الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

الصحف المصرية




كاتب بصحيفة الاخوان يهدد الإمارات بالتدخل بشؤونها الداخلية وتشجيع المعارضة.. رسالة مرسي لبيريس تثير المصريين
حسنين كروم

2012-10-22





القاهرة - 'القدس العربي' كثيرة هي المواضيع الاعلامية في الصحف المصرية وينافس بعضها بعضا بحيث أجد صعوبة في تقديم أحدها على الآخر، مثل حضور الرئيس المناورة البحرية - انتصار البحر 45 - بمناسبة عيد البحرية ونشر جريدة حزب الإخوان 'الحرية والعدالة' الخبر في صفحتها الثالثة، وتكرمت بذكر اسم قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح السيسي وحضوره مع الرئيس، حتى يتعرف عليه قادة وضباط وجنود الجيش. وواصلت عدم ذكر اسم الفريق صدقي صبحي رئيس هيئة أركان الحرب لأنها لا تريد أن تشهره.
كما سارع رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار التحرير التي تصدر 'الجمهورية' و'المساء'، مصطفى هديب إلى عقد مؤتمر نفى فيه ما ذكره رئيس تحرير 'الاسبوع' زميلنا وصديقنا بأن مطبعة المؤسسة عطلت طبع الجريدة بسبب حديثه مع المشير طنطاوي، وقال ان هناك عطلا بسبب بعض الزنكات، ولم يحدث تأخير وأن المؤسسة تكن احتراما شديدا للقوات المسلحة وأن الذي أنشأها هو جمال عبدالناصر، دون ان يسبقه بخالد الذكر. كما فوجئت مساء الأحد على قناة القاهرة والناس بإعلان متكرر عن صحيفة 'الأهرام' وظهور رئيس تحريرها زميلنا عبدالناصر سلامة يلقي ما يشبه المحاضرة عن الوضع الاقتصادي ويقوم بالإشارة الى ان كلام الرئيس عن الشركات التي عليها متأخرات مالية أدى الى مشكلة. وقام عدد لا بأس به من الصحافيين بالتظاهر أمام مجلس الشورى احتجاجاً على قيام رئيسه الإخواني أحمد فهمي بعزل رئيس تحرير 'الجمهورية' زميلنا جمال عبدالرحيم من منصبه، وتصعيد الأطباء لإضرابهم، وتظاهر لاعبي كرة القدم أمام القصر الجمهوري احتجاجا على عدم استئناف الدوري العام، وأخبار الحجاج وأسعار لحوم العيد.
وإلى شيء من أشياء كثيرة عندنا:

الإخوان وموقفهم المتناقض من القومية العربية

ونبدأ بما كادت الشيخوخة والمرض والشيطان قبلهما، أن ينسونا حكاية الإخوان المسلمين وموقفهم من الدول الوطنية والقومية والوحدة العربية، والتي حاول عدد منهم إبرازها. وأهمهم الدكتور محمود غزلان المتحدث الرسمي باسم الجماعة، وذلك في إطار الرد على الهجوم الذي شنه ضدهم الشيخ عبدالله زايد وزير خارجية الإمارات، وكنا قد أكدنا انه لا شأن لنا من قريب أو بعيد بهذه المعركة التي بدأها مبكرا الفريق ضاحي خلفان قائد شرطة دبي، عندما دشن حملات اتهم فيها الإخوان بالتآمر، ثم أحالت السلطات ستين من رعاياها إلى محكمة الجنايات قالت انهم من الإخوان وتم ضبطهم يتآمرون على الدولة، وهم لا يؤمنون بالدولة الوطنية.
ذلك أن معركتنا سواء ضد الإخوان أو التيار الإسلامي عموما هي أساسا بسبب عدائهم الصليبي للقومية العربية، والدعوة للوحدة بين شعوبنا، وإقامة دولة عربية موحدة من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، فيدرالية أو كونفيدرالية، تحكمها أحزاب رأسمالية أو اشتراكية، أو بين بين، أو بها أي اتجاه اقتصادي، هذا ما يختاره الناس في انتخابات ديمقراطية، والدعوة للوحدة قادتها وضحت من أجلها، أجيال متعاقبة، لأنها تعكس حقيقة وجود شعب واحد ممزق يسعى لجمع أشلائه في كيان سياسي موحد، ولم يخلق القومية بعثيون أو ناصريون أو غيرهم، لأنها ليست حزبا سياسيا ولا مذهباً اقتصادياً، ولذلك تتصادم مع دعوتين، أخرييين الأولى، الإقليمية التي يدعو أصحابها إلى الاكتفاء بالدولة الوطنية التي نشأت في العالم العربي خاصة بعد الحرب العالمية الأولى، وما تلاها، ومنها دول كان لها وجود تاريخي قديم مثل مصر واليمن والعراق التي كانت معروفة باسم - ارض السواد، ونشأت حضارات قديمة على أرضها، ومنها دولة حديثة كما حدث في الشام وتقسيمها أو مقسمة وتوحدت مثل السعودية وليبيا، وهذه الدول سواء التي نشأت حديثا أو القديمة أرادت تدعيم استقلالها الوطني والبحث عن هوية تميزها.
والدعوة الثانية قادها دعاة عودة الخلافة الإسلامية، ممثلة في الدولة العثمانية والتي ألغاها رسمياً عام 1924 مصطفى كمال أتاتورك، لكن هذا التيار كان ضعيفا لأنها عمليا كانت دولة الخلافة لا وجود سياسي حقيقي لها، وقضى عليها أصحابها أنفسهم في تركيا وأداروا ظهرهم للعالم الإسلامي واتجهوا إلى أوروبا.
والذي يوضح مدى عمق إيمان الشعوب العربية بقوميتها، أن الدعوة للوحدة العربية هزمت دعاة الإقليمية وهم في عنفوان قوتهم، عندما انتشرت الدعوة القائمة على أساس القومية العربية، لا الدين أو العرق أو غيره، لأنها تشمل الجميع، وتم الانتصار رسمياً، باتفاق الدول العربية السبع، التي نالت استقلالها الحقيقي أو الشكلي على إنشاء جامعة الدول العربية، لتكون الإطار الذي يجمعها والسير بها نحو وحدتها القومية، هذه الدول السبع كانت مصر والعراق وكانتا خاضعتين للاحتلال البريطاني ولهما استقلال شكلي منذ عام 1936 والمملكة العربية السعودية، والمملكة المتوكلية اليمنية - أي دولة - السعودية - يحكمها المذهب الحنبلي المسمى خطأ الوهابي، والثانية تحكمها أسرة شيعية تنتمي إلى المذهب الزيدي، وهو الأشد قرباً إلى أهل السنة، وكذلك سورية ولبنان وإمارة شرق الأردن، والتي تأسست بعد الحرب الأولى، وكل دولة عربية كانت تحصل على استقلالها تسرع بالانضمام إلى الجامعة العربية، وهو ما حدث مع ليبيا التي كانت مقسمة لثلاث وحدات سياسية، ومع السودان الذي كانت مصر تعتبره جزءا منها، ثم تونس والمغرب والجزائر وموريتانيا، أي بمجرد تأسيس الدولة الوطنية كانت في اليوم التالي تسرع للانضمام الى الإطار القومي الأوسع، وكانت هذه الظاهرة صدمة شديدة، لدعاة الإقليمية، ولدعاة العودة للخلافة، وحتى لا نغرق في التاريخ، وان كنت أجد من الضروري توضيح، او التذكير بالأسس التي تقوم عليها الخلافات السياسية الآن، خاصة بعد أن حقق أعداء القومية العربية من دعاة الخلافة انتصارات مدوية وأثبتوا وجودا سياسيا حقيقيا، ويستحقونه عن جدارة، ولكن مشكلتهم انهم يسيئون تفسير ما حدث، ومواقف من انتخبوهم، وذلك عندما يعتقدون أنهم سوف يتقبلون منهم كل ما يطرحونه عليهم، دون أن يعلموا أن الذين انتخبوهم لم يفعلوا ذلك إلا باعتبارهم ضد الأنظمة الفاسدة، والاعتقاد انهم غير فاسدين وسيقيمون نظاما نظيفا يحقق مصالحهم، وانهم سيكونون تحت الاختبار، أما أن يثبتوا أن لهم مشروعا اقتصاديا يحقق ديمقراطية حقيقية كالموجودة في أوروبا وأمريكا وإسرائيل والهند.

حكاية الخلافة الإسلامية
ومعاداة الوحدة العربية وانكارها

أما حكاية الخلافة الإسلامية ومعاداة الوحدة العربية وانكارها، فلم تكن في ذهن أي فرد انتخبهم في مصر أو ليبيا أو تونس أو المغرب أو انتخبهم من قبل في الأردن واليمن، ولذلك كانت تصريحات المرشد العام الدكتور محمد بديع بأن حلم الخلافة العظمى الذي دعا إليه البنا بدأ يتحقق، نشازا، يكشف مدى حقد هؤلاء الناس على القومية والوحدة العربية، والعمل على هدم الجامعة العربية لحساب مشروعهم عن الخلافة لدرجة أن جريدتهم 'الحرية والعدالة' خرجت بمانشيت عن إلقاء مرسي كلمة أمام الجامعة - هو جامعة الشعوب صحيح أن إخوان تونس والمغرب والأردن واليمن لم يصرحوا بذلك، ولكنهم في الحقيقة لا يختلفون عن أشقائهم في مصر ولم يكشفوا عن عداء لدعوة القومية والوحدة فقط، وانما عن عداء للدولة الوطنية، ولم يكن تعبير طظ في مصر إلا انعكاسا لما يؤمنون به، وعندما أحسوا باستنكار أفكارهم حاولوا تصحيحها بالعودة إلى مؤسس الجماعة ومرشدها الأول المرحوم حسن البنا، كما قال محمود غزلان في رده على الشيخ عبدالله زايد، فما هو موقف البنا الحقيقي؟

البنا: الوحدة القومية
والوحدة العربية والوحدة الإسلامية

في كلمته أمام المؤتمر الخامس عام 1934 - قال البنا - كتاب من رسائل الإخوان:
'كثيراً ما تتوزع أفكار الناس في هذه النواحي الثلاث، الوحدة القومية، الوحدة العربية والوحدة الإسلامية، وقد يضيفون إلى ذلك الوحدة الشرقية، ثم تنطلق الألسنة والأفكار بالموازنة بينها وإمكان تحقيقها أو صعوبة ذلك الإمكان والتشيع لبعضها دون البعض الآخر، فما موقف الإخوان المسلمين من هذا الخليط من الافكار والمناحي ولا سيما وكثير من الناس يغمزون الإخوان المسلمين في وطنيتهم ويعتبرون تمسكهم بالفكرة الإسلامية مانعاً إياهم من الإخلاص للناحية الوطنية، والجواب على هذا إننا لن نحيد عن القاعدة التي وضعناها أساساً لفكرتنا، وهي السير على هدى الإسلام وضوء تعاليمه السامية، فما هو موقف الإسلام نفسه من هذه النواحي؟
ان الإسلام قد فرضها فريضة لازمة لا مناص منها أن يعمل كل إنسان لخير بلده حتى انه لم يجز ان تنقل الزكوات أبعد من مسافة القصر إلا للضرورة، وأن يخدم الوطن الذي نشأ فيه ومن هنا كان المسلم أعمق الناس وطنية، والإخوان المسلمون يحبون وطنهم ويحرصون على وحدته، ثم ان هذا الإسلام الحنيف نشأ عربيا ووصل إلى الأمم عن طريق وقد جاء في الاثر، إذا ذُل العرب ذل الإسلام، وقد نحقق هذا حين دال سلطان العرب السياسي وانتقل الأمر من أيديهم الى غيرهم من الأعاجم والديلم ومن إليهم، والعرب هم عصبة الإسلام وحراسه، وأحب هنا أن ننبه الى ان الإخوان المسلمين يعتبرون العروبة كما عرفها النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه ابن كثير عن معاذ بن جبل رضي الله عنه: 'الأردن العربية اللسان، إلا أن العربية اللسان'.
ومن هنا كانت وحدة العرب امرا لا بد منه لإعادة مجد الإسلام وإقامة دولته وإعزاز سلطانه، ومن هنا وجب على مسلم أن يعمل لإحياء الوحدة العربية وتأييدها ومناصرتها، وهذا هو موقف الإخوان المسلمين من الوحدة العربية، بقي علينا أن نحدد موقفنا من الوحدة الإسلامية، والحق أن الإسلام كما هو عقيدة وعبادة هو وطن وجنسية، وأنه قضي على الفوارق بين الناصر، ولا يعترف بالحدود الجغرافية ولا يعتبر الفوارق الجنسية الدموية ويعتبر المسلمين جميعا أمة واحدة ويعتبر الوطن الإسلامي وطناً واحداً مهما تباعدت أقطاره وتناءت حدوده وكذلك الإخوان المسلمون يقدسون هذه الوحدة، ينادون بأن وطنهم هو كل شبر أرض فيه مسلم يقول، لا إله إلا الله، محمد رسول الله'.

الوحدة كانت موجودة
بين الشعوب العربية وهي محتلة

هذا أبرز ما قاله البنا، والملاحظ هنا حقيقة بارزة، وهي أن دعوة الوحدة العربية كانت موجودة بين الشعوب العربية وهي محتلة، ونشأت ودعا كثيرون إليها قبل أن يظهر للوجود شيء اسمه حزب البعث العربي الاشتراكي الذي تكون في سوريا من حزبين، البعث العربي بقيادة ميشيل عفلق وصلاح البيطار، والثاني، الاشتراكي بقيادة، أكرم الحوراني، وقبل أن تقوم ثورة يوليو ويظهر خالد الذكر، كما ان فكرة الدولة الوطنية كانت في عنفوانها أيضاً، وتتهم دعاة عودة الخلافة بأنهم غير وطنيين.
والملاحظة الثانية البارزة هو ان البنا حاول ان يجمع تحت جناح الجماعة الدعوات الثلاثة، حتى لا يترك شيئاً للآخرين، أي الاستحواذ على كل شيء، عروبة ماشي، وطنية لا بأس، وحدة إسلامية، طبعاً، المهم ان يكونوا لنا، ويربط ذلك كله بالإسلام، بحيث أن يتمسك بدعوته إلى الوطنية، أو الوحدة العربية، يعتبر اتوماتيكيا خارجا عن الإسلام.

إذا ذل العرب ذل الإسلام

ولذلك فان محاولة الاستحواذ على الدعوات الثلاث معاً، أوقعته في تناقضات، معيبة جدا، ضد الوطنية، وضد القومية العربية بل وضد الإسلام ايضا، فهو عندما يقول: إذا ذل العرب ذل الإسلام، دون أن يستند إلى كلام للمولى تعالى في القرآن، أو حديث صحيح للرسول صلى الله عليه وسلم، مكتفياً بأنه منقول عن الاثر، ويطبقه على انتقال الأمر من أيدي العرب إلى الأعجم والديلم، فانه يعتبر المسلمين غير العرب بعيدون عن الإسلام أو غير مسلمين، طبعاً هو لم يقل ذلك، ولا يقصده طبعاً، لكن معنى كلامه يؤكده متناسياً الفتوحات العظمية التي قام بها قادة مسلمون من الفرس والديلم والمعارك التي خاضها قادة مسلمون من الأكراد والشركس، وهزيمتهم التتار والصليبيين، مثل صلاح الدين والظاهر بيبرس والأتراك العثمانيون، وفتح الأندلس بقيادة طارق بن زياد ودور البربر في المغرب، وهكذا، ثم يصل الى تناقض آخر ينسف به إيمانهم بالدولة الوطنية أما الوحدة العربية، عندما يعتبر الإسلام وطن وجنسية، لا عقيدة وعبادة فقط، أي ينزع الوطنية والجنسية عن المسيحيين العرب، وعن غير المسلمين في الدول الإسلامية، بل يمتد الأمر ليشمل حتى الدول غير الإسلامية لتي إذا وجد فيها مسلم واحد، فانها وطن للمسلمين، أي اننا نحتاج الى مسلم واحد في أمريكا ومثله في كل دولة من دول الاتحاد الأوروبي، لنضمها إلينا؟.
هل هذا كلام معقول؟، لكن المعقول جدا في كلام البنا، هو حديثه عن الدولة الوطنية إذا أخذناه، وحده ومعقول، إذا أخذناه عن الوحدة العربية فقط، أما كلامه عن الوحدة الإسلامية، فغير معقول بالمرة، وهنا تكن مشكلة الإخوان الحالية، لأن مشروعهم في الخلافة وإعادتها يشوبه الاضطراب والفوضى، وعدم المعقولية بالمرة، صحيح أن البنا في كلمات له بعد ذلك - ذكر كلمات الوحدة العربية والقومية العربية وتأييد قيام جامعة الدول العربية، لتحقيق هذه الوحدة، إلا انه اعتبرها مقدمة للوحدة الإسلامية، والذي حدث بعد ذلك.
ان الإخوان المسلمين خاصة بعد ثورة يوليو سنة 1952 كشفوا عن عداء صليبي للعروبة والوحدة والقومية، وانكار لها، ومازال هذا حالهم حتى الآن، ويتعزز أكثر بعد وصولهم للحكم في مصر وعدد من الدول العربية، إذ يعتبرون ان حلمهم في عودة الخلافة الإسلامية والتربع عليها بدأ يتحقق فعلاً، وقد عبر عن هذا العداء المبكر للعروبة المرحوم عمر التلمساني المرشد الثالث في مقال نشرته له الأهرام بتاريخ 11 مارس سنة 1987، عنوانه - سياستنا لا عربية - قال فيه بالنص: 'أحب أن أقرر أولا، ان هذه المنطقة من أولها إلى آخرها منطقة إسلامية ليس للعروبة المدعاة أي تدخل في استراتيجية الجماعة، فهي تتحرك من وحي كتابها وسنتها اللذين لا يعترفان بالقومية'.

موقف البنا وموقف الجماعة

والمهم أن 'الأهرام' نشرت المقال بعد وفاته بأيام وكان قد أرسله إليها قبل وفاته، ولما حان موعد نشره عرضته 'الأهرام' على مرشد الإخوان الذي خلفه المرحوم محمد حامد أبو النصر وأرسلته إليه ليقرأه ويبدي رأيه وهل هو معبر عن رأي الجماعة أم لا، فأجازه واعتبره معبرا عن رأيهم.
والآن، هل موقف الجماعة الآن خروج عن خط حسن البنا، أم انه الفهم الحقيقي لما يريده وعدائه للعروبة والوحدة العربية، وأن ما قاله انما كان تقيه حتى لا يحرج الجماعة أمام دعاة الدولة الوطنية والعربية واتهاماتهم لهم؟
الله أعلم بالنوايا، لكن هذه هي الحقائق التاريخية والحالية، والتي تثير الشكوك في نوايا ما يخفيه هؤلاء الناس في كل الدول العربية من كراهية لعروبتنا وحقد عليها، لأنها في رأيهم التي ستتحطم على صخرتها أحلامهم في إعادة خلافة إسلامية، على رأسها خليفة هو مرشدهم العام، او من تركيا أو باكستان أو الهند أو أمريكا؟

الإخوان وإسرائيل: بماذا
اختلف مرسي عن مبارك؟

وإلى المعركة المفاجئة التي تعرض لها الرئيس، ولم تكن على البال ولا الخاطر كما يقولون، فلا هي خاصة بالإضرابات والمظاهرات، ولا المطالب الفئوية أو أزمة الكهرباء والأجور والمياه وأنابيب البوتاجاز وارتفاع الأسعار وعجز الميزانية والديون، والمشاكل التي يسببها المستشارون الذين ينصحون الرئيس باتخاذ قرارات ثم الرجوع عنها، إنما هذه معركة فتحتها إسرائيل، عندما نشرت نص خطاب الرئيس الذي أرسله إلى رئيسها شيمون بيريز لاعتماد السفير المصري الجديد لديها، واستخدم عبارات عاطفية جدا في مخاطبة بيريز وتمنى لإسرائيل رغد العيش، ووصف نفسه بأنه الصديق الوفي مما أحرج الإخوان المسلمين إحراجاً ما بعده إحراج دفعت بعضهم لمهاجمة الرئيس وهو منهم، كما جاءت منحة مقبولة من السماء وقبل الصعود الى عرفات لمهاجمة الرئيس وجماعته، والسخرية منهم، وأراد زميلنا الرسام الكبير بـ'الوفد' عمرو عكاشة المساهمة ولو بقدر لا بأس به من السخرية، فكان رسمه يوم الأحد، عن مبارك وهو يخطب في التليفزيون قائلاً:
- إلى عزيزي وصديقي العظيم صاحب الفخامة رئيس دولة إسرائيل، السيد شيمون بيريز، من صديقك الوفي'.
وأخبرنا عمرو انه يتذكر أثناء مروره في أحد الشوارع ومبارك يقول ذلك كان هناك ثلاثة من الإخوان يستمعون إليه، فصرخ الأول قائلاً: خائن، والثاني قال، عميل، والثالث، ربيب اليهود، وقال ان امارات الغضب كانت واضحة على قسمات وجوههم، وبعد حوالي سنتين، كان يمر بنفس الشارع وشاهد نفس الثلاثة من الإخوان يشاهدون الرئيس مرسي، يردد نفس كلمات مبارك لبيريز، فارتسمت الضحكات على وجوههم، وصاح الأول، سياسي، والثاني قال عن مرسي - داهية، وأما الثالث ففتح فمه على آخره، وقال بثقة، فلتة.

'الوطن': يا فرحة إسرائيل بنجاح مرسي!

ولكن هناك آخرون لم يعجبهم هذا الحال ومنهم زميلتنا والإعلامية البارزة والجميلة، فريدة الشوباشي، التي قالت في نفس اليوم - الأحد - في عمودها في 'الوطن' عن الرئيس: 'لا أزال أتذكر لومه لمنافسه الفريق احمد شفيق باعتبار أن نجاحه، أي نجاح شفيق، كان مكسباً للدولة العبرية، ولدرجة أن د. مرسي قال: يا فرحة إسرائيل بنجاح شفيق، ولكن بعد نشر خطاب، د، مرسي الى نظيره الإسرائيلي شيمون بيريز انتابتني دهشة لا أقوى على الخروج منها، بل انها تزداد عمقاً وألماً، فلغة الخطاب أكثر من ودية، ولهجته لا تكون إلا بين دولتين شقيقتين، فمرسي يلوم بقوة، وحدة النظام السوري رغم دخول جهات وقوى عديدة على خط الأزمة السورية، كل لأغراضه ومراميه، ولكنه عندما يتوجه إلى بيريز فهو يستخدم عبارات ما كان يصح أن يستخدمها رئيس مصري حيث ان إسرائيل لم تتوقف عن جرائمها ولا ليوم واحد، ومحاولات تهويد فلسطين المحتلة مستمرة، وكذلك العدوان السافر على المسجد الأقصى وربما بوتيرة اكثر حدة بعدما خفتت لشعارات الرنانة مثل، على القدس رايحين، شهداء بالملايين'.

الخطاب اصاب المصريين بالمهانة وجرح الكرامة

أما زميلنا وصديقنا وعضو مجلس نقابة الصحافيين جمال فهمي، فأراد في نفس اليوم في 'التحرير' الهجوم برقة ولين ولطف فقال: 'هذا الخطاب الفضيحة الذي لا أراه ولا اعتبره كما كثير من المصدومين المتحمسين، دليلاً يثبت أية خيانة أو انحراف شائن عن المصلحة الوطنية، وإنما أصنف الفضيحة تلك ضمن تجليات وإشارات لا أول لها ولا آخر تؤكد كلها ان سكان هذا الوطن يكابدون حاليا واحدة من أكبر وأخطر حوادث الكذب في التاريخ'.
لا، لا كذب ولا يحزنون وإنما له تفسير آخر عند زميلنا وصديقنا مصطفى بكري رئيس تحرير 'الاسبوع'، هو: 'أصاب هذا الخطاب المصريين جميعاً بالمهانة وجرح الكرامة، لا تقولوا لي ان رئيس الدولة لم ير الخطاب أو يتمعن في قراءته، بل رآه ووافق عليه كاملا، بألفاظه وعباراته، فلماذا إذن كنتم تلومون الرئيس السابق حسني مبارك، وما هو الفرق بينكم وبينه؟
لقد كنت أتوقع أن يخرج الرئيس إلى الشعب المصري معتذراً عن هذا الخطاب الفضيحة، وأن يطلب من شهداء الوطن والأمة الصفح لكنه التزم الصمت، وهو الذي لا يتوقف عن الخطب وإلقاء الكلمات بشكل يكاد يكون اسبوعيا، أن حكم الإخوان لم يختلف كثيرا حتى الآن عن حكم الرئيس السابق حسني مبارك، انه يعيد انتاج نفس المواقف، ولكن بطريقة أشد قسوة وأكثر فجاجة، إذن لماذا كانت الثورة ولماذا سقط الشهداء؟ ان الأيام القادمة سوف تكشف المزيد من الحقائق وترفع الغطاء عن المواقف وتعريها ليعرف الناس ان هناك من يرفع الشعارات لمجرد الاستهلاك، وعندما يصلون الى الحكم ويمسكون بتلابيب السلطة يكشفون عن وجوههم سافرة.

تطابق موقف مرسي مع السادات من بيريس

وبعد الاستماع الى ما قاله بكري سمعت ازيزا بالقرب من أذني اليسرى، من دبور كان يحوم حولها، واتضح انه زميلتنا بـ'الوطن' خفيف الظل والشاعر هيثم دبور، وقال في بروازه - اززززز - يوم الأحد: 'لا أتوقع أن تشعر الرئاسة ومعها مرسي بالحرج تجاه المصريين من خطاب، يا حبوب قلبي يا بيريز، الحرج الحقيقي الذي تشعر به الرئاسة من قطاع غزة، لأنهم واكلين شاربين مصدرين غاز ومعونات وكهربا سوا فيما يأتي المصريون في المرتبة الثانية'.
وبمناسبة بيريز، فهناك واقعة شهيرة أيام الرئيس الراحل أنور السادات - عليه رحمة الله - إذ كان صديقاً لبيريز، وروى صديقنا الراحل، ونائب رئيس حزب الأحرار وعضو مجلس الشعب وقتها عن قليوب محمد عبدالشافي، عما دار في اجتماع مغلق لعدد من النواب مع السادات، انه قال: 'ان جزمة بيريز أشرف من حافظ الأسد'، وعبدالشافي نشر هذا الكلام في جريدة الحزب 'الأحرار'، وكان قد غضب أثناء الاجتماع من ذلك الكلام.

الإخوان للامارات: عيب
الإخوان أنهم يحبون أوطانهم

وإلى الإخوان المسلمين ومعاركهم، التي يخوضونها أو يتعرضون للهجمات فيها، ومن أعجب معاركهم، تلك التي خاضها صاحبنا الإخواني الذي يبذل جهدا غير منكور ليكون خفيف ظل، إذ وجه تهديدين مباشرين لدولة الإمارات، رداً على الاتهام الذي وجهه إليهم وزير الخارجية عبدالله بن زايد، بأنهم لا يؤمنون بأوطانهم، فقال حمزة زوبع يوم الاثنين في 'الحرية والعدالة' بالإمساك بعودة، وأخذ يحور في أغنية الفنان والمطرب والموسيقار محمد عبدالوهاب، حب الوطن فرض عليا أحميه، روحي وعنيا، ترللم، ترللم، لتكون كما جاء في مقاله الذي وجه فيه اتهامات عديدة له: 'عيب الإخوان أنهم يحبون أوطانهم وليس كما يشاع من بعض صبية السياسة وتلاميذ السلطة هنا أو هناك، أنهم ضد الدولة الوطنية، إذا كان مشروع الإخوان الأساسي هو إقامة شرع الله فالسؤال هو أين يقام شرع الله إلى على أرض مستقرة، وهل لدينا أرض مستقرة مثل أوطاننا؟ غبي كل من يدعي أن الإخوان لا يحبون أوطانهم ومضحوك عليه كل من يظن أن الإخوان وحدهم هم المعارضون وأنهم وحدهم من يعمل على التغيير في بلاد من الله عليها بكل شيء ولكن القائمين عليها لا يريدون التغيير ولا يحبون سماع سيرته ويعتبرون التغيير تنازلا للشعب الذي يجب أن يبوس القدم ويبدي الندم، خدعة قديمة واسطوانة مشروخة أعيد انتاجها على يد عدد من المستشارين الأمنيين والإعلاميين المصريين في بعض دول الخليج وبلعها البعض في بعض مواقع القيادة هناك، والسؤال هو: هل سأل هؤلاء المسؤولون أنفسهم قبل تعيينهم لهؤلاء المستشارين المصريين عن النجاح الذي حققوه من قبل لكي يستعينوا بخبراتهم الهائلة؟
بعض هؤلاء يا سادة وأعرفهم بالاسم كان مخبراً صحافياً تم زرعه بأوامر أمنية في بعض المؤسسات الصحافية والمواقع الاخبارية وحين كشف أمره طرد منها فالتقفته بعض صحف الخليج لتعوضه عن راتبه المصري بالدولار الأخضر، صحيح أن هذا المستشار عمل ما في وسعه ايام الثورة لكي يثبت أن مبارك قوي وأن تحليلاته الشخصية صحيحة ولكنه فشل ورغم ذلك استعان به بعض حكام الإمارات لكي يقدم سلسلة محاضرات على مستوى الشيوخ لتعريفهم وتخويفهم من الإخوان المسلمين، هذا مجرد نموذج واحد ولدي قائمة طويلة، إذا كان حكام الإمارات يريدون هؤلاء مستشارين لهم فليرجعوا أنفسهم قبل أن تحل بهم لعنة شعوبهم'.
وهكذا لم يكتف بأغنية عبدالوهاب، وإنما بأغنية كوكب الشرق أم كلثوم في فيلمها سلامة، وأغنيتها سلام الله على الأغنام، وقولها يبوس الجدم ويبدي الندم، على غلطته في حق الغنم، وحورها، للشعب الذي يحب أن يبوس القدم ويبدي الندم، وهذا عدوان من الإخوان على الملكية الفكرية.

دور الامارات التخريبي في ليبيا وسورية

والهجوم الثاني كان بعد يومين - الأربعاء - كان مباشراً وعنيفاً وحمل تهديدات خطيرة للامارات، قال: 'لا تكشف الإمارات عن البوح بدورها في ما حدث في ليبيا وتزايد على دور قطر، واليوم تعلن دعمها للمعارضة في سورية وهي تقف وبكل حزم ضد المعارضة في الإمارات، وتعتبرها معارضة غير وطنية، لا يمكن أن تؤتمن على مصير الشعب الإماراتي وثروته، الإمارات لم تكتف بهذا الدول والتي تعتبر نفسها فيه رأس الحربة ضد الإخوان، بل استضافت سياسيين هاربين من العدالة، بعضهم استقر به المقام ومارس تجارته مع تجار المال والسلطة في الإمارات والبعض الآخر - وأعني به شفيق - يمارس وبكل حرية معارضته للنظام في مصر رغم أنه مطلوب للعدالة، شفيق ينطلق وبسرعة الصاروخ من الأراضي الإماراتية في الوقت الذي لا يسمح لمواطن حر وشريف أن يعبر عن رأيه في بلده، يا لها من ديمقراطية على الطريقة الإماراتية، لا أعرف كم كلفة إقامة وإعاشة واستقبالات الأخ أحمد شفيق ومن يدفعها له ومن يكفله على أرض الإمارات، ويا ليته يجد فرصة عمل ويمارس نشاطاً تجارياً أو يقوم ببناء مطار جديد ومن ثم يصبح من حقه الترشح لرئاسة الامارات بعد ذلك، الإمارات دولة صغيرة ولا تتحمل أن تكون منصة للهجوم على مصر أو الإخوان، وحكامها يعرفون ذلك، إذا أرادت الإمارات أن تكون موئلا وقبلة وملجأ للهاربين من العدالة، فإن مصر ستكون دعماً وسنداً وعوناً للأحرار الفارين من جحيم الظلم والبغي والطغيان الإماراتي.

معايرة الامارات بموقفها المسالم من ايران

وأعتقد أن المنازلة لن تكون للاصالح الإمارات التي لم تستطع فعل شيء ضد إيران التي احتلت جزرها ولم تجرؤ على حتى مجرد تحويل القضية للمحكمة الدولة للفصل في النزاع خشية غضب إيران عليها وعلى مكانتها'.
وفي الحقيقة، فهذا الكلام عن عدم جرأة الإمارات إزاء إيران، ومعايرتها به، لأنها لا تستطيع شن هجوم عسكري تستعيد به الجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، والتي احتلها شاه إيران عام 1971، وكان على الثورة الإيرانية أن تعيدها للإمارات، لكنها استمرت في نهج الشاه العدواني، أقول هذه المعايرة عار على صاحبها وعلى جماعته، ويمكن أن يتم الرد عليهم بالأسوأ، وهو عجزهم عن زيادة عدد القوات المصرية في سيناء لمواجهة الإرهابيين، وهي أراضينا المحررة التي لا تحتلها إسرائيل، لأن معاهدة كامب ديفيد حددت أعدادهم وتسليحهم وترفض كل رجاءاتنا ومناشداتنا لتعديلها لزيادة عدد القوات - وعندما دفعنا بالدبابات في المنطقة ج، طلبت سرعة سحبها، فسحبناها، فإذا كانت مصر التي هزمت إسرائيل، ويحكمها الإخوان نفعل ذلك مع إسرائيل، فهل يعاير الإخوان دولة صغيرة كالإمارات ان تهاجم وحشاً كاسرا كإيران، كنت أعتقد أن زوبع سيطالب مصر بالتدخل ضد إيران لتحرير الجزر العربية مثلما اقترحوا إرسال جيشها لمهاجمة سورية.
هذا كلام لا يمكن لاي عربي مؤمن بعروبته أن يردده وراء زوبع!

دعاة الليبرالية لا يستطيعون
مواجهة الدولة الدينية

وإنما يردد وراء زميلنا محمد أبو كريشة مدير عام تحرير 'الجمهورية' وهو خفيف ظل كبير قوله في نفس اليوم: 'يخطىء دعاة الليبرالية والديمقراية والعدالة خطأ يصل إلى حد الغباء وهم يضعون أنفسهم في مواجهة ما يسمونه الدولة الدينية، هم يقولون انهم يريدون دولة مدنية لا دينية، نعم للدولة المدنية لا للدولة الدينية، وهذا الخطاب السياسي الأبله يوصل رسالة خطيرة لرجل الشارع العادي أو لعموم المصريين مفادها أن هؤلاء يريدون دولة الكفر ولا يريدون الدين، أي انهم كفار في مواجهة المؤمنين أو هم مشركوا مكة في مواجهة رسول وصحابة أو مرشد وجماعة أو أخوة سلفيين وأمير مؤمنين، وهذا الخطاب العبيط يستخدمه التيار الآخر سلاحاً في مواجهة دعــاة الدولة المدنيــــة، فيرمونهم بالكفر، ويقولون أنهم شهدوا على أنفسهم بالكفر، لذلك يخسر الليبراليون والديمقراطيون دوماً ويكسب الإخوان والسلفيون وجماعات ما يسمى الإسلام السياسي، ويقول السذج والبلهاء من أبناء بلدي وما أكثرهم ان المتأسلمين خسروا الشارع تماماً، وتراجعت أسهمهم وشعبيتهم بسبب أدائهم غير الرشيد، وانكشافهم ومشروع نهضتهم الوهمي، وأنا الآن وبعد الآن سأظل أراهــن وأتحدى ورأسي وألف سيف وصرمة قديمة على أن الأغلبية في البرلمان القادم للإخوان وحلفائهم من المتأسلمين، لأن الناخب المصري يعطي صوته لله لا لأشخــاص، وبتوع ربنا، سيظلون في صدارة المشهد ولو كذبوا، ويذكرني ذلك بأحد كفار قريش عندما ادعى مسلمة الكذاب النبوة، وأرسل رسالة الى قريش في مكة ليتحالفوا معه ضد محمد صلى الله عليه وسلم، فرد مشركو مــكة رسل مسيلمة خائبين وقال قائلهم جملته الشهيرة 'كذاب بني هاشم أحب إلينا من كذاب بني حنيفة أو مسيلمة'، وهكذا يقول الناس في مصر كذاب الإخوان أحب إلينا من كذاب الليبراليين ومرتكب الرذيلة السلفي معذور، بل قد يكون مأجور، لكن مرتكب الرذيلة الليبرالي كافر وابن كلب'.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger