السبت، 28 مايو 2011

معارك ساويرس الحقيقية



محمود سلطان (المصريون) 28-05-2011

حاولت إحدى صحف "ساويرس" أن تجعل من مظاهرة يوم أمس، "خناقة" مع "الإخوان والسلفيين".. أو تقديم صورة توحي بأن البلد منقسمة بين ما يسمون "شباب الثورة" ـ وهو بالمناسبة مصطلح هلامي وفضفاض وغير منضبط سياسيا واصطلاحيا ـ وبين الإخوان والسلفيين!
في ذات العدد الذي نقل صورة عن البلد وكأنها في أتون حرب أهلية بين" الثوار" وبين "الإسلاميين" ورد عنوان رئيسي، يقول إن السيد نجيب ساويرس سيضرب تعظيم سلام للإسلام حال طبق الإخوان المسلمون النموذج السياسي التركي!
لا يمكن ـ مهنيا ـ فصل المانشيت عن العنوان الفرعي "الخبر الثاني".. فكلاهما يأتي في سياق الدفع نحو "لبننة البلد" ونقل صورة إلى الرأي العام بأنها تصطف وراء خنادق سياسية وأيديولوجية متصادمة، وفي إطار عمليات تسخين للجيش أو قل "ابتزازه" و"تخويفه" من الإسلاميين.
السيد ساويرس بات اليوم متفرغا ليس لـ"البزنس" الخاص به ولأمبراطوريته المالية التي صنعها في عهد الرئيس المخلوع وتحت حماية مؤسساته السياسية والمالية والأمنية الفاسدة.. وإنما متفرغا لمطاردة "الإخوان" وشقيقاتها من الحركات الإسلامية الأخرى!.
الرجل لم يألوا جهدا في حشد الأقلية السياسية المهمشة في الشارع، لتكوين جماعة سياسية صدامية كل مهمتها التحرش بالإسلاميين وغرز "سن مطوى" في ظهر من يقوده حظه العاثر إلى كمائنهم المنتشرة على الإعلام الممول طائفيا في المناطق المقطوعة عن "العمران الشعبي".
كان مدهشا أن يقول ساويرس: سأضرب تعظيم سلام لـ"الإسلام" وليس "للإخوان"! لتبدو البغضاء في كلماته "وما تخفي صدورهم أكبر".. فالمسألة في وعي الرجل هي ليس الحشد ضد جماعة سياسية "الإخوان" وإنما شراء ما يشبه "المرتزقة" ودفعهم في مواجهات المقصود منها أصلا هو النيل من الإسلام تحت لافتة مواجهة الإخوان.. فهذا ما فهمته من كلامه.
الإخوان ليسوا هم الإسلام.. هم محض قوة سياسية تنطلق من الهوية والثقافة الإسلامية، فما الذي حمل السيد ساويروس على ان يقفز على الجماعة ويمسك في "خناق" الإسلام ذاته؟!
الكلام الذي قاله بالغ الخطورة، سيما وأنه صادر من شخصية مسيحية مثيرة للجدل وعلاقتها الوثيقة بالبابا شنودة من المفترض أن تجعله أكثر دقة في اختيار مفرداته حتى لا تؤدي إلى تهييج الأغلبية وتوريط البلد في أزمة جديدة وفي بيئة طائفية متوترة نسبيا.. ومع ذلك فإن الرجل لم يتورع عن حشر الإسلام في خصومته مع الإخوان المسلمين!
من المفترض أن يعاقب ساويرس بتهمة إزدراء دين شركاء الوطن، لأنه رهن ـ صراحة ـ احترامه للإسلام كدين بمدى التزام جماعة سياسية مصرية بالتجرية التركية.. فإذا فشلت في ذلك فإن احترامه للإسلام سيظل معلقا إلى أجل غير مسمى.
نأمل من عقلاء المسيحيين أن ينشطوا بشكل أفضل وأكبر لتنحية هذه الشخصيات التي تنطلق من أرضية طائفية مريضة ومرتبطة روحيا في علاقة "سمع وطاعة" مع سلطات دينية أرثوذكسية رسمية هي الأكثر تطرفا في تاريخ الكنيسة المصرية المعاصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger