السبت، 21 مايو 2011

وبدأت مسيرة الديمقراطية



جمال سلطان (المصريون) 21-05-2011

أطلق المجلس الأعلى للقوات المسلحة رسميا سباق الترشح لمجلس الشعب الجديد ، برلمان الثورة ، بإصدار قانون مباشرة الحقوق السياسية أول أمس الخميس ، كما أعلن اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس بوضوح وحسم ، أن انتخابات مجلس الشعب ستجري في موعدها المقرر حسب الإعلان الدستوري ، خلال ستة أشهر ، أي بحد أقصى نهاية سبتمبر المقبل ، كما أكد القانون الجديد بأن الانتخابات ستتم تحت إشراف كامل من لجنة قضائية عليا ، من الألف إلى الياء ، من أول الدعوة للانتخابات وحتى إعلان النتيجة ، مرورا بقوائم الناخبين والتي سيتم إعلانها من خلال شبكة الانترنت ، وتعيين الموظفين المعاونين والرقابة على الدعاية الانتخابية بما فيها فرص الظهور في أجهزة الإعلام الرسمية بتساو بين المرشحين ، كما أكد القانون على أن الانتخابات ستجرى في يومين أو ثلاثة بما يضمن توفر "قاض" على كل صندوق ، لضمان الشفافية الكاملة للعملية الانتخابية ، ولقطع الطريق على من يروجون للانفلات الأمني وخطورة إجراء انتخابات في ظل هذه الأجواء ، أكد المجلس الأعلى أن الانتخابات ستتم في حماية القوات المسلحة نفسها .

هذه أخبار مبهجة ، وتمثل استمرارا لنهج القوات المسلحة الحاسم والأمين مع الثورة ومطالبها ومع الشعب واختياره في الاستفتاء الرائع الذي أجري مؤخرا ، كما يعني أن القوات المسلحة راغبة بكل جدية في تسليم إدارة شؤون الدولة إلى الشعب نفسه ، من خلال سلطة مدنية يقوم باختيارها بكل حرية ، وأن القوات المسلحة ستظل ضامنة لأمن وأمان الوطن ، في الداخل والخارج ، وأيضا ضامنة لاستقامة الحياة السياسية وحماية مكتسبات الثورة .

هذا التطور الإيجابي الرائع يحتم على القوى الوطنية أن تبدأ بشكل عاجل في تنظيم صفوفها والتواصل مع الجماهير في كل أنحاء مصر ، عليها أن تهجر الغرف المغلقة في استديوهات الفضائيات المصرية والعربية ، وتنزل إلى الريف والبوادي ، والقرى والنجوع والدلتا والصعيد وسيناء والسلوم ، تجوب مصر وتعرض مشروعاتها وخططها وبرامجها على الناس ، تعرفهم ويعرفونها ، لأن الكرة الآن في ملعب الأحزاب والقوى الوطنية ، ولا عذر لهم إذا عجزوا عن التواصل مع الناس ، فالكسل السياسي لا يصنع نجاحا جماهيريا ، وأضواء الاستديوهات لا يمكنها أن تشكل قناعات حقيقية لدى الملايين ، واسألوا الاستفتاء الدستوري الأخير ، وكيف انتصر الشارع على الفضائيات في تلك المعركة .

أيضا يكون من المهم للغاية أن تتوقف محاولات التحرش السياسي بإرادة الشعب ، لأنها مضيعة وقت الآن تلك الألاعيب التي تتحدث عن مجلس رئاسي ولجنة لشؤون الدولة والدستور ، وخزعبلات "هيكل" الذي ورط ـ مع الأسف ـ بعض الزملاء في الشروق في معلومة "مضروبة" عن اعتذار مبارك وطلبه العفو فوضعهم أمام النيابة العسكرية ، والأكثر فائدة أن يكون هناك حوار وطني حقيقي بين القوى الفاعلة والرئيسية من أجل التوصل إلى صيغة لقائمة انتخابية مشتركة أو توزيع الدوائر بما يضمن شراكة الجميع في البرلمان المقبل ، وأن يحرص الجميع على منح الأولوية فيها للتوازن السياسي وتمثيل الخبرات والكفاءات المصرية ، لأن المرحلة المقبلة الانتقالية ليست مرحلة نضال سياسي بقدر ما هي مرحلة عبقرية بناء دولة ومؤسساتها المدنية الجديدة .

المجلس العسكري أزال أي لبس حول اللجان الأخرى التي تشكلت مؤخرا ودورها ، مثل لجنة الحوار الدستوري التي شكلها الدكتور يحيى الجمل أو لجنة الدكتور عبد العزيز حجازي ، وأكد المجلس في بيانه أن تلك اللجان هي استشارية فقط ، يمكن أن يستهدي البرلمان أو اللجنة التي سيشكلها البرلمان لصياغة الدستور ببعض آرائها وأفكارها أو يسترشد بها ، بمعنى أنها أقرب للجهد الأهلي الاستشاري ، وليست بديلا عن اللجنة "الشرعية" التي سيختاره البرلمان المقبل ولا تمثل أي مرجعية ملزمة للأمة .

تسير مصر بخطى ثابتة نحو بناء دولتها الحديثة ، دولة القانون والمؤسسات والديمقراطية ، ولن تفلح كل المؤامرات التي تفتعل من الداخل أو الخارج في وقف مسار بناء الدولة ، لأن الضمير الوطني العام يعرف الآن ، أن الوطن ليس أمامه من سبيل آخر لكي ينهض ويسترد عافيته وينطلق في مسيرة البناء والنهوض ، ويفرض احترامه على الجميع في الخارج والداخل ، إلا وفق هذا الطريق الذي يمنح الشعب حق اختيار نظامه السياسي ، ويفرز حكومة جديدة تملك تفويضا شعبيا قويا يتيح لها القدرة على احتواء كل مشكلات البلد الاقتصادية والأمنية والإدارية بحسم وثقة .

almesryoongamal@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger