الأربعاء، 18 مايو 2011

مؤامرة الأقليات

حاتم محمد
الثلاثاء 17 مايو 2011

ما وقع بإمبابة وما تلاه من تداعيات هو مؤامرة كبرى لا فتنة، مؤامرة تهدف للانقضاض على الثورة.

البعض يريد إعادة انتاج نظام مبارك في صورة جديدة وبأشخاص مختلفة. والبعض يبحث عن مصالحة الخاصة. والآخرون يشتركون في خطة تستهدف اختطاف الوطن ذاته لهم ولكنهم لا يصرحون.

الحادث الذي فجر الأحداث هو في ذاته عفوي؛ ولكنه استغل في إطار مؤامرة يحيكها تحالف الأقليات ضد عموم ومصالح الشعب المصري؛ فهم أطراف عدة لكل منهم أهدافة الخاصة، لكنه تحالف المصالح المشتركة.

تبحثون عن أسباب الفتنة ؟!! فلول النظام السابق ، نعم فلول النظام السابق. فلول النظام السابق التي في تعيش في عقولنا وقلوبنا، فجعلت التعامل مع الكنيسة ليس كمؤسسة مصرية لها مكانتها التي تليق بها؛ وفي ذات الوقت والسياق خاضعة لقانون جمهورية مصر العربية، بل صار التعامل معها ككيان سياسي مماثل للدولة المصرية وممثل لشعب خاص بها، وبالتالي صار التعامل ليس من باب القانون وتطبيقه ولكن من باب الموائمات. فمازال القانون يطبق بطريقة انتقائية، ويده ترتعش وتعجز أمامها وأمام شعبها؛ الذي ينبغي أن يكون من شعب مصر لا شعبها. هذه هي أول الفلول.

ثاني الفلول هو المشروع السياسي الذي شب عليه قادة من الكنيسة وشبابها، مصر دولتهم والآخر بره، لم يعد هؤلاء بعد أن كبروا يطقون أن يعيشوا في الحلم، يردونه واقع شاهدناه في تصرحاتهم وصيحات المتظاهرين، ومعهم جاليات المهجر يبحثون عن مكان لهم في الساحة، وأصحاب المال يرغبون في اعتلاء المشهد السياسي بأي ثمن. كل هؤلاء استقر في وعيهم أن المسلمين غزاة غاصبون لهم، فتملك الغضب الضغينة من نفوسهم، هذه هي المشكلة.

المسلمون ليس لديهم مشكلة في التعايش مع المسيحيين. المشكلة أن القبطي يرى تطبيق العدالة بالنسبة للمسلمين يعني الظلم له. ويعتقد بطريقة لا شعورية أن الظلم وعدم محاباة الأقباط ألفاظ مترادفة.

فلول النظام، أعداء الثورة نعم، ولكن من هم؟ إن هؤلاء ليسوا كائنات فضائية تهبط وقت الحوادث والأزمات ثم تعود للفضاء مرة أخرى، ولكنهم أصحاب المصالح الذين لا يريدون أن يطبق عليهم القانون؛ كما كان لا يطبق عليهم في عصر مبارك، وإلا فالشعب يريد حماية دولية، لا بل الشعب الآن يريد حماية إسرائيل.

الذين أقاموا الصلوات يوم الخامس والعشرين حتى لا يخرج شعبهم ويلتحم مع شركائه في الوطن. الذين أصدروا البيانات من منظماتهم الحقوقية المزعومة لتصف مظاهرات الخامس والعشرين من يناير بالفوضى وتدعوا الشباب لعدم المشاركة، الذين قالوا: لأتباعهم لا تخرجوا في هذه المظاهرات لأن هذه الثورة ليس فيها خير لنا، وأكدوا ذلك بقولهم: انظروا إلى كم الملتحين والمنتقبات، هذه المظاهرات من الإخوان والسلفيين.

هؤلاء أعداء الثورة؛ الذين جاء أرنبهم المذعور من أمريكا على عجل في التاسع من فبراير إلى ميدان التحرير ليتصل بالجزيرة ليثبت حضور، ثم يهرب من الميدان سريعا فقد التقط الصورة أمام الكاميرا. واليوم لا يأتي إلا مع المصائب، حتى يجلس مع المجلس العسكري يملي وجهة نظره.

أعداء الثورة الذي يركب في كل مركب ويصرح في كل الاتجاهات فهو في لجنة الحكماء، ثم في مظاهرات التأييد لمبارك، ويطالب الشباب بالتوقف عن التظاهر والانصراف من الميدان، ثم مع هذا هو يخشى ممن يركب الثورة، آه إن كنت لا تستطيع أن تضحك فابكي، ولكن ربما لا تسطيع الاثنين، فلا فرق بين أن تطالب بحمل السلاح اليوم، ثم تقبل يد الشيخ غدا. ثم تدعوا أمن الدولة للعمل ثانية.

أمن الدولة نعم أمن الدولة هم فلول النظام، فإن سكنت الفتن فما المبرر لوجودهم، إن جهاز أمن الدولة خلال الفترة الماضية تكون لديه عداء غريزي لكل الإسلاميين، ثم تكلس على تلك الحالة.

لقد توطأ هذا الجهاز وخطط مع المباركي الذي انتحب رحيل صديقه، خططا لاستغلال كل حدث وتوظيفة طائفيا من أجل اختطاف الوطن.

تواتر روايات شهود العيان يؤكد أن الذين حرقوا كنيسة شارع الوحدة بلطجية؛ فمن الذي يستعين بالبلطجية ويخرجهم من السجون ويستخدمهم ضد الشعب؟ الذي حرق كنيسة شارع الوحدة بإمبابة هو الذي دبر تفجير كنيسة القديسيين؛ حتى يصبح وجوده وعودته مبررا، وهو الذي صرح به القس فيلوباتير بأن أمن الدولة طلب من المتظاهرين أمام ماسبيرو وضع عودة أمن الدولة ضمن مطالبهم.

فلماذا استجابوا وطالبوا بعودة الجهاز الذي قتلهم ليلة عيدهم؟!! أنها المصالح الخاصة والضيقة ، التي تعلو حتى على مصالح أهل ملتهم. وهذه هي ثالث فلول النظام.

ويغرر بنا جميعا طائفة من إعلام رخيص، يقلب الحقائق ويشوش عليها، ويروج للفتن، فهو مازال إعلام الكنتاكي والخمسين دولار. إعلام يمتلكه اتباع النظام السابق، والغارقون في الديون، يخشون الحساب، فاستمرار الفتن أو تملك تحالف الأقليات هو لمصالحهم. فهذه رابع فلول النظام.

إعلام يحاول صناعة رأي عام في اتجاهه هو بالاشتراك مع نخبة مزعومة فشلت قبل الخامس والعشرين من يناير، واكتشفت هذا مع نتائج الاستفتاء، ثم ها هي تكرر نفس الأمر وكأن شيء لم يتغير.

ومجموعة من المفكرين زعموا يحرضون على الثورة؛ فالأستاذ الكبير يطالب بالانقضاض على الحكم بالقوة بحجة توفير حجات الناس الأساسية، وتشكيل مجلس أمناء للدولة والدستور، و... و....و... ألخ.

وبالتأكيد لا بد من الاستعانة بهؤلاء العجائز فهم أصحاب الفكر والرأي والاستنارة؛ وهذا في الحقيقة ليس حرصا على مصر، ولكنها المصالح الضيقة التي يرونها في إقصاء 77% من شعب مصر.

حديث الفلول: لا تتركوا مصر تستقر ثيروا الفتن وفي كل واد منها؛ كل يعمل في موقعه لإثارة الفزع. ثم قولوا للناس: الأمن قبل الحرية، لا انتخابات قبل لقمة الخبز، الاستقرار يحتاج إلى أمن الدولة، لوأد الفتنة أطلقوا يد الشرطة، وهكذا نرجع للوراء وكأنك يا أبوزيد ما غزيت.

إن كل ما يحدث الآن أمر يراد حتى تنهك الجماهير؛ لتساوم على حريتها وكرامتها مقابل الطعام والأمن؛ هذا ما تريده الفلول.

اجتمعوا جميعا على هدف واحد وهو إقصاء المسلمين خارج المشهد نهائيا، حتى لو حرضوا على الحرية، فهم ليست لهم مبادئ وإنما نخبة مفلسة كاذبة تريد وجودها وحسب. أمثلهم طريقة كأخوة يوسف اقتلوا الإسلاميين يخلو لكم وجه مصر وتكونوا من بعدها قوما صالحين.

يحرضون الجيش ويحرضون عليه، فيطالبوه بالاستيلاء على السلطة؛ ثم يلقون عليه الاتهامات بالضعف ويطالبوبه باستخدام القوة، ثم يشجعون المعتصمين على الاشتباك مع ضباطه وجنوده ، وإنما يفعل ذلك من لا خلاق له.

ليس عندهم معيار واحد للعدالة على الجميع، فمبادئ الحيدة الدقيقة غريبة عن طبيعتهم. وهي طبيعة الأقليات عادة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger