الأحد، 22 مايو 2011

سعد الدين إبراهيم ينضم للثورة المضادة



جمال سلطان (المصريون) 22-05-2011

انضم الدكتور سعد الدين إبراهيم إلى "حملة" الهجوم على المسار الديمقراطي هو الآخر ، واصطف في طابور المهمشين سياسيا الذي يناشد العسكر أن يلغوا الديمقراطية مؤقتا خوفا من مواجهة صندوق الانتخاب وهلعا من أن يقول الشعب فيهم كلمته ، فها هم دجالو الليبرالية يكشفون عن وجههم الصريح بأنهم ـ في الجوهر ـ أعداء لحريات الشعوب وخصوم لإرادتها ، وأن الديمقراطية التي يقصدونها ليست أكثر من "بيزنس" لاستجلاب المال الأجنبي ورفاهية العيش للأسرة والأنجال ، أو "شو" إعلامي لتسويق الوجوه والأسماء عند الجهات المانحة والراعية .

سعد الدين إبراهيم في مناشدته للجيش بتأجيل الديمقراطية بدعوى أن "الشعب" غير مستعد لذلك ، قال أنه أتته اتصالات كثيرة تؤكد على هذا المعنى ، أي أن جنابه أجرى استفتاء خاصا به ، قطاع خاص ، وبالتالي يجب أن ينسخ استفتاؤه استفتاء أكثر من عشرين مليون مصري قبل شهرين قالوا نعم للانتخابات في موعدها المقرر ، وسعد لم يخف عدم احترامه لإرادة المصريين في الاستفتاء الأخير ، واحتقرها ، وقال كلاما مثيرا للشفقة ، مثل أن بعض القوى السياسية الجديدة ليست مستعدة من الناحية المالية والتنظيمية للانتخابات ، وأن الإخوان والحزب الوطني هم الذين سيفوزون فيها ، ولم يوضح إبراهيم ، كيف ستتمكن القوى الجديدة الغامضة من تكوين ثروات مالية خلال ستة أشهر تتيح لها دخول السباق الانتخابي ، بعد أن تكون قد فشلت على مدار ستة أشهر سابقة في أن تفعل شيئا سوى أن يتبختر رموزها أمام شاشات القنوات الفضائية ، وكيف تحقق الجاهزية للانتخابات خلالها ، وما الذي منعها الآن وقبل ذلك من هذا التواصل والعمل بين الناس .

كذلك لا أفهم معنى الخوف من أن يحقق الإخوان نجاحا برلمانيا كبيرا ، هل يعتبرهم سعد الدين إبراهيم "ضيوفا" على مصر مثلا وليس من أبناء الشعب المصري ، هل يعتبر الإخوان الذين حملوا جزءا مهما من الثورة على أكتافهم وبتضحياتهم خصوما للثورة وأعداء لها ، ولو كان المتصور أن حزب التجمع أو الوفد هو الذي سيكون الرابح في السباق البرلماني المقبل هل سيكون هذا موقفك من الديمقراطية ، ثم ما هي حكاية فزاعة الحزب الوطني ، وقد سبق وقلنا مرارا أنها أكذوبة ، ولم يكن هناك شيء اسمه "حزب" وطني ، وإنما جماعة مصالح مرتبطة بمبارك وأولاده والعصابة التي حكمت باسمه مدعومة بجهاز أمني متواطئ ومؤسسة سلطوية قمعية عاتية ، فلما انتهت تلك العصابة ، ودمرت تلك المنظومة ، انفرط كل شيء ، ولم يعد هناك سوى أشخاص عاديين لا يملك أحدهم أي هيمنة على أجهزة الدولة الإدارية والأمنية تتيح له "تستيف" الأمور وسرقة المقاعد رغم أنف الشعب ، وأنا على يقين من أن غالبية أعضاء البرلمانات السابقة المرشحين عن الوطني لن يجرؤ أحدهم على الترشح هذه المرة ، لأنه لم يكن يفوز في انتخابات ، وإنما كان يحصل على "قرار" بمنحه كرسي في البرلمان ، وهذا الزمن انتهى .

والذين يتحدثون عن الشعب المصري بمثل هذا الاحتقار والاستخفاف ، بأنه جاهل ولا يعرف كيف يختار ، وسوف يخدعه هذا أو ذاك ، هم الأعداء الحقيقيون للثورة التي قام بها هذا الشعب نفسه ، وهم المتآمرون على هذا الشعب الذي طال شوقه للحرية والكرامة والديمقراطية وضحى من أجلها ، والذي يقول أن هذا الشعب يمكن خداعه بمثل هذه السهولة ، فهو في الحقيقة يكشف عن كونه لا يريد تأجيل الديمقراطية ستة أشهر كما زعم سعد ، وإنما هو يهدف إلى إلغائها لسنوات طويلة ، حتى يتم "تربية" الشعب على مقاس هؤلاء "الخواجات" ، فهم يرفضون الديمقراطية للمصريين ابتداء ، وما حكاية التأجيل إلا هروب تدريجي من الفضيحة ، ويبذلون كل جهدهم من أن أجل أن يمكنهم المجلس العسكري من الهيمنة على البلاد والعباد بدعوى مجلس رئاسي أو مجلس دستوري أو أي صيغة ، المهم فيها أن تكون بعيدة عن الديمقراطية واختيار الشعب المصري وأن يكون جوهرها وعمادها فرض هؤلاء "المستبدين الجدد" بالقوة والإكراه على عموم المصريين .

تأجيل الانتخابات ، يعني ببساطة أن يحكم مصر من لم يختاره الشعب المصري ، وتعني ببساطة أن تعيش مصر بلا برلمان ، وبالتالي بلا تشريعات لها مشروعية من الأمة والشعب ، وتعني ببساطة أن السلطة التنفيذية تعمل بلا أي رقابة شعبية مؤسسية مفوضة من الشعب ، وتعني ببساطة أن يعيش ملايين المصريين في ظل الأحكام والأوضاع العرفية والاستثنائية في القوانين والإجراءات والأمن ، وتعني ببساطة أن تظل الثقة الدولية والإقليمية والداخلية مفقودة في مصر واستقرارها ومستقبلها الغامض ، سياسيا واقتصاديا وأمنيا ، وتعني كذلك ، أنك تدعو ملايين المصريين إلى النزول إلى الشوارع والميادين من جديد للمطالبة بالديمقراطية وطرد العصابة الجديدة المتآمرة .

لن ترضخ المؤسسة العسكرية لمثل هذا التآمر والانتهازية التي أسفر عنها أمثال هيكل وسعد الدين إبراهيم وغيرهم ، لأنها برهنت دائما على أنها مؤسسة وطنية تحترم ثورة الشعب وأعلنت مرارا إصرارها على تسليمه ـ وحده ـ إدارة الوطن ، أما هؤلاء ـ أعداء الديمقراطية ـ فهم مهمشون عن الشارع وعن وعي الملايين ، ولو بقي سعد الدين إبراهيم خمسين عاما أخرى لن يستطيع أن يفوز بمقعد في البرلمان ، هو يفهم ذلك ويدركه ، لكنه يمكن أن يفوز بالمزيد من ملايين الدولارات في "البيزنس الديمقراطي" ، هؤلاء لم يكونوا بأي صفة أو عطاء من أبناء ثورة مصر أو شركاءها ، وهؤلاء جميعا كانوا ممن يلعبون هم وأبناؤهم مع منظومة مبارك ، وكل خلافهم أو صدامهم المؤقت معها كان على خلفية شؤون خاصة ليست متصلة أبدا بالمصلحة الوطنية العامة ، وحربهم الجديدة على الشعب وعلى الديمقراطية وعلى الثورة ، هي محاولة أخيرة للدفاع عن وجودهم ومصالحهم الخاصة ونفوذهم وشبكة علاقاتهم الخارجية بالأساس ، وسوف يفشلون .

almesryoongamal@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger