دولة
الصين
المعروفة بأنها
دولة لا دينية ولا
مذهبية ويحكمها حزب
شيوعي هو أكبر مضطهد للمسلمين وهادم لمساجدهم، ستبني للجزائر ثالث أكبر
جامع بالعالم بعد الحرمين
الشريفين في مكة والمدينة، وهو "جامع الجزائر" الذي تم التوقيع على عقد بنائه
الثلاثاء الماضي بكلفة مليار و350 مليون دولار.
العقد وقعته
الحكومة الجزائرية مع "الشركة الصينية
العمومية لهندسة البناء" المعروفة
بالإنجليزية باسم CSCEC اختصاراً، وهي مملوكة بالكامل للحكومة وتعتبر الأكبر في
مجال عملها بالصين، طبقاً لما راجعته "العربية.نت" عنها، كما أنها ناشطة منذ 30
عاماً بالجزائر، حيث بنت 5 فنادق، لكن الجزائريين انتقدوا تلزيمها مشروع المسجد
الذي ستنهيه بعد 42 شهراً.
والمسجد عملاق، فهو يضم 12
بناية منفصلة في موقع يمتد على 20 هكتاراً بمساحة تزيد على 400 ألف متر مربع، وهو
مضاد للزلازل وملحقة به مواقف تستوعب 4 آلاف سيارة ومساحة قاعة الصلاة فيه تزيد على
هكتارين، لذلك فهو يسع 120 ألفاً من المصلين ممن ستعلوهم قبة قطرها 50 بارتفاع 70
متراً، مع مئذنة ستكون أيضاً منارة للسفن ارتفاعها 300 متر.
ومع أن وزير الشؤون الدينية بو
عبد الله غلام الله وصف المسجد بأنه "خاص في كل شيء ولا يوجد مثله في العالم، لا
بالماضي ولا في الحاضر، لجوانبه الدينية والسياحية والاقتصادية"، إلا أن الجزائريين
انتقدوا المشروع في حواراتهم بمواقع التواصل الاجتماعي لكلفته الفلكية، ولأنهم رأوه
محاولة "لاحتواء الصوت الإسلامي وإسكاته في الجزائر"، وفق
تعبيرهم.
أضافوا في انتقاداتهم أيضا أن
الرئيس بوتفليقة "الذي يخشى بلوغ الربيع العربي أبواب الدار"، يستخدم مشروع المسجد
الذي سيطل من ضاحية الربوة الحمراء في حي المحمدية على "خليج الجزائر" بشرق العاصمة
"لصد التغيير قبل أن يدق التغيير بابه"، لذلك أطلقوا على المسجد اسم "مشروع
الرئيس"، وراحوا يمعنون في انتقاده على كل صعيد.
الصين.. أمثلة على اضطهاد
المسلمين
والانتقاد الأكبر كان حول تلزيم
المشروع لشركة تملكها دولة موصوفة بأشهر دول الإلحاد ومضطهدة للمسلمين، وهي الصين
التي يمارس شعبها عقائد دينية متنوعة ليس منها أي ديانة توحيدية، غير ما يمارسه
فيها 30 مليوناً من المسلمين ومعهم 35 مليوناً من المسيحيين، والباقي غارق في ديانة
شعبية أركانها أساطير وتبجل الأموات، مع معتقدات الكونفوشية والبوذية والطاوية التي
يقدس بعضها حتى الآثار التي تم العثور عليها من الزمن الحجري.
ومع أن الإسلام قديم في الصين
التي وصل إليها قبل 1350 سنة، إلا أن أتباعه خائفون دائماً ويتعرضون لاضطهادات
متنوعة، ففي الأول من يناير/كانون الثاني الماضي اصطدم مئات منهم مع رجال الشرطة
بمنطقة "نينغشيا" الواقعة بالشمال الغربي عند الحدود مع إقليم مونغوليا الداخلية،
في محاولة منهم لمنع السلطات من هدم مسجد عائد لهم، "فسقط 5 قتلى وأصيب العشرات
بجروح وتم اعتقال 80 منهم"، وفقاً لصحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" بهونغ
كونغ.
كما شهدت مدينة أورومتشي، وهي
عاصمة إقليم شينجيانغ، وغالبية سكانه من الإيغور المسلمين، أعمال عنف عرقية في 2009
مع صينيين ليسوا بمسلمين، وهم أقلية فيه، "فسقط نحو 200 قتيل"، بحسب المصادر
الصينية نفسها.
ومما طالعته "العربية.نت" عن
الإقليم وسكانه المسلمين، فإن اسمه قبل أن تحتله الصين في 1949 كان "تركستان
الشرقية"، وهو يمثل سدس مساحة الصين تقريبا، وفيه احتياطات ومكامن نفط وغاز ضخمة،
ومساحته أكثر من مليون و600 ألف كيلومتر مربع، أي خمس مساحة الصين، وأكبر من مساحة
مصر والعراق وسوريا والأردن ولبنان وفلسطين مجتمعة.
وشبت في منتصف 2008 توترات في
الإقليم، فاتهمت منظمة "مؤتمر الإيغور العالمي" السلطات الصينية "بهدم مسجد رفض
الترويج لدورة الألعاب الأولمبية التي استضافتها بكين في أغسطس/آب ذلك العام"، بحسب
ما قال ديلشات راشيت، المتحدث باسم المنظمة المتخذة من الولايات المتحدة مقراً،
مضيفاً أن "السلطات الصينية هدمته بحجة قيامه بتجديدات وممارسة أنشطة دينية وتخزين
نسخ من القرآن بطريقة غير مشروعة"، وفق تعبيره.
مئذنة تبدو وكأنها برج مراقبة
في مطار
لهذا السبب غضب الجزائريون من
تلزيم المسجد الذي سيتمكن رائد فضاء من رؤيته من ارتفاع 400 كيلومتر عن الأرض
لضخامته، إلى شركة تملكها الحكومة الصينية، إضافة إلى اعتبار بنائه محاولة لإغاظة
المغرب الواقع فيه حالياً أكبر ثالث مسجد في العالم بعد الحرمين الشريفين، مما يدخل
الجزائر في "حرب مساجد" خاسرة في الدين والدنيا، فتكاليفه تبذير للمال العام لا
يرضاه الدين الحنيف نفسه، خصوصاً أن في "بلاد المليون شهيد" أكثر من 18 ألف
جامع.
انتقدوا أيضاً التصميم الهندسي
للمسجد الذي سيحتوي على قاعتين للمحاضرات مساحتهما 16 ألف و100 متر مربع، واحدة تضم
1500 مقعد وثانية 300 مقعد، وقالوا إنه أجنبي الطراز ولا تبدو فيه روح الإسلام
واضحة للعيان، بل ستظهر مئذنته العملاقة غريبة عن البناء العام للجامع، كما وكأنها
دخيلة عليه، "فهي تبدو كبرج مراقبة في مطار أكثر منها مئذنة"، وفق ما
كتبوا.
وذكر معارضون آخرون للتصميم
الهندسي للمسجد الذي سيضم مكتبة من 2000 مقعد مساحتها 21 ألف و800 متر مربع، أن
مصمميه ومهندسيه أجانب لا يمتون بصلة للطراز الإسلامي في البناء، وهم من مكتب
دراسات ألماني فاز تصميمه بمسابقة وطنية ودولية لإنجاز المسجد الذي سيضم مدرسة
للتعليم القرآني العالي "من دون مراعاة كونهم أجانب".
والمسجد الذي سيعمل في بنائه 17
ألف عامل، إضافة إلى 2000 سيعملون فيه بعد انتهائه، محاط بمراكز تقنية وثكنة
للحماية المدنية مع مساحات خارجية من الحدائق والمائيات والأبنية الإدارية ومساكن
الموظفين.
كما سيضم مركزاً للتسوق إضافة
لمستوصف وفندق 5 نجوم ومسرح ومركز علوم ومتحف للفنون والتاريخ ومطاعم وملاعب
للرياضة المتنوعة، "وسيؤرخ لتاريخ البلاد من خلال 14 طابقاً، حيث يرمز كل طابق إلى
حقبة من حقب الجزائر التاريخية، ومنارته ستكون للسفن وروحية"، على حد تعبير وزير
الأوقاف الجزائري.
كل هذه الإغراءات وغضب
الجزائريين مستمر، وكذلك مستمر عدم الرضى من تلزيم المشروع إلى شركة تملكها دولة لا
يتلاءم نظامها ولا عقائدها مع من تضطهدهم من مواطنيها المسلمين، وفوق ذلك تقف في
المحافل الدولية ضد تيار عربي رسمي وشعبي غاضب على النظام السوري لما يفعله
بمواطنيه.
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق