طاقة البشر لأنها تراكمات لأزمات تولدت وتشعبت وتجذرت في ثلاثة عقود أو أكثر ومن المستحيل علاجها في تلك المدة القصيرة، وهذا ليس دفاعا عن الرئيس أو النظام بل دفاع عن مصالح الوطن والأجيال القادمة، وعلينا أن نؤجل المحاسبة حتى تتاح للنظام المسافة الزمنية والمساحة المكانية، التي تمكنه من تنفيذ برنامجه، وتمكنا من أن نحاسبه، وأيضا حتى يتفرغ الشعب للعمل والإنتاج. محمد محمود عثمان كاتب اقتصادي مصري |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق