الاثنين، 5 مارس 2012

3 مستلزمات واشتراطان لانعقاد قمة بغداد


وليد الزبيدي:

اشتراطان وثلاثة مستلزمات رئيسية لعقد القمة العربية في بغداد، وعلى افتراض توفر الاشتراطين، فإنه من الصعوبة أو استحالة تحقيق المستلزمات الثلاثة. وقبل تناول الاشتراطين والمستلزمات الثلاثة، نعتقد أن القمة العربية في بغداد أخذت في التحول من أداة أرادتها الحكومة العراقية لتخفيف الكثير من الضغوط العربية عليها، إلى نقمة تزداد حدتها كلما اقترب موعد انعقاد القمة المفترض أواخر مارس "آذار" الجاري، فالحديث في الدوائر المغلقة وفي المجالس السياسية في دول الخليج العربي، يؤكد أنها "قمة طهران وليست قمة بغداد"، وكتاب الرأي والكثير من المعلقين العرب يجاهرون بذلك في مقالاتهم وتحليلاتهم، معلنين أن انعقاد القمة في بغداد، سيتكفل بعزل العراق عن محيطه العربي كما هو سائر منذ عدة سنوات.

وإذا كانت قمة بغداد عام 1978 قد عزلت مصر بسبب اتفاقية كامب ديفيد، وآخر قمة في بغداد "مايو/ أيار 1990" تلاها الاجتياح العراقي للكويت مما تسبب في عزل العراق عربيا ودوليا، وما زالت تداعياته تنهش المجتمع والدولة العراقية، فما هي تداعيات القمة إذا عقدت في بغداد؟

لنبدأ بالاشتراطين المطلوبين، وهما:

الأول: أن تتأكد الدول العربية وتحديدا التي يستهدفها "المشروع الإيراني" بكل وضوح وصراحة، من إفراغ العراق بالكامل من أدوات إيران في العراق، وهذا أمر شائك جدا، لأن الدول العربية تركت إيران تشيد عمارات مجهزة بكل الأدوات التي تساعدها للتوغل والتغلغل في العراق منذ عام 2003، ومهما حصل قبل انعقاد القمة، فإن الدول العربية والقائمين على القرار السياسي فيها، لن تتزعزع قناعاتهم بخصوص هيمنة إيران المطلقة على القرار السياسي في العراق.

الثاني: أن تتغير المنظومة السياسية في العراق، ولا أقصد تغيير الوجوه الحالية، بل التخلص من آليات العمل السياسي والإداري التي تسير باتجاه تقسيم العراق، مما يفضي بالتأكيد إلى تفتيت قوة العراق المجتمعية وشرذمته بما يسهل افتراسه والهيمنة عليه، ومن المعروف أن واحدا من إفرازات حقبة السنوات القليلة الماضية المهمة، هو التضعضع الكبير والتخلخل في القناعات التي يتداولها الكثير من إخواننا في الدول العربية في ما يتعلق بالعشائر العربية في جنوب العراق، حيث وقع الكثيرون في "الخطأ القاتل"، معتقدين أن غالبية هذه العشائر العربية من حصة إيران، وهو ما عملت إيران وأدواتها على ترسيخه، إذ تساعد مثل هذه القناعات المغلوطة على فقدان الثقة بالعرب العراقيين في وسط وجنوب العراق، مما يؤسس لحلول سياسية كارثية، تسهم بقوة في تفتيت العراق وتقديمه لجيرانه وفي مقدمتها إيران على طبق من ذهب، ويدرك العرب أن بقاء العراق أسير عملية سياسية تمت صياغتها وفق صيغ وآليات تفتت العراق منذ عام 2003 وحتى الآن، لا يمكن تخلي أقطاب العملية السياسية عنه على الإطلاق، لذلك فإن هذا الاشتراط لن يتحقق على الأقل في المستقبل المنظور.

وإذا انتقلنا إلى المستلزمات الثلاثة المطلوب توافرها لانعقاد قمة بغداد، فيمكن إجمالها بالآتي:

- توفر العامل الأمني خلال هبوط الملوك والقادة العرب في حال قبولهم الحضور في مطار بغداد الذي يتعرض للقصف الصاروخي باستمرار، أو خلال وجودهم في قاعة المؤتمر، وبالتأكيد لا تغيب صورة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عندما كاد يسقط على الأرض وأصابه الرعب أثناء عقده المؤتمر الصحافي في بغداد بتاريخ 22- 3- 2007، ومن الواضح أن الجهة التي استهدفته بالقصف لديها معلومات استخبارية دقيقة، وحرصوا على أن يكون رد الفعل على الهجوم الصاروخي منقولا على الهواء مباشرة، كما أن شوارع بغداد الرئيسية والفرعية تشهد الكثير من الهجمات يوميا، ولا تستطيع الحكومة إعطاء ضمانات أكيدة بعدم تعرض القادة العرب والضيوف لهجمات.

- ضمان عدم تعرض بعض المسؤولين العرب إلى هجمات من قبل مجاميع تابعة لإيران، وبالتأكيد لن تنسى الدوائر المعنية في المملكة العربية السعودية مخطط اغتيال سفيرها لدى الولايات المتحدة الذي تم الكشف عنه بتاريخ 11- 10- 2011، وإذا أفشلت المخابرات الأمريكية ذلك، فإن قناعات الكثيرين الآن تذهب باتجاه احتمال تنفيذ مثل هذا الهجوم في العراق بمساعدة مجاميع من الأجهزة الأمنية العراقية نفسها أو كبار المسؤولين في الحكومة العراقية، وهو أسهل بكثير من تنفيذه بأمريكا أو غيرها من دول العالم، وقد يشمل هذا المخطط مسؤولين عربا آخرين ولا يقتصر على السعوديين فقط.

- التزام الحكومة العراقية بتوجهات الجامعة العربية الخاصة بالحراك الحاصل في بعض الدول العربية، وقد يكون هذا من أصعب ما تواجهه الحكومة العراقية حاليا.

هذان الاشتراطان والمستلزمات الثلاثة تحول بالتأكيد دون انعقاد القمة المقبلة في بغداد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


Locations of Site Visitors
Powered By Blogger